Monday, June 30, 2014

رحلة العمر 9

بسم الله الرحمن الرحيم

            أخيرا والفكر يعصف في حيرة عن أسهل السبل لملاقاة المجموعة بدون التخبط على غير هدى في البحث وسط الآلاف من الزوار المجتمعون في حيز ضيق والذي من الصعب العثور عليهم بسهولة، فالجميع يتشابهون في الشكل واللباس صعب التمييز لهم من بعيد مع الآخرين الزوار الآتين يومها من كل مكان للزيارة بحيث صعب العثور عليهم بسهولة ضمن آلاف البشر في الزحام...   لم أكن خائفا بوجودى لوحدي تائها، فأنا في مدينة الخليل في سلام وأمن وأمان لها طابع خاص روحاني يغمر الروح والجسد بالطمأنينة وراحة البال، ومتعودا على السفر والترحال بمفردي بدون رفاق فقد سافرت إلى الكثير من الدول في هذا العالم الفسيح، ولي تجارب كثيرة وكبيرة بلا عدد، وقادرا بالهدوء والصبر على الخروج من أي مأزق قد يحدث طارئا بدون حساب مهما كان صعبا بإذن الله تعالى...

         وصلت إلى أحد الساحات ولم يكن بها أية حافلات، وسألت احد الجنود الإسرائيليين السمر الذي أعتقد أن ذويه من المهاجرين الذي تم قدومهم وجلبهم من أفريقيا (الفلاشا، أثيوبيا ) في الثمانينات وبداية التسعينات إلى اسرائيل، الذي كان محترما ومؤدبا وحاول قدر الإمكان المساعدة وأرشدني إلى ساحة أخرى قريبة منها، لوقوف الحافلات . مما واصلت السير اليها وهو يراقبني  عن كثب ويتبع  خطواتي من بعيد حتى وصلت وكان بها الكثير من الحافلات التي تنتظر وتتشابه مع بعض... ومررت بها لأتأكد ووجدت إحداها تشبه حافلتنا مفتوحة أبوابها وسألت وقال لي أحد ركابها هذه الحافلة خاصة بالمسيحيين الأقباط الأرثودوكس، وتساءلت النفس تعجبا على هذه الصدفة حيث رسولهم المؤمنون به سيدنا مرقص أحد الحواريين المهمين من ضمن رفاق سيدنا المسيح عيسى عليه الصلاة والسلام، أصوله العرقية من ليبيا، والدليل عندما هرب من جور الظالمين الذين تعدوا وقبضوا على شبيه سيدنا المسيح وأرادوا به الشر والقتل والصلب، الذي شبه لهم حسب ما حدثنا القرآن الكريم ( حيث سيدنا المسيح الحقيقي نجى بالقدرة الإلاهية، لم يصلب ولم يعذب كما يقولون بل رفعه الله تعالى إلى السماء حيا يرزق إلى الآن ) هرب سيدنا مرقص إلى وطنه الأصلي ليبيا شمال أفريقيا للنجاة، وآثاره والمغارة التي كان يتعبد فيها ونبع عين الماء الجارية الطاهرة الصافية التي كان يشرب منها ويعمد فيها الأطفال والمؤمنين بالنصرانية من الجنسين، ووادي الإنجيل جميعها موجودة على الطبيعة حتى الآن شواهد حتى اليوم الحاضر قائمة في المنطقة بين قرى ( لثرون ورأس الهلال) القريبة من مدينة درنة بالشرق الليبي، تبعد عنها غربا ( 40 كم ) والتي للأسف لا إهتمام بها من قبل المسؤولين الليبيين نظير الجهل والتعصب الديني والتزمت، والتي بالإمكان اذا أستغلت الإستغلال الجيد ان تدر الملايين من الدخل والعوائد نظير الاستثمارات والسياحة الدينية سنويا من عشرات الألوف لطائفة الأقباط الأرثودوكس في العالم، الراغبين للحج والزيارة والتبارك للمعالم التاريخية فيها مما  سوف ترجع بفوائد جمة على ليبيا وأهل المنطقة بالخير...

            لم أشاهد الحافلة الخاصة بنا وسط العشرات حيث جميعها تتشابه في الشكل والألوان، وخطأي أنني لم أنتبه وأعرف رقمها من البداية مع أنني صاحب خبرة ومعرفة في هذه الأمور ولكن الخطأ نتيجة المعاناة والإرهاق وعدم النوم الكافي  والزحام ، عندما ركبنا او لما نزلنا منها بالساحة في مدينة الخليل حيث النسيان والإنتباه لرقمها قد حدث، حتى أتعرف عليها بسهولة مما أصبت بدوار في الرأس وصداع خفيف وزادت الحيرة، وتساءلت مع النفس هل الجماعة قاموا بالمغادرة من غيري، وحاولت الاتصال الهاتفي من الهاتف النقال عدة مرات ولكن بدون فائدة تذكر حيث بطارية الشحن انتهت وجمد نظير عدم الإستعمال اليومي وتولد الشعور لدي مما إرتحت نفسيا أن زوجتي الحاجة ذكية، لن تغادر مع الآخرين مهما كان السبب بدوني !!!! وجاء الجندي الإسرائيلي متسائلا، الذي بطريقة أو أخرى عرف الحيرة التي أنا فيها وعرض علي ان أستعمل هاتفه الخاص مما سعدت من طريقة المعاملة، ولكن الأرقام لم تظهر على الشاشة لدى حتى أخابر، وتبادلت معه بعض الحديث المجدي الذي يزيل الفروقات بيننا، وعرفت من خلال الحديث القصير أنه متعاطف مع العرب حيث شاهد عيان للكثير من الممارسات الخاطئة والتضييق على الخناق للمحليين الفلسطينيين، فالجميع عربا ويهودا ونصارى في وجهة نظره من حقهم الحياة في الأمن والأمان بدون خصام ولا كراهية معا وأن الأسباب والخصام والصراع الشديد نتيجة السياسة القذرة وتلاعب السياسيين للحصول على المراكز والجاه والمال والذين يدفعون ويقدمون  الثمن الغالي هم  الضحايا البؤساء وأمثالهم المأمورين من الطرفين، حيث هو جندي مأمور، ينفذ  الأوامر ولا يستطيع الرفض ولا إبداء الرأي المخالف لسياسة دولته إسرائيل...  أثناء هذا الحديث القصير بيننا ونحن واقفين، حضر جنديين آخران من البيض الإسرائليين، أحدهما صرخ في وجه الجندى الذي كنت في حديث معه، تحدث له بلغة آمرة باللغة العبرية التي لا أفهمها مما تراجع الجندي وذهب إلى حال سبيله وهو مطرق الرأس حزين على اللوم والتقريع وفهمت من المعنى العام أنه يلومه ويعاتبه بقوة على الاتصال بي والحديث معي وأنا العربي الغريب!

           مضوا إلى حال سبيلهم من غير أي سؤال معي ولا كلمة ولا أي إهتمام  وكأنني غير موجودا مما فهمت وتفهمت الأمر أنهم خائفين حسب الأوامر لا يريدون أي إتصال مع اي أحد غريب...  من خلال هذه البادرة البسيطة عرفت الصراع الشديد وسط المجتمع الإسرائيلي بين الفئات الكثيرة الغير متجانسة، والتي امتزجت برابطة الخوف من المجهول، والدعاية المضللة المدسوسة بأن العرب وحوش جاهزين للإنقضاض عليهم يوما من الأيام وتدميرهم إلى الابد، وزوال دولة اسرائيل من الوجود . ومهما حاولوا التمويه  والتغطية ومحاولة إشاعة العدل والمساواة في فلسطين المحتلة وترسيخ الإحتلال بالوجود المكثف والهيمنة والممارسات بالمساواة للبعض إعلاميا كتغطية، لا يستطيعون مهما طال الوقت... طالما المبعدون المهجرون بالقوة خارج فلسطين المحتلة منذ عام 1948م لا يرجعوا إلى وطنهم ولم يتم التعويض العادل المرضي لهم حتى يرضوا... يحتاجون إلى الجلوس معا وإقرار السلام وإنهاء الإحتلال نهائيا كما عملوا من قبل الأرض مقابل السلام عندما رجعوا  شبه جزيرة سيناء للمصريين مقابل السلام،  عسى أن تلتئم الجراح مع مرور الوقت، بدلا من تضييع الوقت في مبادرات وإجتماعات الواحدة وراء الأخرى، جميعها دسائس ومؤامرات لا تغني ولا تسمن من جوع، بل يحتاجون إلى حلول جذرية تحت إشراف دول العالم تنهي الصراع بأي ثمن رحمة بالجميع، وإنفتاح الشعوب على بعضها بالتطبيع وتبادل التجارة الحرة والمصالح المشتركة كشركاء وليسوا خدم... حتى تذوب الفروقات وتزول الكراهية بين العرب واليهود التي خلقت خلال سنين عديدة من التطبيل فى الإعلام المضلل وإستغلال عواطف وجهل العامة والتحديات الكاذبة لإزالة دولة إسرائيل من بعض قادة العرب في الماضي، وإصرار قادة اليهود على إثبات الوجود بأي ثمن كان مهما كان غالي...  والنتيجة التي وصلوا لها نظير الحروب العديدة والقتل وسفك الدماء الذي ضاع فيه الكثيرون من الطرفين هباءا منثورا  وتضييع الوقت والجهود والمال على الدفاع، مما أصبحت مع الوقت الكراهية تنمو وتزداد بينهم، وخلقت وحشا مفترسا صعب تقييده وكبح جماحه بسهولة، أو القضاء عليه للأبد!!

         الحلول موجودة  وأهمها تعليم العامة من الطرفين العرب واليهود المتشددين الجهلة فنحن الآن في عصر العولمة، العالم صغير ويصغر كل يوم جديد، ضمن برامج ثقافية تحث على الأمن والامان والعيش معا في وئام كما كانوا من قبل جيران في جميع الدول العربية قبل ولادة دولة اسرائيل بالقوة . والعمل الجاد سواسية مع الآخرين حتى يصلون إلى تفاهم وسلام، حيث المفروض أن يعيش الجميع معا في دولة واحدة مثل امريكا التي تضم جميع الأجناس بدل التقسيم وبناء الأسوار العازلة مما تزيد الحقد والحسد والكراهية بين الجيران....

           هذه الأسوار التي مهما طال الزمن أو قصر مصيرها الزوال والهدم  مثل ما حدث في أسوار برلين ألمانيا عندما كانت فاصلة بين الغرب والشرق سنين عديدة، وعندما آن الأوان هدمت وأصبحت في خبر كان وكأنها يوما لم تكن قائمة، حيث لا يستطيع اي انسان او دولة منع الاحرار الوطنيين والشعوب مهما إختلفت العقائد والأديان من العيش معا كراما ضمن دولة واحدة...  والدليل حي موجود ( دولة أمريكا ) التي تضم جميع الأعراق من جميع أنحاء العالم ضمن قانون وعدل ومساواة يعيشون مثل الإخوة، ولاؤهم لأمريكا، هم الجميع المحافظة عليها من أي إعتداء أو سوء... مستعدين للتضحية من أجلها . وأرض فلسطين ارض مباركة، أرض الديانات مهبط الرسل والأنبياء، ومن حق الجميع اليهود والنصارى والمسلمين أصحاب الأرض الأصليين، ان يتعايشوا مع بعض تحت اي ظرف، ضمن ترجيع الحقوق والعدل والمساواة حيث لا يستطيع الإسرائيليون ذوي الفكر الصهيوني فرض الوجود بالقوة طوال الوقت، مهما عملوا من مصدات وسدود، ومؤامرات وفتن وحروب قفل وإنهاء قضية فلسطين للأبد وهم في الأصل خليط لاجئون شتات، اغلبهم قادمون من أوروبا بعد مجازر ومآسي الحرب العالمية الثانية ، ليس لهم الأساس ولا الحق بالإستيلاء على الارض بالقوة مهما تآمر العالم ( الدول الكبرى ) وساندتهم على القهر والظلم، حيث التوراة الأصلية التي لم تحرف، والتي نؤمن بها عن قناعة انها من ضمن الكتب السماوية التي نزلت وحيا على سيدنا موسى عليه السلام، دينهم الأساسي يمنعهم من الإستيلاء على أرض الغير بدون الرضى والتفاهم مع أصحابها الأصليين، فالظلم ظلمات ولا يرضى الرب بالظلم لعباده وبالأخص للفلسطينيين الابرياء...  

