Friday, December 19, 2014

ذكرى الرجال العظماء 16

بسم الله الرحمن الرحيم

               سبحانك ربنا العظيم الكريم لم نتعظ ونأخذ دروسا ونتعلم مما حدث بالماضي و يحدث لنا في الحاضر من امور خفية تحاك لنا فيها الدسائس والفتن بمهارة من قبل شياطين الإنس، القوى الخفية والمحلية، التي تعمل جاهدة على وضع العراقيل  والتشكيك في اصول العائلات الحاكمة ونعتها بجميع الصفات الخاطئة نظير الجهل وعدم المعرفة والاندفاع بدون التأكد ، ونحن للأسف في آخر الطابور ضمن العالم الثالث لم نتقدم...  التأخر والتخلف في الفهم وعدم السمو والامتنان للبعض الوطنيين اولاة الامر من حكامنا من الملوك والرؤساء العرب الذين لهم مواقف بطولية تاريخية وطنية  مايزالون يذكرون فيها بالخير حتى الآن، خالدين وهم أموات في قبورهم، يفخر الانسان انهم كانوا يوما حاكمين لدول   عربية مسلمة ...

           كانوا شموعا مضيئة لم يستمر نورها كثيرا وسط ظلام العقول والجهل الأعمى من الشعوب العربية ذات العواطف الجياشة الغافلة التي تهوج وتموج بدون تفكير ولا تأني في العواقب المستقبلية، من جراء  خطابات رنانة من رؤساء عسكريين مغمورين وصلوا بقوة السلاح والمؤامرات إلى  قمم السلطة والحكم بدون انتخابات حرة من ابناء شعوبهم المظلومين...

               مشكلتنا نحن الشعوب العربية لا نقدر ولا نمتن ولا نعترف بالجميل للذين قلوبهم طاهرة ويعملون بصدق للمصلحة العامة ورقي الشعوب والنهوض بها من القاع إلى السطح في السر والعلن ، مضحين بحياتهم قرابين على مذبح الحرية للوطن العربي المسلم وسعادة الجميع نظير الخبث والدس من قوى ، في الظاهر صديقة  لنا وفي الواقع متضامنة مع الاعداء حتى لا ننهض ويصبح لنا شأن ومكان وسط العالم الحر ، ونحن أجدادنا الأوائل من عشرات القرون ومئات السنين من الأوائل...  أضاؤوا دول أوروبا بالعلوم والنور في العصور الوسطى والآن بآخر الطابور!

 العاهل السعودي  الراحل الملك عبد العزيز آل سعود
                    على رأس الشموع المضيئة في القرن العشرين المغفور له ملك السعودية الملك عبدالعزيز آلِ سعود مؤسس المملكة العربية السعودية الذي وحدها في دولة واحدة قوية بعد ان كانت مجزأة إلى شتات، والذي بحكمة قال مقولة وطنية أصبحت تاريخية مع الوقت في لقائه مع الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت على ظهر احد السفن الحربية " يو س س كوينسي " شهر فبراير عام 1945 م للتشاور في قضايا عديدة بالشرق الاوسط تخص العرب والمنطقة والذي طلب رأيه في استيطان اليهود في فلسطين وكانت الاجابة الرفض البات، وأنه لا يرضى ولا يوافق تحت اي ظرف كان  على الامر، واذا يريدون مساعدتهم كأمريكان، فلماذا لا يتم إستيطان اليهود عندهم في احد الولايات القليلة السكان التي بحاجة إلى مواطنيين للإعمار مما الرئيس الأمريكي لم يرد ويعلق على الامر نظير المفاجأة والرد السريع الغير متوقع ....

               هذه الكلمات البليغة والرد الشافي يدل دلالة واضحة على الوطنية الصادقة، صدق القلب والشعور بالوطنية، الكلمات نابعة من ملك يشرف العرب ان يكون عربيا مسلما قح وبالأخص في ارض الرسالة المحمدية الارض المقدسة التي تضم أطهر وأشرف المدن بالعالم الإسلامي مكة المكرمة والمدينة المنورة التي ضمت رفات الرسول محمد عليه الصلاة والسلام آخر الرسل والأنبياء وأصحابه الكرام، اللتان انطلقت منهما الدعوة للتوحيد وعبادة الله عز وجل .

العاهل السعودي الراحل فيصل ابن عبد العزيز 
                ثم تلاه إبنه الملك فيصل ابن عبدالعزيز آل سعود الوطني الغيور على الامة العربية، الخبير في السياسة الدولية ومؤامرات ودسائس دهاليز الامم المتحدة ، الذي مارس العديد من المسؤوليات الضخمة طوال سنين الشباب حتى وصل للعرش وأختير ملك ، مما أصبح صاحب تجربة وخبرات عديدة، تحدي وقطع ومنع ضخ النفط إلى امريكا وجميع من ساند اسرائيل في حربها، مواجهة في العلن ولم يرضخ تحت جميع المغريات، مع العلم ان المملكة السعودية كانت الحليف الاول والرئيسي قبل جميع دول العرب المؤيدة لأمريكا وسياساتها في الحرب الباردة ضد الشرق في ذاك الوقت....

             تضامنا مع الباقين من الدول العربية في قرارات القمة العربية أثناء نكسة مصر في الخسارة الجسيمة، الخديعة والهزيمة في الحرب وإنتصار دولة اسرائيل في عدة ايام على ثلاثة جيوش عربية تم الاعداد لها في سنوات وضاعت وانهارت في ساعات نتيجة ضعف وأخطاء القيادات وعلى رأسها مصر وسوريا والأردن... في نكبة يونيه عام 1967 م والتي ذكراها لن تمحى من ذاكرة العرب والفلسطينيين أصحاب الارض الاصليين الذين تآمر العالم عليهم في التصويت من اجل خلق دولة اسرائيل، يصلون إلى حلول تشرف،  حتى يرتاح الجميع من الحرب الدائرة في السر والخفاء...  مما كانت نكسة كبيرة المنع للشحن والتصدير للغرب لأمريكا غير متوقعة ان تحدث، وبالأخص من الملك فيصل الصديق!

                تآمرت القوى الخفية العالمية ملوك شركات النفط عليه نظير الخسائر الجسيمة والأضرار والتعطيل ، أنه غير مرغوب في أمثاله ذوي الشجاعة والعزيمة في اتخاذ القرار حتى لا يحتذى به آخرون من الملوك والرؤساء مستقبلا في اى مواضيع مهمة مصيرية للتمرير بسهولة بدون صعوبة ضدهم، وكلفته حياته عندما ابن اخيه الملك سعود السابق المعزول عن الملك ، تم استقطابه وغسل دماغه ضد عمه الملك فيصل حتى قام بإغتياله ثأرا بحجة واهية تنحية أبيه عن الحكم والحلول مكانه كتغطية ناسيا متناسيا القاتل ان الاختيار لتولى مهام الحكم من العائلة السعودية جميعها وليس فرضا من الملك فيصل لوحده.

ملك ليبيا الراحل ادريس السنوسي 
                رحم الله تعالى الملك ادريس السنوسي الزاهد في الملك وعرش ليبيا، الذي مات وحيدا في شيخوخته بالمنفى، ولم تستطيع عائلته وأقربائه ومؤيديه نظير الارهاب والمنع لأي سيرة للعائلة السنوسية من نظام الدجال القذافي عمل مجالس عزاء والترحم على فقده، الرجل الذي ضحى طوال حياته في الجهاد من اجل الوطن ضد الاستعمار الايطالي والدسائس والمكائد التي كانت تحاك في السر من الغرب والشرق حتى تصبح ليبيا تحت الانتداب من قبل أحد الدول المنتصرة فى الحرب وبالأخص بريطانيا كما حدث في فلسطين بالسابق من خداع وتآمر.

                  وبالصبر وجهود الوطنيين نال الوطن الاستقلال بفارق صوت واحد في الامم المتحدة السيد " أميل سان لاو " مندوب دولة هاييتي " الذي ربطته صداقة مع الوفد الليبي فترة المفاوضات والمباحثات في نيويورك على مصير ليبيا وشعبها ، وكانت صفعة قوية للدول الطامعة في السيطرة وبالأخص بريطانيا، التي كانت مضيفة للوفد في نيويورك ، وعند الفشل في مسعاها رفضت تسديد فواتير الإقامة والسفر مما اضطر الوفد للإستدانة الشخصية للمال للرجوع إلى الوطن...

                 الملك إدريس له مواقف عديدة وطنية وكلمات مأثورة شهيرة تدل على التقوى والايمان والوطنية ، حب ليبيا وشعبها بدون حدود ومعايير والعيش في سلام مع جميع البشر ضمن الامن والامان وبالأخص المقولة في اول خطبة لاستقلال ليبيا شهر ديسمبر عام 1951 م من القرن العشرين الماضي ، ناصحا الشعب الليبي بعدم الانشقاق والتجزئة الوحدة والعمل بجد يدا واحدة من أجل الوطن في طاعة الله تعالى ، المقولة الخالدة والتي لا تنتسى تدل على الوطنية "المحافظة على الاستقلال أصعب من نيله ".... والكلمة الاخرى المأثورة يوم ضخ النفط وتصدير اول شحنة باخرة للخارج عام 1961 م في الاحتفال الكبير عندما ضغط على زر أنبوب الشحن للبدء في التحميل والضخ من ميناء الزويتينة النفطي، طالبا الله تعالى داعيا "اللهم اجعله نعمة لنا وليس نقمة " هذه العبارات لا تقدر بثمن مهما كان!  وأثبتت الايام ان النفط كان نقمة على الشعب الليبي البسيط وقتها حيث جميع العيون الطامعة تطلعت إلى المملكة الليبية الفقيرة المنسية ووضعت الهدف الاستيلاء عليه بأي صورة مهما كلف الامر....

الزعيم التونسي الراحل الحبيب بورقيبة 
              والرئيس الحبيب بورقيبة المجاهد والمناضل من اجل تونس سنوات عديدة الذي نهض بها من التخلف والتبعية الاجنبية حتى استقلت من هيمنة الاستعمار الفرنسي في 20 مارس 1956 م وبدأت تخطو خطوات إيجابية للنهوض والخروج من التأخر والتخلف عندما تمت عدة قوانين وبالأخص التنظيم العائلي والأحوال الشخصية حيث منع تعدد الزوجات وبنى مؤسسات الدولة الحديثة من وزارات وادارات وتطوير النظام القضائي العدلي والقضاء الاداري... وتعميم التعليم المجاني العمومي وتاسيس الجامعة التونسية الحديثة لتكوين الإطارات التي تولى رجالها الخريجين فيما بعد المسؤوليات بالدولة....

