Tuesday, August 27, 2013

الحيرة 17


بسم الله الرحمن الرحيم 

لا أعرف ماذا دهاني من تردد ورهبة وبالأخص في الفترة الأخيرة في مدينتنا درنة الصغيرة في الحجم وعدد السكان  التي كثر الكلام عنها في جميع الأوساط المحلية والعربية  والعالمية بأنها مصنع الانتحاريين الشهداء… تجمع بين جوانبها شباب التطرف الإسلامي والارهاب، الذين تجمعوا فيها من عدة اماكن وأصبحت قاعدة قوية لبعض قيادات الجماعات الإسلامية لأنها أرض خصبة بالشباب المقاتل القادرين على العطاء والفداء من اجل أهداف سامية في نظرهم،  من دون ملاحقة ومتابعة قوية حيث لا قانون سائد ولا رجال أمن وعيون ساهرة، وليست الدولة الضعيفة المتخاذلة، قادرة على عمل اي شئ ضدهم  من الخوف والرعب على حياتهم من الخطف أو  الاغتيالات من الجماعات المندسة في جميع الأوساط  . 
الرؤوس الكبيرة  تخطط لأعمال إرهابية في ظل الفوضى وإنعدام الأمن والمتابعة من الدولة  لتجعل منها عاصمة مميزة للدعوة وتجديد الدين  الإسلامي، مما اصبحت  الإقامة فيها خطيرة على الانسان المواطن المتحضر  الذي له علاقات وصداقات  كبيرة وكثيرة مع الأجانب من جميع الاتجاهات  في الأوساط الليبية خوفا من الاتهام بالعمالة… والقتل والإغتيال ببساطة وكأنه ذبابة،  من قبل ذوي العقول المتطرفة….
لأن المتطرفين لهم آراء خاصة بتجديد الدين، دعاة للإصلاح يريدون ويرغبون تطبيق الشريعة حسب السلف السابق منذ الف وأربعمائة عام، رافضين التجدد والتطور مع العصر الحديث، وأن كل شئ حديث جديد يعتبر مخالفا للشريعة  بدعة من البدع الضارة ضد  عادات السلف، يعيشون في تخلف مبين  في جاهلية  القرن الواحد والعشرين،  لا يريدون ان يفهمون ان ديننا الحنيف يتجدد ويتطور  مع الزمن صالحا لكل زمان ومكان… مما تسببوا في مشاكل لا حصر لها في الأوساط المحلية  والعالمية، غير قادرين على فهم الآخرين نظير التعصب الأعمى وفرض الرأي بالترهيب  والقوة وليس باللين والترغيب، الذي هو اساس الحياة والعيش في أمن وأمان… ونفس القصة من  الطرف الاخر من جميع فئات ابناء الشعب  الغير قادرين على فهمهم والتعايش معهم بسلام وأمن وأمان خوفا من الغدر في الغفلة،   وفتح باب الحوار بالنقاش الهادئ  بالعقل واستعمال الحكمة عسى ان يصلوا إلى حلول مشرفة  نابعة من القلوب الصادقة للمصلحة العامة،  ويتآلف الجميع إلى ما فيه الخير والتوفيق  لجميع الأطراف…
كثرت الاغتيالات والتهديدات في المدينة  الصغيرة، مدينة النور والعلم، مدينة أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، المعروفة قديما وحاضرا بالعلم والنور  بالعطاء والنخوة والفداء، تم الاغتيال والقتل  والتصفية الجسدية لعدد 73 ضحية، الظالم مع المظلوم في مدة بسيطة حوالي 20 شهرا  بعد النصر في الثورة العارمة المجيدة ثورة 17 فبراير 2011 م  ضد الظلم والظالم الطاغية مما أصاب المدينة بالشلل والخوف والرعب لدى عامة الشعب الأبرياء  والكثيرون من أهاليها بدؤا يرحلون يغادرون  تباعا إلى المدن الاخرى للسكن والإقامة بعيدا  عنها او خارج الوطن، آثرين الغربة والتعب والمعاناة  للبحث عن الطمأنينة والأمن والأمان لعائلاتهم وأهاليهم  بدلا من العيش في ترقب وخوف وتحطيم الأعصاب، مما تأثرت المدينة إقتصاديا وبدأت  سحب المعاناة  والضيق تتجمع  وحتما الضغط  مع الوقت سوف يولد الانفجار!
إن المشكلة الرئيسية لدى المواطن البرئ، أنه لا يمكنه ان  يعرف من العدو المجهول من الصديق  المنافق  حتى يتفادى شره  ويبتعد عنه، او يتحداه ويصارعه بالحق ويدافع عن النفس بدل الموت غيلة نتيجة الغفلة وعدم الاهتمام