            المعادلة صعبة للوصول لحلول يرضى بها الجميع تحتاج إلى سمو وحضارة وفرض السلام على الجميع بالود والتفاهم والحوار المثمر، وبالأخص مع فئات المتشددين من جميع الاطراف ضمن دستور وقوانين عادلة قوية، حيث ما ذنب الأجيال الفلسطينية من عرب مسلمين ونصارى ويهود الذين ولدوا وعاشوا بفلسطين خلال العقود الماضية منذ إنشاء دولة إسرائيل قبل وبعد عام 1948 م، ولا يستطيع العرب المسلمون والنصارى في الوقت الحاضر طرد الشعب اليهودي من الأرض إلى الأبد كما يعتقد الجاهلون بخفايا الأمور الصعبة المعقدة ، وبالتالي على الجميع بالسمو بالنفس أرادوا أم لايريدوا التعايش معا في دولة واحدة يتفق عليها بالرضى والحوار بدون التقسيم والأسوار ، ويتم التطبيع مع الجيران دول العرب ضمن أسس لدولة جديدة تضم الجميع ويشترك الجميع في الحكم سواسية، فهل هذا الحلم يوما سوف يتحقق بإذن الله تعالى؟؟  حيث مهما طال الوقت والزمن بعد عشرات السنيين من التربص والخوف والدفاع عن النفس من أجل الحياة والسطوة والجبروت، الحق لا يضييع ووراءه مطالب واحد فقط! فما بالك بكامل شعب فلسطين بالداخل والخارج الذين من عدة ملايين نسمة حقوقهم مهضومة يطالبون بإحقاق  الحق العادل، الذي مهما طال الوقت يوما سوف يأخذونه ويتحصلون عليه، سواءا سلبا، أم إيجابا... 


            من وجهة نظري التي أؤمن بها عن قناعة أنه من حق اليهود العيش أفرادا أم جماعات كراما في أي دولة بالعالم كما الآن يعيشون في عديد من الدول بالعالم، ضمن احترام القوانين المحلية والأعراف وبالأخص في الوطن العربي وأوطان المسلمين ضمن العدل والمساواة سواسية لا فرق بين أحد وآخر فالجميع بشر، وبالأخص الكثيرون معظمهم في الأصول العرقية من الجزيرة العربية مواطنيين ترجع جذورهم إلى آلاف ومئات السنين فيها ومنها... 

          عليهم ان يحترموا العرب المسلمين أولاد العم عرقيا تاريخيا بدل الكراهية، الذين دافعوا عنهم وعاش أجدادهم كراما وسطهم آلاف ومئات السنين أيام كانوا شتاتا موزعين جماعات في كل مكان تائهين، عاشوا في أمن وأمان في جميع الدول العربية والإسلامية حتى الآن، عليهم بدراسة التاريخ عندما كان الكثيرون منهم يتولون مناصب عالية رفيعة وزراءا يهود العقيدة والدين في دول إسلامية، أيام هارون الرشيد بغداد العراق، والعدل والمساواة والحماية لهم من أي إعتداء، وبالأخص أيام حكم العرب في أسبانيا لمئات السنيين، ثم الفرق الرهيب، الظلم والفرض بالقوة التنصير أو التعذيب والقتل لمن يرفض ان يرتد عن دينه ويتنصر من محاكم التفتيش عندما تولى الأسبان الحكم ، فالتاريخ موجود ،لم يطمس وينتهي بعد من الوجود ومازال الكثيرون من أحبار اليهود المطلعين الفاهمين الأسرار الدفينة يعرفون الأمر وممتنين للعرب المسلمين على مساندتهم وإيوائهم لجدودهم اليهود...  

          العرب ليسوا أعداء اليهود كعقيدة ودين، مثل مايعتقد الكثيرون، الإختلاف في الفكر الصهيوني الذي مثل الأخطبوط الغير مرئي، إحتل أرض فلسطين  وطرد شعبها  فنحن العرب واليهود أولاد عم نؤمن بنفس الانبياء والرسل، لم نحاول يوما عبر التاريخ الذي مضى، تطهير عرقهم للأبد مثل ما فعل الألمان في الأربعينات من القرن الماضي أيام دولة هتلر النازية، التجميع في المعسكرات بالقوة والغصب والتجويع، والحرق في الأفران بوحشية...  

          والدليل إلى الآن في بعض الدول العربية والإسلامية،  حيث الجاليات اليهودية تعيش في سلام آمنة، في أمن وأمان إبتداءا من المغرب ومرورا بتونس واليمن والتطبيع والعلاقات الجيدة مع دولة مصر ودولة الأردن، ودولة قطر وغيرها، حتى في دولة ايران قمة التشدد والتعصب للإسلام بها جالية كبيرة إلى الآن يؤمنون بالتوراة الأصلية رافضين الفكر الصهيوني والحفاظ على حقوق الغير وعدم الإستيلاء على الأرض، لا يريدون مغادرة ايران عندما أتيحت لهم الفرص بالهجرة إلى إسرائيل لأنهم مرتاحين في العيش في أمن وأمان، ودولة تركيا المسلمة التي بها جالية كبيرة لهم شأن ومكان ضمن المجتمع التركي، أليست هذه الأمور بقمة العدل والمساواة لهم مع بقية أبناء الشعوب العربية والاسلامية ؟؟ والله الموفق...
          رجب المبروك زعطوط

 البقية في الحلقات القادمة...

Saturday, June 28, 2014

رحلة العمر 8

بسم الله الرحمن الرحيم

           رن الهاتف في الغرفة رنينا متصلا حتى ننتبه ونستيقظ من النوم حسب طلبنا من الهاتف الآلي قبل النوم - حيث وصلنا إلى مدينة القدس مع الفجر - لإيقاظنا في الوقت المحدد الساعة السابعة صباحا حتى لا ننسى ونسنغرق في النوم إلى الضحى ويضيع علينا برنامج الزيارات المهمة، مما قمنا من الفراش بصعوبة متثاقلين حيث نحتاج إلى عدة ساعات أخرى للنوم حتى نستطيع أن نقاوم، ويصبح لنا الجهد ونستطيع المشي للمشاهدة طوال اليوم....

           وبعد الحمام الفاتر السريع بدأ النشاط يرجع رويدا وبسرعة تتجمع الحيوية والأفكار، نظير الرغبة الحب والعشق لزيارة المسجد الأقصى والمقدسات التاريخية التي تعبنا للوصول لها وجئنا لزيارتها من آلاف الأميال، التي مازالت شواهد قائمة صامدة، تشع بقدرات الله عز وجل بأنه واحد أحد حى لا يموت مهما مرت عليها من ألاف السنين عبر الزمن  حتى الآن...

           ونزلنا إلى الدور الأول إلى مطعم الفندق وكان واسعا يتسع المئات من الضيوف وكان معظم رفاقنا في الرحلة يتناولون  إفطارهم وبه جميع انواع الأطعمة التي تخطر على البال مما لذ وطاب لوجبة الافطار الشهي اللذيذ، وشد إنتباهي طريقة تقديم العسل الشهي لأول مرة شاهدت فيها طريقة التقديم مع أنني تجولت كثيرا في مختلف بقاع العالم، حيث قرص الشمع الكبير الطبيعي المملوء بالعسل الشهي معلقا بطريقة فنية بالأعلى والعسل يتساقط منه في خيوط ذهبية إلى أسفل ويتجمع في الصحن الكبير تحت، والضيوف يمرون ويعبئون بملاعقهم صحونهم حسب الرغبة والطلب .

           أكملنا وجبة الفطور بسرعة وتجمعنا في صالة الفندق والبعض منا كانوا في الباحة الخارجية بجانب الحافلة ينتظرون تحت ضوء شمس الربيع حيث كان الطقس يومها جميلا، وعندما إكتمل العدد ركبنا الحافلة وبدأت المسيرة إلى مدينة الخليل حيث لا فرصة ذاك اليوم للذهاب إلى المسجد الأقصى لوجود قداسة بابا الفاتيكان في زيارة إلى كنيسة القيامة.  ولو تأخرنا قليلا عن السير على الطريق، لتوقفنا في الفندق طوال اليوم حيث قوات الأمن والشرطة الإسرائيلية مستمرون على قدم وساق في التنظيم للمرور وحفظ الأمن من أي تعديات...

        تغلق بالحواجز في بدايات ونهايات الشوارع المؤدية إلى المدينة القديمة الملاصقة للمساجد والمعالم ( الأقصى والصخرة والمرواني وسيدنا عمر وكنيسة القيامة)  تمنع  حركة المرور للسيارات والحافلات منها واليها، إلا مشيا على الأقدام، والمرور ضمن البوابات العديدة التي يؤمن حراستها الحراس اليقظين الساهرين بعيون يقظة يفتشون  المارة صغار السن تحت الستين من العمر المحليين المشكوك في أمرهم خوفا من حدوث مشاكل وتعديات إرهابية على موكب قداسة البابا أثناء وجوده في كنيسة القيامة، سواءا في الذهاب أو الرجوع منها، حيث لا إمكانية لدخول سيارات لها... الوصول إلى أحد أبواب الحرم القدسي الرئيسية العديدة والباقي مشيا على الأقدام...

              بعد حوالي الساعة على الطريق المؤدية إلى مدينة الخليل، ومشاهدة البناء والتشييد للمستوطنات الاسرائيلية الجميلة في الهندسة والبناء بطرق فنية عصرية تضمن وجودها وحمايتها من أي اعتداء إرهابي مستقبلا طارئا، مقامة على رؤوس الجبال والتلال مما يسهل الدفاع عنها بسهولة، ذكرتني بالقلاع في العصور الماضية حيث فيها جميع المطلوبات للحياة من عيش هانئ مريح في أمن وأمان ، ودفاع عند الخطر...

           شاهدنا البعض من السور الخرساني العالي الفاصل مع القرى والتجمعات الفلسطينية التي بناؤها عشوائي من غير تنظيم ولا تخطيط عليها الكآبة والفقر وسوء الحال معشعش عليها من عدم الاهتمام، مما حز في النفس هذا الحال المخزى والعيش المزري للمحليين أصحاب الأرض الأصليين...   وتساءلت النفس لماذا هذه الكراهية القاسية والتنافر المؤلم بين العرب واليهود ونحن بشر اولاد عم من جد واحد سيدنا ابراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام، لماذا لا يعيشون في سلام ووئام معا مثل الشعوب الأخرى بالعالم ؟؟ وكان الرد بسيطا، أولا الاحتلال للأرض بالقوة والغصب، والتنافس على مراكز الحكم من الجميع، سواءا عربا أم يهودا...  والضحايا البسطاء الأبرياء من الطرفين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي نظير السياسة القذرة وسوء الفهم والتعصب الأعمى، يدفعون في الدم ويقدمون الثمن الغالي حماية لأصحاب القرار المسؤولين السياسيين من الطرفين الإسرائيليين والفلسطينيين الذين في الظاهر أمام الجميع أعداءا في خصام، والواقع المؤلم وراء الستار أصدقاءا أوفياءا حتى يستمرون في الحكم...

