Saturday, February 25, 2012

قصصنا المنسية - يوميات معارض ليبي مهاجر خلال سنة 1987-1988م -4


                                             بسم الل الرحمن الرحيم

لقد سبق وأن كتبت هذه الخواطر من سنوات عديدة  يوم 15/5/1987م  ،، ولم تسنح الفرص لنشرها ،، والآن تنشقنا نسيم الحرية العليل ،، وأتى الوقت المناسب ،، لأطلاع جمهور القراء عليها ،، ووجدت من المفيد سرد هذه القصص حتى تكون عبرة لشبابنا ،، وتذكيرا لكهولنا وشيوخنا ،، راجيا من الله عز وجل ،، أن تتحقق الإستفادة للجميع ،،

                                                 التحدي والصبر

             سأظل متحدياً رافع الرأس موفور الكرامة ،، مهما عصفت بي الرياح وجرفني التيار وكثرت وتلاحقت  المصائب والمحن الواحدة وراء الأخرى ،، فإيماني وعقيدتي بالرب الخالق ليس لهما حد ولا حدود ،، صابراً على القدر ،، منتظراً مضحياً بكل مأ أملك  من طاقات وجهد حتى أرجع يوما لوطني منصوراً ،، إذا أطال الله تعالى العمر ،،
منذ 3 أسابيع وصلني طلب إستدعاء من إدارة الهجرة والجنسية  ،، بالمكتب الرئيسي في مدينة نورفولك ،، ولاية فرجينيا ،، طالبين الحضور الشخصي يوم الجمعة  1987/5/8م  الساعة الواحدة ظهراً لموضوع هام ،، وأن أحضر معي جميع مستندات الإقامة  ،، وأقابل أحد المسؤولين  ...
وإنزعجت من هذا الطلب فجميع مستنداتي بالإقامة ضمن القانون ،، وكنت مسافراً خارج أمريكا ،، وذهبت الزوجة لتسأل ماهي الأسباب ؟؟  عسى أن تعرف رأس الموضوع ؟؟ وكان الرد موضوع خاص  وخطير ؟؟ وخابرتني بالهاتف وأعطتني الأخبار فقد كنت يومياً على إتصال مع العائلة ،،، ورجعت إلى أمريكا ،، وقضيت أياما عصيبة من غير راحة ولا نوم فى الإنتظار أقلب في الأمور جميعها رأساً على عقب ،، أحلل محاولاً الوصول لمعرفة ماذا يريدون حتى أستعد للرد ،، ولا يكون مفاجأة ...
يوم الخميس 1987/5/7م  تم إتصال  هاتفي من الإدارة  يعلمونني بتغيير الميعاد إلى موعد قريب ،، مما إرتحت قليلاً نظير الخبرة ،، وإقنعت النفس لو أن الموضوع خطير كما يقولون ،، لن يأخذ هذا الوقت الطويل ولا التأجيل ... ويوم الإثنين تحدد الميعاد الساعة التاسعة والنصف يوم الجمعة  1987/5/15م ...
ليلة الخميس سهرت طوال الليل مع الأخوة عاشور بن خيال ،، ومحمد قندرة ،، حيث كانوا ضيوفاً عندي بالبيت على مأدبة الإفطار فقد كنا بشهر رمضان الكريم ،، والسهرة طالت إلى الفجر ،، وذهبت للفراش محاولا النوم لبعض الساعات ولكن نظير القلق لم أرتاح ؟؟
يوم الجمعة الساعة الثامنة والنصف إنطلقت في الطريق للإدارة ،،  ووصلت قبل الميعاد بدقائق ،، ووضعت الرسالة فى الصندوق المخصص على الطاولة ،، وجلست على الصالون ،، وأنا لا أعرف ماذا يخبئه القدر لي ؟؟ والتاسعة والنصف بالضبط تم الإستدعاء إلى مكتب آخر ،، حيث كانت سيدة في منتصف العمر قاضية ،ومعها سكرتيرة تسجل في الكلام  والحديث المتبادل بالإختزال ، وبعد التحية طلبت مني النهوض والقسم بأن أقول الحق ،، وأن أي كلمة أنطق بها ممكن تكون لصالحي أو ضدي ،، وأقسمت اليمين وأنا صائم ... وسلمتني ورقة بها جميع الشروط والحقوق ،، وإذا كنت أرغب في حضور محامي معي أم لا ؟  وقالت إن الموضوع خطير وممكن يؤثر على إقامتي وعائلتي  في أمريكا إذا كان الإتهام صحيحاً ... وأجبتها  ببساطة بأنني  أريد أن أعرف الموضوع والإتهام حتى أقرر ...
أخرجت من أحد الأدراج ملفاً سميناً بالأوراق العديدة مكتوب عليه الإسم بخط عريض واضح ،، وتصفحت بهدوء وقالت ،، لدينا طلب رسمي من الحكومة الليبية عن طريق البوليس الدولي ( الإنتربول ) بالقبض والترجيع إلى ليبيا ،، للمحاكمة ،، والتهم  اولاً ،،، أواخر 1979م إستلمت مشروعاً لبناء وحدات سكنية بالظهرة في طرابلس وإستلمت قيمتها بالكامل وهربتها للخارج ... وثانياً ،، عندما تم تفتيش البيت بدرنة من قبل أجهزة الشرطة والأمن وجدوا أكثر من 30 قطعة سلاح مخبأة ،، وطلبت منها أن أشاهد الرسائل والطلب ولكن رفضت ،، ولاحظت الكتابة بالعربية باللون الأخضر وشعار الفاتح الأسود ،، مما إرتحت بعض الأمر ،،
