Friday, December 19, 2014

ذكرى الرجال العظماء 16

بسم الله الرحمن الرحيم

               سبحانك ربنا العظيم الكريم لم نتعظ ونأخذ دروسا ونتعلم مما حدث بالماضي و يحدث لنا في الحاضر من امور خفية تحاك لنا فيها الدسائس والفتن بمهارة من قبل شياطين الإنس، القوى الخفية والمحلية، التي تعمل جاهدة على وضع العراقيل  والتشكيك في اصول العائلات الحاكمة ونعتها بجميع الصفات الخاطئة نظير الجهل وعدم المعرفة والاندفاع بدون التأكد ، ونحن للأسف في آخر الطابور ضمن العالم الثالث لم نتقدم...  التأخر والتخلف في الفهم وعدم السمو والامتنان للبعض الوطنيين اولاة الامر من حكامنا من الملوك والرؤساء العرب الذين لهم مواقف بطولية تاريخية وطنية  مايزالون يذكرون فيها بالخير حتى الآن، خالدين وهم أموات في قبورهم، يفخر الانسان انهم كانوا يوما حاكمين لدول   عربية مسلمة ...

           كانوا شموعا مضيئة لم يستمر نورها كثيرا وسط ظلام العقول والجهل الأعمى من الشعوب العربية ذات العواطف الجياشة الغافلة التي تهوج وتموج بدون تفكير ولا تأني في العواقب المستقبلية، من جراء  خطابات رنانة من رؤساء عسكريين مغمورين وصلوا بقوة السلاح والمؤامرات إلى  قمم السلطة والحكم بدون انتخابات حرة من ابناء شعوبهم المظلومين...

               مشكلتنا نحن الشعوب العربية لا نقدر ولا نمتن ولا نعترف بالجميل للذين قلوبهم طاهرة ويعملون بصدق للمصلحة العامة ورقي الشعوب والنهوض بها من القاع إلى السطح في السر والعلن ، مضحين بحياتهم قرابين على مذبح الحرية للوطن العربي المسلم وسعادة الجميع نظير الخبث والدس من قوى ، في الظاهر صديقة  لنا وفي الواقع متضامنة مع الاعداء حتى لا ننهض ويصبح لنا شأن ومكان وسط العالم الحر ، ونحن أجدادنا الأوائل من عشرات القرون ومئات السنين من الأوائل...  أضاؤوا دول أوروبا بالعلوم والنور في العصور الوسطى والآن بآخر الطابور!

 العاهل السعودي  الراحل الملك عبد العزيز آل سعود
                    على رأس الشموع المضيئة في القرن العشرين المغفور له ملك السعودية الملك عبدالعزيز آلِ سعود مؤسس المملكة العربية السعودية الذي وحدها في دولة واحدة قوية بعد ان كانت مجزأة إلى شتات، والذي بحكمة قال مقولة وطنية أصبحت تاريخية مع الوقت في لقائه مع الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت على ظهر احد السفن الحربية " يو س س كوينسي " شهر فبراير عام 1945 م للتشاور في قضايا عديدة بالشرق الاوسط تخص العرب والمنطقة والذي طلب رأيه في استيطان اليهود في فلسطين وكانت الاجابة الرفض البات، وأنه لا يرضى ولا يوافق تحت اي ظرف كان  على الامر، واذا يريدون مساعدتهم كأمريكان، فلماذا لا يتم إستيطان اليهود عندهم في احد الولايات القليلة السكان التي بحاجة إلى مواطنيين للإعمار مما الرئيس الأمريكي لم يرد ويعلق على الامر نظير المفاجأة والرد السريع الغير متوقع ....

               هذه الكلمات البليغة والرد الشافي يدل دلالة واضحة على الوطنية الصادقة، صدق القلب والشعور بالوطنية، الكلمات نابعة من ملك يشرف العرب ان يكون عربيا مسلما قح وبالأخص في ارض الرسالة المحمدية الارض المقدسة التي تضم أطهر وأشرف المدن بالعالم الإسلامي مكة المكرمة والمدينة المنورة التي ضمت رفات الرسول محمد عليه الصلاة والسلام آخر الرسل والأنبياء وأصحابه الكرام، اللتان انطلقت منهما الدعوة للتوحيد وعبادة الله عز وجل .