              وصلنا إلى مدينة الخليل بعد ماشاهدنا الكثير من المناظر الجميلة التي مهما حاولت التعبير لها وعنها لن أستطيع... حيث بها مقام سيدنا ابراهيم عليه السلام وزوجته سارة والعديد من الانبياء والرسل منهم سيدنا يعقوب وزكريا ويحى والكثيرين من رجال الله تعالى الذين لانعرف عنهم الا القليل القليل، وتوقفت الحافلة في أحد الميادين بجانب حافلات أخرى ونزل الجميع وبدأنا في المشى صعودا للمسجد والمقامات الدينية المقدسة المقامة على ربوة الجبل للزيارة وكان الجنود الاسرائليون في كل مكان مجموعات ضمن مجموعات موزعين في كل الأركان والأزقة والساحات يحرسون المنطقة بعيون يقظة منعا لأي إعتداء قد يحصل ، وكانوا مؤدبين بدون اي إزعاج لأي سائح أو ضيف كان  طالما يتبع  الإرشادات المطلوبة بنظام، ومررنا على حاجز للأمن مشترك مع البعض من العرب المحليين، وبعد التأكد أننا مسلمين (حيث يمنع مرور غير المسلمين خوفا من الاعتداء على المصليين) بالسؤال لنا بأدب، سمح لنا المسؤول بالمرور، الرجال من طريق والنساء من طريق آخر، مما توزعنا مؤقتا، وفي منتصف طريق الصعود إضطررت للدخول إلى الحمام حيث اصبت بعسر هضم وتقلصات في المعدة من الطعام مما دخلت وتأخرت قليلا حتى ارتحت وتوضأت إستعدادا للصلاة في المقامات المقدسة تبركا بعظمة الله تعالى...     والمجموعة بقيادة الدليل لم تنتظرني بل إستمرت في الجولة من غيري مما إحترت عندما خرجت، اي طريق سلكوه؟  وقررت الاستمرار صعودا إلى المسجد بأعلى الربوة لوحدي حتى ألاقيهم، ووصلت إلى المقام وصليت عدة ركعات وتجولت في المسجد الذي كان من عدة ادوار وحجرات وقاعات مثل المتاهة، الواحدة تفتح على الاخرى ولم أشاهد أي واحد من مجموعتنا ورفاقنا غير احد السيدات الباكستانيات (السيدة بشرى) تدور من مكان إلى آخر مما ظننت انها ضلت الآخرين مثلي أنا...   وخطأى أنني لم أسألها عسى ان تعلمني مكان وجود الآخرين البقية حتى أنضم لهم، ولم يخطر بالبال ان الجميع في الدور العلوي في أحد القاعات مع الدليل الذي يشرح حسب ماقالته لي زوجتى بعد أن تلاقينا... مما ضاعت علي فرصة كبيرة لأشاهد بقية المقامات للأنبياء والرسل، وأستمع إلى الشرح عنها، ولكن ماباليد حيلة لم يسخر الله تعالى...   فالرب الخالق عارفا بالنوايا انها سليمة... 

الحرم الابراهيمي بمدينة الخليل - فلسطين 
            وكان المسجد يعج بالآف وبالأخص السيدات والأطفال فقد كان ذاك اليوم المبارك، حفلة ذكرى الإسراء والمعراج ، مما الجميع تجمعوا في مدينة الخليل مع الألاف من المحليين الفلسطينيين القادمين من مدن وقرى أخرى والمعتمرين الغرباء الزوار من عدة مناطق ودول للمقام، مما تجولت فيه بصعوبة وسط الزحام الشديد على غير هدى من مكان الى آخر حيث معالم كثيرة مررت بها بدون شرح الدليل لا أعرف عنها أي شئ! ولكن اذا أطال الله لي العمر ومازلت متعافيا بصحة جيدة سوف أقوم بزيارة أخرى بإذنه تعالى وأراجع جميع المعالم على الطبيعة بدقة حيث فرصة من فرص العمر لا تعوض، لا تتاح لأي إنسان بسهولة، حيث مهما يشاهد الانسان من افلام وصور لا تكفي وتؤدى الغرض حيث المشاهدة على الطبيعة تختلف إختلافا كبيرا حيث لها مزايا وأحاسيس روحية وقتها !!

           عندما لم أشاهد اي احد من المجموعة خلال البحث والسير في الحجرات والقاعات على غير هدى، إعتقدت انهم رجعوا إلى الحافلة وفي انتظاري أو سوف يغادرون بدوني لزيارة أماكن أخرى، فقد حذرنا الشيخ والدليل بأن نكون ضمن المجموعة طوال الوقت ولا نتفرق حتى نشاهد ونسمع الشرح... وإذا غاب اي احد وتأخر كثيرا لأي ظرف كان،  فسوف يغادرون من غيره، حيث لديهم برامج زيارات عليهم إنهاؤها، والمتأخر عن المجموعة لأي ظرف كان إن لم يتحصل على اتصال بالهاتف النقال بالمسؤول، أو أحد الرفاق حتى ينضم للمجموعة في أقرب نقطة لقاء، وإن تأخر عن اللحاق، عليه بركوب عربة أجرة على حسابه والرجوع إلى الفندق نقطة اللقاء والتجمع مرة أخرى بالمساء، مما قررت الرجوع إلى الساحة عسى ان يكونون في الانتظار بجانب الحافلة، وخرجت من المسجد ومقام سيدنا ابراهيم الخليل بعد أن تباركت بالمقام وقمت بالصلاة العديد من الركعات للمولى عز وجل للحصول على الأجر والبركات فى المقام الطاهر أكثر من مرة في بعض الأركان نتيجة الزحام الشديد، داعيا الرب الخالق الله عز وجل، طالبا الرحمة والغفران، شاكرا له النعم العديدة التي وهبها لنا، أهمها الصحة والعافية وأتاح لي الفرصة خلال العمر، ان أشاهد بأم العين هذه المقامات والمقدسات على الطبيعة من غير مساعدة اي احد كان،  أومساندة نتيجة كبر السن والأمراض التي أعانى منها...  راجعا على الطريق الضيق الملتوي هبوطا إلى الساحة، وأنا مثل الضائع اجر  أقدامي بصعوبة مستندا على العكاز الذي كان له الدور الكبير في الحفاظ علي من السقوط حيث لدي الشعور بأنني أتمايل في السير نظير خفوت السمع في الأذن اليمني التي في بعض الأحيان مغلقة نتيجة التعب والمعاناة والإرهاق وعدم النوم الكافي  أثناء الرحلة والزيارات مما في بعض الاحيان لا أستطيع السمع بوضوح...   ولا أستطيع الوقوف طويلا حيث محتاج إلى كرسي للجلوس والراحة فلست قويا مثل السابق أيام الشباب...    والله الموفق...                                                                       
                 رجب المبروك زعطوط

 البقية في الحلقات القادمة...

Wednesday, June 25, 2014

رحلة العمر 7

 بسم الله الرحمن الرحيم


                   تغير الدليل وسائق الحافلة في الحدود الفاصلة بين الدولتين ، وتم إستبدالهما بآخرين، حيث حسب مافهمت ليس لهما الحق بالعمل داخل فلسطين المحتلة، وتقدمت الحافلة إلى الحدود الفاصلة بين الأردن و دولة اسرائيل حاليا(معبر جسر اللنبي)، وقد أوصانا الشيخ عبدالحكيم ورفيقه السيد محمد فتحي المسؤولين عنا بشدة بأن نطبق التعليمات المطلوبة منا بهدوء ونجيب  حسب السؤال، إذا سئلنا من اي مسؤول إسرائيلى أمني بالحدود، بالحق والصدق بلا زيادة ولا نقصان، بدون اى تهور أو غضب وبالأخص في الحديث السياسي بقضية فلسطين فنحن حجاج معتمرون زوار للمقرات الدينية في مدن القدس والخليل ،، حتى لا يرفضوا دخولنا بأعذار واهية أمنية ، ويضيع مشوارنا هدر! 

           توقفت الحافلة أمام مقر الهجرة والجمارك الإسرائيلي في الساحة المخصصة للوقوف قبل الغروب، ونزلنا وكل واحد منا يجر حقيبته ضمن طابور منظم طويل في هدوء بدون ضجيج، وكل حاج بيده جواز سفره ومعه حقيبته ويمر الأول بالأول بنظام امام نافذة بها موظف أمني يتطلع في جواز السفر ووجه صاحبه بإمعان للتأكد من الشخص أنه هو غير مخالف، ويضع الجواز على مرآة حاسوب للفحص والتسجيل ثم يلصق عليه ورقة صغيرة لا صقة ويرجعه إلى صاحبه طالبا منه وضع حقيبته على السير المتحرك الالكتروني وان يدخل عبر الباب المجاور المقفل للقاعة، مما كل واحد منا عمل المطلوب حسب الأوامر والتعليمات، وحدثت مشادة بسيطة مع آحد العمال الفلسطينيين، هل هي بقصد مرتبة أو بدون قصد، ولكن أعطتنا معايير كبيرة ان العدل قائم للجميع فلا محاباة لأحد على حساب الآخر، فقد أحضر أحد العمال الفلسطينيين العاملين بكثرة ووضع حقيبة احد المسافرين من الحافلات الاخرى في المقدمة متجاوزا لنا حيث ليس له الحق، مما أثار حفيظة دليلنا المصري محمد فتحى وصرخ على العامل وطلب مقابلة المسؤول الإسرائيلي للشكوى . مما حضر وتفحص الامر حتى تأكد من الخطأ والتجاوز، وطلب من العامل بعد أن وبخه على الفعل،  ترجيع الحقيبة للوراء آخر الطابور الطويل ، وقال بصوت عالي إن صاحبها سيكون الاخير في الصفوف في المرور عقابا على التعدي والتجاوز، لا وساطة لأي أحد كان مهما كان! الجميع هنا الأول يتلوه الثاني وبعده، مما كانت لفته طيبة في المعاملة... أعطتنا صورة جميلة عن العدل والنظام، وإنطباعا عن المعاملة الجيدة وان الجميع سواسية لا فرق بين أحد وآخر...

           قدمت جواز سفري عندما وصل الدور لي مع الحاجة، وفي دقائق تم ترجيعه وإعطاؤه لي وعليه القسيمة اللاصقة والسماح بوضع الحقيبة على السير المطاطي المتحرك والدخول إلى القاعة مما فعلت ودخلت ووجدت الكثيرين أمامي ضمن ممرات من مواسير حديدية موجهة إلى موظف المهاجرة والبوابة الإلكترونية للتفتيش الشخصي الآلي تمنع التزاحم... الجميع في طابور واحد، يتقدم الأول وبعده الثاني إلى نافذة غرفة بها موظفة أو موظف يراجع الداخلين ويستلم في جوازات السفر للتحقيق والتأكد من المسافر وأنه ليس بمطلوب للأمن ولا متهم، ويطلب منه المرور على الجهاز الذي بجانبه، وإذا كل شئ سليم بعدها يسلمه جواز السفر ويجعله يمر في أمان إلى قاعة أخرى للجلوس والإنتظار...  وبدلا من ختم جواز السفر كالعادة في جميع الدول، إسرائيل لها حالة خاصة لزوارها حيث مقاطعة من كثير من الدول وبالأخص العربية، تصدر بطاقة خاصة مثل الرخصة عليها تأشيرة دخول بها جميع المعلومات وصورة شخصية للمسافر عليها للتعريف في حالة الطلب من اي جهة أمنية داخل كل المدن مثل القدس والخليل ، ومدى صلاحيتها بالزيارة والإقامة، حتى يستطيع ان يتجول بحرية وراحة من غير أي سؤال، الا وقت الحاجة عند الشك والطلب...  ومرت الحاجة وإبنتي هدى وزوجها المبروك  بسهولة، وعندما أتى الدور لي بالمرور، قلت لموظف الأمن لا أستطيع المرور على الجهاز اليكتروني الشخصي خوفا من ردة الفعل بالذبذبات على القلب نظير الجهاز ( ديفبريلايتر ) المثبت داخل صدري ، مما طلب مني الجلوس في أحد الأركان والانتظار للفحص والتفتيش الأخير باليد... وتوقفت حوالي الساعة وانا في الانتظار على أحر من الجمر ماذا حدث ؟؟ لماذا التأخير الطويل، هل أنا مطلوب  ومتهم؟؟ أم مشكوك في لأي سبب كان ؟؟

            وبعد مرور الوقت الطويل والعائلة ينتظرون الإفراج والسماح لي بالدخول مما شاهدت الحاجة مشغول بالها علي طوال الوقت وراجعت الموظف الإسرائيلي عدة مرات لماذا التعطيل لي بدون سبب؟؟ مما قال لها بأن تصبر حيث من الضروري اتمام بعض الإجراءات.... وأخيرا جاء أحد الموظفين الأمنيين وطلب مني الدخول إلى غرفة خاصة للتفتيش الشخصي، وقام بالتفتيش بدقة من قمة الرأس حتى أصابع القدمين، بأصابع مدربة على هذا النوع من العمل، وعندما انتهى قال لي تفضل بالمرور بكل أدب، وسلمني جواز السفر وبه بطاقة تأشيرة الدخول مرفقة، ودخلت إلى القاعة ووجدت الجميع جالسين ينتظرون في قاعة  المغادرة، حتى تنتهي إجراءات البعض الآخرين .

