Sunday, January 31, 2016

قصصنا الرمزية 22

بسم الله الرحمن الرحيم

 المخاض

          في هذا الوقت والأيام الصعبة من الهرج والمرج والقتل والخطف وطلب الفديات الضخمة لإطلاق سراح بعض الأسرى الميسورين ، في غابة المختار بدون توقف ولا أخذ إستراحة بسيطة حتى نرتاح ونشم الأنفاس ... نمر بفترة حرجة والكثير من الألم يعصرها بشدة ،  يكاد أن يقضي عليها نتيجة المخاض الشديد الصعب الذي لم نكن متعودين عليه، وليس لنا سابق الخبرة والتجربة على الطبيعة غير السماع والقراءة والمشاهدة للأحداث الدموية المؤسفة والحزينة ، الكثيرة  ، صورة وصوت في القنوات الفضائية العديدة والشبكات العنكبوتية ما يحدث للآخرين من الشعوب من مآسي وحزن نظير التطاحن والتناحر على البقاء والسلطة التي خلفت الدمار والخراب ، والتي حدثت وتحدث الآن لدينا يوميا على الطبيعة ... لا أحد من الأجيال الماضية كان  يتوقع  ان تحدث هذه الامور العجيبة الغريبة من مرض خطير إسمه ( غياب الضمير ) الذي حل علينا نظير الضغط والحرمان خلال اربعة عقود ونيف من الزمن ، من حكم طاغية وجهلة عوام حيوانات ناطقة بدون ضمير ولا ولاء !!!


وأبناء الشعب من حملان وديعة وقت التمرد والثورة بقدرة القادر وبسرعة في فترة بسيطة أصبحوا أسودا شرسة ، وقت الصدام والمواجهة يفضلوا الموت على الحياة ....

         والسبب لماذا حدثت وتحدث هذه الأمور على هذا المستوى الكبير المحير الذي الباحث والمتسائل يجد نفسه فى متاهة حلقة كبيرة يدور فيها بدون مخرج قريب سهل يستطيع النفاذ منه بسهولة للنجاة وبر الأمان ، ونتيجة البحث الطويل والتدقيق عن الأسباب المهمة والتي إحداها ، الثراء الفاحش للغابة من الثروات والمعادن الطبيعية تحت الأرض وفوقها والتي الكثير منها لم تكتشف بعد ، وأهمها في الوقت الحاضر النفط والموقع الجيد وجودة الطقس طوال السنة والآثار الشامخة من بقايا الحضارات السابقة ، بالإضافة إلى الموقع الجيد في منتصف العالم القديم قريبة من غابات أخريات من الشمال للجنوب أفريقيا السمراء التي الوصول لها في ساعات قليلة طيران عبر الأجواء ...  غابة ( السباغيتي ، والبيتزا) تحاول جاهدة ترجيع مجدها السابق وحكم غابة المختار التي خرجت من تحت سيطرتها عندما أصيبت بالهزيمة في الحرب العالمية الثانية ، بغزوها مرة أخرى طمعا في الثروات التي تم إكتشاف بعضها والكثير  منها لم يكتشف بعد ...  بطرق أخرى تختلف كثيرا عن الغزو السابق منذ حوالي قرن مضى ، الذي فرض بالجنود والقوة والقتل والشنق لمن يرفض الوجود وإستعمارهم للأرض وطرد أصحابها الأصليين وهي ليست ملكا لهم تحت أي ظرف كان .... 

           الآن الغزو والإحتلال بطرق جديدة حديثة بالحيل و الدهاء والحصار والإحتكار التجاري والسياسي عن طريق العملاء المأجورين في غابة المختار لقاء جاه ومراكز زائلة يوما من الأيام مهما طالت حيث لا يصح إلا الصحيح ...  أدعياء الوطنية والقومية للنجمة والهلال وهم بعيدين عن الإيمان ، حيث كان الاستعمار الأول عن طريق البندقية وعشرات الآلاف من الجنود الذين  داسوا بالأقدام تراب غابة المختار الطاهرة وعاثوا الفساد والإفساد في الحرث والنسل طيلة ثلاثة عقود ونيف من الزمن ... والآن الإستعمار تغير بمرور الزمن والتقدم وبالأخص في عصر العولمة حيث سهولة المواصلات والإتصالات جعلت الجميع في الغابة الكبيرة شبه جيران وليسوا مثل السابق حيث خلال وقت وجيز عدة ساعات طيران يصل الحيوان الناطق منها إلى أي مكان آخر عبر الأجواء والتي بالماضي كانت تحتاج إلى شهور في السير والترحال على الدواب وبالمراكب عبر البحار حتى الوصول للمكان المنشود المطلوب والسبب التقدم في العلوم  ، والتي نحن فى الغابة في الوقت الحاضر غير مهتمين بالعلم كما يجب ، نجري ونسعى بكل القوة وراء البقاء أحياءا والسلامة و الأمن والأمان من رصاص القناصين لخلق أجواء الرعب والخوف في الأوساط وسقوط القذائف والصواريخ العشوائية من السماء على رؤوس الابرياء المظلومين ، الذي أصبحت الآن النجاة والسلامة والحفاظ على النفس والبقاء أحياءا أساس العيش والحياة ...
               للأسف ثروتنا موجهة لشراء السلاح بحجج الدفاع عن  النفس وسحق الإرهاب والذي صعب القضاء عليه بسهولة كما يتوقع الغافلين ...   حيث سرى في غابة المختار الورم الخبيث ، السرطان في الدم والجسد الصعب علاجه وكل يوم ينهش الجسم حتى يسقط  صريعا ضحية نتيجة أحداث المخاض الشديد، والنهب للثروات بطرق شيطانية يعجز  الشيطان الرجيم عن إتيانها ... الوحوش الناطقة ناسية صلات الدم والرحم القربى والمصير الواحد وتناحر الأخ مع اخيه ،، طمعا فى البقاء والسلطة بأي ثمن كان ... تاركين وراء الظهر بلا مبالاة الرحمة والشفقة لقاء المصلحة، متناسين وجود الله تعالى الخالق الأحد العين الساهرة التي يقظة طوال الوقت عبر الدهر والزمن إلى ماشاء ... تسجل كل ذرة من الخير والشر للحيوان الناطق للعرض يوم الحساب.

               فى هذا الوقت الآن تدنت وهبطت أسعار النفط إلى مستوى كبير حوالي الثلثين من قيمة البيع السابقة في فترة وجيزة والسبب المقنع صعب الوصول له، ولكن من وجهة نظرى نتيجة أبعاد عديدة تطبخ في مطبخ الصراع بين السادة الكبار القوى الخفية للوصول للأهداف ضمن التغطية المناسبة لجعل البعض من الغابات تركع تحت غطاء السلام الذي عم وكثرة الإنتاج للحصول على مبالغ أخرى كبيرة لتعوض النقص فى الميزانيات العامة التي بها أرقاما كبيرة مفتعلة كما في غابة المختار بدون تقنين وخصومات ووقف وقطع للكثير من التراهات المرهقة الزائدة عن الحد ...  وفتيل الحروب بدأ يتناقص نظير الوفاق والحوار الذي وصل في الوقت الحاضر إلى مستوى جيد من إدارة حمار النسر رعاة البقر حيث مدوا الأيادي بالسلام للخصوم بالماضي، غابة أقوام (العجم ، وغابة السيجار) وسبحانك رب العالمين تغيرت الصور الماضية القاتمة من أعداءا إلى أصدقاءا في وقت قريب نظير الحوار بالمنطق والأخذ والعطاء لا غالبا ولا مغلوبا لأي طرف ، محاولين محو الشرور الماضية و كنس مآسي وقذارة الماضي التي خلفها الفيل وراءه من فضلات قاذورات وأوساخ، أضرت بالكثيرين والربح الكبير ذهب إلى جيوب وحسابات البعض المجرمين تجار الدم، على حساب دماء الضحايا وآلام الشعوب المهزومة ، أليست بمأساة؟؟

    في غابتنا المختار توقعاتي عن قريب سوف نجتاز الأزمات المفتعلة وتهدأ الأحوال وتستقر بإذن الله تعالى ويتوقف الصراع الدامي على السلطة حيث هبوط اسعار النفط العالمى يؤثر تأثيرا كبيرا على الصراع الدموي لدينا، حيث غابتنا فى الوقت الحاضر بقاؤها ثرية إلى الآن بعد هلاك الطاغية وزوال جماهيرية العوام الغوغائية ، تصرف وتنفق من الأرصدة الرهيبة الكبيرة المخزونة سابقا والذي معظمها ضاعت  فى النهب والسرقات لتسمين حسابات المجرمين القطط السمان بالخارج، والتي مسجلة بمهارة ودهاء بعدة أسماء و شركات وهمية... الأذكياء المحظوظين محتاطين لليوم الأسود في حالة الهرب فجأة والعيش بالخارج أمراء ذوي غنى فاحش مدى الحياة ، صعب متابعتها حتى لا يتم الحجز عليها يوما بقوة القانون لصالح غابة المختار حيث المال عام ... 

               الإعتماد القوي لغابة المختار في الوقت الحاضر على تصدير النفط ومشتقاته من كثير من الأصناف للخارج مما الهبوط في الأسعار بنسب كبيرة يؤلف مآسي كثيرة ، ولكن (عسى أن تكرهوا شيئا وهو خيرا لكم) حيث الإفلاس وضيق ذات اليد في بعض الأحيان رحمة ونعمة جزيلة ، نتيجتها المرور بالمحن الصعبة .... عسى أن يتوقف الطمع  سواءا كان محليا أم خارجيا ونتعلم الدرس القاسي من الواقع ، وجميع الشوائب القادمة من الخارج بحجج الجهاد ونصرة وإصلاح الدين من الخوارج المرتدين سوف تتقلص وتنكمش ومع الوقت تنعدم تدريجيا إلى الأبد ، حيث لا وجود للدعم المادي الكبير ولا المال الكثير في الحصول عليه بطرق شريرة ملتوية مثل السابق مما مع الوقت سوف نستقر والأمن والأمان يسود، ويتحقق السلام للجميع وتحل البسمة على الشفاه من الفرحة والسرور ،،وترجع السعادة ، المفقودة الآن الى سابق عهدها ... حيث سنة الحياة وشريعتها لا شئ خالدا يدوم ، إلا وجود الخالق الله تعالى الذي حيا لا يموت !!!!!

               الغابة الكبيرة تمر بمرحلة صراع كبير على البقاء والسلطة للبعض ومنذ فترة بسيطة، تسربت وظهرت على الأضواء والعلن معلومات أوراقا سرية خاصة بالمراسلات فى الشبكة العنكبوتية مع السيدة الأولى سابقا فى غابة النسر   رعاة البقر مما خلقت زوبعة كبيرة وهز الغربال بقوة و فضح  الكثير من الخفايا والأسرار، مما أصبحت الكثير من المعايير والموازين في إرتباك ،  لو صدقت المضامين فيها وبالأخص تجاه غابتنا المختار ، تصبح مصيبة كبيرة ومأساة ، حيث نحن نباع ونشتري في السوق السوداء للعالم  الكبير   بأرخص الأسعار غافلين عما يحاك لنا من شرور وكيف الإستعمار من الغرب لن يتوقف عن الحرب الخفية النفسية حتى لا نرتاح ونفلس ونركع رغما عنا ونصبح مطايا تحت رهن الإشارة بدون التساؤلات لماذا ؟؟؟ قرارنا ليس بأيدي أولاة الأمر منا ، كما نتشدق وندعي لتمرير الأمر على الغافلين الخاملين الذين يعيشون في الأحلام ، بل مستوردا من الآخرين التماسيح الأقوياء الذين يضعون لنا خطوط السير في الطريق بنظام لخدمة مصالحهم  ، ونحن نطبق التعليمات بحذافيرها في الغفلة إن أردنا العيش والحياة ...

                والتساؤلات الكبيرة التي ليست لها أجوبة شافية ، لماذا خروج هذه المراسلات السرية في الوقت الحاضر ؟؟ هل أصلية وليست  مصطنعة أو مفتعلة ، ودس الشك والفتن لخدمة أغراض معينة بالمستقبل للسادة التماسيح الكبار !!  هل هى مكيدة للسيدة الأولى سابقا حتى تفشل في ترشيح نفسها مندوبا عن الحمار في غابة النسر رعاة البقر لكرسى الرئاسة والوصول للمكتب البيضاوي  والذي سبق وكانت مقيمة فيه ثمانية سنوات مع زوجها الممتاز الذي ناصر قضايا المظلومين بالحق والدعم في البوسنة والهرسك بالماضي  أم ضد أقوام البرج الحديدي الذين في العلن أصدقاءا وحلفاءا والواقع وبالسر خصوما أشداءا كل طرف يحفر للآخر بدهاء وصمت  ؟؟ أم لخلق الإشتباه وإشاعة الشك والخداع في أوساطنا  حتى لا نرتاح ولا نبدع ؟؟ غابتنا المختار في الوسط  ، وسط التناحر كسيحة ضحية تحاول شم الأنفاس ، ألم المخاض العسير يعصرها بقوة غير قادرة على الولادة براحة ويسر حتى ترتاح من الألم والإرهاب و القتل العشوائي والدم ، وخروج الجنين حيا معافى الذي جميعنا نطلب من الله تعالى لها السلامة في الوضع والنهوض والتقدم ، والخلاص من النهش والإلتهام والسيطرة من أطراف عديدة تتحين الفرص السانحة محاولين الحصول على الفريسة الشهية ، غابتنا المعطاة الغنية ، غير  آبهين  بنا ، ولا فى الحساب محسوبين إن كنا أحياءا أم أموات ، ونحن أصحابها الشرعيين أليست بمأساة؟؟ !!!! 

