Monday, July 30, 2012

المرارة

                                            بسم الله الرحمن الرحيم
 
 
                                                    المرارة


           وصلت يوم االخميس السابع من شهر رمضان الكريم الموافق 2012/7/26م إلى مدينة درنة ، وأنا كلي شوق وحنين لأشاهدها بعد غياب قصير لم يتعد الشهرين ، حيث هي مدينتي التي بها ولدت وترعرعت وقضيت أجمل أيام العمر وسط الأهل والمعارف والأصدقاء ، فيها عملت ونجحت وأصبحت في القمة كرجل أعمال وأنا مازلت شابا يافع السن ، وهاجرت ورضيت بالغربة حتى أعيش حراً رافع الرأس بدون قيود من نظام الجهل عندما تم الزحف والتأميم للشركة وجميع الأملاك ووفاة الوالدة من الصدمة ، وأموراً كثيرة يصعب شرحها ، عارضت النظام السابق بكل ما أوتيت من جهد ولم أبخل بقوت الأولاد للجهاد ، حتى تم النصر وسقوط الطاغية المقبور ، وتنشقت هواء الحرية العليل بعد غياب طويل دام 4 عقود ونيف جميعها معاناة وضيق وإرهاب …

كان الجو عاصفاً والرياح قوية مثل العادة حيث ( الملثم ) مستمر تهب الرياح من الغرب إلى الشرق لمدة طويلة معظم فصل الصيف ، مما تجعل المدينة طقسها دائما به  طراوة خاصة وجو عليل ، وليس  شديد الحرارة مثل الغرب وبالأخص  طرابلس العاصمة من حيث أتيت اليوم  جواً مع إبني مصطفى بالطائرة إلى مطار الأبرق …

شعرت بعدة أشياء مختلطة مع بعض البعض من أول ماشاهدت بداية المدينة وتطلعت إلى البحر وساحل " كرسة " الذي يمتد أمام نظري والسيارة تهبط الجبل ، تنتاب النفس وتحزنها من كثرة الأقاويل والشائعات ، المغرض والحسن ، الخير والشر مجتمعان يتصارعان بعنف كل طرف يريد الفوز والنجاح وكأن لعنة أو لعنات تطارد المدينة ، جاثية رابضة على أكتافها ، وأهلها الشرفاء السذج البسطاء يعيشون حيارى يموجون ويهيجون في صمت بدون زعامات حقيقية قادرة على ضبط الأمور السهلة الصعبة نظير عدم الكفاءات والخوف على حياتهم من التهديدات ، غير عارفين كيف يستطيعون إنهاء الأزمة التي تخنقها  كل يوم ، نتيجة الحراك الديني المستمر الصاعد في اليقظة من السبات والنوم الطويل ، متحديا السلف في أمور كثيرة يعتبرها بدع ، متجدداً مع الوقت والعصر يريد التجديد وإحياء الدين ،  وإستغلها التطرف السياسي البغيض الذي جعل جميع المواطنين لا يحسون بالأمن ولا الأمان ، في المدينة الصغيرة ذات  العدد القليل من السكان …

في نظري القوى الخفية والأيادي السوداء هي التي تحرك ، لا تريد السلام ولا الراحة للمدينة حتى تنهض من الكبوة لعوامل عديدة ، والتي كل يوم يزداد الضغط إلى حالات صعبة قوية متجاوزاً الحدود مما مع الوقت سوف تخلق ردة أفعال عند معظم المواطنين وعندها يتم الإنفجار ، ويدفع الثمن ضحايا كثيرين ليس لهم في المسألة والأزمات المختلقة والتحديات والصراعات الغامضة  لا ناقة ولا جمل ! بل لسوء الحظ كانوا في الجانب الخطأ والتوقيت الغلط بدون إرادتهم ، حوصروا في منتصف الصراع بدون ذنب إقترفوه أليس بأمر مؤسف ومأساة ؟؟

عندما وصلت للمزرعة حيث مقر السكن شاهدت من بعيد أعلام القاعدة السوداء ترفرف عالية على ساريات الهواتف النقالة العالية جداً وبعض المباني المجاورة والمسجد في حي السيدة خديجة على مدى البصر ، وكأنني في أفغانستان أو العراق أعلام الشيعة وتعجبت هل أنا في حلم أم في اليقظة ، حيث العالم الغربي يكافح من أجل القضاء عليهم ، ونحن أعلامهم ترفرف خفاقة في العلن من غير أي خوف ولا رعب ولا إرهاب من الدولة مثل السابق ، وقلت للنفس سبحان مغير الأحوال من حال إلى حال ، بالماضي كان الحديث ممنوعاً منعاً باتاً من التداول بين المواطنين حتى الهمس عن تنظيم القاعدة ،  جريمة نكراء يعاقب عليها بقسوة وعنف من عيون الأمن ولجان الطاغية  ، والآن في دولتنا الجديدة مباشرة وفي العلن أمام الجميع بدون أي إهتمام  ، أليست بحرية ما بعدها حرية؟ حرية المعتقدات وتطبيق الديمقراطية الحقة  (  من ليبيا يأتي الجديد !) …

منذ إنتهاء الثورة المجيدة 17 فبراير والنصر المبين وقتل الطاغية شر قتلة وإنتهاء الإرهاب والظلم والرعب إلى اليوم ونحن نسمع بين الوقت والآخر ، عمليات إغتيالات وذلك لغياب القانون ، حيث حتى الآن لا دستور قائم  موجود يحكم به ،  ولا قانون يحافظ عليه وعلى المواطنين  ، ولا رجال أمن ولا شرطة حقيقيون يمسكون بزمام الأمور ، بل كتائب ثوار مختلفة الإتجاهات والعقائد مدججة بالسلاح  ، مليشيات تعمل وتقرر الأمور حسب ما يترائى لقادتها الكبار ، حتى الغرفة الأمنية التي تحفظ الأمن التابعة للدولة عبارة عن إسم وعنوان فارغ ، تلاشت جمدت وأصبحت في العدم ضاعت تجهيزاتها ، سياراتها ومعداتها بين بقية الدوائر، لا يريد أي مسؤول أو قائد أن يتحمل المسؤولية ويشغل الكرسي ويديرها ، حيث الآمر السابق إغتيل في وضح النهار ببرود أعصاب ودم بارد من الجناة ولا من سأل ولا  من أجاب نظير ضعف الدولة الإنتقالية ، وكل مرشح لتولي الأمور يهدد بالويل والثبور والقتل من قوى خفية ، مما خاف الجميع وتركوا المكان فارغاً ينتظر من لديه الشجاعة و العزم والجرأة ليأتي و يشغله …

أملنا كبير في رجال وسيدات المؤتمر الوطني الناجحون  المنتخبون من الشعب بأن يضعوا حجر الأساس لدستور وطني قوي وقانون رادع بالعدل والحق والمساواة بين الجميع حتى يرتاح الجميع من الفوضى إلتي نحن الآن بوسطها ، والتي تنذر بنذير سوء قادم  عن قريب ، حيث زاد الضغط عن الحد ... نحتاج إلى لجم بالحق والعدل بسرعة حتى لا يستفحل الأمر إلى تراهات ومتاهات ، قتل وإغتيالات ، لتسوية الحسابات …

منذ عدة أيام إكتشفت جريمة مروعة لا تمت للإنسانية ولا الدين ولا الأعراف حيث تم إغتيال إمرأة شابة في منتصف العمر من آل ستيته بالمدينة ، وجدوا الجثة خارج المدينة وهي مرمية بالرصاص بعدة أعيرة في الرأس والصدر ومثخنة بعدة طعنات قاتلة بالخنجر وكأنها تنم عن حقد دفين عليها من القاتل أو القتلة ، وتساؤلاتي لماذا هذه الجريمة النكراءفي حق إمرأة في أوائل أيام شهر رمضان الكريم؟؟ ألسنا بمسلمين نوحد بالله عز وجل الواحد الأحد حتى نفتتح الشهر الكريم بالقتل والدم ، بدل الرحمة والتآلف والغفران ؟؟؟

وتساؤلات المدينة هل الموضوع عن حقد وحسد على الضحية  ، أم لأنها متحررة عن العادات ، أم القاتل أو القتلة نظير وازع ديني وتطرف أعمى ، أم في غيبوبة نتيجة الهلوسة والمخدرات  ، أو نتيجة الطمع والسرقة لبعض المال الذي تحمله حسب مايشاع في الأوساط المحلية ، أوهتك عرض لها ، لا أحد يعرف …  لكن مصير الأيام  تظهر الحقيقة  وياقاتل الروح البريئة بدون قضاء وعدل ، وين تروح سواءا من عذاب الدنيا والضمير أم عذاب الآخرة ؟؟ من الرب الخالق القدير ! 

