Friday, January 1, 2016

قصصنا الرمزية 8

 بسم الله الرحمن الرحيم

 الرحمة


                  سبحانك رب العالمين ، الحيوانات الناطقة في الغابة الكبيرة ، لم تأخذ دروسا وعبرا شافية من الحديث الشريف:"إرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء"... حيث الرحمة قد تلاشت ، تقريبا في عصرنا هذا  ، عصر المادة والعولمة والإمتلاك والنهش والإلتهام لكل فريسة هائمة لا تستطيع الدفاع عن نفسها... عصر الأقوياء الذين يسوسون ويحكمون الآخرين الضعفاء طواعية وبالرغبة ، طلبا للحماية والأمان في كثير من الأحيان من وحوش الجوار حتى لا تقفز عليهم فجأة وينتهون إلى الأبد ...  أم بالقوة والإستعمار المبطن تحت أغطية كثيرة ظاهرها عسل وباطنها الألم لذر الرماد في العيون ، ولا تطالب الرعية بالحرية والإنعتاق، حيث الرحمة والشفقة جفت من القلوب والعروق للأخذ بيد المحتاج والضعيف إلى بر السلامة حتى يعيش بكرامة هانئ البال.

                     مهما عدد الحيوان الناطق  من المواقف الكثيرة التي مرت عبر التاريخ والزمن وبالأخص في عصرنا الحاضر في غابتنا الصغيرة التي يقولون عنها في الغرب سابقا كناية  منذ قرنين من الزمن (صندوق الرمال عديمة الفائدة) لا يستطيع حصر جميع المآسي التي حدثت نظير حب الإنتقام والأخذ بالثأر من ضعفاء بالكاد قادرين على العيش والحياة في أسوء الظروف البيئية والصحية ... والطمع والإستيلاء على خيراتهم من كنوز وثروات طبيعية ، لأنهم رفضوا الطاعة للسلطان وتلبية الأوامر المجنونة بالخطأ والتي تؤدي إلى الهلاك مع مرور الوقت ، حيث صدرت من عقل مجنون بحب العظمة ، ذو الجبروت والكبر ، والواقع المرير عبارة عن خشبة مسندة وعملاق من الورق أمام الضعفاء ، وفأرا صغيرا أمام الأقوياء عندما تم الهز وسحب البساط من تحت أرجله بالتمرد والثورة عليه من معظم الجميع ، أصبح لا يساوي أي شئ ، غير التهديد والجعجعة و التوعد بالمتابعة ( زنقة زنقة ، ودار ودار ) والإنتقام وعدم الرحمة والشفقة لأبناء شعبه...

                  زاد حقدا وشراسة على الرعية المساكين البؤساء نظير التمرد وعدم الطاعة ، والسبب الرئيسي والمهم ، خنق الحريات على مدى اربعة عقود ونيف ، إستحوذ فيها مع أعوانه على الكثير من الخيرات وأكل الكتف السمين ولم يترك إلا الفتات لعيش البقية الآخرين، نظير الجهل وكبر النفس والغرور الكاذب ، وعدم الرحمة والشفقة والعدل ، التي هي من أساسيات الحياة في الملك والبقاء ، لمن يفهم ويتعظ ...

                  الهداية والعبادة للخالق الأحد بطهارة والرحمة والشفقة من القلب والضمير على البؤساء المساكين في أي موضوع يحتاجونه للبقاء أحياءا بدلا من القسوة والعقاب الكبير والإنتقام الأليم كما يفعل الكثيرون من ذوي القلوب المتحجرة وبالأخص من السجانين العتاة على المساجين العزل في الزنزانات ووراء الأسوار العالية الشائكة ، غير قادرين على الهرب من نير النار الملتهبة في أجسادهم والمعاملة القاسية والتجويع المتعمد وعدم التمريض ومنع الدواء ، هو الطريق القويم والمفتاح لدخول الجنة اذا أراد ورغب العفو وغفر الرحمن الخالق االعالم بالقلوب عن كل مايدور فيها من تقلبات وصراع من أجل الخير أو الشر ، حيث الحياة الدنيوية مهما طالت ومها إستحلت و زهت ، لا تساوي قيد أنملة  بدون عواطف وشعور وعدل والرحمة على الآخرين ، أمام حياة الآخرة التي ذكرت العديد من المرات في جميع الكتب السماوية، و صحف الأنبياء والرسل  ، من سيدنا إبراهيم وموسى ومحمد، عليهم الصلاة والسلام طوال الوقت ، ولا من مهتم من البعض العصاة والكافرين نظير الكفر والجهل وعدم  الإيمان بالنور ، الذين يوما بالدنيا أم بالآخرة سوف يحاسبون بالعدل ويعاقبوا بأشد العقاب...

                    الرحمة والشفقة والأخلاق الحميدة ، موازين ومعايير لدى الحيوان الناطق  تميزه عن غيره من الآخرين عديمي العقول ... حيث تجعل منه إنسانا مرهف الحس ذو قلب كبير وصدر واسع يستحمل كثيرا من المآسي ولا يتأثر ولا يثور بسرعة على مايشاهده من فظائع دامية ، يحاول قدر الإمكان والجهد وبالمتاح الأخذ باليد للكثيرين ... سعادته وفرحه العمل التطوعي لمساعدة المحتاجين للوصول إلى بر السلامة والأمان مما يوفق من الله تعالى وينجح في سعيه في كل خطوة يخطوها في السلام والحنان والعطف...

                 الرحمة كلمة واحدة ولكن شرحها واسعا بلا حدود حيث تشمل معاني كثيرة وأوامر إلاهية بالرحمة والشفقة على الضعفاء المساكين في امور عديدة ، ومواضيع مهمة جوهرية للحياة ، بدأها المولى الله عز وجل بإسمه الأعظم بكلمة (بسم الله الرحمن الرحيم) في أي خطاب للآخرين ... وجميع السور بالقرآن المجيد تبدأ بها، عسى أن يعتبر أهل العلم والخير إلى المعاني ومعنى المعاني منها حيث شاملة لثلاثة أسماء من الأسماء الحسنى للرب الخالق، لا يعرف قدرهما ولا علو شأنهما إلا الذي خلق حيث هو العليم الحكيم.

                     حوادث كثيرة حصلت من قتل وإيذاء الكثيرين من الضحايا المساكين حبا في الإنتقام والأخذ بالثأر من البعض وقت الحدث والثورة في غابتنا الصغيرة عام 2011 م ... و تمادوا في الشر بلا حدود ، ناسين وجود الله تعالى في الوجود بسبب انعدام الرحمة و الشفقة من بعض الحيوانات الناطقة الشرسة بالغابة نظير الجهل وعدم الإدراك بالمآسي والحزن الذي خلفوه وراءهم للغير ، يعتقدون أنها سهلة، والواقع المرير من أشد المصائب ولا تمر مر الكرام كما يتوقعون حيث الإثم عظيم .

                   أخيرا... الرحمة والشفقة والأخلاق الحميدة من أساسيات الحياة في الغابة الكبيرة ، وإن تلاشت وضاعت لن يوجد أي فرق كان  بين الحيوان الناطق وبين الحيوان الآخر الشرس بدون عقل ... كلاهما سواءا ، نفس النتيجة والمعيار، طالبين الرحمة طوال الوقت حتى لا ننهش ونلتهم في غفلة ونحن أحياءا... والله الموفق .

 رجب المبروك زعطوط

No comments:

Post a Comment