Tuesday, February 21, 2012

قصصنا المنسية - يوميات معارض ليبي مهاجر خلال سنة 1987-1988م -2

                                             بسم الله الرحمن الرحيم

                                                    حرب تشاد


             يوم 1987/8/8م  سمعت الأخبار المزعجة التي تناقلتها وكالات الأنباء من لندن بسرعة البرق حول العالم ،،، عن الفاجعة والمصيبة المؤلمة والخسائر الكبيرة والهزيمة التي مني بها  الجيش الليبي  ( جيش القذافي ) في دولة  تشاد ،، والإستيلاء بالكامل على شريط أوزو الغني باليورانيوم من قبل قوات تشاد ،، ذات الدعم القوي من الغرب و بالتحديد فرنسا ،، لتمريغ أنف الطاغية بالأرض ،، حتى يتعلم الدرس القاسي ،،، بأن لا يمد أذرعته الخبيثة في أفريقيا السوداء التي معظمها تحت الهمنية الفرنسية فقد تمادى في الأمر و لن يسمحوا له بالفوز و النصر مهما عمل ... ويحلم بضم أراض الآخرين بدون وجه حق ,, وهو صعلوك من الصعاليك ،،قفز ووصل للسلطة في غفلة من الشعب والزمن ،،
إنها أخبار سيئة تحزن القلب والدموع تنهمرمن العيون حزنا على المأساة والمصيبة التي ألمت بالوطن ليبيا ،، نظير شطحات مجرم شيطان ،، أراد أن يتخلص من سطوة  الجيش وكسر الهيبة وينتهي من كثير من الرتب الكبيرة للضباط الكبار الذين إستحقوها عن جدارة و دراسات و إمتحانات بالخارج في الأكاديميات العسكرية المختلفة   ، الذين حسب الترتيب العسكري يفوتونه رتباً وأقدمية مما تجعله دائماً يحس داخل النفس أنه بالمؤخرة حيث أنه قفز في الإنقلاب الأسود سنة 1969 من رتبة ملازم أول إلى عقيد فجأة بدون أي إمتحانات و ترقيات ،،، رمى بخيرة الضباط الرجال والجنود الشرفاء في مجاهل الصحراء اللاهبة ،،، عن سابق قصد وترصد  ،،، بحجة الحفاظ على إقليم أوزو المتنازع عليه منذ وقت طويل بين الطرفين ،، فقد ضمها الشيطان بالقوة منذ حوالي 14 عاماً بدون أي إتفاق سلام مع التشاديين أصحاب الأمر الشركاء في الأرض  ،، واليوم ضاعت هباءاً منثوراً ،، بدون أي داع للدم بين الأشقاء الجيران الذين تربطنا صلات قوية مع بعض ،،، أواصر كثيرة من العلاقات وصلة الرحم ،، فقد كان بالإمكان حقن الدماء والقتل وضياع الضحايا من الطرفين ،،، وعدم الصرف والإحتفاظ بالمال لإستعماله في بنود أخرى ترجع بالفائدة لسعادة المواطن بدل  المصاريف الباهظة بالمليارات التي صرفت وضاعت هباءاً منثوراً في غير طاعة الله عز وجل  ،، والوصول إلى حلول تشرف الطرفين بالحوار والأخذ والعطاء ضمن الأمن والأمان والسلام ،،
ولكن جنون العظمة وتنفيذ مخططات الأسياد للصرف العشوائي الغوغائي وشراء الأسلحة والمعدات القديمة من روسيا الشيوعية التي عفى عليها الزمن نظير سياسات عميقة من القوى الخفية للغرب والشرق ... نحتاج إلى وقت طويل حتى نعرف و نعلم  بالمخططات و الدراسات إلتي جميعها لجعل العرب دائماً تحت السيطرة و في المؤخرة حتى لا ينهضوا و يتقدموا كما كانوا من قبل في العصور السابقة حيث أضاؤوا النور بأوروبا الجاهلة في القرون الوسطى...