          تعطيل عدة ساعات أخرى ونحن جالسين ننتظر حيث الفحص الدقيق للجوازات للذين أعمارهم تحت الخامسة والأربعين من العمر أو المشكوك فيهم، وكان صهري المبروك من ضمنهم، وطلب منهم كتابة بيانات عديدة في قوائم تم تسليمها للدائرة الأمنية حتى تتم الموافقة على الدخول إلى فلسطين المحتلة (إسرائيل) أم لا ؟؟ وبعد مرور الكثير من الوقت عدة ساعات ونحن جالسين ننتظر الموافقات والسماح للبعض منا... مما مللنا وتعبنا من الجلوس على الكراسي الحديدية الغير مريحة مدة طويلة ننتظر الإفراج عنا، ولا شراب ولا طعام للشراء فنحن جوعى، حيث الكافتيريا للخدمات السريعة أبوابها مقفلة لا تعمل في الليل حيث الوقت قد تأخر  ولم نستطع حتى أن نشترى قهوة وعصائر وسندويتشات للأكل نظير مرور الوقت الطويل، فنحن في هزيع الليل ومازلنا ننتظر  غير عارفين ماذا سوف يحدث من أمور في الغيب... بارك الله في الامام عبد الحكيم الذي كان يهون علينا قلقنا تلك الساعات بتذكيرنا بغرض الزيارة وبلأجر الكبير الذي سوف نحصل عليه نظير الساعات الطويلة في الانتظار والمعاناة.... 

          بعد مكوثنا عدة الساعات، والحراس والموظفون معظمهم بل  جميعهم شبابا من الجنسين ذكورا وإناث، صغارا بالسن يبتسمون في وجوهنا مستغربين من وجودنا نحن العرب والمسلمين ، مما شعرنا بالإطمئنان حتى تم تسليم الجوازات المحتجزة ... وكانت فرحة للجميع ان المجموعة بكاملها سوف تسافر معا، لا تعطيل ولا منع لأي أحد بدون استثناء وهذا فضل كبير من الله عز وجل...

            ومررنا على حقائب السفر الموضوعة في طابور واقفة بزاوية القاعة وكل حاج أخذ خاصته بدون فتح ولا تفتيش ولا مضايقة، وبالأخص في دولة تعيش في خوف ورعب من الإرهاب تحاول بقوة فرض بقائها ووجودها في المنطقة !!!

          ركبنا الحافلة ونحن سعداء فقد أصبحنا بأرض فلسطين المحتلة وعن قريب سوف نشاهد مدينة القدس مهبط الرسل والأنبياء والمسجد الأقصى الذي الله عز وجل جعله مباركا، بارك حوله نصا في القرآن الكريم في سورة الإسراء، في المصحف الشريف. وإنطلقت الحافلة على الطرق الضيقة بسرعة في ظلام الليل وتوقفت في بعض الاحيان امام بعض نقاط التفتيش على الطريق، وكان الدليل يقول للجنود أننا سواح زوار أمريكيين مما يسمحون بالمرور بدون اي تعطيل ولا حتى إلقاء نظرة داخل الحافلة مما يدل الأمر على الثقة...  وبعد حوالي الساعتين من القيادة والتوقف في بعض الحواجز الأمنية، دخلنا مشارف مدينة القدس الجميلة التي تتلألأ بالأضواء الساطعة كالجوهرة وكان الوقت متأخرا حوالي الساعة الثالثة صباحا ونحن جوعى بطون لم نتناول وجبة العشاء وجوعى للنوم والراحة، من التعب والإعياء وشد الأعصاب في الحدود عند الدخول فقد كانت تجربة كبيرة ومغامرة منا بالقدوم إلى القدس!!

           وقال الدليل الجديد الفلسطيني وكان ذو شخصية جهوري الصوت في الحديث بأن الوقت متأخرا جداً ولا مطاعم مفتوحة لتناول الطعام حتى نتوقف وسوف يمرون على احد الأسواق التجارية لبيع المواد الغذائية وبالأخص الخبز الطازج آخر الليل قرب الفجر والذي يريد ان يشتري يتفضل، وبالسوق يقبلون لقاء البيع بالعملة الاردنية والشيكل الاسرائيلي وأي عملة اجنبية مثل اليورو والدولار، وتوقفت الحافلة بعد فترة امام السوق التجاري الكبير الذي إسمه (التنور) أضواؤه تشع وتصدع في ظلام الفجر بالنور، ونزل معظم الجميع إلى داخل المحل وتم شراء الخبز الطازج واللبن والأجبان والعصائر وكل مالذ وطاب للأكل من طعام وجميعها حلال مضمونة حيث اليهود مثلنا نحن المسلمين متشددين لايتناولون الا الطعام واللحم الحلال عن طريق الذبح من شرايين الرقبة والتأكد من  خروج الدم، ومستحيل تناول لحم الخنزير، مما الانسان يأكل طعامهم وهو مرتاح...

             ركبنا مرة ثانية الحافلة ومررنا في الشوارع الخالية من الحركة الا من بعض الدوريات التي تحافظ على الأمن، حتى وصلنا إلى الفندق (دان بانوراما)، هبطنا من الحافلة وكل واحد منا أخذ حقيبته بيده ودخل إلى الفندق صالة الاستقبال حيث إستلمنا بطاقات مفاتيح الغرف الإلكترونية في مظاريف عليها أسماؤنا، فقد كان كل شئ مرتب ومنظم من قبل الشركة دار السلام، لا تسجيل بطاقات ولا تواقيع وإستلام جوازات السفر كما يحدث في معظم بلاد العالم وبالأخص دول العالم الثالث...  وذهبت بالمصعد للدور الثالث مع الحاجة لغرفتنا رقم 326، وكان الفندق خمسة نجوم ونظيف ووضعنا حقائبنا وتناولنا بعض الطعام لسد رمق الجوع، وصليت قصرا الصلاة المتأخرة وخلدنا إلى النوم عدة ساعات للراحة، فقد تغير البرنامج للزيارات وعلينا الذهاب وزيارة مدينة الخليل الساعة التاسعة صباحا، حيث المسجد الأقصى مطوق بسياج أمني كبير لوجود قداسة بابا الفاتيكان زائرا لكنيسة القيامة المقدسة والحج لها بالقرب من المسجد الأقصى التي قام سيدنا المسيح من الموت وعاش وأصبح حيا وإختفى بعد الصلب على الصليب في معتقدات المؤمنين النصارى...  والله الموفق...

                    رجب المبروك زعطوط

 البقية في الصفحات القادمة...

Monday, June 23, 2014

رحلة العمر 6

 بسم الله الرحمن الرحيم


الحاج رجب زعطوط يتأمل الحرم المكي الشريف
           أعلمنا الشيخ ليلة الخميس بأن نستعد لصلاة الجمعة غداً ونذهب لمسجد الله الحرام قبل الساعة العاشرة صباحا حتى نستطيع ان ندخل ونتحصل على مكان للجلوس حيث الجميع يرغبون في أداء الصلاة داخل الحرم، مما نويت الذهاب فصلاة الجمعة لدى مقدسة في اي جامع بالعالم للصلاة جماعة وبالأخص في بيت الله الحرام المقدس مع مئات الألوف او الملايين من المصلين...  ولكن للأسف من التعب والإرهاق وقيام الليل وصلاة الفجر بالمسجد الحرام والأفطار المبكر نمت بعض الوقت وتأخرت ساعة وربع عن الموعد وأصريت على الذهاب إلى المسجد الحرام فقد كان فرصة لا تعوض ، وهبطت إلى باحة الفندق الساعة الحادية عشرة والربع لأذهب إلى المسجد وشققت طريقي بصعوبة وسط آلاف من المصلين اللذين  كانوا بباحة الفندق والساحة من جميع الجهات تعج بهم حتى وصلت إلى مقدمة باب الملك عبدالعزيز للدخول والذي كان للأسف عليه حواجز وعشرات رجال الشرطة يمنعون الدخول للآلاف من المزدحمين حيث المسجد تعبأ بالمصلين ولا مكان فيه لاحد...

           حاولت الدخول وانا مضغوط من آلاف المصلين في الطقس ذو الحرارة الشديدة من الشمس القائظة مع الذين يتزاحمون ويحاولون كما أحاول أنا الدخول ولكن بدون فائدة تذكر...  وبعد بعض الوقت غيرت المكان وذهبت إلى باب آخر ونفس الحالة والزحام الشديد وذهبت إلى المدخل الجانبي لأحاول الوصول إلى السطح حتى أشاهد الكعبة وأصلي مع المصلين من أعلى، ولكن بدون جدوى فآلاف المصلين في كل ناحية والحرارة تكتم على الأنفاس مما خفت على نفسي من السقوط إعياءا على الأرض، واضطررت إلى الرجوع إلى الفندق ووجدت مكانا في احد الممرات في الدور الاول الذي يعج بالمصلين مثلي الذين لم يستطيعوا الدخول والمصاعد معطلة عن العمل للأدوار العالية حتى انتهاء صلاة الجمعة، وفرشت فرشة الصلاة التي معي على الرخام وصليت عدة ركعات طالبا من المولى الله تعالى الرحمة والمغفرة، وكانت الميكروفونات تدوي بالآذان والتكبير لبدأ شعائر صلاة الجمعة وبعد فترة بسيطة بدأت الخطبة حتى انتهت ثم الصلاة مع الجميع  امام مسجد الله تعالى...

            وعندما انتهت الصلاة رجعت للغرفة وأنا حزين حيث لم أكن بداخل الحرم للصلاة حيث نحن غدا مسافرون، ولكن الرب تعالى عالم بالنوايا والحال وأنني حاولت قدر المستطاع ولكن لم أوفق، ووجدت الحاجة وإبنتي وزوجها قاموا بالصلاة وراء الإمام من أعلى بالغرفة، وكنت مرهقا مما إستلقيت على الفراش طالبا الراحة بدون اهتمام للغداء السريع من سندوتشات وفواكه وعصائر باردة بالغرفة والتي قامت الحاجة بتجهيزها بسرعة .

      بعد اربعة ليال وثلاثة ايام اقامة بمكة المكرمة زرنا العديد من المعالم عرفات والمزدلفة ومنى والعديد من المساجد وتوقفت الحافلة أسفل جبل حراء حيث الغار بأعلى قمته ولا أستطيع الصعود له من الارتفاع والبعد حيث هبط الروح الأمين سيدنا جبرائيل بالوحي على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام بأول آية في القران المجيد آية (إقرأ) التي تحث على العلم والتعلم، حيث هو الاساس للتحضر والسمو والتقدم .

           ومررنا على غار الثور من بعيد الذي اختفى فيه سيدنا محمد وصاحبه أبوبكر الصديق عندما هاجروا من بطش قبيلة قريش أعداؤهم الملاحقين والذي خيالة فرسان الكفار المطاردين وصلوا إلى المدخل وأعماهم الله تعالى عن الرؤية وبالأخص عندما شاهدوا شبكة بيت العنكبوت الواهية لم تتمزق وحمامة آمنة في عشها حاضنة على البيض لم تخاف ولم تطير مما تأكد لهم أنهم ليسوا بالداخل، والذي زاد خوفهم عندما حذرهم الدليل ان المغارة بها ثعابين، وغادروا المكان إلى غير رجعة ونجى الرسول عليه الصلاة والسلام وصاحبه ورفيقه المخلص من شرهم !!!!