       الواقع المرير نحن السبب في الضرر لأنفسنا، لم نتبع الحق والطريق السوي بالمنطق بالعلم والمعرفة ، والفهم بمجريات الأمور في العلاقات الداخلية والخارجية ، لأننا خاملين لا نحب كثرة القراءة والإطلاع ، ونتعلم من الأحداث السابقة القاسية المؤلمة عبر التاريخ الحديث التى حدثت للكثيرين ونأخذ منها عبرا ودروسا للمستقبل حتى لا تتكرر الأخطاء ولا نستطيع النهوض ، حيث بأفكارنا وأعمالنا وتطاحننا وصلنا لهذا الحال المؤسف وفتحنا جروحا عميقة غائرة نظير الأخطاء والإندفاع وعدم الصبر التي حدثت فى وقت قصير نظير الجهل والخداع ، غير قادرين على علاجها وشفاؤها بسرعة تحتاج الى وقت طويل من العناية والتمريض الجيد عسى أن تلتئم وتشفى من الألم ، ويزول المخاض ويتوقف وترتاح غابة المختار من الآلام ومرض غياب الضمير وعدم الولاء ... والله الموفق ...

                                                       رجب المبروك زعطوط

Saturday, January 30, 2016

قصصنا الرمزية 21

بسم الله الرحمن الرحيم

 غياب الضمير

              غياب الضمير لدى الحيوانات الناطقة المرضى بها    في الغابة الكبيرة  مصيبة وآفة قاتلة ومأساة لمن يصاب به ، مرض خبيث أورام سرطانية ، لا علاج لها الا البتر بقوة ، حلت بالنفوس يعاني منها الكثير من الشعوب بالغابة الكبيرة وبالأخص هذا المرض الخطير إستحوذ على شعب غابة المختار الصغيرة في العدد والكبيرة في المساحة ، التى تستوعب عشرات الملايين في الإقامة والسكن، وإنتشر بقوة حديثاً بدون علاج وبتر له من الأساس، نظير عدم وجود الدولة القوية العادلة وغياب القانون الذي يضرب بيد من حديد ، يد أي مجرم خبيث يحاول التعدي على الغير بدون وجه حق والتى غابتنا من الطهارة والأمن والآمان الذي كانت مميزة به يضرب بها المثل بالسابق في السلم والسلام ، والسير الصحيح على الطريق السوي حسب الأصول والنظم المتعارف عليها بين جميع الأمم ....


دارت الأيام وتغيرت من أقصى اليمين إلى أقصى الشمال في فترة سنين ، سقطت في الهاوية نظير الفساد والإفساد وبالأخص للذمم نظير الجهل والمكابرة والغرور في النفوس بأنهم مميزين ، أيام حكم الجماهير وعلى رأسهم الطاغية المغرور المجنون بداء العظمة اللعين والواقع المرير الظن والأحلام كانت قمة الخطأ، حيث كانت تفاهات وتراهات مصائب قاتلة لها عواقب كبيرة، نتيجة التدجيل والتطبيل مما قدم شعب غابة المختار آلاف الضحايا، من القتلى والجرحى والمعاقين ، والدمار للبنية التحتية وخراب النفوس والتى نحتاج الى أجيال حتى ننهض ونجدد الدم الفاسد الى آخر أحمر قاني مقابل الحرية والخلاص من العبودية وتفاهات الكتاب الأخضر

      أولاة الأمر بغابة المختار الآن لم يعرفوا كيف يخرجوا من     الأزمات المفتعلة الخانقة بسلام من عنق الزجاجة الذين هم الأساس من ورائها بقصد وبدون قصد نظير عدم المعرفة والجهل، ناسين أنه بدون دراسات ووضع هدف مميز كعنوان للسير ومتناسين أنه من غير التصميم والعمل الدؤوب وإستعمال العقل والحكمة، لا فوز ولا نجاح... يدورون  دائماً في نفس الحلقات والمتاهات ... لا يعرفوا أنصاف الحلول حتى تمر الأزمة على سلام بأقل الأضرار ، تنقصهم الخبرة والتجربة ولم يأخذوا عبرا ودروسا من بعض الشعوب بالغابة الكبيرة أمثال ( الساموراي، والعرق الآري المميز ) الذين عانوا الكثير من الويلات، وخسروا الحروب الشرسة...  وإحتلت غاباتهم بالقوة ومروا بالأزمات الخانقة القاتلة وخرجوا منها وتجاوزوها بالصبر والكفاح والتضحية بالكثير وتحكيم العقل والجهد في العمل مما أصبحوا خلال  وقت قصير ، مميزين و في المقدمة...  قديما منذ عقود عندما بدأ المرض السرطاني الخبيث يتغلغل ويسري بالنفوس في الحيوانات الناطقة في غابة المختار، قال العجوز الليبي وقتها قولا مأثورا لم يهتم به الكثيرين ، كلمات مأثورة نابعة من القلب والضمير حزنا وأسى على الوضع المشين ومآل الغابة المتدهور والسقوط للحضيض في مخالب الشر (في غياب الضمير، ضاعت المعايير، أصبح الصعلوك أمير، والحر أخير ) فسبحانك رب العالمين مغير الحال إلى أحوال أخرى بسرعة ، حيث كنا بالسابق أيام العز والاستقلال قبل إكتشاف النفط ،  فقراءا محتاجين ولكن عفيفين شرفاء طاهرين لا نرضى بالفساد والإفساد ، لا نمد الأيادي لكل من هب و دب ... كانت لدينا النفوس الطيبة ، العزة والكرامة والصدق في الوعد والعهد ، كنا راضين شاكرين حامدين الله تعالى بالذي أعطانا و وهبنا من خير عميم .... كنا ذوي تقوى وإيمان نابع من الروح وأعماق القلوب .... يكفينا شرفا أنه كان لدينا مليون حافظ وقارئ لكتاب الله تعالى القرآن المصحف الشريف في وطن تعداده بضعة ملايين ... لا نعرف الخبث ولا الدسائس الشريرة ولا الصراع على المال والكرسي للحكم والسلطان لا نفكر فى إتيان الشرور ... القتل والدم وقطع أعناق الأبرياء المظلومين  
مهما كانت الإغراءات....
  كنا أصحاء البنية بدون أمراض العصر الكثيرة بلا عدد ، ذوي حيوية ونشاط ، طعامنا محلى من إنتاج خيرات الارض الطبيعية بدون سماد ولا إستيراد الكثير من المواد الغذائية عبر البحار،  معتمدين على الغير مثل حالتنا المؤسفة اليوم ، والذى لا قدر الله تعالى لو تعطل الإستيراد لبعض المواد الغذائية الرئيسية اربعة او خمسة أشهر لا نستطيع ان نقاوم حيث لا مخزون كافي وبالتالي سوف يقفز البعض على البعض مقابل الطعام لسد جوع العائلة والصغار ....


 بالماضي لم نكن نعرف الإستيراد مهما كان للمواد الغذائية الرئيسية المختلفة ، اللحوم والألبان ومشتقاتها من عدة أصناف والدواجن والبيض بكثرة وأرخص الأسعار ، نظيرالعمل بالجهد والعرق من الأجداد والآباء، في الرعي في البراري والتربية للبعض في البيوت في الفضاءات الملحقة التي بها زراعة العديد من البهارات والنعناع والريحان وغيرها من الذي نحتاجه لطبخ الطعام ... الزرع والحصاد للمحاصيل  بدون  استعمال المبيدات ... ولا نعرف تسمين الماشية ، ندعها ترعى في أرض الله تعالى الواسعة طعامها عضوي طبيعي ليس به اي نوع من أنواع الأعلاف الصناعية المركزة التي الآن في عصرنا الحاضر عشرات الأصناف ، للبيع معروضة في الأسواق .....

             لم نتخذ عبرة من خطاب الأسد العجوز ( الإدريس ) عندما خطب وألقى كلمة بليغة في الصميم لمن يفهم ويتعظ، يوم شحن وتصدير أول باخرة نفط إلى الخارج في بداية الستينات من القرن الماضي عندما ضغط على زر الأنبوب الكبير لشحن آلاف الأطنان للتعبئة في ساعات ، طالبا من الله تعالى أن يجعله خيرا ونعمة وليست شقاءا و نقمة، وأثبتت الايام أنه نقمة ولعنة علينا حيث جميع انظار حيوانات شعوب  الغابة الكبيرة الناطقة ومغامريها من أفراد وفئات ودول ، تحولت بقدرة قادر بسرعة إلى غابة المختار طمعا في الحصول على جزء من عصيدة المولد وحلويات العيد ...

               لم يكن متوقعا هذا المصدر والدخل الكبير حتى في الأحلام لحيواناتها الناطقة بالضاد، الذي جعلها مابين يوم وليلة من فقر مدقع وإحتياج تعيش على المساعدات والدخل البسيط من المعاهدات وتأجير المطارات بالشرق ( العدم ) لقوات  الأسد العجوز ، جنوب طبرق ، و بالغرب ( هويلس ) في شرق مشارف العاصمة طرابلس إلى قوات النسر رعاة البقر،   إلى غنى وثراء فاحش مما جعلها من أغنى الدول حسب تعداد شعبها البسيط وقتها والذي كان يوم الإستقلال في أوائل الخمسينات من القرن الماضي العشرين 1951/12/24م ، كان عدد سكانها حوالي ثلاثة ارباع المليون نسمة حسب تعداد الأمم المتحدة .... والآن بعد مرور حوالي سبعة عقود على نهاية الحرب العالمية وزوال الإحتلال والغزو الايطالى الغاشم وخروج المستعمر الفاشيستي رغما عنه نظير الهزائم  وخسارة المحور الحرب الشرسة مع الحلفاء إلى الأبد ، زاد العدد إلى عشرة أضعاف نسمة مواطن نصف العدد ليسوا مواطنيين أبا عن جد الجد أصليين أصيلين بل مجنسين من دول عديدة وبالأخص من شعوب افريقيا والجيران ...

              قديما بالسابق أقوام الشمال يقولون عن غابة المختار كناية وإستهزاءا عليها أنها (صندوق الرمال الفارغة) شحيحة المياه ليس بها حياة، لا فائدة فيها ، ناسين ومتناسين الحضارات السابقة التي سادت وبادت.... أثارها الشامخة عناوين على الحياة بالسابق في قديم الزمن ، وهبوط الثروة فجأة نظير إكتشاف النفط بغزارة ، تغيرت الكناية إلى طمع ، وحلت بها المصائب والشقاء والمعاناة ، ثورات وتمرد ودماء من أجل السيطرة على النفط بأي ثمن كان من الغرب الذي تركنا فترة في زوايا النسيان لأننا فقراء ولا يريد زيادة الأعباء نعمل كما نشاء متناسيا لنا كأنه لا يعرفنا، ينتظر ويعد لنا  الأخطاء ويعمل في الخفاء والسر المكائد المناسبة ، حتى يتحصل على الحجج للقفز والإحتلال من جديد بطرق حديثة، مثل الصياد الصابر الجالس وقتا على الحاجز الصخري للبحر العميق  طويلا ينتظر  رحمة الله تعالى ، مادا الخيط مسافة ، تاركا الصنارة بطعمها إغراءا للسمك حتى يصطاد أي سمكة والذي شاء سوء حظنا أننا كنا الضحية غابة المختار بكاملها السمكة الكبيرة التي تناولت الطعم نظير الجهل وطيبة النفس وعدم المعرفة والأخطاء...

               الغرب للوصول للغرض بأسرع الطرق حتى يحكم ويتحكم بالمؤامرات والخداع التي يعجز الشيطان الرجيم عن إيتانها من حيل و خداع ، ضحى بالقليل من حيواناته الناطقة عن قصد وسابق الترصد والإصرار بالأمور الخاطئة الشريرة تغطية للأنظار المتسائلة لماذا لا يتحرك ويقاوم الخوارج المرتدين الذين من صنع حلفائه صنائعا للنجمة السداسية الزرقاء حتى تكتمل المؤامرة ويصبح من الصعب كشفها... دسوا في أوساطنا الجماعات المتطرفة، وأشاعوا الإرهاب وقطع الرؤوس لكل من يعارض مسيرتهم الشريرة بدعوى الإصلاح للدين والحكم بالشرع ، كما في بدايات دولة الاسلام ، عارفين ودارسين أننا شعوب عواطف مجازفين تغلي الدماء في العروق والشرايين بسرعة، والرد بالعنف بدون التأكد من أسرار اللعبة الخبيثة لدمارنا ، ولا نعرف كيف تدار ومن وراءها حتى نتوقف ونصبر ...

