بسم الله الرحمن الرحيم
معركة (القرقف ) الشرسة إستمرت ثلاثة ايام وليالي من الفجر حتى الظلام كل يوم، حسب ما سمعت في بعض السهرات اثناء الحكايات من الوالد المبروك عندما كان في بعض الاحيان يتحدث عن الذكريات السابقة عن هولها وقسوتها حيث كان جنديا متطوعا مع بقية المجاهدين الأبطال، وحضر المعركة وحارب بجانب اخوه الفقيه عبدالجليل بكل القوة والشراسة آملين في الفوز بجميع الوسائل والقضاء على الخصم العدو الأجنبي الذي دنس تراب الوطن ولكن الكثرة في العدد والوفرة في السلاح والذخيرة لدى العدو الايطالي المحتل تغلب القلة من عدد المجاهدين والقل ( الشح ) في الذخيرة والإمداد…
اضطر الليبيون للانسحاب السريع بالليلة الثالثة أثناء الظلام الدامس بناءا على اوامر القائد أنور باشا حيث لا تعزيزات ولا ذخائر كافية مما كان الصمود للمجاهدين الليبيين يعتبر انتحارا وتضحية لا لزوم لها فالحرب كر وفر في المعارك العديدة والمنتصر الحقيقي هو الذي يحسم المعركة النهائية وتتوقف الحرب ويتم استسلام احد الأطراف ….
طلب القائد الانسحاب بهدوء إلى معسكرهم القريب ( الدور ) بومنصور حاملين قدر الإمكان جرحاهم وبقايا سلاحهم وعتادهم حتى لا تتم الابادة بالكامل في صباح اليوم التالي حيث العدو تأتيه التعزيزات طوال الليل ،،، تاركين خلفهم في ميدان المعركة أجساد أكثر من 840 شهيد بين قتيل وجريح بجروح بالغة في ميدان المعركة الفسيح الكبير عسى الإيطاليون يرحموهم ويعالجوهم لدواعي إنسانية، ولم تتاح الفرص لضيق الوقت بدفن موتاهم حسب الاصول وشرف الحرب…
بالصباح قام الإيطاليون بالانتقام والأخذ بالثأر نظير موتاهم القتلى بدون اي نوع من انواع الانسانية، وتم قتل جميع الجرحى بإطلاق الرصاص عليهم برصاصات الرحمة بدلا من علاجهم كما تقتضى الأصول السائدة في الحروب بين الدول أو الأطراف المتناحرة المتنازعة …
كانت عملية إبادة الجرحى الليبيين جرائم لا تغتفر، وزادت الصمود لدى المجاهدين في المعارك الاخرى بحيث لا يتركون اي جريح في حالة الانسحاب مهما كان الثمن غالي خوفا عليهم من القتل والابادة والغدر كما حدث في جرحى معركة القرقف التي كانت وصمة عار في جبين ايطاليا .
حاول الطليان قدر الإمكان طمس الحقائق وتزوير التاريخ حتى لا يلامون من حكومتهم وشعبهم ويتوقفون عن التمويل للحرب، حيث قتلاهم من الجنود الطليان ومرتزقتهم الأحباش الاريتريين الذين جندتهم ايطاليا في صفوف جيشها ضد الليبيين اكثر من ثلاثة الاف ومائتين قتيل وجريح منهم تسعة وعشرون ضابطا ايطاليا حسب المصادر الايطالية التي ظهرت مؤخراً وفضحت الكثير من الأسرار المخجلة عن المعركة .
وكانت نكسة كبيرة للحكومة الايطالية ولقادة الجيش بالقيادة فى روما وقتها، أزعجتهم الأخبار السيئة عن المعركة ( القرقف )، أصبحوا يتساءلون بدون أجوبة مقنعة لهم في ذاك الوقت، كيف هؤلاء الليبيين المدنيين الجوعى حفاة الأقدام في نظرهم من التعالي والغطرسة والإستهزاء، الغير مدربين وليس بيدهم السلاح الجيد ولا المعدات وليسوا جيشا متمرسا نظاميا يقاومون بهذه الشراسة ويقتلون هؤلاء الجنود المحترفين لفنون القتال العديدين بهذه الكثرة ببنادق ( بوصوانة ) القديمة التي عفى عليها الزمن ؟؟ونسوا وتناسوا أمرا مهما جداً لم يضعوه في الحسبان، أن هؤلاء الرجال يدافعون ببسالة وبقوة طالبين الشهادة والدفاع عن الدين والارض والعرض من ان يستباح من مستعمرين أجانب في نظرهم كفارا أعداءا للدين الإسلامي والتوحيد .ومرت حوالي ثلاثون سنة على الحكم الايطالي واغتصابه للوطن، واغتياله والشنق لكل مواطن وطني حر يتمرد ويرفض الخنوع للأوامر الغاشمة، وكان البرنامج والمخطط لدى حكومة الفاشيين بقيادة رئيسهم موسوليني الإبادة الكاملة للشعب العربي المسلم من على الخريطة في ليبيا، وبالاخص على امتداد الساحل البحري، وطرد بقايا الليبيين بالقوة إلى الجنوب حيث الصحراء القاحلة والواحات وضم ليبيا رسميا إلى ايطاليا لتصبح الشاطئ الرابع لها حسب ما كانوا يحلمون ويخططون !!!واحلال مئات الالاف من مواطنيهم الطليان المزارعين من جزيرة صقلية القريبة للاقامة والسكن في ليبيا وتمليكهم احسن الاراضي الزراعية للفلاحة والاستيطان حتى مع الوقت تضيع الهوية العربية والدين الإسلامي يضمحل وينتهي من الارض حسب زعمهم ولكن الله عز وجل في الوجود لا يرضى بان يطفأ نور دين الحق والتوحيد عن ارض ليبيا…
حسب المخطط الرهيب للحكام الإيطاليين الفاشيين إبادة الشعب الليبي العربي عن بكرة ابيه بطرق الابعاد والسجن في المعتقلات والتجويع حتى تتفشى الامراض ويحصد الموت العشرات يوميا حتى ينتهون مع مرور الزمن، مقلدين نفس الفكرة لحلفاؤهم الألمان النازيين ضد اليهود مواطنيهم في العزل والحرق في الأفران والقتل الجائر والتجويع عن قصد مبيت في المحتشدات تحت أسوء الظروف الجوية برودة بدون طعام ولا تدفئة لإبادتهم من الوجود ولكن الرب الخالق موجود !!!
