Tuesday, March 26, 2013

شاهد على العصر 86



بسم الله الرحمن الرحيم


       خرجت من مبنى جهاز الأمن الداخلي وانا غير مصدق انني تحصلت على جواز سفري، وعرفت ان الرجل محمد عبدالهادى الشريف بطريقة او اخرى لديه بعض المعارف والأصدقاء المسؤولين الذين بيدهم الحل والربط في الجماهيرية  والدليل ترجيع جواز السفر الذي حجز هذه المدة الطويلة ولم يستطيع اي مسؤول بالسابق  ان يفرج عنه حتى ارتاح وأستطيع ان أسافر، ومن الفرحة لم اسمع الكلام ودخلت لمبنى الجوازات بالجوار وقدمت الجواز للتجديد وبدأت القصة والسؤال لماذا هذا التأخير الكبير، وقلت لهم عن الأسباب انها خارجة عن الإرادة  والجواز كان لدى الأمن الداخلي مما زاد الطين بلل والمسؤول ضعيف الشخصية خاف من اتخاذ القرار حتى لا يحاسب ويعاقب  ويطرد من الوظيفة، وقال لا استطيع عمل اي شئ لك ياحاج  سوف ابرق الى الادارة في بنغازي حتى تأتي الأوامر للتجديد ام لا 

وقعت بين فكى الرحى نظير التسرع وعدم التأني وسماع القول للوسيط السيد محمد واتصلت به وقلت له ماذا حدث مما غضب واستشاط  وعنفني وقال معاتبا بأدب لماذا العجلة لقد صبرت 7  اعوام  وانت تنتظر بدون جدوى، الا تستطيع الصبر عدة ايام  حتى احضر إلى درنة ؟؟ وكان محقا في كل كلمة صدرت منه

المهم حددت معه ميعادا في درنة للذهاب معا الى الجوازات بعد عدة ايام، ووصل وانتظرته في جمعية إلهيلع للدراسات الميدانية حتى وصل وفطرنا مع بعض برفقة الاستاذ محمد الهنيد وطلب من سائقه ان يمر به على مديرية الشرطة للاتصال بمدير الجوازات فى درنه وإعلامه بالوصول وتلاقينا امام بناية الجوازات ودخلنا مع بعض،
وعرفت انه يعمل هيبة لنفسه بهذه الاتصالات من المسؤولين بدرنة، ودخلنا بسرعة على المدير المسؤول الضعيف الشخصية وشاهدت المسرحية بأم العين  التي دارت بنفسى ولو لم اكن حاضرا لما صدقت الامر، عن التخاذل والنفاق في ابشع معانيه وهو يتودد للنظام طالبا المساعدة والعون للقسم من مهايا والبسة وسيارات وكثيرا من الاشياء التافهة ورفيقي مثل الديك  متعاليا ويقول سوف اعمل جميع هذه الطلبات وتمت الاتصالات الهاتفية بكثرة مع عدة مسؤولين وصدرت الأوامر بالتجديد وخرجت من مبنى الجوازات وبيدي الجواز مجدد، وانا اكاد اسقط من الفرح والسعادة انه أخيرا نجحت وها الجواز في اليد جاهزا للسفر إلى اي مكان بالعالم اود ان أزوره واقصده .

كان للحاج محمد مشكلة مع احد المواطنيين رجال الأعمال في طبرق من ال صداقة مدينا له ببعض الأموال وكان معسرا وقتها غير قادر على السداد ولديه بعض الآلات الثقيلة للبيع ولا سوق موجود نظير الكساد العام  وعدم الاعمال وحاولت مساعدة الطرفين واشتريت الآلة ودفعت القيمة إلى الحاج محمد،  ووجدت عشرات المصائب وتعبت من الصيانة والإصلاح  وبعتها بالأجل إلى احد الزبائن  بدلا من استعمالها في التأجير وخسرت خمسة الاف دينار نظير الواسطة في المعاملة ولكن غير مهم في نظري المبلغ  طالما الرجل افادني في الحصول على جواز السفر والتجديد، وقررت السفر إلى امريكا لزيارة الأحفاد .

سافرت مع الزوجة على الخطوط الجوية الالمانية لوفتهانزا من طرابلس  عبر تقضية ليلة في فرانكفورت ومنها راسا  الى مدينة دالاس تكساس والرحلة حوالى 12 ساعة طويلة في الجو، ووصلنا إلى هناك وكانت لدى مشكلة كبيرة ممكن تظهر على السطح  عن التقديم على الضرائب والدخل السنوي لانني مواطن  وغبت حوالي 12 سنة لم ادخل امريكا .

عندما هبطنا من الطائرة كتبت الزوجة قائمة واحدة كعائلة ومررنا على الحقائب واستلمناها ووضعناها على عربة كنت ادفعها وانا متهالك من الضغط الجوي الطويل وعدم الحركة ومررنا على جندي الجمارك وتطلع للقائمة وسال السؤال المعتاد للزوجة عن مدة الغياب وقالت له بصراحة عن نفسها حوالى ستة اشهر وقال مشيرا الي والسيد، وقالت له ببرود اعصاب من غير ان تتأثر اكثر …. مما لم يكرر الأسئلة ويتأكد بل ختم على الورقة وقال اهلا وسهلا الى امريكا، وكانت سعادة لا توصف كدت أطير من الفرحة 

وخرجنا من الحظيرة الجمركية إلى  القاعة حيث الجميع ينتظرون في الركاب القادمين، واول مرة اشاهد زوجة ابني مصطفى السيدة " ان " والحفيدة صفية على اسم جدتها وكانت صبية عمرها خمسة سنوات تنتظر مع والدتها في المطار برفقة أبنتي هدى المقيمة مع زوجها السيد عادل الذى اول مرة اتعرف عليه، وأقمنا بين البيتين بيت ابني مصطفى وابنتي هدى وكلاهما يشاكس الآخر حتى يحظى بإقامتنا في ضيافته.

جاء ابنى مصطفى من مدينة فرجينيا بيتش في الشمال الشرقي  الى مدينة دالاس في ولاية تكساس  ( المسافة حوالى 2240 كم ) لمشاهدتنا والاحتفاء بنا حيث بدا في العمل حديثا فى شركة دارنس لتجارة الرخام   مع خاله حمدي والشركاء ال موليجان، الشركة التى انشاتها بالعرق والجهد وبذلت الكثير حتى قامت  واضطررت لبيعها حتى ارتاح من مخاصمات الشركاء السادة موليجان وماريو نوفاكو الايطالي الذي اعتقدت يوما انه رفيق وصديق واثبتت الايام ان  العلاقة مصالح، واسدد الالتزامات واعيش بشرف بدون هموم وغم الديون والمشاكل .

وكان الامر صعبا علي  في البداية ان ابني الكبير بعد ان كنت المالك يصبح أجيرا  ليعمل فيها ووافقت على مضض عندما استشارني في الوضع حتى يتعلم العمل التجاري ويوما اذا اطال الله تعالى العمر سوف يفتح اي شركة تجارية خاصة به .

قضيت حوالى الشهر وبعدها جاء مصطفى مرة اخرى الى تكساس لينقل عائلته إلى فرجينيا بيتش وسافرنا معا في الرحلة الطويلة برا الى الشمال، وكان في استقبالنا  وحمدي خال الأولاد ينتظر  قدومنا على وجبة العشاء 

ووصلنا الى شقة مصطفى المؤجرة  المؤقته حتى يستقر في العمل وعندها سوف يشترى سكنا خاصا به بدل دفع الايجار الكبير، أرتحنا بعض الوقت ومنها انطلقنا للعشاء وكانت الساعة حوالي  السابعة مساءا والجميع فى الانتظار وجلست على الطاولة لتناول الوجبة وشعرت بضيق النفس والإجهاد فى التنفس والنبض يرتفع مما زادت دقات القلب عن المعدل واصبحت في حالة يرثى لها  والعرق يغمر الجسم بغزارة وشعرت بالنهاية .

و كنت اجلس على رأس الطاولة وإمامي صحون الطعام اللذيذ الشهى تريد من يأكل ويتلذذ بالإكل … وانا أعاني وقتها في الضغوط ولا اريد ان اشعر الاخرين كم انا أعاني وفكرت قليلا بان أخذ السكين الحاد من أمامى وافتح فتحة في الحنجرة بالرقبة  حتى  اتنفس بحرية والحمد لله تعالى ان أعطاني الصبر وتريثت في الامر مع انني أعاني الالم الشديد بالصدر  من غير ان اتفوه بكلمة

الجميع لاحظ حالتي الصعبة وأصر مصطفى ان يأخذني بسرعة الى المستشفى ولكن رفضت رفضا باتا واعتقدت ان التعب والإرهاق بسبب الرحلة البرية الطويلة ، وطلبت الرجوع الى البيت والنوم في الفراش، وخرجنا بعد ان ودعت حمدي وعائلته وتأسفت لهم عن الإزعاج الذي كان غصبا عني، مما تفهموا الامر.