قبلها بفترة بسيطة وقعت حادثة مروعة حيث ألقيت عبوة ناسفة على ضريح أحد الصحابة الأجلاء قادة الحملة الإسلامية على شمال أفريقيا  ، ( سيدي عبدالله إبن قيس البلوي)  المدفون في مسجد صحابة رسول الله عليه الصلاة والسلام منذ ألف سنة وعدة قرون مضت ،  أحد المعالم المشهورة المقدسة الدينية ، مما هز المنطقة والرأي العام في الوطن والخارج وتهدم الضريح ونشر الخوف والرعب في أوساط المواطنيين المحليين بأن الأمن غير مستتب ، والأمور تشير إلى المتطرفين الوهابيين السلفيين والإخوان المسلمين المتشددين حسب مايقال من أقاويل وشائعات تدور بأن الأضرحة والمزارات عبارة عن بدع  ، مطلوب إزالتها  لأنها ليست من ضمن مناهج الدين القويم! 

لقد نسوا أن العمل الشائن عبارة عن تخطيط مرسوم من أساطين و أساتذة الشر والشرور  نتيجة خداع مرتب لتوجيه  النظر إلى أمور خبيثة أخرى ودس ، تم تنفيذه من أطراف أخرى أجنبية نظير أجندات وقضايا خفية حتى يكره المواطنون تنظيم الوهابيين السلفيين والإخوان المسلمين ويناصبونهم العداء ، والدليل خسر التيار الإسلامي الإنتخابات ، ونجح التحالف بفوز ساحق من أصوات الشعب ،  ليس حبا في التحالف ، ولكن نكاية في التيار الإسلامي الذي يضم السمين اليمين المعتدل ، والغث اليسار المتطرف ، بدون فهم حقيقي من أبناء الشعب  لقضايا الإسلام السامية التي أساسها الشورى و العدل والمساواة …

أليست بأمر مؤسف ومأساة ؟؟ الجماعات الإسلامية الحقيقية لا يعرفون كيف يفرقون الأمور ويتحملون الهوان الضيق والمعاناة والمحن في سبيل المبدأ والعقيدة السمحاء ويتعاملون مع البشر باللين واللطف بدون تعنت وتعصب في الرأي ويصبرون حتى يأتي الله عز وجل ، يوما بالفرج !

إنني لو عددت المشاكل المتواصلة في المدينة والحوادث المؤسفة والجرائم ، سوف أصل إلى رقم كبير بأعداد  الضحايا خلال هذه الفترة البسيطة منذ يوم النصر وإنتهاء الثورة ، مقارنة بأي مدينة أخرى مقارنة بعدد السكان ، معظم الضحايا تم إغتيالهم  وقتلهم  بحجج واهية  نتيجة ثارات وأحقاد شخصية وأن البعض عملاء للنظام وعليهم دفع الثمن بحياتهم من غير قانون ولا محاكمة بل القصاص بقانون الغاب ، أليست بمأساة ؟؟ 

إن التطرف في أي شىء بالحياة مصيبة من المصائب مهما يكون لها من تبريرات وأجوبة نتيجتها ونهايتها الخراب والدمار ، والتاريخ زاخر بعشرات ومئات الحوادث والأحداث وكم هناك  من حضارات سادت يوماً ثم بادت نتيجة التفسخ واللهو والتطرف في الموبقات ، وديننا الإسلامي يأمر بالعدل والتسامح ، وليس الفرض والإكراه !

إن العدل هو أساس الملك ، ودولتنا الجديدة الفتية تترنح تحاول قدر الجهد أن تضع أرجلها على الطريق الصحيح ، ولكن هيهات هيهات ، الكثيرين من أصحاب المصالح الشخصية رجال الأعمال والساسة ، سوف يتضررون وتضيع عليهم أرباح كبيرة كثيرة نظير الإحتكارات وبيع خيرات ومقدرات الوطن بأثمان رخيصة بخيسة ،  وبالتالي لا يرغبون في  العمار والنهضة والتقدم ، يحاولون الحد بأي وسيلة حتى تستمر الفوضى مدة طويلة لتسمين الحسابات بالمصارف الخارجية بطرق ملتوية خسيسة غير شريفة و حرام ، يأكلون السحت في بطونهم ويؤكلونها لعائلاتهم وأولادهم الغافلين الذين لا يعرفون من أين أتت … حتى عشعش الشيطان على القلوب والأبصار وزاغوا عن رؤية الحق نظير تمرير المصالح كما يرغب السادة المحتكرون الكبار ، ونسوا وتناسوا إرادة الشعب والصلابة لديه بأن يفوز تحت أي ظرف كان ، ضد شبكات عنكبوت الإرهاب مهما طال الوقت ، حيث الهدوء والإستكانة ، ليس عن ضعف بل جذوة نار تحت الرماد تشتعل حتى يأتي اليوم المناسب وتنفجر ، وعندها الويل الويل لكل من أراد السوء للمدينة والوطن ، سوف يتم القصاص و العقاب العادل فيه ويدفع الثمن الغالي …

بالليل بعد الإفطار وصلاة العشاء ذهبت برفقة إبني الكبير مصطفى وإبن أخي خالد إلى بيت العزاء للمرحومة لأعزي أهلها على المصاب الشنيع الذي حدث فقد كانت من الجيران ، ورسولنا الكريم يوصي بالمعاملة الحسنة للجيران إلى سابع جار حسب الأحاديث النبوية الصحيحة والوقوف معهم حسب الإستطاعة في أي أمر يلم بهم حيث مسيرة الحياة تحتاج للتكافل والنجدة والجبر بالخاطر حتى يزداد التآلف والمحبة بين الجميع  ، حيث الدنيا تدور إلى ماشاء الله عز وجل ، يوم لك تسعد وتفرح واليوم الثاني عليك ، مصائب وكوارث حزن ومعاناة وضيق وألم …

بالسرادق قابلت الكثيرين وعزيت الجميع حسب العادات وجلست بجانب البعض من عائلة المرحومة آل ستيته الذين أعرفهم معرفة شخصية حيث تربطني بهم علاقات أخوية وصلة نسب ودم ، وزوجها من آل أسويسي الذي كان جالسا على اليمين صامتا يسمع إلا من بعض الكلمات الموجزة ، معزيا ومواسيا لهم على المصيبة والحدث الشنيع ، محاولاً معرفة ما حدث بأدق التفاصيل من أصحاب الشأن المتضررين وليس سمعاً من الآخرين حسب مايشاع ويقال في أوساط المدينة …

قضيت حوالي الساعة في بيت العزاء ، وكم هالني الأمر أن أشاهد الجميع في حالات صعبة ورثاء عواجيز مع أن الكثيرين شباب صغار بالسن ، وكأن عشرات السنين حطت بسرعة على كاهل الكثيرين حيث ولى الشباب نظير المصائب والمصاعب والهموم ، أليست بمأساة؟؟ لم أشاهد الفرحة ولا علامات النصر والبهاء ولا السعادة في الأعين والنفوس ، شعرت من نظراتهم  أنهم محتارون بدون زعامات حقيقية ولا قيادة سليمة توجههم للأصلح  وبما يرضي الله عز وجل وعللت الأمر أننا في بيت العزاء والجميع متأثرون من المصاب والحدث …

إنها مأساة من مآسي الحياة ، أن مدينة صغيرة مثل مدينتنا درنة المجاهدة الصابرة المهمشة تفرز هذه المجموعات  وتصبح قبلة للتطرف والإغتيالات والقتل بشراسة وعدم رحمة وبالأخص لمرأة وفي بداية شهر رمضان العظيم المقدس ، شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النيران ، وتكثر بها الحوادث والجرائم حسب مايشاع وتتأخر سنوات للوراء نظير عدم الراحة ونقص الأمن والأمان للمواطن! 

