بسم الله الرحمن الرحيم
المضايقات من كثير من اشباه رجال الدولة المسؤولين بلا حدود في هدوء وصمت بحيث الحلقات اصبحت تضيق كل يوم، نظير الخوف من المساءلة يوما من رؤسائهم ذوى الحلقة الاولى كما يقولون ويدعون انهم المسؤولون عن حماية النظام … لماذا أتاحوا الفرص لامثالي المرتدين العاقين وكأن الوطن ملكهم وليس لنا الحق بالعيش فيه احرارا كراما ؟؟؟
المعاناة والضغوط تزداد كل يوم مع مرور الوقت وبالكاد أعيش على الفتات الذي اتحصل عليه سواءا من الديون السابقة او بعض الاعمال من بيع وشراء لبعض المواد من المزادات العامة التي الدولة تعمل جاهدة في تصفية القطاع العام لانه تم إثبات الفشل على جميع المستويات، تريد ان تتخلص منه بسرعة حتى تطمس من الوجود ان التجربة فاشلة وتحفظ ماء وجه العقيد من اللعنات التي تصب على رأسه كل يوم !! نظير الأفكار والتوجهات اللعينة التى تنبع من فكره المريض من غير دراسات جيدة مما ضيعت المليارات من خزينة المجتمع في مهاترات تافهة وسرقات وخلقت طبقة لصوص منتفعين من الصعب التعقب والجث لهم .
التجارة على المستويات البسيطة والبيع والشراء، مبروكة وليبيا بجميع الضغوط والمهاترات والتراهات دائماً سوقها رائج لأنها تعتمد اعتمادا كليا على التصدير للنفط والغاز ومشتقات النفط وبعض السلع الاخرى، وعلى الاستيراد لجميع البضائع والمواد حيث الانتاج بسيط نظير الحكم الأهوج الذي جعل الجميع من ابناء الشعب يعيشون على مرتبات هزيلة يتحصلون على الفتات ضمن خطط ودراسات مبرمجة لافساد الجميع وجعلهم فقراء محتاجين يمدون ايديهم غصبا عنهم لقاء الحاجة والاحتياج للعيش، مما خلقت طبقات الفساد والإفساد، الشر والشرور بين اوساط الجميع الذى يتراجع ويرتد كل يوم للوراء والخلف وبالتالى لا نهوض للوطن .
لا يضيق حال التاجر الذكي المغامر مهما عملوا من قوانين صارمة للحد من السمسرة والعمولات البسيطة او الضخمة لان الكثيرين من التجار ورجال الاعمال السابقين قبل الزحف والتأميم لديهم اتصالات سابقة مع الشركات المصدرة ويعرفون أصحابها او مدراؤها نظير علاقات وصدقات ماضية ومعاملات …
السوق متعطش لاى شئ ياتى من الخارج ضمن حلقات متعرجة خبيثة جائرة وضغوط الكبار في الحكم والسلطة، حتى يتحصل المورد على اذونات الاستيراد للسلع المطلوبة والمحتكرة وبالاخص من الأولاد للقذافي الذين يضعون في أتوات ضخمة من وراء الستار وفي الخفاء وراء أقنعة وأغطية كثيرة من اعوانهم الثقات، للحصول على الاموال لصرفها على المجون والعهر والفساد .
المشكلة القوية الصعبة لا رقيب ولا حسيب على دخول البضائع الموبوءة الفاسدة التى صلاحيتها انتهت وبالاخص المواد الغذائية التى لا تصلح للاستعمال البشري او الحيوانات من علف مما جعلت معظم ابناء الشعب الليبى يعانون الأورام السرطانية الخبيثة والمرض وبالاخص المواد الغذائية التى تأتى عبر الحدود من مصر،
شبكات المهربين وأزلامهم الليبين من رجال الحدود والجمارك المرتشين، احد الأسباب المهمة في التصريح الرسمي لدخولها الى اسواق الوطن بطرق خبيثة يعجز الشيطان الرجيم عن ايتانها نظير التواطوء وانعدام الضمير لقاء رشاوى ومال وفير نظير التسريب وغمض العيون عن ما يمر من مواد وبضائع فاسدة، لانه لا ولاء للوطن باى صفة ومعيار، وهم يسمعون ويشاهدون ما يجرى من مهاترات واوامر باطلاق السراح للكثير من المفاسد الممنوعات فقد استشرى الفساد حتى النخاع، أليس الامر بمؤسف ومأساة ؟؟؟
اي انسان موظف عام بالدولة حر نظيف شريف يحاول التصدي والصمود في الحدود يجد أمامه كثرة العراقيل والضغط والمعاناة والتهديد المستمر بالاعتداء او القتل مما يضطر الى الدخول فى المعمعة وينسى الضمير والمبادئ والقيم وياخذ الرشوة ومال الحرام، او يضطر للرحيل محافظا على حياته من شبكات الأوباش …
من خلال هذه الصور الكثيرة، احببت ان أعطي القارئ الكريم الذي لم يعيش المحن معنا في فترة العقدين الأخيرين من حكم الظالم في الجماهيرية وقت العهد السابق، ليعرف كم كنا نعاني نحن ابناء الوطن الشرفاء، عشرات بل مئات المأسي التى تجعل الرضيع يشيب من كثرتها وعقيدنا المعقد يتشدق ويتحدي في العالم الغربي بالويل والثبور وهو واقف على قاعدة رخوة غير صلبة نتيجة الغرور وهتافات المنافقين بانه الصقر الوحيد، معتمدا على المال والقوة المفرطة في الداخل لتسيير دفة الحكم بالخوف والرعب .
