Thursday, August 15, 2013

الأمن والأمان 7



                                    بسم الله الرحمن الرحيم

 
        لدينا مثل شعبي ليبي  يقول ( ما يحس بالنار الا اللي واطيها ) هذا المثل يتردد منذ عشرات السنين في أوساطنا ولا اعرف المناسبة التي من جرائها قيل وأصبح مع الوقت على كل لسان  ومتى قيل وتردد ؟؟؟  فأنا شخصيا أبلغ من  العمر الآن  السبعين عاما  وأتذكر انني سمعته في الكثير من المرات فترة الصبا والشباب يتردد في الأوساط المحلية في بعض الاحيان اثناء الانفلات الأمني والأزمات والمعاناة والضيق الذي يلم بالمدينة من عبث بعض اللصوص او المجرمين الذين يعيثون الفساد مما تجعل كل الاهالي والسكان  غير آمنين يعيشون الخوف والرعب من غير حدوث اي شئ  …  يتوقعون المجهول بصفة عفوية من امكانية قوع الحدث من عدمها! 
   
لا يعرف المواطن قيمة الشئ وهو في متناول يده يتمتع به ولا يحسه  حتى يفقده فقد كنا وقتها  نعيش في بحبوحة الحال وقمة السعادة والهناءة وراحة البال النفسي ايام العهد الملكي في الخمسينات والستينات كشعب نال الاستقلال منذ فترة بسيطة وليست له أية موارد ودخل إلا من القلائل التي لا تكاد تذكر من تصدير بعض المنتجات الزراعية والحيوانات مثل البقر والأغنام التي كانت تصدر إلى دول الجوار بأعداد كبيرة، إلى مصر واليونان ومالطة 

وكنا نعاني الفقر والمملكة تحبو من اجل البقاء وتعيش على المنح  والمساعدات من الدول الغربية المانحة  لبعض الفتات حتى تستطيع التقاط الانفاس وخاصة أنها  خرجت من حرب طاحنة بين الحلفاء وقوات المحور، معظم المباني والطرق والبنية التحتية  مدمرة … لحقها الخراب من جراء القصف الجوي والأرضي  العشوائي مما تحتاج إلى ميزانيات ضخمة للملمة الجراح والتعمير والتشييد وبالبناء للإنسان  من جديد .

مما اضطرت الحكومة الليبية إلى تأجير القواعد العسكرية في الغرب قاعدة ( ويلس ) على مشارف العاصمة طرابلس الغرب للأمريكان وكانت وقتها من اكبر القواعد الجوية في منطقة شمال افريقيا أثناء الحرب الباردة ضد المعسكر الشرقي روسيا وحلفاؤها العديدين من الدول الشيوعية .

والقاعدة الثانية كانت منطقة العدم  التي تبعد عن مدينة طبرق  بالشرق حوالي ثلاثون كم والتي كانت قاعدة جوية كبيرة للجيش البريطاني الذي خرج منتصرا في الحرب العالمية الثانية بصعوبة وكانت بريطانيا على وشك الإفلاس والانهيار المادي نظير الحرب التي إستنزفتها واستعمارها للكثير من الدول والشعوب بعجرفة والتحكم في قدراتها بدون وجه حق مما الجميع بعد نهاية الحرب ثار عليها وإستقل منها وللحفاظ على ماء الوجه تم التنازل عن الكثير بسهولة من غير حروب 

فقد تنازلت الإمبراطورية التي لا تغرب عنها الشمس عن السلطة والهيمنة طواعية بإرادتها واصبحت تابعة تدور في الفلك الأمريكي العملاق الذي نهض من النوم والسبات وخرج من أقاصي الغرب عابرا المحيطات الشرق والغرب  ومد النفوذ واصبح يهيمن على الكثير من الدول في العالم بالقوة أو المال والإعلام .

كنا فقراء ولكن سعداء نرفل في الأمن والرخاء ننام بدون خوف ورعب من اي تعدي بدون أحكام وقفل الأبواب نظير الطمأنينة وراحة البال، لا نعرف الخوف ولا الإجرام والقتل إلا بعض الحالات الفردية  التي تحدث نادرا وعمليات الأخذ بالثأر بين العائلات على المشاكل البسيطة بخصوص التعديات على الشرف والعرض من البعض، او وقت الزراعة على الاراضي الصالحة للزراعة  والحرث عندما تسقط الأمطار السنوية  والبعض يخرجون لزرع  القمح والشعير اللتان هما الحياة ورغيف الخبز للأفواه الجائعة .