لم أنم الليل وانا بالكاد اتنفس وطلبت من الزوجة  في الفجر عندما ظهر الضوء وأشعة الشمس فى الصباح  بدأت تشع ان تذهب إلى اقرب صيدلية بالقرب في الجوار  وتشتري لي الة النفخ لمرضى الصدر ( الأزمة ) حيث الشعيرات  للرئة ملتهبة تحتاج الى رعاية دقيقة   عسى ان استريح من المرض والدهشة التي طوال الوقت تضغط 
وذهبت الزوجة وجاء مصطفى وأصر تمام الإصرار بأن يأخذني إلى غرفة الطوارئ بالمستشفى الرئيسي بالمدينة ( سينتارا ) المختص بامراض القلب، للمراجعة واعطائي العلاج او الدواء المناسب حتى استريح ، ووافقت وذهبت معه وانا بالكاد أمشي

وصلت إلى غرفة الطوارئ الساعة السابعة صباحا من يوم الجمعة وانا متعب واجلسوني على سرير متحرك وادخلوني لقسم خاص بالمرضى انتظر وجاءت دكتورة وفحصت الحالة بدقة وطلبت على اخرى ثم أتى دكتور واصبح الثلاثة مركزين على الحالة مما عرفت من خلال التهامس ان الحالة خطيرة يحتاجون التأكيد قبل أخباري عن اي شئ الا بعد ان يتأكدوا من الحالة والوضع 

وقال لي الدكتور بكل صراحة، وهذه ميزة كبيرة لدى الاطباء الامريكان اخبار المريض بالحالة بدون اية مواراة كما يحدث في العالم العربي، نحن نشك ان لديك انسدادا بأحد شرايين القلب ومن حظك ان الدكتور المختص المشهور لجراحة القلب  "قريفن " لديه عدة عمليات جراحية اليوم بالمستشفى وتم الاتصال به  وسوف يمر عليك ليشاهد حالتك ويقول لنا عن رأيه فهو احسن دكتور متخصص في القلب في الولاية والمنطقة مما ارتحت قليلا .

الساعة الخامسة مساءا وصل الدكتور قريفن وهو منهك من جراء العمليات الجراحية  التي قام بها طوال النهار وهو يعمل بدون توقف والجميع فى انتظاره  وتطلع الى صور الاشعة بإمعان، وقال موجها القول لي ان الشريان الرئيسي مسدود وبحاجة إلى علاج سريع  حتى لا يؤثر على بقية اجزاء الجسم، على سبيل المثال اولا بالكليتين حتى تتوقفان والرئة والكبد وبعدها النهاية 

وقال جهز وصيتك لأن العمر بهذه الحالة الصعبة قصير جداً، وقلت له يادكتور اما من حل للمشكلة ورد وقال الحل الوحيد اجراء عملية جراحية حتى يمر الدم بقوة في الشرايين والعروق وتنتهي الأزمة… بدلا من ان اعطيك حبوبا وابر للتهدئة ،
حسب رايئ وخبرتي لديك أسبوعان وعلى الاكثر ثلاثة وتتوقف وظائف كثيرة من الكليتين الى عدة اشياء حيث لا يمر الدم وتدخل في مرحلة إغماءات وبعدها الموت، وكان الرجل في غاية الصراحة  ولم يكن لي أية خيارات، وبدون تفكير ولا وعي قررت المخاطرة بدل ان أذوى وانتهي بسرعة وقلت له بكل بساطة، القرار الصعب انا يادكتور جاهزا لعمل العملية مما استغرب من الامر انني لم اشاور النفس والعائلة مثل الاخرين من المرضى، وكانت الزوجة معي في كل لحظة، متابعة الموضوع والمحادثة وهي منزعجة تتألم على حالتي تكاد تصرخ وتبكي على وضعي ووضع الاسرة جميعها

ابتسم الدكتور وقال مخاطبا الاخرين ورئيس المجموعة، جهزوا له غرفة واهتموا بتخفيض داء السكر المرتفع  حتى يعتدل ويوم الاثنين القادم  العملية الجراحية وغادر غرفة الطوارئ وانتظرت طويلا وإلى ذاك الوقت لم تعط لي اي نوع من الادوية وانا اتالم وبالكاد اتحرك وبرأسي هموم كثيرة أولها انه ليس لدي المال ولا التأمين لدفع المصاريف الباهظة لمثل هذا النوع من العمليات الجراحية .

انتظرت طويلا حتى اتحصل على سرير شاغر، حتى خرج مريض واخذت مكانه، وكانت الغرفة جناح كبير مجهز تجهيزا طبيا بجميع الأجهزة  يتسع لمريضين ملحق بها حمام نظيف جداً مجهز بحيث المريض الداخل يستطيع الإمساك على اي جانب بسهولة حتى  لا يسقط به جميع الوسائل مربوطة وموثقة في الحوائط 

بدأت الفحوص وأخذ عينات الدم وكل ساعة حقن  إبرة صغيرة في صرة البطن لتخفيض السكر إلى مستويات مقبولة وبعض الأدوية لتقليل الدهشة طوال الليل ويومي السبت والأحد، وتم التجهيز يوم الاثنين بعد الظهر ودخلت الى غرفة العمليات للجراحة وتركيب الدعامة وكانت وقتها تعتبر عملية صعبة وليس مثل اليوم تقدم العلم واصبحت سهلة بدون أية صعوبات 

واستمرت العملية حوالي الساعتين وشعرت فجأة بأن الشريان الرئيسي المسدود فتح فجأة وشعرت  بمرور الدم بسرعة وغياب الالم بعد فترة مما ازددت فرحة وسعادة وقال الدكتور هنيئا لقد نجحت العملية والمطلوب منك عدم الحركة .

ولم يقفل الجرح  وادخلوني غرفة الإنعاش وكانت معقمة وباردة جداً وكأنهم  وضعوني داخل ثلاجة وانا ارتعد من البرد، وسألت لماذا الجرح قائم لم يقفل وقالت  الدكتورة الممرضة حتى لا تتحرك الدعامة أو يلفظها الجسم ولا تثبت وعندها يصعب الفتح من جديد 

بقيت على تلك الحالة في الغرفة الباردة عدة ساعات وانا ارتعد مغطى ببطانية وزوجتى بجانبي تؤانسني وانا أتالم حيث الجرح مازال لم يقفل… وبعد ان تأكد الطبيب ان جميع الامور سليمة تم خياطة الجرح  مكان العملية بدون تخدير بناءا على طلبي وكان الامر صعبا جداً 

الحمد لله تعالى خرجت من غرفة الإنعاش الى الجناح  للراحة وانا فرح والجميع من العائلة سعداء لنجاح العملية وبدأت استرد الصحة وتوقف  الإجهاد في التنفس والالم واصبحت اتنفس عاديا كأنني شاب في مقتبل العمر، فسبحانك  رب العالمين خلقت الداء والدواء !!! 

                     رجب المبروك زعطوط 

البقية فى الحلقات القادمة ….

Monday, March 25, 2013

شاهد على العصر 85



بسم الله الرحمن الرحيم 



           المضايقات من كثير من اشباه رجال الدولة  المسؤولين بلا حدود في هدوء وصمت بحيث الحلقات اصبحت تضيق كل يوم، نظير الخوف من المساءلة يوما من رؤسائهم  ذوى الحلقة الاولى كما يقولون ويدعون انهم المسؤولون عن حماية النظام … لماذا أتاحوا الفرص لامثالي المرتدين العاقين وكأن الوطن ملكهم وليس لنا الحق بالعيش فيه احرارا كراما ؟؟؟

  المعاناة والضغوط تزداد كل يوم  مع مرور الوقت وبالكاد أعيش على الفتات الذي اتحصل عليه سواءا من الديون السابقة او بعض الاعمال من بيع وشراء لبعض المواد من المزادات العامة التي الدولة تعمل جاهدة في تصفية القطاع العام لانه تم إثبات الفشل على جميع المستويات، تريد ان تتخلص منه بسرعة حتى تطمس من الوجود ان التجربة فاشلة وتحفظ ماء وجه العقيد من اللعنات التي تصب على رأسه كل يوم  !!  نظير الأفكار والتوجهات اللعينة التى تنبع من فكره المريض من غير دراسات جيدة  مما ضيعت المليارات من خزينة المجتمع في مهاترات تافهة وسرقات وخلقت طبقة لصوص منتفعين من الصعب التعقب والجث لهم . 
التجارة على المستويات البسيطة والبيع والشراء،  مبروكة وليبيا بجميع الضغوط والمهاترات والتراهات دائماً سوقها رائج لأنها تعتمد اعتمادا كليا على التصدير للنفط والغاز ومشتقات النفط وبعض السلع الاخرى، وعلى الاستيراد لجميع البضائع والمواد حيث الانتاج بسيط نظير الحكم الأهوج الذي جعل الجميع من ابناء الشعب يعيشون على مرتبات هزيلة  يتحصلون على الفتات ضمن خطط ودراسات مبرمجة لافساد الجميع  وجعلهم فقراء محتاجين يمدون ايديهم  غصبا عنهم لقاء الحاجة والاحتياج  للعيش، مما خلقت طبقات الفساد والإفساد، الشر والشرور بين اوساط الجميع  الذى يتراجع ويرتد كل يوم للوراء والخلف وبالتالى لا نهوض للوطن .

