Wednesday, January 27, 2016

قصصنا الرمزية 20

بسم الله الرحمن الرحيم

 الصلاة

 ترددت كثيرا قبل أن أكتب عن هذا الموضوع الكبير المهم العميق الروحاني لطمأنة النفوس التي تريد الفوز والنجاح في الدنيا والآخرة ، وهو موضوع  ليس بسهل الخوض فيه خوفا من التقصير في الشرح الكافي المستفيض ....الصلاة لله تعالى بخشوع وضمير هي العروة الوثقى والحبل المتين والإتصال الدائم رأسا للعبد المؤمن الصالح مع الخالق ، والركن الثاني المهم لدين التوحيد الإسلام....  وجدت النفس بعد مضى فترة من التفكير العميق أنها مرتاحة للكتابة عنها قدر المستطاع والمتاح من علم ومعرفة عسى أن يستفيد البعض من شرحها ، وتذوق حلاوتها بتأديتها في أوقاتها  والتمسك بها، حيث هي أحد الأركان الخمسة والأساسات المهمة في الايمان....

                    نحن المسلمين المهتدين من أول يوم بهذه الدنيا ، كرمنا الله تعالى وشرفنا بعطفه ورضاه وولدنا في هذه الحياة المضطربة الصعبة من والدين أبا وأما موحدين مؤمنين بعقيدة الإسلام عن صدق ويقين ... عن إيمان نابع من اعماق الروح والنفس حسب فهمهم في تلك السنين التي مر عليها أكثر من قرن ونيف من تاريخ ولادتهم وماتوا وتوفوا منذ أكثر من اربعة عقود (عليهم الرحمة وحسن الختام) ، طالبين الرحمة والغفران من ملك الملوك الذي حيا لا يموت على مدى الدهر والزمن ، أن يشملنا بالرعاية خلال العيش والحياة ، والختام يوم الممات بالمغفرة والرحمة حتى نقابل ربنا تعالى ونحن أخيارا مهتدين فائزين برضاه وجنة الخلد ..

               حيث الفرصة التى أتيحت لنا بالولادة مسلمين من أول يوم نعمة وشرف عظيم والحساب عسيرا علينا في تركها وعدم المبالاة في تأدية الشعائر الدينية بحق وصواب لأي أسباب كانت من الغواية والوسوسة من الشيطان الرجيم بالتأجيل المتعمد ، العقاب كبيرا حيث نعرف ونعلم ونتكلم لغة الضاد ، التي هي لغتنا وليس لنا أية حجج ، في الفهم والعلم والإدعاء بعدم وجود الترجمة الصحيحة من اللغات العديدة إلى لغة الضاد... حيث الكثيرين من المهتدين من مختلف الأجناس كرمهم الله تعالى بالنعمة الجليلة ، الإسلام ، ولا يعرفون  من لغة الضاد إلا القليل من حفظ وتلاوة القرآن العظيم ونطق الكلمات العربية بصعوبة ، مما الأجر لديهم كبيرا على الهداية والإيمان عن قناعة وضمير حبا في القرب إلى الله تعالى ، وضمان النجاة والنجاح دنيا وآخرة ....

                  كرم الله تعالى الإنسان ، سيدنا آدم عليه السلام  ، بالرحمة والغفران وعلو الشأن منذ الخلق الأول والأزل عندما أمر الملائكة الكرام بالسجود له تعظيما وتشريفا على الخلق في حكم وغيبيات مسجلة ومكتوبة في لوح القدر ....  نحن مهما أوتينا من علم ومعرفة، لا نعرف عنها أي شئ إلا الذي أخبرنا الله تعالى بها في القرآن الكريم العظيم .... الجميع لبوا ونفذوا الأمر الإلاهي وقارا للخالق وسجدوا لسيدنا آدم حسب الأمر طواعية بدون جبر ولا إكراه ورفض الشيطان الرجيم الأمر والإنصياع بحجة تافهة نظير الغرور والكبر بالنفس ، أن سيدنا آدم عليه السلام خلق من طين لازب وهو تم خلقه من نار السموم أفضل منه بكثير حسب إعتقاده الخاطئ ، تحديا ورفضا لأمر الله تعالى بالسجود ، مما بعد مساجلة مع الخالق بدون إستحياء ولا إحترام للذات الإلاهية طالبا مهلة إلى اليوم المعلوم حتى يجعل معظم ذرية سيدنا أدم عصاة  كافرين ....

