Saturday, May 28, 2016

يوميات خاصة 3

بسم الله الرحمن الرحيم


                  تم الاتصال في بنغازي واللقاء مع صديقي اللواء عمر الحريري والذي أصبح أحد القادة العسكريين المسؤول عن إدارة الجيش الوطني في فترة التمرد والثورة بالشرق بعد أن كان مبعدا سنوات طويلة في الظلال عن الخدمة العسكرية من الطاغية أثناء  تصفيات الضباط الوطنيين الجيدين في منتصف السبعينات من القرن العشرين الماضي بحجج باطلة أنهم يهيؤون للقيام بثورة ضد النظام ...  ووقت الثورة لبى نداء الواجب للوطن وشارك منذ اليوم الأول مع البعض من ضباط الجيش المخلصين في دحر الطاغية والخلاص منه... وطلب مني السعي مع المسؤولين الأمريكيين عن طريق الأصدقاء والمعارف الدعم بالسلاح المطلوب للمقاومة وبالأخص أجهزة الإتصالات.... وسلمنا قوائم سرية بالإحتياجات وضرورة الحصول عليها أو بعضها ولو عن طريق السوق السوداء بأي ثمن كان حيث الثوار كانوا بحاجة ماسة فورية لها للإستمرارية في مواجهة الطاغية على مختلف الجبهات الغربية لدحر قواته من الصمود...   مما قبلت المهمة متعهدا أنني سوف أحاول كل الجهد عن طريق العلاقات للحصول على مايريدون حيث لا جميل لي، فحق الوطن و خدمته والتضحية من أجله بالروح والدم وبالأخص في مثل هذه الظروف الصعبة التي تحتاج إلى الدعم والمساندة بدون أية شروط كانت ولا مال أو أجر، مثل ما فعل ذلك الكثيرون من أدعياء الثوار مستغلين الظرف الحرج وأصبحوا بقدرة القادر في مدد بسيطة أغنياء حرب و في حساباتهم الملايين من النهب على حساب دماء وآلام  الضحايا الشهداء.

                  قابلت صديقي العقيد الناجي الجدائمي الذي كان أول من قاد فرق الصاعقة في ليبيا أيام النظام الجماهيري في السبعينات والذي كان يتحرق شوقا للقضاء على الطاغية وأعوانه من كثرة ماأهين وعذب بالسجن عدة سنوات عديدة إثر وشاية من عضو مجلس قيادة الثورة الغوغائية اللواء مصطفى الخروبي على تهم باطلة كاذبة لقلب الحكم والنظام ، أيام التصفيات التي شملت الكثير من الضباط الوطنيين الشرفاء خوفا على النظام من أي هزات عنيفة قد تحدث له بالتمرد من الضباط المشكوك في ولائهم... وكان يعمل جاهدا بأوامر من المجلس الإنتقالي على تجميع جيش من الثوار المدنيين من جميع الكتائب والقطاعات في أسرع وقت للعمل جماعيا ضمن الأوامر والخطط العسكرية بنظام وإنضباط وربط  وليس عشوائيا كما يحدث في جميع خطوط الجبهة، إختصارا للوقت حتى يتم القضاء على الطاغية بسرعة قبل أن يستجمع الأنفاس و يتحصل على مدد وعون... وكان نعم الجندي الملتزم، لا يعرف من السياسة والدهاء الا القليل حيث كان عسكريا محترفا بمهارة تركيزه على القتال ، يصدر وينفذ أوامر قيادته بدون أية تجاوزات ولا إستفادة شخصية سواءا مالية أو شهرة والبقاء في السلطة... ووفقت بحمد الله تعالى في الجمع بينه و بين  زعيم وآمر الكتيبة المدنية شهداء بوسليم في التعاون المثمر حتى تصبح للكتيبة الصبغة الرسمية والشرعية تحت إطار وعنوان الجيش القوات المسلحة الرسمية ... وبعد أن قام بالمجهودالكبير في التجميع وإنشاء الكيان الجديد من الصفر وأصبح حقيقة على الواقع تمت إحالته وسرقة الموضوع منه والحلول مكانه من الخوارج المرتدين المتطرفين حتى يتحكموا في مصير الوطن، وأثبتت الأيام مدى الضرر الذي حصل .

                        أغتيل اللواء عبدالفتاح يونس بدون رحمة ولا شفقة مع مرافقيه وحرسه من أبناء عمه الثقات بناءا على إستدعائه من الجبهة الغربية من الخطوط الأمامية للقتال بأمر من رئيس المجلس الإنتقالي للقدوم إلى بنغازي للتحقيق معه في مواضيع غير معروفة مبهمة كما أشيع في الأوساط ، أهمها المراوغة والتعطيل في الاستمرار في التقدم والزحف وإحتلال سرت ،مدينة الطاغية،  التي كانت محاصرة وشبه جاهزة للإحتلال والسقوط إلا من بعض جيوب المقاومة  الشرسة...  ونفذ اللواء الأمر بدون تعطيل ولا خوف وكان بإمكانه الرفض في القدوم إلى بنغازي بحجج كثيرة أو يأتي ضمن حراسات كبيرة ولكن كان خالي البال عن الدسائس والمؤامرات التي تحاك له في الخفاء... وتم الإغتيال ببشاعة والتمثيل بالجسد والحرق للمجموعة كإنتقام أعمى من المجرمين في ظروف غامضة حتى الآن ... ومهما تعددت   التحقيقات عن سر الإغتيال ومن وراؤه من القوى الخفية والصراعات، يصلون دائما إلى طرق مقفلة وسدود يصعب تجاوزها... والحقيقة إلى الآن يعلمها الله تعالى والتي مهما طال الزمن يوما من الأيام سوف تظهر على الملأ للجميع.