العاهل السعودي الراحل فيصل ابن عبد العزيز 
                ثم تلاه إبنه الملك فيصل ابن عبدالعزيز آل سعود الوطني الغيور على الامة العربية، الخبير في السياسة الدولية ومؤامرات ودسائس دهاليز الامم المتحدة ، الذي مارس العديد من المسؤوليات الضخمة طوال سنين الشباب حتى وصل للعرش وأختير ملك ، مما أصبح صاحب تجربة وخبرات عديدة، تحدي وقطع ومنع ضخ النفط إلى امريكا وجميع من ساند اسرائيل في حربها، مواجهة في العلن ولم يرضخ تحت جميع المغريات، مع العلم ان المملكة السعودية كانت الحليف الاول والرئيسي قبل جميع دول العرب المؤيدة لأمريكا وسياساتها في الحرب الباردة ضد الشرق في ذاك الوقت....

             تضامنا مع الباقين من الدول العربية في قرارات القمة العربية أثناء نكسة مصر في الخسارة الجسيمة، الخديعة والهزيمة في الحرب وإنتصار دولة اسرائيل في عدة ايام على ثلاثة جيوش عربية تم الاعداد لها في سنوات وضاعت وانهارت في ساعات نتيجة ضعف وأخطاء القيادات وعلى رأسها مصر وسوريا والأردن... في نكبة يونيه عام 1967 م والتي ذكراها لن تمحى من ذاكرة العرب والفلسطينيين أصحاب الارض الاصليين الذين تآمر العالم عليهم في التصويت من اجل خلق دولة اسرائيل، يصلون إلى حلول تشرف،  حتى يرتاح الجميع من الحرب الدائرة في السر والخفاء...  مما كانت نكسة كبيرة المنع للشحن والتصدير للغرب لأمريكا غير متوقعة ان تحدث، وبالأخص من الملك فيصل الصديق!

                تآمرت القوى الخفية العالمية ملوك شركات النفط عليه نظير الخسائر الجسيمة والأضرار والتعطيل ، أنه غير مرغوب في أمثاله ذوي الشجاعة والعزيمة في اتخاذ القرار حتى لا يحتذى به آخرون من الملوك والرؤساء مستقبلا في اى مواضيع مهمة مصيرية للتمرير بسهولة بدون صعوبة ضدهم، وكلفته حياته عندما ابن اخيه الملك سعود السابق المعزول عن الملك ، تم استقطابه وغسل دماغه ضد عمه الملك فيصل حتى قام بإغتياله ثأرا بحجة واهية تنحية أبيه عن الحكم والحلول مكانه كتغطية ناسيا متناسيا القاتل ان الاختيار لتولى مهام الحكم من العائلة السعودية جميعها وليس فرضا من الملك فيصل لوحده.

ملك ليبيا الراحل ادريس السنوسي 
                رحم الله تعالى الملك ادريس السنوسي الزاهد في الملك وعرش ليبيا، الذي مات وحيدا في شيخوخته بالمنفى، ولم تستطيع عائلته وأقربائه ومؤيديه نظير الارهاب والمنع لأي سيرة للعائلة السنوسية من نظام الدجال القذافي عمل مجالس عزاء والترحم على فقده، الرجل الذي ضحى طوال حياته في الجهاد من اجل الوطن ضد الاستعمار الايطالي والدسائس والمكائد التي كانت تحاك في السر من الغرب والشرق حتى تصبح ليبيا تحت الانتداب من قبل أحد الدول المنتصرة فى الحرب وبالأخص بريطانيا كما حدث في فلسطين بالسابق من خداع وتآمر.

                  وبالصبر وجهود الوطنيين نال الوطن الاستقلال بفارق صوت واحد في الامم المتحدة السيد " أميل سان لاو " مندوب دولة هاييتي " الذي ربطته صداقة مع الوفد الليبي فترة المفاوضات والمباحثات في نيويورك على مصير ليبيا وشعبها ، وكانت صفعة قوية للدول الطامعة في السيطرة وبالأخص بريطانيا، التي كانت مضيفة للوفد في نيويورك ، وعند الفشل في مسعاها رفضت تسديد فواتير الإقامة والسفر مما اضطر الوفد للإستدانة الشخصية للمال للرجوع إلى الوطن...

                 الملك إدريس له مواقف عديدة وطنية وكلمات مأثورة شهيرة تدل على التقوى والايمان والوطنية ، حب ليبيا وشعبها بدون حدود ومعايير والعيش في سلام مع جميع البشر ضمن الامن والامان وبالأخص المقولة في اول خطبة لاستقلال ليبيا شهر ديسمبر عام 1951 م من القرن العشرين الماضي ، ناصحا الشعب الليبي بعدم الانشقاق والتجزئة الوحدة والعمل بجد يدا واحدة من أجل الوطن في طاعة الله تعالى ، المقولة الخالدة والتي لا تنتسى تدل على الوطنية "المحافظة على الاستقلال أصعب من نيله ".... والكلمة الاخرى المأثورة يوم ضخ النفط وتصدير اول شحنة باخرة للخارج عام 1961 م في الاحتفال الكبير عندما ضغط على زر أنبوب الشحن للبدء في التحميل والضخ من ميناء الزويتينة النفطي، طالبا الله تعالى داعيا "اللهم اجعله نعمة لنا وليس نقمة " هذه العبارات لا تقدر بثمن مهما كان!  وأثبتت الايام ان النفط كان نقمة على الشعب الليبي البسيط وقتها حيث جميع العيون الطامعة تطلعت إلى المملكة الليبية الفقيرة المنسية ووضعت الهدف الاستيلاء عليه بأي صورة مهما كلف الامر....

