Saturday, July 7, 2012

رحلة تونس

                                            بسم الله الرحمن الرحيم
 
 
                                                 رحلة تونس

                                            
              سافرت يوم الجمعة 2012/6/29م  إلى تونس عن طريق الجو من مطار طرابلس الدولي وكان المفروض السفر الساعة الرابعة وخمسة وعشرون دقيقة مساءا ، وكنت مضطرا للسفر حيث يوم الجمعة لدي مقدس أحاول طوال الوقت أن لا أسافر حتى  أرتاح وأقوم بتأدية صلاة الجمعة في أي مسجد أو بيت من بيوت الله عز وجل القريبة من السكن ، فالحياة مهما طالت قصيرة والإنسان مهما عاش له يوم ويموت وينتهي من الدنيا  ،  أما الأعمال فسوف تبقى مستمرة طالما هناك  حياة ، ولكن كما قلت ، تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن وإضطررت للسفر حيث لدي مواعيد ولقاءات مهمة أريد أن أحافظ عليها ولا أتخلف عنها  ، فقد تم الإتفاق عليهما منذ فترة مع الآخرين  ،
اللقاء  الأول مع الإخوان المؤسسين للمركز المغاربي للتنمية ، الأساتذة ، الدكتور محمد الجويلي من دولة تونس  المقيم بالعاصمة تونس، والأستاذ الطيب ولد العروسي من دولة الجزائر المقيم في باريس فرنسا ، حيث نغتنم عطلة نهاية الأسبوع  مساء الجمعة والسبت وصباح الأحد ونلتقي في تونس العاصمة للتباحث وفيما يستجد من جديد. اللقاء الثاني يوم الإثنين والثلاثاء مع أحد الأصدقاء الأجانب ورفاق الهجرة والنضال السيد هاين هلمر الألماني الجنسية ، حيث لم نلتقي نظير ظروف قاسية صعبة من نظام الجهل والإرهاب  ، منذ أكثر من 27 عاما ، وآن الأوان الآن وتم ترتيب المقابلة في تونس.

اللقاء الأول  حضور الإجتماع الثاني للمركز المغاربي للتنمية والتواصل الذي قمنا بإنشائه  ليشع نوراً على المنطقة ويثبت أننا شعوب المنطقة قادرون على الإبداع والتقدم بقدراتنا الذاتية ، ليصبح صوتا شعبياً مدويا مع الزمن والمستقبل حتى نحقق الأهداف التي من أجلها قمنا وقدمنا العديد من الجهد والوقت والمال والإتصالات الكثيفة مع النخب والجهات  ، ولا أستطيع التأخير ولا الغياب إلا لظروف قاهرة  ، حيث الإخوان في الإنتظار لحضوري لنكمل المشوار الذي بدأناه بالخطوات الأولى منذ سنة  ، حيث أسسنا المركز في مدينة دالاس حيث أقيم منذ سنوات في الهجرة ولاية تكساس أمريكا وأشهرناه بصفة رسمية وسوف نفتح فروعا للمركز في الدول المغاربية التي هي الأساس في التواصل  ، ومهما يحدث من صعاب لا يمكن التراجع عنه لأي سبب ، فالمشروع حضاري وسامي مهم بمبادئه وأهدافه يرفع من مستوانا ورؤوسنا كمغاربة لأعلى دون التطرق والدخول في أية مواضيع سياسية بأي صورة من الصور  ، لا نتدخل في خصوصيات الدول المغاربية  ، كل واحدة ولها شأنها وسياساتها  الخاصة  ، المركز له دور كبير في التقارب والتعريف مع الشعب الأمريكي حيث البعض أصولهم عربية ولا يعرفون إلا القليل اليسير عن المغرب الكبير ، بالنسبة لهم عالم مجهول  ، ونحن المهاجرون المغاربة نريد التعريف بهويتنا وذاتنا وتاريخنا وثقافتنا ،  والتواصل مع الجميع على جميع الأصعدة التاريخية والثقافية والسياحية والإستثمار ، وحرية التنقل والعمل في أي وطن للإخوة المغاربيين المنتمون لخمس  دول ( ليبيا + تونس + الجزائر + المغرب + موريتانيا ) مع بعض مع الزمن ، حتى نصل يوما للهدف ويقام مجلس تعاون مغاربي يجمعنا مع بعض للصالح العام للجميع ضمن تعاون مغاربي حقيقي منبثق من إرادة الشعوب المغاربية بالحق والصدق والضمير ضمن دراسات وخطط …