             وللأسف الشديد نظير الجهل وعدم المعرفة حساسين لا نستطيع المعارضة لأي موضوع ديني ولو على خطأ القصد وراؤه التضليل حيث الأمر مقدس ... مما بلعنا الطعم بسرعة من غير أن نعرف اللعبة الدولية ومايحاك لنا بمهارة من حفر ومكائد وخداع من أساطين وإساتذة الشر، ودفعنا الثمن الغالي من ارواح ودماء عشرات الآلاف من الضحايا القتلى  و الجرحى والمعوقين الذين ضاعوا من أجل إحقاق الحق والخلاص، عسى أن نأخذ بالمستقبل عبرا ونتعلم الدرس ...   كل شئ بإذن الله تعالى ، المولى العليم يسير الأمور في ملكه الواسع الذي لا حدود له حيث مهما وصلنا من علوم ومعرفة ، لا نفقه الا القليل كما يشاء ويرضى على عباده الأتقياء الصالحين ...  وهبنا النعم الجزيلة بدون منن ، ونحن بدلا من الحمد والشكر والنهوض بغابة المختار من الحضيض حتى تقف على قدميها ويعيش شعبها في سعادة وفرح ، إستعمل الطاغية وإستغل نظام الجهل الغوغائي حكم الجماهير ، الدخل الرهيب ، قوة المال من عائدات تصدير النفط في الإرهاب والشر والفساد والإفساد للذمم ، بدلا من صرف الخير العميم على حيواناتها الناطقة في السلام والبناء والتعمير ، ومد يد المساعدة للآخرين المحتاجين وبالأخص الجيران أولاد العم الذين تربطنا بهم   صلات الدم والرحم والمصير ، و الذين البعض منهم  يعانون  شظف العيش ولقمة الطعام الحلال للأفواه الجائعة!!!

             سبحانك رب العالمين تهب الملك والسلطان لمن تشاء وترضى، وتنزعه متى تشاء لتعطينا دروسا وعبرا أن البقاء للعدل الذي هو أساس الحكم ، ونظام الجهل الغوغائي ... إنتهى وزال منذ فترة قليلة من على كاهل غابة المختار ، وأصبح مرميا في قمامة التاريخ، يذكر باللعنات عندما يتطرق الحديث عنه ....

            مسيرة الحياة دورة مثل الكرة، تدور إلى ماشاء الله تعالى ورجعت الكرة علينا بعنف نظير فعل الإرهاب والشر، نظير الفساد والإفساد في الحرث وقتل النفس البريئة بدون وجه حق ولا عدل ، ومع الوقت قدمنا ودفعنا الثمن الغالي من الأرواح والدم والدمار والخراب لغابة المختار والتي نحتاج إلى عشرات السنين عسى ان نعوض القليل بالجهد والكفاح والأمل  ، حيث دمار الأرض والعمار والبنية التحتية ممكن تعويضها بالمال بسرعة بالتخطيط الجيد والدراسات والبناء والتنفيذ على أرقى وأجمل الصور الحديثة مواكبة للزمن ، خلال بعض السنوات القادمة وترجع غابة المختار تلمع من جديد حرة أبية بسواعد أبنائها الغيورين الوطنيين ...

            ولكن للأسف الشديد ضياع الضحايا الوطنيين الأبرياء و خراب النفوس وفساد الذمم لا يعوض بأي مال وسعر كان ، مهما كان الرقم كبيرا ...  نحتاج إلى أجيال عديدة و عشرات السنين ، حيث سنة وشريعة الحياة منذ الأزل ... الدائرة تدور وبالأخص على ذوي الشر، عديمي الضمير... والله الموفق ...

رجب المبروك زعطوط

Wednesday, January 27, 2016

قصصنا الرمزية 20

بسم الله الرحمن الرحيم

 الصلاة

 ترددت كثيرا قبل أن أكتب عن هذا الموضوع الكبير المهم العميق الروحاني لطمأنة النفوس التي تريد الفوز والنجاح في الدنيا والآخرة ، وهو موضوع  ليس بسهل الخوض فيه خوفا من التقصير في الشرح الكافي المستفيض ....الصلاة لله تعالى بخشوع وضمير هي العروة الوثقى والحبل المتين والإتصال الدائم رأسا للعبد المؤمن الصالح مع الخالق ، والركن الثاني المهم لدين التوحيد الإسلام....  وجدت النفس بعد مضى فترة من التفكير العميق أنها مرتاحة للكتابة عنها قدر المستطاع والمتاح من علم ومعرفة عسى أن يستفيد البعض من شرحها ، وتذوق حلاوتها بتأديتها في أوقاتها  والتمسك بها، حيث هي أحد الأركان الخمسة والأساسات المهمة في الايمان....

                    نحن المسلمين المهتدين من أول يوم بهذه الدنيا ، كرمنا الله تعالى وشرفنا بعطفه ورضاه وولدنا في هذه الحياة المضطربة الصعبة من والدين أبا وأما موحدين مؤمنين بعقيدة الإسلام عن صدق ويقين ... عن إيمان نابع من اعماق الروح والنفس حسب فهمهم في تلك السنين التي مر عليها أكثر من قرن ونيف من تاريخ ولادتهم وماتوا وتوفوا منذ أكثر من اربعة عقود (عليهم الرحمة وحسن الختام) ، طالبين الرحمة والغفران من ملك الملوك الذي حيا لا يموت على مدى الدهر والزمن ، أن يشملنا بالرعاية خلال العيش والحياة ، والختام يوم الممات بالمغفرة والرحمة حتى نقابل ربنا تعالى ونحن أخيارا مهتدين فائزين برضاه وجنة الخلد ..

               حيث الفرصة التى أتيحت لنا بالولادة مسلمين من أول يوم نعمة وشرف عظيم والحساب عسيرا علينا في تركها وعدم المبالاة في تأدية الشعائر الدينية بحق وصواب لأي أسباب كانت من الغواية والوسوسة من الشيطان الرجيم بالتأجيل المتعمد ، العقاب كبيرا حيث نعرف ونعلم ونتكلم لغة الضاد ، التي هي لغتنا وليس لنا أية حجج ، في الفهم والعلم والإدعاء بعدم وجود الترجمة الصحيحة من اللغات العديدة إلى لغة الضاد... حيث الكثيرين من المهتدين من مختلف الأجناس كرمهم الله تعالى بالنعمة الجليلة ، الإسلام ، ولا يعرفون  من لغة الضاد إلا القليل من حفظ وتلاوة القرآن العظيم ونطق الكلمات العربية بصعوبة ، مما الأجر لديهم كبيرا على الهداية والإيمان عن قناعة وضمير حبا في القرب إلى الله تعالى ، وضمان النجاة والنجاح دنيا وآخرة ....

                  كرم الله تعالى الإنسان ، سيدنا آدم عليه السلام  ، بالرحمة والغفران وعلو الشأن منذ الخلق الأول والأزل عندما أمر الملائكة الكرام بالسجود له تعظيما وتشريفا على الخلق في حكم وغيبيات مسجلة ومكتوبة في لوح القدر ....  نحن مهما أوتينا من علم ومعرفة، لا نعرف عنها أي شئ إلا الذي أخبرنا الله تعالى بها في القرآن الكريم العظيم .... الجميع لبوا ونفذوا الأمر الإلاهي وقارا للخالق وسجدوا لسيدنا آدم حسب الأمر طواعية بدون جبر ولا إكراه ورفض الشيطان الرجيم الأمر والإنصياع بحجة تافهة نظير الغرور والكبر بالنفس ، أن سيدنا آدم عليه السلام خلق من طين لازب وهو تم خلقه من نار السموم أفضل منه بكثير حسب إعتقاده الخاطئ ، تحديا ورفضا لأمر الله تعالى بالسجود ، مما بعد مساجلة مع الخالق بدون إستحياء ولا إحترام للذات الإلاهية طالبا مهلة إلى اليوم المعلوم حتى يجعل معظم ذرية سيدنا أدم عصاة  كافرين ....

                 لم يرتاح ويهدأ إبليس الوسواس الخناس عدونا الأساسي طوال الوقت للإنسان ، يوسوس بالإتجاه الخاطئ والغواية بالضلال وأقنع وزين الأمر بالمعصية لسيدنا آدم وسيدتنا حواء بالملك والخلود الدائم ، مما عصوا أمر الرب في غفلة ناسين أمر المنع البات بعدم الأكل من ثمار الشجرة الملعونة حيث محرما عليهم المساس بها تحت أي ظرف وسبب ، وأكلوا من ثمارها الملعونة نتيجة الغفلة والطمع، وغضب الرب سبحانه وتعالى على التعدي للأمر بالمنع والإتباع والغواية من الشيطان الرجيم، وطلب أدم الغفران والرحمة على الخطأ الذي وقعوا فيه، مما الله تعالى رحيما غفورا عاقبهما بالهبوط للأرض في حكمة إلاهية لا يعلمها إلا هوالخالق الأحد نهاياتها....

                  تم طرد الشيطان الرجيم شر طردة خارج الجنان الفيحاء والسعادة الأبدية على الفعل الشائن العظيم في حق الرب الكريم والذي بدون إستحياء ولا وقار للجليل نظير الكبر والغرور في مجادلة مع الخالق تعالى كما أخبرنا القرآن الكريم ....  الشيطان الرجيم طلب مهلة ووقت إلى اليوم المعلوم حتى يجعل معظم الجميع من ذرية سيدنا آدم ، كفرة وعصاة ، وأعطاه الخالق جل جلاله المهلة، كما طلب ، حتى لا تصبح له حجة قوية يستند عليها يوم القيامة والبعث .

                 يحتاج تحدي الشيطان الرجيم  إلى قوة الإيمان والعقيدة من طاهرين مؤمنين بالتوحيد عن قناعة من القلب والضمير ينفذون أوامر الله تعالى بخشوع ويقين من غير أي لغو   أو تساؤلات حيث مهما وصلوا من علوم ومعرفة لديهم القليل ، لا تؤلف شيئا أمام علم وعظمة الله تعالى الخالق حيث مخلوقين بشر وجان ومن جميع السلالات المعروفة والغير معروفة حتى الآن  ، ليسوا بمنزهين ، و لا آلهة مستواهم أعلى حتى يرفضوا تعاليم الخالق بالهداية والإيمان مما بالتقوى والسير على الطريق السوي تجعل الشيطان الرجيم حزينا من الأسى والغيظ على الفشل الذريع في غوايتهم ، ومهما فعل  من حيل وترغيب وخبث وغواية ووسوسة لعقولهم بالرفض للأوامر الإلاهية ، لا يستطيع ولا يجد القبول ...  إلا من بعض  الخاطئين ...

                  

                 الصلاة بخشوع ووقار نابع من القلب والضمير جامعة لأركان العقيدة الخمسة التوحيد والتي الكثيرون لا يعرفون حسناتها وعظمتها ومفعولها الجيد الحسن وقت  تأديتها بصدق ، وسريانها روحيا في أعماق روح و جسم  المؤمن من الإنس والجان عن قناعة ورضاء النفس بدون إكراه ولا جبر ، مهتدين إلى الصراط المستقيم ، حيث الكثيرون  جاهلين عصاة لا يؤدونها  كما يجب ... لا يعرفون حسناتها وقيمة المكافئات الجزيلة والعطايا والجوائز العظيمة بدون منن وحدود من الرب الخالق ، التي من كثرتها تجعل العاصي الشرس الوحش من الحيوانات الناطقة ، يؤمن بعقيدة ودين الإسلام ويستأنس ويصبح أليفا يدعو للخير والمحبة للجميع والسلام وعدم التعدي بأي صورة كانت على الآخرين ، بدون حق وعدل ....

                متابعة الصلاة للإنسان المهتدي المؤمن يوميا على مدار الساعة  ، عبادة وخشوع وفي نفس الوقت ممارسة الرياضة والحركة بدلا من الخمول حتى تيبس العروق ويصاب بالعجز المزمن وتصعب عليه الحركة...  رياضة يومية من وقوف في حضرة الخالق ،  متوجها إلى القبلة بيت الله الحرام ركوعا وسجودا أثناء التأدية حيث الحركة تجعل جميع حواس وغدد الجسم تستيقظ وتتفاعل مع بعض للمصلحة والخير العميم للجسد ويعيش المصلي في عالم نوراني روحاني آخر ليس له مثيل ووصف مهما حاولت!

                صدقا وحقا، يكافئ العبد مقابل الهداية والمواظبة على الصلاة جوائز ومكافئات من الله تعالى ، وليس تمثيلا  وتدجيلا ونفاق كما يحدث الآن من قبل كثيرين ، الغافلين عن تأدية الصلاة في أوقاتها كما يجب ، أو الذين يؤدونها بكسل وخمول و بصعوبة ...  يقنعون أنفسهم أنها واجب وعمل يقومون به ...  كالعادة المتبعة الكسل في أي عمل آخر كان ، كتغطية بدون الرغبة القوية والإشتياق لها وحبها بضمير ، ناسين العين الساهرة التي تراقب يقظة تسجل طوال الوقت والزمن بالعدل والإحسان و بدون ملل ولا خلل للجميع ، ولا تنسى أي ذرة مهما كانت صغيرة ضئيلة غير مرئية بالعين المجردة في السموات السبع ومثلهن من الارض ، متناسين يوم الحساب والعقاب على النفاق والرياء والخداع لله تعالى والبشر !!!!

