بسم الله الرحمن الرحيم
كونت شركات كثيرة لإقامة مصانع حديثة كبيرة اذا تحصلت على قروض ميسرة بفوائد بسيطة تشجيعا للقطاع الخاص على الصناعات، على سبيل المثال مصنع لطحن الغلال من المانيا ومصنع لصناعة الخميرة وموادا كثيرة لعدة صناعات مشتقة منها من النمسا الذي بإمكانه تغطية ليبيا التى تستورد 4 الاف طن سنويا للاستهلاك المحلي واستهلاك 6 جيران محيطين بنا عن طريق التهريب عبر الحدود، ومصنع للعلف من امريكا على الطرق الحديثة المدروسة بدقة كميات ونسب البروتين المطلوبة لتسمين الحيوانات، ومصنع للبلوك الاسمنتي وبلاطات الرصيف من فرنسا ،
وصرفت الكثير من المال والجهد والوقت للحصول على قروض كبيرة التشييد والبناء والتركيب للآلات، أسوة ببعض الاخرين من رجال الاعمال الذين تحصلون على قروض كبيرة بالملايين، ولكن جميع الجهود والعلاقات باءت بالفشل، لان الاسم معروف لامع ضمن القوائم الامنية انني من المعارضة للنظام، لا استحق اي نوع من انواع المساندة حتى أبقى طوال الوقت بالمؤخرة وكأن لعنة تطاردني من مكان الى مكان، وانا اتالم صابرا مؤمنا انه يوم الخلاص العدل والمساواة سوف ياتي عن قريب…
تركت المشاريع الصناعية وحاولت قدر الجهد ان اعمل في ميادين اخرى في الاستيراد والتعامل مع شركة السلع التموينية العامة، التي تستورد بالمليارات كل سنة من الخارج والمهيمن عليها بعض الفاسدين الذين يتقاضون في العمولات الرهيبة من قوت الشعب ونسوا انهم يأكلون الطاغوت والرجس فى بطونهم، وببراءة تقدمت وقدمت لهم الاسعار المناسبة التى لا يستطيع اى مورد ان يزاحم سواء فى جودة المواصفات ام الاسعار، وجميع الخطوات باءت بالقبول نظير المعارف والاصدقاء والوسطاء والعلاقات تصل قاب قوسين للموافقة وتوقيع العقود وافاجا مرة اخرى بالمنع بطرق فنية وكان يدا خفية تتابع الامر .
كونت شركة تجارية ودخلت في مزاد لتوريد كميات كبيرة من الاسمنت وسافرت الى المانيا عدة مرات وتمكنت من الوصول الى المصدر الذي معظم التجار في حوض البحر الابيض المتوسط يشترون ويتعاملون معه فى الاستيراد للأسمنت من دول رومانيا وبلغاريا، وتم استدعاء المدير ومساعده الى طرابلس ليبيا من قبل احد الشركات العامة الليبية للتأكيد انهم قادرين على تلبية الطلبات وقابلوا المسؤولين الليبيين امناء اللجان الشعبية الذين كانوا جاهزين على التوقيع لاستيراد الكميات عن طريق فتح الاعتمادات، وفى اخر لحظة وبدون اسباب ظاهرة وكان يدا خفية شيطانية تلغى العمليات …
كونت شركة مقاولات وتقدمت في عدة عطاءات وكنت من الأوائل ولم يرسى على ولا واحد منها، وعرفت انه غير مرغوب فى العمل مع هذه الدولة، التى مفروض ان اكون من الأوائل، والسبب القوي انني كنت يوما من اشد المعارضين للنظام بالخارج .
تم حجز جواز السفر الليبي من عام 1997 م لمدى سبع سنوات الى الاستلام عام 2004 م وانا محجوز غير قادر على السفر وتقدمت الى جميع الجهات العامة الامنية الخاصة بهذه المواضيع والمسؤولين الذين اعرفهم، قابلتهم شخصيا، يسمعون الشكوى وانني مظلوم ولا من مجيب ويسعى او ينفذ ويعطى الامر بالإفراج … مما ضعت وسط المتاهات الكثيرة التى ليس لها ابواب او منافذ للخروج من الورطة التى وقعت فيها بالمنع .