              سلك بورقيبة سياسة متوازنة تعتمد على الاعتدال و تفادي الصراعات الإقليمية و الدولية، مع دعم القضايا العادلة وتحرر الشعوب وشارك في المؤتمر التأسيسي لحركة عدم الانحياز في باندونغ في أندونيسيا حيث ربط صلات عديدة مع زعماء العالم الثالث الرؤساء نهرو الهند، سوكارنو اندونيسيا وتيتو يوغوسلافيا والكثيرين من الزعماء والشخصيات الدولية.

          تعاطف الرئيس بورقيبة مع القضية الفلسطينية، التي سماها "مظلمة القرن العشرين" و كان له موقف متميز في الصراع العربي الصهيوني عبر عنه في خطابه الشهير الذي ألقاه في مدينة اريحا، سنة 1965 م الذي نصح فيه الشعب الفلسطيني بقبول التقسيم الاممي للارض بين اليهود و العرب... وقد رفض العرب خطاب بورقيبة الواقعي وتم الاتهام له بالعمالة للغرب مما أدى إلى استياءه الشديد، وحزنه العميق حيث بدل الخير وقول الحق وكلام الواقع المرير يجابه بالعقوق...

                لقد صدقت تنبؤاته بالاحداث في يونية عام 1967م حلت الهزيمة المنكرة بالجيوش العربية الثلاثة في وقت بسيط و خسارتها لسيناء و الجولان و الضفة الغربية لنهر الاردن... ورغم كل المرارة و نكران الجميل، وفرت تونس الملاذ الآمن للقيادة الفلسطينية و مقاتليها، اثر الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982، وصارت تونس المقر الرئيسي لمنظمة التحرير الفلسطينية و تعرضت اراضيها للعدوان الجوي من قبل الطيران الصهيوني ، في الضاحية الجنوبية لتونس العاصمة، سنة 1985 م مما أدى إلى سقوط العديد من الضحايا الفلسطين والتوانسة.

الزعيم المصري الراحل محمد انور السادات
          والرئيس محمد أنور السادات الداهية الذي نحن العرب وبالأخص الشعب المصري لم نفهم ونعرف قدره الذي تحدى اسرائيل وإنتصر عليها في حرب 1973 م وعبر الاسود من جيش مصر الأبي ضفة القناة " حاجز برليف الذي لا يقهر من قوة التحصينات لتحطيم الروح المعنوية لجيش مصر " وتوغلوا في سيناء وكسر حاجز الرهبة والخوف ان الجيش الإسرائيلى لا يقهر ،،ولولا الدس والمساندة الغربية وحلفاؤهم والجسر الجوى للإمداد الفوري للمعركة من امريكا بكل المعدات العسكرية لتغطية النقص في الاسلحة المتطورة و المادية والمعنوية لإسرائيل وقتها لتمت هزيمتها،  حيث لا تستطيع الصمود فترات طويلة من الوقت، بدون مساندة الغرب بسرعة حتى تلتقط الأنفاس...

             تم خلق المشاكل العديدة للرئيس السادات بخصوص تحديه في العلن للجميع مؤمنا بالسلام والحوار الوصول إلى حلول، وزار اسرائيل كمنتصر وليس مهزوما يسترجي ويستجدي السلام كما طبل الاعلام ضده من الآخرين الجهلة بالسياسة، لأنه داهية عرف كيف يفك ويطفأ فتيل الحرب بالسلام ، مما غير جميع المخططات والاستراتيجيات وقلب الطاولة على رؤوس المخططين للشر والدمار ووضع الإسفين في العلاقات بين العرب واليهود حتى لا تتحسن ، ولو دام له العمر وعاش فترة طويلة لوصل إلى الكثير،  ولإنتهت قضية فلسطين بالحوار على مائدة المفاوضات....

             ولكن الفلسطينيين إعتبروه خائنا للقضية ولم يساندوه ويشاركوا معه في المفاوضات عندما طلب منهم ذلك ، مما فات عليهم الكثير لو تضامنوا مع الرئيس السادات ولأصبحت لديهم دولة بدل الشتات ....

          والقوى الخفية خططت لاغتياله وتصفيته عن طريق التطرف الإسلامي ودعمه عن طريق مخططات شيطانية صعب متابعتها حيث عنقودية تصل إلى نقاط معينة وتتوقف الملاحقة والبحث حتى نجحوا في مبتغاهم ، لأنهم أحسوا بمدى خطورته في المستقبل حتى لا ينجح في مخططاته،  ويفضح الكثيرين من الحكام العملاء للغرب والشرق وتتغير الموازين والمعايير في الشرق الاوسط .

            حيث نحن العرب واليهود المؤمنين بالتوراة الوحي المنزل من السماء من الله عز وجل وبسيدنا موسى الرسول اولاد عم، جدنا واحدا سيدنا ابراهيم الخليل ، خليل الله تعالى عليه الصلاة والسلام ، ولو اتفق العرب واليهود بإخلاص وتعاونوا بشفافية لحكموا العالم الغرب والشرق بدون منازع،  حيث جميع المؤهلات موجودة من عقول ومال وثروات ومواد اولية ومساحات ارض خيالية حيث الوطن العربي للجميع والدين لله تعالى !!

  رئيس دولة الامارات  الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان  
               رحم الله تعالى حكيم العرب ذو العقل والقلب الكبير "الشيخ زايد بن سلطان آلِ نهيان" الذي كان يدعو للخير والمحبة لجميع شعوب العرب والمسلمين وساعدهم بالكثير من الدعم المعنوي والمال بلا حدود ونصحهم بالتريث وعدم الاستعجال والوصول إلى مصالحة وطنية في المشاكل العالقة مع الرئيس صدام حسين دولة العراق وآل الصباح دولة الكويت، ولم يسمعوا النصائح والدعوة الذهبية للجلوس على مائدة المفاوضات، والنتيجة الخراب والدمار الذي إلى الآن يدفعون ويقدمون  الثمن الغالي ، مع ضياع ملايين الأرواح، وتقسيم العراق إلى طوائف عديدة بإسم البقاء، ومستقبلا إلى دويلات قزمية لا سمح الله تعالى...

              رحم الله تعالى هؤلاء الملوك والرؤساء الذين ذكرتهم لكيلا ننسى ذكراهم ، المفروض سيرهم تكتب وتدرس في المدارس والجامعات في جميع الدول العربية والاسلامية حتى لا ينتسوا مع مرور الزمن ، وبالأخص الأجيال الجديدة التي لا تطلع ولا تقرأ غير القشور ، تعيش في مباهج الحياة المصطنعة الغربية "هليوود الأفلام والفيس بوك والنت" بلا فهم لماض مشرف من البعض الرجال الملوك والرؤساء والقادة العرب الأبطال في القرن العشرين الذي مضى والذي يحاول البعض عدم التذكير للأجيال حتى ينتسون من الذكرى الخالدة ...

              مهما عددت وأثنيت وشكرت لن أستطيع الايفاء عن الاعمال الوطنية الخالدة عبر الزمن حيث قاموا بمواقف تخلدهم ، دخلوا في سجل تاريخ الوطن العربى الذهبي من اوسع الابواب ، وذكراهم لدى العارفين العالمين، لا تنتسى إلى ماشاء الله تعالى لمن يطلع ويقرأ ويتابع البطولات والأمجاد فأمثالهم قليلون قلما الزمان يأتي باولاة امور مثلهم غيورين على الوطن العربي ودين الاسلام من ان ينتهك ويداس من قبل آخرين !!! حيث من وجهة نظري الذي لا يأخذ عبرا ودروسا من الماضي ويتعظ ليس له حاضر ولن يكون له مستقبل مهما فعل...   والله الموفق....
                        رجب المبروك زعطوط

 الأحد 2014/12/14م 

Thursday, December 18, 2014

الغربة الثانية 15

 بسم الله الرحمن الرحيم

             جلست وحيدا امام البيت في امريكا ساعة اصيل تحت اشعة  الشمس الدافئة الذهبية،  أتطلع   إلى الأشجار والاراضي الزراعية للجيران على امتداد البصر وبها الأبقار والخيول ترعى ، خلق وبدائع الرحمن ، وتساءلت مع النفس لماذا نحن نعاني هذه الغربة المصطنعة ووطننا ملئ بالخيرات ومستباح من قبل قوى شر وأدعياء لانستطيع الرجوع والعيش فيه بأمان .

            هل كتب علينا نحن الليبيين الشقاء في هذه الحياة المضطربة في آخر العمر والحياة بدلا من التقاعد والعيش فى امن وامان وسعادة بقية الايام قبل الممات ، بل غرباء مهاجرين موزعين في اوطان الآخرين نتجرع المآسى والذكريات الماضية بنفوس قلقة وارواح حائرة ضمن الكآبة الهم والغم لا جئين بدون رفاق ولا أصحاب ولا أهل أعزاء.

            ان نعيش في قلق بدون راحة ، نعيش بدون استقرار طوال الوقت نعاني من الخوف من المجهول عن ماذا سوف يحدث فى المستقبل للوطن الغالي ولنا من أمور ، لم نرتاح في وطننا حتى نبدع ونعمل... فالضربات والمصائب والمصاعب نتيجة الطمع والاستغلال من بعض المسؤولين الفاسدين عديمي الضمير والدين ، ضغوط الجيران والعالم الخارجي الذين يحاولون امتصاص خيراتنا بطرق ملتوية...  مما لم نستطع إلتقاط الأنفاس ونرفع رؤوسنا الا بصعوبة ونستقر ونزهى في وطننا ليبيا فترات بسيطة من الوقت ، ثم تحل المصائب والكوارث على الرؤوس بأمور خبيثة مفتعلة عن قصد مبين ، مما نستقبل الصدمة نمتصها ونعمل جاهدين على الصمود والتصدى بالمتاح وحسب الاستطاعة وبالصبر وقوة التحمل حتى يفرجها الله تعالى ويأتى الضياء والنور وتبدأ دورة الحياة الطبيعية من جديد.

             وبدلا من أخذ العبر عن المآسي والمؤامرات التي حدثت والتلاحم مع بعض كشعب متحد ، والعمل معا يدا واحدة للخروج من التأخر والتخلف والعيش في امن وأمان وسلام مع جميع البشر نجد أنفسنا بطريقة او اخرى من الفتن والدس في اوساطنا متورطين الى الأذقان في مشاكل وأمور صعبة تجعلنا ندور في حلقات فارغة نظير العصبية القبلية والجهوية والجهل وتسلط البعض للإستئثار بالسلطة والبقاء في القمة والتحكم فى رقاب العباد ومصادر الثروات الرهيبة من الاموال والكنوز المجنبة والمخبأة في اماكن كثيرة بالوطن وبالعالم الخارجى وبالأخص المجنبة التي لا يعرف أسرارها الا القلة من المحاسيب من العائلة والحواشى المقربين ذوي الثقة للدجال المقبور.