بعدها ذهبت لزيارة الحاجة أختي  المسنة في بيتها والتهنئة لها بحلول شهر رمضان الكريم والحديث معها ، حيث لي فترة لم أرها ،  وكان برفقتها بعض بناتها المتزوجات أتين للسهر معها ، وقضيت بعض الوقت بقربها في أحاديث وذكريات عائلية خاصة حتى وصل بعض الزوار من الجارات النساء وإضطررت لترك المجلس بقربها ، ودخلت للصالون حسب العادات المحلية ، الفصل في المجالس بين الرجال الأغراب والنساء ، وأكملت السهرة في الحديث والسمر مع  نسيبها زوج إبنتها القادم مع زوجته ، إبنتها  ، من ألمانيا لتمضية شهر رمضان معها ثم جاء النسيب الثاني السيد جبريل وأحد الجيران أولاد العم ، وكانت سهرة لطيفة جميعها شجون وألم ، عما يحدث بالمدينة من طرائف ونوادر وأحداث أليمة وإغتيالات تحتاج إلى الحسم ويداً قوية من الدولة الجديدة  ، حتى تلجم الجميع بالعدل والقانون إلى الساعة الواحدة صباحا ، حيث ودعت الجميع ورجعت إلى المزرعة لأرتاح بعد يوم طويل وسفر …

حاولت النوم وأنا قلق النفس أتذكر الأحداث وكأنها شريط سينمائي مصور وأقول للنفس الحمد لله عز وجل أن أعطاني  طول العمر وشاهدت قيام الإنقلاب الأسود ( ثورة الفاتح ) وشاهدت النهاية الأليمة للظالم وزوال نظامه من على كاهل الوطن في سرعة غريبة خلال عدة أشهر وكأنه لم يكن ، ولكن للأسف خلف شراً وشروراً بالوطن تخلف وجهل لأجيال شابة ... نحتاج إلى سنين طويلة حتى نستطيع أن نلملم جراحنا ونتحد مع بعض ونبني ليبيا الغد!
والله الموفق ...
 
                                                          رجب المبروك زعطوط
 
                                                               2012/7/27م
 

Thursday, July 19, 2012

شهر رمضان

                    بسم الله الرحمن الرحيم                



    شهر رمضان



                         الغد أو بعد الغد سوف يحل شهر رمضان الكريم ، شهر الصيام والمغفرة ، حيث تقفل أبواب الجحيم ، وتقيد الشياطين بقيود عن العبث والوسوسة للمؤمنين أقوياء القلوب والبصيرة بالعقيدة طوال الشهر بأمر الله عز وجل ، باب العرش مفتوح على مصراعيه للرحمة لكل تائب يدعوا بطهارة قلب وصفاء ضمير عن إيمان بالخالق الرب بأن يهبه الرحمة والغفران طوال العمر ، آمين ! 

إن شهر رمضان المبارك ، شهر كريم ، أرزاقه روحية غيبية ومادية بلا حد ولا حدود ، أفضاله كثيرة وكبيرة على البشر المهتدين المؤمنين بعظمة الشهر وحلوله كل عام ، يتجدد إلى ماشاء الله تعالى حتى يوم القيامة والفناء ،  شهرالصوم والإمتناع عن أكل الطعام خلال ضوء النهار من الفجر إلى المغرب لحكم لا يعرفها إلا هو الخالق الأحد ، رمضان شهر  القرآن الكريم ، به نزل الوحي الهدى والنور من السماء على سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم عن طريق الروح الأمين سيدنا جبرائيل عليه السلام .  شهر العشرة أيام الأوائل  " رحمة  " والعشرة الثانية " غفران " والعشرة الأخيرة " العتق من النيران "  شهر النصر والفتوحات غزوة  بدر  و رفعة الإسلام عاليا أمام الكفر والإلحاد ، شهر عظيم كريم  مهما حاولت أن أعدد أفضاله وجوائزه وثماره للبشر المهتدين ، لا أستطيع من كثرتها مهما وصلت من علم وعلوم ، لا أستطيع فأنا بشر لي حدود  أتوقف  عندها لا أستطيع إجتيازها ، غيبيات لا يعلمها ولا يعرفها إلا الخالق الواحد الأحد …

شهر رمضان على الأبواب وكثيرون من  المسلمين منهمكون في التحضير لإستقباله ، والإحتفال بقدومه وهلول هلاله ، يستعدون  لموائده وسهراته طوال الشهر العظيم ، همهم الأكل وتعبئة البطون والسهر طوال الليل في السمر أو لعب الورق من العديدين ، والنوم بالنهار وعدم العمل لساعات الدوام والتحايل والتحجج بصيام رمضان وبالأخص من الموظفين بجميع الإدارات للدولة حيث يشل العمل ، إلا من القليل ،  ونسوا وتناسوا الحكم والأمثال القيمة من الصيام ، أهمها تلبية الأمر الرباني وتنفيذ التعليمات الإلاهية حيث الصوم أحد أركان الإسلام الخمسة الأساسية للمسلم التقي … الصبر على الجوع من البعض الذين  لا يستطيعون التوقف عن الأكل نظير الشراهة وحب الطعام ، شعور الإنسان الغني بآلام الفقير والمسكين الجائع الذي لا يجد لقمة العيش حتى يتناولها ، والغني غير قادر على الأكل وممتنع بالرغبة  بدون جبر ولا إكراه طوال النهار ينتظر حلول المغرب حتى يفطر ،  تنظيف الجسم للصائم طوال الشهر من الدهون والفضلات المترسبة طوال السنة ، التي مع الوقت تؤدي إلى العديد من الأمراض ، وتجديد الدم سنويا عندما يصوم طوال الشهر الكريم العظيم حيث  حكمة الصيام عبارة عن تهذيب روحي ومعنوي  وعلاجات كثيرة للمسلمين ، لا يفهم بعض أسرارها إلا القلائل من المتقين الذين يطبقون شرع الله عز وجل! 

الإمتناع عن الهرج والمرج وخفض الصوت وعدم العراك والمشاكسات والحرب والغزو والقتال إلا للضرورة حيث  رمضان شهر مقدس ، شهر حرام عمل الموبقات والفساد والإفساد لمن يتعظ ويعرف طريق الحق ، طريق الله عز وجل ، شهر مهما عددت كما قلت لن أستطيع الشرح الكثير  ، أحتاج إلى الكثير من الورقات والتسطير لأعدد بعض الأفضال للشهر العظيم الكريم ،
بالنسبة لنا نحن الليبيون شهر البركة واليمن والنصر المبين والفرحة والسعادة فالعام الماضي تحررت العاصمة طرابلس من كاهل الشر والشرور وتخلصنا من الطاغية المقبور إلى الأبد ، حيث هرب الدعي ملك الملوك إلى مدينة سرت يحاول الإختباء كالجرذ المرعوب بعد أن كان يهدد ويتوعد  الشعب البرىء بالويل والثبور وأنه سوف يلاحقنا شارع شارع ، وحي حي ، وزنقة زنقة و دار دار ، أليس هذا الأمر بجنون لتحدي الشعب؟؟

تم الخلاص والتحرير وتنشقنا هواء الحرية العليل ، بعد غياب طويل ، وتم الإنتخاب بالطرق السليمة للشعب عن طريق صناديق الإقتراع ،  لإنتخاب المؤتمر الوطني الأول ، وهنيئا للفائزين من القلب والضمير لخدمة الوطن ليبيا أمنا الحنون  ، وكل يوم نخطوا خطوة خطوة للأمام وللأحسن مهما كانت الطريق طويلة تتخللها المصاعب والعوائق ، يوماً بإذن الله تعالى سوف نصل فقد تخلصنا من عقد الخوف والرعب فلقد ولدنا من جديد !

أخيراً أود أن أقول كل عام و أنتم بخير لجميع المؤمنين بالعالم بشهر رمضان الكريم العظيم ، متمنيا أن يدوم الخير والفرح والسعادة للجميع ، وأن نفرح ونسعد بوضعنا الجديد في دولة ليبيا الأبية ،  وكل يوم جديد مزيدا من التقدم والنهضة بين الآخرين من الأمم والشعوب! والله الموفق ...