                        تعرفت باللواء خليفة حفتر في مكتبه في بنغازي وكانت المرة  الأولى التي  نتقابل فيها شخصيا بناءا على تكليف من رئيس المجلس الإنتقالي لمعرفة الاحتياجات المطلوبة للدعم ... و قد كان نعم الرجل حيث أعطانا الأولوية وإستقبلنا قبل الكثيرين من المهمين العسكريين والمدنيين ممن كانوا في صالة الانتظار، بناءا على سمعتي النضالية الجيدة أيام المعارضة بالخارج لسنوات عديدة ، وكان بمعيتي إبني والمناضل الترهوني والعقيد المهدوي وتم النقاش في أمور كثيرة عامة وعن المقاومة الشديدة والكر والفر في الخطوط الأمامية...  وكان نعم الرجل في جميع الرؤيات والأبعاد والشرح بذكاء في النقاط التي تم نقاشها وقتها، ذو شخصية  و هيبة و مؤهلا للقيادة والزعامة ...  خرجت منه على معرفة أنهم محتاجين إلى مدربين وسلاح أمريكي لتدريب القطاعات المدنية الكثيرة من الثوار المدنيين لمساندة الجيش الذي تهلهل وضاع الربط والحزم والضبط فيه وبحاجة ماسة إلى مساندة ودعم قوي حتى يواصل المسيرة وينتصر، ووافقت أنني سوف أعمل مابجهدي عن طريق الاتصالات والعلاقات بالأصدقاء والمعارف، و أفدته بما حصل من إتصالات مع رئيس المجلس الإنتقالي السيد مصطفى عبدالجليل قبل مغادرتي إلى أوروبا وأمريكا للمشاورة والتباحث والموافقة الذي أبدى أرتياحه وطلب مني المواصلة في الموضوع مع اللواء خليفة حفتر حيث كانوا وقتها يمرون في مرحلة حرجة دقيقة والطاغية يقاوم قوات الثوار بشراسة وقوة مهما كلف الأمر من خسائر ودمار وخراب للوطن والتضحيات بالأرواح آملا في الانتصار  والإنتقام. 

                        غادرنا من مطار بنينة ببنغازي على متن طائرة خاصة مؤجرة من بعض الميسورين الوطنيين رجال الأعمال التجار لرحلات عديدة (شارتر) خاصة بالثوار لنقل الجرحى والمعاقين إلى تونس للعلاج والرجوع بالنازحين بدون دفع أية مبالغ للتذاكر بالمجان، وكانت رحلة محفوفة بالخطر من أية حوادث قد تحدث لا قدر الله تعالى...  والمريح للنفس وطمأنينتها أن الحظر الجوي من قوات  التحالف قائما مفروضا بقوة وحزم ويراقبون بعيون يقظة على أي تجاوز قد يحدث ... حيث لا تستطيع طائرات الطاغية الرابضة ببعض المطارات بالصحراء الإقلاع والترصد والهجوم والهبوط مرة أخرى، والخوف والرعب في أيام وشهور التمرد والثورة الأولى كان من أي حادث تفجير مفتعل مدبر قد يحدث في الجو من العملاء الطحالب والأزلام المدسوسين في الصفوف والذين يحلمون بفشل الثورة ، ورجوع الطاغية للحكم والانتقام .

                      أقمنا بفندق هيلتون عدة ايام حيث أصبح المركز الرئيسي لليبيين في اللقاءات مع الكثير من الثوار القادمين إلى تونس سواءا للعلاج أو البحث عن مصادر تموين للسلاح  والمعدات المطلوبة وكونت علاقات وصداقات عديدة معهم قائمة إلى الآن مع البعض بعد مرور خمسة سنوات على نجاح الثورة والنصر ... وتبرع آحد الأصدقاء وقتها المقيم بالخارج عن طريقي  والذي طلب مني عدم ذكر الإسم حيث لا يحب المباهاة والفخر و يريد أن يكون فاعل خير في السر والخفاء بشحنتين كبيرتين جوا بالطائرة لوصولها بسرعة إلى الثوار من الملابس والأحذية العسكرية حسب المواصفات المطلوبة،  والقادمة من آسيا ، حيث كان الفصل شتاءا وكمية كبيرة من الدروع الواقية لأجسام الجنود ضد الرصاص وكان موقف المسؤول العسكري التونسى جيدا وتعاون مع وسيطنا صديقه إلى أقصى الحدود وأصدر الأوامر الصارمة بعدم التفتيش والمتابعة في مطار قرطاج وتركها تنقل في وضح النهار وتصل إلى أياد الثوار وتم تسليم الجزء الأكبر إلى مغاوير الزنتان والباقي إلى مغاوير الزاوية كدعم من بعض الأحرار الجنود المجهولين.

                      وتمت الإتصالات العديدة مع عدة أطراف مهمة أخرى بالتزويد ببعض المعدات الضرورية من السوق السوداء للدعم والمساندة والذين بعضهم وافق على المواضيع والإستجابة للبيع والتسليم الفوري بالدفع المسبق بتحفظ حيث يحتاجون مع المال إلى تفويضات رسمية من المجلس الانتقالي كتابة للتعجيز والرفض بأدب وليس سرية ومن خلف الستار عن طريق وسطاء خوفا من وصولها إلى أياد منظمات الإرهاب العالمية حتى لا تتم ملاحقتهم يوما من الأيام من الدول الكبرى المعنية بالأمر والمكافحة بقوة للشر الذي بدأ ينتشر بسرعة في الدول العربية الاسلامية كالورم السرطاني الخبيث  الذي صعب علاجه مهما حاول الضحايا الكفاح والعلاج والتشبث بالحياة... والله الموفق...

رجب المبروك زعطوط

 البقية تتبع .....

Sunday, May 22, 2016

يوميات خاصة 2

بسم الله الرحمن الرحيم


 يوم 17 فبراير 2011 م حوالي الساعة الثانية والنصف ظهرا وصلنا إلى مطار بنينة بنغازي للسفر إلى إسطانبول تركيا بعد أن تناولنا غداءا سريعا في بيت أختي التي كنا  مقيمين في ضيافتها منذ يومين ، وكانت جميع الامور هادئة هدوءا غريبا  غير عاديا وكأن هناك شيئا كبيرا سوف يحدث...  و لاحظت عدم الاستقرار في وجوه عاملي المطار من موظفين ورجال الأمن واللجان الثورية العابسة الحزينة وكأنهم في مأتم،  حيث في اليومين الأخيرة منذ مجيئنا من مدينة درنة بالليل تشتعل النيران بالتمرد الشعبي كبدايات في مدينة بنغازي منذرة بالخطر .. وكانت تحدث الكثير من المصادمات بين الشباب ورجال الأمن من الظلام إلى الفجر وبالنهار كل شئ هادئ وعادي غير بقايا النيران في أكوام القمامة في الأركان وبعض سيارات الأمن المحروقة التي تم إلقاء قنابل المولوتوف عليها لقفل الأزقة الضيقة من المرور السهل في المطاردات للشباب الثوار وبالأخص في منطقة ميدان الشجرة والأزقة المتفرعة منها إلى وسط المدينة القديمة وسوق الحوت وميدان البلدية...