            وآن الرحيل وودعنا بيت الله الحرام يوم السبت مساءا وذهبنا إلى جدة بالحافلة، وأتيحت لي الفرصة ووهبني الله عز وجل الصحة والعافية وقمت بالطواف على الكعبة ثلاث مرات كل مرة سبعة دورات حولها ومسحت بيدي اليمنى على جدارها عدة مرات تيمنا وبركة،، وسعيت ثلاث مرات بين الصفا والمروة وكل مرة سبعة أشواط مما كنت فرحا وسعيدا بأنني قمت بالواجب وأنا متقدما في العمر تجاوزت السبعين عاما بعام، وبي عدة امراض اهمها القلب، بدون مساعدة ومساندة لكبار السن مثل العديدين راجيا من الله تعالى القبول . وشئ آخر مهم روحاني أتممته فقد هداني الله تعالى وطهر قلبي من الحقد والحسد والأضغان وقمت بعدة صلوات للمولى عز وجل وأنظاري مركزة على الكعبة الشريفة التي تبعد عني العديد من الأمتار وراودتني أحاسيس غريبة روحية وقمت بالسماح والغفران من قلب طاهر ونفس راضية على جميع من تسبب لي بمشاكل وأحقاد وبالأخص الكثيرين من عائلتي الأموات والأحياء، الله تعالى يسامحهم ويسامحني ان أخطأت في حق اي أحد منهم نتيجة الخطأ والغيظ والغضب، والشاهد على الله تعالى في وسط بيته الحرام، وخرجت راضيا وكأنني ولدت من جديد ان هداني الله تعالى وسامحت الجميع، أليس رضاءا من الله تعالى والوالدين ان هداني للخير في هذه الزيارة والعمرة المباركة للأماكن المقدسة .

الحاج رجب زعطوط يكتب كلمة في سجل اهل الكهف 
             في الاجتماع في المساء تم الطلب منا بأن نستعد للرحلة إلى بيت المقدس ونأخذ معنا القليل من الثياب والحاجيات الشخصية الضرورية التي نحتاجها في حقائب صغيرة والباقي الثقيلة يتم تخزينها في عمان الاردن حتى الرجوع من فلسطين المحتلة مما فعلنا وتم تسليمها في فندقنا قصر مكة لتنقل في عربة نقل إلى المطار ومنها إلى عمان، للحفظ والتخزين. ووصلنا لمطار جدة وعدة ساعات انتظار قبل الصعود على الطائرة الاردنية المتجه إلى عمان التي استمرت حوالي الساعتين في رحلة جوية معظمها مطبات هوائية بدون راحة للركاب وبالأخص الخائفين الغير متعودين على السفر، وستر الله تعالى ووصلنا بسلامة، وتمت الإجراءات بسرعة فقد كانت شركة دار السلام جيدة ولها سمعة حسنة ورجالها خدومين أمثال الشيخ عبدالحكيم ومحمد فتحي والآخرين، واستقبلنا دليل اردني إسمه محمد وقد نسيت بقية اسم عائلته الآن وكان جيدا في تعامله مع المعتمرين الحجاج ، وخرجنا من المطار، وركبنا الحافلة وزيارة إلى موقع أهل الكهف القريب من العاصمة الاردنية عمان، والدليل طوال الوقت يشرح لنا الاحداث اولا بأول، وعندما وصلنا كان الكهف يومها مقفل حيث عطلة رسمية بالاردن مما تم استدعاء القيم عليه، الذي حضر على وجه السرعة وقام بفتح الابواب لنا، وقمنا بجولة في المكان وشاهدنا القبور وبقايا عظام الموتى لأهل الكهف منذ آلاف السنيين المجموعة في حفرة مظلمة والنظر لها من خلال فتحة صغيرة بأحد الجوانب مغطاة بالزجاج، وصعدت درجات السلم العديدة إلى أعلى ربوة الجبل مع الدكتور أمين، حتى وصلت الى المسجد بأعلى وصليت ركعتين تحية للمولى عز وجل وركعتين للمسجد، وكان هادئا وبه سكينة غير عادية روحية تجعل روح الانسان المؤمن ترتاح وتطمئن وتهدأ...

مسرح جرش الاردن 
           قمنا بالتقاط عشرات الصور حتى تصبح ذكرى لنا عما شاهدنا من تاريخ مر مرور الكرام عبر الزمن ، ثم تجمعنا ومرة أخرى ودعنا المكان وفي الطريق توقفنا في احد المطاعم الجبلية وشاهدنا تعرجات الطريق والأودية السحيقة وتناولنا طعام الغداء السريع للسواح والعابرين، بعدها تقرر الامر بأن نذهب إلى فلسطين المحتلة ونقوم بزيارة القدس والخليل، وتركنا الدليل والسائق على الحدود الاردنية حيث غير مسموح لهم بالدخول حسب ما فهمنا، على ان يستقبلونا في العودة من القدس عندما نرجع لتكملة الجولة في ربوع الأردن، وتمت الاجراءات في الجوازات والجمارك بدون ان ننزل من الحافلة، لمغادرة أراضى الاردن بسرعة بدون اية موانع وتعطيل كما يحدث في دول عربية أخرى مازالت متأخرة عن الركب الحضاري في حرية التجارة والسياحة مازالت تعيش في العصر الماضي المتأخر من كثرة الاجراءات والتفتيش المفتعل الذي يزعج المسافرين ويجعل الكثيرين لا يحبون الرجوع مرات اخرى نظير التعب . وشاهدت بأم العين عشرات السيارات الضخمة والناقلات والجرارات الثقيلة وهي تحمل الأطنان والكميات العديدة من المواد الغذائية ومواد البناء من أسمنت وغيره من وإلى الاراضي المحتلة والتجارة حرة وعادية سهلة في العبور عبر الحدود نظير اتفاقية (وأدي عربة) عام 1994 م بين الأردن وإسرائيل مما إرتاحت اسرائيل من هم التعديات والارهاب على الحدود ورجعت بالخير العميم على الأردن الفقيرة في الموارد الطبيعية والجافة أنهارها بدون ماء، اعتمادها على الامطار في موسم الشتاء كل سنة، كان الله تعالى في حالها وعونها، تحتاج إلى عقول تفهم وتعرف كيف تعمل ضمن السلام والتقارب حتى تستفيد وتنهض، فلا يصح الا الصحيح ولا يضيع الحق ووراءه مطالب واحد فمابالك بشعوب عربية عديدة تؤيد وتساند فى الشعب الفلسطيني الذي يطالب، فهناك الكثير  من الحضارات التي سادت ثم بادت... وكل شئ مهما طال الوقت له نهاية، من خلال الزيارة البسيطة لعدة أيام والتجوال في دولة الأردن ذكرتني بليبيا وطني أيام استقلالها في بدايات الخمسينات عندما كنت شابا مراهقا ايام قلة مواردها وفقرها قبل إكتشاف النفط والغاز بغزارة وأصبحت بين ليلة وضحاها من أغنى الدول في المنطقة، فهل يمن عليها الله تعالى ويكتشف فيها كنوز طبيعية أخرى مع كنوزها المقدسة السياحية حتى تنهض و تنتعش وتتقدم... والله الموفق....                                    
               رجب المبروك زعطوط

 البقية في الصفحات القادمة...

Sunday, June 22, 2014

رحلة العمر 5


 بسم الله الرحمن الرحيم


منظر المدينة المنورة عند هبوط الطائرة بالليل
               رحلة جيدة على متن الطائرة الاردنية (أير باص 330) الضخمة حوالي احدى عشرة ساعة طيران تخللتها بعض الاهتزازات نتيجة الفراغات الجوية في المسار الجوي حتى وصلنا إلى دولة الأردن، وحطت بنا الطائرة في مطار عمان العاصمة بسلاسة وأمان والحمد لله تعالى على سلامة 
الوصول...

         نزلنا إلى قاعة العبور ( الترانزيت ) حيث إرتحنا بعض الوقت حوالي ثلاثة ساعات من الرحلة الطويلة وعدم النوم والراحة طوال الليل مع فروقات التوقيت في الزمن عبر القارات وألوف الأميال بين الدول . ثم النداء لمواصلة الرحلة على متن طائرة اخرى صغيرة الحجم من نفس الشركة إلى المدينة المنورة ، مدينة رسول الله تعالى عليه الصلاة والسلام، حيث وصلنا لها، بعد رحلة جوية حوالي الساعة والنصف عند منتصف الليل نهاية يوم الأحد 2014/5/18م...

        بعد الإجراءات القدوم وختم جوازات السفر بالدخول إلى المملكة السعودية، تم نقل المجموعة في حافلة ومعنا الشيخ عبدالحكيم محمد اليمني الاصل الأمريكي الجنسية مثل الجميع، والذي كان شيخا عصريا في شرحه وتصرفاته يحبه الانسان من اللحظات الأولى لخلقه وأدبه وغزارة علمه في الفقه والدين، حيث أثبت لنا خلال الرحلة والزيارات أنه ليس بمعقد ولا متزمت ومتشدد مثل الكثير من الشيوخ الآخرين الذين مايزالوا يعيشون عقلية التزمت والتأخر لا يريدوا التطور والتجديد مع العصر، ورفيقه المصري المسؤول عن الرحلة وراحة جميع المعتمرين، السيد محمد فتحي الشاب، الذي كان ممتازا جداً في خلقه وتصرفاته ونخوته في مساعدته للجميع 

       رأسا إلى فندق ( موفين بيك ) والذي كان تحته في الادوار السفلية مركز تجاري وسوق ضخم والذي أحد أبوابه يفتح مباشرة على أحد ساحات المسجد النبوي، وبعدما استلمنا مفاتيح الغرف وتم وضع الحقائب وصليت الصلوات التي فاتتني أثناء السفر والتنقل المستمر وثم جهزت نفسي وخرجت إلى المسجد النبوي لصلاة القدوم والسلام على الرسول الأمين وأصحابه الكرام سيدنا أبوبكر وعمر والآخرين وتأدية صلاة الفجر مع الجميع زيادة في الأجر...

المسجد النبوي الشريف - المدينة المنورة 
        تركت الحاجة مع إبنتي هدى وزوجها المبروك حيث كانوا  يجهزون   انفسهم للصلاة في المسجد، وأسرعت إلى المسجد النبوى بمفردي  وأخطأت في باب الخروج المؤدي إلى باحة المسجد النبوي رأسا مما تعبت من كثرة المشي في الطرق الخلفية وأنا أصلا مرهقا من عدم النوم حتى وصلت إلى المسجد وكانت جميع الأبواب مقفلة قبل صلاة الفجر للتنظيف والكثيرون يصلون أو نائمون على أرضية الرخام في إنتظار فتح الأبواب الضخمة مما صليت ركعات عديدة في الباحة، حامدا شاكرا المولى الله عز وجل انه أتاح لي الفرصة ووهبنى الصحة والمال الحلال حتى وصلت إلى الأراضي المقدسة ،، وإستلقيت حوالي الساعة على الرخام البارد من التعب والإرهاق وكان الطقس جيدا، وكان النعاس يداعب أجفاني وانا مصرا على عدم النوم حتى تم فتح الأبواب الضخمة، ودخلت مع الداخلين حتى قربت من الوصول فى الزحمة الشديدة إلى الروضة الشريفة قرب مرقد الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام وأصحابه الكرام، وزاحمت حتى تحصلت على مكان وسط آلاف البشر الآمين والزائرين للمسجد والمقام لأجلس بصعوبة وأصلي الكثير من الركعات لله تعالى وتحية للمسجد والمقام والتسليم على رسول الله تعالى وأصحابه الكرام، حتى تم النداء ورفع الآذان لصلاة الفجر ، وصليت الفجر مع الجميع وصلاة جنائزية اخرى على الموتى ذاك الوقت واليوم وكنت سعيدا أنني تحصلت على الفرصة حتى أننى لم احس بالتعب ولا المعاناة نظير السعادة والفرح ، وخرجت راجعا إلى الفندق الذي وصلته بعد عناء وتعب من المشي أكاد أسقط على الأرض بعد ان مشيت مشوارا فى الشوارع الخلفية ، ورأسا إلى الغرفة حيث كانت الحاجة قد وصلت قبلي بعد ان أدت صلاة القدوم والفجر، وذهبنا معا الساعة السادسة والنصف إلى المطعم لتناول وجبة الفطور مع إبنتي وزوجها

         فطور الصباح كان فيه من كل مالذ وطاب من الطعام الشهي   من مختلف الانواع والفواكه والعصائر . ورجعنا إلى الغرفة وانا متخم البطن شبعان من الطعام اللذيذ الشهي، ومرهق من التعب ، أغالب النعاس بصعوبة حتى وصلت إلى السرير وإستلقيت عليه ونمت بدون ان أدري كالميت ساعات عديدة حتى سمعت النداء ورفع الآذان الاول لصلاة الظهر مما قمت من الفراش نشيطا وحماما باردا منعشا وتوضأت وبسرعة إلى المسجد النبوي لتأدية صلاة الظهر جماعة حتى أتحصل على الأجر الكثير الكبير... 
   