                                                             رجب المبروك زعطوط
          


                                                                  2012/7/19م 

Monday, July 16, 2012

الجهل

                                           بسم الله الرحمن الرحيم

                                                    الجهل


                  أخطر شيء يمنع التقدم والرقي لأي شعب هو الجهل وعدم البصيرة بأمور كثيرة مهمة ، حيث الكثيرون لديهم شهادات عديدة من المعاهد والجامعات بدون فائدة حيث التركيز والعلم على مواضيع معينة لا تتماشى مع الواقع المطلوب ، وفي نظري البعض مازالوا جهلاء أغبياء ، يغرقون في شبر من المياه كما يقول المثل الشعبي ، لا يعرفون كيف يتصرفون التصرف الصحييح في المعاملات الكثيرة مع البشر ، يعيشون الوهم أن لديهم شهادات كبيرة علمية تغطي جميع العيوب وعلى الآخرين السماع لهم وهم في نظر الكثيرين لا يساوون أي شيء ، حيث ليست لهم قوة الشخصية التي تفرض الوجود بالعمل والتجربة الوافية الكافية في المعاملات مع البشر حيث لا يمكن شراء الحب والولاء طوال الوقت من الناس والجماهير بالوهم …

أتأسف على الكلام الذي نسمعه  طوال الوقت من عامة الشعب بدون تحليل ولا فهم ، وأن الوطن بحاجة لقياديين ذوي الشهادات حتى نمر من عنق الزجاجة التي نحن فيها الآن نتخبط  ، لم نضع أرجلنا على الطريق الصحيح بعد … وأنا شخصياً متفتح نظير العلاقات الكثيرة كرجل أعمال والرحلات العديدة لأكثر من نصف قرن وأنا أتنقل من مكان لآخر وأشاهد العالم كيف يعمل ويسير ضمن مخططات ودراسات ، وأفهم المطالب ونحتاج بقوة لقياديين متعلمين جذورهم من الوطن ، ذوي شخصيات قوية وجرأة نابعين  من روح وضمير الشعب ولديها المؤهلات الدراسية والنضالية ، وأن تكون مرت بتجارب وسنين خبرة في العمل السياسي وقيادة الرجال ، حتى لايضيع الوقت علينا كشعب في الممارسات الخاطئة ، حتى يتعلموا من الحياة العملية ، فليس كل شيء هو الشهادة العلمية فقط!

 في نظري ممكن الإستعانة في التخطيط والدراسات بخبراء ومستشارين من جميع أنحاء العالم لتطوير الوطن للأحسن كما تفعل الكثيرمن الدول ، والأهم هو الشهادات النضالية للمتقدم للمراكز العالية وحسن الفهم ، حيث لا يتحصل على المركز إلا من خلال التضحية والإقدام في سبيل الوطن ، حيث هذه النوعيات لديها الشجاعة والإقدام على الصمود والتحدي لأنها مرت بتجارب عديدة أيام حكم المقبور ، تحدت النظام علانية ورفضت الظلم والإرهاب وصبرت على المعاناة والضيق والتضحية والفداء أيام الثورة الدموية وروح المغامرة ، وخلقت منهم رجال ، ونحن كشعب حر نريد هذه النوعية الوطنية بأن تقود الوطن للأمام ، لا نريد طحالب منافقين نظير المصلحة والمنصب تتسلق كل عهد …

أيام إستقلال الوطن سنة 1951م لم تكن توجد شهادات جامعية في ليبيا إلا لدى القلائل على عدد الأصابع ، وقام المسؤولون ذوو الأمر الذين لا يحملون شهادات دراسية وقتها بأروع المهام والحكم ، حيث أداروا دفة السفينة للنجاة والإستقلال والوحدة بين الشرق والغرب والجنوب بالعقل والحكمة وهم يعانون الويلات  والضغوط الدولية ومحاولات فرض الهيمنة وترجيع الإستعمار الأجنبي والإيطالي بصور أخرى …

القياديون الليبيون البسطاء تمكنوا بالوحدة والتضامن والصبر ، والعمل الوطني الصادق النابع من النفوس البريئة المحبة للحرية والإنعتاق من المستعمر طوال الوقت من النجاة ، وأصبحت ليبيا دولة لها كيان وشأن ، مع أنها كانت تعاني الفقر فى أبشع الصور ، حتى من الله عز وجل عليها وتفجر النفط ! و جاء نظام الجهل و الرعب والإرهاب نظير صراع الدول على من يفوز بالوطن ، الغرب أم الشرق ، وتربع على أكتاف الوطن ، وعشعش في جميع الأوصال ومفاصل الدولة وكأنها مزرعة خاصة بطبقة معينة ( العائلة وأولاد العم والحواشي )  وطبق نظريات فرق تسد ، ونشر الفساد والإفساد خلال 4 عقود ونيف ، و90% من خريجي الجامعات الليبية الذين تم إرسالهم للخارج في بعثات دراسية للتحضير أثناء عهد المقبور ، كانت محاباة من فئات وقبائل معينة بدون مساواة بين أبناء الشعب نظير العنصريات والجهوية وفي نظري عليهم علامات إستفهام كبيرة ؟؟ ضروري من التحقق والمراجعة لأي إنسان منهم ، كيف وصل ؟؟ قبل أن يولي منصب كبير في دولة ليبيا الجديدة  …

لقد ولى عهد المحاباة الرعب والإرهاب ، عهد المقبور الطاغية إلى غير رجعة بإذن الله عز وجل ، وبدأت مرحلة جديدة لوطننا ليبيا الغالية نحتاج فيها إلى السلام والمصالحة الوطنية والوئام بين الأطراف المتعنته المتشاكسة على أمور مهما كانت تبدو صعبة نظير أخطاء قاتلة بقصد أو بدون قصد من البعض ،  ممكن الوصول لحلول لها بإستعمال العقل والحكمة ، حيث نحن جميعنا أخوة تربطنا علاقات دم ومصاهرات ونسب وعددنا كشعب قليل ، والآخرون من العالم يحسدوننا على الثروة والغنى الفاحش والموقع المتميز في منتصف الأرض ، وعلى نجاح الثورة الدامية حيث أثبتنا للعالم أننا شعب مهما صبر ، قام بالثورة المجيدة وإنتصر ، ينتظرون منا الغضب  حتى يزيدون النار إشتعالاً حتى لا نفوز ولا ننجح ، لأنهم يعرفون أن ليبيا مارد عملاق سوف تتغير مفاهيم وسياسات كثيرة في المنطقة عندما نستقر ونطبق الديمقراطية بالحق والمساواة ، والمطلوب التريث وعدم الإندفاع في الإختيار لولاة الأمر حتى لا نخطىء ، وعندها صعب الإصلاح …

الجهل مصيبة من المصائب ومرض عضال مثل السرطان الخبيث عندما يدخل جسم الإنسان من الصعب الشفاء ، وهناك الكثير من الناس ذوي الشهادات والعلم والعلوم في أمور معينة لكن تنقصهم الخبرات حتى يعملون ويبدعون ونحن كشعب خرج من محرقة بعد عذاب وقهر وإرهاب  4 عقود ونيف ، نحتاج إلى أمور كثيرة ، أهمها الوقت حتى نستطيع أن نلملم جراحنا ، ونجبر بخاطر المهزمومين حيث هم إخوتنا ، ونهتم معا جميعنا يداً واحدة لخدمة الوطن بطرق علمية حديثة ضمن العدل والمساواة حتى ننهض ونتقدم ، بدلاً من تضييع الوقت في مناوشات لا تسمن ولا تغني من جوع ، غير إهراق الدم ، وسقوط الضحايا ، وزيادة الكره بالنفوس وطلب الثأر ، الآن وبالمستقبل ، والفريق الكاسب مهما وصل ، خاسر طوال الوقت …

أخيراً أود القول من القلب والضمير ، هنيئا لكل من فاز في الإنتخابات للمؤتمر الوطني العام ، والمطلوب منهم تحمل الأمانة الثقيلة التي وضعت في أعناقهم ، ففيها مصير شعب كامل ، يتطلع للحرية والمساواة ، لا نريد منهم الإنجراف والتكبر والغرور بالنصر والنجاح ، وإستغلال المركز فكل شيء الآن مفضوح ولا أسرار تبقى بدون ظهور على السطح ، والسياسة بحر عميق ليس كل ذو مركز قادر على السباحة والوصول لشاطىء النجاة بسهولة من غير عوائق ، إلا القلائل الذين يعرفون من أين يؤكل الكتف السمين ، والمركز كما يقول المثل الشعبي " مثل كرسي الحلاق كل يوم لزبون آخر! " وعليهم عمل المستحيل لنهضة ليبيا وتقدمها ، حتى يحبهم الشعب ويؤيدهم ويساندهم طوال الوقت ... والله الموفق …

                                                              رجب المبروك زعطوط

                                                                    2012/7/16م  

Saturday, July 14, 2012

المنافسة الشريفة

 
                                              بسم الله الرحمن الرحيم
 
 
 