الزعيم التونسي الراحل الحبيب بورقيبة 
              والرئيس الحبيب بورقيبة المجاهد والمناضل من اجل تونس سنوات عديدة الذي نهض بها من التخلف والتبعية الاجنبية حتى استقلت من هيمنة الاستعمار الفرنسي في 20 مارس 1956 م وبدأت تخطو خطوات إيجابية للنهوض والخروج من التأخر والتخلف عندما تمت عدة قوانين وبالأخص التنظيم العائلي والأحوال الشخصية حيث منع تعدد الزوجات وبنى مؤسسات الدولة الحديثة من وزارات وادارات وتطوير النظام القضائي العدلي والقضاء الاداري... وتعميم التعليم المجاني العمومي وتاسيس الجامعة التونسية الحديثة لتكوين الإطارات التي تولى رجالها الخريجين فيما بعد المسؤوليات بالدولة....

              سلك بورقيبة سياسة متوازنة تعتمد على الاعتدال و تفادي الصراعات الإقليمية و الدولية، مع دعم القضايا العادلة وتحرر الشعوب وشارك في المؤتمر التأسيسي لحركة عدم الانحياز في باندونغ في أندونيسيا حيث ربط صلات عديدة مع زعماء العالم الثالث الرؤساء نهرو الهند، سوكارنو اندونيسيا وتيتو يوغوسلافيا والكثيرين من الزعماء والشخصيات الدولية.

          تعاطف الرئيس بورقيبة مع القضية الفلسطينية، التي سماها "مظلمة القرن العشرين" و كان له موقف متميز في الصراع العربي الصهيوني عبر عنه في خطابه الشهير الذي ألقاه في مدينة اريحا، سنة 1965 م الذي نصح فيه الشعب الفلسطيني بقبول التقسيم الاممي للارض بين اليهود و العرب... وقد رفض العرب خطاب بورقيبة الواقعي وتم الاتهام له بالعمالة للغرب مما أدى إلى استياءه الشديد، وحزنه العميق حيث بدل الخير وقول الحق وكلام الواقع المرير يجابه بالعقوق...

                لقد صدقت تنبؤاته بالاحداث في يونية عام 1967م حلت الهزيمة المنكرة بالجيوش العربية الثلاثة في وقت بسيط و خسارتها لسيناء و الجولان و الضفة الغربية لنهر الاردن... ورغم كل المرارة و نكران الجميل، وفرت تونس الملاذ الآمن للقيادة الفلسطينية و مقاتليها، اثر الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982، وصارت تونس المقر الرئيسي لمنظمة التحرير الفلسطينية و تعرضت اراضيها للعدوان الجوي من قبل الطيران الصهيوني ، في الضاحية الجنوبية لتونس العاصمة، سنة 1985 م مما أدى إلى سقوط العديد من الضحايا الفلسطين والتوانسة.

الزعيم المصري الراحل محمد انور السادات
          والرئيس محمد أنور السادات الداهية الذي نحن العرب وبالأخص الشعب المصري لم نفهم ونعرف قدره الذي تحدى اسرائيل وإنتصر عليها في حرب 1973 م وعبر الاسود من جيش مصر الأبي ضفة القناة " حاجز برليف الذي لا يقهر من قوة التحصينات لتحطيم الروح المعنوية لجيش مصر " وتوغلوا في سيناء وكسر حاجز الرهبة والخوف ان الجيش الإسرائيلى لا يقهر ،،ولولا الدس والمساندة الغربية وحلفاؤهم والجسر الجوى للإمداد الفوري للمعركة من امريكا بكل المعدات العسكرية لتغطية النقص في الاسلحة المتطورة و المادية والمعنوية لإسرائيل وقتها لتمت هزيمتها،  حيث لا تستطيع الصمود فترات طويلة من الوقت، بدون مساندة الغرب بسرعة حتى تلتقط الأنفاس...