                 كنت ذاك اليوم المشهور في تاريخنا الوطني الحديث مع الحاجة رفيقة العمر والتي كانت مصرة على السفر معها لزيارة بقية العائلة في أمريكا حيث لنا فترة طويلة عليهم، ومررت عبر الأجهزة الامنية وأنا متوقعا في كل لحظة التعطيل والحجز وعدم السفر مثل السابق في كل مرة وبالأخص في الظروف الصعبة التي يمر فيها الوطن ولكن ستر الله تعالى وتم ختم جواز السفر الليبي بالسفر ودخلت إلى صالة العبور ( الترانزيت ) في إنتظار الصعود للطائرة على الخطوط الجوية التركية وأنا داخليا بالنفس قلقا ولدي الشعور وغير مصدقا سهولة المرور بهذه الكيفية وبالأخص في مطار بنغازي المشهور بالتعقيد للجميع في الإجراءات والسماح بالمرور والسفر من كثرة اللجان العديدة المتضاربة الغير معروف عددها وعيون الامن التي كانت تفحص  الجميع بنظرات الريبة والشكوك، وجلسنا على الكراسي المنزوية بأحد الأركان في الانتظار مشدود الأعصاب متوقعا في أية لحظة النداء على الاسم والمنع وسحب جواز السفر ، كما حدث الأمر معي في الكثير من المرات ....

                    بعد إنتظار بسيط صعدنا الطائرة ، ولما بدأت تصعد فى الفضاء الفسيح تنفست الصعداء وكانت رحلة مريحة حوالي ثلاثة ساعات إلى مدينة إسطانبول ووصلنا سالمين وبعد الإجراءات الرسمية للدخول وإستلام الحقائب إستقلينا عربة أجرة إلى الفندق في وسط المدينة ضاحية تقسيم وفي الغرفة فتحت الجهاز المرئي على قناة الجزيرة كالعادة لمشاهدة ومتابعة الأخبار ، وكم صعقت  من الأنباء السعيدة وفرحت فرحا شديدا حتى كدت أن أصاب بأزمة قلبية وأنا مريضا بالقلب من المفاجأة والفرحة العارمة الكبيرة عندما شاهدت المذيع وهو يصف  الاحداث الدموية القوية في بنغازي فقد قامت الثورة في العلن بعد مغادرة الطائرة ارض المطار والنيران شبت فجأة في معظم أرجاء الوطن دفعة واحدة والشعلة الأولى الرائدة ظهرت من مدينة التحدي، بنغازي طوال العهد الجماهيري الفاسد، ويوم التمرد والثورة غادرت الوطن والفرق في حدوثها ساعات فقط وكم حزنت وبدأت أعاتب  زوجتي على السفر في هذا اليوم السعيد الذي كنت أنتظره طوال عقود عديدة متمنيا حضوره بشوق قبل الوفاة  ويأتي وأكون خارج الوطن!! وكان ردها بسيطا لو موجودا بالوطن ماذا تستطيع ان تعمل ؟؟ وجودك فى الخارج مهم في الدعم للثوار وإذا ترغب فى الرجوع تستطيع غداً أن تسافر جوا إلى القاهرة مصر وبعدها بالبر عبر الحدود إلى مدينة درنة ، وكانت صائبة في النصيحة و في كل كلمة قالتها فتوقفت عن اللوم والعتاب مؤمنا أنه تسيير من القدر وممكن فيه الخير الكبير بدون أن أعلم ...

                        اليوم الثاني غادرنا إلى العاصمة واشنطن امريكا حيث كان إبننا البكر في الانتظار بالمطار وغادرنا العاصمة بالبر عدة ساعات في سيارته إلى مدينة فرجينيا بيتش على الساحل الشرقي وأقمنا في بيته وقتها حيث كان لدي موعد مهم مع الطبيب المعالج على القلب ولا أستطيع تأجيله ....   وخلال الانتظار تمت عدة اتصالات رسمية مع الادارة المعنية في البيت الأبيض موثقة عن طريق الحاسوب بالتواريخ واللقاءات مع الوسيط طالبين العون والنجدة للإبرياء من السفاح الذي بدون الصد له بالقوة دوليا وكبح جماحه مستعدا للتضحية بالشعب الليبي كله ببساطة مقابل وجوده وحكمه الجماهيري الفاسد حيث مغرورا لم يسمع صوت العقل ويرحل خارج الوطن  ، كما نصحه الكثيرون من أصدقاؤه القادة والزعماء الأفارقة وأمريكا الجنوبية ، أنه يستحسن المغادرة والنجاة بالجلد حيث لا بقاء ولن يستمر مهما قام من حيل ودهاء و ترغيب بالمال والترهيب بالقوة حيث صعب كبح جميع الأحرار من الوطنيين بالقوة كما كان يعتقد، ببساطة وسهولة مهما فعل!!!!

                   حدثت إجتماعات عديدة مع الوسيط الذى تعاطف معنا عارفا الضرر الكبير والمذابح التي سوف تتوالى بعنف من المخبول إن لم يتم التدخل السريع ولجم الشيطان الرجيم ...  وخاطر الرئيس السيد باراك أوباما بكرسي الرئاسة والتساؤلات العديدة له من الخصوم عندما أصدر الامر بالتصدي والبدء في الحرب من غير علم وموافقة مجلس الشيوخ ( الكونجرس ) كالعادة المتبعة نظير السرعة وعدم وجود الوقت الكافى للمباحثات والمشاورة وإتخاذ القرار، وكانت الضربة الأولى من أمريكا بالعديد من الصواريخ للأماكن الحساسة للنظام فى الاتصالات مما كانت مفاجأة للطاغية وأصيب بالشلل في المتابعة مع القطاعات الموالية له بالصمود والتحدي وبدأت الفوضى تدب في صفوفه نظير تضارب الأوامر والإرتباك ...

                         وتمت المباركة وإعطاء الضوء الأخضر للتحالف الغربى بقيادة فرنسا بالتدخل الفوري و الحظر الجوى وتم القضاء على الرتل القادم الى بنغازى لسحقها من الغرب بطول حوالى اربعين ك م على الطريق السريع العام فى طوابير ،، بغارات جوية مما تعطل وخسرت قوات الطاغية الجولة الأولى المهمة التى كسرت ظهره مما أصبح يبكى عندما سمع الأنباء بالهزيمة والفشل وعرف أنها النهاية وشيكة الحدوث ولا فرصة له للهرب، وفي مدخل المدينة الغربي تم الصمود من فرق الثوار من شباب درنة حوالي ثمانمائة مقاتل شباب معظمهم محاربين تدربوا في جبال أفغانستان والعراق بقيادة المناضل سالم دربي الذي أغتيل بعدها بسنوات من تنظيم الخوارج المرتدين فى مدينة درنة، وثوار بنغازي بقيادة المناضل إسماعيل الصلابي الذين معا أبلوا بلاءا حسنا وقاموا بالبطولات الرائعة في الصد والدفاع عن المدينة بقلة السلاح الذي توفر بأيديهم والتي أذهلت الجميع من الخبراء العسكريين المتابعين لسير المعارك عن مدى التضحيات الجسيمة وطلب الشهادة والموت من أجل الوطن... وبداخل المدينة حصلت بطولات عديدة فردية من البعض وبالأخص الاستيلاء على المعسكر الرئيسي الفضيل بوعمر فى ضاحية البركة والإغارات عدة مرات على الرتل القادم من بعض الطيارين الإنتحاريين بطائرات بدون صيانة ولا تجهيز تدفعهم الحمية والوطنية للخلاص مهما كلف الأمر من تضحيات بالدم والأرواح ، رحم الله عز وجل جميع الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل الوطن الغالي عندما تم النداء وسمع صوت النفير عاليا للخلاص من الطاغية .