                 لم يرتاح ويهدأ إبليس الوسواس الخناس عدونا الأساسي طوال الوقت للإنسان ، يوسوس بالإتجاه الخاطئ والغواية بالضلال وأقنع وزين الأمر بالمعصية لسيدنا آدم وسيدتنا حواء بالملك والخلود الدائم ، مما عصوا أمر الرب في غفلة ناسين أمر المنع البات بعدم الأكل من ثمار الشجرة الملعونة حيث محرما عليهم المساس بها تحت أي ظرف وسبب ، وأكلوا من ثمارها الملعونة نتيجة الغفلة والطمع، وغضب الرب سبحانه وتعالى على التعدي للأمر بالمنع والإتباع والغواية من الشيطان الرجيم، وطلب أدم الغفران والرحمة على الخطأ الذي وقعوا فيه، مما الله تعالى رحيما غفورا عاقبهما بالهبوط للأرض في حكمة إلاهية لا يعلمها إلا هوالخالق الأحد نهاياتها....

                  تم طرد الشيطان الرجيم شر طردة خارج الجنان الفيحاء والسعادة الأبدية على الفعل الشائن العظيم في حق الرب الكريم والذي بدون إستحياء ولا وقار للجليل نظير الكبر والغرور في مجادلة مع الخالق تعالى كما أخبرنا القرآن الكريم ....  الشيطان الرجيم طلب مهلة ووقت إلى اليوم المعلوم حتى يجعل معظم الجميع من ذرية سيدنا آدم ، كفرة وعصاة ، وأعطاه الخالق جل جلاله المهلة، كما طلب ، حتى لا تصبح له حجة قوية يستند عليها يوم القيامة والبعث .

                 يحتاج تحدي الشيطان الرجيم  إلى قوة الإيمان والعقيدة من طاهرين مؤمنين بالتوحيد عن قناعة من القلب والضمير ينفذون أوامر الله تعالى بخشوع ويقين من غير أي لغو   أو تساؤلات حيث مهما وصلوا من علوم ومعرفة لديهم القليل ، لا تؤلف شيئا أمام علم وعظمة الله تعالى الخالق حيث مخلوقين بشر وجان ومن جميع السلالات المعروفة والغير معروفة حتى الآن  ، ليسوا بمنزهين ، و لا آلهة مستواهم أعلى حتى يرفضوا تعاليم الخالق بالهداية والإيمان مما بالتقوى والسير على الطريق السوي تجعل الشيطان الرجيم حزينا من الأسى والغيظ على الفشل الذريع في غوايتهم ، ومهما فعل  من حيل وترغيب وخبث وغواية ووسوسة لعقولهم بالرفض للأوامر الإلاهية ، لا يستطيع ولا يجد القبول ...  إلا من بعض  الخاطئين ...

                  

                 الصلاة بخشوع ووقار نابع من القلب والضمير جامعة لأركان العقيدة الخمسة التوحيد والتي الكثيرون لا يعرفون حسناتها وعظمتها ومفعولها الجيد الحسن وقت  تأديتها بصدق ، وسريانها روحيا في أعماق روح و جسم  المؤمن من الإنس والجان عن قناعة ورضاء النفس بدون إكراه ولا جبر ، مهتدين إلى الصراط المستقيم ، حيث الكثيرون  جاهلين عصاة لا يؤدونها  كما يجب ... لا يعرفون حسناتها وقيمة المكافئات الجزيلة والعطايا والجوائز العظيمة بدون منن وحدود من الرب الخالق ، التي من كثرتها تجعل العاصي الشرس الوحش من الحيوانات الناطقة ، يؤمن بعقيدة ودين الإسلام ويستأنس ويصبح أليفا يدعو للخير والمحبة للجميع والسلام وعدم التعدي بأي صورة كانت على الآخرين ، بدون حق وعدل ....