             تم خلق المشاكل العديدة للرئيس السادات بخصوص تحديه في العلن للجميع مؤمنا بالسلام والحوار الوصول إلى حلول، وزار اسرائيل كمنتصر وليس مهزوما يسترجي ويستجدي السلام كما طبل الاعلام ضده من الآخرين الجهلة بالسياسة، لأنه داهية عرف كيف يفك ويطفأ فتيل الحرب بالسلام ، مما غير جميع المخططات والاستراتيجيات وقلب الطاولة على رؤوس المخططين للشر والدمار ووضع الإسفين في العلاقات بين العرب واليهود حتى لا تتحسن ، ولو دام له العمر وعاش فترة طويلة لوصل إلى الكثير،  ولإنتهت قضية فلسطين بالحوار على مائدة المفاوضات....

             ولكن الفلسطينيين إعتبروه خائنا للقضية ولم يساندوه ويشاركوا معه في المفاوضات عندما طلب منهم ذلك ، مما فات عليهم الكثير لو تضامنوا مع الرئيس السادات ولأصبحت لديهم دولة بدل الشتات ....

          والقوى الخفية خططت لاغتياله وتصفيته عن طريق التطرف الإسلامي ودعمه عن طريق مخططات شيطانية صعب متابعتها حيث عنقودية تصل إلى نقاط معينة وتتوقف الملاحقة والبحث حتى نجحوا في مبتغاهم ، لأنهم أحسوا بمدى خطورته في المستقبل حتى لا ينجح في مخططاته،  ويفضح الكثيرين من الحكام العملاء للغرب والشرق وتتغير الموازين والمعايير في الشرق الاوسط .

            حيث نحن العرب واليهود المؤمنين بالتوراة الوحي المنزل من السماء من الله عز وجل وبسيدنا موسى الرسول اولاد عم، جدنا واحدا سيدنا ابراهيم الخليل ، خليل الله تعالى عليه الصلاة والسلام ، ولو اتفق العرب واليهود بإخلاص وتعاونوا بشفافية لحكموا العالم الغرب والشرق بدون منازع،  حيث جميع المؤهلات موجودة من عقول ومال وثروات ومواد اولية ومساحات ارض خيالية حيث الوطن العربي للجميع والدين لله تعالى !!

  رئيس دولة الامارات  الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان  
               رحم الله تعالى حكيم العرب ذو العقل والقلب الكبير "الشيخ زايد بن سلطان آلِ نهيان" الذي كان يدعو للخير والمحبة لجميع شعوب العرب والمسلمين وساعدهم بالكثير من الدعم المعنوي والمال بلا حدود ونصحهم بالتريث وعدم الاستعجال والوصول إلى مصالحة وطنية في المشاكل العالقة مع الرئيس صدام حسين دولة العراق وآل الصباح دولة الكويت، ولم يسمعوا النصائح والدعوة الذهبية للجلوس على مائدة المفاوضات، والنتيجة الخراب والدمار الذي إلى الآن يدفعون ويقدمون  الثمن الغالي ، مع ضياع ملايين الأرواح، وتقسيم العراق إلى طوائف عديدة بإسم البقاء، ومستقبلا إلى دويلات قزمية لا سمح الله تعالى...

              رحم الله تعالى هؤلاء الملوك والرؤساء الذين ذكرتهم لكيلا ننسى ذكراهم ، المفروض سيرهم تكتب وتدرس في المدارس والجامعات في جميع الدول العربية والاسلامية حتى لا ينتسوا مع مرور الزمن ، وبالأخص الأجيال الجديدة التي لا تطلع ولا تقرأ غير القشور ، تعيش في مباهج الحياة المصطنعة الغربية "هليوود الأفلام والفيس بوك والنت" بلا فهم لماض مشرف من البعض الرجال الملوك والرؤساء والقادة العرب الأبطال في القرن العشرين الذي مضى والذي يحاول البعض عدم التذكير للأجيال حتى ينتسون من الذكرى الخالدة ...

              مهما عددت وأثنيت وشكرت لن أستطيع الايفاء عن الاعمال الوطنية الخالدة عبر الزمن حيث قاموا بمواقف تخلدهم ، دخلوا في سجل تاريخ الوطن العربى الذهبي من اوسع الابواب ، وذكراهم لدى العارفين العالمين، لا تنتسى إلى ماشاء الله تعالى لمن يطلع ويقرأ ويتابع البطولات والأمجاد فأمثالهم قليلون قلما الزمان يأتي باولاة امور مثلهم غيورين على الوطن العربي ودين الاسلام من ان ينتهك ويداس من قبل آخرين !!! حيث من وجهة نظري الذي لا يأخذ عبرا ودروسا من الماضي ويتعظ ليس له حاضر ولن يكون له مستقبل مهما فعل...   والله الموفق....
                        رجب المبروك زعطوط

 الأحد 2014/12/14م 

No comments:

Post a Comment