كان بالامكان الهرب من ليبيا بسهولة لانه لدي جواز سفر اخر امريكي عندما قضيت سنيين عديدة فى الهجرة والغربة فى امريكا، ولم أرضى ان اترك الوطن مرة اخرى واقنعت النفس انه قضاء وقدر وعلى الصبر الى ان ياتي يوما الفرج القريب، لان كل من يصبر وهو مظلوم ينال الخير من الله عز وجل …
والقصة كالاتى في احد الايام تم طلبي لامر عاجل من قبل الأمن الداخلي بالقدوم للمكتب الساعة العاشرة صباحا، مما لم أنام الليل وبقيت ساهرا معظم الوقت وانا افكر ماذا يريدون مني هؤلاء الأشرار ؟؟
كانت لدي قناعة من خلال التجارب السابقة ان هذا الجهاز الشرس لا يعرف ولا يتعامل بالاصول، لو الامر صعب، لا ينتظر قدومي حتى الصباح بل يقبض فى الحال، مما أعطتني بعض السكينة وهدوء النفس بان الامر سهل، الامن الداخلى مصيبة فى حالة القبض او الاستجواب يختلف اختلافا كبيرا عن النيابة حيث القبض والاستجواب عن طريق الشرطة، والتقديم للعدالة والقضاء، الاستعانة بالمحامين مما يجد المواطن بعض الراحة ان الدنيا مازالت بخير وممكن الوصول الى حلول وثغرات فى حالة الاتهام باى عمل مشين او جريمة .
اما الأمن الداخلي في حالة القبض مشكلة كبيرة حيث لا مراجعات ولا محاكم، لا محامين ولا اي نوع من التساؤلات من اي احد الا البعض من المسؤولين اللذين بيدهم القرار، البريئ يظل متهما إلى ان يظهر العكس ويتم الإفراج عنه حسب المزاج، الداخل لزنزانات الحجز مفقود يذوب ويتلاشى في عالم اخر وراء الشمس، الى يوم الإفراج ليبصر النور من جديد …
مهما يحكي الانسان المظلوم المتهم الذي قضى بعض الوقت في الداخل، السجين المفرج عنه لا يستطيع الشرح مهما حاول وعمل، الخارج شبه ميت من التعذيب والقهر اثناء الاستجوابات للوصول الى اعترافات، او النسيان في الزنزانة عدد سنيين بدون اي ذنب اقترفه بل عبارة عن تحطيم معنويات وضياع سنوات العمر وزهرة الشباب للسجين البريئ بدون ذنب.
الساعة العاشرة صباحا حسب الطلب كنت امام البوابة، وإعلمتهم بالوجود وتم استدعائي للداخل وانا لا اعرف ماذا يريدون ودخلت الى احد المكاتب ووجدت موظفا جالسا على كرسي بكسل وأمامه سجل كبير يتطلع فيه، وتركني واقفا عدة دقائق بدون ان يهتم بالوجود وهذه عادتهم لتحطيم اعصاب الانسان القادم، ورفع راسه ببرود وقال ياحاج بدون الرد على التحية والسلام ، مطلوب منك ان تحضر جواز السفر خاصتك، وقلت له نعم !! انه معي بالسيارة منذ عدة ايام، ارغب واريد تجديد الصلاحية لعدة سنوات اخرى من مبنى الجوازات الملاصق لكم، وشاهدت ابتسامة باهته ترتسم على الوجه الشرس الكالح وقال بلهجة امرة ات به… وخرجت من المبنى برفقة الحرس حتى الباب الخارجي للبوابة .
السيارة كانت واقفة مقابل الطريق بعيدا عن المبنى المشبوه الذى لا يشرف الانسان الشريف الحر النقى دخوله حيث تحدث به كل يوم مظالم وقهر من ضرب وتعذيب للابرياء للحفاظ على النظام الشائن والعاهر القذافى وأولاده وحواشيه المجرمين المنافقين، جميع من بداخل المبنى من مسؤولين ضباط وجنود وحرس يخافون من وقوف السيارات المفخخة بجانبهم خوفا من ان تنفجر لانهم يعيشون فى الخوف والرعب .
وسرت بسرعة على الأقدام حتى وصلتها وفتحت الباب واخرجت جواز السفر المنتهي ورجعت للموظف مما أخذه بدون اي استلام او اعطاء إيصال بل فتح دولابا كبيرا وشاهدت مئات جوازات السفر المحجوزة بطرفة عين سريعة ،، وببرود اعصاب قال لي تفضل مع السلامة… وقلت له بدون إيصال استلام ولم يهتم بى وكأننى لست موجودا وقال لا …
خرجت من المبنى وانا غير مصدق اننى خرجت سليما معافيا، اتحسر على الموقف الصعب والحجز لجواز السفر بهذه السهولة والبساطة كخطوة اولى فى المسيرة المنع المؤقت من السفر للخارج، وشعرت انني من لحظة اخذ الجواز انني اصبحت سجينا فى السجن الكبير ليبيا بدون حراس ولا اسوار تمنع الخروج!
