Thursday, August 1, 2013

الاغتيالات 1



                                         
الحلقة الاولى 

المرحوم عبد اللطيف امداوي 
يوم الاحد الموافق 2013/7/21م  
(الثانى عشرة  من شهر رمضان الكريم)
غادرت مدينة درنة مع زوجتي الساعة الثامنة والربع صباحا من المزرعة قاصدين  مطار الأبرق لركوب الطائرة إلى مدينة طرابلس الغرب… كنا مرهقين حيث ليلة البارحة لم ننم الا بضع ساعات فقط  بسبب السهر والقيام بتنظيم الكثير من الاوراق والمستندات والفواتير الخاصة  حتى صليت صلاة الفجر، والزوجة قامت  بترتيب الكثير من الاشياء حتى لا يترك البيت في فوضى عند الرجوع اليه بعد أسبوعين من الآن لقضاء اخر ايام شهر رمضان وحفلة  العيد بإذن الله تعالى اذا اطال في  العمر، والانتظار لقدوم الحفيدة الرابعة للعائلة،  البنت البكر لإبني محمود.

خلال شهر رمضان الكريم  شهر الصيام بدأت أيامه و لياليه وكأنها عرس كبير وحفلة مهرجان  يستمر خلال الشهر بدون انقطاع على مدى ثلاثين يوما تقربا الى الخالق الله عز وجل حتى يرضى ويعفو ويغفر  عنا الذنوب الكثيرة التي اقترفناها خلال العام بدون قصد ونحن لاهون في هذه الدنيا الفانية ونحن لا نعلم

الصيام والامتناع عن الشرب والاكل والمحرمات قانون وعقد ضمن ميثاق شرف  بين الله تعالى والعبد ورد بالنص ضمن العقيدة والامر الالاهي في القرآن المجيد حيث احد الاركان الخمسة للإسلام  دين التوحيد.

الصيام  من  الفجر إلى المغرب  حيث  يتم التغيير لبعض اوجه الحياة والعادات  بالنسبة لنا في ليبيا والعالم الإسلامي… الليل يصبح نهارا حتى  وقت الإمساك والفجر مما اليوم الثاني أي بشر صائم  ساهر طوال الليل  لا يستطيع النهوض والعمل مثل العادة  بهمة ونشاط بحجة الصيام وعدم القوة والقدرة  على العمل .

شهر رمضان الكريم يختلف عن بقية الشهور الكريمة العظيمة في عديد من الاشياء المميزة  حيث شهر رمضان نزل فيه القرآن الكريم، وان به ليلة القدر المميزة عن أي ليلة بالدهر كله من وقت نزول القرآن الى يوم القيامة  التي أفضالها خير من الف شهر كما ذكرها الوحي في القرآن الكريم المجيد كتاب الله تعالى .
 الصيام  له فوائد عديدة بدون حساب اولهما الاستغفار والتوبة للرب الخالق الله عز وجل عسى ان يغفر…  عملية صحية بيولوجية حيث يتغير فيها الدم لدى الانسان الصائم طوال الشهر حيث  تذوب جميع الفضلات الزائدة عن الحاجة بالجسم ويتعافى البدن !! حسب الحديث الشريف للنبى عليه الصلاة والسلام ( صوموا تصحوا ) الذي كلماته لم تنطق من فراغ بل هو وحي من سماء الله عز وجل . 

عندما خرجت من المزرعة في عربة الأجرة مضطرا  تاركا سيارتي  الخاصة بالبيت   حيث لا أستطيع تركها بالمطار فترة الغياب التي ممكن تقصر او تطول  حيث لا أمن ولا أمان في تركها بمرآب المطار حيث بلا حراسة  قوية تذكر 

يمكن بسهولة سرقتها من بعض اللصوص حيث لا حراس امن ولا شرطة ولا مكان ومراكز شرطة  لتقديم الشكاوى ولا من يسمع ولا تأمين حتى يدفع …  والغريب انه في خضم هذه الفوضى العارمة، الامن مستتب فى بعض المستويات نسبيا والجميع يعيش فى حالة من الرعب والخوف  الغير منظور في صمت 

كان الجميع نياما  مثل العادة، الطبيعة زاهية  والطقس معتدل  وجميل والشمس ساطعة  والسير على الطريق السريع المؤدي إلى المطار به  القليل من السيارات المسرعة وخلال الساعة وصلنا الى هناك حيث المسافة حوالي 70 كم

دفعت الأجرة للسائق واخذت اجر الحقائب الواحدة وراء الاخرى وانا مرهق من السهر  وعدم النوم الكافي  بإلكاد أخطو الخطوات بصعوبة حتى دخلنا إلى المطار وكان البعض من المسافرين والمودعين في الانتظار .