أوصلنى إبني الأكبر مصطفى مع العائلة بالسيارة إلى المطار الساعة الواحدة والنصف ظهرا حيث يريدون تلبية دعوة أحد الأقارب لمأدبة الغذاء  ، ولا يستطيعون التأخير حيث بيت المضيف آل دربي  يبعد مشوارا حوالي الساعة من المطار في منطقة عين زارة ، وخلال مدة بسيطة بسلاسة وسرعة وتقدير وإحترام من رجال الأمن والجوازات والجمرك لجميع المسافرين أتممت جميع الإجراءات ، وجلست في صالة الإنتظار العبور ( الترانزيت ) في إنتظار الصعود للطائرة التونسية ، وتأخرت الطائرة عدة ساعات عن موعد الإقلاع  ، وكم تعبت من عدم الراحة وقلق الإنتظار  ، وضاعت علي تأدية صلاة الجمعة بالجامع ووليمة الغداء نتيجة السرعة  ، وندمت لأنني تركت الشركات الأخرى  مثل الليبية و شركة البراق  ، التي كانتا تقلع بدون تأخير  ، وإخترت الشركة التونسية التي كانت من قبل مواعيدها من أحسن المواعيد في التنظيم والإدارة ، والآن لا أعرف ماذا دهاها؟؟ حتى تنزلق في المتاهات وتتأخر بالساعات  ، وكأن الأمر بقصد وعن ترصد وسابق إصرار مما مع الوقت سوف يتركها المسافرين وتفلس للأسف!

الرحلة قصيرة حوالي الساعة من السفر في الجو وبعدها حطت بنا الطائرة في مطار قرطاج بتونس الخضراء  ، والمرور على شرطة الحدود وختم الجواز بالدخول من غير أية عوائق ، وبدأ الإنتظار الطويل لوصول الحقائب ، والمشكلة لا توجد كراسى بالقاعة للراحة والجلوس وبالأخص للمرضى وكبار السن ، ولا إهتمام ولا تقدير من العاملين بشركة الخطوط التونسية ولا أحد يعرف متى تصل الحقائب وجميع الركاب ينتظرون في قلق حتى نرتاح  ، وإستمر الإنتظار الساعة والربع ونحن في تعب وإرهاق من الإنتظار الممل ، حتى بدأت في الوصول ، وشعرت بالفرحة عندما شاهدت الحقيبة آتية على السير المتحرك ، وأخذتها ومضيت لباب الخروج ، وكان الرفاق في الإنتظار على أحر من الجمر بالمقهى في الدور الأول  ، ولهم ساعات ولكن ماباليد حيلة على التأخير والإرهاق  ، ورأسا إلى الفندق  " بلفيدير " حيث لدي غرفة محجوزة للإقامة بها حيث تعرفت على معظم العاملين عندما أقمت به عدة مرات من قبل … دخلنا لصالة الطعام لتناول العشاء حيث لم أتناول وجبة الغداء ، وأحاديث متفرقة تدور جميعها في صلب المواضيع التي نحن مجتمعون من أجلها ، كنقاط عمل ، وبعدها إلى الغرفة ، وبدأت الجلسة بتسطير جدول الأعمال والنقاط المطلوب النقاش فيها بالغد وإنتهينا من تسجيل النقاط والساعة تشير لمنتصف الليل بتوقيت تونس ، وكنت مرهقا وغير قادر على المواصلة وتمنيت للإخوة أحلاما سعيدة واللقاء غداً على مائدة الفطور الساعة التاسعة لنفطر معا ، والعاشرة لبدأ الإجتماع بإذن الله تعالى!

