Saturday, July 14, 2012

المنافسة الشريفة

 
                                              بسم الله الرحمن الرحيم
 
 
 
                                                المنافسة الشريفة


               إن الأخلاق وأدب المعاملة هي الأساس القويم لحضارة وسمو أي شعب بين الآخرين من الشعوب ، ونحن كشعوب عربية مازلنا نحتاج إلى فهم وعلم بكثير من الأمور الحياتية اليومية ، ضمن الأخذ والعطاء والتسامح والفهم حتى نستطيع أن نضع أرجلنا على الطريق القويم الصحيح ضمن أسس ، أهمها الإنضباط والنظام والتقيد بالعهد وعدم إهدار الوقت والإرشادات الصالحة  وعدم التجاوزات لأبسط الأشياء وأخذها بمأخذ الجد ، حتى لإشارات المرور ، بدل الإجتياز الغير مبرر، الذي في بعض الأحيان يسبب الحوادث والإصطدام ، ضرره أكثر من نفعه ...
 فالسقوط  للهاوية والحضيض يبدأ من أشياء بسيطة خاطئة ثم تكبر مع الأيام وتصبح مثل الحق المكتسب ، إذا حاول المسؤولون لفت النظر أو الردع يصبح خطيئة كبرى من البعض الجهلة الذين يعيشون بالفطرة وعلى الطبيعة من فهم ولا تهذيب يحتاجون إلى تقويم بالصبر والتعليم لفترة ثم الترغيب والترهيب بالعقاب البسيط ومع الوقت إذا زاد التمادي عن الحد من بعض الأوباش ، يبدأ العقاب القاسي حتى يرتدعون عن المآسي وضرر الآخرين بتصرفاتهم الرعناء ، حتى مع الوقت يتعودون على العمل السليم القويم ويستتب النظام ، وينتهي العلاج وتلتئم الجراح ، ويشفى المرض المزمن من عقود …

نحن الآن كشعب ليبي نمر بمرحلة خلخلة قاسية ومخاض  شديد ، فقد إنتهت الإنتخابات على خير وسلامة مع وجود أخطاء عديدة وتجاوزات رهيبية ، وإخفاء في البدايات كثيرا من الأمور وعدم شرحها الشرح الصحيح بخصوص الكيانات والتسجيل والإنتخاب ومماطلة في الوقت والتأجيل المستمر في الفرز ، لو عدد المواطن الشكاوى ، لن نصل لحلول ، ففي نظري الأمر مدبر ومخطط من قوى خفية بطرق شيطانية والاعيب دولية يوما سوف تظهر ، فلا سر يبقى للأبد في الكتمان من غير بصيص أمل أن أحدا سوف يتكلم ، ولا دخان يرتفع من غير جذوة نار تحت الرماد تشتعل …

سيق الشعب نتيجة التحدي والكره للإسلاميين المتشددين المتطرفين للتصويت لغيرهم وهو فرح سعيد أنه فاز وكبح المتطرفين ووضعهم في حجمهم الصحيح . وهنيئا للفائز ، فقد عرف كيف يأكل الكتف السمين وينتزع النصر وينجح ويفوز ، عن طريق التصويت والإنتخاب بطريقة وغطاء سليم وأسلوب حضاري ديمقراطي ، بحيث لا يستطيع أي مواطن عاقل الإعتراض.  أنا شخصيا أؤمن بالمنافسة الشريفة ، والقبول بالفائز الناجح في حالة الفشل والخسارة بروح رياضية عالية وعدم إثارة المشاكل ضده مع العلم أنني لست في صف التحالف  ،  ولن أكون في الوقت الحاضر تحت أي مسمى  ، لأنني مؤمن عن قناعة ، لا مكان لأي مواطن قيادي أيام النظام السابق للمقبور تحت أي مصطلح بأن يتولى منصب قيادي مهم كبير آخر في دولة ليبيا الجديدة مهما كان  ، يقرر حياتنا ومصيرنا حسب هواه ، حيث نحن الشعب نريد وجوها جديدة  ، لديها حمية وشهادات نضالية عالية ، حتى تحس آلام الشعب وتطلعاته ، لتولى المسيرة …

إن كلماتي هذه ليست كراهية شخصية لأي أحد وبالأخص السيد محمود جبريل على رأس التحالف ، فأنا أسمى من أن أتدخل في مهاترات وقيل وقال على أشخاص ، لم أجربهم في أية معاملات طويلة أو جيرة ورفقة أو عمل وحوارات حتى أستطيع أن أقرر عن قناعة التأييد والمناصرة أم التحدي السافر الشريف ... 

 مع إيماني الكامل بإعطاء الفرصة للفائز لإثبات الوجود ، توجد كثير من وجهات النظر والعداء السافر للبعض  نتيجة الأخطاء  ، والسماع المشوش والحكم بغضب وعصبية وغيظ  ، ومع الأيام تهدأ الخواطر وترضى القلوب على البعض في سبيل المصلحة العامة ، وتبدأ صفحات جديدة القبول والرضا والصداقات والإحترام المتبادل بين الأطراف فسبحان مغير الأحوال من حال إلى حال ، لا عداوة وخصام ، ولا صداقة ورفقة، تدوم؟؟

يوم الجمعة 2012/7/13م  حدثت مشادة كبيرة حسب ماسمعت في أحد مساجد العاصمة طرابلس حيث أحد الشيوخ تحامل بشدة أثناء خطبة الجمعة على التصويت لتحالف محمود جبريل ( المتوقع حصوله على معظم اصوات الناخبين في ليبيا ) ونعت الأمر بغلظة وشدة كل من صوت له، وكلام كثيرغير سليم  مما خرج عن المألوف فالناس حضروا لعبادة الرب الله عز وجل وتأدية صلاة الجمعة وليس القدح والنعت من أخلاق الإسلام وبالأخص في بيت الرب حيث له قدسية خاصة ، مما قام بعض المصلين وواجهوا الخطيب الإمام بأنه على خطأ ، وأن المسجد ليس للحوارات السياسية من قبول أو رفض ، وتطور الأمر للسباب والتحدي ومحاولة التعدي وتدخلت كتيبة ثوار  تؤيد وتحمي الخطيب من غضب المصلين مما كبر الموضوع من لا شىء ، وأصبح ينذر بالخطر!

