Sunday, January 17, 2016

قصصنا الرمزية 17

بسم الله الرحمن الرحيم

المباراة



سبحانك رب العالمين الذي بقدرتك الإلاهية تقول للشئ الذي ترغب في خلقه وتحقيقه بإبداع وإتقان آمرا له ، كن فيكون في أقل من رمشة عين ... خلقت الجميع ، السماوات السبع ومثلهن من الارض في سبعة أياما معدودة من أيام الله تعالى وهي آلاف السنين ، اليوم الواحد بألف سنة مما نعد ونحصي كما ذكرتها لنا في المصحف العظيم الكريم ، ومن ذاك الوقت ، لم تخلو الحياة في الغابة الكبيرة من المباريات والصراع بين الخير والشر من أجل الفوز والبقاء بدون حساب ولا عدد مهما حاولت أنا العبد الفقير المعرفة ، العد والإحصاء والكتابة ، لا أستطيع ، حيث ليس لدي العلم والفهم للغيب لأنني مخلوق مثل سائر المخلوقات لعلم وحكم لديك ، لا أستطيع شرحها بدقة ولا معرفة لجميع رموزها ومعانيها السامية .... حيث الصراع  الأبدي بدون توقف منذ أول يوم الخلق ، منذ الأزل ، من يوم طرد الشيطان الرجيم ملعونا إلى الأرض ، حتى حلول يوم  النهاية والبعث ....

                    أمر الرب الكريم جل جلاله جميع الملائكة الكرام بالسجود للمخلوق الجديد سيدنا آدم عليه الصلاة والسلام ، تقديرا وتشريفا له وقام الجميع بتلبية الأمر بالسمع والطاعة بدون سؤال  ونفذوا الأمر طواعية ، ماعدا الشيطان الرجيم الذي رفض وتمرد عاصيا للرب تعالى خالق الجميع ، وعندما سأله الخالق الله تعالى لماذا لم يسجد مثل الآخرين ، رد قائلا محاجا لمولاه بجهل بدون إستحياء وأدب، متكبرا  مغرورا بصلف وكبر نفس ، لقد خلقته من طين  و خلقتني من نار السموم حيث أنا أسمى منه وأعلى درجات منه بكثير ... مما كانت الشرارة الأولى وغضب المولى عليه من الرفض والرد وطرده شر طردة إلى الأرض ، إلى يوم الحساب المعلوم حسب طلبه لإغواء الكثيرين من ذرية سيدنا آدم عليه السلام ... 

               وطلب سيدنا آدم الرحمة والمغفرة من الخالق على الخطأ الفادح وعدم طاعته للأمر ، وأكله هو و أمنا حواء من الشجرة المحرمة بدون إذن ، مما غفر له ، آمرا إياه  بالهبوط إلى الارض ومعاناة الشقاء والتعب ، والعيش لعمر محدود في  لوح القدر فرح واتراح إلى قدوم الأجل ، والبعث من جديد في  اليوم المعلوم ... ومن تلك اللحظة بدأ الشيطان الرجيم فى بث الفساد والإفساد في الأرض بين الحيوانات الناطقة التي تدعي الفهم ...  إنتشر الحقد والحسد في الحرث والنسل وسالت الدماء بدون توقف عبر العصور والزمن إلى الآن في وقتنا الحاضر .... والمباريات العديدة بدون توقف منذ يوم  الخلق والطرد  حتى يوما يتم الحساب العسير للعصاة والضالين الكفرة في يوم البعث من الموت إلى الحياة مرة ثانية يوما معلوما في القدرة الإلاهية وعلى رأسهم الشيطان الرجيم  وجماعته الضالين من الإنس والجان عبر الدهور والزمن ، ويحاسبون على الشر والشرور و الذنوب التي قاموا بها ،  إيذاءا للأبرياء المظلومين و يعاقبون  بأشد العقاب على الرفض لأوامر الذات الإلاهية إبتداء ا من عدم السجود والمنع من إتيان الحرام والمحرمات بقصد وعلم ...