يوم السبت بعد الإفطار ، بدأنا الإجتماع وكان الأستاذ الطيب هو أمين سر الجلسة الذي يدون النقاط الواحدة وراء الأخرى ، ونحن نتناقش بروية وصراحة كاملة وبدون مجاملات ولا حساسيات ، حيث نحن نتدارس نظير خبراتنا النضالية والحياة ونضع في أمور كبيرة ومبادىء وأهداف نبيلة يوما سوف تصبح طريقا للآخرين من الأجيال القادمة، وسوف يشكروننا على الجهد والتعب الذى نبذله في سبيل النجاح ، عن كم قضينا من وقت حتى وصلنا لصياغة المبادىء وكيفية العمل والوصول مع الوقت والصبر حتى أتممنا إشهار المركز ، وإستمرينا على هذا المنوال والحديث الهادف ، وغاب فترة بسيطة الدكتور محمد حيث زوجته مريضة طريحة الفراش لمراجعة الأولاد الصغار ثم وصل لتكملة المشوار ، وهو مشتت الفكر بين العائلة والإجتماع المهم ، وواصلنا على هذا المنوال حتى آن الوقت وذهبنا جميعا للعشاء بمطعم الفندق ، بدون خروج لمطاعم بالخارج حيث لا وقت لضياعه ، وبعد تناول وجبة العشاء إستمرينا لمنتصف الليل ونحن نراجع بندا بندا ، ماذا عملنا ! وتم الإتفاق على التكملة للمحضر الأخير مع صباح الغد الأحد حيث كنا جميعا مرهقين من التعب والسهر وعدم الراحة…

إضطررت للبقاء ساهرا بصالون الفندق في إنتظار حضور إبني مصطفى القادم من طرابلس ، وجاملني الجماعة في السهر والبقاء معي إلى ساعة متأخرة  في أحاديث عامة عن الوطن العربي والمهاجرون والغربة القاسية والمفروض الإستفادة من أولادنا الغرباء بالخارج بالتعريف بالمغرب الكبير فهم سفراؤنا ، وعلينا ربطهم بقوة بالوطن بالتعارف والتواصل والشرح والإهتمام بمشاكلهم ومد يد العون حسب القدرات المتاحة ...
كانت زوجة الأستاذ الطيب الأخت الفاضلة برفقته وتعرفت عليها لأول مرة بالصباح على مائدة الفطور ، والساعة الثانية إلا الربع صباحا طلبت منهم الذهاب والنوم حيث نفس العادة الطائرة التونسية متأخرة 6 ساعات عن ميعاد الوصول من طرابلس ليبيا للأسف الكبير ! وحجزت له غرفة بجواري رقم 301 في نفس الطابق وذهبت للنوم والراحة…

يوم الأحد إلتقينا على مائدة الفطور الساعة العاشرة وبعدها أكملنا صياغة المحضر في ساعتين وأنهينا العمل والإجتماعات ، وودعت الأستاذ الطيب وعائلته على أمل اللقاء يوما عن قريب في ليبيا أو باريس فرنسا حيث يقيم ، أو الجزائر موطنه الأصلي ، حيث كان متوجها بأذن الله تعالى إلى الجزائر لزيارة والديه وعائلته ، وبقية اليوم في راحة وإستجمام  ، معظم الوقت بالغرفة في الكتابة والقراءة ، والتحضير للغد وماذا سوف يحدث .
يوم الأثنين ، ذهبت برفقة إبني مصطفى إلى فندق الشيراتون ، وجلست بالصالون الفخم بمدخل الفندق قبل الميعاد بربع ساعة أبلغ مصطفى عبر الهاتف صديقي هاين الذي وصل ليلة البارحة من ألمانيا برفقة إبنه مايكل وزوجته ، أننا موجودون بالصالة ننتظر!

في دقائق وصل الأب والإبن ، وكان لقاءا شيقا بالأحضان والعناق والعيون تدمع من الفرحة من السيد هاين الذي لم يتمالك نفسه عن البكاء ، أن الرب القادر أعطانا طول العمر حتى نلتقي مع بعض ونسترجع الذكريات بعد مرور 27 عاما من الفراق وعدم المشاهدة نظير الظروف الصعبة من الإتهامات والمطاردات ومحاولات الإغتيال التي حدثت لنا خلال حكم القذافي من زبانية فرق الموت اللجان الثورية ، نظير الإشتباه والإدعاءات (القصة طويلة يوما سوف تصدر في كتاب خاص بجميع التفاصيل) عن مدى العذاب والقهر والسجن الذي منينا به نحن الإثنان في ليبيا وألمانيا عن أبطال جنود مجهولين في الظلال ليبيون وأجانب  قدموا كل التضحيات من أجل نهاية الطاغية والنظام الفاسد في صمت في الخفاء ، وكنت بالسابق طوال سنين أتحاشى أي إتصال شخصي معه حتى لا تفتح الجروح من جديد التي بمرور الوقت إلتأمت وإنتهت إلى غير رجعة، والآن الطاغية مقبور يعاني عذاب الرب الخالق عن ما عمل من كوارث تجاه الإنسانية والوطن ، وتحررت من الأغلال وعقد الخوف والرعب السابقة ، وفتحت صفحة بيضاء جديدة وسعيت كل الجهد للقاء …