لا يضيق حال التاجر الذكي المغامر مهما عملوا من قوانين صارمة للحد من السمسرة والعمولات  البسيطة او الضخمة لان الكثيرين من التجار ورجال الاعمال السابقين قبل الزحف والتأميم  لديهم اتصالات سابقة مع الشركات المصدرة ويعرفون أصحابها او مدراؤها نظير علاقات وصدقات  ماضية ومعاملات 

السوق متعطش لاى شئ ياتى من الخارج ضمن حلقات متعرجة خبيثة جائرة وضغوط الكبار في الحكم والسلطة، حتى يتحصل المورد على اذونات الاستيراد للسلع المطلوبة والمحتكرة وبالاخص من  الأولاد للقذافي  الذين يضعون في أتوات ضخمة من وراء الستار وفي الخفاء وراء أقنعة وأغطية كثيرة  من اعوانهم الثقات، للحصول على الاموال لصرفها على المجون والعهر والفساد .

المشكلة القوية الصعبة لا رقيب ولا حسيب على دخول البضائع الموبوءة الفاسدة التى صلاحيتها انتهت وبالاخص المواد الغذائية التى لا تصلح للاستعمال البشري او الحيوانات من علف مما جعلت معظم ابناء  الشعب الليبى يعانون الأورام  السرطانية الخبيثة والمرض وبالاخص المواد الغذائية التى تأتى عبر الحدود من مصر،
شبكات المهربين وأزلامهم الليبين من رجال الحدود والجمارك المرتشين، احد الأسباب المهمة في التصريح الرسمي لدخولها الى اسواق الوطن بطرق خبيثة يعجز الشيطان الرجيم عن ايتانها نظير التواطوء وانعدام الضمير لقاء رشاوى ومال وفير نظير التسريب وغمض العيون عن ما يمر من مواد وبضائع  فاسدة، لانه لا ولاء للوطن باى صفة ومعيار، وهم يسمعون ويشاهدون ما يجرى من مهاترات واوامر باطلاق السراح للكثير من المفاسد الممنوعات فقد استشرى الفساد حتى النخاع، أليس الامر بمؤسف ومأساة ؟؟؟

اي انسان موظف عام بالدولة  حر نظيف شريف يحاول التصدي والصمود في الحدود يجد أمامه كثرة العراقيل والضغط والمعاناة والتهديد المستمر بالاعتداء او القتل مما يضطر الى الدخول فى المعمعة وينسى  الضمير والمبادئ والقيم وياخذ الرشوة ومال الحرام، او يضطر للرحيل محافظا على حياته من شبكات الأوباش 

من خلال هذه الصور الكثيرة، احببت ان أعطي القارئ الكريم الذي لم يعيش المحن معنا في فترة العقدين الأخيرين من حكم الظالم  في الجماهيرية وقت العهد السابق، ليعرف كم كنا نعاني نحن ابناء الوطن الشرفاء، عشرات بل مئات المأسي التى تجعل الرضيع يشيب من كثرتها وعقيدنا المعقد يتشدق ويتحدي في العالم الغربي بالويل والثبور  وهو واقف على قاعدة رخوة غير صلبة نتيجة الغرور وهتافات المنافقين بانه الصقر الوحيد، معتمدا على المال والقوة المفرطة  في الداخل لتسيير دفة الحكم  بالخوف والرعب .

تم الاستدعاء مرات عديدة من اجهزة الأمن العديدة للتحقيق المطول عدة ساعات او ايام وبعدها الإفراج نظير العلاقات  المعارف والأصدقاء… وعشت تلك الايام والاستدعاءات الصعبة والمملة على الأعصاب ادفع واقدم  الثمن الغالي من الصحة  حتى اخرج سليما معافيا، من تلك الحلقات القاسية والضغوط والمعاناة وشبكات المتاهات، حامدا شاكرا الرب الخالق انني كل مرة اخرج وانا قويا اكثر من السابق .
البعض من المسؤولين اصحاب القرار سواء من رجال الأمن او رجال القضاء والنيابات وبالاخص نيابة شمال طرابلس  لهم جزيل الشكر على ما قدموه لي من تعاون واحترام وتقدير، عندما كانوا يسألون الأسئلة الصعبة اثناء التحقيق العسير،  كنت أتطلع إلى الوجوه محاولا المعرفة واشاهد نظرات الرحمة والشفقة وكانهم يقولون لى نحن إسفين … نحن عبارة عن عبيد مأمورين ننفذ فى الأوامر

شعرت ان هؤلاء الرجال الصادقين صمام أمان لتراهات ومتاهات العقيد الحقود الذي يتلذذ بالتعذيب  او القتل لاي انسان معارض يتحداه حتى يبقى ويستمر حكمه الى ماشاء الله تعالى ونسى ان الدنيا مازالت بخير وان بها شرفاءا أحرارا،  وان ليبيا الحبيبة لم تعقر بعد … مازالت تنجب الرجال الصناديد .

انها ايام سوداء مرت علينا وانتهت اكلت الاخضر واليابس، أعمارنا ضاعت هباءا من غير ان نسعد ونفرح في الوطن، ونحن مطاردون من مكان الى اخر من فرق الموت بالخارج وبالداخل من الملاحقات العديدة والمطاردات بحيث لا يتركوننا نرتاح او ننعم بالعيش في وطننا مرتاحين بل بين الفينة والأخرى الاستدعاء والقبض والتحقيق وكانهم يقولون لنا، انتم سيئون… حاربتمونا بقوة وعنف في الخارج، لا وطن لكم هنا في ليبيا  غير العيش في المهانة والذل ….

اثناء الاعتقال والتحقيق العسير تنشط مبادرات الإفراج عني عن طريق الأصدقاء والمعارف والواسطات بحجج كبر السن والمرض … حتى  يتم الإفراج لظروف إنسانية واخرج واصل للبيت  اجر في أقدامى بضعف ونفسي حزينة كسيرة أتجرع  الالم ،  وبعدها بفترة شهور تبدء القصة من جديد، الاستدعاء من اية جهة امنية حتى يعيش المواطن الحر في القلق وينتابه الجنون او يهرب الى الخارج 

مررت بظروف صعبة قوية من حجز جواز السفر كنت مريضا بالقلب بدون ان ادري نتيجة الضغوط السياسية والمادية والبعد عن العائلة حيث تجوز ابني الكبير مصطفى في امريكا، وابنتى الكبيرة في مدينة دبي دولة الامارات، ولم احضر اي فرح ولا عرس سواءا في امريكا ام دبي  حتى افرح بأولادي لأنني ممنوع من السفر سجين السجن الكبير ليبيا .

 احد الايام والطقس معتدل في بدايات الصيف حوالي الساعة العاشرة صباحا جاء للمزرعة الصديق الوفي الاستاذ محمد الهنيد ومعه احد الرجال قصير القامة متوسط العمر وقدمه لي انه من بلدة ودان بالجنوب اسمه الحاج محمد عبد الهادى الشريف،
تعرفت بالرجل وشعرت من كثرة كلامه وشكره للعقيد المعقد والوضع ومحاولة الإيحاء انه يعرف الجميع من المسؤولين من الجنوب فلان وفلان، وانه واصل وقادر على عمل الكثير وانه من ضمن الخلية الاولى المدنية التي قامت وساندت الانقلاب الاسود سنة 1969 م 

انتابني الشعور باشياءا كثيرة اما الرجل صادقا في كل كلمة قالها  وهذه طبيعته في الحديث والتعريف والتقديم  بسذاجة  ليستحوذ  على انتباه الاخرين ويهيمن عليهم … او يكون نصابا كبيرا بمهارة وفن يرسم وينسج  خيوط النصب  حتى يتحصل على فوائد مستقبلية يوما ما من اى موضوع قد يحدث ؟؟

هذا الشعور لازمني من بداية الحديث انه ممكن الاستفادة منه في ترجيع جواز السفر المحجوز لمدة 7 سنوات وانا حبيس السجن الكبير، وبلباقة أدرت الحديث عن موضوع جواز السفر ببساطة وكان الموضوع عادي … والواقع انا احترق بداخل النفس عن الوضع لأنني غير قادر على السفر والزيارة إلى العائلة ومشاهدة الاولاد والاحفاد الجدد في امريكا !!!