                   تمت الاتصالات مع دولة تشاد عن طريق أحد الشباب الليبيين الغيورين المقيم في العاصمة، واشنطن، المناضل ياسين المغربي صديقي والذي تربطه مع سفيرها علاقات مودة وصداقة ،  وتم اللقاء الأول في مبنى السفارة يوم عطلة أسبوعية بعد الظهر حتى نبعد عنا الأنظار الفضولية وكان نعم الرجل الدبلوماسي الفاهم للقضية ويتحرق شوقا لرد الصفعة بقوة وللخلاص من الطاغية القذافى الذي قام بالكثير من الدمار والخراب والقتل للمدنيين وتدخلاته في الدعم ومساندة طرف على الآخر في الحكم وشئونهم الخاصة والمآسي التي خلفها أثناء حرب تشاد المفتعلة نكاية في دولة فرنسا على الشريط الحدودى ( أوزو ) الغني باليورانيوم والنفط والكثير من المعادن الثمينة المهمة الغير مكتشفة بعد إلى الآن ،  والذي بعد اتصالات سرية مع حكومته تمت الموافقة الرسمية بعدم التدخل عسكريا في المنطقة الحدودية مع ليبيا ومنع أية قوات أفريقية أخرى من التسلل لضرب الثورة من الخلف الجنوب ، وكانوا أمناءا صادقين أوفوا بالعهد وتم الاتفاق المبدئ على حضور رئيسهم إلى بنغازي للدعم والتشجيع للثورة الوليدة كبادرة سلام وحسن الجوار ، ورجعت الى ليبيا وذهبت مع مجموعة ثوار دراونة إلى بنغازي إلى معسكر كتيبة شهداء بوسليم في منطقة قنفوذة وسلمت المناضل الآمر سالم دربي سيارة طاوية جديدة فورد ومبلغ مالي كبير لشراء سيارات طاوية أخرى ولمصاريف الإعاشة حسب الجهد والمقدرة  ، مما كانوا شاكرين على الدعم والمساندة ...

                وأثناؤها تم الاتصال مع السيد مصطفى عبدالجليل صديقي الرئيس الجديد للمجلس الإنتقالي الذي كان غير مصدقا الدور الذي قمت به ، وأفادني بالاتصال برئيس الوزراء السيد محمود جبريل في الدوحة قطر حسب التسلسل الإدارى وأعطائه العلم بالتنفيذ والقبول للعرض حتى يقوم ويأتي الرئيس التشادي في الزيارة إلى بنغازي للمزيد من الدعم الدولي والإعتراف المبدئى بالثورة وشرعيتها ، حيث معظم الجميع من الدول متعاطفين و مترددين في إتخاذ القرار والإعتراف في العلن حتى تبدأ أمريكا بالإعتراف ،،ناسيا ومتناسيا أننا فى حالة حرب ومازالت المعارك قائمة والطاغية مازال حيا يرزق يقاوم بكل الجهد والقوة، والوضع يتراوح بين الهزيمة والنصر ..

                     وسافرت إلى مدينة الدوحة، قطر، عن طريق   البر الى القاهرة ومنها جوا عبر الامارات العربية حيث شاركت فى الإعلام فى عدة قنوات على الهواء مباشرة عن المذابح والمجازر فى ليبيا ،، أذكر منها قناة الآن والعربية والحرة والمجد وغيرها ،، وبعدها الى الدوحة إمارة قطر وكان معى إبنى البكر كمرافق وحارس على حسابي الشخصي في جميع الرحلة المكوكية التي كلفت الكثير من الاموال من تذاكر السفر والإقامة فى الفنادق ، والتنقلات والوقت الثمين والجهد والدعوات والمآدب للبعض من الوسطاء حتى ننجح فى المهمة...

         
                      قابلت رئيس الوزراء الجديد في مكتبه بالدوحة وشعرت بالخطأ الفادح بعد الزيارة للدولة الجديدة كيف يتم تسيير الثورة من الخارج مهما كان الأمر والأسباب ، في نظري عبارة عن صفقات مريبة ومصالح للبعض وأموال بأرقام خيالية تتسرب إلى جيوب البعض والأبرياء الغافلين  الثوار الحقيقين في الوطن يحاربون بضمير ويبذلون  الدماء والكثيرون سقطوا شهداء وجرحى ومعاقين من أجل الخلاص  ، وكانت أول مقابلة لي معه شخصيا وتحدثنا  في الموضوع بإسهاب وكان رده مائعا في نظري وقتها ووصلت إلى قناعة أنه ليس  بالرجل القوي الشخصية صاحب القرار للمرحلة الحالية التي نحن في خضمها تمرد وثورة ودماء ، همه الرئيسي أن يستحوذ على الأنظار في الاعلام ، يحب أن يستأثر ويحتفظ بجميع المواضيع لنفسه ناسيا أنها عامة ومن حق الجميع المشاركة والمساهمة والتضحية ، وشعرت أنني غير مرغوبا مني في المواصلة في هذا الموضوع الدولي لأنني لست من اعوانه ومنافقيه ، وليس لدى منصب وصبغة رسمية مما إعتبرت الأمر مبدئيا أن مهمتى إنتهت .

                وغادرنا الدوحة إلى الوطن ، وشاهدت العديد خلال الأيام الثلاثة التي قضيناها بالفندق على حسابنا الشخصي وليس ضيافة من حكومة قطر كالأخرين في لقاءات مع أدعياء الثوار ذوي الشهادات العالية والبعض من رجال الأعمال والاسماء الرنانة في الفندق في لقاءات وإجتماعات مكثفة ليل نهار للوصول والحصول على المناصب في نظري وتقديم الولاء والطاعة للسادة الجدد حكومات قطر والإمارات وغيرها للأسف... ورجعت إلى القاهرة ومنها بالبر إلى بنغازي ،  وأعلمت السيد مصطفى عبدالجليل بالذي حدث بصدق وضمير وكان متأسفا وحزينا بإنتهاء هذه المهمة على هذا الشكل والوضع ، وشعرت أنه يعاني من  ضغوط خفية لا علم لي بها... والله الموفق...

