Saturday, May 7, 2016

قصصنا الرمزية 44

 بسم الله الرحمن الرحيم

 المجهول

                    نحن الآن نعيش في فترة طفرة عالمية متقدمة ومتطورة وتجري بسرعة كبيرة إلى الأمام وتظهر يوميا الكثير من الأشياء إلى النور، نتيجة عصر العولمة الذي فتح الآفاق العلمية بصفة كبيرة  مقارنة بالماضي القريب خلال قرن من الزمان الذي مر ومضى بخيره وشروره ... وكل يوم يخرج على السطح وللملأ الجديد من الإبتكارات والعلوم المختلفة في أمور شتى لخدمة الإنسانية وسعادتها... وللأسف بعض الدول الكبرى تقوم بصناعة معدات الحرب والدمار بحجج الدفاع عن نفسها ومصالحها وعن حلفائها وللمحافظة على توازن القوى العظمى معها ولتسويقها لدول العالم الثالث المتعطش لشرائها والحصول عليها حتى يستمر البعض من الطغاة في مراكز القوة والسلطة إلى ماشاء الله تعالى بقوة السلاح والإرهاب لشعوبهم ولا يريدون التخلي عن الكراسي والمناصب نظير الجهل والغباء ناسين أنه لا شئ يدوم ولا أي أمر و لا موضوع يستمر  إن لم يكون على قواعد سليمة وأسس راسخة ثابتة...

                       يعتقدون انفسهم نتيجة الكبر والغرور أنهم العلامة الفاهمين ومميزون في القيادة والريادة ولا أحدا من رعيتهم بقادر على تولي زمام الأمور كما يفعلون ... مما ضاعوا في خضم الغرور والأحلام وضيعوا من ورائهم شعوبهم الغافلة  عن كثير من الاسرار التي حيكت وحدثت نتيجة الأخطاء العديدة والممارسات الخاطئة ....  وتم التغطية على  العديد من الفضائح عدة سنوات طي الكتمان حتى لا تنتشر في أوساط الجماهير وتسبب لهم القلاقل والأذى الكبير لأنظمتهم مع الوقت مهما طال ...  مثل كتم أسرار مذبحة معتقل سجن أبوسليم في طرابلس ليبيا عدة سنوات والتي قتل  فيها حوالي الف وأربعمائة سجين ضحية بدم بارد بإطلاق الرصاص العشوائي عليهم وهم محاصرون ضمن الأسوار وقواطع العنابر بأبواب الحديد  بدون أية وسائل للدفاع عن أنفسهم ، وكأنهم حشرات ضارة وليسوا بشرا من حقهم الحياة ، خلال ساعات قليلة  بدون عدل ولا محاكمات أثناء طفرة جنون من الطاغية الذي أصدر الأمر للقضاء على مشاكل الإسلاميين التي كان نظامه يواجهها   دفعة واحدة والتي من كثرتها يعجز الإنسان عن المتابعة والدراسة مهما حاول وعمل من جهد ... وعندما هدأ ورجع إلى رشده وتبين له الجرم الشنيع تكتم على الأمر عدة سنين ...  وأهالي الضحايا يعتقدون في أنفسهم أن اولادهم وأقرباؤهم على قيد الحياة ، ويأتون بالكثير من الطعام واللباس والدواء وإدارة السجن تستلم بدون رفض حتى تستمر المسرحية ويجدون لها حلولا... والمسؤولين والحراس المجرمين المتورطين الذين قاموا بالقتل والمجزرة ممنوع عليهم  التفوه بأي كلمة شاردة ... ومن يتم الشك فيه لأي سبب كان و يتهم بإفشاء الاسرار يلحق بقافلة الضحايا بسرعة للتغطية...