وقالت هل أنت مستعد لنفتح التحقيق ،، ورددت عليها بكل ثقة وعزم ،، وبدون تلعثم وإرتباك من هول الطلب ،، نعم جاهز ،،وطلبت كأجراء روتيني مرة أخرى إذا كنت أرغب في إستدعاء محامي ,, وشكرتها وقلت لا فأنا أعرف بنفسي أكثر من أي أحد ...
وبدأت الأسئلة وكانت 15 سؤالاً صعباً ،، ورددت عليها بالحق ،، وأثبت بالتواريخ على جواز السفر الملابسات الخاطئة والكذب في المطالبة بالقبض ،،، وأنا داخل النفس أحترق من الكذب والزور وأخطاء التواريخ التي يطالبون فيها القبض علي ،، وأنا وقتها كنت خارج الوطن ،، مما كانت أسبابا جوهرية أقنعت القاضية أن العملية والطلب كيد وزور وبهتان  وليس عدلاً ،،
وبعد الطباعة أعادت  القول مرة أخرى الأجوبة التي صدرت مني ،، ووافقت ،، وطلبت المدير حيث حضر كشاهد ووقع المحضر وقفل التحقيق ،، وقالت مع السلامة سوف أرفع التقرير للجهات المختصة وإذا في أي شىء سوف نتصل ... وقلت لها متسائلاً أنا كثير السفر فهل من موانع ؟؟ وردت على بإستغراب وقالت لديك جواز سفر وتستطيع السفر متى تشاء وترغب ،، لا توجد أي موانع ...
خرجت من التحقيق وأنا فرح مسرور ،، فقد أزحت الهموم  والغموم التي كانت على كاهلي من تاريخ الطلب بالإستدعاء وأنا أفكر من غير راحة ،، وإبني مصطفى يقود السيارة ،، وأنا شبه نائم فقد غلبني النعاس ،،
و وصلت للبيت وكانت الزوجة متشوقة لسماع الأخبار ،، فقد كانت قلقة على أحر من الجمر ،، لا تعرف ماذا سوف يحدث لي ولهم في حالة حدوث مكروه ،، وحكيت لها القصة وطمأنتها ،، وقلت لا تخافي الرب العادل موجود وعارف إنني مظلوم مما أدخل الإرتياح عليها ،،
جلست بالمكتب في البيت وجاء الأخ عاشور وهو مشغول يريد أن يعرف ماذا حدث معي ،، وقلت له القصة ،، وبعض الإتصلات الهاتفية ،، وفاتتني تأدية صلاة الجمعة بالجامع حيث كان بعيد عن البيت حوالي 80 كم  والساعة الثانية والنصف لم أستحمل ضوضاء الأولاد دخلت لغرفة النوم لأرتاح وأنام ،،
بالفراش وأنا أغالب النوم ،، إستعرضت الحدث وكأنه شريط مصور ،، وضحكت في سري وقلت ،، هل أفلس النظام وهذا آخر سهم في جعبته  أطلقه ؟ حتى أعيش بقية أيام العمر في هموم وغم الملاحقة بالغربة مهموماً طوال الوقت في المشاكل ... أو النظام الأهبل يتوقع أن أمريكا بلد الحريات والعدالة ،، فوضى لا تحكم بدستور وقوانين عادلة ؟؟؟ أو يحاول التشويه للسمعة وإنني مجرم  حتى تسحب الثقة وأطرد من أمريكا ؟؟ أو هذه الأمور المعقدة عبارة عن بدايات ،، وسوف يأتي الكثير والكثير من المشاكل والمصائب والمحن بالمستقبل ،، طالما الصنم المجنون  الأهبل حى يرزق وعلى رأس السلطة ... أو أو أو ،،،؟؟؟
شكرت الله عز وجل على الصحة والعافية ،، القوة والصمود ،، الطمأنينة والسكينة إنني لم أضعف أمام نظام جائر جاهل متخلف يطالب برؤوسنا ونحن بالخارج لأنه أجوف فارغ بدون محتوى ،، ورددت القول ،،، مهما قتلت وطاردت الأحرار ،، فأنا فرد من ملايين يطالبون بالثأر ،، لو قُتلت وإستشهدت ،، فهذا منايا ورغبتي لأنني أريد الفوز بالآخرة وليس بالدنيا ،، لو عشت وطالت بي الحياة ،، لن أتوقف لحظة عن الحرب ضدك حتى أشهد النهاية والنصر وأفرح ،، فأنا في جميع الحالات الكاسب ،، وأنت الخاسر !
سأظل صابراً مجاهدا رافعاً راية العصيان والثورة للنهاية ،، لا هدنة ،، ولا سلام ،، مهما عملت من دسائس وحيل ومطالبات للدول ،، والله الموفق ،،
                               
                                                            رجب المبروك زعطوط
                                                             الجمعة 1987/5/15م  

No comments:

Post a Comment