عرفت اننى تحت المراقبة الشديدة تحصى في الخطوات حتى ياتي الدور يوما للقبض والاستجواب، او أتصرف اي تصرف خاطئ محاولا الهرب للخارج مرة اخرى مما الشكوك ترسخ، او اجن نظير الضغوط والمعاناة وهذا هو المطلوب حيث سوف أعيش طوال الوقت في الهم والمعاناة، الخوف والرعب وبالتالي لن ابدع في اي عمل مهما كان …
شاع النبأ بسرعة فى اوساط المدينة الصغيرة ان جواز السفر للحاج محجوزا لدى الأمن الداخلي لا يستطيع السفر، وبدا الهمس يدور فى الأوساط بالقدح والمدح والكثيرون من المنافقين الذين يدعون الصداقة تخلوا عني واصبحوا يرددون الإشاعات المغرضة مما خاف الكثيرون من التعامل معي او عمل أية علاقة مودة وصداقة ، يتحاشون مقابلتي خوفا من ان تراقبهم العيون فى الخفاء وشعرت انني منبوذا في المدينة من طبقة معينة تساند الوضع القائم والنظام العفن الذي كل يوم تظهر بعض الروائح الكريهة على السطح .
اما الطبقات الحرة من ابناء الشعب الصادقين، كانوا متعاطفين معي الى اخر درجة في هدوء وصمت من غير ان يظهرون على السطح خوفا من الوشاة الذين يراقبون فى الخفاء حتى لا يرتبطون معى فى علاقات وثيقة ممكن يوما تصبح أدلة تافهة يستعين بها أشباه رجال وأعوان النظام فى الربط بينى وبينهم وتجرهم الى متاهات هم في غنى عنها .
كنت اعامل بكل الاحترام والتقدير، من هؤلاءً الرجال، الشباب والشيوخ الاحرار فى الأوساط الحرة ،، اننى لست منبوذا بل الوضع الشائن هو الذى فرض هذه المصائب والمعاناة لانه ظالم وكنت اشعر بالسعادة الداخلية تغمرنى من خلال مشاهدة العيون وهي تلمع مؤيدة المسيرة تساند وتعرف وتعلم كم انا مضطهد …
الشعور بالمساندة والعطف من هؤلاء الشباب والرجال الشيوخ أمدتني بقوة طاغية على الصمود والتحدي ضد الطاغية ونظامه الفاسد العفن… أمدتني بنشوة عارمة انني لست لوحدي في الميدان أناضل وأحارب الشر والشرور …
لدينا مثل شعبي يقول "لا يحس بالنار الا الذي واطيها"، وانا شخصيا مشيت بالأقدام الحافية على الجمر الملتهب خلال فترات طويلة من الصمود والتصدى والكفاح من اجل مبادئ وقيم معينة اننى لن ارضخ ولن أطاطا الراس لمجنون مريض ونظام يظهر للعيان انه قوى نظير الإفراط في القوة والترديد للاشاعات بقوة والواقع من الداخل أجوفا هزيل …
تمادى القذافي وأولاده في الشر والشرور واعتقدوا ان ليبيا ملكهم الخاص وان ابناء الشعب الحر الأبي عبارة عن خدم عليهم العمل والطاعة والصمت والرضاء بالفتات الذي يقدم لهم، ونسوا وتناسوا انهم احفاد الجدود السابقين الذين حاربوا الظلم والمستعمر طوال عهود من الاف السنيين …تناسى هؤلاء الأولاد عديمي العقل والتجارب الخبرة والمعرفة ان العدل والمساواة بين الجميع هو الاساس للحكم السليم لمن يخاف الله عز وجل … لان تربيتهم من الطفولة والصغر مميزين تلبى جميع طلباتهم، مهما كانت صعبة وغلط وخطا ، بدون ردع ولا عقاب … تربوا تربية شر وسط الجنود في المعسكرات، تعلموا القوة والقهر العنف والحرمان لابناء الشعب المحتاجين واعطاء الأوامر مهما كانت خطا بدون تمييز مما كبروا على الشر والشرور، لم يكبروا في الدفء والحنان العائلي حتى يعيشون الواقع الذي في بعض الاحيان مرير معاناة وضيق ز…
لم يشعروا يوما بالفشل فى دراساتهم والرسوب في الامتحانات، بل دائماً ناجحين بأعلى الدرجات مما تولدت بنفوسهم نشوة النصر انهم الأوائل مميزين على الجميع، تربوا في الشر وان والدهم القذافي اللعين عدو الدين عليه اللعنة الى يوم القيامة لقاء المجازر في سجن ابوسليم التى اودت بحياة عشرات المئات من رجال وشباب ليبيا بدون ذنب، هتك الأعراض للحرائر بالقوة والترغيب والترهيب، قتل الضيوف الامام موسى الصدر ورفاقه، الارهاب والدم فى إخاء كثيرة من العالم، وعشرات الاشياء بل المئات من الأخطاء القاتلة ، وتأخير الوطن الحبيب ليبيا سنوات عديدة للخلف والوراء .
رجب المبروك زعطوط
البقية فى الحلقات القادمة …
No comments:
Post a Comment