              المتعارف عليه بيننا في وطن وغابة المختار منذ قديم الزمان  وجود عداوة كبيرة بين الحمار المسالم  والضبع الشرس ... كلاهما أعداءا بالطبيعة لا يرتاحوا من غير تناحر وعراك ، الحياة بالفوز والموت بالخسارة والهزيمة ... الحمار مشهور بالغباء وقادرا على العناء والتعود والمعاناة على حمل الأثقال والمشي في أصعب دروب الجبال بسهولة من غير أن يسقط من الحافة إلى القاع...  الفوز متوقع للضبع في جميع الحالات والمباريات حيث الحمار مسالما غير عدواني يتحمل  الكثير ويصاب بشلل من الخوف والرعب فجأة عندما يشاهدها بأم العين ويشم رائحتها الكريهة ، مما تستغل الضبع حالة الخوف والرعب والشلل وتبتعد عن مؤخرته خوفا من الوكز والركل العنيف فجأة عليها وتقفز وتقبض على رقبته بمخالبها القوية والعض الشديد بأنيابها الحادة كالسكاكين الماضية حتى تقطع الأنفاس وينتهي ويموت الحمار بسرعة من غير دفاع قوي عن النفس بضراوة ويصبح فريسة وطعاما للنهش والإلتهام....

                  في غابتنا الصغيرة غابة المختار قام مؤسس جمعية (الهيلع) للدراسات الميدانية في مدينة الشلال وصحابة رسول الله تعالى ، مباراة عجيبة غريبة فريدة من نوعها بين الحمار والضبع وحضرها جمع غفير بقاعة الرياضة المغطاة ، من الحيوانات الناطقة للمشاهدة والتأييد لأحد الأطراف الحمار أو الضبع بحماسة ... تم تخصيص  جزء من القاعة  الرياضية الفسيحة  لمؤيدي الحمار والذي حضره القلائل من الجمهور الوطنيين ذوي الولاء والإخلاص للوطن والمعارضين لما يحدث من مهاترات وتراهات  ومعظم المقاعد بقيت فارغة بدون حضور ، رغم أن  الكثير منهم  كانوا خائفين رعبا من  الضبع وحراسه المجانين وكانوا متيقنون مسبقا في السر  أن الحمار سوف يهزم لا محالة في المباراة مع الضبع الشرس الطاغي الذي  يلتهم كل من يرفضه من الحمير بعنف وقوة ...

            والجهة الثانية مؤيدي الضبع المنافقين والذي معظمهم خوفا ورهبة ورياءا حتى لا ينهشهم ويصبحوا ضحايا، مما جميع الأماكن والمقاعد حجزت وإمتلأت بالكثيرين الذين كانوا طوال الوقت يهتفون نفاقا للضبع الشرس  بأناشيد حماسية كاذبة ليست نابعة من القلب ، مساندة وتأييدا بالنجاح والفوز المبين ، كما كانوا يفعلون طوال الوقت دائماً بالتطبيل مع القائد والمعلم والصقر الوحيد وملك الملوك وعشرات التسميات بلا حدود أكثر من المائة إسما وكناية نفاقا ورياءا للحصول على المراكز والجاه على حساب الأبرياء المظلومين البؤساء...

            وقام الحكم الفاضل الأستاذ (الهنيد) بإطلاق صوت الصفارة عالية للبدأ في المباراة الحماسية الشيقة، وتراجعت الضبع إلى الخلف عدة خطوات متحفزة للقفز على رقبة الحمار ونهشه كالعادة وقفزت بكل القوة، ولدهشة الجميع قام الحمار بدورة سريعة ومناورة غير عادية فجأة لم تخطر على بال الجميع ووكزها وركلها برجليه الخلفية بضربة واحدة شديدة قوية على بطنها مما طارت في الهواء من الدهشة والألم الذريع إلى أحد الأركان وأصبحت عاجزة تتلوى من الألم والجرح الغائر في بطنها عن الحراك والهجوم وحتى الدفاع عن نفسها، وكانت القاضية من أول الجولة ، وقام جمهور مؤيديي الحمار من الدهشة والنصر والفوز السريع الغير متوقع ، واقفين يهتفون بحماس غريب فرحين من الذهول وهم غير مصدقين الأمر الغريب الفريد النادر والذي حدث أمام ناظريهم على الطبيعة وليس إدعاءا وكذب ، وتدجيل وتمثيل كما كان يحدث طوال الوقت زورا وبهتان من غير اي أساس متين.....