                     هداه تفكيره الشيطاني والدهاء الشرير معتقدا أنه بالمال السخي يستطيع تسوية الموضوع والأمور وحاول بقدر الجهد بعد مرور سنوات طويلة على المجزرة شراء ضمائر أولياء الدم بدفع مبالغ خيالية كتعويض ودية على الضحايا القتلى ، والبعض نتيجة تقادم السنين والحاجة والطمع قاموا بإستلام الأموال للدم ، والكثيرون رفضوا المصالحة مع لجان الصلح في القبض لدم شهدائهم مما خرج السر إلى الملأ وإنتشر وتغلغل في أوساط الشعب بسرعة ، والنتيجة كانت من ضمن أحد الأسباب الرئيسية للتمرد والأخذ بالثأر لهؤلاء الضحايا في ثورة 17 فبراير عام 2011 م... وبعد عدة شهور من المصادمات وآلاف القتلى والجرحى والمعاقين والخراب والدمار تم القضاء على الطاغية وهو محاولا الهرب إلى الصحراء وقتله بدون أي رحمة ولا ذرة شفقة حبا في الإنتقام عن السنوات العجاف التي مرت من أعمارنا وعشناها في الخوف والرعب من زوار الليل والنهار من اللجان الثورية ورجال الأمن ....

                      مجزرة سجن أبوسليم في طرابلس العاصمة في منتصف التسعينات من القرن الماضي العشرين جريمة كبرى في حق الإنسانية طواها النسيان من الكثيرين المسؤولين بالعالم نظير المصالح لدولهم وجيوبهم، وللأسف لم توجه إلى الطاغية ولا أي تهمة دولية لمحاكمته عن الجريمة الشنعاء التي حدثت ولا عن الدم الذي أريق بدون عدل ولا قانون في ساعات ، والساعي من هؤلاء المسؤولين الكبار العالميين أمثال رئيس وزراء بريطانيا ورئيس الجمهورية الفرنسية والإيطالية ووزيرة خارجية أمريكا والكثيرين من الغير المسؤولين أصحاب القرار في دولهم بالعالم ، يأتون زائرين إلى طرابلس حتى يتحصلون على رضائه وإشباع غروره ويجلسون في الخيمة بالساعات في الإنتظار كإذلال لمقابلته وهو صعلوك من صعاليك الزمن ووصمة عار ولطخة سوداء عهده الجماهيري في سجل تاريخ ليبيا الذهبي لن تمتحى ولن تزال مها طال الزمن ، نتائجها الشريرة الشعب البريئ يدفع في ثمنها الغالي ويقدم في مآسيها حتى الآن في الصراع على السلطة والتناحر بين الأخ وأخوه ....

                          الآن نعيش في عصر العولمة ، عصر السرعة والتقدم في المواصلات والاتصالات والتي يستغرب الانسان ولا يستطيع الإلمام بها جميعها مهما فعل من كثرتها وجمال مزاياها نتيجة طفرة صناعة الحاسوب ومشتقاته من الفيس بوك والتويتر التي غيرت الكثير من الأمور عن المعايير السابقة أثناء فترة عمرنا التي عشناها على الطبيعة منذ الولادة في منتصف الاربعينات من القرن العشرين وإلى الآن ، شاهدنا بأم العين الكثير من التغيرات على الطبيعة من الظلام إلى النور والضياء بلا حساب وعدد، وأثناء كتابة هذه المدونة والخواطر ، رجعت بي الذاكرة للوراء سنين عديدة وكم كنا نتعب في السابق من عدم وجود الكثير من الأمور العلمية العملية مثل الآن لتسهيل مصاعب الحياة التي أصبحت الآن جزءا من حياتنا اليومية وبالأخص في دول العالم الثالث الذي بدون تطور في العلوم والدراسات كما يجب في أشياءا كثيرة ، بل الإعتماد والحاجة على الخارج والدول المتقدمة في العلوم والصناعات والمفروض التشجيع للملكات الوطنية المطموسة والمطمورة لدى الكثيرين من النوابغ الذين لم تتاح لهم الفرص للظهور نتيجة عوامل عديدة الفقر والجهل في جميع صوره وأشكاله حتى يتم خلق الكثير من الجديد التي لا تخطر على البال ،  بالخروج إلى النور والضياء والعلن مما مع الوقت يتشجع الكثيرون نظير المنافسة في التطور والإبداع وتتطور المفاهيم إلى السمو والحضارة نتيجة التركيز على تحصيل العلم النافع للمصلحة العامة مما ينهض الوطن من العثرة ويخرج مواطنيه بمفاهيم عديدة اخرى تقضي على الجهل والتعصب الديني والجهوي وعبادة الأشخاص والإرهاب ومع مرور الوقت نصبح في المقدمة مع الآخرين ...