قضيت  العديد من الايام في شهر رمضان المبارك بها وغادرتها إلى طرابلس حيث قضيت اسبوعا لترتيب بعض الامور المستعجلة والاهتمام بالسكن بدلا من الغياب المستمر، ورجعت إلى بنغازي لمراجعة دكتور الأسنان وقضيت خمسة ايام وانا كل يوم أتردد على العيادة ولم انتهي بعد،  لأنها تستغرق  وقتا طويلا في العلاج والتركيب وخاصة خلال شهر رمضان وكنت صائما طوال الوقت، مما اضطررت إلى الترحال إلى مدينة  درنة على ان ارجع بعد العيد للمتابعة
لم أستطيع الرجوع إلى طرابلس والبقاء لوحدي هناك موزعا بين المدن،  حيث الحاجة زوجتي  أصرت على إلبقاء في بيتنا في درنة  وعندها كامل الحق، لأن زوجة إبني محمود حامل في شهرها التاسع  في انتظار الوضع لمولودة في الاسبوع القادم وتريد ان تكون متواجدة عند ميلاد الحفيدة الجديدة 

أكرمنا الله تعالى ويوم 28 رمضان بميلاد الحفيدة رقم 4 في الاسرة وكانت فرحة عارمة ان الامور مضت بسلام بدون أية مشاكل والمولودة والأم يتمتعان بصحة وعافية جيدة وتم إعطاؤها إسم ( صفية ) على اسم الجدة الحاجة زوجتي تيمنا وبركة مثل العادة

قضيت بقية شهر رمضان وأوائل أيام عيد الفطر المبارك في مدينة درنة وأول مرة في حياتي  لا أشعر ببهجة العيد وحلاوته كما كانت الأعياد تمر من قبل في فرح وسرور… شعرت بالإحباط والكآبة والحزن  وان في شئ مجهول في الافق يدور ولا أعرف ما هو
شعرت بالأسى والضيق للنفس حيث ظلال الكآبة والحزن تخنق أنفاسي طوال الوقت من تجرع الأحزان حيث سنة 2013 م سنة أحزان ومآسي فقد فقدت أعزاء الأحباء ابن الخال رفيق الطفولة والصبا في بداية السنة، وأختين شقيقتين وراء بعضهما من عدة شهور مضت (إلى رحمة الله تعالى).

فقدت اعزاءا آخرين نتيجة الحوادث  المؤسفة والتصفيات الجسدية والاغتيالات للبعض من المعارف والأصدقاء وبالأخص خلال شهر رمضان الكريم المبارك، من مجرمين قتلة في الغفلة والخفاء نظير سوء الفهم أو الثأر لأخطاء بسيطة نتيجة الاتهام  الباطل وأعمال لا تخصهم وليسوا قيمين عليها، بدون عدل ولا محاكمات ولا قانون،  يتخذون من الاسلام أقنعة زائفة  للمواراة  والعيش في الخفاء ووراء الستار  وهم في نظري ونظر الجميع بعيدين عنه بعد السماء عن الارض
شعرت بالضيق وعدم الراحة وغياب الطمأنينة والأمن والأمان من الغول الجديد الرهيب الذي حير دولا كبرى بالعالم، الذي يلتهم الاخضر واليابس نتيجة الجوع للانتقام الاسود، بدون مبررات… وهو التطرف الأعمى من قبل مواطنين يدعون العلم وهم جهلة متعصبين  بقصد او بدون قصد…  تعلموا القشور الزائفة  عن الدين نظير الدس  والخبث ضمن اجندات مبرمجة من أساطين وأساتذة الشر والشرور لتحقيق مآرب خاصة للغير من القوى الخفية الدولية حتى تستمر المعاناة والضيق ولا يرتاح الوطن ولا المواطن طوال الوقت
 بالتالي يتم الخراب والدمار الإقتصادي وكأن لعنة حلت بالوطن وبالأخص في مدينة درنة المجاهدة المهمشة المنسية خلال جميع العهود من اول يوم للاستقلال سنة 1951 م… والتركيز على تشويه دين الاسلام الحنيف  من المشككين الملحدين أعداء الدين الإسلامي   الذي أساسه السلام والمحبة والاحترام لجميع الاديان والبشر