            الجمهور المؤيد للحمار الوطنيين الصادقين زاد عليهم الكثيرين أضعافا مضاعفة من المنافقين الذين مع الكاسب والفائز مؤيدين من أي طرف مما أصبح ركن الضبع شبه  فارغا !  حيث المتسلقين يحلوا ويرغبوا أن يكونوا في صف الناجح و ليس لهم ولاءا ولا مبدأ ، يتلونون مثل الحرباء في لحظات للتغطية بحيث صعب إكتشافهم بسهولة والظهور أنهم مؤيدين ...

            معظم الجميع ذهلوا من الأمر العجيب،  كيف يستطيع الحمار التغلب على الضبع القوي  الشرس  ذو المخالب والأنياب القوية بهذا اليسر والسهولة وبضربة واحدة قاضية؟؟ فقد قام الحكم بإعطائه  فرصة النهوض والإستمرار في المباراة للجولات الأخرى وأخذ يهش عليه بالفوطة ويرش على رأسه بالماء حتى يلتقط أنفاسه و يستطيع الوقوف والصمود في الجولات الأخرى ، ولكن الضبع كان  يعاني من الجرح الغائر في بطنه والدم يسيل بغزارة على أرض الحلبة وأصبح عاجزاً ، مما الحكم عد إلى العشرة ولم يستطع الوقوف فقد كان شبه ميت ، يترنح مثل السكران من المفاجأة وقوة اللطمة الركلة والجرح الغائر في بطنه ،  وأعلن الحكم انتهاء المباراة من أول جولة و أن الحمار هو الفائز بالضربة القاضية ، ورفع أحد رجليه الأمامية حتى يشاهد من جميع الحاضرين المشاهدين ووسائل الإعلام الكثيرة التي كانت تبث  المباراة في عشرات القنوات المرئية لمشاهدة الكثيرين بالغابة الكبيرة ، والأمر الذي حدث بسرعة في الدقيقة الأولى!!!

               الكثير من المنافقين قاموا بذهول واقفين فرحى مسرورين بالنصر والنجاح الغير متوقع ، غير مصدقين حدوث الأمر بهذه السرعة و القضاء على الضبع  بهذه السهولة ، و الذي  كان أسدا وسبعا في غابة المختار على جميع الحيوانات الناطقة بها، وفأرا صغير الحجم قزما أمام، فيل النسر رعاة البقر، حيث حمارهم مسالم لا يحب الإيذاء ، طوال الوقت عندما يصل للحكم في بعض الأحيان ، يكنس فضلات الفيل القذرة ويرميها في براميل القمامة حتى يكون المكتب البيضاوي دائما يلمع من جديد زاهيا ....

           مما المؤيدين للحمار قاموا ورقصوا من الفرح بفوزه في لحظات وبركلة واحدة وخسارة الضبع شماتة فيه وعلى أنصاره ومنافقيه ، على غروره وصلفه والكبر على مواطنيها الأبرياء المساكين ، والنتيجة المفجعة والغير متوقعة الخسارة والهزيمة بسرعة ...  وجمهوره المنافقين القلائل عن حق وضمير لأنهم فاسدين من أول يوم ، خرجوا من القاعة بسرعة يتسللون خوفا ورعبا من إعتداء الجماهير الفرحى بالفوز وبالنصر للحمار و رؤوسهم مطرقة بالأرض أذلاءا مهانين على النفاق والرياء حزنا على الخسارة التي لم يتوقعوها بهذه السرعة ،،  والتي لم يعملوا لها أية حسابات بالسابق ...