السياسة قذرة وتم إجلاء البدو الليبيين في المنطقة الشرقية بالكامل عن الارض وكل من ثار وتحدى السلطة على طول الساحل ولم يسانده الحظ ويهرب، سيق بالعنوة والقوة بالمشي على الارجل مئات الكيلومترات حوالي 800 كم من الحدود الشرقية إلى منتصف ليبيا على الساحل، ضمن حراسات مشددة من الجنود الأحباش لجميع العائلات الكبار والصغار بدون رحمة ولا شفقة إلى المخيمات والاعتقال فى مناطق البريقة ومرادة في الصحراء الجرداء من الحياة في ذاك العصر .كانوا يمنعون المساعدات والطعام والأيواء للمجاهدين الثوار الوطنيين، حتى لا تتوفر المساعدات والخدمات والمعلومات عن تحرك القوات الايطالية ضدهم من العيون والجواسيس الرعاة بقطعان الاغنام والابل المتواجدين طوال الوقت في البرية والخلاء…
وكذلك لمنع العلاج للجرحى الثوار المجاهدين بعد المعارك أو الفارين من السجون والمعتقلات وإخفاؤهم في الآبار العميقة والكهوف الصعبة في الوصول لها والتي لا يعرفها إلا اهل المنطقة الاصليين، وبالاخص فى مناطق الجبل الاخضر الصعبة فى التنقل والاختراق للعاديين بدون دليل خبير من اهل المنطقة الذي أصبح شوكة حادة في حلق المستعمرين الذين لم يستطيعوا القضاء على الثورة والتمرد على مدى عشرين سنة…
حتى تم القبض على البطل شيخ المجاهدين، عمر المختار، في احد المعارك بالصدفة عندما سقط من على صهوة حصانه ولم يستطيع الهرب حيث حوصر من مئات الجنود الأعداء شاهرين السلاح، وتم نقله بالبحر في زورق حربي إلى ميناء بنغازي خوفا من ملاحقة اعوانه وفك اسره بالطريق البري الطويل…
تمت محاكمته بأمر من الجنرال غراسياني الحاكم العسكري لمنطقة وإقليم برقة، والحكم عليه بالاعدام شنقا ثأرا على جميع أفعاله ضدهم من المحكمة الصورية التي شكلت له على وجه السرعة، وتم الشنق في بلدة سلوق القريبة ولم يراعوا تقدمه في السن حيث البطل الشهيد تجاوز الثمانين من العمر .
تم الحجز الطويل لحوالي نصف المليون من المواطنين السكان الاصليين معظمهم من قبيلة العبيدات والمرابطين والبعض من الآخرين الحضر الذين كانوا معا جيران وقت الاعتقال، ومنهم الكثيرون من عائلة الهنيد الدرناوية، حيث قضوا عدة سنوات في معتقلات الصحراء مما ضاعت وهلكت الاغلبية بالموت جوعا، حيث تعطى لكل أسير حفنة من حبوب الشعير ليقتات منها طوال اليوم مثل الحيوانات وبعض الماء الذي لا يكفي لهيب الحرارة مما الكثيرون توفوا شهداء من الجوع و العطش والقهر والقتل .