          بالمساء بعد العشاء تم اجتماع في احد القاعات بلغنا فيه   الشيخ عبدالحكيم ورفيقه محمد على ميعاد جولة سياحة لبعض المعالم الدينية اليوم الثاني لمن يرغب من المجموعة بعد إنتهاء وجبة الفطور بالغد الساعة الثامنة صباحا، مما صلينا الفجر في المسجد النبوي كالعادة ورجعنا للفندق لتناول وجبة الفطور الدسمة، وقبل الساعة الثامنة كنا جاهزين للجولة، فى صالة الفندق ننتظر ..

مقبرة البقيع
          ركبنا الحافلة وبدأت الجولة بزيارة المساجد الثلاثة ( قبا وذي القبلتين والحذيفة ) وجبل "أحد" حيث قامت المعركة المشهورة في تاريخ الاسلام وزرنا مقبرة البقيع حيث شاهدنا من خلال الشباك الحديدي على السور بعض قبور الصحابة مثل حمزة ابن عبد المطلب، عم الرسول عليه الصلاة والسلام، حيث بالسعودية الدعوة الوهابية متشددة  لا إشهار لأي قبر مهما كان...  فالجميع بشر سواسية مدفونين، ملكا ذو عرش وتاج أو غنيا ذو مركز و جاه، أم  فقير الحال... 
    
          وأخذت بعض الصور للذكرى على تلة الرماة المشرفة على ساحة المعركة،التي خالف الرماة أوامر الرسول عليه السلام عندما شاهدوا نصر المسلمين في البدايات نتيجة الطمع في جمع الغنائم وتركوا الموقع خاليا بدون حراسات، مما إستغلها قائد خيالة المشركين وقتها قبل ان يشهر إسلامه سيدنا خالد بن الوليد وأطبق من الخلف بفرسانه على جيش المسلمين وسبب كارثة دموية لهم مما خسروا المعركة .

         ثم شاهدنا من بعيد بعض مواقع معركة الخندق والحافلة تمر من غير ان نهبط، والشيخ عبد الحكيم يشرح بلغة انجليزية سليمة بطلاقة حيث من مواليد أمريكا من أب يمني هاجر بالسابق قبل ولادته إلى مدينة ديترويت للعمل حسب مافهمت أثناء الأحاديث مع الآخرين، حيث معظم المعتمرين المجموعة من باكستان مسلمين لا يعرفون اللغة العربية والوحيدين من العرب نحن كمجموعة عرب والدكتور امين مصري الجنسية مما تعرفنا على بعض بقية طوال الرحلة والمسؤول محمد فتحى والشيخ عبدالحكيم، ثم لحق بنا معتمر آخر مصري الجنسية اسمه أشرف، بحيث عددنا نحن العرب ثمانية فقط من مجموعة عددها ثمانية وأربعون من الرجال والنساء معظمهم كبارا في السن في الستينات من العمر 
والآخرون شبابا من الجنسين . 

        رجعنا إلى الفندق متأخرين بعد ان صلينا الظهر في احد المساجد الثلاث وكنا فرحين من الجولة لمشاهدة عظمة الاسلام في بداياته وكم عانى وكافح سيدنا الرسول محمد صلى الله عليه وسلم من قومه قبيلة قريش، حتى نشر الدعوة الربانية الحقة وأصبح أمة عظيمة سادت عبر عصور الزمن وتزيد فى العدد كل يوم جديد إلى ماشاء الله عز وجل ولن تبيد حتى يوم القيامة بإذن الله تعالى، حيث أمة مباركة خاتم الانبياء والرسل منها عليه السلام ... معظم اوقات الصلاة جماعة قضيتها بالمسجد النبوى في قراءة المصحف الشريف ووفقنى الله تعالى وختمت رقم 97 مرة، وكان بودي ان أكمل المشوار 98 في بيت الله الحرام بمكة المكرمة و 99 على عدد اسماء الله الحسنى بالقدس مهبط الأديان ولكن لم أوفق نظير ضغط برامج الزيارات المتتابعة حيث لم أتحصل على الوقت الكافى من الإرهاق والتعب خلال الرحلة للقراءة بتمعن وصفاء ذهن، والآن بعد الرجوع إلى البيت في دالاس أمريكا، مستمرا فى التلاوة طالبا من المولى الله عز وجل ان اكمل القراءة والتلاوة وأختمه عشرات المرات قبل الممات حتى يشفع لي وأصبح من الراضين عنهم المغفور لهم، وأتحصل على العفو 
والعافية، دنيا وآخرة .
        
          اليوم الثالث بالفجر أديت صلاة الفجر بالمسجد النبوى وزاحمت حتى وصلت إلى قرب الروضة الشريفة وبعد الصلاة زاحمت ضمن طوابير المصلين لزيارة مرقد الرسول سيدنا محمد عليه الصلاة والصلاة وأصحابه الكرام سيدنا أبوبكر الصديق وسيدنا عمر بن الخطاب أسود الاسلام رضى الله تعالى عنهما حتى مررت بجانب الحجرة التي بها قبور الثلاثة ، الرسول عليه الصلاة والسلام وسيدنا أبوبكر الصديق وسيدنا عمر عليهما السلام، وانا ادعو الله تعالى ان يهبنا الرحمة والمغفرة الصحة والعافية دنيا وآخرة ،، حامدا شاكرا للمولى الخالق الواحد الاحد، انه أتاح لي الفرصة ووصلت الى هذا المكان المقدس الطاهر وشاهدت بأم العين عظمة الاسلام ومئات الآلاف من الحجاج وهم قادمين من جميع الاماكن بالعالم تلبية لنداء الحق...

          بعد الظهر حوالي العصر من اليوم الرابع قبل الخروج من الفندق (موفن بيك) بالمدينة قمنا بالإغتسال ولبسنا الإحرام حيث لا حمامات جيدة نظيفة بالطريق للأسف حسب نصائح الشيخ عبدالحكيم، وركبنا الحافلة ورأسا إلى بيت الله الحرام وكانت رحلة برية شيقة عدة ساعات لقطع المسافة إلى مدينة مكة المكرمة، تخللها الكثير من الوعظ والتكبير جماعة من شيخنا العصرى السيد عبدالحكيم الذي أحبه الجميع و فى منتصف الطريق توقفت الحافلة صدفة ضمن عشرات الحافلات وشاهدنا عشرات القرود تمرح على جانب الطريق وركاب الحافلات يرمون لهن بالفواكه وفضلات الطعام من خبز السندويتشات وهي تقفز عليها بسرعة وتخطفها قبل ان تصل الارض، وقلت للنفس متسائلا سبحان الله العظيم، هل هؤلاء بشرا مسخوطين؟؟؟ بشرا نظير الشر والشرور واتباع خطوات وأوامر إبليس الشيطان الرجيم، إنني لا أعلم ولا أعرف ؟؟ ولم أكن أعلم ان بأرض السعودية هذا العدد الكبير من قبل... مما إستغربت من الامر فقد قمت بأداء فريضة الحج والعمرة ستة مرات بالسابق، ولم أشاهد أو أسمع اي أحدا من الحجاج أو 
الزوار ذكر وجود كمية القرود الهائلة من قبل بهذا العدد...

          وصلنا إلى مدينة مكة المكرمة وشاهدنا من بعيد برج الساعة العالي ورؤوس المآذن لبيت الله تعالى الحرام والأوناش العديدة للبناء وتكملة مراحل التشييد لبيت الله الحرام وسط الأنوار الساطعة وإستمرت الحافلة في المسير حتى توقفت امام احد المداخل للقبو للفندق رافلز قصر مكة ضمن ابراج زمزم والذى سبق وان أقمت به مع الحاجة زوجتي فى حجة عام 2008 م 

         استلمنا مفاتيح الأجنحة التى سوف نقيم بها فى الدور العشرين مقابل باب الملك عبد العزيز احد ابواب بيت الله الحرام، وعندما دخلت لها في انتظار وصول الحقائب ، فوجئت كم كانت فخمة واسعة سبعة نجوم، والشباك الكبير للصالون والغرفة يطل على ساحة الحرم من احد الجوانب وشاهدت المآذن والآلاف من الحجاج مثل الدود من الطابق العشرين مستلقين بالساحة ولم أشاهد الكعبة حيث أجنحتنا بالزاوية ...

      وصلت الحقائب بعد فترة ، ونزلنا للطواف على الكعبة ( طواف القدوم ) ومن كثرة الزحام تفرقنا وأصبحت بفردي  وقمت بالطواف سبعة مرات حول بيت الله الحرام بصعوبة من ضغط الزحام وصليت ركعتين في مقام سيدنا ابراهيم عليه السلام وذهبت أجر أقدامي من الإرهاق والتعب وعدم النوم الكافي  إلى الصفا والمروة لتأدية الشعائرالمطلوبة لطواف القدوم والسعي بالصفا والمروة وبالمدخل شربت عدة أكواب من ماء زمزم الباردة، وتهت في المداخل الكثيرة حتى وصلت بعد فترة من كثرة المشى في الردهات متبعا ومسترشدا بالعلامات الملصقة بالحوائط للوصول ، وقمت بالمشي والهرولة سبعة أشواط وزدت عليها شوطا آخر للخروج إلى المسجد الحرام وأنا اكاد أسقط أرضا من التعب والارهاق  غير قادر على الحركة!
الكعبة الشريفة - بيت الله المعمور - مكة المكرمة 
    
         تابعت طريقي خطوة وراء خطوة حتى وصلت الى المسجد الحرام وأمامي الكعبة وصليت الفجر وصلاة الجنازة جماعة بها كالعادة في السعودية، ثم تحاملت على النفس بصعوبة ومشيت أجر  خطواتي إلى الفندق الفخم العالى الشاهق فى السماء، وسط آلاف المصلين بالساحة والمدخل، ورأسا الى الجناح حيث كانت الحاجة قد وصلت قبل قليل بعد ان ادت طواف القدوم والسعى في الصفا والمروة وكانت في نفسية عالية فرحة مسرورة انها أدت الشعائر والجميع في صحة وعافية، مما طلبت منها ان تقص بعض الشعر من الرأس حسب سنة الرسول عليه السلام مما فعلت، وذهبنا معا الى لتناول وجبة الفطور الساعة السادسة حتى نتحصل على مائدة مواجهة ومطلة على الكعبة الشريفة المعظمة لنمتع نظرنا بمشاهدتها مباشرة طوال الوقت ونحن على مائدة الإفطار الشهي...  والله الموفق 
        رجب المبروك زعطوط

 البقية في الحلقات القادمة 

Friday, June 20, 2014

رحلة العمر 4

بسم الله الرحمن الرحيم

فرجينيا بيتش ، فرجينيا 
           بعد إجازة بسيطة لمدة يومين في البيت بدون خروج إلى أي مكان، حتى زال التعب والإرهاق ورجع النشاط مثل السابق، بدأت فى تنظيم أمورى العديدة. وأهمها الذهاب للفحص الطبي  في الموعد المحدد الذي تم تحديده منذ فترة شهور عديدة مع مكتب الدكتور قريفن الذي قام بإجراء عدة عمليات جراحية سابقة لي على القلب ووضع جهازا عليه داخل الجسم ينظم الدقات وفي حالة توقف عضلة القلب عن الحركة لا قدر الله تعالى لأي سبب يقوم بعمل صدمة كهربائية قوية حتى يتحرك ويبدأ من جديد...