قضينا حوالي الثلاث ساعات في نقاش وشرح العديد من الملابسات وكيف إتهم من الجماهيرية على مساعداته لنا كمعارضين ليبين في الثمانينات وتوفير البيوت الآمنة والمعلومات القيمة حيث كانت لنا شبكة غير مرئية ولا معروفة إلا للبعض الخاصة وبجميع جبروت النظام لم يعرف إلا القليل نظير ضعف البعض من الأعوان من الطرفين والوشايات الكاذبة  ، وتم إطلاق الرصاص عليه ومحاولة إغتياله من فرق الموت الليبية اللجان الثورية عدة مرات وأعطاني صور من محاضر الشرطة الألمانية التي تؤيد وتؤكد الكلام أنه حق وصدق ، وليس مبالغة وإدعاءات كما يعمل الكثيرون أشباه الرجال  ، الذين يعملون من الحبة قبة ، شرح لي الكثير مما سمعت البعض عنه في المجلات الألمانية مثل  شتيرن "النجمة" ودير شبيغل الواسعة الإنتشار والتوزيع ، يباع منها شهريا الملايين من الصحف ، وربطتنا مع بعض بأعمال نضالية وجرائم لا تصدق ، الكثير منها غير صادق ،، بل تخيلات صحافيين حتى يكتبون مواضيع شائقة تجلب الأهتمام للقارىء ،، ونحن بعيدين عنها أبرياء ،، مثل برأءة الذئب من دم سيدنا  يوسف عليه السلام ،،،
بعدها قمت بدعوة الجميع لتناول الغداء في مطعم جميل على البحيرة ، حيث غيرنا الجو ، وأكملنا الكثير من الأحاديث ونحن نتناول  وجبة شهية من السمك الطازج ، ورجعنا للفندق شيراتون حوالي الساعة الثالثة والنصف ظهرا ، وكان الجو ساخناً والحرارة مرتفعة وكنت متعودا على إغفاءة نوم فترة القيلولة بعض الوقت للراحة ولم أستطع حيث لا وقت لدي للذهاب للفندق حيث أقيم  والرجوع مرة أخرى، وقررت المواصلة في الحديث مع صديقي هاين حتى يحل الميعاد الساعة الخامسة مساءا ، وكنت مدعوا كضيف زائر من الأخ رئيس لجنة التكريم السيد " العلاقي " من صبراته الذي كان بشوش الوجه ذو ذكاء ، وطني من الجنود المجهولين قدم الكثير للوطن في صمت من غير إدعاءات حسب ماسمعت ، ولقد تعرفت عليه في الفندق عن طريق الدكتور الجويلي رفيقي في المركز، لحضور الحفل ( مؤسسات المجتمع المدني الليبي )  لتكريم البعض من الإخوة التوانسة الأبطال في أحد قاعات فندق الشيراتون  عن مجهوداتهم القيمة والمساهمة التي قاموا بها من إيواء الجرحى وتوفير السكن للمحتاجين وأعمال خيرة كبيرة لا تقدر بثمن في الساعات الحرجة أثناء الحرب والكر والفر الدائرة مع كتائب الطاغية أيام ثورة 17 فبراير المجيدة ، حيث فر وهرب حوالي نصف المليون مواطن ليبي من المنطقة الغربية في ذاك الوقت لاجئين من جبروت مرتزقة النظام الذين أعطيت لهم تعليمات بسحق وتعذيب وقتل المواطنيين الرجال عند أدنى شك وشكوك أنهم ثوار أو مساندون للثورة وهتك أعراض السيدات والحرائر بدون تمييز ...
هؤلاء الرجال التوانسة مميزون أثبتوا حسن المعاملة والنجدة والمساعدات القيمة بالجهد والمال والوقت ، وكانت لفته جيدة من منظمي برنامج التكريم الليبين حيث أثبتوا أنهم لم ينسوا المعروف والجميل من أخوتهم التوانسة الأبطال ضمن الكثيرين من الشعب التونسي الجنود المجهولين حيث عملوا في صمت طوال الوقت  وقاموا بالواجب تجاه جيرانهم وإخوتهم الليبيين وأكثر وقت الحاجة ، فهنيئا للجميع على الأدوار القيمة التي لا تنتسى والتى سوف تتناقلها الأجيال القادمة ، ولهم جزيل الشكر ويستحقون التكريم والتبجيل …