من حسن الحظ تحمس للموضوع وقال لا يمكن لاي مواطن ليبي حر شريف ان يتم منعه من السفر ويحتجزون جوازه من غير امر وتهمة، ووعد بأنه سوف يأتي به في خلال ايام، وكنت غريقا احتاج إلى قشة امسك بها حتى أنجى من الغرق، وقررت التجربة 

اشعرته انني بسيط ولا اعرف كيف أتصرف في الوضع واتحصل على جواز السفر بالطرق القانونية الصحيحة، مما تمادى وقال بزهو انه غداً مسافرا إلى بنغازي لبعض الاعمال وسوف يرجع بعد عدة ايام الى درنة وينهى لى قصة جواز السفر مما شعرت بشعور قوى ممكن الامر يحدث … فكل عهد وله رجاله 

والإنسان يسعى ولا يسخر من اي احد … ففي دولة الجماهيرية كل شئ بالمقلوب والخطا ويحدث العكس وقررت التمادي ومد خيط الصنارة حتى يشبك ويلتقم الطعم واصطاد السمكة، ودعوته على العشاء مما وافق  على الحضور

كل ليلة اسهر مع الرفاق في الهواء الطلق بالمزرعة ونتناول طعام العشاء مع بعض … وقلت لهم قبل حضوره بان يحافظون على اى كلمات نابية عن السب للنظام او التطرق للعقيد المريض المجنون لأنني لا اضمن الضيف القادم، فقد تعرفت به اليوم،  ممكن يكون كذابا نصابا عاديا مستغلا المعرفة للبعض من المسؤولين النافذين بحكم انه من الجنوب او جاسوسا  ليعرف ماذا نتحدث فى أوساطنا وماهو الرأي في المجنون المريض …
  
العشاء اللذيذ على الطريقة المحلية الدرناوية  المكرونة " المبكبكة "  ولحم الخروف وإضافة البهارات وأعشاب الريحان  " الحبق "  مما تجعل الطعام لذيذ ذو طعم ورائحة زكية … لا يستطيع الجائع عن التوقف عن الاكل حيث مدينة درنة مميزة في الطبخ لعدة آكلات … والسهرة بالليل في الهواء الطلق مع اكل الفواكه وشرب كؤوس الشاي الاخضر عدة مرات .

كانت سهرة لطيفة واحاديث عامة في جميع المجالات ولم يتطرق الرفاق إلى اي موضوع مهم خاص بالوطن عن الظلم والمتاهات والمهاترات التي تحدث كل يوم  عن التسلط والاهانات والقتل من العقيد والاولاد، كانت السهرة جسا للنبض هل الضيف شريفا يحس بآلام الوطن ام مدسوسة علينا ليتغلغل في أوساطنا، ام نصابا يحاول الايقاع بنا والحصول على أموال نظير الخدمات التي  يلمح  او يعد بها .

اليوم الثاني سافر إلى بنغازي كما وعد، وغاب 3 ايام ورجع الى درنة، وبدون ميعاد وصل إلى المزرعة وعلى فنجان قهوة تحدث وقال غداً تذهب الى إدارة جهاز الأمن الداخلي وتقابل المسؤول وتستلم جواز السفر، ولا تتقدم إلى الجوازات للتجديد حتى اكون معك لأنني مسافرا إلى الشرق مدينة طبرق لبعض المواضيع  عدة ايام وسوف ارجع وامر عليك لاجدده في بنغازي ووافقت على الامر قائلا غداً سوف اذهب لاستلم الجواز، وبيني وبين النفس اكره المرور بجانبه وليس دخوله من كثرة ما قيل عنه وتردد في اوساط المدينة من تعذيب الشرفاء الاحرار المتهمين من الشباب بداخله 

اليوم الثاني ذهبت حسب الوعد إلى المقر وانا غير مصدق ودخلت إلى مكتب احد الضباط كبير الرتبة الذي عرفني ولم اعرفه لطول المدة والغياب عن ليبيا وبعد عدة اتصالات هاتفية داخل المبنى  والإدارة قال ان الامر من اختصاص الرئيس والان غير موجود في انتظار وصوله في اي لحظة وعليك اما الإنتظار او تأتي بعد ساعة؟ وقلت له افضل الانتظار لغرض في نفسي حتى اراقب ماذا يدور بالداخل واعرف بعض الوجوه للذكرى والأيام من غير ان يحسون وهم يروحون ويجيئون في الرواق بين المكاتب العديدة  .

وقال تفضل الى غرفة اخرى للانتظار لانه مشغول بإعداد تقارير، وطلب من الحارس المرافق ان يوصلني للغرفة وان يهتم باحضار القهوة او الشاي مما شكرته ونهضت، ومشيت خلف الحارس إلى غرفة كبيرة مؤثثة وبها بعض الضباط وكنت اعرف احدهم الذي كان من الجيش برتبة عقيد، واحتفوا بي وجلست واحاديث عامة ومسامرة وكأنهم في بيوتهم الخاصة عن بعض الاشياء المشينة التى تحدث في الوطن وكأنهم ليسوا في عرين مخابرات وامن النظام، مما شككت ان يكون الحديث مرتب للإيقاع بي،  وغيرت الموضوع الى حديث اخر عن امريكا والمغامرات مما شددت الانتباه حتى وصل الحارس وقال المدير وصل وينتظرك 

وودعت الضباط شاكرا لهم على الحفاوة والحديث وكم تأسفت على اوضاعهم الحالية  فهم الان على الرف انتهت خدماتهم والنظام لا يثق فيهم خوفا من اي محاولات انقلاب ضده من امثال هؤلاء الغير مرغوب فيهم، ينتظرون التقاعد وهم مايزالون شبابا في العقد الخامس ولديهم  الخبرات والمؤهلات العسكرية العالية  فجميعهم خريجوا الأكاديميات العسكرية  من روسيا .

دخلت على المدير وبعد التحية والسلام وقلت له على جواز السفر والظاهر لديه اوامر من رؤسائه بالتسليم  وبكل البساطة ضغط على زر وطلب احد الحراس ليوصلني إلى الخزينة لاستلام جواز السفر وشكرته ومشيت خلف الحارس للطابق الاول حيث مكتب الإيداعات وفتح الضابط المسؤول باب الدولاب الكبير واخرج قائمة ورزم من الجوازات  وبدا يفحص وانا اتابع والقلب يدق انتظر ظهور الجواز الخاص بي من بين عشرات المئات طالبا من الله عز وجل ان لا يكون قد ضاع وبالتالي مصائب اخرى سوف تنهال على الرأس ولا يمكن تسليم جواز سفر اخر جديد حتى يتم تسليم القديم خوفا من الازدواجية وان البعض من المهربين يزورونه ويستعملونه في اغراض إرهابية متطرفة .

أخيرا من وسط الرزم ظهر جواز السفر وتأكد الضابط منه وسلمه لي بكل البساطة وكأنه استلمه بالأمس وليس محجوزا لديهم 7 سنوات طويلة وانا سجينا بالوطن، وقلت له هل من توقيع ؟؟ وتطلع لي ببرود وقال ياحاج احمد ربك انك تحصلت عليه … مما افقت من الحلم الخادع وعرفت وتعلمت كيف الجماهيرية تدار بعقليات فارغة تافهة  ليس بها اي نوع من انواع الادارة والتنظيم فقد عشنا سنيين طويلة نرزح تحت الحكم والسلطة في خوف ورعب وهم لايساوون اي شئ بل مناظر  للتعمية وليسوا محاضر ورجال حكماء عاقلون … بل محتاجون إلى  الثورة والصد والصمود والجث من على كاهل الوطن .

              رجب المبروك زعطوط 

البقية في الحلقات القادمة ….

Saturday, March 23, 2013

شاهد على العصر 84




بسم الله الرحمن الرحيم 


  كونت شركات كثيرة لإقامة مصانع حديثة كبيرة اذا تحصلت على قروض ميسرة بفوائد بسيطة تشجيعا للقطاع الخاص على الصناعات، على سبيل المثال مصنع لطحن الغلال من المانيا  ومصنع لصناعة الخميرة وموادا كثيرة لعدة صناعات مشتقة منها من النمسا الذي بإمكانه تغطية ليبيا التى تستورد 4 الاف طن سنويا للاستهلاك المحلي واستهلاك 6 جيران محيطين بنا عن طريق التهريب عبر الحدود، ومصنع للعلف من امريكا على الطرق الحديثة المدروسة بدقة كميات ونسب البروتين المطلوبة لتسمين الحيوانات، ومصنع للبلوك الاسمنتي وبلاطات الرصيف من فرنسا ،
وصرفت الكثير من المال والجهد والوقت  للحصول على قروض كبيرة التشييد والبناء والتركيب للآلات، أسوة  ببعض الاخرين من رجال الاعمال الذين تحصلون على قروض كبيرة بالملايين، ولكن جميع الجهود والعلاقات باءت بالفشل، لان الاسم معروف لامع  ضمن القوائم الامنية انني من المعارضة للنظام، لا استحق اي نوع من انواع المساندة حتى أبقى طوال الوقت بالمؤخرة وكأن لعنة تطاردني من مكان الى مكان، وانا اتالم صابرا مؤمنا انه  يوم  الخلاص العدل والمساواة سوف ياتي عن قريب…
تركت المشاريع الصناعية وحاولت قدر الجهد ان اعمل في ميادين اخرى في الاستيراد والتعامل مع  شركة السلع التموينية العامة، التي تستورد بالمليارات كل سنة من الخارج والمهيمن عليها بعض الفاسدين الذين يتقاضون في العمولات الرهيبة من قوت الشعب ونسوا انهم يأكلون الطاغوت والرجس فى بطونهم، وببراءة  تقدمت وقدمت لهم الاسعار المناسبة التى لا يستطيع اى مورد ان يزاحم سواء فى جودة المواصفات ام الاسعار، وجميع الخطوات باءت بالقبول نظير المعارف  والاصدقاء والوسطاء والعلاقات تصل قاب قوسين للموافقة وتوقيع العقود وافاجا مرة اخرى بالمنع بطرق فنية وكان يدا خفية تتابع الامر .