                  السد المنيع في عدم التقدم و التطور هو الجهل والإنصياع للحاكم المتسلط وعدم التساؤل عن مايجري من أمور مصيرية خطيرة من أولاة الأمور والزعماء العسكر طفرة القرن العشرين الذين يتشدقون ببرامج عديدة عن الصلاح والإصلاح بدون فعل وتخطيط سليم والتي معظمها خاطئة أثبتت الأيام فشلها للغافلين العوام الغير فاهمين لمجريات الأمور ومايحاك من مؤمرات ودس وخداع تحت غطاء الخطب الحماسية الرنانة لإثارة الجماهير بالشعور الوطني والقومية.... وهم يعرفون قوة آلة الاعلام الجبارة وقدرتها  على تزييف الحقائق وينسون الجوهر والكثير من الأمور المهمة للنقاش والفهم وهي ضرورية ولا يتساءلون عن الأخطاء القاتلة التي ترتكب بإسم معطيات وطنية كبيرة الحجم والعناوين الضخمة والتى قدراتهم لا تستطيع المجابهة بالقوة ولا المنافسة الشريفة ... يرمون الخصوم بالحجارة وبيوتهم من زجاج من أول إطلاقة حجر أو رصاصة يتحطم ، ويضيع مجهود سنيين هباءا منثورا بسهولة ....

                 والواقع المرير عندما يركز الباحث في إيجاد الحقيقة والجوهر ليفهم مجريات الأمور في الدول العربية ويتساءل للوصول إلى لب الموضوع وإظهار الحقيقة، يجد نفسه يدور في حلقة كبيرة فارغة بدون فهم ولا معرفة ، بدون معاني صادقة والتي سببت المآسي الكثيرة مع مرور الزمن والتقدم ... مما جعلتني أستغرب و أحزن على ضياع الوقت والمال في وطننا الكبير في غير طاعة الله تعالى والتي جعلتنا الحاكم والمحكوم غرقى في المستنقع والمخاضة الرملية المتحركة في نفس العقلية، ندور و نحاول الخروج ولكن غير قادرين على النجاة لأننا نتعامل بالعواطف ولا نستند إلى عدل و قانون صارم يحافظ على المسيرة ويحفظ حقوق جميع الأطراف من التعدي والسير تائهين بدون الوصول إلى الهدف نظير أخطاء القيادة ، ومن وجهة نظري المسؤولية تقع على  الطرفين ، فليس كل اللوم على القيادة وأولاة الأمر فقط ، كما تتشدق معظم الشعوب العربية ضدهم نظير الهزائم المتكررة والحسرة والخوف من المجهول وحب الظهور في العلن ، يتحدون في الأقوياء بالضجيج والتطبيل وأساساتهم ضعيفة غير ثابتة بقوة حتى تستحمل الأثقال والضغوط ولاتنهار ، والسبب الرئيسي الجهل وعدم العلم والفهم مما كل لحظة نتقهقر خطوات إلى الوراء بدل أن نتقدم إلى الأمام .

               والتساؤلات الكبيرة والكثيرة والتي تبحث عن أجوبة شافية والإقناع بالمنطق وحلول جذرية صادقة، أهمها العيش  في الواقع وليس في الأحلام والأمجاد السابقة ،  والتركيز على العلم والعلوم والمعرفة وإتاحة الفرص للإبداع والظهور للجميع بدون تفرقة لأحد دون الآخر ونحن لدينا مصدر إلهام إلاهي عظيم سليم ، صالح لكل زمان ومكان دنيا وآخرة لو النفوس طاهرة وتم التطبيق الصحيح كما يجب، تؤمن بالسلام والمصالحة مع الجميع بدون أي خبث وحيل حتى نرتاح من الكيد ودس المؤامرات من الآخرين الخصوم والحاقدين الحاسدين لنا من إخوتنا الجيران نظير العطايا والثراء الذي وهبه لنا الله عز وجل، ونستطيع النهوض، والله الموفق...

رجب المبروك زعطوط

No comments:

Post a Comment