                                                المنافسة الشريفة


               إن الأخلاق وأدب المعاملة هي الأساس القويم لحضارة وسمو أي شعب بين الآخرين من الشعوب ، ونحن كشعوب عربية مازلنا نحتاج إلى فهم وعلم بكثير من الأمور الحياتية اليومية ، ضمن الأخذ والعطاء والتسامح والفهم حتى نستطيع أن نضع أرجلنا على الطريق القويم الصحيح ضمن أسس ، أهمها الإنضباط والنظام والتقيد بالعهد وعدم إهدار الوقت والإرشادات الصالحة  وعدم التجاوزات لأبسط الأشياء وأخذها بمأخذ الجد ، حتى لإشارات المرور ، بدل الإجتياز الغير مبرر، الذي في بعض الأحيان يسبب الحوادث والإصطدام ، ضرره أكثر من نفعه ...
 فالسقوط  للهاوية والحضيض يبدأ من أشياء بسيطة خاطئة ثم تكبر مع الأيام وتصبح مثل الحق المكتسب ، إذا حاول المسؤولون لفت النظر أو الردع يصبح خطيئة كبرى من البعض الجهلة الذين يعيشون بالفطرة وعلى الطبيعة من فهم ولا تهذيب يحتاجون إلى تقويم بالصبر والتعليم لفترة ثم الترغيب والترهيب بالعقاب البسيط ومع الوقت إذا زاد التمادي عن الحد من بعض الأوباش ، يبدأ العقاب القاسي حتى يرتدعون عن المآسي وضرر الآخرين بتصرفاتهم الرعناء ، حتى مع الوقت يتعودون على العمل السليم القويم ويستتب النظام ، وينتهي العلاج وتلتئم الجراح ، ويشفى المرض المزمن من عقود …

نحن الآن كشعب ليبي نمر بمرحلة خلخلة قاسية ومخاض  شديد ، فقد إنتهت الإنتخابات على خير وسلامة مع وجود أخطاء عديدة وتجاوزات رهيبية ، وإخفاء في البدايات كثيرا من الأمور وعدم شرحها الشرح الصحيح بخصوص الكيانات والتسجيل والإنتخاب ومماطلة في الوقت والتأجيل المستمر في الفرز ، لو عدد المواطن الشكاوى ، لن نصل لحلول ، ففي نظري الأمر مدبر ومخطط من قوى خفية بطرق شيطانية والاعيب دولية يوما سوف تظهر ، فلا سر يبقى للأبد في الكتمان من غير بصيص أمل أن أحدا سوف يتكلم ، ولا دخان يرتفع من غير جذوة نار تحت الرماد تشتعل …

سيق الشعب نتيجة التحدي والكره للإسلاميين المتشددين المتطرفين للتصويت لغيرهم وهو فرح سعيد أنه فاز وكبح المتطرفين ووضعهم في حجمهم الصحيح . وهنيئا للفائز ، فقد عرف كيف يأكل الكتف السمين وينتزع النصر وينجح ويفوز ، عن طريق التصويت والإنتخاب بطريقة وغطاء سليم وأسلوب حضاري ديمقراطي ، بحيث لا يستطيع أي مواطن عاقل الإعتراض.  أنا شخصيا أؤمن بالمنافسة الشريفة ، والقبول بالفائز الناجح في حالة الفشل والخسارة بروح رياضية عالية وعدم إثارة المشاكل ضده مع العلم أنني لست في صف التحالف  ،  ولن أكون في الوقت الحاضر تحت أي مسمى  ، لأنني مؤمن عن قناعة ، لا مكان لأي مواطن قيادي أيام النظام السابق للمقبور تحت أي مصطلح بأن يتولى منصب قيادي مهم كبير آخر في دولة ليبيا الجديدة مهما كان  ، يقرر حياتنا ومصيرنا حسب هواه ، حيث نحن الشعب نريد وجوها جديدة  ، لديها حمية وشهادات نضالية عالية ، حتى تحس آلام الشعب وتطلعاته ، لتولى المسيرة …

إن كلماتي هذه ليست كراهية شخصية لأي أحد وبالأخص السيد محمود جبريل على رأس التحالف ، فأنا أسمى من أن أتدخل في مهاترات وقيل وقال على أشخاص ، لم أجربهم في أية معاملات طويلة أو جيرة ورفقة أو عمل وحوارات حتى أستطيع أن أقرر عن قناعة التأييد والمناصرة أم التحدي السافر الشريف ... 

 مع إيماني الكامل بإعطاء الفرصة للفائز لإثبات الوجود ، توجد كثير من وجهات النظر والعداء السافر للبعض  نتيجة الأخطاء  ، والسماع المشوش والحكم بغضب وعصبية وغيظ  ، ومع الأيام تهدأ الخواطر وترضى القلوب على البعض في سبيل المصلحة العامة ، وتبدأ صفحات جديدة القبول والرضا والصداقات والإحترام المتبادل بين الأطراف فسبحان مغير الأحوال من حال إلى حال ، لا عداوة وخصام ، ولا صداقة ورفقة، تدوم؟؟

يوم الجمعة 2012/7/13م  حدثت مشادة كبيرة حسب ماسمعت في أحد مساجد العاصمة طرابلس حيث أحد الشيوخ تحامل بشدة أثناء خطبة الجمعة على التصويت لتحالف محمود جبريل ( المتوقع حصوله على معظم اصوات الناخبين في ليبيا ) ونعت الأمر بغلظة وشدة كل من صوت له، وكلام كثيرغير سليم  مما خرج عن المألوف فالناس حضروا لعبادة الرب الله عز وجل وتأدية صلاة الجمعة وليس القدح والنعت من أخلاق الإسلام وبالأخص في بيت الرب حيث له قدسية خاصة ، مما قام بعض المصلين وواجهوا الخطيب الإمام بأنه على خطأ ، وأن المسجد ليس للحوارات السياسية من قبول أو رفض ، وتطور الأمر للسباب والتحدي ومحاولة التعدي وتدخلت كتيبة ثوار  تؤيد وتحمي الخطيب من غضب المصلين مما كبر الموضوع من لا شىء ، وأصبح ينذر بالخطر!

في نظري هذا الموضوع خطير لو تركناه من غير تفسير وتحليل ، فالآن الخاسرون للإنتخابات يعبرون عن الغيظ والغضب بإشاعة التحديات  والفتن ، ونسوا وتناسوا أن القطار مر بسرعة ، وعليهم الإنتظار بالمحطة للجولة القادمة ، والعمل الجاد بهدوء لتوحيد الجهود إذا أرادوا يوما الوصول لقمة الهرم …

وتساؤلاتي  لماذا لا يرضون بالنتيجة ؟؟ ويغيرون من طرقهم العقيمة والتشدد والتطرف الأعمى؟؟ ومحاولة الضغوط بالقوة ، وفرض آرائهم وتعاليمهم بدون حوارات هادفة باللين حيث نحن جميعا مسلمون نوحد بالله الواحد الأحد حتى يضمنون ولاء وحب الشعب الغير مسيس ، الغير فاهم بكثير من الأمور ، حتى يصوت لهم عن قناعة وينجحون ويفوزون في المراحل القادمة ؟؟

 فالحمد لله تعالى نحن الآن دولة حرة ، والسلطة والسلاح بيد الشعب ، والثروة الهائلة بباطن الأرض لم تستخرج بعد!  والإحتياط بأيدي الغير من الدول ، والكثير لدى رموز المقبور والطابور الخامس ، ضروري من ترجيعه لخزينة المجتمع ، حتى لا يحاربوننا به ونتعب في الرد والصمود حتى النجاح والفوز ، والشعب له الخيار لمن يصوت ، والفيصل عدد أصوات الناخبين للمرشح الفائز ، سواءا  فردا بصفته الشخصية أو كيان ، وهنيئا لمن ينجح ، طالما يعمل من أجل الجميع بطهارة نفس وضمير !

لماذا لا يؤمنون أن البقاء للأصلح ؟ يراجعون التاريخ القديم والحديث ، حيث ليبيا لطالما مر بها  خلال العصور الماضية من زعماء وحكام جيدون أتقياء وطغاة ، وإن هذا هو الإنتخاب الأول منذ عقود مرت ، ودائما البداية صعبة وضروري من الأخطاء فلا شىء كامل لدى البشر وبالأخص نحن ببداية الطريق في الحرية ، الديمقراطية والعدل والمساواة ، ألا يأخذون عبرة وعبر ، فالإسلام دين هدى ولين ، يغمر القلوب بحلاوة الإيمان عن قناعة وليس بالفرض والقوة كما يعمل هؤلاء المتشددون!