   رجب المبروك زعطوط

 البقية في الحلقة القادمة...

Saturday, May 14, 2016

يوميات خاصة 1

 بسم الله الرحمن الرحيم


                              الحمد والشكر لله العظيم على جميع النعم والعطايا التي وهبها وأعطاها لي خلال مسيرة حياة لسبعة عقود ونيف مرت منذ الولادة وخروجي للحياة حتى الآن ...  إبتداءا برضائه تعالى والوالدين والرزق الحلال والزوجة الوفية والذرية الصالحة والأحفاد ... حيث الآن في سنوات الكهولة والعجز عن عمل أشياءا كثيرة كما كنت بالسابق نظير تقدم السن وعدة امراض أعاني منها  منذ عدة سنوات نتيجة الظروف الامنية الصعبة السابقة تحت الملاحظة والملاحقة في كل خطوة أخطوها...  والتي مررت بها بالكثير من الأفراح والأتراح والمعاناة ،  مماجعلت  مني إنسانا صلبا بقوة الإيمان والعقيدة ولدى تجارب عديدة جعلتني قادرا على تحمل الصعاب من آجل الحياة والعيش بكرامة رافع الرأس وسط الجميع بدون   خوف من أي موضوع حدث بالسابق ،  مشين سواءا خاصا أم وطنيا حتى تتجه لي الأصابع بالإتهامات ويتم اللوم والحقد والحسد حيث كل ذي صاحب نعمة ناجحا في حياته محسودا من الكثيرين والتي يخاف الانسان المؤمن من العين الضارة الشريرة حتى لا تصيبه نظرات الحسد والحقد وبالأخص من أقرب الناس فهي امتحانات من الله تعالى للعبد على قوة العزيمة والصبر والشكر له على جميع النعم ، أم يصاب بالغرور والكبر نظير ملذات الحياة الدنيوية التي بدون عدد ويتبع النفس اللوامة وخطوات الشيطان الرجيم وينسى الأساس الذي من أجله تم خلقه ومجيئه لهذه الدنيا والحياة ....

                             الحمد والثناء والشكر لله تعالى على العطايا والهبات الكثيرة والتي عندما يراجع الانسان نفسه يتعب من  إحصاءها  و  عدها حيث نعمه بلا حدود ويعجز عن ذكرها من كثرتها ، إبتداءا برضاه ورضاء الوالدين والصحة والعافية وعلى النجاة من عدم السقوط فى الكثير من المهالك العميقة الكيدية الضارة من الأعداء والخصوم فقد مررت بتجارب عديدة ،، البعض منها قاتلة تؤدي إلى الهلاك لو أصبت بسوء حظ وخطأ بسيط لوقعت في براثن مخالب كلاب اللجان الثورية بالخارج أيام الغربة ولتم القتل والإغتيال غدرا ببساطة....  وهو ما حدث لكثير من المناضلين الذين سقطوا  شهداء في الثمانينات من القرن الماضي في دول أوروبا، جهارا في العلن ولم يتم القبض على القتلة من الأجهزة المعنية في الدول الأجنبية نظير المصالح المادية مع نظام الجهل والطاغية وتم ترحيلهم  إلى الوطن سجناءا مقيدين تحت الحراسة للتغطية على الرأى العام من التساؤلات عن طريق الرشاوي والمال للبعض من النفوس الضعيفة من المسؤولين الكبار كما حدث من بعض الدول العربية الشقيقة الذين سلموا البعض من رجال ليبيا المعارضين الأحرار لقما سائغة للنظام الغوغائي  بسهولة... وتم قتلهم ببساطة نظير التشفي والإنتقام ...   و البعض تم تعذيبهم بشدة  حتى الموت بدون تهم مؤكدة ثابتة غير الرفض والمعارضة لبقاء الطاغية والنظام ،   حيث الوطن للجميع ومن حقنا العيش فيه كرماء سعداء بدون الخوف والرعب حيث هو ليس  ملكه وحده...     وبرضاء الله الخالق جل جلاله والوالدين لم يصيبني إلا بعض رذاذها من التعب والإرهاق وحرق الأعصاب نتيجة الضغوط الشديدة والمطاردات العديدة في دول كثيرة بالعالم ، حيث أصبحت طريدا مطلوبا للعدالة حيا أو ميتا من نظام غوغائي جماهيري لا يستند على أية أصول ولا دستور ولا قانون ولا محاكمات عادلة وإعطاء الفرص للدفاع عن النفس لأي متهم إن كان مجرما أو بريئا ...

                         قضيت إثنى عشرة عاما ونيف بالغربة الأولى في وطن النسر رعاة البقر في عز الرعاية والحماية ضمن الأمن والأمان في أبدع الصور التي لا يصدقها العقل الصدأ الذي يحتاج الى صقل وتعليم وفهمو الآتى من دول العالم الثالث التي مازالت شعوبها تعيش في الظلام والبؤس ، وحاول النظام بجميع الوسائل البربرية النيل مني وتمت نجاتي من سبعة محاولات إغتيال بالخارج جميعها معروفة وموثقة لدى الأجهزة الأمنية العديدة، ولما عجز ، تم الطلب عن طريق البوليس  الدولي ( الإنتربول ) بترجيعي رسميا إلى ليبيا مقبوضا على لأحاكم على تهم ملفقة  من العدالة والقضاء الموجه حسب رغبات وشطحات الطاغية  ، لا اساس لها من الصحة في أية ذرة تهمة مهما كانت !!!! ولكن وطن النسر رعاة البقر ليسوا أغبياءا ولا محتاجين حتى يرضخوا لطلبات مخبول ، يعرفون عن يقين أننى بريئ من جميع التهم والدسائس والمؤامرات التي حيكت لي في الخفاء والتي الكثير منها ليس لدي العلم واليقين معتمدا على الله تعالى في كل الخطوات ، كانت تهما كيدية للإرهاب والتعجيز وبث الخوف والرعب في الكثيرين المهاجرين المغتربين حتى لا يرتاحوا ويستقروا في حياتهم الجديدة بآوطان الغير ويصبحوا أشواكا حادة شائكة في حلقه ويفضحوه في جميع المحافل واللقاءات والندوات الدولية عن أعماله الشريرة الدنيئة ، والتي الكثيرون من المهتمين بالقضايا الليبية كانوا لا يعلمونها ولا يعرفون عنها أي شئ ، طي الكتمان في السر والخفاء . حتى قامت المعارضة بالكثير في الاعلام عن كثير من الاسرار الخافية ، وفتحت العيون عليه ...