               طهارة المؤمن للجسد والوضوء بالماء مهم جداً لتأدية الصلاة ، وإذا تعذر الأمر لأي سبب كان ،  أعطاه الرب الخالق رخص أن يتيمم على الحجر أو على الأرض النظيفة  الطاهرة ...  المهم النية السليمة للوضوء بصدق ، والصلاة الحسنة في الأداء والخشوع المقبولة والراضى عنها الله تعالى.... هي الإيمان الحق والفوز والنجاح والسير في الطريق السوي المؤدي إلى الجنة حيث المحظوظ الفائز يومها ، قابضا وممسكا بصحيفة أعماله ...  شهادة النجاح بيده اليمين والنور الإلاهي يشع ضياءا يشمله من كل مكان فرحا سعيدا بعمله الصالح ورضاء الله تعالى عليه ، ويمر مع الفائزين من جميع الأقوام المؤمنين بسهولة عبر أحد أبواب الجنة ، نظير العمل الخير والسعي لرضاء الخالق في الدنيا، وحراسها الموكولين بها سعداء فرحين يقرؤونه السلام ويحيونه بأجمل التحيات مهنئين على النجاح والفوز .... ويدخل بأمان مع الأنبياء والرسل والمهتدين الكرام الفائزين للعيش والإقامة فيها مكرما خالدا إلى أن يشاء الخالق الرحيم ....

                  أهم ركنين بالإسلام والتوحيد، الشهادة والصلاة، لا تجاوزات ولا رخص بالمنع البات فيهما للعبد المؤمن مهما كان الأمر، التوجه لله سبحانه وتعالى والنطق بالشهادة هي الخطوة الأولى الأساسية في دين التوحيد الهلال والنجمة ، في كل مكان بالأرض للإنس والجان ، ومن غير النطق بالشهادة عن قناعة من القلب والضمير بصدق، لا تصح الصلاة وتبطل وتصبح بدون فائدة، ولا المولى تعالى يؤيد وينصر العصاة حيث لا إيمان ووحدانية المساس والتعدي على العقيدة والدين الحنيف في أول الخطوات، والرفض لقول الشهادة والتوحيد والإيمان بأن الله تعالى هو المعبود الأوحد، وأن سيدنا محمد رسوله وخاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام، لا شركاء معه ولا رفيقة و لا ولد كما يدعي الكثيرون من الجهلة الضالين ... مهما كان الأمر حيث الرفض لقول الشهادة والإعتراف بها والإمتناع عن ذكرها بالقصد وسبق الإصرار ، شرك وكفر مبين ...

                قراءة سورة الفاتحة والصلاة بخشوع ، للخالق هي الصلة الروحية في التواصل والمهم توفر النية في العمل والتطبيق حيث لا أعذار مهما كانت للمنع وعدم الصلاة بأي حجج كانت وتأجيلها عن عمد ....  حيث يستطيع العبد المؤمن القيام بها في أي وقت خلال النهار من الفجر إلى المغرب قبل أن ينتهي ويحل اليوم الثاني عليها حتى لا تتراكم مع الوقت  وتصعب تأديتها....

                الصلاة مهما كان الوضع صعبا من سفر وترحال، من خوف من الأعداء والخصوم الذين يتحينون الفرص للهجوم  والإغارة على المصلين أثناء تأديتها ، المريض و مهما كان المؤمن عاجزا غير قادر على النهوض والركوع والسجود لأي أسباب صحية بالجسم ، له تجاوزات وإجازات ورخص من الخالق ، سبحانه وتعالى ، يستطيع أدائها في كثير من الأوضاع والصور من الجلوس على مقعد أو أي وضع مريح له، وطريح الفراش المريض العاجز المشلول عن طريق الحركة بيده وأصابعه، ولو تعذر الأمر برموش العيون ، بإذن الله تعالى الصلاة مقبولة الأداء حيث لم تنتسى وتترك أو تهمل !!!

             الركن الثالث  من الايمان هو الصيام و هو عبارة عن عدم الأكل والشرب من طلوع الفجر إلى غروب الشمس  ، مما تجعل المؤمن صحيحا معافى ، جسمه مع الوقت خاليا من كثير من الشحوم والدهون الضارة التي تذوب وتتلاشى بعدم تناول الطعام وقهر النفس والجوع ، مما يصبح الدم نقيا صافيا من الأمراض كما يحدث كل سنة لأبدان الصائمين في صيام شهر رمضان الكريم ، والرب الخالق أعطى الفرص والرخص في حالة الأعذار لأي سبب كان ...  التأجيل والصيام في أيام أخر ، مما الممتنع مهما كان الظرف ليس له أي عذر مهما كان في عدم التأدية والتأجيل ، لديه وقت طويل ، أمامه سنة لتعويض الأيام التي مضت و أفطرها...

         الركن الرابع هو الزكاة  الذي يدعوا فيها الرب الخالق  الإنسان  إلى الرحمة والشفقة والإنفاق وتطهير المال بالصدقة والعطاء للمحتاجين الفقراء المعوزين ...  زكاة الوقت في أداء الوضوء و الصلاة ضمن تعاليم ربانية التكافل والمشاركة مع الآخرين في حالة التجارة والدخل المادي من أي مشروع كان و دفع نسب بسيطة من الأرباح إذا توفرت (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) يجعل الانسان المنفق الموفق في القمة وينجح ويفوز يوم البعث والحساب بالآخرة ...

          التوجه إلى القبلة بيت الله الحرام فى مكة المكرمة من أي مكان بالمعمورة يوميا أثناء القيام وتأديتها بخشوع هو البند الخامس الأخير ، حسب الإستطاعة حيث الحج لبيت الله الحرام مطلوبا، في وقت معين اليوم الأخير قبل عيد الأضحى، وأساس وعمود الحج هو الوقوف على جبل عرفات لمرة واحدة خلال العمر  ، حيث المصلي بوقوفه وركوعه وسجوده في إتجاهها بطهارة وقلب مؤمن وهداية ضمير كأنه زار الأراضي المقدسة ، وحج لها ...

           فهنيئا للعبد المؤمن الذي يقوم بالصلاة في أوقاتها يوميا بدون كسل في الأداء الصحيح حسب القدرات والمتاح  ، حيث لها أسرارا عديدة وحسنات ومكافئات أبعد بعيدا من تصوراتنا وفهمنا وعلمنا ، جوهرة لا مثيل لها لمن يفهم ويتعظ ، ويتم قبولها من خالقها ، ضمن النجاح والفوز دنيا وآخرة ، والله الموفق ...

 رجب المبروك زعطوط

Saturday, January 23, 2016

قصصنا الرمزية 19

بسم الله الرحمن الرحيم

 غابة المختار
 ( 2 )

 منذ عدة قرون مضت أيام الجهل قالوا عن (غابة المختار) المهجورة الغير مكتشفة بعد ، في الغرب والشرق وبالأخص أقوام الشمال ، كناية إستهزاءا أنها (صندوق الرمال الفارغ) لا مصلحة فيها، ليس بها الحياة والخضرة من ندرة المياه حيث معظم الوقت جفاف و لا تهطل فيها الأمطار، إلا في بعض الأحيان و السنوات حين يرحم الرب تعالى ويبعث الغيث بلا حدود وتسقط الامطار على بعض الجهات بغزارة ومعظم المياه تجري في أودية بقوة هادرة من الجنوب إلى الشمال ولا تستقر في اي مكان وتضيع في البحر هباءا، حيث لا موانع و لا مصدات ولا سدود قوية غير وجود البعض من الآبار الجوفية من الطبيعة ، أو تم حفرها وصيانتها أيام القدماء السابقين الجرمانتيين في الجنوب و الإغريق والرومان وغيرهم من أقوام في الوسط والشمال للحفظ والتخزين لشرب الحيوانات الناطقة والغير ناطقة ، طوال السنة حتى تدور الدورة ويأتي الشتاء وتهطل الأمطار من جديد .

             نسى هؤلاء الجاهلين الأجانب الكثير من المحاسن  عديمي الفكر و العلم والمعرفة وقتها، أن غابة ( المختار ) عامرة على مر التاريخ وعبر الزمن ، حية ترزق منذ الأزل بها حياة وحضارات قامت وسادت ثم بادت مع الزمن والتي من آلاف السنين قيل عنها قولا مأثورا من أحد الزائرين المشهورين الخالدين من كتبة وأباء التاريخ القديم الفيلسوف اليوناني (هيرودوت)، قولا خالدا (منها يأتي الجديد) مازالت المقولة مستمرة إلى اليوم لم تتوقف أو تنتهي وتتلاشى مثل عشرات الآلاف من الأقوال المأثورة التي قيلت يوما ولم تستمر ومضت إلى غير رجعة مع مرور الزمن....

                 والدليل الواضح الحي حتى الآن، أطلال الحضارات السابقة العديدة وأولها (الجرمنتية) التي سادت قبل الحضارة الفرعونية بكثير من الوقت ، والتي لو تم كتابة التاريخ القديم بصدق من غير تغيير ولا تزوير وكتابة وتسجيل الحقيقة والحق بضمير، عندها تختلف الكثير من الموازين والمعايير السابقة وتظهر الأخطاء العديدة نظير الزهو والتمجيد لحضارات من الجيران، حيث الذين كتبوا وسطروا التاريخ عنها من أبنائها قاصرين في المعرفة والأصول ، ليس لديهم العلم الوافر والمعرفة الجيدة في الأبحاث والتفكير السليم في تسلسل الأحداث ، ولا الأمانة التاريخية للكتابة بحق وضمير، ولم يتوقفوا عن كتابة الكثير من الإدعاءات والخيال والمغالاة نظير الجهوية حتى لا يسببوا المغالطات والتراهات والمتاهات بأخطائهم الشديدة والضرر للآخرين وتزيف التاريخ .

                الأطلال من قرى ومجمعات ومدن إلى الآن فى وقتنا الحاضر شواهد في مناطق عديدة المشهورة بالآثار في قورينا (شحات) و لبدة و صبراته وعلى طول الشاطئ بالشمال أو بالجنوب التي الكثير منها لم يكتشف بعد ، مازالت شامخة تصارع الزمن وعوامل الطبيعة من عواصف ورياح حتى لا تتهدم وتسقط وتتلاشى للأبد... والخطير في الموضوع عدم المبالاة من الأيدي الآثمة التي تقوم   بالنهب والسرقة للكنوز العديدة من الآثار الخالدة، وبالأخص القطع الصغيرة الثمينة التي من السهل سرقتها و حملها وتهريبها خارج الغابة بسهولة ، الغالية و التي ليس لها مثيل ولا تقدر بثمن مهما كان الرقم....

               إنها تراثنا،  تراث الأجيال الحاضرة والقادمة لمن يفهم ويتعظ ،  نفخر ونزهوا بها طوال الوقت ، الظاهرة منها كبيرة الحجم والثقل من الأعمدة والأحجار الضخمة للأبنية الكبيرة والتي نتيجة الزلازل و عوامل التعرية تحركت وسقط الكثير من الأبنية وتهشمت، واصبحت مهمشة وفي طي  النسيان من غير حراس ذوي ضمير أو ولاء للغابة (غابة المختار) غير التقطيع والتهديم في بعض الأحيان وإستعمال الحجارة في البناء العشوائي، والبيع في السر والخفاء للخفيف حملها ومواراتها عن الأعين  وتباع مقابل  قروش زهيدة والربح لبعض المال الحرام ...

               لا صيانة ولا إهتمام من أي مسؤول حل بالمناصب المهمة وأصبح من ذوي القرار، غير البعض من القلائل الوطنيين الغيورين والذي بالإمكان غابة المختار تصبح مرآة ومزارا لكل باحث وسائح مهتما بالعلوم القديمة والإكتشاف يأتيها ويزورها والمشاهدة على الطبيعة وليست عبر صور فوتوغرافية تم إلتقاطها...  يشاهدوا بالعين المجردة الواضحة على الطبيعة بقايا الآثار الخالدة شامخة ، لإعطاء الصورة القديمة أكثر وضوحا والحقيقة ، كيف وكم كانت بالسابق زاهية حية في قديم الزمان والعصور الماضية لزيادة المعرفة.

               غابتنا المختار الآن تمر بفترة حرجة ومرحلة صعبة مما أصبحت عالقة في عنق الزجاجة غير قادرة على الخروج من الأزمات المفتعلة الكثيرة من أبنائها أدعياء العلم والمعرفة والغرباء المغامرين المرتزقة القادمين لها بحجج الجهاد وإصلاح الدين والرجوع إلى الماضي والحكم بالشرع ، وهم  في نظر الكثيرين كاذبين من الألف إلى الياء ، مصابين بالضلال والغشاوة على العيون عن رؤية الصواب والحق وعدم المعرفة الحقيقية بأصول العقيدة ذات الهلال والنجمة ، التي تدعوا للسلام والأمن والأمان للجميع مهما إختلفت الألوان والتوجهات واللغات طالما موحدين بوجود الخالق الأحد حيا في الوجود ، موجود الى مالا نهاية...

              أصبحت غابة المختار وكرا مهما من ضمن عدة أوكار رئيسية بالشرق للإرهاب و قبلة لكل من هب ودب من المجرمين الذين يريدوا إشفاء الغليل بالقتل وقطع الرؤوس والدم بدون حق وعدل ، الطمع والحقد والحسد للخير العميم من الكثيرين ، مما الآن داستها أقدام الجنود الغرباء الأجانب بالشمال ووسط الصحراء بالجنوب ، قوات التحالف بحجج واهية للبقاء، محاربة الإرهاب والقضاء على الخوارج المرتدين...