ولكن عندما تم إكتشاف النفط تغيرت الصورة تغيرا كبيرا إلى الأسوء بدل السعادة والهناء والمال والثروة، انقلبت الامور إلى الشقاء والعناء لان أنظار  جميع الدول والقوى الخفية توجهت بنظرات الجشع والطمع في الإثراء السريع إلى ليبيا المملكة المنسية التي كانت من قبل يستهزأبها من الفقر والعدم، حيث كانت موسومة من قبل بكناية ( أنها صندوق من الرمال لا مصلحة فيها )…
 
المملكة الليبية بين يوم وليلة عندما ذاعت الأنباء في اوساط العالم باكتشاف النفط بكميات كبيرة وجودة عالية، من دولة فقيرة بقدرة القادر الواهب الله عز وجل أصبحت في قمة الغنى نظير عدد سكانها في ذاك الوقت الذي كان لا يؤلف اي شئ … حيث يوم الاستقلال الرسمي في 1951/12/24م كان عدد السكان حسب الإحصاء الرسمي للدولة من الامم المتحدة  هو 750 الف نسمة يعيشون في مساحة ورقعة كبيرة من الأرض  ممتدة الأطراف ومن اجمل المواقع على ساحل البحر الابيض المتوسط حوالي المليوني كم مربع 

هذه المعلومات لا يعرفها الكثيرون من الأجيال الشابة الصاعدة  حيث عشتها شخصيا فوقت الاستقلال كان عمري تسعة سنوات وكنا وقتها اذكياء بالفطرة  نأكل الطعام الصحي الطبيعي  بدون اى نوع من انواع الكيماويات للزراعة او الأعلاف لتسمين الحيوانات  من الغنم وننام بعد صلاة العشاء مبكرين بدون سهر طويل  ونستنشق  الهواء الطبيعي بدون تلوث لم تجرفنا الحياة العصرية بعد إلى المتاهات والحاجة الماسة للماديات والمال للعيش 

تطرقت لهذا الشرح حتى يعرف البعض من القراء او الباحثين كيف كانت حياة معظم الشعب الليبي البساطة والهناء والجميع يعمل بالجهد والعرق من الفجر حتى المغرب ضمن الحياء والاخلاق وكلمة الشرف.  اذكر  من يوم الاستقلال حتى منتصف الستينات وبداية الضخ للنفط كنا لا نعرف العمالة الاجنبية العادية او الفنية إلا من القلائل سواءا مستشارين بالدولة وبعض المهندسين وبعثات المدرسين لتعليم الطلبة والاجيال المتعطشة للدراسة والعلم اللذان معظمهم من دولة مصر، وماعدا ذلك كان  كل شئ يدار في المملكة بأياد ليبية .

كل شئ هادئ يمضي بسهولة ويسر  والمملكة الليبية تتقدم في خطوات جيدة مدروسة للنهضة من الفقر والمرض،  تركيزها على العلم والصحة بمعاونة الامم المتحدة والعالم الحر امريكا وبريطانيا حتى هب الإعصار الوطني الخريف العربي وموجة التضليل الزائف والكذب والتمثيل والتدجيل بقيادة الرئيس الراحل الذي أفاد بعض الشئ نسبة بسيطة في الصحوة للوطن العربي وفضح الحكام والملوك حيث كان يطلب ويريد تحقيق المستحيل وقتها فجأة وبسرعة والذي لن يتحقق الا بالمشي خطوة خطوة ضمن دراسات وخطط عناوينها الرئيسية الامن والامان والسلام لجميع الشعوب لكي  يسانده الجميع في  الفوز والنجاح .

والضرر كان كبيرا عظيما من الرئيس  جمال وبوقه الرسمي من إذاعة صوت العرب الراحل أحمد سعيد بصوته المجلجل الذي خدر الشعوب العربية من المحيط الى الخليج بالكذب والتدجيل وعمل من الحبة قبة من إذاعة صوت العرب من القاهرة  وأثبتت الايام ان كل الاعلام مبرمج  كذب وتزوير وعمل الهيبة للرئيس بطرق مدسوسة خبيثة انطلت على الشعوب العربية الساذجة حتى صدقت الامر على انه حقائق 

وانا شخصيا كنت يافعا شابا وقتها متابعا كل يوم البعض من  النشرات والأخبار من الاذاعة المسموعة لصوت العرب التي كنت أعشقها حيث لا وجود للقنوات المرئية بعد، وكنت  احد الضحايا الذي صدق المتاهات وعاش في الأحلام الخاطئة ولم نسمع النصائح من الكبار واعتبرناه تأخر وعمالة للاستعمار

 لا يحس بالنار الا واطيها هذه حقيقة وحقائق لا يعرفها الا الذي جرب ولديه عقل وقوة قلب وإرادة حتى يعترف بالأمر ويقول الحق والصراحة  ولو على نفسه ولا يخاف من اي لوم… لانه لو فتح الانسان أذنيه لكل الشائعات والكلام لن يستطيع العمل ولن يحقق اي شئ بهذه الحياة التي تتشعب كل يوم الى الأسوء 