طلبت من الحاجة الجلوس على احد المقاعد الحديدية مثل البقية حتى يبدأ التسجيل واستلام التذاكر واعطاء بطاقات الصعود وتقدمت إلى الموظف للسؤال  متى البدأ في استلام الحقائب ؟؟؟ وقال ياحاج ارتاح نحن لم نبدأ بعد في تسجيل ركاب طرابلس على شركة البراق للطيران والرحلة الاولى لركاب الخطوط الليبية إلى تونس مما رجعت إلى الكرسي بجانب الحاجة  لارتاح بعض الوقت وأشاهد المأساة بأم العين تحدث على الطبيعة .

تطلعت وشاهدت البعض من المرضى من كبار السن ينتظرون السفر للعلاج بتونس ويحيط بهم الأقارب الأعزاء سواءا الرفقة والاهتمام بهم في رحلة العلاج،  او التوديع الاخير في حالة عدم الرجوع أحياءا يرزقون…  حزنت من الموقف المهين وتساءلت النفس هل دولتنا ليبيا  وصلت للحضيض بحيث لا وجود لمراكز طبية ومصحات حديثة وأطباء يتماشون مع العصر في العلاج الحديث لهؤلاء المرضى العواجيز الذين مازال لديهم الأمل في العلاج والحياة لسنين لا يريدون الاعتراف بعوامل الكبر والسن … حيث للبعض من المرضى عبارة عن عذاب فى السفر والترحال وهم فى هذه السن الطاعنة لا امل فى العلاج على ما اعتقد  حيث المرض وهم فى النفس وعار على الاسرة الأولاد والأخوة انهم تركوا أحباؤهم من غير اهتمام 

بعد انتظار دام ساعة تم تسليم الحقائب والحصول على بطاقات الصعود مما ارتحت من العبء  وضمنت في نفس الوقت المقاعد على متن الطائرة  حتى لا يحدث خلل وأواجه التعب او الرفض مع انه لدي الحجز مؤكد و"ok"  ففي بعض الحالات الطارئة ممكن يلغى الحجز والرحلة او التعطيل لعدة ساعات عديدة كما حدث فى الرحلة الاخيرة من بنغازي حيث تعطلت الطائرة لمدة ستة ساعات تغيرت رحلتها الى جهات اخرى بالجنوب ونحن ننتظر  وقدم الركاب المسافرون الشكاوى للادارة ولا من مهتم  حيث الطائرات  قليلة العدد وبالكاد شركات النقل الجوي قادرة على تلبية الطلب من الزحام الشديد في السفر… وإرتحت عندما طرأ على البال أننا خلال شهر رمضان الكريم  معظم الجميع كسالى يستغلون  الشهر في اجازات مفتعلة بدون موافقات من جهات عملهم الرسمية (  ليبيا حرة )  بحجة الصيام لا يحبون السفر ولا الترحال

المهم صعدنا الطائرة بعد تأخير بسيط حوالي نصف الساعة ورحلة سلسة هادئة بدون مطبات جوية ووصلنا الى مطار طرابلس بعد الطيران لمدة ساعة وعشرين دقيقة من الاقلاع …  وعندما تم فتح الباب للهبوط تغير الهواء فجأة من شدة الحرارة فالفرق رهيب بين الطقس والهواء المنعش النقى  فى الجبل الاخضر بمطار الأبرق وطرابلس حيث الحرارة عالية 

رن جرس الهاتف عدة مرات عندما توقفت الطائرة  واستعد الركاب للهبوط ولم أهتم حيث الظرف لا يسمح ….  ورن مرة ثانية وانا على سلم الهبوط من الطائرة ولم ارد على المتصل حتى انزل  واستلم الحقائب، التي استغرقت بعض الوقت حتى نزلت ومرت على الشريط المطاطي المتحرك وتم أخذها بصعوبة من الزحام، وخرجنا من المطار وكان احد الرجال السائقين لعرباتهم الخاصة واقفا ينتظر بالمخرج عرض علينا التوصيل مما وافقت