              كنت محظوظا طوال حياتي العملية المهنية لنصف قرن في التجارة ، فأنا مغامر  وأصبت عدة مرات بكبوات وخسائر جسيمة مما وصلت للحضيض وحافة الافلاس نظير التورط في احد المشاريع السيئة في المقاولات نتيجة التحديات مع عميد البلدية في السبعينات للتخلص مني وكسر الشوكة أثناء الصراع والفتنة بين القبائل والطوائف من النظام والتي مازلنا نعاني منها إلى الآن... وزادت المصائب الزحف والتأميم والاستيلاء على الاملاك وشركات المقاولات والتجارة مما جردوني من كل شئ مادي ولكن لم يجردوني من العقل وقوة الإيمان والقناعة فقد كنت مؤمنا بالقضاء والقدر عالما عن يقين ان العاطي ، الله تعالى،  حي دائم،  ممسكا بقوة بالعروة الوثقى حبل الله عز وجل متحليا بالصبر قانعا راضيا بما يحدث.

          وبقدرة القادر ، الله سبحانه وتعالى ، ان الفرج قريب وسوف أرجع إلى القمة من جديد نظير الأمانة والجهد في العمل الشريف الحلال وعمل الخير والعطاء والزكاة بدون حدود مما نهضت من جديد ووهبني الله تعالى المزيد في خلال سنوات من الصبر والجهد والتعب . هاجرت من الوطن مرتين ، المرة الاولى بعد الزحف والتأميم والاستيلاء على كل شئ من أموال وأملاك ومعدات كانت لدي وبحوزتى وتم قفل جميع ابواب الرزق الشريف في الوجه ، ثم محاولة القبض علي مما تداركت الامر قبل ان يصلوا لي ، نظير المعارف والعلاقات الجيدة ، واضطررت إلى الهجرة والفرار من الوطن غصبا عني وبدون إرادتي يوم 21 مارس 1979 م  إلى امريكا وليس بحوزتي أية أموال ، لم أترك في حالي بل تم وضع اسمي في قائمة المطلوبين للتصفية الجسدية من قبل اللجان الثورية وأنا برئ مظلوم مما إستخرت الله تعالى وتحديت النظام وقمت مع غيري من الرفاق بالمعارضة في العلن للدجال ولم نترك اي باب الا وتم طرقه بعنف وقوة حتى سمعتنا بعض الآذان الغافلة مما تجاوب معنا الكثيرون مع الوقت ، وقمنا بوضع الأشواك في طريق الدجال والفضح للأعمال المشينة التي تدور في الخفاء ، مما إستدرك الامر وحاول بجميع قدراته التصفية الجسدية او الاحضار إلى ليبيا كمجرم عن طريق البوليس الدولي " الانتربول " ولكن امريكا رفضت الاتهام والترحيل ولما عجز حاول الترغيب والاستمالة وشراء النفوس بالمال كعهده في الحكم ولم أرضخ للإغراءات الكبيرة وقاومت بالمتاح...

             وعندما آن الأوان بعد خطاب "أصبح الصبح" والعفو العام سنة 1988م ، فكرت كثيرا واستخرت الله تعالى في كل صلاة بأن يوفقني الرأي السديد والسعي في طريق الخير مما قررت الرجوع عن قناعة ، مؤمنا ان حرب النظام من الداخل حتى نتطلع على الخفايا وتشرح للغافلين في السر عن الكوارث والمصائب حتى يفيقون يوما من الأحلام الزائفة ، وليس التحديات من الخارج وبيننا وبينه آلاف الأميال ، محيط بحر ودول رجعت إلى وطني ليبيا من مدينة اسطنبول تركيا إلى مطار بنينا بنغازي برفقة زوجتي يوم 31 مارس 1991 م بعد غياب اثني عشرة عاما وعشرة ايام ، الموافق 15 شهر رمضان الكريم ، ووطئت أقدامي ارض المطار حوالي الساعة الخامسة والربع قبل رفع الآذان لصلاة المغرب وكان معظم افراد العائلة المقيمين في بنغازي والبعض الآتين من درنة في الانتظار للاستقبال.

 وكانت فرحة كبيرة بالرجوع واللقاء!

           الهجرة الثانية بدون اي تخطيط مسبق ولا أية موانع بل خرجت من مطار طرابلس يوم 2014/4/11م   كالعادة للقيام برحلة عمرة إلى الاماكن المقدسة وزيارة العائلة فى امريكا ومراجعة الطبيب المعالج على عمليات القلب ، وأنا خالي البال أنني سوف أبقى بالخارج في غربة ثانيه لا أعلم متى تنتهي ؟؟ وارجع للوطن الحبيب نظير عدم الأمن والأمان الفوضى الهرج والمرج ، والنهب للسكن الخاص في طرابلس ودرنة وضياع الكثير من الموجودات والسيارات من قبل الادعياء الثوار وهم ليسوا بثوار بل قطاع طرق حللوا ارزاق وعرق الكثيرين بانه مستباح ومن حقهم بلا واعز ضمير ولا وفاء للذين قاموا بالكثير من العمل الوطني للوطن في السر والصمت بدون مباهاة ولا إعلام مثل الآخرين أشباه الرجال الذين عملوا من الحبة قبه للظهور حتى وصلوا لأعلى المراكز .

           لا اريد ترديد المحن الكثيرة التي مضت عبر الزمن ولكن لإعطاء بعض الصور منذ تاريخ الانقلاب الاسود ووصول الدجال المقبور القذافي على رأس السلطة ونحن نعاني الصفعة وراء الأخرى ، إبتداءا من القضاء على العهد الملكي الزاهر ، وفرض تعاليم الكتاب الاخضر التافه والزحف والتأميم والقضاء على الاقتصاد الوطني والفساد الذي عم والإفساد في العقول والذمم وتمويل الارهاب في كل مكان بالعالم بحجج مناصرة الثوار الاحرار والتدخل في شئون وامور الآخرين ونحن كشعب ليبي ليست لنا لا ناقة ولا جمل فى القافلة حتى نتدخل.

            عشرات بل مئات المتاهات والكوارث حدثت ، غطاها بالتمثيل والتدجيل والإفراط في القوة لضرب الخصوم المحليين حتى دان الجميع بالسمع والطاعة ، وشراء النفوس بقوة المال والتوظيف في المراكز العالية حتى جعل معظم رؤساء الدول الغربية يأتون إلى ليبيا للزيارة والمداهنة او يبعثون وفودا لإسترضائه ويزورونه في الخيام كإذلال لهم أنه قوى ومسيطرا على الوضع عائشا في وهم وأحلام خيالية انه ملك ملوك افريقيا.

            والضرب بيد من حديد بلا عدل ولا قانون على كل حر انسان شريف رفض التراهات والمهاترات للمجنون وطالب بالعدل والصرف على الوطن حتى ينهض بدل الصرف لأموال الشعب فى غير طاعة الله تعالى على الآخرين ، وأولاده تربوا تربية جهل على التعالى والكبر فى وسط المعسكرات مع الأجلاف ضمن المؤامرات والفتن، وليس تربية ملوك وأمراء على الأصول والاحترام على الأخلاق والشرف ، بل لأنه شرير وفاجر ، دمر الشعب الليبي وأرجعه للوراء سنوات ولد وخلف فجارا يصرفون بلا حساب الملايين على الفساد المخدرات والقمار العاهرات والليالي الحمر، بأرقام خيالية بدون حساب ووطننا محتاج للتعمير من الألف إلى الياء...

            لكل ظالم يوم ونهاية ونتيجة هذه المتاهات وقتل الاحرار والضيوف الزائرين امثال الامام السيد موسى الصدر ورفاقه بدون ذنب جنوه غير الاختلاف في الرأي مما في ساعة غضب وجنون أمر بالتصفية الجسدية لهم ...  والغرور الزائد على اللزوم والتورط في الكثير من  الجرائم وعلى رأسها فضيحة مجزرة سجن ابو سليم والقضاء على الف وثلاثمائة سجين في ساعات بالضرب بالرصاص وهم محاصرون وراء القضبان حتى سقطوا قتلى شهداء والجرحى الباقين تم  الاعدام لهم فورا في الميدان حتى لا يصبحون شهودا يوما ما على الجريمة البشعة في حق الانسان والمجتمع الدولي ...

             قامت الثورة وعندما شعر بالضغوط القوية من كل مكان حاول في البدايات التحايل للوصول إلى مصالحة وطنية بعهود غير موثوق به فهو دجال كذاب معروف عنه وصفة من صفاته لا ثقة في اي كلمة كانت منه ، وشراء النفوس بقوة المال نظير الخبث والجهل والغرور ولم يع الدرس الذي حدث للآخرين الجيران في تونس للرئيس بن على ومصر للرئيس مبارك وسقوطهم من على كراسي الحكم مما كانت ضربات قاصمة له حيث أجنحته الخبيثة وحلفاؤه في الجرائم البشعة تم جزها من الجذور حتى اصبح كسيحا غير قادرا على الطيران.... مما كانت نعمة كبيرة وهبة من الله تعالى لأحرار ليبيا ومساندة غير متوقعة للفوز في التمرد والثورة التي كللت بالنجاح والنصر...

             الدجال ضاع في وسط خضم الاحداث والتمرد في كل مدينة وقرية في الوطن ولم يتدارك الامر ويهرب للنجاة بل أصر مستكبرا على البقاء بالقوة وكأن الوطن ملك خاص له لانه مجنون وبالأخص عندما تجاوز الحدود ونعت الشعب بأبشع النعوت وتحداهم بالويل والثبور وأنه سوف يطارد الاحرار " زنقه زنقه وبيت بيت " وهو يعلم ان الشعب الليبي يزداد عنفا وتحديات عند السب واللعن له، مما زادوا عنادا حتى تم أسره وهو يحاول الفرار فى صحراء سرت، وقتله وهو يسترجي  آسريه الثوار صغار السن مواليد عهده الاسود ، الرحمة بأنه كبير في السن في عمر آبائهم ...

           هلك الطاغية ونجحت وإنتصرت ثورة 17 فبراير وتطلع الجميع إلى مستقبل واعد زاهر ، واللأسف لم نرتاح وكل يوم مهاترات باسم الثورة والتسيب والنهب مستمر وضاعت واستولى عليها البعض مرتدين عباءات الدين للصلاح والإصلاح وهم في نظري ادعياءا عليه لا يمتون للدين بأي صورة من الصور غير الهدم ....