                   عندما آن الأوان ولظروف كثيرة خاصة مادية وإلتزامات كثيرة نظير الصرف على المعارضة والتي أضطررت فيها إلى بيع جميع أملاكي الخاصة بالغربة وحصتي في الشركة التي كنت مؤسسها حتى أعيش وتعيش الأسرة رافعا الرأس بدل مد الايادي لأي انسان من أدعياء الأخوة والصداقة من كل من هب ودب حيث لكل جواد أصيل كبوة وبعد ان تم العفو العام عن الجميع المطلوبين من المعارضة بالخارج في خطاب اصبح الصبح عام 1988 م ، قررت المخاطرة والرجوع... وبعدها بثلاث سنوات  رجعت للوطن عزيزا مكرما بدون مقايضات وأموال كما فعل الكثيرون للأسف ...  وأصبحت تحت عيون النظام في كل خطوة أخطوها ، ولكن تعلمت من دروس الماضي الأمنية أن لا أخطأ وأتهور في أي موضوع حساس وبالأخص ضمن الأمن حتى لا أعطيهم أي سبب كان ولا أي فرصة للنيل مني ... ومع ذلك وبكل الحيطة والخطوات لم يتركوني في حال سبيلي، بل كانوا يطلبون مني الحضور بين الفينة و الأخرى إلى أحد مكاتب الأجهزة الامنية الرئيسية في طرابلس أو بنغازي و يتم القبض والايداع عدة أيام في الحجز والتحقيق المضني كإثبات وجود أنهم يقومون بالعمل وانه لا شيئا خافيا عليهم ، ويطلقون سراحي بعد معاناة من الخوف والرعب حيث لا أدلة ثابتة مؤكدة ولا شهود عيان على الأتهامات  الملفقة ... وأقمت في السجن محجوزا عدة مرات وقضيت فترات بسيطة وراء القضبان أنتظر الفرج ...  وبرضاة الله تعالى والوالدين أجد من يتعاطف معي من المسؤولين ذوي الضمير في السر حتى لا يلامون ويحاسبون من رؤسائهم ، ويصدر الامر بالإفراج وقفل القضية مؤقتا مما أصبت بأمراض عديدة نظير المعاناة والإرهاق والضغوط ، والحمد لله تعالى على كل شئ حيث تعلمت من المحن الكثيرة الصبر على القضاء والقدر وأنني مظلوم عارفا وعالما ان كل شئ بإذنه تعالى، وأن هذه الامور عبارة عن إمتحانات ودروس، هل أنجح وأجتازها أم. أفشل ؟؟

                 جميع أبواب العمل التجاري من إستيراد وتصدير أو التقديم في أية عطاءات كمقاولات الحرفة التي أفهمها جيدا وفي مجال إختصاصي كان النحس يلازمني بقدرة قادر واجد نفسي مبعدا ببساطة بدون أي خطأ واضح ولا أحظى بالحصول على العمل مع أنني كنت في بعض الحالات الأول حسب الشروط والمواصفات المطلوبة نظير الخبرة ، مما بعد مجهود كبير وبيع بعض الأراضي والأصول السابقة في الوطن في السر قررت التوقف حتى لا أخسر المزيد ولا يتم الكثير من النزيف بدون  حدود وأحمل نفسي المزيد من الديون من الغير ، وعشت على الكفاف طوال عقدين من الزمن، وزادت المصائب بالمنع من السفر خارج الوطن وسحب الجواز السفر الوطني وكان بالإمكان الهرب عن طريق الحدود مرة أخرى حيث لدي  جواز سفر أمريكي ولكن رفضت الهرب وقررت البقاء في الوطن لنهاية العمر او يأذن الله تعالى يوما بالسفر وبعد سبعة سنوات من الحجز عن طريق المعارف ودفع بعض المال رشاوي للفاسدين في النظام تحصلت على جواز السفر وكانت أول رحلة بعد مرور عقد من الزمن غائبا عن العائلة لم أحظى فيها بمشاهدة الأولاد إلا من بعض الزيارات السنوية من الزوجة لعدة أسابيع وترجع مرة أخرى بحجج الرعاية والعناية لهم ولا ارتاح وتهدأ النفس حتى أسمع صوتها عبر الهاتف أنها وصلت إلى البيت في الخارج فقد كنت متوقعا في ساعات سفرها من الوطن المنع والتعطيل، فقد حلت مكاني أثناء غيابي وأصبحت هي الأم والأب، ترعى سبعة من  الشباب والشابات معظمهم في سن المراهقة في ذلك الوقت، وقامت بالواجب وأكثر في الرعاية والعمل من آجلهم بالجهد والعرق والمخاطرة حتى تم الفرج...

                 بعد مجهود كبير تمكنت من الحصول على مبلغ كبير من مستحقاتي المؤممة من الدولة كجزءا من التعويض عن الأصول التي أممت وتم الزحف عليها عام 1978 م ... بعد أن تعهدت بدفع مبالغ كبيرة للبعض عن الخدمات الغير منظورة كرشاوي حتى أتحصل على أموالي بسرعة ، وفعلا تم  قبض البعض من أصول الشركة من معدات مثبته رسميا ضمن المحاضر العديدة أيام الزحف والتأميم قبل الهرب ومغادرة الوطن ليبيا عبر مطار طرابلس الدولي وكنت وقتها ممنوعا من السفر وإسمي ضمن القوائم والسجلات بالمنع في المطار ، وأعماهم الله تعالى وكان يوم جمعة 1979/3/21م  على الخطوط الايطالية في رحلة إلى روما إيطاليا ، في غربة لا أعرف وقتها كم سوف تأخذ من وقت وزمن... حتى آن الأوان ورجعت إلى مطار بنينة بنغازي يوم 1991/3/31م  بعد غياب إثنى عشرة عاما وعشرة ايام عن الوطن مطاردا .

                    بعد أن قبضت المال في شهر نوفمبر 2010 م قبل الثورة على الطاغية حوالي الثلاثة شهور وأصبح المبلغ بالحساب في البنك اوفيت بالوعد للجميع مع أنه كان بالإمكان المماطلة مع البعض وبالاخص المقيمين بالخارج حيث حدثت فروقات كثيرة كبيرة في أسعار الدولار عن الدينار من وقت القبض عدة أضعاف ولكن معتقدا عن يقين أن المال يأتي ويذهب والإسم و كلمة الشرف والتعهدات تبقى خالدة إلى ماشاء الله تعالى... وسددت جميع الديون والإلتزامات السابقة دفعة واحدة في خلال أسبوع من الزمن بدون مماطلة ولا خصم وتحملت جميع الفروق الضخمة للمبالغ الكبيرة نظير الصبر على السنوات العديدة وعدم الضغوط علي بالسداد العاجل او الفضح ، مما جميع الدائنين أصبحوا فرحى بالسداد الكامل مع الشكر على المواقف الرجولية !  وتحررت من هموم الليل ومذلة النهار والتي عشتها سنوات طويلة ، فسبحانك رب العالمين تم الفرج والسعادة والهناء في فترة بسيطة عدة أيام ورجعت لشراييني وعروقي دماء الحياة بعد أن عشت فترة طويلة سنوات عديدة بالسابق أعاني غير قادرا على عمل الكثير نتيجة الهموم والمرض ، لأنني عارفا أنه يوما سوف ارحل بالموت عن هذا العالم المضطرب الذي ضاعت فيه المعايير والثقة وكلمة الشرف والستر ، ولا أريد ترك مآسي من ديون وإلتزامات مدينة للغير من بعدي لأولادي مما يعجزون عن سدادها ، ولا أريد وأرغب في لعنات وسب وشتائم نتيجة الضغوط عليهم والهموم التي سوف يتحملونها كورثة من بعدي وأنا ميتا مقبورا بالقبر ، همي أن أترك الجميع سعداء فالحياة مهما طالت لها نهاية ...  والله الموفق 