تأخر الحفل ساعة ودخلنا للقاعة وحضر حوالي 50 مدعوا ليبيون وتوانسة ، وقام بالتعريف  بصوت مؤثر الأستاذ أبراهيم عبدالحميد من بنغازي ( صوت ليبيا الحرة ، ورئيس تحرير صحيفة الساحة ) وشرح الكثير عن الثورة والشهداء الليبين والمكرمين التوانسة في إيجاز ومدى أعمالهم البطولية في البذل والعطاء ، وقال اليوم نكرم البعض وهؤلاء أول القائمة ومازال الكثيرون المجهولون وسوف نقوم بالتكريم على دفعات مع الوقت ، وبعد خطبة مؤثرة جيدة تشد الأنفاس للحاضرين وبين الفينة وأخرى التصفيق الحاد النابع من القلوب وليس الرياء والنفاق كما كان يحدث بالسابق لكل خطيب كاذب ، وطلب من كل واحد من المكرمين التعقيب الواحد تلو الآخر ، حيث شكروا منظمي البرنامج وهم متأثرون من الموقف والثناء والشكر ، وتم إلتقاط صور كثيرة من وسائل الإعلام، تم بثها بالمساء في القنوات التونسية والليبية عن مدى التعاون بين الشعبين الجيران الأخوة !

عند نهاية الحفل والتكريم نهضت وصافحت الرجل الأستاذ أبراهيم وقلت له نحن الليبيون عاجزون عن الشكر فقد شرفتنا ورفعت رؤوسنا لأعلى " الله تعالى يشرفك " حيث أثلجت صدور الجميع بالخطاب الجيد والشرح الموجز السلس بدون تلعثم ولا أخطاء ولا قراءة من ورقة مكتوبة مختارة الكلمات بعناية، بل موجهة ومن الفكر بالعقل والضمير مما كان لإلقائكم الجيد وكلماتكم المختارة أبلغ الأثر في النفوس ، وشكرني على ثنائي وكلمتي الطيبة تجاهه، ثم تناول المدعوون بعض المشروبات والقهوة ، وودعت المضيف الذي دعاني على أمل الإستمرار بالمستقبل القريب ، والتباحث عن المركز المغاربي وليبيا الوطن  وماذا نستطيع أن نقدم لأمنا الحنون ليبيا!

رجعت إلى الفندق حوالي الساعة التاسعة مساءا وكنت مرهقاً ومتعباً ورأسا للغرفة للراحة والنوم بدون تناول وجبة العشاء  حيث كنت مسرورا وسعيدا من اللقاء الجيد مع صديقي السيد هاين وحضوري حفل التكريم !

يوم الثلاثاء 2012/7/3م على مائدة الفطور حضر الدكتور الجويلي الذي لازمنا طوال الوقت بدون راحة ، وهو موزع بين عائلته المحتاجة للرعاية وبيننا نحن الضيوف ، وقمنا بدفع فاتورة الفندق وأخذنا الحقائب  وقام بتوصيلنا بسيارته ، ووضعناها في مستودع الأمانات بفندق الشيراتون لعدة ساعات حتى ميعاد السفر وأصريت أن يذهب لعائلته وقضاء حاجاته الخاصة  واللقاء الساعة الواحدة والنصف بالفندق ليوصلنا للمطار حسب طلبه وإصراره ،
كان السيد هاين مع إبنه مايكل في الإنتظار ، وزوجة إبنه في المسبح تسبح وتنعم بأشعة الشمس الحارقة في الهواء الطلق ، وجلسنا بقاعة الإستقبال في الجو المبرد من أجهزة التبريد ذات الهواء المنعش ، وأحاديث طويلة عن الذكريات السابقة وعن الأعمال المستقبلية لأولادنا ، حيث نحن كبار في السن شيوخ عبارة عن مستشارين لهم حيث لدينا خبرات وتجارب كثيرة ومعارف جيدة ضمن مسيرة الحياة لأكثر من نصف قرن في الأعمال والمغامرات والكفاح بدون حدود في العالم الرحيب …