كونت شركة تجارية ودخلت في مزاد لتوريد كميات كبيرة من الاسمنت وسافرت الى المانيا عدة مرات وتمكنت من الوصول الى المصدر الذي معظم التجار في حوض البحر الابيض المتوسط يشترون ويتعاملون معه فى الاستيراد للأسمنت من دول رومانيا وبلغاريا، وتم استدعاء المدير ومساعده الى  طرابلس ليبيا من قبل احد الشركات العامة الليبية للتأكيد انهم قادرين على تلبية الطلبات وقابلوا المسؤولين الليبيين امناء اللجان الشعبية  الذين كانوا جاهزين على التوقيع لاستيراد الكميات عن طريق فتح الاعتمادات، وفى اخر لحظة وبدون اسباب ظاهرة وكان يدا خفية شيطانية  تلغى العمليات 

كونت شركة مقاولات وتقدمت في عدة عطاءات وكنت من الأوائل ولم  يرسى على ولا واحد منها، وعرفت انه غير مرغوب فى العمل مع هذه الدولة، التى مفروض ان اكون من الأوائل، والسبب القوي انني كنت يوما من اشد المعارضين للنظام بالخارج .
تم حجز جواز السفر الليبي من عام  1997 م  لمدى سبع سنوات الى الاستلام عام 2004 م   وانا محجوز غير قادر على السفر وتقدمت الى جميع الجهات العامة الامنية  الخاصة بهذه المواضيع والمسؤولين الذين اعرفهم، قابلتهم شخصيا، يسمعون الشكوى وانني مظلوم  ولا من مجيب ويسعى او ينفذ ويعطى  الامر بالإفراج … مما ضعت وسط المتاهات الكثيرة التى ليس لها ابواب او منافذ للخروج من الورطة التى وقعت فيها بالمنع .

كان بالامكان الهرب من ليبيا بسهولة لانه لدي جواز سفر اخر امريكي عندما قضيت سنيين عديدة فى الهجرة والغربة فى امريكا، ولم أرضى ان اترك الوطن مرة اخرى واقنعت النفس انه قضاء وقدر وعلى الصبر الى ان ياتي يوما الفرج القريب، لان كل من يصبر وهو مظلوم  ينال الخير من الله عز وجل 

والقصة كالاتى في احد الايام تم طلبي لامر عاجل من قبل الأمن الداخلي بالقدوم للمكتب الساعة العاشرة صباحا، مما لم أنام الليل  وبقيت ساهرا معظم الوقت وانا افكر ماذا يريدون مني هؤلاء الأشرار ؟؟

كانت لدي قناعة من خلال التجارب السابقة ان هذا الجهاز الشرس  لا يعرف ولا يتعامل بالاصول،  لو الامر صعب، لا ينتظر قدومي حتى الصباح بل يقبض فى الحال، مما أعطتني بعض السكينة وهدوء النفس بان الامر سهل، الامن الداخلى مصيبة فى حالة القبض او الاستجواب يختلف اختلافا كبيرا عن النيابة حيث القبض والاستجواب عن طريق الشرطة، والتقديم للعدالة والقضاء، الاستعانة بالمحامين مما يجد المواطن بعض الراحة ان الدنيا مازالت بخير وممكن الوصول الى حلول وثغرات فى حالة الاتهام باى عمل مشين او جريمة .

اما الأمن الداخلي في حالة القبض مشكلة كبيرة حيث لا مراجعات ولا محاكم، لا محامين  ولا اي نوع من التساؤلات من اي احد الا البعض من المسؤولين اللذين بيدهم القرار، البريئ  يظل متهما إلى ان يظهر العكس ويتم الإفراج عنه حسب المزاج، الداخل لزنزانات الحجز مفقود يذوب ويتلاشى في عالم اخر وراء الشمس، الى يوم الإفراج ليبصر النور من جديد 

مهما يحكي الانسان المظلوم المتهم الذي قضى بعض الوقت في الداخل، السجين المفرج عنه لا يستطيع  الشرح مهما حاول وعمل، الخارج شبه ميت من التعذيب  والقهر اثناء الاستجوابات للوصول الى اعترافات،  او النسيان في الزنزانة عدد سنيين بدون اي ذنب اقترفه  بل عبارة عن تحطيم معنويات وضياع سنوات  العمر  وزهرة الشباب للسجين البريئ بدون ذنب. 

الساعة العاشرة  صباحا حسب الطلب كنت امام البوابة، وإعلمتهم بالوجود وتم استدعائي للداخل وانا لا اعرف ماذا يريدون  ودخلت الى احد المكاتب ووجدت موظفا جالسا على كرسي بكسل  وأمامه سجل كبير يتطلع فيه،  وتركني واقفا عدة دقائق بدون ان يهتم بالوجود وهذه عادتهم لتحطيم اعصاب الانسان القادم، ورفع راسه ببرود وقال ياحاج  بدون الرد على التحية والسلام ، مطلوب منك ان تحضر جواز السفر خاصتك، وقلت له نعم !!  انه معي بالسيارة منذ عدة ايام، ارغب واريد تجديد الصلاحية لعدة سنوات اخرى من مبنى الجوازات الملاصق لكم، وشاهدت ابتسامة باهته ترتسم على الوجه الشرس الكالح وقال  بلهجة امرة  ات به…  وخرجت من المبنى برفقة الحرس حتى الباب الخارجي للبوابة .

السيارة كانت واقفة مقابل الطريق بعيدا عن المبنى  المشبوه الذى لا يشرف الانسان الشريف الحر النقى دخوله حيث تحدث به كل يوم مظالم وقهر  من ضرب وتعذيب للابرياء للحفاظ على النظام الشائن والعاهر القذافى وأولاده وحواشيه المجرمين المنافقين، جميع من بداخل المبنى من مسؤولين ضباط وجنود وحرس يخافون من وقوف  السيارات المفخخة  بجانبهم خوفا من ان تنفجر لانهم يعيشون فى الخوف  والرعب .

وسرت بسرعة على الأقدام  حتى وصلتها وفتحت الباب واخرجت جواز السفر المنتهي ورجعت للموظف مما أخذه بدون اي استلام او اعطاء إيصال بل فتح دولابا كبيرا وشاهدت مئات جوازات السفر المحجوزة بطرفة عين سريعة ،، وببرود اعصاب  قال لي تفضل مع السلامة… وقلت له بدون إيصال استلام ولم يهتم بى وكأننى لست موجودا وقال لا 

خرجت من المبنى وانا غير مصدق اننى خرجت سليما معافيا، اتحسر على الموقف الصعب والحجز لجواز السفر بهذه السهولة والبساطة كخطوة اولى فى المسيرة  المنع المؤقت من السفر للخارج، وشعرت انني من لحظة اخذ الجواز انني اصبحت سجينا فى السجن الكبير ليبيا بدون حراس ولا اسوار تمنع الخروج!
عرفت اننى تحت المراقبة الشديدة  تحصى في الخطوات حتى ياتي الدور يوما للقبض والاستجواب، او أتصرف اي تصرف خاطئ  محاولا الهرب للخارج مرة اخرى مما الشكوك ترسخ، او اجن نظير الضغوط والمعاناة وهذا هو المطلوب حيث سوف أعيش طوال الوقت في الهم والمعاناة، الخوف والرعب وبالتالي لن ابدع في اي عمل مهما كان …
شاع النبأ بسرعة فى اوساط المدينة الصغيرة ان جواز السفر للحاج  محجوزا لدى الأمن الداخلي  لا يستطيع السفر، وبدا الهمس يدور فى الأوساط بالقدح والمدح والكثيرون من المنافقين الذين يدعون الصداقة  تخلوا عني واصبحوا يرددون الإشاعات المغرضة مما خاف الكثيرون من التعامل معي او عمل أية علاقة  مودة  وصداقة ، يتحاشون مقابلتي خوفا من ان تراقبهم العيون فى الخفاء وشعرت انني منبوذا في المدينة من طبقة معينة تساند الوضع القائم والنظام العفن الذي كل يوم تظهر بعض الروائح الكريهة على السطح .

اما الطبقات الحرة من ابناء الشعب الصادقين، كانوا متعاطفين معي الى اخر درجة في هدوء وصمت من غير ان يظهرون على السطح خوفا من الوشاة الذين يراقبون فى الخفاء حتى لا يرتبطون معى فى علاقات وثيقة ممكن يوما تصبح أدلة تافهة يستعين بها أشباه رجال وأعوان النظام فى الربط بينى وبينهم  وتجرهم الى متاهات هم في غنى عنها .