رجب المبروك زعطوط

 تتبع في الحلقات الأخرى

Saturday, May 7, 2016

قصصنا الرمزية 44

 بسم الله الرحمن الرحيم

 المجهول

                    نحن الآن نعيش في فترة طفرة عالمية متقدمة ومتطورة وتجري بسرعة كبيرة إلى الأمام وتظهر يوميا الكثير من الأشياء إلى النور، نتيجة عصر العولمة الذي فتح الآفاق العلمية بصفة كبيرة  مقارنة بالماضي القريب خلال قرن من الزمان الذي مر ومضى بخيره وشروره ... وكل يوم يخرج على السطح وللملأ الجديد من الإبتكارات والعلوم المختلفة في أمور شتى لخدمة الإنسانية وسعادتها... وللأسف بعض الدول الكبرى تقوم بصناعة معدات الحرب والدمار بحجج الدفاع عن نفسها ومصالحها وعن حلفائها وللمحافظة على توازن القوى العظمى معها ولتسويقها لدول العالم الثالث المتعطش لشرائها والحصول عليها حتى يستمر البعض من الطغاة في مراكز القوة والسلطة إلى ماشاء الله تعالى بقوة السلاح والإرهاب لشعوبهم ولا يريدون التخلي عن الكراسي والمناصب نظير الجهل والغباء ناسين أنه لا شئ يدوم ولا أي أمر و لا موضوع يستمر  إن لم يكون على قواعد سليمة وأسس راسخة ثابتة...

                       يعتقدون انفسهم نتيجة الكبر والغرور أنهم العلامة الفاهمين ومميزون في القيادة والريادة ولا أحدا من رعيتهم بقادر على تولي زمام الأمور كما يفعلون ... مما ضاعوا في خضم الغرور والأحلام وضيعوا من ورائهم شعوبهم الغافلة  عن كثير من الاسرار التي حيكت وحدثت نتيجة الأخطاء العديدة والممارسات الخاطئة ....  وتم التغطية على  العديد من الفضائح عدة سنوات طي الكتمان حتى لا تنتشر في أوساط الجماهير وتسبب لهم القلاقل والأذى الكبير لأنظمتهم مع الوقت مهما طال ...  مثل كتم أسرار مذبحة معتقل سجن أبوسليم في طرابلس ليبيا عدة سنوات والتي قتل  فيها حوالي الف وأربعمائة سجين ضحية بدم بارد بإطلاق الرصاص العشوائي عليهم وهم محاصرون ضمن الأسوار وقواطع العنابر بأبواب الحديد  بدون أية وسائل للدفاع عن أنفسهم ، وكأنهم حشرات ضارة وليسوا بشرا من حقهم الحياة ، خلال ساعات قليلة  بدون عدل ولا محاكمات أثناء طفرة جنون من الطاغية الذي أصدر الأمر للقضاء على مشاكل الإسلاميين التي كان نظامه يواجهها   دفعة واحدة والتي من كثرتها يعجز الإنسان عن المتابعة والدراسة مهما حاول وعمل من جهد ... وعندما هدأ ورجع إلى رشده وتبين له الجرم الشنيع تكتم على الأمر عدة سنين ...  وأهالي الضحايا يعتقدون في أنفسهم أن اولادهم وأقرباؤهم على قيد الحياة ، ويأتون بالكثير من الطعام واللباس والدواء وإدارة السجن تستلم بدون رفض حتى تستمر المسرحية ويجدون لها حلولا... والمسؤولين والحراس المجرمين المتورطين الذين قاموا بالقتل والمجزرة ممنوع عليهم  التفوه بأي كلمة شاردة ... ومن يتم الشك فيه لأي سبب كان و يتهم بإفشاء الاسرار يلحق بقافلة الضحايا بسرعة للتغطية...

                     هداه تفكيره الشيطاني والدهاء الشرير معتقدا أنه بالمال السخي يستطيع تسوية الموضوع والأمور وحاول بقدر الجهد بعد مرور سنوات طويلة على المجزرة شراء ضمائر أولياء الدم بدفع مبالغ خيالية كتعويض ودية على الضحايا القتلى ، والبعض نتيجة تقادم السنين والحاجة والطمع قاموا بإستلام الأموال للدم ، والكثيرون رفضوا المصالحة مع لجان الصلح في القبض لدم شهدائهم مما خرج السر إلى الملأ وإنتشر وتغلغل في أوساط الشعب بسرعة ، والنتيجة كانت من ضمن أحد الأسباب الرئيسية للتمرد والأخذ بالثأر لهؤلاء الضحايا في ثورة 17 فبراير عام 2011 م... وبعد عدة شهور من المصادمات وآلاف القتلى والجرحى والمعاقين والخراب والدمار تم القضاء على الطاغية وهو محاولا الهرب إلى الصحراء وقتله بدون أي رحمة ولا ذرة شفقة حبا في الإنتقام عن السنوات العجاف التي مرت من أعمارنا وعشناها في الخوف والرعب من زوار الليل والنهار من اللجان الثورية ورجال الأمن ....

                      مجزرة سجن أبوسليم في طرابلس العاصمة في منتصف التسعينات من القرن الماضي العشرين جريمة كبرى في حق الإنسانية طواها النسيان من الكثيرين المسؤولين بالعالم نظير المصالح لدولهم وجيوبهم، وللأسف لم توجه إلى الطاغية ولا أي تهمة دولية لمحاكمته عن الجريمة الشنعاء التي حدثت ولا عن الدم الذي أريق بدون عدل ولا قانون في ساعات ، والساعي من هؤلاء المسؤولين الكبار العالميين أمثال رئيس وزراء بريطانيا ورئيس الجمهورية الفرنسية والإيطالية ووزيرة خارجية أمريكا والكثيرين من الغير المسؤولين أصحاب القرار في دولهم بالعالم ، يأتون زائرين إلى طرابلس حتى يتحصلون على رضائه وإشباع غروره ويجلسون في الخيمة بالساعات في الإنتظار كإذلال لمقابلته وهو صعلوك من صعاليك الزمن ووصمة عار ولطخة سوداء عهده الجماهيري في سجل تاريخ ليبيا الذهبي لن تمتحى ولن تزال مها طال الزمن ، نتائجها الشريرة الشعب البريئ يدفع في ثمنها الغالي ويقدم في مآسيها حتى الآن في الصراع على السلطة والتناحر بين الأخ وأخوه ....