الشنق للعشرات كل يوم بدون رحمة لأي خطأ من اسير بالمعتقل يحاول التمرد او الهرب حتى تم الإفراج بعد انتهاء الجهاد ورجع الربع إلى مناطقهم وهم معدمين فقراء مرضى بحاجة إلى علاج بدني ونفساني من المعاناة والقهر والفقد لأحبائهم الجوعى المرضى الذين كانوا يستغيثون في لحظاتهم الاخيرة بحاجة إلى العلاج والدواء والذي لم يكن موجودا وهم معتقلين رهن الاعتقال …
إضطر الكثيرون من أرباب العائلات القادرين ماديا او ذوي العزائم القوية وحب المغامرة للحفاظ على عائلاتهم من السبي وهتك الأعراض إلى الهرب والهجرة إلى دول الجوار، ولم يترك المستعمر الا القلة البسيطة من المدنيين في المدن الكبيرة شبه سجناء لا يتحركون من منطقة إلى أخرى إلا بتصاريح خاصة .مما تم الحصر والمنع من تهريب السلاح والذخائر والأدوية للمجاهدين بالبادية ولم يتاح التعليم إلا لسكان المدن حتى يتعلموا اللغة الايطالية لتأهليهم للدخول ضمن الحياة العامة الايطالية وكان التوظيف في الوظائف البسيطة ضمن الإدارات المحلية لفئات قليلة من الموالين أو المتجنسين بالجنسية الايطالية…
و قامت الارساليات الكاثوليكة بدور كبير للتبشير بالدين المسيحي والتنصير مما دخل البعض للدين الجديد نظير عدم الايمان القوي والجهل وضعف العقيدة والطمع في الحصول على مزايا زائلة مع الوقت، وهناك الآلاف من القصص التى حدثت لا مجال لذكرها وإلا سوف احتاج لكتابة مجلدات عديدة عن البعض فقط .
وبدأت الحرب العالمية الثانية في اوروبا عام 1939 وانتهت وتوقفت في عام 1945 م وشملت جميع المستعمرات وكانت ليبيا وطني إحداها وتناحرت الجيوش من الطرفين المحور ( المانيا وإيطاليا ) والحلفاء ( بريطانيا وامريكا وفرنسا ) على الانتصار بكل ما أوتيت من قوة ومعدات وعتاد وتم الخراب والدمار للمدن والقرى الليبية نتيجة القصف العشوائي الجوي من الطائرات المغيرة بحجة ضرب المنشآت العسكرية والخدمات للجيوش حتى تشل تحركاتها من التموين وبالأخص مخازن وخزانات الوقود التي تعتبر العصب الأساسي لتحريك الآليات من جميع الانواع .
وتم القصف الارضي أوقات الهجوم والدخول عنوة للمناطق، وقتل الابرياء من الأهالي السكان الذين وقعوا في الفخ والمصيدة بين النيران المتناحرة في الكر والفر الهجوم والانسحاب من القوات المغيرة والمدافعة بدون اي مصلحة ولا ناقة ولا جمل في الحرب الضروس الدائرة بين هؤلاء وهؤلاء …
ساعدت المقاومة السرية الليبية بكل القوة الحلفاء وتم تكوين نواة الجيش الليبي من المجاهدين الذين كانوا في الغربة ومعظمهم من المنطقة الشرقية بقيادة الامير محمد ادريس السنوسي الذي تحصل على وعد من الحكومة البريطانية بالمساعدة على الاستقلال لإقليم برقة وتنصيبه أميرا عليها بعد انتهاء الحرب في حالة الانتصار للحلفاء .تكون لواء كامل من الرجال الليبيين بالخارج في الكيلو 9 على الطريق الصحراوي بين القاهرة وليبيا وإلتحق اللواء بالجيش الثامن الانجليزي وكانت له أدوارا كبيرة في التغلغل وراء خطوط العدو نظير المعرفة بالارض واللغة، والتخريب المستمر لخزانات النفط والمعدات المهمة وتدمير الطائرات بوضع الألغام التي تنفجر بعد الانسحاب للفرقة من موقع العمليات مما أربكت العدو وجعلته محتارا وهي رابضة على الارض فترات الليل بالمطارات مهما كانت الحراسات شديدة وقوية…
وإنتصر الحلفاء بزعامة امريكا وروسيا الشيوعية وبدأت الحركات والمؤامرات السياسية على الوطن فترة الانتداب إلى ان تم الاستقلال، والحمد لله تعالى كنا في ذاك الوقت فقراءا مهمشين لا احد من الدول يرغب في رعايتنا حتى لا تتورط في اعاشتنا وتمويل حكومتنا…
ولو كان النفط في ذاك الوقت مكتشفا يتدفق لعانينا الكثير من الصعوبات واللعنات التي سوف تلاحقنا ولا نخرج منها منصورين الا بصعوبة بعد نضال وكفاح طويل ولن نتحصل على الاستقلال بسهولة من الدول القوية الطامعة في خيراتنا والهيمنة على ثرواتنا.ليبيا وطني كانت دائماً سباقة في العطاء والجهاد والنجدة لاخوتنا العرب والمسلمين وجحافل المتطوعين المدنيين خير شاهد في النجدة والنخوة للجهاد بالروح والدم في حرب فلسطين عام 1948 م والذي آخي الاكبر الحاج صالح (رحمه الله تعالى ) كان احد المتطوعين فيها…
النجدة للمسلمين في الحروب والثورات ضد الغزاة في أفغانستان والعراق مما حيرت الغرب والشرق كيف هؤلاء الشباب المقاتلين وبالأخص من مدينة درنة الصغيرة لديهم القناعة والرغبة وقوة البأس على التضحية والفداء وطلب الموت والإستشهاد في أوطان الآخرين نظير قضاياهم وليست قضيتهم الخاصة .