تم الاستدعاء مرات عديدة من اجهزة الأمن العديدة للتحقيق المطول عدة ساعات او ايام وبعدها الإفراج نظير العلاقات المعارف والأصدقاء… وعشت تلك الايام والاستدعاءات الصعبة والمملة على الأعصاب ادفع واقدم الثمن الغالي من الصحة حتى اخرج سليما معافيا، من تلك الحلقات القاسية والضغوط والمعاناة وشبكات المتاهات، حامدا شاكرا الرب الخالق انني كل مرة اخرج وانا قويا اكثر من السابق .
البعض من المسؤولين اصحاب القرار سواء من رجال الأمن او رجال القضاء والنيابات وبالاخص نيابة شمال طرابلس لهم جزيل الشكر على ما قدموه لي من تعاون واحترام وتقدير، عندما كانوا يسألون الأسئلة الصعبة اثناء التحقيق العسير، كنت أتطلع إلى الوجوه محاولا المعرفة واشاهد نظرات الرحمة والشفقة وكانهم يقولون لى نحن إسفين … نحن عبارة عن عبيد مأمورين ننفذ فى الأوامر…
شعرت ان هؤلاء الرجال الصادقين صمام أمان لتراهات ومتاهات العقيد الحقود الذي يتلذذ بالتعذيب او القتل لاي انسان معارض يتحداه حتى يبقى ويستمر حكمه الى ماشاء الله تعالى ونسى ان الدنيا مازالت بخير وان بها شرفاءا أحرارا، وان ليبيا الحبيبة لم تعقر بعد … مازالت تنجب الرجال الصناديد .
انها ايام سوداء مرت علينا وانتهت اكلت الاخضر واليابس، أعمارنا ضاعت هباءا من غير ان نسعد ونفرح في الوطن، ونحن مطاردون من مكان الى اخر من فرق الموت بالخارج وبالداخل من الملاحقات العديدة والمطاردات بحيث لا يتركوننا نرتاح او ننعم بالعيش في وطننا مرتاحين بل بين الفينة والأخرى الاستدعاء والقبض والتحقيق وكانهم يقولون لنا، انتم سيئون… حاربتمونا بقوة وعنف في الخارج، لا وطن لكم هنا في ليبيا غير العيش في المهانة والذل ….
اثناء الاعتقال والتحقيق العسير تنشط مبادرات الإفراج عني عن طريق الأصدقاء والمعارف والواسطات بحجج كبر السن والمرض … حتى يتم الإفراج لظروف إنسانية واخرج واصل للبيت اجر في أقدامى بضعف ونفسي حزينة كسيرة أتجرع الالم ، وبعدها بفترة شهور تبدء القصة من جديد، الاستدعاء من اية جهة امنية حتى يعيش المواطن الحر في القلق وينتابه الجنون او يهرب الى الخارج …
مررت بظروف صعبة قوية من حجز جواز السفر كنت مريضا بالقلب بدون ان ادري نتيجة الضغوط السياسية والمادية والبعد عن العائلة حيث تجوز ابني الكبير مصطفى في امريكا، وابنتى الكبيرة في مدينة دبي دولة الامارات، ولم احضر اي فرح ولا عرس سواءا في امريكا ام دبي حتى افرح بأولادي لأنني ممنوع من السفر سجين السجن الكبير ليبيا .