                          الآن نعيش في عصر العولمة ، عصر السرعة والتقدم في المواصلات والاتصالات والتي يستغرب الانسان ولا يستطيع الإلمام بها جميعها مهما فعل من كثرتها وجمال مزاياها نتيجة طفرة صناعة الحاسوب ومشتقاته من الفيس بوك والتويتر التي غيرت الكثير من الأمور عن المعايير السابقة أثناء فترة عمرنا التي عشناها على الطبيعة منذ الولادة في منتصف الاربعينات من القرن العشرين وإلى الآن ، شاهدنا بأم العين الكثير من التغيرات على الطبيعة من الظلام إلى النور والضياء بلا حساب وعدد، وأثناء كتابة هذه المدونة والخواطر ، رجعت بي الذاكرة للوراء سنين عديدة وكم كنا نتعب في السابق من عدم وجود الكثير من الأمور العلمية العملية مثل الآن لتسهيل مصاعب الحياة التي أصبحت الآن جزءا من حياتنا اليومية وبالأخص في دول العالم الثالث الذي بدون تطور في العلوم والدراسات كما يجب في أشياءا كثيرة ، بل الإعتماد والحاجة على الخارج والدول المتقدمة في العلوم والصناعات والمفروض التشجيع للملكات الوطنية المطموسة والمطمورة لدى الكثيرين من النوابغ الذين لم تتاح لهم الفرص للظهور نتيجة عوامل عديدة الفقر والجهل في جميع صوره وأشكاله حتى يتم خلق الكثير من الجديد التي لا تخطر على البال ،  بالخروج إلى النور والضياء والعلن مما مع الوقت يتشجع الكثيرون نظير المنافسة في التطور والإبداع وتتطور المفاهيم إلى السمو والحضارة نتيجة التركيز على تحصيل العلم النافع للمصلحة العامة مما ينهض الوطن من العثرة ويخرج مواطنيه بمفاهيم عديدة اخرى تقضي على الجهل والتعصب الديني والجهوي وعبادة الأشخاص والإرهاب ومع مرور الوقت نصبح في المقدمة مع الآخرين ...

                  السد المنيع في عدم التقدم و التطور هو الجهل والإنصياع للحاكم المتسلط وعدم التساؤل عن مايجري من أمور مصيرية خطيرة من أولاة الأمور والزعماء العسكر طفرة القرن العشرين الذين يتشدقون ببرامج عديدة عن الصلاح والإصلاح بدون فعل وتخطيط سليم والتي معظمها خاطئة أثبتت الأيام فشلها للغافلين العوام الغير فاهمين لمجريات الأمور ومايحاك من مؤمرات ودس وخداع تحت غطاء الخطب الحماسية الرنانة لإثارة الجماهير بالشعور الوطني والقومية.... وهم يعرفون قوة آلة الاعلام الجبارة وقدرتها  على تزييف الحقائق وينسون الجوهر والكثير من الأمور المهمة للنقاش والفهم وهي ضرورية ولا يتساءلون عن الأخطاء القاتلة التي ترتكب بإسم معطيات وطنية كبيرة الحجم والعناوين الضخمة والتى قدراتهم لا تستطيع المجابهة بالقوة ولا المنافسة الشريفة ... يرمون الخصوم بالحجارة وبيوتهم من زجاج من أول إطلاقة حجر أو رصاصة يتحطم ، ويضيع مجهود سنيين هباءا منثورا بسهولة ....

                 والواقع المرير عندما يركز الباحث في إيجاد الحقيقة والجوهر ليفهم مجريات الأمور في الدول العربية ويتساءل للوصول إلى لب الموضوع وإظهار الحقيقة، يجد نفسه يدور في حلقة كبيرة فارغة بدون فهم ولا معرفة ، بدون معاني صادقة والتي سببت المآسي الكثيرة مع مرور الزمن والتقدم ... مما جعلتني أستغرب و أحزن على ضياع الوقت والمال في وطننا الكبير في غير طاعة الله تعالى والتي جعلتنا الحاكم والمحكوم غرقى في المستنقع والمخاضة الرملية المتحركة في نفس العقلية، ندور و نحاول الخروج ولكن غير قادرين على النجاة لأننا نتعامل بالعواطف ولا نستند إلى عدل و قانون صارم يحافظ على المسيرة ويحفظ حقوق جميع الأطراف من التعدي والسير تائهين بدون الوصول إلى الهدف نظير أخطاء القيادة ، ومن وجهة نظري المسؤولية تقع على  الطرفين ، فليس كل اللوم على القيادة وأولاة الأمر فقط ، كما تتشدق معظم الشعوب العربية ضدهم نظير الهزائم المتكررة والحسرة والخوف من المجهول وحب الظهور في العلن ، يتحدون في الأقوياء بالضجيج والتطبيل وأساساتهم ضعيفة غير ثابتة بقوة حتى تستحمل الأثقال والضغوط ولاتنهار ، والسبب الرئيسي الجهل وعدم العلم والفهم مما كل لحظة نتقهقر خطوات إلى الوراء بدل أن نتقدم إلى الأمام .

               والتساؤلات الكبيرة والكثيرة والتي تبحث عن أجوبة شافية والإقناع بالمنطق وحلول جذرية صادقة، أهمها العيش  في الواقع وليس في الأحلام والأمجاد السابقة ،  والتركيز على العلم والعلوم والمعرفة وإتاحة الفرص للإبداع والظهور للجميع بدون تفرقة لأحد دون الآخر ونحن لدينا مصدر إلهام إلاهي عظيم سليم ، صالح لكل زمان ومكان دنيا وآخرة لو النفوس طاهرة وتم التطبيق الصحيح كما يجب، تؤمن بالسلام والمصالحة مع الجميع بدون أي خبث وحيل حتى نرتاح من الكيد ودس المؤامرات من الآخرين الخصوم والحاقدين الحاسدين لنا من إخوتنا الجيران نظير العطايا والثراء الذي وهبه لنا الله عز وجل، ونستطيع النهوض، والله الموفق...

رجب المبروك زعطوط