كنت اعامل بكل الاحترام والتقدير، من هؤلاءً الرجال، الشباب والشيوخ  الاحرار فى الأوساط الحرة ،، اننى لست منبوذا بل الوضع الشائن هو الذى فرض هذه المصائب والمعاناة لانه ظالم وكنت اشعر بالسعادة الداخلية تغمرنى من خلال مشاهدة العيون وهي تلمع مؤيدة المسيرة  تساند وتعرف وتعلم  كم انا مضطهد …
الشعور بالمساندة والعطف من هؤلاء الشباب والرجال الشيوخ  أمدتني بقوة طاغية على الصمود والتحدي ضد الطاغية ونظامه الفاسد العفن… أمدتني بنشوة عارمة انني لست لوحدي في الميدان أناضل وأحارب الشر والشرور 

لدينا مثل شعبي يقول "لا يحس بالنار الا الذي واطيها"، وانا شخصيا مشيت بالأقدام الحافية على الجمر الملتهب خلال فترات طويلة من الصمود والتصدى والكفاح من اجل مبادئ وقيم معينة اننى لن ارضخ ولن أطاطا الراس لمجنون مريض ونظام يظهر للعيان انه قوى نظير الإفراط في القوة والترديد للاشاعات بقوة والواقع من الداخل أجوفا هزيل 

تمادى القذافي وأولاده في الشر والشرور واعتقدوا ان ليبيا ملكهم الخاص وان ابناء الشعب الحر الأبي عبارة عن خدم عليهم العمل والطاعة والصمت والرضاء بالفتات الذي يقدم لهم، ونسوا وتناسوا انهم احفاد الجدود السابقين الذين حاربوا الظلم والمستعمر طوال عهود من الاف السنيين تناسى هؤلاء الأولاد عديمي العقل والتجارب الخبرة والمعرفة ان العدل والمساواة بين الجميع هو الاساس للحكم السليم لمن يخاف الله عز وجل …  لان تربيتهم من الطفولة والصغر  مميزين تلبى جميع طلباتهم، مهما كانت صعبة وغلط وخطا ، بدون ردع ولا عقاب … تربوا تربية شر وسط الجنود في المعسكرات، تعلموا القوة والقهر  العنف والحرمان لابناء الشعب المحتاجين  واعطاء الأوامر مهما كانت خطا بدون تمييز  مما كبروا على الشر والشرور، لم يكبروا في الدفء والحنان العائلي حتى يعيشون الواقع الذي في بعض الاحيان مرير معاناة وضيق ز

لم يشعروا يوما بالفشل فى دراساتهم والرسوب في الامتحانات،  بل دائماً ناجحين بأعلى الدرجات  مما تولدت بنفوسهم نشوة النصر انهم الأوائل  مميزين على الجميع، تربوا في الشر وان والدهم القذافي اللعين عدو الدين عليه اللعنة الى يوم القيامة لقاء المجازر في سجن ابوسليم التى اودت بحياة عشرات المئات من رجال وشباب ليبيا بدون ذنب، هتك الأعراض للحرائر بالقوة والترغيب والترهيب، قتل الضيوف الامام موسى الصدر ورفاقه، الارهاب والدم فى إخاء كثيرة من العالم، وعشرات الاشياء بل المئات من الأخطاء القاتلة ، وتأخير الوطن الحبيب ليبيا سنوات عديدة للخلف والوراء .

             رجب المبروك زعطوط 

البقية فى الحلقات القادمة …  
        

Friday, March 22, 2013

شاهد على العصر 83




بسم الله الرحمن الرحيم



          الحياة مستمرة وكل يوم ننتظر ونترقب  قدوم الجديد من الأنباء عن وضع الدولة التي كل يوم تتخبط في القرارات بحيث المواطن احتار في العيش من كثرتها تصدر فى امور معينة واليوم الثاني تلغى ببساطة والذي يدفع  الثمن الغالى المواطن البسيط لانه لا يعرف مجريات الامور اماله كبيرة وتطلعاته وطموحاته بسيطة راضيا بالقليل للعيش كريما، والكبار والبعض من رجال الاعمال تسلطوا على جميع الاعمال بطرق خبيثة يتعلم الشيطان منهم كيف تدار الامور بهذه الخساسة والخباثة .

بعد تجميد الجمعية شعرت بشعور غريب كمن فقد عزيزا عليه  فجأة بدون سابق إنذار وهو لا يتوقع الحدث ؟؟ وقررت الانغماس فى العمل حتى استطيع ان أعول نفسي في ليبيا والعائلة في امريكا .. وارتكبت غلطة كبيرة وبدات مشروع بناء بيت كبير بالمزرعة مما استنفذ جميع السيولة الحاضرة تحت اليد، بدلا من توجيهها للعمل ومن الدخل والربح استطيع ان أبدا البناء ولكن نظير أخطاء وحب الظهور بدأت فى البناء بالمبلغ البسيط الذي لدى وبعض المبالغ التى سوف تدخل مع الوقت والزمن الدائنة للبعض من الرفاق المستحقة للدفع لى والتى المدينون يطلبون فى التاجيل لها حتى يتحصلون على اموال من الاخرين حتى يوفون عهودهم معي 

عائشا على الأمل بان الدولة سوف تدفع المستحقات ولكن كنت وقتها نظير الوعود المعسولة التي جميعها كذب ونفاق حتى  اتخدر واعيش الحلم الزائف بالدفع ؟؟؟ والواقع المرير كنت كالذي يحرث في البحر بلا فائدة حيث انا شخصيا حاربت النظام بشراسة ايام الغربة بالمعارضة لمدة 12 سنة مما النظام لم يغفر لى العمل السابق ضده، ووضعت ضمن الاشخاص المتهمين طوال الوقت بان أعيش فى ليبيا بدون دخل كبير حتى أموت ببطء وانتهى 

كانت بيني وبين احد الرفاق الشركاء سابقا الحاج الفرجاني امداوى قبل الزحف والتأميم مشاكل عويصة حيث لديه بعض المستحقات الباقية ولم تكن لدى جاهزة وقت الرجوع مما ثارت حفيظته والتجأ للقضاء واتعبني في المراجعات  والمحامين وتم التسديد له بالكامل عندما تحصلت على بعض الاموال نتيجة بيع قطعة ارض بسعر زهيد 

عاملته بكل الرجولة ولم اتحسس من الموضوع والمخاصمة ليس خوفا ولا كسوف كما يقول المثل الشعبي في مثل هذه الامور " اما خاف او تحشم " لم ابيع الاخوة والمحبة، الطعام والماء والملح ، العشرة والصداقة من ايام الدراسة عندما كنا شبابا طلابا ندرس في المدرسة الابتدائية مع بعض،  لقاء اموال تافهة  تروح وتجئ ، بدون زعل ولا غضب وغيظ  واعتبرت الامر زلة  وخطا نظير الضغوط  عليه من الاخرين والاحتياج الشخصي  على ان لا تتكرر مستقبلا تحت اى ظرف .

جاء لزيارتي عدة مرات الى المزرعة وخلال الجلسات والأحاديث المطولة طرح على المشاركة فى مشروع اقامة كسارة ة كبيرة  فى موقع وادى الحصين اخر الحى للساحل الشرقي للمدينة، مما استهويت الفكرة، وبعد مداولات عديدة تم الاتفاق على شراء الكسارة وتركيبها بالموقع المقترح، حيث كان قريبا للمدينة وبدون الهبوط او الصعود للجبل مما السائقون لسيارات النقل الثقيل يحبذون النقل من الموقع القريب توفيرا للوقت والجهد والمسافة .

وكان لدي صديق فى طرابلس السيد عادل الشرشاري الذي تعرفت فى البداية  على اخوه الكبير فى القاهرة  مصر  السيد فرحات عبدالحميد الشرشاري بالغربة واصبحنا اصدقاءا أعزاءا أخوة من الدهر وليس من الظهر، ربطتنا أواصر المحبة والنضال بالغربة وقمنا بأعمال كبيرة نضالية مع بعض يوما من الايام لها دلالات كبيرة في تاريخ الوطن النضالي 

تم الاتصال مع السيد عادل في طرابلس الذى أفاد انه لديه كسارات للبيع ، وذهبت برفقة الحاج الفرجاني الى هناك لمشاهدتها بالموقع، وكان الرجل شهما وجيدا وقام بدعوتنا إلى  بيته واكرمنا، وذهبنا الى الموقع بقرب بلدة يفرن حيث شاهدنا الكسارة وهى مفككة على الارض وكان التركيز على سعة الفم لاستقبال الأحجار الضخمة الذي كان سعته متر وعشرة سنتيمترات المطلوبة والطاحونة ممتازة ووافقنا على الشراء مقابل الدفع الأجل ووافق السيد عادل على الشرط حيث وقتها لم تكن لدينا أموالا سائلة للدفع بل بالكلمة والعهد .