حيث الحرب ليست على التراب الليبي ونسوا وتناسوا اننا مهما تشرذمنا إلى احزاب وشيع، ومهما دست الأصابع السوداء بذور الفتنة والعداء في أوساطنا من القوى الخفية نظير مصالحها، فأننا وقت النداء والواجب نحن أخوة أمة عربية إسلامية واحدة .بعد جهاد ومناورات سياسية كبيرة وخداع ودسائس من الغرب حتى لا يدخل الدب الروسي إلى مياه البحر المتوسط مقابل حصتهم من غنيمة الحرب فقد كانوا عضوا رئيسيا في النصر ولولاهم قوات المحور لا تهزم بسهولة الا بعد خسائر جمة والدولة الالمانية بزعامة هتلر إستمرت لمدة اخرى تناضل وكان من الممكن ان تربح الحرب لان البريطانيين وصلوا لمرحلة اليأس والضعف على الاستمرار على وشك الإفلاس والتسليم…
عندما كثر اللغط تم إحالة القضية إلى مجلس الأمن لاتخاذ القرار والتصويت على المصير وفازت ليبيا بالحظ بالاستقلال بصوت واحد من مندوب جزيرة هاييتي بالمحيط الأطلسي الذي تمرد على دولته ولم يطع الامر السيد ( أميل سان لاو ) الذي نظير المعرفة مع الوفد الليبي ايام الجلسات والنضال في مبنى الامم المتحدة في نيويورك وتقضية السهرات الجميلة في الفندق أثناء القعدات الليبية مع بعض بالليل خارج الأروقة، واليوم الثاني يوم التصويت كان منتشيا من السهرة الطويلة للفجر وصوت لصالح ليبيا بالاستقلال عرفانا بجميل الأخوة الليبيين على الكرم .مما كانت ضربة قوية للجميع لم تكن في الحسبان وبالاخص صفعة قوية لمعظم الدول الطامعة في الهيمنة على ليبيا وجعلها تحت الوصاية وعلى رأسها بريطانيا وروسيا وفرنسا، حتى دولة ايطاليا الخاسرة في الحرب طالبت بنصيبها بدون وجه حق على الوصاية وبالاخص على اقليم طرابلس الغرب الذي أصبح ولاية من ضمن المملكة .حيث إيطاليا كان لديها العديد من العملاء الليبيين والاسر معروفة حتى الآن… الذين كانوا واجهات وطنية زائفة هشة في الخفاء من بعض العائلات النافذة في المنطقة الغربية وقتها والآن على الرف بآخر الطابور حيث تاريخ العمالة لا يرحم مصيره الفضح والسقوط …
العائلات العملاء كانوا يتمنون ان يعود الإيطاليون للحكم والوصاية من جديد حتى يحافظون على الحظوة والنفوذ والمصالح الخاصة من ان لا تنتهى وتموت…
ولكن الرب موجود واستقلت ليبيا ونجحت وفازت ونجت من المؤامرات وأصبحت مملكة من ثلاثة ولايات وبرلمان يتكون من مجلس نواب ومجلس شيوخ ورئيس وزراء والكثير من الادارات التنفيذية وعلى رأس الجميع الملك محمد ادريس السنوسي الاول وللأسف كان الاخير …
لم ترتاح المملكة بل اشتد الصراع القوي بين عائلة الشريف التي جزء أساسي من العائلة السنوسية الذين كانوا يطالبون بالملك بحقهم العائلي والوراثة للطريقة السنوسية والعرش حتى لعائلة الشريف وليست حكرا على الفرع السنوسي فقط في المشاركة بالحكم حيث يلتقون في جد واحد ( فضيلة الشيخ محمد بن علي السنوسي المصلح الاكبر ) .الصراع مع عائلة الشلحي التي كان عميدها امين سر الملك وخادمه الوفي الأمين طوال سنين والذي بطريقة وأخرى كما يشاع عرف بعض اسرار الملك ادريس الخاصة ايام الشباب، ويقال ضمن الشائعات ان الملك ادريس كان مسحورا من قبل عائلة الشلحي… الحاجة الام الكبيرة كانت تتعامل في العمل الباطني والاستعانة بالجان والعلم عند الله تعالى حيث اصولهم من الحدود بين المغرب والجزائر مما هيمن على الملك واصبح لا يعمل اي شئ او يبت في أي امر خطير في المملكة الا بعد استشارته وأخذ رأيه…
مما زاد الحقد والحسد على آل الشلحي من طرف عائلة الشريف، على الحظوة والمميزات التي زادت عن الحد وهم ليسوا اصلا من صلب العائلة السنوسية بل أدعياء على المملكة من عامة الشعب، أتباعا وخدم للملك ادريس .أنتهى التحدي بإغتيال عميد الاسرة السيد ابراهيم الشلحي في وضح النهار في احد شوارع بنغازي وكان القاتل الشاب محي الدين الشريف الذي عمته الملكة فاطمة ابنة عم الملك ادريس رأسا وزوجته والتي لم يخلف منها ذرية مما زاد الطين بلل حيث الصراع على الحكم والسلطة استشرى وزاد شرورا وشراسة وعنفا…
وبدأت الاغتيالات والتصفيات وقتل الضابط بالجيش ذو الرتبة الرفيعة العالية وقتها السيد ادريس العيساوي من الاخوان المقربين للملك بعد ان استدعى هاتفيا لأمر مهم وهو يسهر في المقهى للقدوم العاجل إلى الكلية العسكرية في الليل…وفي الطريق وجد نقطة تفتيش مموهة وعندما توقف تم اطلاق النار عليه وكان شجاعا ودافع عن نفسه بمسدسه مما هرب القاتل وترك فترة ينزف حتى تم الاسعاف والنقل إلى المستشفى البريطاني في المعسكر البريطاني القريب وترك يتألم بدون علاج سريع من الاطباء الانجليز الحاضرين على ما اعتقد بناءا على تعليمات حتى يموت وينتهي، بدلا من النقل للمستشفى المدني بالمدينة خوفا من البوح بالاسرار .