            ضاع الإستقلال الذي ضحى الجدود والآباء الكثير من الأرواح قرابين على مذبح الحرية وكنا نتشدق به ولم نحافظ عليه بقوة ، ولم نسمع ونتخذ العبر من خطاب الأسد الهرم العجوز الإدريس في أول العهد و أول يوم للمملكة من (السبخة رباية الذائح) يدعو الشعب الحيوانات الناطقة قائلا (المحافظة على الاستقلال أصعب من نيله) وأصبحنا ووقعنا في إستعمار جديد حديث بعد مرور عهدين وستة عقود بالضبط من سنة 1951/12/24م  إلى قيام التمرد والثورة2011/2/17م و هيمنة دولية من التحالف المستعمر والمستغل للظرف الحرج الذي نمر به الآن من الإستنزاف والخراب والدمار والرعب والخوف من القتل والإغتيال من بعض المجانين القناصين المجهولين بدون سبب مهم للقضاء على الروح التي هي هبة وهدية  من الله تعالى ممنوع المساس وقتلها تحت اي ظرف وسبب إلا بالحق والعدل في حالة أجرمت وقامت بالشر وقتلت أبرياءا مظاليم ضمن القضاء والقوانين بالعدل ، وإعطاء الفرص للضحايا المتهمين للدفاع عن أنفسهم قبل الحكم...

             وسقوط القنابل والصواريخ عشوائيا من السماء على رؤوس السكان الآمنين المسالمين ، في ( السبخة رباية الذايح) وغيرها، الذين الكثيرين لاقوا حتفهم وهم أبرياءا مظلومين نتيجة التحديات والخصام والتناحر بين الجماعات ،  كل فئة شريرة تدعي أنها على الحق المبين ، وتطلق  القذائف والصواريخ بدون هدف واضح ، مجرد إظهارا للقوة و خلق الخوف والرعب في أوساط السكان العزل الأبرياء، الذين غير قادرين على الخروج من بيوتهم والهرب لأماكن أخرى أو الهجرة خارج الوطن ، حيث لا يوجد لديهم المال الوفير للسفر والإقامة بالخارج ، و التي ليست بسهلة وبالأخص للفقير بدون مال ولا دخل ، حتى لا يحتاجوا لملء بطون أطفالهم الجائعة ولا يضطروا لمد اليد لكل من هب ودب...

             والمهم ، الذي وصل بنا إلى هذا الحال والهبوط للقاع ، هو عدم وجود القانون القوي في الضبط والربط بالحق والعدل لكل من يخالف حتى نحافظ على غابتنا المختار الجميلة من الإنهيار والتأخر نظير الخطف وطلب الفديات الضخمة والنهب والإفلاس ، والسبب الكبير، والأهم نحن المخطئين بأيدينا وجهلنا و طمعنا في السلطة والنهب والثراء الحرام ، وعدم الولاء للخالق الله تعالى ولا لغابة المختار حيث نقيم ونعيش في أمن وأمان ليس له نظير بالسابق كما كان الامر بالماضي حيث كل صاحب نعمة محسود عليه العين الحاقدة الحسودة حتى من أقرب الناس إليه...

              الغابة ، غابة المختار المعطاء لجميع الخير والراحة والسعادة بالسابق والتي تغير الحال فيها الآن إلى الأسوء من البعض المستغلين الذين تحكموا في الرقاب ونشروا الفساد والإفساد في الحرث والنسل بالقوة حتى إستكان الجميع سمعا وطاعة لحكم الثوار ذوي الأتباع بقوة السلاح والمراكز ، يقودها غوغاء عوام جهلة بأبسط الأمور للادارة السليمة والحكم للنهوض والتقدم ، لأننا من الخوف والرعب من القتل والموت فجأة وعدم الوحدة والتحدي للدفاع عن النفس إلى آخر نقطة دم بالجسد ، حفرنا قبورنا بأيدينا ونحن أحياءا نرزق !

         أليست بمأساة ان تضيع غابتنا الجميلة الزاهية عن النهوض والتقدم؟؟ تتأخر عن الإبداع والإنتاج وأن تعيش في أمن وأمان وسلام مع الجميع بالغابة الكبيرة ، والتي مهما عددت وشكرت و ذكرت من الحسنات ، لا أعطيها حقها من التكريم و الإجلال حيث حبها وعشقها في أعماق القلب والضمير لا يتزحزح ولا يتوقف مهما هبت من أعاصير قوية تدمر أي شئ في طريقها .. هي أمي الحنون مها تغيرت الأحوال و جار علينا الزمن وأنا إبنها البار طالما بي نفس حياة شهيق وزفير بهذه الحياة إلى يوم إنتهاء الأجل والوفاة والموت... والله الموفق...

رجب المبروك زعطوط

Thursday, January 21, 2016

قصصنا الرمزية 18

بسم الله الرحمن الرحيم

 غابة المختار
 ( 1 )

              سبحانك رب العالمين مغير الأحوال الصعبة القاسية أو الخيرة الحسنة إلى أحوال أخرى في وقت قصير ولحظات عندما ترضى وتشاء تأمر بالقدرة الإلاهية الشئ قائلا ( كن ، فيكون) في قمة الإبداع والخلق في أقل من رمشة عين، الذي لا يستطيع أي أحد مهما كان له السلطان والجبروت إتيانه مهما فعل، لأنه مخلوق من المخلوقات مثل سائر الجميع...

              غابتنا (المختار) الجميلة الزاهية بكل الثروات في باطن الأرض وفوقها عطايا وهبات من الله تعالى بلا حساب ولا عدد، والتي الكثير منها لا يخطر على البال أنها لدينا... لم تكتشف ويعلن عنها بعد للملأ في العلن ،  ندوس فيها بأقدامنا غير شاعرين بالكثير ونرعى فيها ونأكل من خيراتها ونحن حيوانات ناطقة مثل البهائم بدون هدف واضح و لا سعي حثيث للنهوض والتقدم رغم أنه  لدينا جميع المؤهلات والثروات لتحقيق ذلك ... ولم نتساءل مع أنفسنا، ماهو الخطأ؟؟ ماذا نريد ونرغب وكيف نعمل حتى الوصول لها ؟؟ والأمر والرد  بسيط ، أولا:  عدم الولاء النابع من القلب والضمير لله تعالى وللوطن ... وأن نحب للغير مانحبه لأنفسنا ... و نقوم بإجراء دراسات سليمة بدون عواطف و لا جهويات ولا وراءها مصالح  شخصية و لا عمولات و لا نهب ...  ونضع مخططا هدفا واضحا كرمز ثابت نريد الوصول له ،، ونسير على هداه بعقيدة وإيمان وبالأصول حتى يوما بجهود الجميع نوفق ونصل ويتحقق .....

           ولكن نظير الجهل وعدم الفهم والغرور وكبر النفوس والحقد والحسد من البعض على البعض مما تهنا عن الطريق السوي و ضعنا في المتاهات العديدة والطرق الملتوية ضمن التراهات والمهاترات والإدعاءات الكاذبة والتي معظمها زائفة غير صادقة ولا صادرة من قلوب طاهرة تريد لغابة المختار ، الأمن والأمان لحيواناتها الناطقة السلام والخير وأن تنهض وتقوم من السبات والنوم الذي حل على أكتافها بقسوة رغما عنها نظير الخوف والتملق والرياء لأولاة الأمر ، من كثير من المنافقين ذوي الوجوه القبيحة والأقنعة العديدة في سبيل تحقيق المصلحة والربح لجاه ومركز و النجاة من الحساب والعقاب الشديد في حالة الإتهام الباطل بحجة أنهم معارضين وعملاء غير موالين للنظام ...  و الموضوع أساسه من البداية قصص محبوكة مدسوسة مزيفة من عقول الشر لخلق الخوف والرعب لإخافة الآخرين الغافلين حتى يستكينوا ولا يرفضوا ويرفعوا رؤوسهم  ضد الحاكم والنظام !!!!

         غابة المختار الفريدة لأسباب عديدة لم تستقل طوال الوقت و لم تصبح حرة من غير هيمنة وبالأخص في عصرنا الحاضر غير مرتين الأولى فترة قصيرة مدة حوالي العقدين من الزمن والثانية اربعة عقود ونيف ، في الأولى حكمها أسد عجوز حكيم طاهر و زاهد في الحكم والملك لا يريد البقاء في  المنصب و في أكثر من مناسبة أراد التنحي والتقاعد ، ولكن العصابة حوله من الخوف على فقد المناصب والجاه والسلطة ، خططوا و إخترعوا  له قصصا محبوكة بدهاء  لإثارة الجماهير بالمسيرات أمام القصر في طبرق ، طالبين منه العدول وعدم التنحي والترك ، مما لطيبته عندما يشاهد الحشود التي تهتف له بالبقاء ، يعدل عن الأمر ...

              جاهد طول العمر أكثر من ستة عقود وكافح وتعرض للمخاطر الشديدة والمصاعب من الخارج والداخل ، و كل  همه كان الحب والحنان للجميع من أبناء الشعب ...  رغبته أن يراهم سعداء يعيشون من خيراتهم ، فرحى مسرورين من نعم وعطايا الله تعالى التي ليس لها حسابا ولا مثيل ، والذين جدودهم وآبائهم عانوا من المحتل الغاشم والعدوان (السباقيتي) ، أربعة وثلاثين عاما تحت الإحتلال وهم في المؤخرة في قمة الجهل والضغوط بدون تقدم ، عاشوا في  البؤس والفقر ، الظلم والقتل والشنق الجائر لكل من يرفض الطاعة والولاء للمحتل الأجنبي القابع في وطنهم بالقوة وهم أبناؤه الأصل وليسوا غزاة ، حتى من الله تعالى بالحرب العالمية الثانية وأيد الحلفاء وخسرت دول المحور ، وجاهد من اجل الوطن حتى تم الإستقلال يوم 1951/12/24م .

         لم نعرف قدر وطيبة أسدنا العجوز حتى فقدناه يوما فجأة بدون توقع...  التمرد والثورة من ضباط بالجيش صغارا بالسن والرتب جهلة عديمي التجربة لا يعرفون الكوع من البوع طاهرين وقتها ، دفعهم الحماس نظير الكذب والزور والإدعاء عليه بأمور شائنة ومشينة عديدة على عهده الزاهر من مسئولي وإذاعات الجوار بالراديو في ذاك الوقت حيث لا قنوات فضائية مرئية بعد... لجذب إنتباه الحيوانات الناطقة الغافلة في غابة المختار والبعد بها عن رؤية الحقيقة الدامغة أن أسدنا عادلا منصفا في الحكم ، والحكومات المتتابعة كانت تعمل جاهدة في الطريق السوي تحت إمرته وإرشاداته الحكيمة والمحافظة على الدستور من أي تجاوزات و الذي لم نتابع ونتمسك به بقوة نظير الغفلة والجهل ، وتم تجميده وتعطيله وضاع هباءا منثورا نظير التطبيل والتمثيل الزائف من المجنون وتعاليم الكتاب الأخضر....

                العهد الجديد الجماهيري الغوغائى بلا قواعد وأساسات سليمة للبقاء والصمود للرياح والعواصف الشديدة التي مرت على غابتنا (المختار) نظير تراهات ومهاترات الجنون نتيجة الثروة والثراء الذي هبط فجأة نظير إرتفاع أسعار النفط ونحن  شعب قليل العدد و غافلين لنحافظ عليه من الطامعين للنهب والإلتهام ، حتى نقف على أرجلنا ونجمع أنفاسنا ولا نتتظاهر بالقوة الكاذبة ونتعدى على الجيران الآخرين ونزرع الفتن والدسائس والمؤامرات في الأوساط  ،  وندعم بالمليارات الإرهاب في كل مكان بحجج مساندة تحرير الشعوب ونحن ضعفاء غير قادرين ، بحاجة للكثير ...  القائد المجنون أوردنا موارد الهلاك لم يستعمل العقل الرزين والذكاء للخير للبناء والتعمير السليم لراحة وسعادة الشعب .