                متابعة الصلاة للإنسان المهتدي المؤمن يوميا على مدار الساعة  ، عبادة وخشوع وفي نفس الوقت ممارسة الرياضة والحركة بدلا من الخمول حتى تيبس العروق ويصاب بالعجز المزمن وتصعب عليه الحركة...  رياضة يومية من وقوف في حضرة الخالق ،  متوجها إلى القبلة بيت الله الحرام ركوعا وسجودا أثناء التأدية حيث الحركة تجعل جميع حواس وغدد الجسم تستيقظ وتتفاعل مع بعض للمصلحة والخير العميم للجسد ويعيش المصلي في عالم نوراني روحاني آخر ليس له مثيل ووصف مهما حاولت!

                صدقا وحقا، يكافئ العبد مقابل الهداية والمواظبة على الصلاة جوائز ومكافئات من الله تعالى ، وليس تمثيلا  وتدجيلا ونفاق كما يحدث الآن من قبل كثيرين ، الغافلين عن تأدية الصلاة في أوقاتها كما يجب ، أو الذين يؤدونها بكسل وخمول و بصعوبة ...  يقنعون أنفسهم أنها واجب وعمل يقومون به ...  كالعادة المتبعة الكسل في أي عمل آخر كان ، كتغطية بدون الرغبة القوية والإشتياق لها وحبها بضمير ، ناسين العين الساهرة التي تراقب يقظة تسجل طوال الوقت والزمن بالعدل والإحسان و بدون ملل ولا خلل للجميع ، ولا تنسى أي ذرة مهما كانت صغيرة ضئيلة غير مرئية بالعين المجردة في السموات السبع ومثلهن من الارض ، متناسين يوم الحساب والعقاب على النفاق والرياء والخداع لله تعالى والبشر !!!!

               طهارة المؤمن للجسد والوضوء بالماء مهم جداً لتأدية الصلاة ، وإذا تعذر الأمر لأي سبب كان ،  أعطاه الرب الخالق رخص أن يتيمم على الحجر أو على الأرض النظيفة  الطاهرة ...  المهم النية السليمة للوضوء بصدق ، والصلاة الحسنة في الأداء والخشوع المقبولة والراضى عنها الله تعالى.... هي الإيمان الحق والفوز والنجاح والسير في الطريق السوي المؤدي إلى الجنة حيث المحظوظ الفائز يومها ، قابضا وممسكا بصحيفة أعماله ...  شهادة النجاح بيده اليمين والنور الإلاهي يشع ضياءا يشمله من كل مكان فرحا سعيدا بعمله الصالح ورضاء الله تعالى عليه ، ويمر مع الفائزين من جميع الأقوام المؤمنين بسهولة عبر أحد أبواب الجنة ، نظير العمل الخير والسعي لرضاء الخالق في الدنيا، وحراسها الموكولين بها سعداء فرحين يقرؤونه السلام ويحيونه بأجمل التحيات مهنئين على النجاح والفوز .... ويدخل بأمان مع الأنبياء والرسل والمهتدين الكرام الفائزين للعيش والإقامة فيها مكرما خالدا إلى أن يشاء الخالق الرحيم ....

                  أهم ركنين بالإسلام والتوحيد، الشهادة والصلاة، لا تجاوزات ولا رخص بالمنع البات فيهما للعبد المؤمن مهما كان الأمر، التوجه لله سبحانه وتعالى والنطق بالشهادة هي الخطوة الأولى الأساسية في دين التوحيد الهلال والنجمة ، في كل مكان بالأرض للإنس والجان ، ومن غير النطق بالشهادة عن قناعة من القلب والضمير بصدق، لا تصح الصلاة وتبطل وتصبح بدون فائدة، ولا المولى تعالى يؤيد وينصر العصاة حيث لا إيمان ووحدانية المساس والتعدي على العقيدة والدين الحنيف في أول الخطوات، والرفض لقول الشهادة والتوحيد والإيمان بأن الله تعالى هو المعبود الأوحد، وأن سيدنا محمد رسوله وخاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام، لا شركاء معه ولا رفيقة و لا ولد كما يدعي الكثيرون من الجهلة الضالين ... مهما كان الأمر حيث الرفض لقول الشهادة والإعتراف بها والإمتناع عن ذكرها بالقصد وسبق الإصرار ، شرك وكفر مبين ...