              وبدأ مسلسل الرعب مرة اخرى بدل الفرح بالنصر والقضاء على الطاغية خرج على السطح پقوة وعنف طغاة آخرين الخوارج المارقين أشاعوا الرعب وسط الشعوب العربية البريئة وكأنهم رؤوس الشياطين، ظهرت فجأة وتكاثرت بسرعة فى وسط الأوساط وكأنها مرض سرطاني او طاعون خبيث إستشرت بسرعة مثل النار في زرع يوم الحصاد ، مما بدون قوانين وعدل ، بالإرهاب والذبح وقطع الرؤوس أشاعت الفساد والإفساد في الحرث والنسل بسرعة ، القتل بدون حساب بدون اي موازين للشرف ولا الاحترام للموت ،، بل جز الرؤوس ببساطة بدون رحمة ولا شفقة ورمي جثث القتلى في اماكن عديدة وعلى قارعة الطريق بدون دفن لإشاعة الرعب حيث الكثيرون تحللت أجسادهم بدون رؤوس ولم تعرف هويتهم الحقيقية ... أليست بمأساة شنيعة تحدث في القرن الواحد والعشرين والعالم المتمدن الذي يدعي  السمو والحضارة والدفاع عن حقوق الانسان نائما لا يهتم بالتصدي والقصاص من هؤلاء الادعياء ؟

           المصائب توالت الواحدة وراء الاخرى بدون حساب ولا عدد على الشعب الليبي البرئ المظلوم بحيث خرج من أزمة وسقط في متاهات اخرى أصعب منها بمراحل مما الكثيرون من الخوف والرعب مع عائلاتهم وأحبائهم تركوا ديارهم غنيمة للخوارج المارقين وآثروا الفرار للنجاة بالجلد والحياة من الخطف ومطالبة الفدية بأرقام خيالية غير متوفرة الا للبعض حيث السيولة اصبحت معدومة لدى معظم الجميع نظير شلل الدولة في تسيير الامور بوضوح....

             تم الاستيلاء على ممتلكات وحقوق الشرفاء المواطنين وكأنه رزق مباح لهم وليس عرقا ومجهودات سنين العمر وهم يكافحون ليصبح هدفا سهلا لهم للاستيلاء عليه بدون اي واعز للضمير او تدميره وخرابه بالحرق حتى لا يستفيدون أصحابه مستقبلا منه نظير التشفي والانتقام... كما حدث مع أصدقاء وإخوة لي من رجال الاعمال التجار الوطنيين الذين ساهموا في نجاح الثورة ضد النظام بالمتاح ، حتى أنا شخصيا لم أنجى وكنت احد الضحايا مثلهم في النهب للبيت في طرابلس ودرنة... بدل الاعتراف بالجميل والتكريم لرفع الروح المعنوية ، بدون اي احترام ولا وفاء ، أليست بأمر مؤسف ومأساة ؟؟

           وتساؤلاتي هل هؤلاء بشر ذوي عقل واتزان يطمئن الانسان على توليهم مقاليد الحكم ، وهم مجرمين قتله مارقين من إخوان الشياطين ، بحاجة إلى تصدى وردع حتى يفهمون ان الاموال حقوق آخرين مواطنين وطنيين وليست سائبة كما يتراءى لهم في اعتقادهم ونفوسهم المريضة....

           رحم الله تعالى العهد الملكى الزاهر الذي كان القانون هو الاول في الصدارة يحكم بالعدل والمساواة بين الجميع حافظا للكرامة والمال والعرض من ان يستباح... كما يحدث الآن للأسف بإسم الدين ، والإسلام براء وبعيد عن هذه الامور الشنيعة الشيطانية ، حيث هذه الامور ضمن مخططات ودراسات تحدث لهدمه وتشويه الصورة ،، ونسي هؤلاء المارقون الخوارج انهم يحاربون الله تعالى الذي يمهل ولا يهمل ، في   يوم ما سوف يدفعون الثمن الغالي فالصبر له حدود ...

              انها مؤامرة على الوطن العربي الإسلامي حتى لا ينهض ولا يتقدم من القوى الخفية العالمية وحلفائهم المحليين الطامعين في مكاسب وقتية السلطة ونهب الاموال بالحرام ، ناسين وجود الرب الله عز وجل انه مهما طال الوقت سوف ينتقم .

            ليبيا طاهرة كما قلت العديد من المرات ومهما تلقت من الضربات والصدمات والمصائب، النكبات والفواجع ، لا تسقط ولا ترضخ ولا تموت مهما حاول الأعداء ،  ستظل شامخة بإذن الله تعالى الى الأبد... وإذا مد الله تعالى في أعمارنا سوف نرجع للوطن !!! والله الموفق...
                                 رجب المبروك زعطوط

 فجر السبت 2014/12/13م 

Friday, December 12, 2014

الوطن 14

بسم الله الرحمن الرحيم

               مهما تحدثت عن الوطن ليبيا لن أوفيها الحق ولا الثناء ولا الشكر ، حيث حبها وعشقها ، دم ساخن حار يجري في العروق والشرايين،  ففيها ولدت وعشت حياتي مقيما بها حتى اضطررت للهجرة منها مرتين الاولى إثنى عشرة عاما ونيف بالرغم من ارادتي ، نظير الظلم والقهر من دجال الوطن القذافي الطاغية ، الذي إرتحنا من شروره بالخلاص منه بقتله وهلاكه في اكتوبر 2011 م.

              رجعت للوطن متحديا يوم 1991/3/31م  للعيش به بعد الغياب الطويل وعشت أياما صعبة كلها ترقب خوفا من المجهول آملا في النجاة والنجاح وتركي في حالي حسب العفو العام عن الجميع من المعارضين في خطاب أصبح الصبح ، وقام النظام بالإستدعاء والإستجواب على جرائم ومتاهات حدثت لم اكن طرفا فيها مما عجز عن إتيان الدليل وتم السجن العديد من المرات فترات والمنع من السفر للخارج وزيارة العائلة سنوات عديدة للضغط النفسي والارهاب حتى إنتابتني الامراض التي أعاني من ويلاتها حتى الآن. 

            وبقدرة الله تعالى ورضاه ورضاء الوالدين تم إخلاء السبيل وعشت تحت المراقبة سنوات عديدة ممنوعا من التجول خارج المنطقة خوفا من الفرار وعدم الرجوع ، والعمل الشريف حيث جميع الأبواب مغلقة في الوجه حتى قامت الثورة وساهمت فيها بالمتاح وقدر الاستطاعة للخلاص من الطاغية.

             والآن الهجرة الثانية حوالي نصف السنة غائبا عن الوطن " راجيا ان لا تطول " غير قادر على الرجوع مطمئنا إلى مدينتي درنة المنكوبة من اطراف تتصارع على السلطة والبقاء....  الكثيرون منهم غير معروفين ليسوا ليبيين بل مرتزقة لا يعرف الانسان من الصديق ومن العدو ومن اي جانب ؟؟ حتى يتحاشى ويستطيع العيش بمدينته في ظل المعاناة والخوف من جماعات متخذة من الدين عباءات كتغطية وخداع للاصلاح وهم مجانين تائهين مخدرين بتعاليم ضارة فاسدة لا تتماشى مع ديننا الحنيف الذي يدعو إلى العدل والمساواة وليس الارهاب والقتل وقطع الرؤوس.  هؤلاء الخوارج المارقين كان الله تعالى في العون عسى ان يهتدوا ويرجعوا إلى الطريق السوي المستقيم ، بحاجة ماسة للإصلاح والرجوع للحق قبل ان يكونوا دعاة يفرضون وجودهم بالقوة بدون علم غزير في الدين للإفتاء غير القشور مما عاثوا الفساد في الحرث والنسل ، ناسين أن الله تعالى يمهل ولا يهمل...

              كان الأمل كبيرا ان ننهض ونتقدم للأمام ولكن تم البلاء والرجس عشعش وكأن غضبا من السماء حل على الوطن الطاهر وبدلا من الصلاح والإصلاح دخلنا في متاهات عديدة وتسلط البعض من أمراء الحرب الجدد بدون خبرات ولا تجارب سياسية على السلطة بأقنعة زائفة مستغلين الدين والثورية كغطاء لتنفيذ مآربهم الخاصة ضمن مخططات كبيرة ظاهرها حسن وجميل وفي الباطن والخفاء الضرر كبير، مثل دس السم الزعاف وسط العسل الشهي مما ابناء الشعب البسطاء الغافلين صدقوا الامور وإعتقدوا انها لصالح الوطن ليبيا والمواطنين ولم يقوموا بأي إعتراض، ولا تحد لهؤلاء؟؟؟

            ضاع الوطني المخلص الليبي الغيور على الوطن وسط أدعياء الدين المتشدقين بالصلاح والإصلاح ، ولم يجد المساندة الحقيقية من البعض حتى يجهر بالمعارضة ويعلو صوته للآخرين الغافلين حتى يعرفوا المصائب التى تحاك في السر والعلن ويصبح لديهم العلم حتى يتصدوا للخداع قبل ان يستشري في الأوساط ولا يتركوا الطغمة الجديدة الحاكمة والمسيطرة على الامور نتيجة التحالف مع القوى الخفية والمحلية والعمالة وتستمر في الاخطاء الواحد وراء الآخر نتيجة الطمع في تثبيت انفسهم ومواليهم المناصرين بدون علم ولا فهم ودراية بإدارة الدولة والسياسة ، في المراكز العالية بالسلطة وقمة الهرم ونهب الاموال ورصيد الدولة،  أرزاق المجتمع،   بطرق شيطانية يعجز الشيطان نفسه عن إتيانها ، حيث لا حسيب ولا رقيب يتابع ، ناسين متناسين عين الله تعالى الساهرة .

              وا أسفاه على الوطن، فقد استبشرنا خيرا بالتمرد والثورة على الطاغية وأن ليبيا سوف تنهض من الوضع البائس وتفوز وتنجح وتتقدم نظير المعاناة الطويلة السابقة والارهاب  من قبل نظام الجهل التدجيل والنفاق ، ونتفاجئ بالمصائب الكبيرة والأخطاء القاتلة وطمع الكثيرين من القوى الخفية وأذنابهم المحلية للإستئثار بخيرات الوطن وهم يعلمون مسبقا انهم على غير أساس سليم وركائز ، يوما بإذن الله تعالى مهما طال الوقت والزمن سوف تنتهي وتزال الأورام السرطانية من خريطة ليبيا .

             الثروات والكنوز مخبأة في اماكن عديدة بالوطن وبالعالم نظير طموحات مجنون دجال ، والتي البعض منها استغلت من قبل حراسها اللصوص رجال النظام السابق الواصلين من ضمن العائلة والحاشية ، العارفين بها، والتى لولا القوانين الدولية بالمنع ، لتم الاستيلاء على الاموال والكنوز الهائلة التي تم إكتشافها  مؤخراً  والتصريح بها والمخبأة في جنوب أفريقيا لصك وإصدار عملة جديدة الدينار الافريقي بالذهب ،  والابتعاد عن الهيمنة الرأسمالية الامريكية والاوروبية " الدولار الاسترليني واليورو " والتي كانت أحد الأسباب الرئيسية لتحالف الغرب عليه لهلاكه وإبعاده عن السلطة قبل ان يستمر في الضرر.