               حل مكان ومركز أسدنا التقي الصالح شيطانا رجيما خبيثا منافقا يلعب على الحبالً والأوتار مع كل طامع ومنافق ،  يتلون مثل الحرباء حسب المصلحة والأمر يتطلب  ، يتعامل مع الجميع بنظرية الداهية السياسي بالماضي (ميكافيللي) في كتاب الأمير ، الغاية تبرر الوسيلة مهما كانت قذرة للوصول للهدف المطلوب في خضم الحراك السياسي والعام بالوطن ...  سبع ذو أنياب ومخالب قوية في الظاهر على الضعفاء وفأرا صغيرا خائفا مذعورا من الكبار وبالأخص من النسر رعاة البقر نظير المصالح والهيمنة ... و هم الذين حضنوه حتى وصل للقمة وهو مجنون ، أكل الأخضر واليابس في فترة اربعة عقود ونيف ، وحقق المخطط الرهيب لسادته القوى الخفية لعلم النجمة السداسية الزرقاء  ، نشر الإرهاب والاغتيال والدماء ، وفرق ووضع الدسائس بين الإخوة الأشقاء في جميع غابات وطن التوحيد ، مما تأخرت في التناحر بين بعضها سنوات طويلة وتراجعت للوراء غابتنا المختار عن النهوض والتقدم عشرات السنين ولم تنتج وتبدع في أي شئ غير الإرهاب والفساد وإفساد الذمم للكثيرين بالعطاء الجزيل وبذل المال في أوجه الشر والإرهاب  حتى آتى الأوان بالتمرد والثورة عليه بقوة  ، وتم قتله شر قتلة وهو محاولا الهرب من الميدان إلى الصحراء القاحلة بعد قتال وصدام مرير عدة شهور قتل فيها عشرات الآلاف الضحايا وخلف وترك وراءه  الآلاف جرحى ومعاقين ... ومازلنا للآن ضحية للفتن والدسائس والمؤامرات التي تحاك من قوى الشر ، ونقدم وندفع الثمن الغالي على جميع المستويات بعد خمسة سنوات من هلاكه و موته ورحيله وكأنها لعنة وإنتقام حل بنا نظير غيابه وسط الهرج والمرج والطمع والنهب من أدعياء منافقين عرفوا كيف يستغلوا الفرصة الذهبية ويقفزوا على الصفوف الأمامية من أول يوم ويصبحوا في المقدمة وسط الفوضى قادة وزعماء ، منافقين يدعوا الثورية وهم بلا ولاء أشباه رجال مستغلين الفرص من غير علم ومعرفة وخبرة في الحكم تؤهلهم للمناصب ... ليس لهم  ولاء  للله تعالى والحكم بالعدل الذي هو الأساس في الحكم ، ولا للغابة ملك الجدود والآباء التي فيها ولدنا وترعرعنا وورثناها بالحق والشرع ...  الولاء فقط المصلحة الشخصية والإثراء الفاحش ، والوصول والبقاء في السلطة والقمة ، وسرقة ونهب الاموال الضخمة ، وتحقيق العمولات الكبيرة وتسمين الحسابات بالخارج ، ولاءهم للذهب و المال من دينار ودولار ويورو ، أليست بمأساة  غياب الضمير و الطمع إلى هذا الحد المفجع؟؟؟

               آلاف السنين مرت عليها وهي معبر وطريق للغزاة والتجار القادمين من الشرق والغرب أو الشمال من البحر ، رحلا بالبر في قوافل كبيرة نظير الحماية والراحة والإقامة فترة زمنية قصيرة ثم الترحال من جديد إلى الشرق بلد أبو الهول  ، أو إلى بلد الزيتون مما أصبحت مع الوقت وطول الدهر قليلة السكان شبه مهجورة يخاف من السير في صحاريها أشجع الحيوانات الناطقة ، خوفا من الضياع  في متاهاتها ...

                 بها الكثير من المجاهل القاحلة والخطر في السير من نقص المياه وضياع الطرق بسرعة عندما تهب العواصف والأعاصير القوية ، الرياح العاتية على رمالها الجافة الناعمة الساخنة من وهج حرارة الشمس الحارقة تتطاير في الجو العاصف إلى أعلى السماء و تنتقل كميات رهيبة عشرات ومئات ملايين الأطنان من مكان لآخر خلال أيام حتى تهدأ وتتوقف ،  بمقدرة الله تعالى وتصبح كثبانا عالية تلالا ومنخفضات عميقة من قوة الزوابع وتتغير المعالم والطرق الرملية السابقة تزول ويصبح السير صعبا محفوفا بالخطر....

               بالماضي لم تكن توجد الوسائل الحديثة من خرائط و علوم و آلات ومعدات تحدد الإتجاه بسهولة مثل الآن ، غير السير ليلا بهدى النجوم للبعض من الأدلاء المجربين من سكان واحاتها أو أطرافها ، ومن المغامرين الذين الكثيرين هلكوا تيها وعطشا ، قبل الوصول لبر النجاة والأمان ، أهمها نقص المياه للشرب والحرارة الشديدة في منتصف النهار لا تطاق والبرد القارس بالليل مما الحيوان الناطق المسافر الرحالة يستغرب  كيف يحدث هذا الأمر في ساعات قليلة من حر قائض إلى برد  شديد في نفس اليوم؟؟ والله الموفق ...

رجب المبروك زعطوط

 البقية تتبع في الحلقة القادمة ...

Sunday, January 17, 2016

قصصنا الرمزية 17

بسم الله الرحمن الرحيم

المباراة



سبحانك رب العالمين الذي بقدرتك الإلاهية تقول للشئ الذي ترغب في خلقه وتحقيقه بإبداع وإتقان آمرا له ، كن فيكون في أقل من رمشة عين ... خلقت الجميع ، السماوات السبع ومثلهن من الارض في سبعة أياما معدودة من أيام الله تعالى وهي آلاف السنين ، اليوم الواحد بألف سنة مما نعد ونحصي كما ذكرتها لنا في المصحف العظيم الكريم ، ومن ذاك الوقت ، لم تخلو الحياة في الغابة الكبيرة من المباريات والصراع بين الخير والشر من أجل الفوز والبقاء بدون حساب ولا عدد مهما حاولت أنا العبد الفقير المعرفة ، العد والإحصاء والكتابة ، لا أستطيع ، حيث ليس لدي العلم والفهم للغيب لأنني مخلوق مثل سائر المخلوقات لعلم وحكم لديك ، لا أستطيع شرحها بدقة ولا معرفة لجميع رموزها ومعانيها السامية .... حيث الصراع  الأبدي بدون توقف منذ أول يوم الخلق ، منذ الأزل ، من يوم طرد الشيطان الرجيم ملعونا إلى الأرض ، حتى حلول يوم  النهاية والبعث ....

                    أمر الرب الكريم جل جلاله جميع الملائكة الكرام بالسجود للمخلوق الجديد سيدنا آدم عليه الصلاة والسلام ، تقديرا وتشريفا له وقام الجميع بتلبية الأمر بالسمع والطاعة بدون سؤال  ونفذوا الأمر طواعية ، ماعدا الشيطان الرجيم الذي رفض وتمرد عاصيا للرب تعالى خالق الجميع ، وعندما سأله الخالق الله تعالى لماذا لم يسجد مثل الآخرين ، رد قائلا محاجا لمولاه بجهل بدون إستحياء وأدب، متكبرا  مغرورا بصلف وكبر نفس ، لقد خلقته من طين  و خلقتني من نار السموم حيث أنا أسمى منه وأعلى درجات منه بكثير ... مما كانت الشرارة الأولى وغضب المولى عليه من الرفض والرد وطرده شر طردة إلى الأرض ، إلى يوم الحساب المعلوم حسب طلبه لإغواء الكثيرين من ذرية سيدنا آدم عليه السلام ... 

               وطلب سيدنا آدم الرحمة والمغفرة من الخالق على الخطأ الفادح وعدم طاعته للأمر ، وأكله هو و أمنا حواء من الشجرة المحرمة بدون إذن ، مما غفر له ، آمرا إياه  بالهبوط إلى الارض ومعاناة الشقاء والتعب ، والعيش لعمر محدود في  لوح القدر فرح واتراح إلى قدوم الأجل ، والبعث من جديد في  اليوم المعلوم ... ومن تلك اللحظة بدأ الشيطان الرجيم فى بث الفساد والإفساد في الأرض بين الحيوانات الناطقة التي تدعي الفهم ...  إنتشر الحقد والحسد في الحرث والنسل وسالت الدماء بدون توقف عبر العصور والزمن إلى الآن في وقتنا الحاضر .... والمباريات العديدة بدون توقف منذ يوم  الخلق والطرد  حتى يوما يتم الحساب العسير للعصاة والضالين الكفرة في يوم البعث من الموت إلى الحياة مرة ثانية يوما معلوما في القدرة الإلاهية وعلى رأسهم الشيطان الرجيم  وجماعته الضالين من الإنس والجان عبر الدهور والزمن ، ويحاسبون على الشر والشرور و الذنوب التي قاموا بها ،  إيذاءا للأبرياء المظلومين و يعاقبون  بأشد العقاب على الرفض لأوامر الذات الإلاهية إبتداء ا من عدم السجود والمنع من إتيان الحرام والمحرمات بقصد وعلم ...

              المتعارف عليه بيننا في وطن وغابة المختار منذ قديم الزمان  وجود عداوة كبيرة بين الحمار المسالم  والضبع الشرس ... كلاهما أعداءا بالطبيعة لا يرتاحوا من غير تناحر وعراك ، الحياة بالفوز والموت بالخسارة والهزيمة ... الحمار مشهور بالغباء وقادرا على العناء والتعود والمعاناة على حمل الأثقال والمشي في أصعب دروب الجبال بسهولة من غير أن يسقط من الحافة إلى القاع...  الفوز متوقع للضبع في جميع الحالات والمباريات حيث الحمار مسالما غير عدواني يتحمل  الكثير ويصاب بشلل من الخوف والرعب فجأة عندما يشاهدها بأم العين ويشم رائحتها الكريهة ، مما تستغل الضبع حالة الخوف والرعب والشلل وتبتعد عن مؤخرته خوفا من الوكز والركل العنيف فجأة عليها وتقفز وتقبض على رقبته بمخالبها القوية والعض الشديد بأنيابها الحادة كالسكاكين الماضية حتى تقطع الأنفاس وينتهي ويموت الحمار بسرعة من غير دفاع قوي عن النفس بضراوة ويصبح فريسة وطعاما للنهش والإلتهام....

                  في غابتنا الصغيرة غابة المختار قام مؤسس جمعية (الهيلع) للدراسات الميدانية في مدينة الشلال وصحابة رسول الله تعالى ، مباراة عجيبة غريبة فريدة من نوعها بين الحمار والضبع وحضرها جمع غفير بقاعة الرياضة المغطاة ، من الحيوانات الناطقة للمشاهدة والتأييد لأحد الأطراف الحمار أو الضبع بحماسة ... تم تخصيص  جزء من القاعة  الرياضية الفسيحة  لمؤيدي الحمار والذي حضره القلائل من الجمهور الوطنيين ذوي الولاء والإخلاص للوطن والمعارضين لما يحدث من مهاترات وتراهات  ومعظم المقاعد بقيت فارغة بدون حضور ، رغم أن  الكثير منهم  كانوا خائفين رعبا من  الضبع وحراسه المجانين وكانوا متيقنون مسبقا في السر  أن الحمار سوف يهزم لا محالة في المباراة مع الضبع الشرس الطاغي الذي  يلتهم كل من يرفضه من الحمير بعنف وقوة ...

            والجهة الثانية مؤيدي الضبع المنافقين والذي معظمهم خوفا ورهبة ورياءا حتى لا ينهشهم ويصبحوا ضحايا، مما جميع الأماكن والمقاعد حجزت وإمتلأت بالكثيرين الذين كانوا طوال الوقت يهتفون نفاقا للضبع الشرس  بأناشيد حماسية كاذبة ليست نابعة من القلب ، مساندة وتأييدا بالنجاح والفوز المبين ، كما كانوا يفعلون طوال الوقت دائماً بالتطبيل مع القائد والمعلم والصقر الوحيد وملك الملوك وعشرات التسميات بلا حدود أكثر من المائة إسما وكناية نفاقا ورياءا للحصول على المراكز والجاه على حساب الأبرياء المظلومين البؤساء...

            وقام الحكم الفاضل الأستاذ (الهنيد) بإطلاق صوت الصفارة عالية للبدأ في المباراة الحماسية الشيقة، وتراجعت الضبع إلى الخلف عدة خطوات متحفزة للقفز على رقبة الحمار ونهشه كالعادة وقفزت بكل القوة، ولدهشة الجميع قام الحمار بدورة سريعة ومناورة غير عادية فجأة لم تخطر على بال الجميع ووكزها وركلها برجليه الخلفية بضربة واحدة شديدة قوية على بطنها مما طارت في الهواء من الدهشة والألم الذريع إلى أحد الأركان وأصبحت عاجزة تتلوى من الألم والجرح الغائر في بطنها عن الحراك والهجوم وحتى الدفاع عن نفسها، وكانت القاضية من أول الجولة ، وقام جمهور مؤيديي الحمار من الدهشة والنصر والفوز السريع الغير متوقع ، واقفين يهتفون بحماس غريب فرحين من الذهول وهم غير مصدقين الأمر الغريب الفريد النادر والذي حدث أمام ناظريهم على الطبيعة وليس إدعاءا وكذب ، وتدجيل وتمثيل كما كان يحدث طوال الوقت زورا وبهتان من غير اي أساس متين.....

            الجمهور المؤيد للحمار الوطنيين الصادقين زاد عليهم الكثيرين أضعافا مضاعفة من المنافقين الذين مع الكاسب والفائز مؤيدين من أي طرف مما أصبح ركن الضبع شبه  فارغا !  حيث المتسلقين يحلوا ويرغبوا أن يكونوا في صف الناجح و ليس لهم ولاءا ولا مبدأ ، يتلونون مثل الحرباء في لحظات للتغطية بحيث صعب إكتشافهم بسهولة والظهور أنهم مؤيدين ...

            معظم الجميع ذهلوا من الأمر العجيب،  كيف يستطيع الحمار التغلب على الضبع القوي  الشرس  ذو المخالب والأنياب القوية بهذا اليسر والسهولة وبضربة واحدة قاضية؟؟ فقد قام الحكم بإعطائه  فرصة النهوض والإستمرار في المباراة للجولات الأخرى وأخذ يهش عليه بالفوطة ويرش على رأسه بالماء حتى يلتقط أنفاسه و يستطيع الوقوف والصمود في الجولات الأخرى ، ولكن الضبع كان  يعاني من الجرح الغائر في بطنه والدم يسيل بغزارة على أرض الحلبة وأصبح عاجزاً ، مما الحكم عد إلى العشرة ولم يستطع الوقوف فقد كان شبه ميت ، يترنح مثل السكران من المفاجأة وقوة اللطمة الركلة والجرح الغائر في بطنه ،  وأعلن الحكم انتهاء المباراة من أول جولة و أن الحمار هو الفائز بالضربة القاضية ، ورفع أحد رجليه الأمامية حتى يشاهد من جميع الحاضرين المشاهدين ووسائل الإعلام الكثيرة التي كانت تبث  المباراة في عشرات القنوات المرئية لمشاهدة الكثيرين بالغابة الكبيرة ، والأمر الذي حدث بسرعة في الدقيقة الأولى!!!