إن نقدي هذا للمتشددين ليس سبا ولا نعتا  ، ولكن نظير الحب والغيرة من أعماق القلب على الدين الإسلامي القويم ، حيث أشعر بالألم يعصر القلب وأنا أسمع وأشاهد كيف البعض من الشيوخ مايزالون يعيشون في الماضي غير قادرين على فهم العصر ، حيث الدين الإسلامي وحي منزل من السماء من الله عز وجل ، ليس صادرا من عقول البشر ،  صالح لكل عصر وزمن ( الماضى والحاضر والمستقبل إلى ماشاء الله تعالى ) ، وعلينا إتباعه وشرح معانيه بسلاسة ولين وترغيب درره وحلاوته للعاصين حتى يهتدون لطريق الخير والإيمان … وليس الترهيب والتخويف من أمثال هؤلاء البعض من الشيوخ المتزمتين  الذين يدعون العلم والمعرفة ، ذوي العقول الضيقة ، حتى ينفر منهم ضعاف الإيمان ، ويجد الشيطان موطأ قدم للوسوسة ، والدخول في مشدات ومتاهات ومهاترات تؤدي بالجميع للهلاك ويضيع الوقت الثمين وكل طرف يريد إثبات الوجود أنه على حق وصواب ، ويجد الغرباء الأجانب فرصة للتدخل وإثارة التحديات مما يزيد الأمر إلى مواجهات ساخنة ، والمسلمون جميعهم في العالم يدفعون الثمن الغالي نظير التطرف والتشدد الزائد عن الحد من البعض حتى نظل دائما بالمؤخرة ولا نتقدم …

أخيراً بودي القول كان الله عز وجل في عون الجميع في ليبيا الوطن ، فنحن الآن في مخاض وعصر قوي ، يعتمد إعتمادا كبيراً على ماذا سوف نعمل!   هل نحكم العقل ونهدأ ونتصالح ونبعد الأدعياء عن التشدد ؟؟ حتى نتقدم وننهض ... أم نترك الزمام يفلت ولا نعاقب الرؤوس الكبيرة التي تحرض وتدفع صغار السن الشباب االمغامرون بدون وعي  إلى عمل الشر والعنف …  حتى لا نرتاح وتستمر البلبلة والخوف والرعب ، وعلينا الإختيار إذا أردنا السمو والنهوض والتحضر  أم التخلف …  والله الموفق ...
 
                                                                     رجب المبروك زعطوط
 
                                                                            2012/7/14م

Friday, July 13, 2012

لعنات الوطنية

                                        بسم الله الرحمن الرحيم

                                               لعنات الوطنية



              مهما حاولت الشرح عن ماذا دار من أحداث سعيدة وفرح وسرور بمدينة درنة خلال العصور ، وأشياءا أخرى مغلوطة خاطئة سيئة أضرت بسمعة المدينة على المدى القريب والبعيد ، وجعلت أي حاكم ومسؤول يأخذ حذره ويتحسس منها ومع الوقت يهمشها حيث مهما عمل لن يستطيع إرضاء سكانها و أهاليها  الذين لا يملون ولا يكلون عن التداول بالأمور السياسية المحلية والعالمية بإمعان وشغف للمعرفة ، وينسون المصلحة الأساسية مصلحة المدينة وتقدمها ، حتى سميت قديما بمدينة ( قيادة الأحوال ) من فرط الذكاء والتساؤلات وحب المعرفة ، بحيث لا يفوت أي أمر من غير تكهنات وتحليل ، وأيام عهد المقبور سميت بأسم مدينة المتقاعدين حيث همشت من قبل النظام  ولا أعمال كبيرة تدار فيها مما إضطر الشباب المغامرين للهجرةقصد العيش الشريف وأصبحت تعتمد إعتمادا كليا في دخلها على المرتبات التي تدفع لمعظم الجميع ، فتات لا يسمن ولا يغني من الجوع ، والعائلة والحاشية والأعوان يعبون في الملايين بدون حساب مما مع الوقت زاد الضغط عن الحد وقامت الثورة المجيدة ولم تتوقف حتى تم القتل للطاغية ، وضاع الحكم للعائلة للأبد !

النظام السابق للمقبور إستعمل بمهارة سياسات فرق تسد وغرس عقدة الدس ، اللمز والغمز والوشايات على الأحرار من الأوساط الرخيصة الطحالب من العامة عديمي الأصل والفصل الغوغاء ،  لقاء أموال وهبات ومراكز تافهة لخدمة النظام والإرهاب ، حيث هذه النوعية المهمشة بالسابق لا وجود لها على الساحة الوطنية من قبل ، مهيؤون وجاهزون للإنضمام للجان الثورية ومستعدون للسير في المظاهرات والهتافات للطاغية وللكتابة والقدح والوشايات الفارغة الكاذبة والإتهامات عن البعض من الشرفاء بالمدينة لقاء الحقد والحسد مما ضيعت الكثيرين من الأبرياء ودفعوا الثمن الغالي ،  القبض والتعذيب والبعض القتل والشنق أو البقاء سنيين عديدة بالسجن ، ينتظرون  الفرج والخلاص من الهم والغم ، و إما الموت في سكون وراحة بدلا من السجن والضيق والمعاناة وشراسة وبطش الحراس عديمي الرحمة والشفقة من القلوب ، والنقص للغذاء الصحي والدواء للعلاج من الأمراض المزمنة والبطاطين للتدفئة لإتقاء برد الشتاء ، أو إطلاق السراح …

إنني لا أستطيع أن أشرح الكثير ، فالأمور إختلطت مع بعض وأصبحت كل يوم تتداخل وتتشابك وتتصعب وتصبح عقد شائكة من الصعب الوصول إلى حل ، في مدينتنا الطاهرة درنة مدينة صحابة رسول الله تعالى ، التي الآن كل يوم تتراجع للوراء وكأن لعنة حلت بها ، أو سوء حظ  لازمها طوال عقود طويلة من الزمن ، نظير حبها للوطنية وعشق أهلها للوحدة ، وبغضها للمستعمر مهما كان …

حيث أيام العهد القرمانلي التركي ، كانت المدينة من ناحية الترتيب في ليبيا الوطن " الثانية "  وتراجعت أيام العهد الإيطالي والملكي وأصبحت " الثالثة  " وأيام عهد المقبور السابق تراجعت خلال 4 عقود عجاف من الإرهاب والقوة المفرطة لتغطية الضعف ،  للخلف وأصبحت " الثامنة " وهي تاريخيا تعتبر من أقدم المدن في شمال أفريقيا ، عمرها أكثر من 3 آلاف عام من أيام الإغريق ، تراجعت ضمن ظروف قاهرة وحوادث مدبرة ومفتعلة بقصد مبيت وعن خطط مدروسة أمام بعض المدن الناشئة التي توسعت وكبرت خلال 4 عقود عجاف من حكم الطاغية ، مثل مصراته وسرت والبيضاء وسبها والزاوية …

الآن نحن مع بداية عهد جديد أخاف أن تتراجع مرة أخرى وتتأخر عن الركب ومع الوقت تصبح بالمؤخرة ، حيث جميع البوادر الآن تنذر بذلك ، والسبب الرئيسي هم أهلها ، يهوجون ويموجون في صراعات محلية تافهة في التصنيف العرقي من حضر وبادية وهم إخوة في الدين والمصير ، تربطهم علاقات النسب وصلات المصاهرة والدم ، علاقات لن تنفصم مهما حاول الطحالب دس الفتن ،  حيث جميعهم أبناء وطن واحد! كراهيات كلما تخبوا وتنتهي أياد الشر والشرور توقظها من جديد حتى تستمر ولا تتوقف ، وبالتالي تتأخر المدينة خطوات كبيرة للوراء نظير عدم التفاهم والوحدة من أجل التقدم والنهوض …

أبناء المدينة عند حلول الكوارث الوطنية يتحدون في لحظات لدرء الخطر ، سباقون في الفداء والتضحية ، وأكبر شاهد تضحيات شبابها المغاوير فى أكثر من مدينة ليبية أثناء ثورة 17 فبراير المجيدة ،، ولكن للأسف ،، لا يقطفون ثمرة النصر والغنائم ، حيث لديهم العفة ، يريدون الأمر بالأسبقية ، ولكن نحن في عصر الجهل والتخلف ، ضروري من فرض الوجود بالعمل الطاهر الشريف الهادف للمصلحة العامة والخاصة وأخذ الحق حسب الجهد  بدلا من العمل بدون فائدة تذكر لمصلحة الآخرين نظير مفاهيم صعبة ومعقدة لا يفهمها إلا القليلون من المواطنيين ، حتى ظهرت إشاعات وإستهزاء أنهم  "عوالة  " مستعدون لخدمة الحاكم بدون ثمن كبير ، للأسف !