              الدجال إستغل ثروات الوطن خلال اربعة عقود ونيف لتنفيذ مخططات ومآرب شيطانية واحلام صعبة التحقيق، وترك الشعب الليبي يعاني الفقر والجهل بحيث تراجع عن النهوض والتقدم عقودا عديدة حتى اصبح بآخر الطوابير في التأخر والتخلف امام الآخرين، والشعب الليبي لديه جميع المؤهلات والثروات ، الموقع الجيد والطقس الحسن للنهوض والتقدم .

               لكن نظير اهواء حاكم مجنون طاغية فوضوي لا رحمة ولا شفقة يضرب خصومه بيد من حديد ، الشعب رضخ غصبا عنه وركع نظير الارهاب المستمر حيث الآلاف من المواطنين خلال حكم الطاغية دخلوا السجون بتهم باطلة وتم الجلد بالسياط والتعذيب البدني والنفسي الترغيب والترهيب بسبب وبدون اسباب للإدلاء بشهادات وإعترافات زور ليست لها اساسات من الصحة.

          الكثيرون استشهدوا تحت التعذيب القاسي والتجويع المتعمد وعدم وجود الأطباء للعلاج والدواء للشفاء والبطاطين لدرء برد الشتاء عن الأجسام المهترئة وسعيد الحظ من خرج بعد سنوات وتم اطلاق السراح له نتيجة دراسات ومخططات خبيثة حتى يرهب الآخرين بالأحاديث المسربة المفجعة عن التعذيب والمعاملة القاسية داخل السجون مما الكثيرون خافوا من ملاقاة نفس المصير الاسود وتواروا في الخلف والخفاء !!

               ومذبحة سجن أبوسليم في طرابلس القتل الجماعى خلال ساعات بسيطة شاهدا على ذلك، على الارهاب في أبشع الصور حيث أكثر من الف وثلاثمائة سجينا تم اطلاق الرصاص عليهم بدم بارد قتلى ضحايا وكأنهم حشرات ضارة وليسوا بشرا احرار الوطن ، لهم جذور وعائلات ....  ضاع الكثيرون من رجال وشباب ليبيا في حروب عديدة مع الجيران لقاء أحلام مجنون وضاعت البلايين في عمولات للمحاسيب المنتفعين لشراء العتاد والأسلحة من كل مكان نظير شهوة العظمة والتسلط على الضعفاء الابرياء من شعوب المنطقة التي ضاعت هباءا ، نهبت ودمرت في الصحراء وأسلحة الدمار الشامل " الذرة والبيولوجية " التي تم تسليمها طواعية إلى امريكا فترة رئاسة الرئيس " بوش الابن " الذي توعده بالويل والثبور مما خاف وإستسلم ، حتى يضمن عدم الاعتداء والمصير كما حدث لصدام العراق.

             دفع البلايين كتعويضات عن ضحايا قضية الطائرة بنام " لوكربي " وغيرها من الجرائم المتهم بها النظام ، حتى يخرس الاصوات المطالبة ويضمن الصمت والسكوت من أهاليهم ، والشعب الليبي لا ناقة له ولا جمل يعاني في الويلات والفقر ،  والمنافقين أشباه الرجال فى غيهم سائرون ينافقون  الطاغية الدجال مما زاد في الضلال ،  يعبون ويأكلون في المال الحرام مما أصبحوا قططا سمان ...   المعاناة الحقيقية خلال السنوات الثلاث الماضية بعد الثورة والخلاص من الطاغية ،  بدلا من الفرحة العارمة بالنصر والاستمرار في البناء والتشييد للدولة على أسس صحيحة ،  تم البلاء من قبل أدعياء الدين وزاد الضيق والارهاب مراحل كثيرة وكبيرة وتم التسلط والقتل الخطف وقطع الرؤوس من الجماعات الاسلامية لكل من يرفض الانصياع للدولة الاسلامية المزعومة المزيفة التي شعارها الارهاب في ابشع المعاني ضد الانسان والإنسانية،  القتل المباح والذبح للمتهمين وقطع الرؤوس ببساطة وفى العلن بدون رحمة ولا شفقة ووخز ضمير ، وكإنهم يقومون بعمل سهل وليس القضاء والتصفية الجسدية لارواح بشر مظلومين  .

              بدلا من نرتاح ونهتم بأنفسنا ونزداد حضارة وسمو ونتقدم إلى الامام تراجعنا خطوات كثيرة للخلف مما توقفت الاعمال وهاجر الكثيرون بعائلاتهم إلى الخارج طالبين النجاة حتى لا يتم الخطف والمساومة او الذبح بدون اسباب وجيهة بدون عدل ولا قوانين غير قوانين الغاب التي تنفذ على الابرياء المتهمين ، معظمها القتل لارضاء نفوسهم الشريرة والنقص في الذات بالمغالاة  ، التطرف والافراط في القوة  ، الذبح وقطع الرؤوس .

          مما الآن بالخارج وبالأخص في دول الجوار اكثر من ثلث الشعب الليبي مهاجرين غرباء يقاسون المعاناة والتعب وشظف العيش غير قادرين على الرجوع للوطن الحبيب حيث لا أمن ولا أمان ، المناوشات مستمرة والحرب قائمة والنهب مستمر ولدينا حكومتان واحدة بالغرب وأخرى بالشرق تتصارعان من اجل البقاء والذى يدفع ويقدم فى الثمن المواطنيين الابرياء ، أليس بأمر مؤسف ومأساة ؟؟

             إنها مؤامرة كبيرة على الوطن العربي الإسلامي وفتنة من قبل القوى الخفية لزرع بذور الشك في الأوساط المحلية والعالمية ويخرج على السطح امثال هؤلاء الطغمة القتلة المجرمين الذين يتشدقون بإحياء وصلاح واصلاح الدين وتجديده في نظرهم بالرجوع للخلف وتطبيق حكم السلف بدون تطوير مما يدل على التخلف والجهل ،  متناسين أن الدين الإسلامي دين نور وعلم ، اول كلمة نزلت وحيا من الله تعالى كلمة " إقرء " على الرسول محمد عليه السلام تحث على العلم وتحصيله حتى يستنير الانسان ويسمو ويتحضر بدل الجهل والتخلف ، دين عدل ومساواة ، دين اخلاق حميدة ، الرسول عليه الصلاة والسلام قال في احد الأحاديث " إنما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق " .... دين ترغيب للهداية والإيمان بالواحد الأحد وليس دين ترهيب وإرهاب للبشر ، لابسين عباءات الدين كغطاء وهم نفايات الامة العربية الاسلامية الذين لو قام الباحثون بالبحث والتدقيق ، سوف يجدون أن زعماؤهم وقادتهم اصولهم وجذورهم العائلية ترجع إلى الشر من طوائف عبدة الشيطان الرجيم والعلمانيين الذين لا يؤمنون بوجود الرب الخالق  ، لحرب دين الاسلام ومحاولة تشويهه والقضاء عليه بأي وسيلة حتى يبتعد ضعاف الايمان عن الطريق السوي ... هؤلاء المجرمين الارهابيين قاطعي الرؤوس ظلما بدون رحمة ولا شفقة نظير الجهل والتخلف وعدم التطور مع الزمن للصالح العام  ، وإتباع خطوات الشيطان الرجيم تاركين عبادة الله تعالى الواحد الأحد ناسين ومتناسين ان الأعمار قصيرة مهما ظلوا أحياءا ،  يوما سوف يموتون و يحاسبون الحساب العسير .

            وطننا ليبيا طاهرة منذ الازل ولطالما شاهدت ورأت من افراح وسعادة وسرور ، وأتراح وكوارث ومصائب ومرت عليها عبر الزمن حروب وثورات ، تمرد ودم وداستها اقدام الجيوش الغازية الصديقة والعدوة من جميع الجهات عبر التاريخ  ، ستظل ليبيا حية لن تموت شامخة إلى الابد ،وهذه الامور الشيطانية اليوم عبارة عن سحابة عابرة ، مرحلة سوداء مخلفات النظام الجماهيري الفاسد سوف تنتهي وتموت للأبد.

              وأسفاه على البعض ضعاف النفوس من الازلام والطحالب المنافقين المندسين في الاوساط بيننا، الذين يتشدقون بذكرى الدجال المقبور ،  يتمنون عودة النظام الفوضوي الجماهيري بأي ثمن لقاء الأمن والأمان في زعمهم ناسين الجرائم والفساد والإفساد للذمم على جميع المستويات التي حدثت ، ناسين متناسين انه من يوم الانقلاب الاسود وحلول الدجال على قمة السلطة ورأس الهرم ، وليبيا كل يوم تتقهقر للوراء حتى بعد موته وهلاكه لم ننجو من الشر ، وصلنا إلى هذا الحال المفجع المؤسف إلى الحضيض والقاع ،  والذي أجيالنا الحالية تدفع  الثمن الغالي ، القتل والدم نظير التخلف والجهل.

             لقد سردت بعض أحداث الماضي الشنيعة كعبر ودروس عسى ان نتعلم ونفهم ان الماضي لن يرجع فقد مضى إلى غير رجعة  ، علينا بالاهتمام بالحاضر وعن وضعنا البائس وكيف نتقدم وننهض ونتطلع للمستقبل في العيش في سلام وأمن وأمان مع الجميع من البشر  ، المعاناة والحرب الاهلية والمناوشات وسقوط الضحايا قتلى وجرحى الظالم مع المظلوم وضياع الثروات هباءا منثورا ، بإذن الله تعالى سوف يخرج على السطح الوطنيين الاقوياء من خلال الصراع ورحم الضيق والخوف والمعاناة  ، ذوي العزم والقوة على شد اللجام وحكم ليبيا بأمانة وصدق ضمن العدل والمساواة  ، وتطهير الوطن من هؤلاء الفاسدين المفسدين والخروج به إلى الضياء والنور ،  وأنا متأكدا من خلال الاحداث التى حدثت نظير الدس والفتن إلى الآن والصراع الدموي بين الأخوة على السلطة والبقاء فيها وقراءة التاريخ الحديث والقديم  ،  مؤمنا أنه لا شئ يستمر بل له موت ونهاية ، ولا يدوم الحال الصعب للأبد ، الدائرة تدور مهما طال الوقت والضيق والمعاناة... بالصبر والعمل الجاد يأتي الفرج ، وسوف تزول الغموم والهموم من على كاهل الوطن وتصبح في مزبلة التاريخ عبر الزمن ذكرى وذكريات حكايات ودروس  وعبر  لمن يفهم ويتعظ .

             في يوم من الايام سنقول انه  كان بالماضي في وطننا ليبيا،  احداث جسام  ، نكبات وفواجع وأحزان ،قتل بدون سبب وقطع رؤوس بسهولة من البعض الادعياء المجرمين المتزمتين الذين عاثوا الفساد والجرائم باسم الدين وهو براء منهم  والذين اجرموا في حق الوطن والجميع ، وفي الأخير  حيث لا يصح الا الصحيح ، وما كان لله دام واتصل وما كان لغير الله انقطع وانفصل ... والله الموفق ...