في نظري هذا الموضوع خطير لو تركناه من غير تفسير وتحليل ، فالآن الخاسرون للإنتخابات يعبرون عن الغيظ والغضب بإشاعة التحديات  والفتن ، ونسوا وتناسوا أن القطار مر بسرعة ، وعليهم الإنتظار بالمحطة للجولة القادمة ، والعمل الجاد بهدوء لتوحيد الجهود إذا أرادوا يوما الوصول لقمة الهرم …

وتساؤلاتي  لماذا لا يرضون بالنتيجة ؟؟ ويغيرون من طرقهم العقيمة والتشدد والتطرف الأعمى؟؟ ومحاولة الضغوط بالقوة ، وفرض آرائهم وتعاليمهم بدون حوارات هادفة باللين حيث نحن جميعا مسلمون نوحد بالله الواحد الأحد حتى يضمنون ولاء وحب الشعب الغير مسيس ، الغير فاهم بكثير من الأمور ، حتى يصوت لهم عن قناعة وينجحون ويفوزون في المراحل القادمة ؟؟

 فالحمد لله تعالى نحن الآن دولة حرة ، والسلطة والسلاح بيد الشعب ، والثروة الهائلة بباطن الأرض لم تستخرج بعد!  والإحتياط بأيدي الغير من الدول ، والكثير لدى رموز المقبور والطابور الخامس ، ضروري من ترجيعه لخزينة المجتمع ، حتى لا يحاربوننا به ونتعب في الرد والصمود حتى النجاح والفوز ، والشعب له الخيار لمن يصوت ، والفيصل عدد أصوات الناخبين للمرشح الفائز ، سواءا  فردا بصفته الشخصية أو كيان ، وهنيئا لمن ينجح ، طالما يعمل من أجل الجميع بطهارة نفس وضمير !

لماذا لا يؤمنون أن البقاء للأصلح ؟ يراجعون التاريخ القديم والحديث ، حيث ليبيا لطالما مر بها  خلال العصور الماضية من زعماء وحكام جيدون أتقياء وطغاة ، وإن هذا هو الإنتخاب الأول منذ عقود مرت ، ودائما البداية صعبة وضروري من الأخطاء فلا شىء كامل لدى البشر وبالأخص نحن ببداية الطريق في الحرية ، الديمقراطية والعدل والمساواة ، ألا يأخذون عبرة وعبر ، فالإسلام دين هدى ولين ، يغمر القلوب بحلاوة الإيمان عن قناعة وليس بالفرض والقوة كما يعمل هؤلاء المتشددون!

إن نقدي هذا للمتشددين ليس سبا ولا نعتا  ، ولكن نظير الحب والغيرة من أعماق القلب على الدين الإسلامي القويم ، حيث أشعر بالألم يعصر القلب وأنا أسمع وأشاهد كيف البعض من الشيوخ مايزالون يعيشون في الماضي غير قادرين على فهم العصر ، حيث الدين الإسلامي وحي منزل من السماء من الله عز وجل ، ليس صادرا من عقول البشر ،  صالح لكل عصر وزمن ( الماضى والحاضر والمستقبل إلى ماشاء الله تعالى ) ، وعلينا إتباعه وشرح معانيه بسلاسة ولين وترغيب درره وحلاوته للعاصين حتى يهتدون لطريق الخير والإيمان … وليس الترهيب والتخويف من أمثال هؤلاء البعض من الشيوخ المتزمتين  الذين يدعون العلم والمعرفة ، ذوي العقول الضيقة ، حتى ينفر منهم ضعاف الإيمان ، ويجد الشيطان موطأ قدم للوسوسة ، والدخول في مشدات ومتاهات ومهاترات تؤدي بالجميع للهلاك ويضيع الوقت الثمين وكل طرف يريد إثبات الوجود أنه على حق وصواب ، ويجد الغرباء الأجانب فرصة للتدخل وإثارة التحديات مما يزيد الأمر إلى مواجهات ساخنة ، والمسلمون جميعهم في العالم يدفعون الثمن الغالي نظير التطرف والتشدد الزائد عن الحد من البعض حتى نظل دائما بالمؤخرة ولا نتقدم …

أخيراً بودي القول كان الله عز وجل في عون الجميع في ليبيا الوطن ، فنحن الآن في مخاض وعصر قوي ، يعتمد إعتمادا كبيراً على ماذا سوف نعمل!   هل نحكم العقل ونهدأ ونتصالح ونبعد الأدعياء عن التشدد ؟؟ حتى نتقدم وننهض ... أم نترك الزمام يفلت ولا نعاقب الرؤوس الكبيرة التي تحرض وتدفع صغار السن الشباب االمغامرون بدون وعي  إلى عمل الشر والعنف …  حتى لا نرتاح وتستمر البلبلة والخوف والرعب ، وعلينا الإختيار إذا أردنا السمو والنهوض والتحضر  أم التخلف …  والله الموفق ...
 
                                                                     رجب المبروك زعطوط
 
                                                                            2012/7/14م

No comments:

Post a Comment