وطلب الضحية حضور قائد الجيش الزعيم نوري الصديق الذي حضر بسرعة للمستشفى لمشاهدته وهو يلفظ في الأنفاس الأخيرة واباح له بالسر ومن القتلة وتوفى… طالبا منه إبلاغ عائلته للأخذ بالثأر له من المجرمين القتلة .
اليوم الثاني في المقبرة وعلى قبر الشهيد الذي أغتيل نظير تصفيات على مراكز الحكم والسلطة أثناء التأبين وهو تحت طائلة الغيظ والغضب اقسم الزعيم نوري الصديق قائد الجيش وقتها بشرفه العسكري انه سوف يتابع الموضوع ويحقق في القتل وأشار بطريقة ما إلى المتهمين ومن أعطى الامر بالتصفية الجسدية والقتل بدون ذكر الاسماء …
الذي في ذاك الوقت يعتبر الامر مستغربا، لا يعرف الشعب عن العداء والصراع الذي يدور في الخفاء على الحظوة والسلطة …
وبطريقة او اخرى بالليل وصلت للزعيم نوري الصديق رسالة تهديد وإنذار شفوية عن طريق اصحاب ثقات وتحذير حيث يلعب بالنار بالصمت المطلق وعدم الثرثرة، والا سوف يغتال ويدفن بجانب الشهيد العيساوي… ومنذ ذلك اليوم، صمت من الخوف ولم يتكلم حتى فارق الحياة من عدة سنين قبل الثورة المجيدة وحتى الآن لم يعرف السر ولكن جميع الأصابع تتهم عائلة الشلحي انهم من أعطى الضوء الأخضر والامر بالتنفيذ…
ونكاية في عائلة الشلحي لم يمر الامر بسهولة كما كان القتلة يتوقعون حيث تم اغتيال مدير الخاصة الملكية السيد البوصيري الشلحي الذي حل في الوظيفة العالية الرفيعة مكان والده الذي قتل، نكاية في عائلة الشريف، وهو مازال طالبا في الجامعة في بريطانيا ومتزوجا من بريطانية ولا يحق له بالوظيفة حسب الدستور ولكن بطريقة خافية تم التلاعب والتغيير وصدر مرسوم ملكي بالتعيين الفوري وإستدعاؤه من لندن للعمل…
نظير الصراع الكبير بين العائلتين تدخلت اطراف اخرى دولية غربية بين الأجهزة الأمنية البريطانية والأمريكية حسب مطالعاتي وقراءاتي وتم التدبير وقتل مدير الخاصة الملكية السيد البوصيرى الشلحي بطريقة فنية بدون ان يعلم اي احد…في حادث سيارة مريع في منطقة إجدابيا وهو يقود سيارته الجاقوار بسرعة رهيبة، حيث لأمر ما، حادت عن الطريق وانقلبت عشرات المرات وتوفي الرجل في الحال!
هذه الروايات الرسمية والكلام والهمس بين اوساط الشعب في تلك الايام حيث كنت شابا يافعا وسمعت الكثير والكثير في الغربة من رجال العهد السابق للمملكة عن ماذا حدث من صراعات داخل القصر مما جعلت الملك ادريس الداهية في الحكم والمعرفة في التعامل بهدوء وصمت مع الجميع باللين حتى يصل لاهدافه .وكان على علم بماذا يدور في الخفاء من صراع في القصر بين العائلات آل الشريف وآل الشلحي الذين اصبح لهم الشأن الكبير في المملكة برعايته كوصي بعد اغتيال والدهم وأصبحت لهم حاشية كبيرة من المنافقين نظير الحصول على الامتيازات …
و لعدم وجود وريث قوي للملك في حالة الوفاة فجأة أو التنازل تم تعيين اخوه السيد الرضا الصديق كولي للعهد الأيام الأولى للاستقلال ولم يعش طويلا وتوفاه الله تعالى وتم تعين ابنه السيد الحسن الرضا كولي للعهد للمملكة الناشئة والغنية في الثراء بالثروة الخيالية بالنفط …
وكان المعروف عن ولي العهد الحسن انه كان ضعيفا خجولا لا يرغب في الحكم والسلطة وانما شبه فرض عليه كما يتردد من اشاعات في اوساط الشعب في ذاك الوقت، لا يستطيع لجم الامور وفرض الوجود على الحاشية التي مع الوقت أصبحت مراكز قوة قوية صعب القضاء عليها عندما يتولى الحكم ويصبح هو الملك الفعلي يوما ما…
الملك الراحل ادريس وهو في استقبال بعض اعيان درنة بقصر الزهور |
أصبح الملك ادريس الاول راغبا في التقاعد وترك الحكم لانه مسالم غير دموي طاعنا في السن وزاهدا في الملك يريد تمضية بقية ايام حياته وتقاعده في واحة الجغبوب جنوب طبرق حوالي 250 كم بجانب ضريح جده المدفون بالجامع الوحيد وقتها هناك، حتى يتوفاه الله تعالى ويدفن بجانب الجد المصلح للسنوسيين وآل الشريف ، مؤسس الطريقة السنوسية التي كان لها الفضل الكبير في نشر الدين الإسلامي في مناطق كثيرة بأفريقيا السوداء…كانوا يدرسون ويعلمون الاطفال الأفارقة اللغة العربية وحفظ القرآن وأصول الشريعة والدين الصحيح حتى يشبون ويصبحون وعاظا وشيوخ علم وفقه، ويرسلون إلى قراهم وأهاليهم مندوبين عن الدعوة السنوسية مما نجحوا نجاحا كبيرا في نشر الاسلام والعلم في بعض دول افريقيا في وقت قصير…