ساعدنا الرجل فى جر عربة الحقائب مسافة طويلة خارج المطار احتراما لكبر السن  حيث كانت السيارة في الانتظار ونحن نمشى  وراءه  حتى فتح باب احد السيارات وقال تفضلوا ياحجاج!  وعندما ركبت عربة الأجرة خابرت المتصل مرتين  وكان الرفيق ( إدريس بوخطوة ) يحمد لنا على سلامة الوصول الى طرابلس وفى نفس الوقت يخبرنى بالجريمة النكراء والحادث المؤسف والاغتيال للعقيد بالجيش السابق المتقاعد  المرحوم عبد اللطيف إمداوى المزينى  الاخ الشقيق للحاج الفرجانى إمداوى الاخ والصديق والشريك بالسابق فى احد المشاريع الكبرى بمنطقة الفتائح حيث نفذنا معا عن طريق شركة مشتركة ( الهندسية وزعطوط ) لبناء وتشييد 272 وحدة زراعية في منطقة الفتائح بدرنة  في اواخر السبعينات قبل الزحف والتأميم

هالني الامر ان يحدث بمثل هذه البساطة اغتيال الرجل وهو متقاعد كبير بالسن وفى واضحة  النهار والشمس ساطعة … حيث تم الاغتيال حوالي الساعة العاشرة صباحا حسبما فهمت من مجرمين يدعون انهم من ضمن الجماعات الاسلامية والإسلام بعيدا عنهم ولا يمتون له بأى صورة من الصور حيث الاسلام دين سلام ومحبة وليس قتل واغتيال الأبرياء بدون وجه حق  

اغتيال المرحوم يأتي ضمن برنامج وأجندة مخططة لخراب المدينة والخوف من نهوضها على السطح…  لزرع الفتن والأحقاد فى النفوس وإشاعة الرعب والخوف بحيث لا يأمن اي انسان على نفسه من هؤلاء القتلة  الذين لا ذرة اسلام في قلوبهم وهم ينفذون  الجريمة النكراء وبالاخص خلال ايام شهر رمضان المبارك الذى ابواب الرحمة والمغفرة والعتق من النيران لكل مظلوم برئ 

اخبرت الحاجة بالاغتيال مما حزنت جداً من الحدث الجليل وتطرق الحديث مع السائق الذي فتح الباب فى الحديث والحوار عن الأمن،  وشعرت من خلال الحديث كم كان الرجل يعاني…  حيث قال لي بصراحة ان عائلتي  تؤيد فى القذافى والنظام  السابق وانا الوحيد الشاذ وسطهم  ضدهم مع الاحرار والثورة  الغراء ،، والآن إختلف الأمر حيث السرقات والنهب والقتل والاغتيال للابرياء وعدم المتابعة والقبض والعقاب للجناة بصرامة  وعنف حتى يصبحون عبرا للغير 

كم  صدمت بعد النصر بسبب الفوضى والتخبط والنهب لدى المسؤولين الجدد  متسائلا مع النفس  هل هذه ليبيا التي كنا  نحلم بها…  تتتردى الى هذا المستوى ؟؟ وكل يوم نتهاوى للهاوية بدل الخروج من المستنقع والنهوض والتقدم ،،، ولم أصل الى حل وحلول تشفى النفس…  والآن أنا غير مهتم بالثورة ولا بزيادة المرتبات ولا بالحريات الزائفة ،، ولا بالوعود الكاذبة لطمأنة النفوس والخداع المبرمج 

إعطني الأمن والأمان مثل ايام العهد السابق المقبور حيث الأمن والامان فى جميع أنحاء الوطن  مستتب نتيجة الخوف والرعب من العقاب الشديد لمن يتعدى على الغير بالقوة ، ولا قطعة سلاح بيد اي مواطن مهما كان الا للبعض من الخاصة المقربين ولا طلقة تطلق بدون إذن مسبق وليس مثل الآن السلاح متوفر بجميع الانواع لدى الجميع، ويباع في السوق السوداء بأرخص الأسعار وفي العلن للجميع 

شعرت بالرجل ومعاناته والالم الذى يعصف بجوانبه عن الحال المزري الذى تتخبط فيه  الحكومة غير قادرة على شد زمام الامر بقوة وحنكة وعدل،  شعرت ببوادر الخطر فهذه التعابير عبارة عن إشارات خطيرة تقفز بين الحين والآخر على السطح، مثل الفقاقيع التي تظهر متتابعة نتيجة الغليان فى إناء الطبخ…  وان لم تعالج الامور بحكمة وصبر حتى تخمد النار ويتوقف الغليان بالمرة حتى لا يتم الانفجار فجأة نتيجة عدم الاهتمام  من المسؤولين بدون سابق إنذار في الأوساط الحرة الوطنية  التي تغلي من الإحباط المعنوي والمعاناة والضغط 