تبديد الأموال الرهيبة ،، وخدمة أغراض كثيرة ،،، هو الأساس في الحرب ،، والشعب لا يدري مايحاك له من حيل ودسائس ،، من خراب ودمار وإهدار المال ،،  وسقوط الضحايا والدم بسخاء ،،، نظير التحدي والتنافس في لعبة الشطرنج الدولية بين الكبار ،، أليست بمأساة ؟؟؟
إنني حزين على آلاف الجنود والضباط  الأبرياء ، القتلى ،،، الجرحى والمعاقين ،،، الأسرى في سجون تشاد يعانون الويل وشظف العيش ،، الذين لبوا النداء ،، نظير الواجب من غير قناعات بأنهم على طريق الحق والصواب ،، خسروا الحرب  ،، ليس جبنا ولا خوف ،، فالليبيون مشهورون بالشجاعة والإقدام عبر العصور عندما يؤمنون بعدالة القضية والمبدأ ،،، خسروا المعركة الفاصلة نظير عدم القناعة بالقتال لأخوتهم المسلمون ،،، تخبط القيادة وعدم التخطيط ووضع الخطط ،، ومؤامرات دول ،، ؟؟.
لقد أثبت النظام أنه هش متهالك ،، ضعيف ،،، الجنود والضباط لايريدون الحرب ولا القتال ،، ينقصهم الإيمان والمبدأ  ،، لا يريدون الموت من أجل القذافي ،، ولكن الله غالب ،، ينفذون الأوامر غير قادرين على الرفض والتمرد ،، وإلا مصيرهم الموت من فرق الإعدام نظير العصيان والتمرد وعدم إطاعة الأمر العسكري الصادر لهم بالهجوم و القتال ،، ففي نظري ،،، العد التنازلي لنظام الفرد الصنم  بدأ في الهبوط لأسفل ،،،  وأفول النجم للنظام عبارة عن مسألة وقت ،، ولا أعرف  كم  يستغرق من زمن ،، ممكن سنة أو ربع قرن ،،،  فهذه الأمور في علم الغيب والقدر ،،
إنني لا أعرف ماذا أقول عن هذا الدعي الأجوف الذي سام الشعب بالحديد والنار،، بالإرهاب والإفراط في القوة ضد أبناء الشعب العزل ،، حتى يضمن البقاء في الحكم والسلطة ،،، وزج بالوطن في مهاترات وصراعات ليست لنا فيها أي مصلحة غير الخراب والدمار والإفلاس ،، فالشعب الليبي لا ناقة له فيها  ولا جمل ،، بل سبب جراح عميقة بين الشعبين سوف تظل تنزف مدة طويلة ،، تحتاج إلى عقود أو قرون من السنيين حتى تعالج وتشفى من الألم ،،
ليبيا الحبيبة قدمت الكثير من الرجال والشباب ضحايا قرابين في الصحراء الكبرى في قارة أفريقيا السمراء ،، وأموال بالهبل مليارات عديدة  ،،، نظير إشباع غرور الطاغية ،، وتنفيذ خططه الشريرة ،،  والآن في نظرنا وجهه ممرغ بالتراب على الأرض مهزوم بعد أن كان  الشيطان كالطاووس يتيه  زهوا وخيلاء ،، في أزيائه  الأفريقية المزركشة التي لا تمت مع الزي  الليبي الوطني الجميل بأي صلة فقد إتخذ الطاغية شعار "خالف تعرف" ،،،  ليصبح مميز عن الآخرين  ،، حقود حسود لا يحب أي أحد أن يضاهيه في أي شىء ،، لايحب إلا نفسه ،، يعيش في أحلام اليقظة ،، نظير التطبيل والتدجيل من الحواريون والمتسلقون أشباه الرجال ،،، ولم يثبت جدارته والنصر في الحرب لجيشه الجرار والمجهز بأقوى العتاد والسلاح ،،، حتى مع جيش تشاد البسيط الفقير للعتاد و السلاح ،، المؤمن بقضيته ،،،  يدافع عن العرض والأرض بقناعة و مبدأ  ...  فقد وصلت القوات الليبية حتى العاصمة إنجامينا ،،، و خسر الليبيون عن تعمد من الطاغية عندما أوقف الكثيرمن الدعم للجبهات فجأة و بدون سابق إنذار  مما جعلها تضعف وتتراجع نظير أمور كثيرة خافية معظمها يوما سوف تظهر الحقائق البشعة عن المؤامرات الدنيئة من القوى الخفية ضد الشعبين للعالم لأنه ليس على أساس ... ولا حق حتى ينتصر هذا الطاغية الصنم ..