الطريقة السنوسية كان لها الدور الكبير في الدفاع عن الوطن في الحروب والمعارك الكثيرة مع الأوروبيين ضد الفرنسيين في الجنوب اقليم فزان وضد الانجليز على الحدود الشرقية حتى سيدي البراني… واكثر من ثلاثة عقود ضد الإيطاليين وبالأخص في الجبل الاخضر بالمنطقة الشرقية بقيادة البطل عمر المختار الفعلية تحت لواء الامير ادريس وقتها شيخ الطريقة السنوسية وزعيمها الذي توج ملكا بعد النصر…
وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية تصدى للمؤامرات السياسية الدولية والمحلية الجهوية للتقسيم وتقطيع الوطن إلى دويلات قزمية ومع الوقت والجهد والمثابرة تم توحيد ليبيا في دولة واحدة ونالت الاستقلال وأصبحت مملكة لها كيان معترف به في الامم المتحدة…
الملك ادريس العجوز الزاهد سليل العائلة السنوسية الشريفة كانت امنيته عند وفاته الدفن في واحة الجغبوب حسب وصيته كما شرحت من قبل ولكن لم تتحقق امانيه فقد توفي بالغربة بعيدا عن ليبيا مبعدا منفيا … ودفن في مقبرة البقيع المشهورة بالصالحين بالمدينة المنورة، رحمه الله تعالى بواسع الرحمة فقد كان الملك رجل صالحا داهية في الحكم، يوصي دائماً بالخير والعدل والمساواة، يعرف طريق الله تعالى ولكن أصيب بحاشية فاسدة استغلت الطيبة ابشع الاستغلال لتمرير مصالحها الخاصة وأساءت له وللمملكة والوطن… ونحن كأبناء الشعب وقتها صغارا بالسن عديمو التجربة والخبرة، لم نعرف قدره ومزاياه العديدة حتى فقدناه…
المولى عز وجل في كتابه المصحف الشريف قال ( عسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم ) والحرب العالمية الثانية بجميع ويلاتها ومآسيها من خراب ودمار كانت فرصة كبيرة ورحمة ان تخلصنا من المستعمرين الإيطاليين الذين مخططهم إبادة الشعب الليبي العربي المسلم من على الخريطة وتصبح ليبيا تابعة الى ايطاليا مقاطعة كاثوليكية مسيحية ( الشاطئ الرابع ) والليبيين اصحاب الارض يصبحون قلة لا صوت لهم كما حدث في التقسيم لدولة فلسطين والتي إلى الآن العرب واليهود يعانون غير قادرين على الوصول إلى حل وحلول تشرف الطرفين،والدليل تعداد السكان في ليبيا يوم الاستقلال من طرف الامم المتحدة كان عدد الشعب 750 الف نسمة وفي التناقص، أليست بجريمة وجرائم إنسانية لو استمر المستعمر المحتل في البقاء إلى الآن في ليبيا؟؟؟
والمؤسف ان الشعوب تنسى بسرعة الاحداث الجسيمة والمآسي وبالآخص العرب… ولا تشرح قضاياها للعالم بالعمل الدؤوب ضمن مخططات ودراسات واسترداد حقوقها في حدود الاصول والقانون والضغط على الاعداء بجميع الطرق القانونية لدفع التعويض المجزي، كما فعل اليهود الذين طاردوا كل مجرم نازي تسبب في الهلاك والقتل أثناء سنوات الإبادة في المانيا الهتلرية النازية ( فترة الثلاثينات ) من القرن الماضي بعد الحرب العالمية في اي مكان بالعالم …
قام الانقلاب الاسود في الاول من شهر سبتمبر عام 1969 م والذي سمى بثورة الفاتح العظيمة ومنذ ذاك اليوم الاسود طارت البركة السنوسية عن الوطن! وحلت اللعنة وتمكن الأهوج القذافي مع زمرته من مسك زمام الامور بطرق خبيثة بمساندة القوى الخفية من الحركات السرية العالمية والكبار من الدول، الذين مصالحهم تتطلب مثله لإنجاز المهمات الخبيثة …
أولها تأخير نهضة ليبيا وإرجاعها إلى الوراء والخلف بمقولات وطنية حماسية مثل دس السم وسط العسل الحلو اللذيذ والواقع موت ودمار وخراب، خلق الفتن بين جميع الدول للعالم الثالث نظير الدعم المادي الضخم، احياء التطرف الديني المتعصب والارهاب الأسود حتى تمت ولادة وحش وغول كبير مفترس وتربى مع الوقت على الدم والقتل لتحقيق اغراض معينة مطلوبة …وعندما شب وكبر اصبح من الصعب القضاء عليه وطال صانعيه ومؤيديه وإلى الآن في الوقت الحاضر غير قادرين على نهايته مهما عملوا من صد ومطاردات وقبض .