إنتقلنا إلى المسبح في الهواء الطلق وشربنا بعض المشروبات وحضر الدكتور الجويلي ، وعزمت الجماعة لتناول وجبة الغذاء بمطعم الفندق ولكن السيد هاين رفض حيث الخدمات تعبانه والأكل غير جيد وغلاء ، وإضطررت لدعوتهم إلى مطعم لبناني قريب من الفندق وليس لدي الوقت الكافي وأخاف أن تقلع الطائرة ، ووصلنا إلى المطعم وكان مزدحماً بالرواد ،  وإضطررنا إلى الإنتظار نصف الساعة حتى تحصلنا على مائدة تسعنا 6 أشخاص، وغداء جيد مما الجميع مسرورين والرجوع إلى الفندق في إستعجال ، وإهتم مصطفى بالحقائب وتم العناق والتوديع والسيد هاين غير قادر على مسك الدموع من التأثر والفراق …

رأساً إلى المطار ووصلنا في الميعاد ، وبصعوبة تحصل مضيفنا على مكان ليوقف سيارته ، وتم تنزيل الحقائب ورأسا إلى شركة الخطوط التونسية  ، ولم أرتاح حتى إستلمنا بطاقات الصعود وتم تسليم الحقائب ، وأصريت على الدكتور أن يرجع ويرتاح في بيته مع العائلة ، وشكرناه على جميع الجهود للمركز وماذا قام به من ضيافة تجاهي ، على أمل اللقاء عن قريب …

دخلنا لصالة العبور ( الترانزيت) ونحن سعدا ومسرورين أننا وصلنا في التوقيت المناسب ، وكانت الصدمة حيث التأخير للإقلاع ، وإضطررنا للإنتظار 3 ساعات طويلة ونحن جالسون على كراسي خشنة وسط الزحمة من لعب وصراخ الأطفال الصغار مما خفت أن أفقد الأعصاب وأنفجر في أحد من الشركة التونسية للطيران على عدم الإهتمام للبشر وكأننا حيوانات ، وقررت أن لا أسافر مستقبلا تحت أي ظرف على طائرات الخطوط التونسية طالما هم على نفس هذا المنوال من التأخير ، وسوف أبلغ الجميع من المعارف والأصدقاء الذين يترددون على تونس بهذا التأخير وعدم الراحة والقلق ، عسى أن يتراجعوا ويحسنوا الخدمات ويهتموا بالمواعيد ، إذا أردنا التقدم والنهوض حيث الوقت الثمين هو الأساس …

صعدنا الطائرة بالمساء ،، ورحلة إستغرقت الساعة وحطت في مطار طرابلس ، وتعطلنا فترة حتى وصلت الحقائب ، وكان صديقنا الضابط المسؤول بالمطار السيد حامد في الإنتظار بجانب سلم الطائرة حيث إستقبلنا بكل الترحاب ، وأوصلني لسيارته وطلب مني الراحة في السيارة المكيفة حيث ترك محركها يدور ، وإنتظرت طويلاً حوالي الساعة وأنا قلق من التأخير ، حتى وصل مصطفى مع الحقائب، ووصلنا إلى البيت الساعة 11 ليلاً بتوقيت ليبيا وأصريت أن يدخل وشربنا القهوة وأحاديث جمة حتى منتصف الليل حيث طلب الإذن بالمغادرة ووافقت وودعته حتى الباب فقد كان إنسانا شابا خلوقا يستحق كل التقدير …

كانت رحلة جيدة إلى تونس العاصمة إستغرقت 5 أيام ، جميعها تعب من التأخير وسعادة وفرح باللقاءات إبتداء من أعمال المركز المغاربي ، ومقابلة الصديق السيد هاين ، وحضور الحفل ( مؤسسات المجتمع المدني الليبي ) لتكريم الأخوة التوانسة ، عن المساهمة في ثورة 17 فبراير المجيدة ، طالبا من الله عز وجل أن يديم السعادة والفرح وأن تتم الإنتخابات  للمؤتمر الوطني ، وإختيار المرشحين الأكفاء على خير وسلام لخدمة الوطن ليبيا يوم 2012/7/7 م . والله الموفق ...
 
                                                         رجب المبروك زعطوط
 
                                                                2012/7/5م 

No comments:

Post a Comment