الشق الأول ، نظير التهميش المتعمد بقصد من أولي الأمر أصحاب القرار في جميع العهود السابقة حتى تتأخر ويهاجر أولادها المغامرون غصبا عنهم إلى مدن أخرى لطلب الرزق ، وإستشهد وتوفى زعماؤها وشيوخها الحقيقيون ، والآن في نظري لا توجد بها زعامات حقيقية على المستوى الكبير ، حيث الحكماء قابعون في بيوتهم لا يريدون التدخل حيث غير راضون عن سير الأوضاع السائدة بالمدينة من خبث وفساد وأمور لا يرضى عنها الدين من التطرف الأعمى بدون فهم ولا عقول نيرة ، ورجالها المثقفون بعيدون عن المدينة وبالتالي مهما وصلوا من علم وشهادات لا يعرفون المعرفة الجيدة ماذا يدور في كواليس المدينة من أمور شائكة وعصبيات فارغة ولا يستطيعون القيادة ، لأنهم تعودوا على العمل الروتيني ضمن القوانين ، ولا يعرفون كيفية معاملة الجماهير بالود والإحترام والعطاء لسنيين حتى يضمن المتقدم الحب والولاء والشعبية لدى الجماهير …

الشق الثاني الإحتياج والمادة ، حيث ظهرت عدة رموز من عامة الشعب أثرياء الغفلة والوضع السابق  ، نظير الإحتكاك الكبير بجيراننا  المصريين حيث تم إستجلاب كثير من العادات السيئة والتحايل والفساد لأوساطنا  ( ظاهرة خلو الرجل للبيوت والمحلات + المخدرات + الرشاوي + الغش ) وساعدهم النظام الفاسد للمقبور في التراهات والمهاترات وفرض الأتاوات والإحتكارات للسلع ، ومع الوقت أصبحوا من أصحاب الملايين وهم لا يساوون أي شىء ، لا شهادات ولا أصول وجذور عائلية أصيلة من المدينة ، شهاداتهم  المال الحرام الوفير الذي إستغل في الفساد والإفساد وزرع السموم لدى أوساط الشباب من التهريب للمخدرات وإغراق الأسواق بها بقصد مبيت من قوى خفية ، والإحتكار من العصابات  لمبيعات الإسمنت من المصنع الوحيد ، وسرقة المال العام بطرق شريرة وفواتير مزورة قانونية يعجز إبليس عن إتيانها  ،  وبالتالي دان لهم الجميع بالسمع والطاعة وأصبح لهم نفوذ في نظير قوة المال …

مدينة درنة المجاهدة الوحدوية كانت بالسابق السباقة في الأمور السياسية حيث العلم والثقافة والذكاء الفطري الغير عادي لدى شبابها من الجنسين ، والآن بكل النوابغ  شبه عاجزة ، مشلولة غير قادرة على نفض غبار التخلف والجهل بالعقول الضيقة من الفئة التي مازالت تعيش وتحلم بالقبلية المتعفنة وأن الحق للقوة والنصرة الكاذبة ، حتى لو كانوا على خطأ ، لعدم وجود الدستور الجيد والقانون الحازم الذي يلزم أي إنسان بالحق والمخطىء يعاقب بالحق والعدل ، وعندها الكثيرون يخافون ويمتنعون عن خلق المشاكل …

للأسف البعض من أدعياء زعامات المدينة أشباه رجال يزايدون ويتشدقون بالوطنية وعند ساعة الوغى والعزم والحسم يجاملون الآخرين من الخصوم لقاء معارف وصداقات ومصاهرات الدم والنسب ، ضد مصلحة المدينة التي هي في الواقع مصلحة الجميع وليست لفئة دون أخرى تجدهم بآخر الطابور يدفعون بالآخرين للمقدمة حتى يسلمون من الأذى ، ويعتبرونها مهارة وإدارة جيدة يتفادون بها المشاكل وهي قمة المأساة حيث بهؤلاء العقليات لن نتقدم ولن ننهض طالما البعض مازال لهم الكلمة العليا والتأثير الشعبي في المدينة وماحولها من قرى نظير العصبيات الجاهلة ، وعدم التسامح والوحدة حضر وبادية والإتفاق الجماعي يدا واحدة ، ونتعاون على العمل بخطط مدروسة جيدة حتى تصبح لنا هيبة وشأن ومكان وننهض …

حدثت بالسابق أخطاءا كثيرة نظير عدم البصيرة والتحدي الكاذب أهمها بالمنتصف الأخير من القرن الماضي ، الثورة الكبيرة ضد اليهود الليبين العزل ، عند هزيمة الجيوش العربية سنة 1948م وقيام دولة أسرائيل ، وكأنهم المسؤولون عن الهزيمة ، نظير ردود أفعال شريرة ودس من القوى الخفية حتى يضطروا إلى الهجرة إلى أسرائيل وآثر الكثيرون البقاء في بنغازي وطرابلس ، وتوقفت التجارة فترة من الزمن …

أحداث حرب 1956م وخطب الرئيس جمال عبدالناصر النارية اللاهبة ضد الوجود الغربي في ليبيا من القواعد العسكرية ، والمظاهرات الصاخبة ضد الملك حيث الحكومة مضطرة لعقد إتفاقيات تأجير للقواعد لبريطانيا في الشرق وأمريكا في الغرب ، حتى تضمن دخلا للميزانية العامة لتدفع المرتبات والأجور للموظفين والعمال ، ولم تراع الجماهير الساخطة ووضعت اللوم الكبير على الإدارة وأولي الأمر، وقامت المظاهرات في طول وعرض ليبيا وتفاقم الوضع حتى أصبح ينذر بثورة على بقاء الملكية ، وتم الأمر وخرجت القوات البريطانية إلى طبرق وبنغازي ، وضاعت الفرصة على مدينة درنة ، وماذا إستفادت نظير الحماس الخاطىء الغير مدروس ، الوطنية والعروبة غير التهميش والتأخر ؟؟؟

إنشاء الجامعة في بنغازي مما إضطر الكثيرين من الدراونة لبيع أملاكهم في المدينة والهجرة إلى بنغازي لتعليم أولادهم وبالأخص البنات ، حيث العادات وقتها عدم ترك البنت العازبة لوحدها بدون رعاية ورقابة من الأهل ، وحل محلهم أبناء المناطق الذين يحتاجون للتعليم والرقي من الصفر مما أدى إلى تغيير تركيبة السكان ، وظهرت العصبيات والنعرات نظير الفراغ وعدم العمل ، والنهاية حلت المطارق والنكسات على رؤوس الجميع نظير المتاهات والمهاترات …

لا وجود لميناء كبير عميق حتى تستطيع السفن الكبيرة الدخول للمرفأ وتفرغ البضائع ، مما إضطر التجارالدراونة إلى  تفريغ معظم البضائع ونقلها بالشاحنات إلى درنة من مواني بنغازي وطبرق ، وبالتالي ترك الكثيرون  المدينة وآثروا الغربة والبعد عن درنة حتى لا تتعطل مصالحم ، ويوفرون التعب والسفر إلى بنغازي 600 كم ذهابا وإياباً في طرق سيئة وقتها ومواصلات قديمة عفى عليها الزمن من مخلفات الحرب العالمية الثانية طوال الوقت تتعطل بالطريق وليس مثل الآن ، وقد عشت المآسي وقتها حيث كنت صغير السن وأشاهد تعب الوالد وإخوتي التجار ، في الذهاب والإياب …