أشيع وقتها في الخفاء في أضيق نطاق لدى البعض في اوساط الشعب في الهمس والصمت من الخوف والرعب من الملاحقات والتحقيق العسير من الأمن، ان القذافي عميل مدسوس للدمار والخراب وليس للنهضة والتعمير والبناء كما يدعى وتطبل له أبواق الدعاية والإعلام الكاذب الزائف الذي طغت الموجة الناصرية على السطح في ذاك العصر .
وظهرت رسالة الكاردينال الايطالي للوجود الذي كان راهبا بسيطا في الأبرشية المسيحية في المنطقة الوسطى في الأربعينات من القرن الماضي، وقتل البعض ممن حضروا ترجمتها من الضباط ولم يصدق اي احد وقتها نظير النشوة والحماس والصرف بدون حساب لكثير من المشاريع ان القذافي شخص مدسوس عميل…
وكانت الرسالة معنونة إلى القذافي شخصيا تطلب منه الرأفة باليهود الليبيين والجالية الايطالية التي كانت موجودة بكثرة في المنطقة الغربية في طرابلس تتجاوز اكثر من سبعين ألفا نسمة، لان أصوله منهم توفرت فيه الاديان الثلاثة، الاب مسيحي إيطالي والام يهودية والذي رعاه ورباه مواطن ليبي مسلم،ولكن كل هذه الحقائق طمست وأزيلت في صمت وبهدوء بدون جلبة، ولم تظهر الا من القلائل والتي كل من عاصر الحقبة والميلاد من كبار السن من المقربين للعائلة الذين يعرفون الحقيقة والسر، او أي احد من المنطقة توصل بطريقة او اخرى وعرف الاسرار والحقيقة عن مولده ونشأته تم التخلص منه بالقتل والموت واسكاته وصمته إلى الأبد بمهارة في التنفيذ .
الدول الكبيرة خططت ودعمت من بعيد ومنعت عنه المحاولات العديدة بطرق فنية من الاغتيالات والثورات من خصومه العديدين الضحايا نظير الثقة في الغرب، وبلغت عليهم بالسر له حماية للمصالح والمخطط المرسوم وقام بالإيقاع بهم نظير دس بعض أعوانه الثقات في أوساطهم، او من خلال القبض والتعذيب الجائر الشرس حتى الموت .
وأشيع ان المخابرات الليبية والأمن ساهرا يعلم بكل شئ يحدث في الجماهيرية وبالاخص لدى العسكريين كبار الرتب، وزاد الخوف والرعب من اللواء الخروبي، صبي وخادم القذافي الأمين طوال الوقت، انه وراء عمليات الايقاع والتعذيب للعسكريين بدون شفقة ولا رحمة. واصبحت للقذافي هالة خوف ورعب كل يوم تزيد والشعب ينافق يهتف ويصفق ولا يدري بما يجري في الخفاء من صراعات ومؤامرات طوال عقود لتنفيذ اغراض ومهمات خاصة لخراب ودمار وتضييع الوقت حتى لا ننهض من السبات والنوم .
القضية الاساسية لدى العرب نظير تطبيل الاعلام المصري لاحتلال اسرائيل لفلسطين وتأييد الغرب والشرق لها على طول الخط مما الشعوب الجاهلة صفقت للقذافي نظير الهجوم اليومي الكلامي على الأعداء الغرب وإسرائيل والتشدق والتهديد طوال الوقت ….
أيدته الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج نكاية في اسرائيل والغرب، والواقع المؤلم على الخداع المستمر والجهل من العرب سيقوا إلى اتخاذ مواقف صعبة وحروب، والباطن القذافي حليف قوى تابع مطيع مدسوس بطريقة شريرة شيطانية في الجسم العربي الإسلامي لتقديم الخدمات في الامور التي عجزوا عنها من تفكيك الامة العربية وإشاعة الارهاب والرعب في العالم، والإفلاس بليبيا ماديا وذهنيا حتى لا تنتهض وتتقدم …
قضينا سنين عديدة في الجحيم وحدث الذي حدث ولا داعى للسرد لجميع الاحداث المؤسفة والمخجلة من التعذيب والقتل لأي انسان مواطن غيور يتحدى، وفضيحة القتل الجماعي في مجزرة سجن ابو سليم جريمة بشعة سكت العالم الحر عليها ولم يدان المجرم بأي جرم كان …غير الكلام بدون تنفيذ…
دان الجميع بالسمع والطاعة نظير الخوف والرعب القاتل حتى شل الجميع عن الكلام والتمرد، ولكن الشعب الليبي الصبور مهما تمر عليه من امور شائكة قاتلة ومهما يتراءى للإنسان انه متشرذم غير موحد، مهما به من صراعات جهوية وثأر قبلي، ساعة الجد والنداء في سبيل الله تعالى والوطن، الجميع ينسى الخلافات والدس ويصبحون يدا واحدة مع بعض… والدليل ثورة 17 فبراير 2011 م المجيدة عندما زاد الظلم والطاغية عن الحد هب الشعب ولم يتوقف عن النضال والمعارك الشرسة بدون سلاح كاف في البدايات ولا معدات حتى تم النصر المبين بعد ثمانية أشهر من القتال المرير الشرس وسقوط الآلاف ضحايا شهداء وجرحى ومعاقين حتى تم القبض والاسر للطاغية، وقتل شر قتلة عندما تم اسره وهو يترجى آسريه طالبا الرحمة .