احد الايام والطقس معتدل في بدايات الصيف حوالي الساعة العاشرة صباحا جاء للمزرعة الصديق الوفي الاستاذ محمد الهنيد ومعه احد الرجال قصير القامة متوسط العمر وقدمه لي انه من بلدة ودان بالجنوب اسمه الحاج محمد عبد الهادى الشريف،
تعرفت بالرجل وشعرت من كثرة كلامه وشكره للعقيد المعقد والوضع ومحاولة الإيحاء انه يعرف الجميع من المسؤولين من الجنوب فلان وفلان، وانه واصل وقادر على عمل الكثير وانه من ضمن الخلية الاولى المدنية التي قامت وساندت الانقلاب الاسود سنة 1969 م
انتابني الشعور باشياءا كثيرة اما الرجل صادقا في كل كلمة قالها وهذه طبيعته في الحديث والتعريف والتقديم بسذاجة ليستحوذ على انتباه الاخرين ويهيمن عليهم … او يكون نصابا كبيرا بمهارة وفن يرسم وينسج خيوط النصب حتى يتحصل على فوائد مستقبلية يوما ما من اى موضوع قد يحدث ؟؟
هذا الشعور لازمني من بداية الحديث انه ممكن الاستفادة منه في ترجيع جواز السفر المحجوز لمدة 7 سنوات وانا حبيس السجن الكبير، وبلباقة أدرت الحديث عن موضوع جواز السفر ببساطة وكان الموضوع عادي … والواقع انا احترق بداخل النفس عن الوضع لأنني غير قادر على السفر والزيارة إلى العائلة ومشاهدة الاولاد والاحفاد الجدد في امريكا !!!
من حسن الحظ تحمس للموضوع وقال لا يمكن لاي مواطن ليبي حر شريف ان يتم منعه من السفر ويحتجزون جوازه من غير امر وتهمة، ووعد بأنه سوف يأتي به في خلال ايام، وكنت غريقا احتاج إلى قشة امسك بها حتى أنجى من الغرق، وقررت التجربة …
اشعرته انني بسيط ولا اعرف كيف أتصرف في الوضع واتحصل على جواز السفر بالطرق القانونية الصحيحة، مما تمادى وقال بزهو انه غداً مسافرا إلى بنغازي لبعض الاعمال وسوف يرجع بعد عدة ايام الى درنة وينهى لى قصة جواز السفر مما شعرت بشعور قوى ممكن الامر يحدث … فكل عهد وله رجاله …
والإنسان يسعى ولا يسخر من اي احد … ففي دولة الجماهيرية كل شئ بالمقلوب والخطا ويحدث العكس وقررت التمادي ومد خيط الصنارة حتى يشبك ويلتقم الطعم واصطاد السمكة، ودعوته على العشاء مما وافق على الحضور…
كل ليلة اسهر مع الرفاق في الهواء الطلق بالمزرعة ونتناول طعام العشاء مع بعض … وقلت لهم قبل حضوره بان يحافظون على اى كلمات نابية عن السب للنظام او التطرق للعقيد المريض المجنون لأنني لا اضمن الضيف القادم، فقد تعرفت به اليوم، ممكن يكون كذابا نصابا عاديا مستغلا المعرفة للبعض من المسؤولين النافذين بحكم انه من الجنوب او جاسوسا ليعرف ماذا نتحدث فى أوساطنا وماهو الرأي في المجنون المريض …
العشاء اللذيذ على الطريقة المحلية الدرناوية المكرونة " المبكبكة " ولحم الخروف وإضافة البهارات وأعشاب الريحان " الحبق " مما تجعل الطعام لذيذ ذو طعم ورائحة زكية … لا يستطيع الجائع عن التوقف عن الاكل حيث مدينة درنة مميزة في الطبخ لعدة آكلات … والسهرة بالليل في الهواء الطلق مع اكل الفواكه وشرب كؤوس الشاي الاخضر عدة مرات .
كانت سهرة لطيفة واحاديث عامة في جميع المجالات ولم يتطرق الرفاق إلى اي موضوع مهم خاص بالوطن عن الظلم والمتاهات والمهاترات التي تحدث كل يوم عن التسلط والاهانات والقتل من العقيد والاولاد، كانت السهرة جسا للنبض هل الضيف شريفا يحس بآلام الوطن ام مدسوسة علينا ليتغلغل في أوساطنا، ام نصابا يحاول الايقاع بنا والحصول على أموال نظير الخدمات التي يلمح او يعد بها .