               الكثير من المنافقين قاموا بذهول واقفين فرحى مسرورين بالنصر والنجاح الغير متوقع ، غير مصدقين حدوث الأمر بهذه السرعة و القضاء على الضبع  بهذه السهولة ، و الذي  كان أسدا وسبعا في غابة المختار على جميع الحيوانات الناطقة بها، وفأرا صغير الحجم قزما أمام، فيل النسر رعاة البقر، حيث حمارهم مسالم لا يحب الإيذاء ، طوال الوقت عندما يصل للحكم في بعض الأحيان ، يكنس فضلات الفيل القذرة ويرميها في براميل القمامة حتى يكون المكتب البيضاوي دائما يلمع من جديد زاهيا ....

           مما المؤيدين للحمار قاموا ورقصوا من الفرح بفوزه في لحظات وبركلة واحدة وخسارة الضبع شماتة فيه وعلى أنصاره ومنافقيه ، على غروره وصلفه والكبر على مواطنيها الأبرياء المساكين ، والنتيجة المفجعة والغير متوقعة الخسارة والهزيمة بسرعة ...  وجمهوره المنافقين القلائل عن حق وضمير لأنهم فاسدين من أول يوم ، خرجوا من القاعة بسرعة يتسللون خوفا ورعبا من إعتداء الجماهير الفرحى بالفوز وبالنصر للحمار و رؤوسهم مطرقة بالأرض أذلاءا مهانين على النفاق والرياء حزنا على الخسارة التي لم يتوقعوها بهذه السرعة ،،  والتي لم يعملوا لها أية حسابات بالسابق ...

           واليوم الثاني تم إجتماع كبير للمستشارين في مقر جمعية (الهيلع) لدراسة و تحليل الأمر الغريب الذي لم يحدث من قبل ، و كيف أن الحمار في دقائق معدودة أصبح ذو  شعبية كبيرة وجماهير ، بعدما كانوا مستهزئين ويتباعدون عنه طوال الوقت ، حيث الحمار كان دائماً  يخسر جميع الجولات في كل المبارايات بالسابق.... وإشتد النقاش والجميع يدلوا بأراء كثيرة ولم يصلوا إلى نتيجة تذكر ، وأخير وقف أحد المستشارين من كبار السن ذو الخبرة والتجربة وقال مبتسما ، الحل بسيط عن سر فوز و نجاح الحمار ... أنه بالزمان السابق في غابتنا ، غابة المختار،  كنا نعيش في المؤخرة ، حيث لا أطباء وطنيين مهرة و كان الإعتماد دائماً على الأجانب ولا دواءا جيدا بالعيادات والمستشفيات وغير موجود للبيع بالأسواق، والطفل الصغير عندما يمرض من الإلتهاب بالرئة (النومونيا) التي كنايتها قديما (الشحارة) نظير لفحة هواء حادة بالصدر ، ويشتد الألم وضيق التنفس والصراخ والبكاء طوال الوقت يناولونه لبن حمارة (متدرجة) ولدت منذ وقت قصير ولديها حمارا ذكر أو حمارة رضيع ، مما الطفل يتم شفاؤه العاجل بقدرة وإرادة الله تعالى بسرعة مما أيد الجميع القول والحجة موافقين ...

           وأكمل  العجوز المستشار القول والحديث قائلا والجميع في سكون وصمت ينتظرون على أحر من الجمر في  الحل ، متسائلا من منا منذ أيام جدودنا وآبائنا السابقين لم  يصاب ويمرض من (الشحارة)؟؟ ويذوق ويشرب لبن الحمارة الوالدة والمرضعة لصغيرها، حتى تم له الشفاء من الله تعالى ، والدم لا يتغير يستمر صاعدا في الشرايين والعروق إلى ماشاء الله تعالى وورثناه نحن عنهم بالطبيعة مثل العادة لدى الجميع ... حيث جميعنا حميرا بالطبيعة إخوة نظير التوأمة  بدون فهم ولا نستعمل العقل ، فنحن الحمير الناطقة ونؤيد ونهتف للحمار لأننا من نفس الفصيلة ، نحتاج إلى وحدة وقوة و عزيمة وجرأة و نتمرد و نثور و نتخلص من الأسود والسباع ، الضباع والذئاب والثعالب الحاكمين لنا بقوة المخالب والأنياب القوية...  حيث الضعف الحقيقي هو الرعب والخوف والرهبة لدينا والسر الحقيقي للهزيمة طوال الوقت من عدم إستعمال طاقاتنا وقدراتنا بذكاء كما فعل الحمار بالضبع حيث إستغل المفاجأة والخداع والذكاء والركلة القوية في التوقيت المناسب  وفي المكان المميت القاضي مما فاز بالضربة القاضية في الدقيقة الأولى من أول جولة ....

           والمطلوب من الجميع الوطنيين ذوي الحب والولاء للوطن غابتنا الصغيرة غابة (المختار) ، أن نتعاون ونكافح  بالمستطاع والمتاح ، ضد جميع الوحوش الشرسة بالغابة الكبيرة والتحدي وعلى رأسها الأسود والسباع والضباع والذئاب الجائرة التي تقتل وتعذب بدون خوف ولا حساب وعقاب ، الجوعى للدم والنهش والإلتهام لنا بسهولة نظير الخوف والرعب والشلل من الصدمة والدهشة في المباغتة فجأة في الغفلة مما أصبحوا في المقدمة والقمة نحسب لهم ألف حساب ، والواقع المرير حساباتنا خطأ مبين لو صمدنا...

              نحن لدينا السلاح الفتاك للفوز والنصر طوال الوقت لو إستعملنا العقل والحكمة وعلى رأسها المصالحة الوطنية والوحدة والإ تحاد حتى نصبح يدا واحدة ضد الإرهاب والإرهابيين وسحقهم وطردهم من على كاهل الوطن غابتنا المختار الفريدة التي ليس لها مثيل و التي تعاني من مصائب الخوارج المرتدين رفاق وأنصار الشيطان الرجيم !!!!

               مهما طال الوقت والزمن ، الرب تعالى عارفا بالنوايا ، الصدق من الخبث ، يساند دائماً الحق والصواب ، لا شيئا يدوم خالدا للأبد ، له يوم و موت، النهاية والفناء ويصبح الذي حدث في غابة المختار حكايات وقصص في خبر كان  يامكان مضت بخيرها وشرها، ضمن التاريخ وعبر الزمن ... حتى يوفقنا وننتصر ونفوز وننجح ... والله الموفق

 رجب المبروك زعطوط

Saturday, January 16, 2016

قصصنا الرمزية 16

بسم الله الرحمن الرحيم

 الجنون

سبحانك رب العالمين خلقت كل شئ بمعايير ومقادير ومقاييس بنظام بديع ، لا يحدث بها أي خلل مهما كان ، لأنها إلاهية من السموات العليا، وليست من صنع الحيوانات الناطقة التي في بعض الأحيان يصيبها الخلل والتعطيل وتحتاج إلى إصلاح وصيانة حتى تستمر العجلة في الدوران ولا يتوقف الإنتاج ... ضمن هذه الأمور الكثيرة المخلوقة ، والموجودة في بعض الأحيان بلا عدد ولا حساب حالات الجنون المفاجئ للبعض  وغياب العقل السليم و عجزه عن التحكيم والتمييز والسير والعيش السليم مع الآخرين بسهولة ويسر في كثير من الأمور الحياتية، مما تجعل الحيوان الناطق السوي في لحظات ودقائق يتغير إلى وحش كاسر يتخبط كمن مسه عفريت من   الجان مما يوصف من الجميع في الغابة سواءا الصغيرة أم الكبيرة بأنه مجنون يعاني من غياب العقل !

                   يحاولون البعد عنه قدر الإمكان حتى لا يصيبهم أي ضرر منه، وبالأخص إذا زادت الحالة عن المألوف مما يزداد هياجا وعنفا  و يسبب للجميع و بالأخص أهله المتاعب بدون توقف ، مما يضطرهم  إلى إيداعه في أحد دور التأهيل والإيواء حيث الغابة الكبيرة بها عشرات بل المئات والألوف من الدور الجاهزة للإستقبال في أي وقت كان للمرضى العاقلين التي معاييرها تختلف في الإقامة والعناية من دار لأخرى وسعيد الحظ من يقيم في الأحسن حتى ينال الرعاية الفائقة وتناول وجبات الطعام الجيد ورعاية الأطباء في حالة وجود أمراض أخرى مهما طال الوقت والسنيين عليه وهو مقيما فى الأسر حيوانا ناطقا مثل البقية، ينتظر الشفاء أو الموت والانتقال الى رحمة الله تعالى حتى يرتاح المريض المصاب الأسير ويرتاح الجميع من الخدمات و السهر والتعب والخوف عليه من الهرب فجأة إلى الغابة على غير هدى مما يسبب الكثير من الجرائم والمتاعب والمصائب للأبرياء الذين شاء سوء الحظ وقابلوه بالصدفة وهو يجري هائما بدون هدف معين الى أي مكان للوصول إليه  ويشعر فيه بالراحة والأمن من الملاحقة  والقبض عليه وإعادته الى دار التأهيل والإيواء وهو مقيدا لا يستطيع الفرار ولا الهرب مهما فعل ...

                    غابتنا الكبيرة موزعة الى غابات عديدة من كبيرة وصغيرة فى الحجم تضم حوالى المائة والخميس فى العدد معظمها لديها دورا للإيواء والتقاعد الطويل حيث معظم الجميع بإستثناء الأنبياء والرسل ورجال الله تعالى الظاهرين والغير ظاهرين فى الخفاء والسر طاهرين منزهين لا يستطيع لا الجان ولا الشيطان الرجيم مسهم وحتى القرب منهم لأنهم محميين بالقدرة الإلاهية .... والآخرون حيوانات ناطقة مرضى مجانين يعيشون الهم والغم بلا راحة ولا سعادة غير الجري للحصول على الطعام مما لذ وطاب والسلطة والمال الحرام بالنهب والإستيلاء بالقوة بطرق شريرة شيطانية يعجز الشيطان الحقيقي عن إتيانها، والبحث عن المتعة وملذات الجسد ولو بالحرام....

                        والأصحاء سليمي العقول الراجحة الغير مصابين بالعاهات والجنون الدائم ، كما يعتقدون هم الأسود ، والسباع الجبابرة ذوي الترفع والغرور والكبر بالنفوس ، حيث لهم مناعة خاصة ضد الجنون وغياب العقل مع أن الكثيرين منهم للأسف مجانين جنونا فعليا ظاهرا في العلن وليس فى الخفاء.... حيث لا أحد يستطيع مواجهتهم   ويقول لهم في الوجه أنتم مجانين تحتاجون الى الزيارة والبقاء فى دور الرعاية مع الآخرين نظير الظلم والطغيان، حتى تعرفوا معنى المعانى فى الأسر، وغياب السلطة والهيبة والمنافقين عنكم ، مما يعاقب عقابا عسيرا والجلد بالسياط الذى يفضي للموت ناسين ومتناسين هؤلاء أنهم سواءا فى الغابة مع الأخرين لا فرق بين حيوان ناطق وأخر إلا بالعقل الراجح و العلم والمعرفة والعدل فى الحكم حيث الأساس والتمسك بقوة بالعقيدة الهلال والنجمة مما تجعل الجنون يخاف من القرب منهم والإبتعاد عنهم ولا يصيبهم ويهرب من طريقهم طوال الوقت خوفا من القبض عليه والهلاك ....