            رجب المبروك زعطوط

Friday, November 7, 2014

ليبيا الآن 13

بسم الله الرحمن الرحيم 


 ليبيا الآن إلى اين ذاهبة ؟ ومتى ليبيا الغد ؟ عنوان ضخم يحتاج إلى بحث طويل من الاساس حيث الحديث على وضع ليبيا البائس الآن بقدر ما يتراءى للكثيرين انه صعب ، يوما ما له علاج وحلول ويتوقف إهدار الأرواح والدماء ،بالمصالحة الوطنية وترجع المياه الى مجاريها وما بعد الضيق الا الفرج.

             مهما حاول البعض من المغمورين نتيجة الثورة وإستغلال الانتفاضة وزعامة البعض من الثوار والتحالفات الجهوية والعمالة لإحدى القوى الخفية التي تتصارع من اجل الاستئثار بليبيا مما وصلوا لمراكز عالية واصبحوا من اصحاب القرار في الحكم ، بدون خبرات في السياسة ولا تجارب.

              بهدف تغطية العجز ونقص الثقة بالنفس خلق الاعلام الموجه المأجور منهم ابطالا امام الجماهير بتسليط الأضواء انهم قاموا بأدوار خلال النضال السياسي المزعوم . حيث بقدرة قادر أصبحوا رجال اعمال وتجار الحياة والموت. قبل الاهتمام بامور الدولة ومصير الآخرين  نظير النهب والسلب للمال المهدور الذي بدون حسيب ولا رقيب.

              الحديث يطول عن رجال الاعمال الليبيين حيث من وجهة نظري يتوزعون إلى عدة فئات ،الاولى التجار السابقين والحرفيين من الأجداد والآباء الذين مارسوا البيع والشراء طوال اعمارهم في التجارة التقليدية المعتادة والذين حقق البعض منهم ثروات رهيبة وبالأخص في الاستثمارات للعقارات التي كانت برخص التراب في فترات طويلة في البدايات، حيث المجتمع الليبي ذاك الوقت قليل العدد والأعمال الكبيرة والصفقات الضخمة كانت ضمن الاحتكارات من البعض او المستعمر ، لا يعرفونها ولا يعلم بها رجال الاعمال والتجار العاديون.

             وعندما تم إكتشاف النفط والغاز وكثرت الاموال بالأسواق نتيجة التصدير مما تطلبت الحاجة إلى زيادة سريعة في عدد السكان الذين معظمهم كانوا يقيمون بالخارج والعاملين او الساعين للخدمات والربح الجزيل ، والحاجة الماسة للسكن والاقامة وبالأخص في العواصم والمدن الرئيسية مما فى خلال سنوات بسيطة زادت الأسعار بنسب كبيرة تضاعفت عشرات المرات بحيث البعض من اصحاب الأملاك الشاسعة والمواقع المهمة زادوا غنى فاحش من الطفرة السريعة والازدهار واصبحوا مثل اغنياء الحرب يشار لهم بالبنان في مجتمعاتهم انهم أثرياء.

           في نظري الغنى هو غنى النفس ، حيث كل شئ مقدر من الله تعالى فالبعض هم ذوي  حظ من لا شئ وعدم ، فقر وإحتياج ، وفي فترة وجيزة اصبحوا من علية القوم نظير المادة ، حيث المال يتضاعف بسرعة غير عادية ويتزايد ويأتي بالأرباح الكثيرة لان رجال الاعمال والتجار المحظوظين تنهال عليهم  العروض  من الآخرين نظير السمعة والشهرة، انه لديهم أموال وقادرون على الشراء مما يتهاتفون عليهم من كل حدب وصوب في العروض ، رغم ان  البعض منهم في تلك الاوقات ليست لديهم السيولة الكافية نظير الارتباطات العديدة في اعمال ومشاريع اخرى.

             وأنا شخصيا مررت بالتجربة قبل ان يتم التأميم علي في اواخر السبعينات حيث استقبلت عروضا كثيرة للبيع في مجال العقارات او مشاركات في اعمال وإنشاء شركات حققت أرباحا كبيرة نظير الخبرة والرأسمال ، وكنت اختار الأصلح وأشتري او أشارك البعض من الاخوان مما حققت النجاح وبدأت تتسلط علي الاضواء على المستوى المحلي نظير الشهرة والثقة في المعاملات بإخلاص وشرف في منطقتنا وبدأت تنتقل إلى اماكن اخرى عديدة مع الوقت ومرور الزمن

            منذ بدء الخليقة والتجارة والبيع والشراء هو النجاح والثراء للمحظوظين ، كانت في البدايات مقايضة، حيث كانوا وقتها لا يعرفون النقد. سلعة مقابل سلع اخرى ثم تطور الزمن إلى عملات حديد نحاس وفضة او ذهب وبعدها إلى نقدية من الورق ومع الزمن والتطور وصلنا إلى هذه المستويات الآن من العمليات المصرفية والتقييد في الحسابات الأرقام وإستعمال بطاقات الائتمان العديدة للدفع بدون استعمال النقد فى اليد.

              خرج على سطح المعاملات افراد وحوش في صور بشر ، وشركات عملاقة تحكمت في كثير من الاقتصاد العالمي بالاحتكارات لثروات الدول والفئات المحتاجة وفرضت الشروط التي ترغبها وفي صالحها ، التي تأتى بالربح الوفير، ضمن عقود صعب التخلص منها عندما الضحايا يفيقون

             وفي ليبيا في بدايات الاستقلال والعهد الملكي في اوائل الخمسينات كان الأغنياء ذوى الثروات الكبيرة يعدون على الأصابع لأن جميع الثروات كانت بالوراثة أو بالكد والعمل وعرق الجبين سنوات عديدة مما مع طول الزمن جمعوا المال واصبحوا من الأثرياء حسب ذاك الوقت

             وفي وقتنا الحاضر وبالأخص نتيجة نظام القذافي اربعة عقود ونيف ،خرج على السطح العديدون من الأثرياء بأرقام  خيالية عشرات الملايين والمليارات نتيجة تجنيب الكثير من الحسابات الرسمية العامة المجنبة الى بعض الثقات من المحاسيب وافراد الاسرة الخواص الحاكمة ، لإستعمالها وقت الحاجة والدفاع عن الانقلاب والدجال من السقوط الى الهاوية

             وعندما بدأت بوادر الثورة في الافق الكثيرون لاذوا بالفرار حفاظا على انفسهم من المساءلة يوما عن المبالغ الرهيبة في حساباتهم وأرصدتهم بالخارج ، التي لم يكن لهم فيها اي مجهود ولا عرق ، بل رزق المجتمع ، والقليلون أقاموا بالخارج لخدمة النظام بناءا على التعليمات من الدجال وأولاده والزبانية وتوريد المواد والبضائع والاتصالات الدولية والدفع للمرتزقة المحليين والأجانب للدفاع عن النظام الآئل للسقوط يحتضر

            وبكل الجهد والاستنزاف للموارد والدفع المجزي ، سقط النظام إلى غير رجعة نظير الظلم والمظالم ولم يستطيع الصد ومقاومة الاحرار وبدأت المرحلة الجديدة ، ولكن للأسف مخيبة للآمال زاد الارهاب وسفك الدماء بلا حساب نظير الصراعات العديدة على السلطة مما استغل الكثيرون الوضع الشائن والاتجار بالدم

             هؤلاء أشباه الرجال الحواشى المخادعين المنافقين الذين مع كل عهد ساعين بقوة للإستئثار بأقنعة زائفة في أوساطنا ، إستغل البعض الفرص الثمينة لخدمة البعض من الاسماء المعروفة الهاربين والملاحقين من الشعب الليبي الاحرار كتغطية في تفتيت الأرصدة الضخمة وتوزيعها الى اجزاء عديدة يصعب ملاحقتها واستولوا على الاستثمارات الخارجية للدولة من أموال بالبنوك الخارجية او عقارات وأصول مادية وقيدت باسمائهم او بأسماء شركات وهمية دولية عنقودية صعب تتبعها والتدقيق فيها ومن وراءها. والواقع المرير هم مالكوها الاصليين ، حتى لا تستطيع اية جهة مسئولة من النظام الجديد الليبي مستقبلا المطالبة بها رسميا قضائيا.

            انتهى العهد القذافي وسقط النظام والبعض من هؤلاء ذوى الثراء الفاحش في بعض الدول المجاورة الرؤوس الكبيرة ، بدلا من السكوت والصمت والرضاء وفتح صفحات جديدة بيضاء والتفاهم مع الدولة الجديدة في التسويات المالية والمصالحة الوطنية ،  ركبهم الغرور والأحلام بالوصول للحكم وترجيع عقارب الساعة إلى الوراء...  وقاموا بتمويل أزلام بقايا العهد السابق بالمال والدعم نظير العلاقات الدولية إلى الذين ضاعت مصالحهم وأصبحوا في المؤخرة في العهد الجديد ، مما تسببون في الفتنة والشر وإحياء النعرات القبلية والثأر والأحقاد السوداء بين الطوائف والشرائح العديدة التي كانت بالسابق خامدة أيام حكم الدجال الطاغية الذي لا يرحم. والنتيجة المناوشات والمعارك والحرب الاهلية التي إلى الآن تدور رحاها في ربوع الوطن ولم تتوقف.

             هذا الصراع الآن للوصول للمراكز والتحكم فى مفاصل الدولة لإستغلال الثروة والإثراء الفاحش ، حيث ليبيا بحاجة إلى مئات المليارات وعشرات السنوات العديدة للبناء والتشييد بدءا من الصفر ووقف الحرب وفرض الأمن والأمان حيث رأس المال جبان ، ولا يمكن قيام أية مشاريع واستثمارات ضخمة وبالأخص مشاركات مع ذوى الاموال من الخارج بدون الثقة المتبادلة.

              بناء الانسان الليبى اولا حتى يتحضر ويسمو ويخرج من دوائر الشك والريبة ويعرف ان التعاون مع الآخرين الأجانب ، بأصول واخلاق مبنية على الاحترام والثقة وقوانين تحفظ حقوق الجميع هو طريق الفوز والنجاح الأكيد حيث الآن عصر العولمة ، سهولة الاتصالات والمواصلات .