اليوم الثاني سافر إلى بنغازي كما وعد، وغاب 3 ايام ورجع الى درنة، وبدون ميعاد وصل إلى المزرعة وعلى فنجان قهوة تحدث وقال غداً تذهب الى إدارة جهاز الأمن الداخلي وتقابل المسؤول وتستلم جواز السفر، ولا تتقدم إلى الجوازات للتجديد حتى اكون معك لأنني مسافرا إلى الشرق مدينة طبرق لبعض المواضيع عدة ايام وسوف ارجع وامر عليك لاجدده في بنغازي ووافقت على الامر قائلا غداً سوف اذهب لاستلم الجواز، وبيني وبين النفس اكره المرور بجانبه وليس دخوله من كثرة ما قيل عنه وتردد في اوساط المدينة من تعذيب الشرفاء الاحرار المتهمين من الشباب بداخله …
اليوم الثاني ذهبت حسب الوعد إلى المقر وانا غير مصدق ودخلت إلى مكتب احد الضباط كبير الرتبة الذي عرفني ولم اعرفه لطول المدة والغياب عن ليبيا وبعد عدة اتصالات هاتفية داخل المبنى والإدارة قال ان الامر من اختصاص الرئيس والان غير موجود في انتظار وصوله في اي لحظة وعليك اما الإنتظار او تأتي بعد ساعة؟ وقلت له افضل الانتظار لغرض في نفسي حتى اراقب ماذا يدور بالداخل واعرف بعض الوجوه للذكرى والأيام من غير ان يحسون وهم يروحون ويجيئون في الرواق بين المكاتب العديدة .
وقال تفضل الى غرفة اخرى للانتظار لانه مشغول بإعداد تقارير، وطلب من الحارس المرافق ان يوصلني للغرفة وان يهتم باحضار القهوة او الشاي مما شكرته ونهضت، ومشيت خلف الحارس إلى غرفة كبيرة مؤثثة وبها بعض الضباط وكنت اعرف احدهم الذي كان من الجيش برتبة عقيد، واحتفوا بي وجلست واحاديث عامة ومسامرة وكأنهم في بيوتهم الخاصة عن بعض الاشياء المشينة التى تحدث في الوطن وكأنهم ليسوا في عرين مخابرات وامن النظام، مما شككت ان يكون الحديث مرتب للإيقاع بي، وغيرت الموضوع الى حديث اخر عن امريكا والمغامرات مما شددت الانتباه حتى وصل الحارس وقال المدير وصل وينتظرك …
وودعت الضباط شاكرا لهم على الحفاوة والحديث وكم تأسفت على اوضاعهم الحالية فهم الان على الرف انتهت خدماتهم والنظام لا يثق فيهم خوفا من اي محاولات انقلاب ضده من امثال هؤلاء الغير مرغوب فيهم، ينتظرون التقاعد وهم مايزالون شبابا في العقد الخامس ولديهم الخبرات والمؤهلات العسكرية العالية فجميعهم خريجوا الأكاديميات العسكرية من روسيا .
دخلت على المدير وبعد التحية والسلام وقلت له على جواز السفر والظاهر لديه اوامر من رؤسائه بالتسليم وبكل البساطة ضغط على زر وطلب احد الحراس ليوصلني إلى الخزينة لاستلام جواز السفر وشكرته ومشيت خلف الحارس للطابق الاول حيث مكتب الإيداعات وفتح الضابط المسؤول باب الدولاب الكبير واخرج قائمة ورزم من الجوازات وبدا يفحص وانا اتابع والقلب يدق انتظر ظهور الجواز الخاص بي من بين عشرات المئات طالبا من الله عز وجل ان لا يكون قد ضاع وبالتالي مصائب اخرى سوف تنهال على الرأس ولا يمكن تسليم جواز سفر اخر جديد حتى يتم تسليم القديم خوفا من الازدواجية وان البعض من المهربين يزورونه ويستعملونه في اغراض إرهابية متطرفة .
أخيرا من وسط الرزم ظهر جواز السفر وتأكد الضابط منه وسلمه لي بكل البساطة وكأنه استلمه بالأمس وليس محجوزا لديهم 7 سنوات طويلة وانا سجينا بالوطن، وقلت له هل من توقيع ؟؟ وتطلع لي ببرود وقال ياحاج احمد ربك انك تحصلت عليه … مما افقت من الحلم الخادع وعرفت وتعلمت كيف الجماهيرية تدار بعقليات فارغة تافهة ليس بها اي نوع من انواع الادارة والتنظيم فقد عشنا سنيين طويلة نرزح تحت الحكم والسلطة في خوف ورعب وهم لايساوون اي شئ بل مناظر للتعمية وليسوا محاضر ورجال حكماء عاقلون … بل محتاجون إلى الثورة والصد والصمود والجث من على كاهل الوطن .
رجب المبروك زعطوط
البقية في الحلقات القادمة ….
No comments:
Post a Comment