   قمت بجميع المطلوب من اجراءات الفحوصات بعدة ايام قبل أن يحل ميعاد الدكتور حتى تكون جاهزة ويصبح ملما بآخر التطورات يوم الفحص... وفي اليوم الموعود تمت المعاينة وأخذت وقتا طويلا في المراجعة والفحص وهو يسأل  أسئلة عديدة ويراجع  التقارير بدقة... ولاحظت السرور على تعابير وجهه حيث جميع الفحوصات كانت جيدة مما أشاع الأمل لدي وأعطاني دفعة قوية. اوصاني الطبيب  بأن أتابع تناول الدواء في المواعيد لأحافظ على الصحة طالما أستطيع... وطلبت منه ان يصف لي قائمة بالدواء المطلوب إستعماله لمدة ثلاثة أشهر مما فعل حتى اذهب الى الصيدلية وأشتريها على حسابي فليس لي تأمين صحي مثل بقية  المرضى، نظير الإقامة معظم الوقت فى درنة وطرابلس ليبيا، فمن غير قائمة منه (روشته طلب من دكتور معتمد) لا استطيع الحصول عليها مهما فعلت فكل شئ في امريكا منظم وبدقة وبالأخص بيع الدواء من غير دكتور معتمد، حيث تترتب عليه مسؤليات عديدة في حالة الخطأ ، وليس كما في وطننا ليبيا والأوطان الأخرى من دول العالم الثالث، للأسف الأخطاء بدون عدد وهناك الكثير  من الضحايااللذين  توفوا وضاعوا هباءا منثورا نظير أخطاء في وصف الأدوية، أهمها عدم المسؤولية والاهتمام من الاطباء والممرضات في أوطاننا العربية حيث لا حساب ولا عقاب رادع حتى يشعروا بقيمة واهمية الانسان المريض...


        ودعت الدكتور وانا فرح وسعيد وبالأخص عندما قال لي، لا تتعب في الزيارة مثل السابق  كل ستة أشهر...  الأمور سليمة وعليك بتنفيذ التعليمات وإستعمال الدواء في المواعيد ولا تجهد نفسك كثيرا في اى عمل او مجهود، واذا اطال الله تعالى لك العمر راجعنا كل سنة مرة للمتابعة، الا إذا حدثت حالات أخرى أو أي تغيرات، مما فرحت وسعدت أكثر...

        اليوم الثاني سافرنا بالطائرة إلى مدينة دالاس تكساس حيث بقية العائلة في الانتظار وكان أبنائنا محمود وعلي وعائلتهما  ينتظرون في المطار وفرحة بالوصول وبالأخص لمشاهدة الحفيدة الصغيرة، صفية، والتي تبلغ من العمر ثمانية اشهر  والآتية من الوطن ليبيا مع والديها منذ عدة أيام 
مضت...

       قام علي بوضع جميع الحقائب في سيارته لتوصيلنا إلى البيت   فى ضاحية سالاينا ومحمود رجع بعائلته إلى بيته على ان يأتي للزيارة بعد ان نرتاح...  وبعد حوالي النصف ساعة مررنا على بيت ابنتي الكبيرة هدى التي كانت بإنتظارنا هي وزوجها المبروك  وابنتي الوسطى، اميرة... لقد فرحوا بنا كثيرا وكانوا قد جهزوا لنا وجبة شهية... وكان الجميع سعيدا بوصولنا سالمين من ليبيا... وبعد ذلك واصلنا المشوار إلى بيتنا وكان إبننا المبروك وإلحفيد آدم فى استقبالنا وهم فرحى بالوصول سالمين بعد رحلة طيران حوالي اربعة ساعات وإنتظار ومعاناة الحقائب الثقيلة التى فيها البعض من المواد الغذائية الشعبية الجافة الليبية التى غير موجودة بالسوق الأمريكي، والهدايا بدون حساب للجميع من العائلة والأصحاب .

        اليوم الثاني حضر الجميع للزيارة والتم شمل العائلة ماعدى مصطفى الذي غادر إلى ليبيا من فرجينيا لبعض  العمل، والأحفاد  آدم  ويوسف وجدوها فرصة في اللعب والحركة  والضوضاء والإزعاج طوال الوقت بدون إعطاء فرصة للسكون والهدوء وكنت أنا والحاجة مسرورين سعداء جداً على مشاهدتهم ولم الشمل أخيرا لمعظم العائلة في دالاس امريكا ، آملين ان يرتاح الوطن من القلاقل والعواصف القوية الملمة به طوال الوقت بعد نجاح الثورة والصراع على السلطة، العنف والقتل والخطف والإغتيال نظير أخذ ثأر وتصفية حسابات خاصة، حتى نستطيع جمع الشمل للجميع في مدينة درنة  ليبيا الحبيبة للنفس حيث لا ترتاح وتطمئن الروح الا بها، حيث هي  مسقط الرأس الغالية !!!!

 تمت الاتصالات مع دائرة الجوازات بالنت عن طريق الحاسوب عن الاجراءات المطلوبة حيث جواز سفري جميع صفحاته مختومة بأختام عديدة لا مكان لسفرة جديدة أخرى لعدة دول، ونحن نخطط لزيارة عمرة إلى الأراضي المقدسة عن قريب بإذن الله تعالى، وعرفت المطلوب للتجديد وإضافة ورقات أخرى من غير تعب حتى ارتاح وأكون جاهزا للسفر عندما يحين الوقت والميعاد للرحلة... 

        اليوم الثاني رتبتها وجهزت الصك بمبلغ الرسوم المطلوبة مع اضافة الرسوم للبريد المستعجل للرجوع بسرعة حتى يصل في خلال اسبوع عمل . واليوم الثاني تم الإرسال عن طريق البريد المستعجل المسجل بعلم الوصول، وتابعت المغلف عن طريق النت حتى وصل للإدارة العامة للجوازات للتجديد أو إضافة ورقات . قمنا بأخذ حقن خاصة في أحد العيادات ضد جميع امراض الحمى المتفشية وبالأخص في الشرق الاوسط حيث في مواسم الحج او العمرة والزيارات وقدوم عشرات ومئات الآلاف المعتمرين الملبين النداء من أماكن عديدة بالعالم تتفشى الامراض الغريبة بسرعة نظير حرارة الطقس والزحام الشديد في الاماكن المقدسة . تابعت جواز السفر حتى وصل فى الميعاد المحدد وقد تم إضافة صفحات عديدة له مما ارتحت نفسيا وحمدت الله تعالى على وصوله وأن الرحلة مباركة من أول خطوة، وقامت الحاجة بتجميع جوازات السفر الأربعة نحن الاثنين وإبنتنا الكبيرة وزوجها في ظرف كبير ومرفق به جميع الشهادات الصحية والصور الشخصية مع صك على المصرف بقيمة بقية مبلغ الرحلة المطلوب وتم ارساله بالبريد المستعجل مع العلم بالوصول الى مكتب شركة دار السلام بهيوستن لترتيب تأشيرات السعودية وغيرها حتى نستطيع ان نسافر لأداء العمرة عن قريب...

         بعد عشرة ايام وصلت الجوازات مختومة بالتأشيرة المطلوبة فى مظروف كبير عن طريق البريد المسجل بعلم الوصول منعا من الضياع في الطريق، ومرفق بطاقات التعريف في أطواق لوضعها على الرقبة طوال وقت الرحلة حتى يعرف الانسان أوقات الضياع عن المجموعة أو لا سمح الله تعالى في حالة الوفاة . وعن طريق النت الحاسوب، عرفنا جميع اوقات الرحلة وأسماء الفنادق التي سوف نقيم فيها والأماكن الدينية التي سوف نزورها وجميع البيانات كاملة وشاملة الرحلة من يوم السفر من مدينة نيويورك حتى الرجوع بعد أسبوعين بإذن الله تعالى إلى نيويورك امريكا . قمنا بتجهيز الحقائب وشراء بعض الاشياء الضرورية للرحلة ويوم الجمعة الموافق 2014/5/16م  ودعنا بقية افراد العائلة متمنين لنا رحلة عمرة طيبة. أوصلنا علي بسيارته إلى مطار دالاس قبل ميعاد السفر بعدة ساعات حتى نأخذ راحتنا فى الإجراءات بدل الاستعجال، بالمطار قمنا بجميع الإجراءات من حجز المقاعد على الطائرة وتسليم الحقائب ومررنا على الجوازات والتفتيش الدقيق عبر الآلات الحديثة لكل مسافر خوفا من حدوث أية مشاكل للمسافرين في الأجواء، وبعد بعض الوقت كنا في قاعة الرحيل ننتظر حلول الوقت لركوب  الطائرة. طال انتظارنا لمدة ستة ساعات كاملة على غير العادة نظرا لسو ء الاحوال الجوية في الشمال .

 اخيرا حل الوقت وصعدنا طائرة خطوط امريكان ايرلاينز نحن الأربعة، ورحلة جيدة عدة ساعات ووصلنا إلى مطار كنيدى نيويورك وبعد ان استلمنا الحقائب وخرجنا من المطار كان الوقت متأخرا بالليل حوالي وخاصة انه يوجد  فرق ساعة فى التوقيت بين تكساس ونيويورك...  ووصلنا إلى الفندق (هامبتن إن) حيث لدينا حجزا لغرفتين لإقامة ليلة واحدة، وقامت الحاجة بطلب سندويتشات لوجبة العشاء مع بعض العصائر لأن الوقت كان متأخرا وليس هناك مطاعم مفتوحة...  وكنت نائما من التعب والإرهاق طوال الوقت ولم أهتم بالطعام حتى لا تضيع علي النومة اللذيذة...

       بالصباح الباكر قمنا بالإفطار قبل ان يغلق المطعم ابوابه ورجعنا للغرف للراحة والنوم عدة ساعات حتى الساعة الثانية عشرة ظهرا وتأخرنا ساعة أخرى حتى الواحدة حيث ميعاد   الرحلة بالمساء، وتم تسليم مفاتيح الغرف وانتظرنا في صالون الاستقبال عدة ساعات في احاديث في انتظار الرحلة الميمونة ونحن فى إشتياق لها ننتظر بفارغ الصبر متى تقلع طائرتنا في الأجواء. كنت اطمئن الجميع بأن كل هذه التعطيلات والتأخير هي ثواب وزيادة في الاجر بإذن الله... 


الساعة السادسة كنا بالمطار في القاعة التى تنطلق منها طائرة الخطوط الجوية الاردنية في الرحلة الميمونة، وبعد بعض الانتظار ضمن طوابير المسافرين تم فتح الأبواب لتسليم الحقائب واستلام قسائم الصعود ومررنا على الجوازات والتفتيش الدقيق بدون أية عوائق وانتظرنا في البوابة لصعود الطائرة الضخمة التابعة للخطوط الجوية الملكية الاردنية، آير باص 330 في اتجاه عمان...  

        وبعد الانتظار حوالي الساعة صعدنا الطائرة وبدأت رحلة العمر الدينية إلى الاراضي المقدسة وألسنتنا تلهج بالدعاء إلى الله عز وجل على أن نصل إليها سالمين، والرجوع إلى أمريكا، وأداء الشعائر والزيارات الدينية ونحن في صحة وعافية...  والله الموفق...
                                                                                             
رجب المبروك زعطوط   

 البقية فى الحلقات القادمة...   

Wednesday, June 18, 2014

رحلة العمر 3

بسم الله الرحمن الرحيم


          حضر السيد الطيب إلى الفندق حوالي منتصف النهار وكان معه قريبه الشاب الدكتور جمال ولقاء مشبوب بالمودة والاحترام والتقدير وركبنا السيارة للبدء في جولة سياحية بمعالم مدينة باريس حتى وصلنا إلى برج إيفل ونزلنا بالشارع حيث لا مكان لوقوف السيارة وذهب جمال لحال سبيله حتى ننهى جولتنا ونتصل به بالهاتف ليأتي ويأخذنا من جديد إلى اى مكان آخر نريد الوصول له... وجولة سياحية على الأقدام من مكان إلى آخر ضمن معالم البرج والمعالم التي حوله والتى تعج بآلاف السياح حيث كان يوم السبت عطلة نهاية الأسبوع، حتى تعبت من المشي نظير الحالة الصحية وكبر السن فلست بشاب قوي مثل السابق، وعبرنا الشارع وحجز لنا السيد الطيب مضيفنا تذاكر لركوب أحد العبارات السياحية التى صعدنا عليها وطافت بنا في نهر السين في جولة حوالى الساعتين وهي تشق  النهر من مكان إلى مكان والدليل يشرح بعدة لغات عن طريق المكبر الصوتي، ونحن جالسون نشاهد المعالم الخلابة التاريخية من قلاع وقصور ومباني ضخمة عفى عليها الزمن، اثرية بمقاييس اليوم، شواهد على ما مرت بها من احداث مضت ولن ترجع عبر التاريخ والزمن .