تأسفت على اغتيال المرحوم عبد اللطيف حيث أعرف الرجل عن قرب، أعرف عائلته ووالده المرحوم واخوته من خلال علاقة مع اخيه الحاج الفرجاني رفيق الدراسة فى الخمسينات من القرن الماضى، وأفاجأ اليوم  بإغتياله وقتله شر قتلة فى يوم من ايام شهر رمضان بدون ذنب جناه  حسب اعتقادي سوى انه كان يوما من ضمن ضباط الجيش بالنظام ، والذي تمت تصفيته وإعدامه بدون وجه حق أيا كان 

لو كان الرجل المرحوم افسد  وقام بأي شئ لا يشرف فى الماضى وتمادى فى الظلم فى  حق وضد الشعب المفروض توجيه الاتهام  له بالعدل  واعطاؤه الفرص للدفاع عن النفس ضمن محاكمة بالعدل والقانون، واذا تم تجريمه بالأدلة الدامغة  والحق  عندها العدل يأخذ مجراه 
ولكن اغتياله فجأة  وقت الضحى وفى شهر رمضان بدون رحمة ولا شفقة ولا إحترام للمشاعر الانسانية  ولا للشعائر الدينية  وحرمة شهر الصيام، أمر خطير جداً يحتاج إلى الرد والصد بعنف وإستئصال الورم السرطاني القتلة وقياداتهم المجرمة التي خططت وأمرت  بالقتل من المجتمع قبل ان يستفحل الداء والمرض ويقتل الكثيرون من الأبرياءً المظاليم

إنها جريمة كبرى ليست في القتل والقضاء والتصفية للمرحوم وانما الاغتيال للجميع من سكان واهالي درنة وليبيا في العموم حيث هؤلاء المجرمين المارقين ينفذون فى اجندات شريرة لقوى خفية حتى لا ترتاح المدينة ولا تنهض ولا تنتعش وكأن بها لعنة من الرب  حلت من ايام العهد السابق للملك ادريس وعهد المقبور القذافي والآن العهد الجديد للثورة القائمة، حتى تتنسى وتهمش وتصبح في آخر الطابور بدلا من مدينة تنمو مع الوقت !! الى قرية مهجورة  !!!!

ضرورة المساندة والدعم من جميع ابناء الشعب وبالاخص في مدينة درنة حتى يتم القبض على هؤلاء المجرمين مهما كانوا الذين يشوهون فى الدين والإسلام تحت أغطية تطرف وارهاب دامي، ضرورة القبض والقصاص حتى لا يستفحل الامر ويزيد عدد الضحايا مع الايام والوقت .

ففي نظري هؤلاء المجرمين لن يتوقفوا عن الاغتيالات في الخفاء والظلام الدامس للكثيرين من الأبرياء المظلومين لإشاعة الرعب والفوضى   فقد ذاقوا الدم مثل مصاصي  الدماء  لايستطيعون العيش والحياة من دونه 

أريد ان اتوجه لهم بنصيحة من القلب والضمير ان العنف والدم سوف يتسبب في المزيد من   العنف والدم…  والباغي مهما اختفى وراء أغطية وستائر سميكة بغرض الاختفاء  يوما ما سوف يفضح وتدور عليه الدوائر ويقدم ويدفع الثمن الغالي  بهذه الدنيا الفانية و كذلك بالآخرة ،، حيث هؤلاء الضحايا سوف يلعنونهم امام الخالق العادل  ليأخذ الحق يوم الحق والعدل  وان المجتمع يوما لن يرحمهم مهما حاولوا من تغطيات  وإدعاءات

رحم الله تعالى الفقيد المرحوم عبداللطيف إمداوى  بواسع الرحمة طالبا من الله تعالى له المغفرة والرحمة لروحه وان يدخله فسيح جناته، وعزائي الحار لعائلته وأقاربه أولياء الدم على الصبر في فقدانه،  حتى يوما يعرف الفاعل القاتل والقتلة ويتم القصاص والعقاب من المجرمين ضمن القانون بالعدل حتى يرتاحوا وترتاح المدينة من هؤلاء المارقين أعداء الدين !!!! 

                رجب المبروك زعطوط 

No comments:

Post a Comment