 بدلاً من الإهتمام بالوطن والصرف على رقيه وسعادة المواطن ،،صرف الأموال الخيالية على حروب ومعارك خاسرة منذ البداية ،، خسرنا المعركة الفاصلة والحرب ،، لأن الرجال الجنود ليست لهم قناعات  بالذي يحدث من مهاترات ،، الكثيرون من الشباب الجنود يساقون إلى جبهات القتال بدون علم  مسبق  و لا أوامر قتالية جاهزة نتيجة دراسات وتدريب مكثف على الحرب ،،  بل الكثير من الجنود مغرر بهم ،،، مازالوا صغار في السن و التجربة قيد التجنيد لم يتدربوا بعد على أي نوع من أنواع القتال  ،،، قيل لهم من قادتهم أنهم ذاهبون للصحراء للتدريب  ... وكأنها رحلة للترفيه ،، والنتيجة الموت والفناء والخسارة للوطن ...
نحن أحفاد المختار ،، أحفاد الجدود وأبناء الآباء الأحرار ،، الذين بالماضي جاهدوا وإستماتوا ورووا  ثرى الوطن بالدم ،، ضد الغزاة الطليان  سنة 1911م ،، سوف نشعل نار التحدي والحرب على أشباه الرجال ،، عديمي الأصل والفصل ،،، المشكوك في ليبيتهم ووطنيتهم ،،، سوف نقاتل الشيطان قبل أن يستفحل الخراب والدمار ،، سوف ندافع عن الشرف الذي إنتهك ،، والعار الذى لحق من هذا الشيطان أبليس عليه اللعنة الى يوم الدين ... سوف نناضل  بكل وسيلة متاحة حتى النصر ،،، فلا يستطيع أي طاغ أن يتحدى الشعب على طول الخط وينتصر ،،، سوف نأخذ عبر من التاريخ و نتابع الأمر الإلاهي بقوة و عقيدة و إيمان حتى ننتصر... ضروري من وقفة مع أنفسنا و ذاتنا و نغير إستراتجياتنا حتى نوفق و نتبع  الآية الكريمة ،،،  "بسم الله الرحمن الرحيم : إن الله لا يغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ،، صدق الله العظيم" ،، هذه الكلمات أمر ألاهى لمن يفهم ويعي الدرس  ؟؟  فالآن خسارة حرب تشاد ،، وضياع البلايين من الدينارات في جيوب السماسرة من شراء المعدات وتسمين حسابات القطط السمان والمحاسيب من العائلة ،، وأبناء العم وسماسرة الحرب ،،، تجار الدم ،، 
الشعب الليبي جائع  لأبسط الأشياء ،،،  حرية وغذاء ،،، دواء وعلاج ،،سكن صالح وتعليم جيد  ،،، نريد السلام و الأمن و الأمان مع دول العالم الحر في ديمقراطية و عدل و مساواة و إحترام  الجيران ،، ولا ندخل فى مهاترات وصراعات وحروب ونحن شعب قليل العدد ... أليست بمأساة ؟؟؟ والله الموفق .
                                                                     
                                                               رجب المبروك زعطوط

                                                                   1987/8/8م  

No comments:

Post a Comment