هؤلاء المتطرفون يدعون العلم والإصلاح وهم بعيدين عنه… لسبب بسيط: من هم ؟؟ من الذي أعطاهم الحق باستعمال القوة والاغتيالات والتصفية الجسدية والتشويه للمواطن المسلم في كل مكان بالعالم الغربي والشرقي،  ضد جميع القوانين الانسانية والاعراف والدين لخصومهم المخالفين في نظرهم حسب ما يتراءى لهم
إنني مثل الذي يحفر قبره بيده عندما الانسان الحر الشريف يتحدث عن الاخطاء القاتلة التي حدثت وتحدث من هؤلاء…  يعتبر لدى ذوي العقول الضيقة المتطرفين انني عدو لهم ويصنفونني  على اللائحة بالتصفية.. لأنني أقول الحق والصدق، والواقع المرير أنني لست بعدو لهم، بل مشفقا على أوضاعهم من الاستمرار في طريق الشر والشرور… تدفعني الحمية والنخوة على الدفاع على ديننا الحنيف من التحريف… 
نسوا وتناسوا ان الرب القادر موجود وانه الحافظ لكل إنسان… ولا أستطيع منع قدوم الموت  ولا تأخيره  لحظة واحدة، من الذي لا يريد ملاقاة الرب الخالق وجواره غير الكافر أو العاصي؟؟؟   فكل شئ بأمره تعالى الخالق الأحد، ولكن على الانسان المؤمن القوي أن  يقول الحق والصدق رأسا في الميدان مواجهة  بدون خوف ولا رعب من اي انسان، وفي نفس الوقت لا يتهور ولا يرمي نفسه للتهلكة بسهولة عليه اتخاذ الحيطة حسب القدرات وان لا يكون لقمة سهلة لكل من هب ودب حتى تفترسه أنياب الشر في غفلة

التطرف والجهل مصيبة من المصائب الكبرى التي تحتاج إلى علاج فوري وبتر المرض السرطاني الخبيث الذي بدأ ينتشر في جسد المدينة درنة والوطن ليبيا   نظير الخوف والرعب وعدم المتابعة والعقاب القاسي بالعدل ضمن المحاكم في العلن للمجرمين القتلة حتى يصبحون عبرة واضحة لكل من يفكر فى إتيان الشر… حتى  تستقر الأوضاع  وتعود إلى حالتها الطبيعية كما كنا من قبل نعيش في أمن وأمان  أيام عهد الاستقلال الزاهر في الستينات، بيوتنا مفتوحة الأبواب ننام قريري العين بدون اي خوف ولا رعب من اي اعتداء مهما كان

ان العلاج والدواء الأساسي الذي يقضي على المرض والتطرف الأعمى   هو قيام الدولة القوي على الساحة، حيث الضعف والتخاذل  لها مثل الآن من المؤتمر الوطني والحكومة القائمة… هو الذي أوصلنا لهذا الحال المتردي من الخوف والرعب، نظير الإستهزاء 

فنحن الليبيين شعب عنيد قوي الشكيمة صبور نحتاج إلى دستور جيد نابع من القرآن الكريم أساسه الشريعة حسب العصر الحاضر عصر العولمة،  وحاكم شرس قوي لا يخاف لومة لائم  في التطبيق بالحق،  يحكم بالعدل ضمن القانون، حتى نستقيم  ونتعقل…  والله الموفق

   رجب المبروك زعطوط 

درنة الصابرة 
الجمعة 2013/8/23م 

No comments:

Post a Comment