                   الجميع يدعون بسلامة العقول والدليل واضح فى غابتنا الكبيرة والأخريات ، حيث أحد المستثمرين الأذكياء طمعا في الربح الكبير فتح سلسلة محلات تجارية لبيع العقول في العديد من الأسواق ، ومرت فترة زمنية عدة شهور طويلة من غير بيع ولا دخل ، ولا زبائن ولا مشترين مما إضطر المالك إلى إعلان الإفلاس من دفع المصاريف الباهظة فى العرض ، وتمت الدراسات الدقيقة عن الموضوع وماذا الخطأ و كيف حدث ،، ووصل الباحثون بعد جهد ومداولات الى السبب الرئيسي حيث أي زبون كان ، يشاهد العقول فى صالة العرض معروضة للبيع من وراء الزجاج ، يتطلع لها بذهول متعجبا غير مصدق أنها معروضة للبيع بأبخس الأسعار ، ويذهب لحال سبيله بدون الشراء ولا أى سؤال للمعرفة مهما كانت المغريات والسعر القليل البسيط بعد التخفيض الكبير ، حيث يقول لنفسه أن عقله هو الإحسن والسليم ، فلماذا الشراء وتضييع المال ؟؟ أليس بجنون ؟؟

                يوما فى ليلة صيف من أربعة عقود مضت كنا مجموعة شباب نسهر مع بعض فى أحاديث شتى وقصص حدثت لتمضية الوقت ، وصديقي أحمد حكى لنا قصة حدثت معه بالصدفة ولم يتوقع كيف تنتهى أحداثها بشكل مريع مما جذب الإهتمام من الجميع لسماعها .... وقال أنه في يوم ما  عندما كان يدرس في الجامعة ومقيما بها ووقت العطلات يذهب لزيارة العائلة وعندما تنتهي يرجع إلى الجامعة، وفي أحد الأيام كان ينتظر قدوم الحافلة في أحد المحطات لتقل الركاب حيث وقتها ليست له سيارة خاصة يتنقل بها، وكان سور احد دور الإيواء والتأهيل للعاقلين مطلا على الساحة وأمامه لافتة كبيرة عليها سهما تحديد الإتجاه الى الساحة بكتابة كبيرة وبخط عريض، "الداخل دار الإيواء والتأهيل وإقامة العقلاء والخارج الفسيح لإقامة المجانين"  مما كانت دهشة وصدمة كبيرة كيف يحدث هذا الأمر بالعكس، والعكس صحيح حسب المعرفة والفهم ، وشاهد أحد الأطباء الشباب مفتول العضلات لابسا الزي الأبيض ومعلقا السماعة في رقبته لفحص المرضى يشير له من بعيد من وراء فتحات قضبان  سور الحديد ليقترب ، مما مشى عدة خطوات في إتجاهه حتى وصل ، ليسمع منه ماذا يريد منه ؟؟

                 وقابله بإبتسامة عريضة تدل على صفاء النفس والسريرة وقال له أنا إسمى الدكتور مدحت أعمل هنا، ولا أستطيع الذهاب في هذه العطلة حيث طبيب مناوب، وأريد منك خدمة بسيطة طالما أنت ذاهبا الى المدينة ،، وكان الرد كالعادة بدون حسابات وزلل اللسان ،، نعم أي خدمة أستطيع أقدمها لك؟ مما سلم لأحمد قصاصة ورقة صغيرة بها عنوان، قائلا له إذا كان بالإمكان الإتصال بالوالد أو الوالدة وتطلب منهم تجهيز حقيبة ثيابي ويرسلونها لي في أسرع وقت حيث أحتاجها ، ورد أحمد بسرعة بدون التفكير في الأمر، سوف أعمل مابوسعي محاولا إحضارها لك الأسبوع القادم وقت العودة وودعه ومضى لحال سبيله....

             بعد تمضية فترة العيد والعطلة بالمدينة ، وقبل الرجوع تذكر الموضوع ولم تطاوعه النفس على الترك وعدم الإهتمام و نسيانه حيث ممكن يكون محتاجا لها، وتم الإتصال مع العائلة مما أعطوه حقيبة بها الملابس المطلوبة ، وعلى خارجها ورقة ملصقة بالإسم للمستلم وعندما وصل للمكان سلمها لإدارة الايواء لتسليمها الى الدكتور مدحت وهو خالى البال من هو مدحت ؟؟ وما علاقته به ،غير الإحسان و عمل المعروف....

                 ومرت الايام والشهور بسرعة ويوما تصادف وجود أحمد في أحد الأسواق وشاهده الدكتور مدحت بالصدفة مما حياه وصافحه بحرارة، وقال له هل تتذكرني أنا الدكتور مدحت ....  وكان اللقاء مباغته لأحمد وبعد لحظات من التركيز تذكره أنه صاحب الحقيبة ، وأصر الدكتور مدحت على دعوته لزيارته فى بيت العائلة بتعريفه لهم وللشكر الجزيل بالجميل والخدمة الكبيرة حيث أتعب نفسه فى الإتصال والوقت وإحضار الحقيبة ولمزيد من التعارف والتى أحمد آعتبر الموضوع سهلا لا يتطلب هذا الشكر الجزيل على خدمة فى نظره بسيطة لا تذكر ....   وفى البداية رفض ومانع بأدب محاولا التملص والهرب من الدعوة حيث لا معرفة وثيقة به ولا علاقة له قوية مع الدكتور مدحت حتى يوافق، ولكن بعد إلحاح شديد منه ، منعا للإحراج أنه مغرورا ومتكبر وافق على قبول الدعوة على مضض للزيارة إلى بيت العائلة وكتب الدكتور مدحت له على قصاصة من الورق العنوان مرة أخرى بوضوح وساعة الميعاد ، وكان نفس العنوان السابق لم يتغير مما إرتاح صديقنا أحمد  أكثر أن الموضوع سليما وواضح ، ولم يطرأ على البال أي شك أو استغراب ...

             يوم وساعة الميعاد فى الأصيل وصل أحمد الى باب البيت ودق الجرس وكان الدكتور مدحت فى الإنتظار على أحر من الجمر خوفا من عدم حضوره فى الوقت المطلوب حسب الإتفاق والميعاد وقام بفتح الباب مصافحا الضيف بحرارة  مبتسما كالعادة وقال للضيف تفضل ، وقاده الى الدور العلوى حيث جلس فى غرفة فاخرة الأثاث  ، وطلب منه الجلوس ليرتاح وتبادل الحديث معه فى عدة مواضيع ،، وقال له بعد فترة أستأذن على التأخير هل تحب أن تشرب الشاي أم القهوة؟؟ ورد أحمد أفضل القهوة السادة بدون سكر حيث لدى مرض السكر منذ فترة ينهش بالجسم مما إبتسم الدكتور مدحت كعادته بإبتسامة عريضة حلوة وقال نعم ،، عندى لك دواءا  شافيا يطرد المرض بسرعة فى نفس اللحظة بعد تناوله... مما إستغرب أحمد من الموضوع هل هذا دواءاجديدا لم يسمع به ؟؟ ولم ينزل فى الأسواق للبيع بعد ؟؟ وخرج المضيف من الغرفة لإحضار الدواء والقهوة وبقية الأسرة للتعارف...

                تأخر قليلا من الوقت مما لحق صديقنا أحمد الشك والقلق من الإنتظار وبدأت النفس تتساءل ماذا يفعل؟؟ وندم على تلبية الدعوة والحضور لبيت غريب لوحده بدون رفاق ... وعندما زاد الوقت عن الحد وتأخر المضيف عن الحضور سار أحمد عدة خطوات يتسلل خلسة ووقف بجانب الباب محاولا سماع أي حركة، ولكن السكون كان تاما، لا صوتا ولا حديثاً أيا كان حيث البيت مهجورا من السكان وكأنه في مقبرة  ، خفوت وصمت مما زاد الشك أكثر في موضوع الدعوة والحضور ...   وتقدم خطوات خارج الغرفة في ظلال أحد الأركان بهدوء وشاهد العجب حيث الدكتور مدحت عاري الجسم في تبان قصير ممسكا بيده ساطورا وخنجرا طويلا مثل السيف يشحذهما على البعض حتى يزدادوا حدة ماضية فى الشفرة من السن والقطع بسرعة ، ويقول ويردد بصوت غير طبيعي لنفسه "سوف تشرب القهوة السادة وتتناول الدواء الشافي الأول لك، والأخير في حياتك، ياسيد أحمد حيث أنت الآن ضحية في الأسر حضرت لي طواعية على الأقدام للذبح ، وسوف أقطعك إلى قطع قطع صغيرة للشواء"...

              عندما شاهد أحمد بأم العين ما يحدث صوتا و صورة، لم يصدق وإنتابته قشعريرة وخوف كبير جعلته يرتعد من الخوف حيث الدكتور مدحت مجنون وهائج مفتول العضلات قويا ولا يستطيع مصارعته والتغلب عليه وبالأخص  هو أعزل بدون سلاح للهجوم والمباغتة أو الدفاع على النفس، وفكر بسرعة في الهرب ولكن لا يستطيع حيث الوحش الهائج بالممر، وبيده الساطور والخنجر، وهداه الفكر أن أحسن طريقة للهرب كانت عبر أي نافذة  بالغرفة مع أن الدور والبناء عاليا في الدور الثاني مما سقوطه على رصيف الشارع الأسمنتي للزقاق بثقله فجأة خطيرا سوف يتعرض فيه للكسر...  اقفل باب الغرفة بسرعة ووضع وراءه عدة قطع من الأثاث الثقيل في رمشة عين من الخوف، وفتح باب أحد النوافذ وحشر جسمه بسرعة في الفتحة الضيقة حتى يهرب، متدليا من أعلى قدر المستطاع ماسكا بيديه بقوة  حافة النافذة لتقصير المسافة حتى لا يصاب بكسور، وكان الدكتور مدحت وقتها يحاول خلع الباب بقوة وشراسة غير عادية مما الباب فتح فجوة بسيطة من العنف وتقدم الدكتور مدحت بقوة شاهرا الساطور في آخر اللحظات ويقول متسائلا بغضب وهياج لأحمد لماذا لمم تنتظر حضور القهوة والدواء ؟؟ لماذا تريد الفرار والهرب وتتركنى لوحدي ؟؟

               أحمد في تلك اللحظات الحرجة حياة أو موت كان معلقا ومتدليا للهبوط ورمى نفسه بسرعة ، أول ضربة من مدحت الخاطفة بقوة وعنف على الحافة محاولا قطع أيدي أحمد البائس الذي تفادى الضربة الشديدة و سقط من العلو الشاهق وهو يصرخ  صرخات قوية من أعماق النفس ، محاولا الدفاع عن النفس بالصراخ، عسى ان يسمعه أي أحد من الجيران أو المارة بالزقاق الضيق  ويهب لمساعدته وإنقاذه !!

               وتطلع احمد مذهولا حوله من الهزات العديدة  والعرق يغطي جسمه كالماء المنهمر من المطر، من القشعريرة  ويرتعد خوفا ورعبا، وكانت زوجته بجانبه تهزه بقوة محاولة إيقاظه من النوم العميق وتقول (بسم الله الرحمن الرحيم) لتطرد الشيطان الرجيم فقد كان أحمد في كابوس يحلم  حلما مزعجا....

          والقصة والحكاية عبارة عن موضوع مثير للضحك والسرور من أحمد وتمضية الوقت الجميل في السمر، وفي نفس الوقت له معاني كبيرة وعظة  وأخذ درس كبير أن لا يثق الحيوان الناطق في حيوان آخر ناطق من الغرباء بسرعة مهما كان الأمر بدون معرفة وثيقة وثقة كبيرة حتى لا يتم خداعه ويصاب بضرر بالغ أو ممكن أن يفقد حياته نتيجة الأخطاء وطيبة القلب والسريرة والغفلة كما حدث لأحمد، مما الجميع ضحكوا بقوة على سماعهم الحكاية بإشتياق وهم طوال الوقت فى هدوء وسكون وصمت ، حيث الإنتباه كان مركزا على معرفة نهايتها، ومعرفة وماذا حدث لأحمد ؟؟

             هذه الحكاية تعتبر بسيطة مقارنة  بالمآسي الكبيرة التي تحدث طوال الوقت نتيجة الغفلة وطيبة القلب، حيث هذه  نهايتها حلم عابر، أما الأخريات فليست بحلم عابر نهايته فرح ضحك وسرور بل قطع الأعناق والموت ، ويأخذون منها بعض الحكم والإتعاظ حتى لا يصابوا بالشر فجأة من الأحداث المفجعة التي تحدث  كل يوم  وعلى أرض الواقع أمام الجميع في غابة المختار الصغيرة  وبقية الغابات التي بها أعاصير وهرج ومرج وضحايا من المجانين الحيوانات الناطقة التي تعيث الفساد والإفساد في الحرث والنسل تحت غطاء الصلاح والإصلاح للدين ، والتي تعصف بقوة وشراسة وعنف بدون توقف...

            والمشكلة الرئيسية أن المجرمين مجهولين وغير ظاهرين في العلن ، يقوموا بالتفجير وإغتيال الضحايا الغافلين أو الذين يمشون بأقدامهم إلى الفخاخ خالين البال  يضحون بالحياة بسهولة ، لقاء الثقة العمياء، ناسين ومتناسين العواقب الوخيمة بعدها من شر وشرور....

             والسؤال والتساؤلات العديدة للجميع للمعرفة والعلم عسى أن يأخذوا عبرا ، من هو المجنون الفعلي الحقيقي في هذه الحكاية الفريدة ، هل هو الدكتور مدحت خريج دار الرعاية والتأهيل، أم صديقنا أحمد المجني عليه الخالي البال نظير الغفلة وعدم التفكير والإنتباه ، أم الزوجة البريئة التى كانت ساهرة بجانبه ترعاه طوال الوقت والليل وأيقظته خوفا عليه ؟؟ أم من ومن من الحيوانات الناطقة ؟؟

           واللأسف الشديد والواقع المرير أننا جميعا مجانين، حيث نحن أولاد وأحفاد الحيوانات الناطقة بالغابة الكبيرة المجانين ، ويسري الدم في العروق والشرايين صاعدا من نفس الفصيلة لم  و لن يتغير... فى جميع حيوانات الغابة ، طالما الفساد والإفساد مستمرا الى ما لا نهاية ، ناسين ومتناسين عبادة الخالق جل جلاله بصدق حتى يغفر ويرحم ،، عسى أن يتوقف هذا الجنون  و ينتهي ... والله الموفق....

                                                                             رجب المبروك زعطوط