           واليوم الثاني تم إجتماع كبير للمستشارين في مقر جمعية (الهيلع) لدراسة و تحليل الأمر الغريب الذي لم يحدث من قبل ، و كيف أن الحمار في دقائق معدودة أصبح ذو  شعبية كبيرة وجماهير ، بعدما كانوا مستهزئين ويتباعدون عنه طوال الوقت ، حيث الحمار كان دائماً  يخسر جميع الجولات في كل المبارايات بالسابق.... وإشتد النقاش والجميع يدلوا بأراء كثيرة ولم يصلوا إلى نتيجة تذكر ، وأخير وقف أحد المستشارين من كبار السن ذو الخبرة والتجربة وقال مبتسما ، الحل بسيط عن سر فوز و نجاح الحمار ... أنه بالزمان السابق في غابتنا ، غابة المختار،  كنا نعيش في المؤخرة ، حيث لا أطباء وطنيين مهرة و كان الإعتماد دائماً على الأجانب ولا دواءا جيدا بالعيادات والمستشفيات وغير موجود للبيع بالأسواق، والطفل الصغير عندما يمرض من الإلتهاب بالرئة (النومونيا) التي كنايتها قديما (الشحارة) نظير لفحة هواء حادة بالصدر ، ويشتد الألم وضيق التنفس والصراخ والبكاء طوال الوقت يناولونه لبن حمارة (متدرجة) ولدت منذ وقت قصير ولديها حمارا ذكر أو حمارة رضيع ، مما الطفل يتم شفاؤه العاجل بقدرة وإرادة الله تعالى بسرعة مما أيد الجميع القول والحجة موافقين ...

           وأكمل  العجوز المستشار القول والحديث قائلا والجميع في سكون وصمت ينتظرون على أحر من الجمر في  الحل ، متسائلا من منا منذ أيام جدودنا وآبائنا السابقين لم  يصاب ويمرض من (الشحارة)؟؟ ويذوق ويشرب لبن الحمارة الوالدة والمرضعة لصغيرها، حتى تم له الشفاء من الله تعالى ، والدم لا يتغير يستمر صاعدا في الشرايين والعروق إلى ماشاء الله تعالى وورثناه نحن عنهم بالطبيعة مثل العادة لدى الجميع ... حيث جميعنا حميرا بالطبيعة إخوة نظير التوأمة  بدون فهم ولا نستعمل العقل ، فنحن الحمير الناطقة ونؤيد ونهتف للحمار لأننا من نفس الفصيلة ، نحتاج إلى وحدة وقوة و عزيمة وجرأة و نتمرد و نثور و نتخلص من الأسود والسباع ، الضباع والذئاب والثعالب الحاكمين لنا بقوة المخالب والأنياب القوية...  حيث الضعف الحقيقي هو الرعب والخوف والرهبة لدينا والسر الحقيقي للهزيمة طوال الوقت من عدم إستعمال طاقاتنا وقدراتنا بذكاء كما فعل الحمار بالضبع حيث إستغل المفاجأة والخداع والذكاء والركلة القوية في التوقيت المناسب  وفي المكان المميت القاضي مما فاز بالضربة القاضية في الدقيقة الأولى من أول جولة ....

           والمطلوب من الجميع الوطنيين ذوي الحب والولاء للوطن غابتنا الصغيرة غابة (المختار) ، أن نتعاون ونكافح  بالمستطاع والمتاح ، ضد جميع الوحوش الشرسة بالغابة الكبيرة والتحدي وعلى رأسها الأسود والسباع والضباع والذئاب الجائرة التي تقتل وتعذب بدون خوف ولا حساب وعقاب ، الجوعى للدم والنهش والإلتهام لنا بسهولة نظير الخوف والرعب والشلل من الصدمة والدهشة في المباغتة فجأة في الغفلة مما أصبحوا في المقدمة والقمة نحسب لهم ألف حساب ، والواقع المرير حساباتنا خطأ مبين لو صمدنا...

              نحن لدينا السلاح الفتاك للفوز والنصر طوال الوقت لو إستعملنا العقل والحكمة وعلى رأسها المصالحة الوطنية والوحدة والإ تحاد حتى نصبح يدا واحدة ضد الإرهاب والإرهابيين وسحقهم وطردهم من على كاهل الوطن غابتنا المختار الفريدة التي ليس لها مثيل و التي تعاني من مصائب الخوارج المرتدين رفاق وأنصار الشيطان الرجيم !!!!

               مهما طال الوقت والزمن ، الرب تعالى عارفا بالنوايا ، الصدق من الخبث ، يساند دائماً الحق والصواب ، لا شيئا يدوم خالدا للأبد ، له يوم و موت، النهاية والفناء ويصبح الذي حدث في غابة المختار حكايات وقصص في خبر كان  يامكان مضت بخيرها وشرها، ضمن التاريخ وعبر الزمن ... حتى يوفقنا وننتصر ونفوز وننجح ... والله الموفق

 رجب المبروك زعطوط

No comments:

Post a Comment