تم نقل الكسارة من الموقع الى الشرق حتى درنة على شاحنات لعائلة بوظهير من تاجوراء ابناء العم ،  وتم التنزيل لها فى المزرعة، وبصعوبة تمكنت من دفع أجرة النقل التى كانت حوالى العشرون ألف دينارا مع قيمة إيجار الاوناش سواء فى التركيب على ظهر الشاحنات الناقلة ام التفريغ فى الموقع فى درنة 

واحتفيت بالسائقين اولاد العم القادمين من الغرب،  وعملت لهم وليمة عشاء  وذبحت شاة حسب العادات الليبية، احتفالا بالكسارة والسائقين وقام السيد عطية الجربة صهر الحاج الفرجاني بعمل العشاء وكانت سهرة بالمزرعة وقام احد السائقين باستعمال احد الجرافات " الكاشيك " بتفريغ الشاحنات اليوم الثاني بالصباح  من القطع المتوسطة الثقل اما عن الثقيلة فقد استعملنا. بايجار عالى احد الاوناش من احد الشركات التركية العاملة بدرنة ، والقطعة الرئيسية الراس الذى يزن 50 طنا كان مشكلة كبيرة حيث لا وجود برافعات فى المدينة لتفريغه من الشاحنة باي سعر، اضطررت الى أخذ إذن  خاص من رئيس ميناء درنة  بتفريغه باحد الرافعات الضخمة الغير مسموح لها بالخروج من الميناء وبقت القطعة مدة طويلة عدة شهور  فى الحظيرة الجمركية لحين تركيب الكسارة بالموقع .

بهذا الشرح المستفيض لاعطاء الصورة كاملة عن المدينة المهمشة من النظام والتى العقيد القذافى يخنق فيها من غير إعطاؤها حقها من الاعمال حتى تعمر ويكثر الرواج التجارى بل  اضطر رجالها المغامرين الى الهجرة الى مدن اخرى بليبيا والعالم الخارجي بحثا عن لقمة العيش الشريف .

العشرة سنوات الاخيرة من القرن الماضي كانت صعبة جداً أرهقتني على جميع الأصعدة  وضيعت الصحة فقد ركبت الكسارة بعد جهد جهيد قطعة وراء القطعة الاخرى واضطررنا الى استقدام فنيين للتركيب احدهما تونسي خبير والآخر سوري فني فى اللحام للقطع الكبيرة الضخمة وكان فنانا مبدعا في  العمل الثقيل،
وتم الانتهاء بعد 3 اشهر من العمل المتواصل فى تشييد القواعد الخراسانية والقواعد الحديدية الضخمة والتركيب واستقدمنا رافعة ثقيلة لشركة كورية شرقية تعمل فى منطقة مسه بالجبل الاخضر وبعد مداولات والإغراء بسعر الإيجار تمت الموافقة بان ياتون بالرافعة الثقيلة الى الموقع بدرنة لتركيب القطعة الثقيلة 

واثناء الرفع تعطلت الرافعة من الثقل وعدم الالتزام من السائق بالتثبيت الجيد على الارض  مما اعوجت  فى اخر نقطة بالرافعة، وتم تصليحها بعد عدة ايام  من الجهد ، وكان الكورييين الشمالين الاقزام  قصار القامة جيدين جدا فى العمل الفنى وتم التركيب بسهولة للقطعة الثقيلة وكنا سعداء ان كل شئ مر على خير وسلام وان القطع الرئيسية فى مكانها المحدد بالضبط مما الفنيون والعمال استمروا فى العمل الحثيث فى وضع بقية القطع من الغرابيل والسيور المطاطيةثم بدات مشاكل الكهرباء واضطررنا الى مد خط ذا ضغط عالى على حسابنا حوالى 2 كم ، ولم تساعدنا مؤسسة الكهرباء فى مد الخط حيث المفروض ان يعمل من طرفهم ، بل قبضت أجرة التركيب والضمان والاستهلاك الشهرى وكلما نتاخر فى الدفع  يوقفون آلتيار الكهربائي مما يوما تهجمت عليهم وعلى التصرفات الخبيثة بدون إعطاء اى إنذار وكان العمليات مقصودة بقصد حتى يفقد صاحب العمل أعصابه ويضطر الى السباب والقذف، وتقدموا الى الشرطة برفع قضية وتم قدومي الى مركز الساحل للاستجواب وايداعى للسجن عدة ساعات حتى تدخلت بعض الأطراف وتم التنازل والاعتذار لي عن التوقيف .

رفعت قضية على مؤسسة الكهرباء وبعد سنوات من الكر والفر نجحت القضية وتحصلت على بعض التعويض باسعار رمزية وكانت بالنسبة الى عملية كرامة وعدالة وانني على الحق مما شكرت الله تعالى على نجاح القضية في دولة الارهاب والظلم وبالاخص ضد مؤسسة الكهرباء التى المسؤول عنها احد المغالين من ازلام القذافى المنافقين الذي فى ليبيا لا يستطيع اى مواطن ان يتحداه وقتها .

أخيرا تمت الكسارة ونظير عدم التمويل من الشريك الحاج الفرجانى تحصل على نسبة 20% واضطررنا الى قبول المشاركة مع اخ عزيز علينا السيد حسن مغتاظ عيسى من إخوتنا البراعصة  المقيم بالبيضاء الذى ساهم بعدة الات كنا فى احتياج لها وقتها للعمل بالكسارة  واصبح مالكا بنسبة 10% والبقية كانت لصالحى واضطررنا للحصول على تسهيلات من المصرف الأهلى الذى وقتها مازال جديدا فاتحا لابوابه حديث العمل فى درنة، ورئيس مجلس الادارة  للبنك صديقي الاستاذ ابراهيم شقلوف والمدير من اولاد العم، وبناء على سمعتي والضمانة الرهن العقاري  من عندي تم التسليف للشركة بمبلغ كبير نصف المليون 

وبدا الانتاج وتعثرت الشركة لعوامل عديدة وكساد السوق وعدم الآليات الجيدة للعمل التى دائماً  تتعطل فى عز العمل ولا توجد السيولة الكبيرة لشراء الات جديدة نظرا للحصار المفروض على ليبيا مما كان الدخل دائماً يضيع فى الأعطال والتصليح، والمشكلة الاخيرة عمليات التفجير للصخور بالمحجر والحصول على تراخيص المتفجرات التى كانت مدينة درنة محرومة من اى تسهيلات نظير رجالها وشبابها المقاتل فى افغانستان 

هذه الامور جميعها سببت لنا ارباكات عديدة ، وقاومت الجميع بكل القوة والعزم وبعد فترة خرج الشريك الفرجاني من الشركة وتم التسديد لحصته بالكامل ودخلت للسجن عدة ايام نظير ضمانته لدى احد المرابين الاخرين  بالمدينة لأننى لم اتوقع ان يخلف فى ميعاد السداد مما دفعت الثمن الغالى بديلا عنه من اجل التأخير وتم السداد للمرابى قريبه ، 
بدل الشريك الفرجاني قبلت بحلول احد الاخرين " ن ب " وكان فى الظاهر طيبا خلوقا، واكتشفت مع الوقت انه زير نساء وغير مهتم بالعمل كما يجب مهما نصحت ؟؟ واكتشفت عدة امور صغيرة ولكن لم اهتم لانها شخصية ، ويوما من الايام زادت الشكوك عن الحد عندما احد الخفراء الذين يخافون الله تعالى طلب مني ان يستقيل من العمل، وسألته على السبب وبعد إلحاح  باح بالسر وانه لا يريد ان يعمل حيث شريكنا في بعض الايام اثناء العطلات يحضر نساء عاهرات ويستعمل  المكتب وأماكن الإقامة لمزاجه وتقضية بعض الوقت مما كانت صدمة كبيرة حيث الكسارة بالحلال ونريد ان نسترزق منها بالحلال وانا شخصيا لا اريد اى نوع من انواع الخبث والحرام حتى يوفقنا الله عز وجل فى الرزق .

قررت يومها بهدوء ان يخرج من الشركة مهما كان الثمن، وطلبت من الشركاء التصفية وبعد أخذ ورد، طلب مني تأجيرها لهم مما وافقت بشرط ، اذا لا يوفوا بالالتزام والعقد تصفى الشركة بالرضاء التام   حيث كنت مالكا للأكثرية 70%  ولى الحق قانونا وعرفا ان اعمل ما أشاء 

تم عمل عقد عند محرر العقود وخلال الشهور الثلاثة بدا التعب وعدم الالتزام وحذرتهم اكثر من مرة  وأخيرا منعا للنزيف تم الاتفاق على تصفية الشركة وديا على مأدبة غداء فى البيضاء فى بيت الحاج حسن  واعطيت كل من الشركاء الآلات التى يريدها والمواد التى يرغبها بالزائد عن حقه ووقعتهم على مستند التصفية واليوم الثانى تم الختم من محكمة درنة على المستند للمستقبل حتى لا يتراجع اى احد منا لاى ظرف قد يحصل مستقبلا .