        طافت بنا العبارة والدليل يشرح في كل لحظة عن القصور التي مرت بها أحداث جسيمة وفضائح عديدة معظمها طواها النسيان وكانت لها الأدوار الكبيرة في تغيير الكثير من القرارات لصالح البعض ومآسي غيرت مصائر الكثيرين من الرجال والعائلات مما عشنا بعض الوقت حسب الروايات عن ذاك العصر في أحلام التاريخ الفرنسي أيام     العصور الماضية الذهبية أيام الأرستقراطيات وكلمة الشرف والعشق والغرام والمبارزات حتى رجعنا إلى نقطة البداية ونزلنا من العبارة بعد الجولة الشيقة في نهر السين، ونحن مشدوهين

        زرنا عدة اماكن وكنا متعبين من كثرة المشي بدون ان نشعر   في شارع الشانزيليزيه الطويل والعريض، وبالمساء دخلنا إلى مطعم حيث تناولنا طعام العشاء وكان لذيذا وسهرة لطيفة في أحاديث عامة ورؤيا مستقبلية عن الاوضاع فى دولنا العربية المتردية وكيف نتمكن من الاصلاح ونتقدم إلى الامام ضمن الأوائل المتسابقين من الأمم... مقتنعين أنه لو صلح اولاة امرنا وعرفوا طريق الله تعالى وطهروا النفوس من الخبث والغل والحسد وتوقفوا عن النهب للخيرات وصرفها على المحرمات، وسموا بالنفوس وتمسكوا بالعلم والتعليم الجيد، وطردوا الجهل إلى غير رجعة، عندها النجاح والتقدم أكيد بإذن الله تعالى...

         بعد العشاء الدسم والسهرة اللذيذة في الأحاديث المختلفة والمتنوعة، رجعنا إلى الفندق ونحن بحاجة للنوم من كثرة  الإرهاق والتعب في المشي والسير في الطقس المشمس الجميل في فصل الربيع 

      اليوم الثانى الأحد أصريت بأن لا يتعب في المجئ لنا إلى الفندق حيث بعيدا عن سكنه وبدلا من تضييع الوقت فى القدوم إلينا إلى الفندق ونحن في أطراف المدينة ناحية مطار أورلي، والدخول إلى وسط المدينة للسياحة والمشاهدة طوال الوقت، وبعد العشاء الرجوع مرة اخرى لتوصيلنا مما سوف يتعب وهو طوال الوقت راكبا بالسيارة وقريبه الدكتور جمال يقود . وأخذت منه عنوان اللقاء بصعوبة عبر الهاتف النقال،  وركبنا عربة أجرة مما وفرنا الوقت الكثير عليه، وتلاقينا فى مقهى ومطعم عائلي صغير، وحضر صديقنا ورفيقنا فى الدرب (المركز المغاربي) السيد بدي إبنو ( موريتاني ) وكان لقاءا جيدا وأحاديث عامة ثم حضر صديقا له من المغرب وإنضم للمجموعة، وتعرفت به وكان أديبا وشاعرا مرهف الحس ذو طلاقة لسان وبلاغة ، وقضينا وقتا ممتعا في أحاديث عن مآل الدول التي هب عليها إعصار الربيع العربي والتى مازالت تجاهد في الوصول لتحقيق الأماني الصعبة بعد سفك الدماء وسقوط العشرات قتلى من الأطراف المتخاصمة والتى إلى الآن بعد مرور عدة سنوات لم يصلوا إلى تحقيق الهدف الذي من أجله قامت الثورات الدامية وسقط الآلاف شهداءا وجرحى ومعاقين . الأحلام والاماني كبيرة وكل واحد منا يتحدث ويدلى برأيه عن كيفية الاصلاح والسير بالمسيرة العربية للأمام وأنا داخل النفس في حيرة فنحن نتكلم ونخطط في أحلام نؤمن بها عن قناعة وممكن تحقيقها لو صفت النوايا  ، ولكن لا أريد التشاؤم ...  ففي هذا العصر لن تتحقق... فى نظري عبارة عن تضييع وقت حيث نحن نتحدث بدون وضع المخطط والاقدام والعمل والسعي للوصول للهدف...  بل أحاديث وأماني تبقى في مكانها للأسف...  لأن القوى الخفية والأيادي السوداء من الغرب والشرق لن تتركنا في حالنا حتى نتوحد، بل دائماً تخلق لنا المشاكل وتدس  الفتن حتى نصبح نحن بني الوطن الواحد من الخليج إلى المحيط الأطلسي بدلا من إخوة في السراء والضراء متحدين، نظل في خصام  وصراعات أعداءا طوال الوقت .

         وأثناء السمر والأحاديث قلت رأيي بصراحة أنني لا أؤمن بالشعر لأنه في عصرنا الحاضر عبارة عن مضيعة وقت ، مما كان صدمة للجميع وبالأخص زوجتي التي لا متنى الكثير لوما شديدا بعد أن رجعنا إلى الفندق، حيث السيد بدى وصاحبه المغربي شعراء محترفين أصدروا بعض الدواوين الشعربة التي تعرض وتباع في الاسواق . شرحت للجميع وجهة نظري حيث أومن بالعمل الجاد الذي ينتهى بنتائج بالعمل المثمر بدل تضييع الوقت في سرد الملاحم وانتقاء الكلمات المعسولة التي تطرب لها النفوس والآذان، المفروض في نظري ان يهتمون بالعلوم الحديثة والابداع في خلق أشياءا جديدة من إبتكارات ترفع من قيمة الانسان وتساعده في المضي بسهولة عبر الصعاب في هذه الحياة المضطربة، بدل كلمات الفخر بأمجاد مرت وإنتهت ولن ترجع وتبعث للحياة من جديد طالما نحن العرب مازلنا بهذه العقليات...  نعم ان الشعر سمو وحضارة مكملة لتراث الشعوب في بعض العصور  ، ولكن نحن العرب الآن في الدرك الأسفل من الإنحطاط والتأخر عن الركب الحضاري مازلنا نحاول ونلتقط  الأنفاس، في حاجة ماسة للوحدة والإتحاد والعمل الجاد ضمن مخططات على خلق ابتكارات تفيد الانسانية وتنهض بالشعوب   تجعلنا نعتمد على أنفسنا في الكثير من الأشياء الضرورية للمواطن للعيش براحة بدل الإستيراد حتى نستطيع ان ننهض ونتقدم ونحن لدينا جميع المعطيات المطلوبة من عقول خامدة تحتاج إلى إيقاظ، إلى عناية وصقل حتى تنشط وتبرع وتقدم الجديد ولدينا الأموال الرهيبة والمواد الأولية الأساسية، التى تحتاج إلى عقول واعية حتى تترجم الامور إلى وقائع وحقائق ملموسة نستفيد منها ونفيد الآخرين من البشر، بدل تضييع الوقت في تمجيد حكام أصنام ورموز بدون معنى ولا محتوى غير الشرك بالله تعالى الواحد الأحد...

         أخيرا انتهى الغداء حوالي الرابعة مساءا، وودعنا الرفاق ومضوا لحال سبيلهم وأصر السيد الطيب بأن ننتظر بعض الوقت حيث إبنته المتزوجة وأولادها على وشك الوصول للمكان للترحيب بنا، ودعوتنا إلى بيتها، مما مكثنا بعض الوقت حتى وصلت مع أولادها الصغار وهي تدفع  عربة بهم... 

        ثم قمنا بجولة على الأقدام لمشاهدة الحي الجامعي  الكبير، ذو المقرات العديدة لإيواء الطلبة الوافدين بالقرب من المطعم ، حيث كل دولة لها مجمعها الخاص بهم، وبعد الجولة ذهبنا إلى بيت السيد الطيب حيث عائلته في إنتظارنا على العشاء، وقد أعدت لنا زوجته وجبة طعام جزائرية خاصة، وتعرفت الحاجة بزوجة الطيب التي التقت بها لأول مرة...   وعشاءا لذيذ وسهرة لطيفة تضمنت احاديث عديدة عن مختلف انواع الاكل فى المغرب العربي وعن العادات والتقاليد...

         حوالي الساعة العاشرة ليلا، إستأذنا في الخروج والمغادرة حيث مازال لنا مشوارطويل حوالي الساعة بعربة الأجرة للوصول إلى الفندق، والساعة السادسة صباحا مغادرين إلى فرجينيا بيتش حيث سكن إبننا مصطفى الذى ينتظر وصولنا بفارغ الصبر عن طريق برلين المانيا ونيويورك أمريكا، لم نرتاح الا عدة ساعات فقط بدون نوم، بل إستعدادا 
للسفر وتنظيم الحقائب حتى لا ننسى اي شئ مهم وراءنا

 وركبنا حافلة الفندق إلى المطار القريب عدة دقائق قيادة فى    الفجر، وأخطأنا في النزول فى رقم القاعة للسفر مما اضطررنا للمشي الطويل المرهق داخل وخارج المطار فى الطقس البارد ونحن ندفع  عربة الحقائب حتى وصلنا الرقم المطلوب بعد جهد جهيد وتعطيل في الطوابير والزحام من آلاف الركاب الى جميع الاتجاهات بالعالم الفسيح ، حتى وصلنا الدور، وانتهت إجراءات التذاكر والحجز للمقاعد وسلمنا الحقائب وانتظرنا حوالي الساعة في المقهى حتى صعدنا الطائرة شركة خطوط برلين، وتوجهنا إلى برلين عاصمة المانيا، وقضينا حوالي ثلاثة ساعات ترانزيت عبور وبعدها صعدنا الطائرة الضخمة مرة اخرى إلى نيويورك امريكا وكانت رحلة جيدة ووصلنا بعد حوالى تسعة ساعات طيران، وبعد إنهاء الإجراءات بالوصول لدى الجوازات والجمارك، وتسليم الحقائب الى شركة الطيران الأخرى،، وإنتظارا طويلا ونحن مرهقين من التعب والمشي الطويل في ردهات المطارات العديدة من مكان إلى آخر، منذ الفجر...

   صعدنا على طائرة لشركة ( يو أس ) صغيرة الحجم وكانت     رحلة جيدة حوالي الساعة والربع حتى حطت بنا الطائرة فى مطار نورفولك فرجينيا وكان في إنتظارنا (أميل) مساعد إبننا مصطفى في العمل التجاري حيث كان مشغولا فى عمل آخر خاص به ولم يستطيع الحضور الشخصي ، ورأسا إلى البيت حيث كانت زوجة مصطفى وابنته حفيدتي في إنتظارنا على وجبة عشاء متأخرة، وأثناء العشاء وصل مصطفى للبيت وهو فرح مسرور بسلامة وصولنا معافين بعد كل ما مر بنا من تعب وإرهاق خلال التنقل من مكان لآخر، بين الدول والمطارات 

لم أخرج من البيت لمدة يومين قضيتهما في النوم والراحة ومشاهدة القنوات العديدة المرئية حتى يزول التعب، من جراء الإرهاق فالخارج والمسافر من ليبيا بسلامة يكون سعيد الحظ ، حيث تعطيل الرحلات أو الإلغاء فى آخر لحظة ،، وقفل المطارات لأسباب أمنية وخصام بين الثوار على أمور تافهة ممكن تحدث في أي لحظة... تعطل الجميع عن السفر وقضاء مصالحهم ببساطة مثل العادة ... حيث حصلت عديد المرات  ولا يستطيع أي أحد من الركاب ان يتكلم أو يتذمر، حيث الشكوى لله تعالى... والله الموفق ...
                                                                                           رجب المبروك زعطوط

 ...البقية فى الحلقات القادمة