              التخطيط والدراسات المستقبلية على رأسها من البدايات مصلحة الوطن اولا ، وليست المصالح الشخصية لدعم النفوذ والبقاء في الحكم حتى تتماشى الأعمال مع بعض في وقت واحد حتى ننهض بسرعة ، أهمها زرع الثقة لدى الجميع وإتمام المعاملات المالية بسهولة ويسر بين جميع الأطراف و البناء والتشييد والاستثمارات سواءا محلية ، او عالمية واستقدام وترغيب رجال الاعمال الاجانب من الخارج للمساهمة في البناء والتشييد والإثراء على الطرق الحديثة فى وطننا مع ضمان الأمن والأمان وحرية الحركة بقوانين صارمة مفهومة للجميع عادلة سهلة التطبيق تضمن حقوق المستثمر والوطن ، واستغلال الطاقات والخبرات الليبية والأجنبية ومنح المكافئات والجوائز الضخمة لكل من يبدع في التصورات بالنمو وخروج ليبيا من دوائر الشك والارهاب الى بلد ووطن سلام مع الجميع ، حيث في ليبيا لدينا جميع مؤهلات النجاح في التجارة الحرة مع الجيران ودول أفريقيا المغلقة بدون شواطئ على البحار ، والسياحة آثار الحضارات السابقة شواهد ، وتصدير الطاقة الشمسية البديلة الحديثة الى اوروبا ، والزراعة العضوية التى بدون اي نوع من انواع الكيماويات التي تؤثر على البيئة وصحة الانسان.

            حيث توجد مساحات من الاراضي الصالحة للزراعة بالطرق الحديثة واستجلاب الخبراء كل فى مجاله من جميع أنحاء العالم مما نستطيع في سنوات قليلة الاعتماد على انفسنا في انتاج جميع انواع المواد الاساسية الغذائية للوطن والتصدير للخارج بوفرة وبالأخص إلى اوروبا القريبة أسواقها لنا ، والتي بحاجة ماسة لمعظم المواد الأولية للصناعة والغذائية لإطعام شعوبها بدلا من ليبيا الاعتماد على الاستيراد المتواصل لأبسط الاشياء والمواد التي تستهلك كل يوم من اجل الغذاء.

            وإلى يوم توقف حكام ليبيا في السر والعلن رجال الاعمال الجدد السياسيين العملاء القابضين على زمام الامور ، عن الشر والشرور ، التحريض والدفع المستمر في الخفاء من الهاربين الرؤوس الكبيرة ، وبعض الدول الصغيرة تحترم نفسها عن دعم الشر ومساندة طرف على طرف بحجج ارتداء عباءة الدين ، والدفاع عنه والدين براء من هؤلاء المارقين الخوارج .

            حتى ينتهى الصراع والحرب بين الاخوة تتوقف ويتم الاستقرار والمصالحة الوطنية تعم بإذن الله تعالى مع وعلى الجميع ، حيث لا يصح الا الصحيح مهما طال الوقت ، وقتها وساعتها بإذن الله تعالى وبسواعد رجالها وشبابها من الجنسين الوطنيين الاحرار، ليبيا الغد سوف تنهض وتتطور بسرعة في فترة زمنية قصيرة حسب المقولة التاريخية من ليبيا يأتي الجديد. والله الموفق...                                                                                 

                         رجب المبروك زعطوط

نوفمبر 2014 م

Monday, October 20, 2014

قرأت لك 12

 بسم الله الرحمن الرحيم

                ليلة البارحة شاهدت وقرأت على الصفحة العنكبوتية في النت (اليو توب) خبرا شنيعا أزعجني كثيرا وجعلني متشككا هل الامر صحيح ؟ ام مركبا ومختلقا ؟ وبدون ان أدري غضبت على القائل الشيخ العرعور  عند سماع القدح والتراهات القذف والتزوير في حق النبي سيدنا محمدا عليه الصلاة والسلام بكل سخافة وإستهزاء وهو يتحدث إلى مريديه ومستمعيه شارحا لهم أحداثا لا تصدق ، وحكايات مزورة لم تحدث بل مختلقة وكاذبة ، ليس لها اي اساس من الصحة ولا تعقل! وأي انسان مؤمن لا يصدقها وذلك لتشويه آخر الانبياء والرسل للدين الإسلامي الحنيف الذي كرمه الله تعالى وقال عنه الكثير من الأوصاف الحسنة في القرآن الكريم وطلب منا جميع المؤمنين المسلمين الحمد والشكر والصلاة عليه طوال الوقت حتى نتحصل على البركة والثواب

              انها حرب ضروس معلنة على دين الاسلام والتشكيك في أنبيائه ورسله وأصحابه الكرام طوال الوقت ، تحاول قوى عديدة خفيه هدمه بأي طريقة كانت ضمن مخططات رهيبة للتشكيك والدس بخبث في اوساط العوام الجهلة من الشعوب التي لم يرسخ الايمان والاسلام بقوة في قلوبها ، والتي ينفذها اناس أدعياء من اخوان الشيطان الرجيم لابسين عباءة الدين وأنهم شيوخ بل هم  من المارقين الخوارج الذين لا يمتون للإسلام بأي صورة او صفة كانت.

               كل شئ له حدود في جميع الشرائع والقوانين ، واذا زاد الامر عن الحد والتطاول على النبي عليه السلام بهذا الشكل ونحن صامتين ننتظر جفت بعروقنا دماء الحياة والنخوة في الدفاع عن رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام نصبح من إخوان الشياطين مثلهم.

            الأمر خطير جرائم قذف وتعدي سافر عن سبق اصرار ، ضروري من الحساب والعقاب القاسي  لمثل هؤلاء الادعياء المشككين في الرسول الكريم الذي بعثه الله عز وجل بالحق والهداية ، حتى نشر العقيدة التي الآن معتنقيها ومؤيديها ومريديها المؤمنين حوالي المليار والنصف من البشر ربع سكان العالم الاحياء على سطح الارض.

             وكل يوم الدين الاسلامي ينتشر بسرعة نتيجة التعاليم الإلاهية ، العيش في سلام وامن وأمان مع الجميع من البشر الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بالعدل والإحسان ، ونبذ التسلط والارهاب والتسامح والعدد في ازدياد الى ماشاء الله تعالى.

            ان مثل هذا الموضوع الخطير يحتاج إلى تصدي من جميع الهيئات الاسلامية بجميع فئاتها في العالم ومتابعة الموضوع بدقة وبحكمة سواءا الشيخ ، او من وراءه من الادعياء ، وعدم التراخى ، فهو وباء ومرض مثل (الإبولا) ان تركناه يقضي علينا ، ويزداد المشككين في العقيدة ويكثر اللغط البيزنطي من قيل وقال ، ولا تنتهي القصص ، اللهم اننى بلغت ، اللهم انني بلغت... والله الموفق .

                      رجب المبروك زعطوط

Wednesday, October 8, 2014

عيد الأضحى المبارك 11

بسم الله الرحمن الرحيم

              منذ عدة ايام مضت كان يوم السبت العاشر من شهر ذي الحجة في التقويم الهجري الإسلامي الموافق 2014/10/4م ، الذي لم يوفقنا الحظ بأن نحضر أنا والحاجة رفيقة العمر صلاة العيد الأولى في احد مساجد مدينة دالاس تكساس امريكا ، حيث تأخرنا في الطريق والمفروض ان اكون بالجامع الساعة السابعة والنصف صباحا والمسافة من البيت حيث اقيم حوالي 40 ميلا واحتاج إلى الساعة على الطريق حتى اصل إلى هناك مع انه كان يوم سبت عطلة نهاية الاسبوع في المدينة وحركة السيارات والمرور قليلة.

              خرجنا من البيت ووصلنا إلى هناك متأخرين ساعة مما كانت أفواج المصلين تخرج من الصلاة الأولى وأفواج داخلة مثلنا لحضور وتأدية الصلاة الثانية وحاولنا قدر الإمكان العثور على  مكان بالموقف في ساحة الجامع الكبيرة والتي تعج بمئات السيارات المنتظرة لأصحابها المصلين ، لترك السيارة ولكن لم يكن بالإمكان حيث المداخل مقفلة والشرطة تمنع الدخول من الزحام حيث لا وجود لأماكن مما درنا دورتين على المكان ولم نوفق ... وحاولنا في اماكن الانتظار الاخرى من الجيران الآخرين أمام المحلات بمافيهم مكان انتظار مطعم ماكدولاند الشطائر السريعة ولم نوفق مرة اخرى حيث انهم يرفضون وقوف السيارات مدة الصلاة بحجج ان المكان مخصص للزبائن فقط.

             مما ادارة الجامع وضعت الكثيرين من المتطوعين يشيرون على  سائقي السيارات المسلمين القادمين لاداء الصلاة بكل لطف وادب بعدم الوقوف منعا للشكاوي ، واضطررنا إلى وضع السيارة في ساحة الكنيسة البعيدة التي سمحت للمصلين المسلمين بوضع سياراتهم في مرآب الانتظار الكبير لديهم مما كانت بادرة جيدة ولطف منهم يدل دلالة واضحة وكبيرة على التسامح الديني والسلام وان الدين لله تعالى جزاهم الله تعالى كل الخير .

                وضعنا السيارة ومشينا على الأقدام أتوكأ على العكاز المسافة الطويلة أنا وزوجتي  وقبل ان نصل باحة الجامع إلتقينا مع عائلة مفراكس الليبية وهم خارجين من الصلاة الاولى فرحى سعداء مما كانوا اول المعيدين نشاهدهم  ونفرح بلقائهم ونتبادل معهم تهاني العيد .

             وصلنا إلى الجامع ودخلت من باب الرجال والحاجة من الباب المخصص للنساء ، وكان المئات من المصلين في احسن زينة لابسين أبهى الثياب الجديدة احتفالا بالمناسبة السعيدة جالسين يكبرون باسم الله تعالى طالبين الرحمة والغفران ويهللون فرحين مسرورين بحلول عيد الأضحى المبارك ، وقام احد الحاضرين المصلين بتوزيع ورقات مكتوبة فيها الأدعية باللغة العربية واللغة الانجليزية لغير الناطقين بالعربية من الدول الاسلامية بآسيا مثل الباكستان والهند إيران والصين وغيرها الذين كانوا بالمئات في كل صلاة أقيمت ويؤلفون الأكثرية فى الحضور .

             جلست على احد الكراسى حيث لا استطيع الصلاة على الارض لأنني مريض مازلت تحت العلاج الطويل غير قادر على السجود نظير الجهاز الموجود على القلب داخل الصدر لتنظيم الدقات والوخز والصدم بقوة في حالة التوقف لا سمح الله تعالى . حتى يبدأ ويستمر في النبض من جديد بأمر الله تعالى طالما كتب لي الحياة والعيش .

             رددت الدعاء عشرات المرات مع الجميع ثم الخطبة من الخطيب التي تشرح الكثير عن مناسبة العيد وتدعو الى صلاح حال جميع المسلمين بالعالم والتركيز على عبادة الله تعالى الواحد الأحد والتسامح وعدم العنف والارهاب كما يحدث الآن في هذا العصر والوقت المضطرب الصعب الذي نمر به نحن الشعوب العربية والاسلامية من تفرقة وتمزق.