ارتحت كل الراحة من الشركاء والجميع سعداء وقمت بالإدارة بعض الوقت وكنت مقيما بها طوال  الاسبوع وبالاخص فى الصيف وتعمل الكسارة طوال الوقت ليلا نهارا على اليوم مما كثر الانتاج  وبدات   اسدد الديون والالتزامات الكثيرة التى كانت بالسابق تتراكم على كأهلى مما ارتاحت النفس وبدات اشعر بالفرح ينتابنى اننى عن قريب سوف اتحرر من الديون البسيطة وتبقى الثقيلة للمصرف والبعض لحين السداد من الدولة .

تسلط على احد العنصريين المغالين امين اللجنة الشعبية فى الساحل للصناعات طالبا الهيمنة وفرض الدفع  إتاوة للسماح بالعمل وادعى بان انقل المسارة الى مكان اخر بحجة حماية البيئة ورفضت النقل طالبا بعض الوقت والتصريح بمكان اخر ودفع مصاريف النقل وانا جاهزا لتلبية النقل ، ولكن مثل هؤلاء آلامناء جهلاء لا يعرفون المنطق بل يستغلون  السلطات الممنوحة لهم لمصالحهم الخاصة !  والدولة غير مهتمة ومهما المواطن رفع الصوت واشتكى لا يوجد من يسمع وبالتالى تمادى هؤلاء فى الفرض لأعمال مشينة  مما سببت الضغوط على المواطنين مع الوقت وزادت المهاترات عن الحد وسوف يوما تؤدى الى الانفجار …
قمت بتسليم الكسارة للبعض من الشباب الفنيين بعمل  وتشغيل الكسارات بالإنتاج وكان القرار صائبا حيث استرحت بدنيا من العمل المرهق اليومى والبقاء فى الموقع  ساعات طويلة كل يوم الذى كان بقربه موقع تجميع  قمامة المدينة مما ايام الصيف بعض الاحيان يصبح الجو خانق ومئات الآلاف من الذباب تغطى المنطقة ، والروائح الكريهة تنساب للموقع فى بعض الاحيان نظير هبوب الرياح الغربية الشمالية  مما كانت سببا وجيها للانتقال وعدم البقاء بالموقع ، خوفا على الصحة العامة من أية  امراض قد تحدث نظير  الحشرات والروائح 

اوقفت العمل ببناء البيت الكبير عندما اجتاحت اللجان الثورية قصر السيد يوسف عبدو اسماعيل  في منطقة بوهديمة ببنغازي حيث لا ضمانات توجد لاي مواطن ان يسلم على سكنه او أملاكه الخاصة من تأميمها بحجج واهية  نظير عدم الأمن والتخلف والقوانين الجائرة مثل قانون رقم 4 الذى يسمح لاي صعلوك من العوام باقتحام اى بيت مغلق او شقة سكنية لمواطن وبالاخص البيوت والشقق  المغلقة للمواطنيين الموفودين للدراسات العليا  او موظفى وزارة الخارجية الذين يتحتم عملهم الإقامة بالخارج لفترات طويلة بالخارج .

هؤلاء المقتحمون الصعاليك العوام يسكنون ويعيشون بحرية فى املاك المواطنين الغير الابرياء بدون اى وازع للضمير ولا يندى لهم جبين انه حرام وخطا استغلال املاك  الاخرين لا قانونا ولا شرعا ولا عرفا، وانما تلبية لاوامر مجنون مريض، أليس الامر بمؤسف ومأساة ؟؟؟ 

نظير التعطيل المستمر من امين اللجنة الشعبية للصناعة بالساحل الشرقى من ال الحرير المنصورى الذى حاربنى بكل القوة ولم ارضخ له وكنت عنيدا وتحديته وذهبت الى طرابلس عدة مرات وجاءت عدة لجان من حماية البيئة وكله وعود وكلام فارغ، لا احد يستطيع المواجهة لتراهات العقيد المعقد، وأخيرا وصلت الى حل ذكى واتفقت مع احد الجهات العسكرية بان اضع لافته على الكسارة انها تابعة لهم مقابل دفع إتاوة مبلغا ماليا كل شهر 

وجاء شخصيا يوما للتأكد ولم يستطيع يومها عمل اى شئ ضدى فقد خاف من العسكر أليس الامر بمؤسف ان المواطن الشريف الذى يعمل بالعرق عائشا بقرب القمامة والروائح ممنوع عليه الكسب الحلال يرزح تحت الضيق والمعاناة،  والمضايقات من جميع الجوانب بلا حدود حتى يفلس ام يرحل؟؟

استمريت فى العمل حوالى السنة وبعدها قررت بيعها حتى ارتاح… وتقدم زبون من المدينة السيد رجب فرج ابوزيد لشرائها وكنت اعرف والده جيدا وحتى جده الحاج عبدالعزيز، وتم البيع له على ان يسدد للمصرف ولكن لم يكن وفيا وصادقا فى المواعيد واخذت حقوقي وكامل المبلغ بعد ان تعبت معه على اقساط عديدة طوال سنتين من الزمن و كأنني اشحذ منه مما ضاعت القيمة ولم استفيد من المبلغ لأنني لم يتم القبض مرة واحدة 

انتقلت الى طرابلس العاصمة وفتحت مكتبا هناك، وتم شراء شقتين بالكلمة من غير ان ادفع الثمن  الذى تم الاتفاق عليه حتى اتحصل على حقوقى من الدولة والتى تعد بالملايين التى تم اغتصابها بالزحف والتأميم،  من السيد عبد العالم الغريانى، الذى كنا شركاء فى الغربة فى محلات اثاث فى مدينة هيوستن تكساس، ومكتب تجاري شركة الجبل فى مدينة ساؤول بكوريا الجنووعندما شريك كوري بلانا به الله تعالى واختفي كل الرأسمال والأرباح وطاردناه بقوة عن طريق المحاكم وتحصلنا على القليل بعد سنوات عديدة وجهد كبير .

وعندما رجعت فى اوائل التسعينات تمت تصفية الشركات معه واحتفظنا بالود والأخوة والصداقة فقد كانت بيننا عشرة وماء وملح، وعندما ارتحلت الى طرابلس بعدها بعقد من الزمن، عرض على الشقق واشتريتهم منه كما قلت بالسابق 

واحدة إستعملتها كمكتب والأخرى كسكن مؤقت فى شارع النصر فى طرابلس، وكنت محظوظا ان الرجل وافق على العرض والبيع الاجل مع  التاثيث الجيد حيث كان فنانا مبدعا فى الديكور وله ذوق رفيع، لا يوجد لدى الكثيرون  فى ليبيا، بل لدى القلة 
ساعدني الرجل ووقف معي ساعة الضيق، نظير المعاملات السابقة  والرفقة فى الغربة والمهجر طوال سنوات عديدة، وكنا متعادلين فقد وقفت معه مواقف رجولية فى اكثر من موضوع شائك مع الدولة عن طريق المعارف والأصدقاء الجيدين ، لانه بيننا أخوة صادقة مبنية على الطهارة ومحبة فى الله عز وجل وعلاقتنا متينة عائلية مبنية على التقدير والاحترام وليست مبنية على المصالح والمال والنفاق مثل اليوم فى هذا العصر المشين التى ضاعت المودة والمحبة واصبح كل شئ يقاس بالمصلحة والمنفعة .
تقدمت بعدة مشاريع مهمة للحصول على قروض للبدء والإنشاء ودفعت الكثير فى التجهيز من قيام الشركات ودراسات  الجدوى الاقتصادية والتجميع  للمستندات، ابتداءا من انشاء الشركات والبحث عن شركاء حقيقيين الذين من الصعب الحصول عليهم ، مما اضطر الكثيرون على التعامل مع شركاء مزيفين مستغلين عبارة عن وضع الاسم ورقم البطاقة  والتوقيع حتى تستوفي البيانات حسب طلبات الدولة والقوانين السارية التى تدل على التخبط والضعف وفى نفس الوقت مبرمجة للفساد والافساد،
التى معظمها آلت الى العراك والخصام بين الشركاء لانها من اول يوم قامت على الطمع والاستغلال سواءا من الذي طلب او الذي وافق،  وانتهت فى قاعات المحاكم عندما تحصلوا على قروض كبيرة بطرق شريرة خبيثة  بدون الإنشاء الحقيقي للمطلوب من الغرض الذى تم الإقراض له ،،،  وضاعت المبالغ الكبيرة الضخمة بالملايين  فى جيوب البعض سواءا من رجال الدولة  المقربين  او  رجال المصارف المقرضين ووساطؤهم الذين يتقاضون عمولات كبيرة بالجبر والاكراه، اذا اراد المقترض الحصول على المال، مما الكثيرون تداعوا فى الاقتراض الفاحش بالربا والحرام، ومع الوقت تم العجز عن السداد، وانتهت القصص فى المحاكم والمشاريع بدل ان تقام وتنجح باءت بالفشل منذ اليوم الاول .  

                    رجب المبروك زعطوط 

البقية فى الحلقات القادمة …