                قراءة سورة الفاتحة والصلاة بخشوع ، للخالق هي الصلة الروحية في التواصل والمهم توفر النية في العمل والتطبيق حيث لا أعذار مهما كانت للمنع وعدم الصلاة بأي حجج كانت وتأجيلها عن عمد ....  حيث يستطيع العبد المؤمن القيام بها في أي وقت خلال النهار من الفجر إلى المغرب قبل أن ينتهي ويحل اليوم الثاني عليها حتى لا تتراكم مع الوقت  وتصعب تأديتها....

                الصلاة مهما كان الوضع صعبا من سفر وترحال، من خوف من الأعداء والخصوم الذين يتحينون الفرص للهجوم  والإغارة على المصلين أثناء تأديتها ، المريض و مهما كان المؤمن عاجزا غير قادر على النهوض والركوع والسجود لأي أسباب صحية بالجسم ، له تجاوزات وإجازات ورخص من الخالق ، سبحانه وتعالى ، يستطيع أدائها في كثير من الأوضاع والصور من الجلوس على مقعد أو أي وضع مريح له، وطريح الفراش المريض العاجز المشلول عن طريق الحركة بيده وأصابعه، ولو تعذر الأمر برموش العيون ، بإذن الله تعالى الصلاة مقبولة الأداء حيث لم تنتسى وتترك أو تهمل !!!

             الركن الثالث  من الايمان هو الصيام و هو عبارة عن عدم الأكل والشرب من طلوع الفجر إلى غروب الشمس  ، مما تجعل المؤمن صحيحا معافى ، جسمه مع الوقت خاليا من كثير من الشحوم والدهون الضارة التي تذوب وتتلاشى بعدم تناول الطعام وقهر النفس والجوع ، مما يصبح الدم نقيا صافيا من الأمراض كما يحدث كل سنة لأبدان الصائمين في صيام شهر رمضان الكريم ، والرب الخالق أعطى الفرص والرخص في حالة الأعذار لأي سبب كان ...  التأجيل والصيام في أيام أخر ، مما الممتنع مهما كان الظرف ليس له أي عذر مهما كان في عدم التأدية والتأجيل ، لديه وقت طويل ، أمامه سنة لتعويض الأيام التي مضت و أفطرها...

         الركن الرابع هو الزكاة  الذي يدعوا فيها الرب الخالق  الإنسان  إلى الرحمة والشفقة والإنفاق وتطهير المال بالصدقة والعطاء للمحتاجين الفقراء المعوزين ...  زكاة الوقت في أداء الوضوء و الصلاة ضمن تعاليم ربانية التكافل والمشاركة مع الآخرين في حالة التجارة والدخل المادي من أي مشروع كان و دفع نسب بسيطة من الأرباح إذا توفرت (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) يجعل الانسان المنفق الموفق في القمة وينجح ويفوز يوم البعث والحساب بالآخرة ...

          التوجه إلى القبلة بيت الله الحرام فى مكة المكرمة من أي مكان بالمعمورة يوميا أثناء القيام وتأديتها بخشوع هو البند الخامس الأخير ، حسب الإستطاعة حيث الحج لبيت الله الحرام مطلوبا، في وقت معين اليوم الأخير قبل عيد الأضحى، وأساس وعمود الحج هو الوقوف على جبل عرفات لمرة واحدة خلال العمر  ، حيث المصلي بوقوفه وركوعه وسجوده في إتجاهها بطهارة وقلب مؤمن وهداية ضمير كأنه زار الأراضي المقدسة ، وحج لها ...

           فهنيئا للعبد المؤمن الذي يقوم بالصلاة في أوقاتها يوميا بدون كسل في الأداء الصحيح حسب القدرات والمتاح  ، حيث لها أسرارا عديدة وحسنات ومكافئات أبعد بعيدا من تصوراتنا وفهمنا وعلمنا ، جوهرة لا مثيل لها لمن يفهم ويتعظ ، ويتم قبولها من خالقها ، ضمن النجاح والفوز دنيا وآخرة ، والله الموفق ...

 رجب المبروك زعطوط

No comments:

Post a Comment