حيث الانسان المواطن لا يعرف الحرية والعزة والكرامة الا في وطنه حيث ينتمى مهما جارت عليه وشعر من اهله بالغبن والخوف والتسلط، حيث عندما يعم الظلم على الجميع يعتبر عدل لأنني شخصيا جربت الهرب والغربة والمطاردات والنجاة من التصفيات العديدة بالخارج من فرق الموت اللجان الثورية، ورجعت للوطن رافعا الرأس منصورا وقاومت بهدوء وصمت حتى انعم الله تعالى وانتصرنا في الثورة المجيدة .
ونصيحتى عدم اليأس تحت أي ظرف كان !!! وعدم التوقف والمقاومة من اجل تحقيق الحق والعدل والمساواة ضمن دستور وقانون يحفظ حقوق الجميع، والدعوة والاهتمام بالمصالحة الوطنية مع الخاسرين للحرب حتى يوما يصل للهدف فلا يدوم الحال طوال الوقت، حسب المثل الشعبي ( دوام الحال من المحال ) .
والآن نحن كشعب ليبي متآزر نعاني فى مشاكل كبيرة وفوضى عارمة داخلية نظير الحريات دفعة واحدة ( ليبيا حرة ) فقد كنا عملاقا كبيرا مخدرا بالخوف والرعب من طاغية جبار . وزال المخدر فجأة ورفع الغطاء مرة واحدة ونهض وحارب بكل الشراسة والقسوة وخرج منتصرا في الثورة وبيده السلاح،وعشنا التجربة المريرة حيث الاختيارات الانتخابية للنواب والحكومة لتمثيلنا كانت خاطئة نظير العاطفة والجهوية ،،، ولم نتحقق وندرس من هم ؟؟ وهل لديهم خبرات وتجارب ؟؟ ام شهادات القذافي اللعينة من المدرج الاخضر التي لا تساوي الحبر ولا الورق الذي كتبت عليه ؟؟
قمنا بأخطاء كبيرة في الاختيارات حيث معظم النواب فاشلين غير مؤهلين على تولي المناصب الكبيرة نظير أمور عديدة، والنتيجة الدولة ضعيفة ليست لها هيبة ولا قوة ولا عزم فتحت المجال لكل متسلط من أدعياء الثوار بأن يقبض المال الوفير بدون وجه حق لإسكاتهم مما تداعت إلى الحضيض واصبح النهب على قدم وساق كل يوم، وبدلا ان نتقدم وننهض كل يوم نتراجع ونتخلف إلى الوراء والجميع بالداخل والخارج لهم اطماع فى الثروة الرهيبة يريدون الاستيلاء عليها بدون وجه حق، مما عن قريب اذا إستمرينا على هذا الحال المؤسف سوف نعجز عن الوفاء والدفع ونعلن الإفلاس .
نحتاج إلى بعض الوقت حتى تنتهى ايام الفوضى والمعاناة الهرج والمرج ، ويخرج ويظهر الرجال الصالحون الوطنيين ذوي الحب والولاء من خضم الاحداث والصراعات ويصبحون قادة لهذا الشعب الذي ضحى بآلاف الشهداء والجرحى والمعاقين …حيث يومها سوف نضع الأرجل على الطريق الصحيح بإذن الله تعالى، وعندها سوف ننهض في وقت قليل فمن ( ليبيا يأتي الجديد ) مقولة قيلت منذ آلاف السنيين ومازالت تعيش وتتجدد مع الوقت حتى الآن وبالمستقبل إلى ماشاء الله تعالى !!
إننى مهما عددت وسجلت وحاولت التذكر والذكر، لن أستطيع الايفاء ولا تسجيل جميع العطايا والنعم فالخيرات عميمة بدون حساب ولا عدد كما قال الله تعالى في كتابه القرآن الكريم بسم الله الرحمن الرحيم ( وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) صدق الله العظيم .
ان ليبيا وطني بها ولدت وبها ترعرعت وعملت ونجحت في الاعمال التجارية والمقاولات وتم الزحف والتأميم عام 1978 م واضطررت للهرب حتى لا أسجن من نظام قمعي أجوف وذنبي وجريمتي انني مواطن تاجرا ومقاول ناجح.رجب المبروك زعطوط
No comments:
Post a Comment