والنتيجة بدلا من استعمال العقل تم خداعنا وجرنا الى متاهات من قبل قوى خفية، لاننا نحن الشعوب العربية شعوب تتحكم فيها العواطف … لا نفكر جيدا قبل الأقدام على اي شئ ونضع له الخطط والدراسات حتى نفوز وننجح، بل نندفع نظير الحماس والحمية والغباء، وبالتالي نخسر ونتأخر، والدليل واضح على الواقع  الحروب المتكررة واستنزاف الثروات والخسائر  وضياع الجنود البواسل في الحروب الخاسرة عام  1956 م  حرب بورسعيد التي طبل لها الاعلام المصري حتى أوحى للكثيرين أنها نصر وليس خسارة وهزيمة كبيرة وعار .

ولولا توفيق الله تعالى وإنذار الرئيس الروسي خروتشيف لبريطانيا وفرنسا وإسرائيل ورفض امريكا للحرب والاصرار على الانسحاب وتخلت عن الحلفاء وإسرائيل  وألزمتهم بالتراجع، في نظري لكانوا يحتلون الأرض  حتى اليوم
 
وحرب النكسة الخاطفة عام 1967 م والخسارة المفجعة الغير متوقعة من دولة اسرائيل الناشئة  لثلاثة دول عربية وجيوشها الجرارة   مصر وسوريا والأردن والاحتلال الشائن لأراضى مصر شبه جزيرة سيناء ومرتفعات الجولان من سوريا  التي إلى الآن بعد مرور هذا الزمن الطويل مازالت ترزح تحت الاحتلال، والضفة الغربية وغزة  التي هي أصلا ارض فلسطينية وبها القدس الشريف قبلة العرب وثاني الحرمين بعد مكة المكرمة والثالثة المدينة المنورة الذى بها قبر الرسول سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام .

 لذى نحن العرب جميعا دفعنا الثمن الغالي وتمرغت وجوهنا فى الارض سنوات طويلة حتى تم غسل العار فى حرب اكتوعاملا بداية السبعينات، حرب العبور والانتصار للوطن العربي الإسلامي  بقيادة الرئيس محمد انور السادات ( الذى اغتيل غدرا ولم يعرفوا قدره ) الذي عرف كيف يتعامل مع الجميع بالعقل والمنطق والحوار،  عرف العقلية الغربية كيف تفكر وتتعامل مع الغير وتعامل معها بهدوء وفن حتى وصل لاهدافه المنشودة بأقل الخسائر  حتى رفع الجميع الرؤوس عالية  وأثبت ان الجندي العربي الصادق المؤمن بالقضية النبيلة  والذي يحارب ويواجه بقناعة وضمير أعداؤه  قادرا على التحدي والصمود والفوز مهما تكالبت عليه الامم

ليبيا كانت بخير وتنعم بالراحة والأمن والأمان حتى تم استكشاف النفط وتدفق المال وزاغت العيون وبطرت النفوس وكثر الشجع والطمع وتكالب مغامرو العالم للحصول قدر الإمكان على المكاسب، والمشكلة الرئيسية  حكوماتنا المتعاقبة بدلا من استغلال الاموال الطائلة لنهضة الوطن استغلت معظمها في امور مشينة  اخرى وكثر الفساد والافساد والبعض من  الفضلات لتنمية الوطن 

والمصيبة الثانية وهى الاساسية لدمار الشعب وفقره المادي والاخلاقي الذي ما زلنا ندفع ثمنه الغالي إلى حد الآن، حيث قفز ملازم مجنون من العدم مدسوسا من قوى خفية شريرة على السلطة مستخدما قوة الجيش البسيط الناشئ وغير جميع المفاهيم والأسس طوال 42 عاما جميعها تطرف وارهاب قتل ودم  وصرف بلا حساب  ومجازر حتى دان الشعب واستكان من الخوف والتعذيب .

وقامت الثورة المجيدة ثورة 17 فبراير وأطاحت بالظالم الطاغية القذافى ونحن الآن مرت حوالى السنتين على النصر وقطع رأس الافعى الشريرة للابد ونهاية النظام ومازلنا ندور فى نفس الحلقة نراوغ، وسؤالي  وتساؤلاتي الآن ماذا عملنا وحققنا ؟؟؟

حيث الآن نعيش في خوف ورعب من الاغتيالات والتفجيرات للسيارات المفخخة، التي تعتبر شيئا غريبا بالنسبة للمواطن الليبي حيث بالسابق كنا نشاهدها في الأفلام او التناحر في الدول الاخرى من العالم الثالث،   بحيث المواطن لا يأمن على نفسه وعائلته من القتل فجأة  نظير التناحر بين الأدعياء الذين يدعون بأنهم ثوار على امور تافهة، لا يمر يوم حتى نسمع الفواجع وقتل الأحبة الشهداء  في وضح النهار وليالي الشهر الكريم في شهر رمضان المبارك شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النيران، كما حدث للكثيرين من الضحايا في طول ليبيا وعرضها 