             كانت خطبة جيدة مهمة ومؤثرة ثم صلاة العيد مع التكبير ثلاث مرات في الركعات قبل الركوع والسجود مما كانت الأصوات جميلة  وهي تخرج من الحناجر متناغمة في وقت واحد مكبرة باسم الله عز وجل وهي تتردد في أجواء الجامع من الجميع وهم خاشعين للخالق الواحد الأحد طالبين التوبة الرحمة والغفران بمناسبة العيد وأن يصلح الحال للآخرين من الشعوب العربية الاسلامية في كل مكان بالمعمورة.

              كنت سعيدا فرحا وانا اردد  الدعاء المستمر على تزايد عدد المسلمين وانتشار الاسلام بسرعة في الغربة ، ففي مدينة دالاس وفورت ورث والمدن العديدة ضواحيها الملتفة عليها مثل السوار ، يبلغ عدد السكان حوالي ستة ملايين نسمة مما يعادل سكان  وطني ليبيا في العدد، وعدد المسلمين فيها لا يقل عن مائة الف مسلم وكل يوم في زيادة وانتشار مما حمدت الله عز وجل على الهداية والإيمان .

           انتهت الصلاة وقمت بالسلام والمصافحة باليد على جاري من اليمين ومن الشمال ونهضت وخرجت مع الجميع وانا أتطلع في الوجوه العديدة من المئات في الزحام والجميع يتعانقون عسى ان اتعرف على اي احد حتى اهنئه بالعيد، وأصبت بالإحباط وغم النفس عندما لم يساعدني الحظ وأشاهد اي احد من الاصدقاء او المعارف حتى اتجاذب معه الحديث والتهنئة بالعيد وشعرت بالوحدة فعلا وانني غريب في وسط الجماهير ، ولو كنت في وطني ومدينتي درنة لعانقت وعانقني العشرات من المعارف والأصدقاء في موقف ومناسبة مثل هذه.

                الله تعالى يجازي ويعاقب من كان السبب في الغربة والهجرة المفروضة علينا نظير الرعب والارهاب والقتل للأبرياء المظلومين بدون اتهام مبين وجريمة كبيرة تستحق الحساب العسير والعقاب ، أليس بأمر مؤسف ومأساة ان نصاب بمثل هؤلاء الخوارج المارقين المرتدين؟

             وقفنا بعض الوقت حتى نستقل احدى الحافلات الصغيرة التى وضعتها إدارة الجامع لنقل المصلين كبار السن مثلنا إلى موقف الانتظار بالكنيسة وعندما تطلعت وشاهدت المئات ينتظرونها ، طلبت من الحاجة ان نمشي المسافة على القدمين حيث الأجر حاصل ولدينا الكثير من الوقت ، مما وافقت وتابعنا الخطى على مهل المسافة حتى وصلنا بعد جهد جهيد مرهقين إلى السيارة ورأسا إلى البيت.

            هذه السنة لم أتحصل على عدة شياه لذبحها كسنة حسنة وفداء كأضحية مثل العادة مع اننا طرقنا العديد من الاماكن والأبواب من بعض المزارع ومربي الحيوانات للشراء ولم نوفق واستقر الامر بأن نتبرع بالقيمة المالية إلى احد الجوامع والله تعالى عارف بما في القلوب من نوايا صافية عسى ان نتحصل على الأجر والثواب الحسن.

             بدأت الحاجة في تحضير (طبيخة العيد بالقرع والحمص والزبيب مع اللحم الضأن) على الطريقة الشعبية  مثل العادة في وطننا ليبيا حيث نحن دائماً محافظون في الغربة على هويتنا العربية الاسلامية وعاداتنا الليبية الأصيلة محاولين بكل الجهد غرسها في الأولاد والأحفاد حتى تستمر الهوية الاسلامية ولا تنتسى مع الوقت ومرور الزمن وبالأخص في الأجيال الصغيرة المولودة في الخارج والتي لا تعرف الوطن ولم تزره بعد.

              قبل العيد بيوم حضرت ابنتي أميرة من فلوريدا وحضر إبنى محمود وزوجته وحفيدتي صفية ذات العام عمرا لقضاء العيد معنا وحضر إبني الكبير مصطفى وعائلته لتهنئتنا بالعيد  وقضاء بعض الوقت بعد ان رجعنا من الجامع وكان إبني المبروك وحفيدي آدم ابنه المقيمين معنا مما اجتمع البعض من العائلة على مائدة العيد والباقون جميعهم بالاتصالات الهاتفية يعيدون علينا ويتمنون لنا الصحة والعافية وعيدا سعيدا وعمرا مديدا.

             شعرت بالعيد وبهجته عندما معظم العائلة كانت معنا أبتداءا من رفيقة العمر والبعض من الأولاد والبنات والبقية سوف يأتون عن قريب اليوم آخر النهار ام بالغد ، مما سوف تكون لمة جميلة لا نحظى بها طوال الوقت حيث نعيش في عالم آخر  يختلف عن عالمنا في ليبيا وعاداتنا وتقاليدنا لانشعر فيه بالروابط الروحية لديهم مثلنا ، الا من بعض القلائل كبار السن الذين مع الزمن بدؤوا يتلاشون بالموت ويتلاشى الحنين العائلي إلى عدم ، نظير التكالب على الحياة وعدم وجود فراغ الوقت للزيارات لبعد المسافات . وبالمساء حضرت إبنتي الكبيرة هدى وزوجها عادل لقضاء يومين معنا في لمة العيد مما زادونا بهجة وأنس . واليوم الثاني الأحد حوالي العصر بعد ان جهزت الحاجة الكثير من الأطباق من طعام العيد الشهي لأخذه معنا ، ذهبنا إلى احد المنتجعات في الغابة فى احدى ضواحي مدينة دلاس لحضور تجمع "لمة" العيد مع الجالية الليبية ، حيث كل عائلة تحضر ومعها طبقها الخاص من طعام العيد مشاركة مع  الجميع بحيث العبء لا يكون صعبا على اكتاف اي احد مما كان جيدا التفكير فيها والحضور الجماعي مما يوصل ويزيد في المودة والتعارف ويباعد الجفوة ويجعل الجميع متحابين متآخين أخوة، جزى الله تعالى كل الخير لأصحاب الفكرة ومن قام بها وخدمتها في الاتصالات المكثفة بالهاتف وبذل مجهودا  في التحضير، والتجهيز حتى اجتمع الجميع معا .

             وصلنا إلى الحديقة العمومية "البارك" وكانت إبنتي أميمة وزوجها وحفيدي يوسف قد سبقونا في الحضور مما كانت مفاجأة لنا ، وكان مكانا جميلا واسعا به جميع الاستعدادات وحضر الكثير من الليبيين وأسرهم وتجاوز عددهم  المائة والخمسين فردا من الرجال والنساء والأطفال... الكثيرون منهم معارف واصدقاء وقضينا وقتا جميلا في الأحاديث الشيقة مبتعدين عن الكلام في الدين والسياسة حتى لا يتم احراج أو اغضاب أي احد فالجميع اخوة.

           وتعرفت بالعديد من الرجال الشباب ، وكان الطعام بكثرة شهيا يحتاج لمن يأكل ويتلذذ ، وكان البعض من ذوي الاخلاق الحميدة وقمة الادب يريدون راحتي ، يخدمون ويقدمون لي  الطعام والمشاريب وأنا جالسا ، حتى لا اقوم من مكاني نظير الاحترام والسن مما حمدت الله تعالى على الفضل الذي اكرمونى به.

            طلب مني الإمامة والصلاة بالجميع صلاة العصر مما وافقت حيث كنت اكبر سنا في الحاضرين وصليت بهم ثم التكبير جماعة عدة مرات والحمد لله تعالى على العيد وعلى إتاحة الفرص لنا بالجمع في هذه المناسبة السعيدة بالغربة مع ان قلوبنا تدمى حزنا على مايحدث في وطننا ليبيا من مآسي وأحداث حزينة من دمار خراب ودم ولكن ما باليد حيلة! فنحن بعيدون في الغربة بيننا وبينهم مسافات محيط يفصلنا وآلاف الأميال .

            وكان الطقس في الاصيل جميلا ممتعا به طراوة حيث نحن في بدايات شهر اكتوبر ، بعد ان ودعنا الحر الشديد منذ عدة ايام فقط ، مما لعب الاطفال طوال الوقت بالكرة وعلى الاراجيح وجميع الألعاب المتاحة في الموقف ( البارك ) المجهز بجميع الوسائل لتقضية العطلات الجماعية ، مما كانوا فرحى سعداء.

             والرجال والشباب كونوا فريق كرة قدم ووضعوا براميل القمامة البلاستيك في جهتين الملعب كعلامات للمرمى وطلب مني المشاركة ولكن اعتذرت نظير كبر السن وعدم الجهد والمرض وبدأت المباراة وحمى الوطيس ولعب كل فريق ضمن الجهد لتحقيق الفوز وكنت جالسا على كرسي بجانب المرمى أتبادل الحديث مع الحارس عندما تكون الكرة في الجهة المقابلة البعيدة متتبعا ومتنبها يقظا لها عندما يتم الهجوم على جهتنا حتى لا أصاب بضربة كرة قدم فجأة بقوة على الصدر حتى انتهت المباراة على خير وسلامة والجميع مرهقين يتصببون من العرق .

             رجعنا الى مائدة الطعام وجولة اخرى فى تناول الاكل وشرب الشاي الاخضر بلا حدود والحلويات من عدة أصناف وأشكال تم عملها من ربات البيوت ، ثم التقطنا صورا كثيرة جماعية وتم كتابة الاسماء وارقام الهواتف والايميلات على ورقة سوف توزع نسخ منها على الجميع حتى نتراسل بالنت كذكرى مناسبة الحفلة بالعيد ، وودعنا بعضنا البعض على امل اللقاء عن قريب ورجعنا إلى البيت ونحن متخمين من  كثرة الطعام  الشهي اللذيذ .

              كانت السهرة في البيت جماعة جميلة ممتعة والحديث معظمه عن الحفلة واللمة الليبية الجميلة التي قضيناها بمناسبة العيد السعيد . واليوم الثالث يوم الاثنيين غادر الجميع الى بيوتهم بعد وجبة الغداء الدسم ، مما اصبحنا ، أنا والحاجة وإبني المبروك وحفيدي آدم في فراغ ووحشة بالبيت الكبير بعد ان كان مملوءا بالأصوات وضجيج عائلتنا التي بدأت تكبر وتزيد في العدد بالزوجات للأبناء والازواج للبنات والاحفاد.

             وعموما كان عيدا جيدا مر بسهولة وفرح وتلقيت فيه عشرات المكالمات الهاتفية والرسائل الإلكترونية عن طريق "الفايبر" والحاسوب "النت" من الوطن وانحاء العالم من الكثيرين من المعارف والاصدقاء يهنئونني بالمناسبة السعيدة ، جزاهم الله عز وجل كل الخير على المودة والتواصل ، وكل عام والجميع بخير ... والله الموفق...                                                                       

                   رجب المبروك زعطوط