لا وجود لمطار حتى يسهل السفر للخارج ويضطر التجار ورجال الأعمال الدراونة إلى تضييع الوقت الثمين من الجهد والمال للسفر للخارج  يوما قبل السفر والمبيت في بنغازي للصعود لطائرات رحلات الفجر أو الصباح المبكر  أو السفر بعد منتصف الليل رأسا من درنة إلى مطار بنينه بنغازي حتى يضمنوا الوصول في الوقت والسفر ، وأنا شخصيا بلا مبالغة قطعت الطريق إلى بنغازي والرجوع آلاف المرات خلال مسيرة الحياة لنصف قرن من الزمن إستهلاك للوقت في التحضير والسفر والمال وأهم شىء الجهد والتعب وضياع الصحة …


جميع هذه الأمور المتشابكة والنكسات حلت على رأس المدينة وهي تقاوم بجهد جهيد وصابرة عسى يوما تتغير الأمور للأحسن ، وإضطر الشباب نظير الفراغ وعدم العمل ،  وإرهاب النظام المقبور لهم نظير الشكوك والوشايات الكاذبة  الدخول في متاهات كثيرة ، وإنضم الكثيرون بدون وعي سياسي وفهم  ، بل الدافع هو الحماس الديني إلى تنظيم القاعدة عن قناعة ، وتطوع الكثيرون وذهبوا  إلى دولة أفغانستان لمساعدة إخوانهم الأفغان ضد الروس وبعدها التحالف والأمريكان لنصرة الإسلام ، وإلى دولة العراق بدون حساب ولا عدد ، وقد كتبت مجلة نيوزويك مقالات شيقة  من صفحات عديدة منذ سنوات قليلة ، على أن معظم المجاهدين المغاربة الذين إستشهدوا أو تم القبض عليهم من منطقة درنة ، مما حير الخبراء والمخابرات والإجهزة الأمنية كيف لمدينة صغيرة منسية مهمشة أن تضحي بهذه الكميات من المقاتلين الشباب  وهي قليلة العدد، وأطلقوا عليها مصنع الإنتحاريين !
هؤلاء المحاربون الشباب ذوي العزم والإيمان بعدالة القضايا كان لهم الدور الأساسي والطلائع الأولى في الجبهات في الإنتفاضة والتمرد ضد الطاغية المقبور في ثورة 17 فبراير المجيدة في الشرق حيث تلقوا أروع وأحدث الدورات القتالية والتدريب على الطبيعة  في جبال أفغانستان ومدن العراق ، وعاشوا في ظروف صعبة يقاتلون ضد قوات الجيش الأمريكي المجهزين بأحسن المعدات والأسلحة والخطط ، حيث مستعدون للموت والتضحية والفداء نظير قناعات وإيمان صادق بالدفاع عن أراض العرب والمسلمين من أن تنتهك من قبل الآخرين ، أما الجنود الأمريكان والحلفاء ، ليس لديهم العزم القوي للقتال حيث لا يريدون التضحية والموت لأنهم مرغمون على تنفيذ الأوامر …

الدليل القاطع على الشجاعة الغير عادية والمواجهة القوية شهور الثورة لكتائب الطاغية المجهزين بأرقى أنواع السلاح والمعدات والتغذية الجيدة ، وإنتصروا غصبا عن المقبور وقتلوه شر قتله ، وهو يطلب ويترجى في الرحمة والشفقة بأن لا يعذب ولا يقتل ويقول بذهول أنا كبير بالسن وفي عمر أباؤكم ، ولم يرحموه حيث لم يدع مجال للرحمة والشفقة بالقلوب نظير الإرهاب والتسلط !
والشكر العميق الجزيل لكل حليف وصديق ساهم وساعد في المناصرة والقضاء على الطاغية المقبور ، ولكن وطننا ليس مختبر للتجارب ، ولا مزرعة حتى يقطف ثمارها الآخرون من الأجانب ويتركوننا في إحتياج ...
 نحن كشعب حر مستقل منتصر على الإرهاب والطغيان ، يجب الإعتراف بصدق وضمير والسماع لأي مواطن ليبي بالحق وبالحوار الهادف الصادق عن أي مطلب عن طريق السلم والسلام وليس بإتخاذ القوة كتعبير، لأن العنف يولد العنف ...
نعم لدينا مساوىء عامة كثيرة ،، أهمها التطرف الإسلامي والجماعة الذين يطالبون بالفيدرالية وعدم المركزية ، والإستغلال للسلطات من البعض للظهور وبالأخص في الإنتخابات والفوز بها ، التي في الظاهر جيدة كأول خطوة في طريق الديمقراطية والترشيح ، ولكن لها خفايا عديدة وأيادي سوداء لعبت فيها ، ومرت على الشعب بدون تساؤلات  وسيق للذبح بدون أن يعرف وصوت للبعض عن جهل نظير السماع والتحدي للمتطرفين الإسلاميين ، وللأسف ؟؟ ولكن الطريق طويلة والوطن ليبيا لها عشم ، وكل من أراد لها السوء يوما سيدفع الثمن ؟؟

بالماضي مدينة درنة كل النكسات كانت مع أطراف خارجية من البشر نجد لها الأعذار وتفسر بعدة تفسيرات ، ولكن التعدي والتحدي على القدسيات والغيبيات الربانية والموتى الأبطال بالقبور منذ ألف سنة وعدة قرون ، أمر خطير يحتاج إلى علم وتفسير ، مثل  إلقاء عبوة ناسفة على ضريح أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحابة بمدينة درنة ، أحد المعالم الأساسية لمدينة درنة الذي يقدسه الجميع بدون أي إستثناءات ، وسقوط المبنى والحمد لله عز وجل لا ضرر لأي إنسان … لكن الضرر معنوي وكبير وفي نظري أكبر إهانة وتحدي لأهالي المدينة ، هذا الأمر خطير جدا وله أبعاد كبيرة يوما سوف تدفع المدينة الثمن الغالي نظير الفعل الشائن ، وتساؤلاتي هل وقع هذا الأمر من أحد المغالين المتطرفين السلفيين ، أم عن دراسة بخبث وكيد مدبر من القوى الخفية  حتى تزداد النقمة عليهم ، ويبدأ الإنتقام منهم من الجماهير ، حيث في الآونة الأخيرة المدينة تمر بإرهاصة كبيرة ومسيرة تحول شديدة في العهد الجديد ، الكثيرون لا يعلمون إلى أين تؤدي ؟؟
هل  للخير أم للشرمن مخاطر ومتاهات ، ممكن للرقي والسمو أم إلى الحضيض والتهميش ، إنني لا أعرف الجواب الشافي في الوقت الحاضر نظير الضباب المخيم والصراع الدائر على الحكم ، ولكن في نظري المدينة تحتاج إلى قيادات قوية تعرف معظم الأبعاد الداخلية والخارجية وماذا يحاك من مؤامرات، ودراستها دراسة جيدة بصبر ، والعزم والحسم في إتخاذ القرار الصعب بدون رجوع ولا رحمة ولا شفقة ، وعدم إستعمال العنف ضد المواطنين المتهمين بدون دلائل أكيدة تحت أي ظرف فنحن لا نعرف من نحارب ، حيث المتطرفون من جميع الإتجاهات في الخفاء ووراء الستار ( القاعدة + السلفيون + الإخوان المسلمون + الفيدراليون + العلمانيون + الطابور الخامس ) جميع هذه الفئات بالمدينة الصغيرة ، وسوف تتعطل المسيرة والتقدم لو دخلنا في الصراع والعنف ضدهم بالقوة ،
ونصيحتي الحوار الهادف والسمع منهم بدون تشنج ولا غضب ولا تحديات فنحن إخوة مسلمون نوحد بالله الواحد الأحد ، مسالمون وندعوا للسلام حتى يعم الأمن والأمان ، يجمعنا وطن واحد كبير يسع الجميع ، ولدينا خيرات كثيرة ونعم بدون حدود من الله عز وجل ، وممكن مع الوقت نصل لحلول تحفظ ماء الوجه وتشرف الجميع …

أخيرا أطلب من الله عزوجل أن يمن علينا بتهدئة القلوب وإختيار ممثلينا الصالحين الشرفاء وعدم التهميش لكثير من المدن والقرى الليبية على إمتداد ليبيا وبالأخص المنطقة الشرقية ، ونحن لدينا الدخل الخيالي ، وأن نجلس معا في حوارات جادة حتى نصل للهدف ضمن العقيدة والشريعة السمحاء للدين الإسلامي والمبادىء السامية والأخلاق الحميدة التي هي الأساس للرقي والنهوض بالوطن ... والله الموفق …

                                                         رجب المبروك زعطوط

                                                              2012/7/11م