 لا امن ولا أمان في الوطن  حتى يرتاح المواطن الليبي ويستطيع ان يعمل ويبدع، لا نستطيع البناء والتشييد وتعمير الوطن بدون امن وأمان للمغتربين،  انني أبكي حزينا  على الدم الذى أريق والأرواح التي استشهدت وماتت وسقوط الجرحى والمعاقين فى الثورة المجيدة   من اجل المبادئ الشريفة  والخلاص والحلم بدولة ليبيا الجديدة دولة القانون والعدل والمساواة بين الجميع، التي الى الآن لم تتحقق 

تحقق النهب والاختلاسات وقفز أشباه الرجال الذين ليست لهم شهادات نضالية ولم يظهروا على سطح المعارضة بالخارج ولا بالداخل  طوال السنين العجاف، ونظير التلاعب والخبث وتوزيع الادوار بين الكبار الادعياء المسنودين من القوى الخفية الدولية  على مراكز السلطة، وتوارى الاحرار الوطنيون في الخلف نظير عدم الرضى بما يحدث من مآسي لا حصر لها من الفوضى والتخبط والاستغلال في أبشع الصور… 
فقد كان بالماضي عصابة برئاسة لص واحد القذافي وابناؤه وحاشيته من المستغلين معروفين بالاسم … والآن عشرات العصابات وآلاف  اللصوص والمستغلين للوضع  القائم الذي يحتاج الى سنين للتخلص منهم ….  أليست بأمر مؤسف ومأساة ؟؟؟
نحن الآن نعاني من تحالف قوى شر وشرور مع  بعض الفصائل الذين إتخذوا الدين الإسلامي غطاءا  طريق التطرف والتشدد لقاء الوصول لأغراضهم الشخصية ولديهم القوة والعزم على القتل بدون وازع ضمير حتى خلال شهر رمضان الكريم 

 والجانب الثانى بعض الزعامات المنتهية الهشة التى بالخارج تجعجع تريد الرجوع الى ليبيا والحصول على السلطة من جديد  امثال أبناء المجنون القذافى والبعض من اسرته الذين لديهم المال الوفير من رزق المجتمع الليبى الذين سرقوه بدون وجه حق… 
تحالف الطرفان بحيث الجانب الاول العاجز عن اى عمل وتخريب فى الوطن مهما لديه من امكانيات مادية، والطرف الثانى القادر على اى عمل متطرف وجنون ولكن معدم يحتاج الى الدعم المادى والمال …  مما كونوا تحالفا شريرا بينهم ، وأصبحوا قوة مع بعض وبدأت سلسلة الاغتيالات للابرياء المظلومين، لإشاعة الخوف والرعب لدى ابناء الشعب المساكين، ولكن هيهات مهما عملوا يوما سوف يسقطون في الهاوية ويدفعون الثمن لان الشعب الليبى طيب كريم المحتد ياما صبر على الظلم ولكن له يوما يثور وعندها الويل الويل 

والحل والحلول في نظري حيث في خضم الفوضى والمعاناة تحت السطح والخوف والرعب ،   الحالة الآن صعبة فى غياب الضمير والحاكم القوي حيث نحن بحاجة الى حاكم عادل شرس لا يخاف لومة لائم فى الحق يطبق القانون بقوة على الجميع بدون استثناءات،  عندها ممكن الوصول وتحقيق النتائج بسرعة

اولا… وضع الدستور ولعدم تضييع الوقت والانتظار استعمال الدستور الملكي القديم في الوقت الحاضر حيث نحن اعترفنا بعلم الاستقلال انه راية ليبيا ،،،  فلماذا لا نعترف بالدستور الذي كان من ارقى الدساتير وقتها …  وضع من اساطين وفطاحل أساتذة  في القوانين مع حذف المواد التي تخص الملكية وفى نفس الوقت عمل لجان لكتابة الدستور الجديد والتصديق عليه من الشعب الذى سوف يأخذ وقتا طويلا في الاعداد والتصديق 

ثانيا …  فرض القانون بالقوة حتى يصبح للدولة هيبة وكل من اجرم فى حق الوطن والشعب بالسابق واللاحق وتثبت عليه الادانة ضمن العدل والقانون واتاحة جميع الفرص له للدفاع عن نفسه واذا تم تثبيت الامر والإدانة بالجرم والقتل يتم القصاص فيه بالشريعة والدين، القتل والشنق فى العلن وعلى شاشات  المرئيات حتى يصبح عبرة للآخرين 
 
             رجب المبروك زعطوط                                                      

No comments:

Post a Comment