Tuesday, December 29, 2015

قصصنا الرمزية 6

بسم الله الرحمن الرحيم

 الأيام 

سبحانك رب العالمين كيف الأيام تجري والسنين تتوالى وتمضي من أعمارنا الواحدة وراء الأخرى من غير أن نشعر  بمرورها ، ونحن لاهين في هرج ومرج في خضم الحياة الصعبة المتوحشة في الغابة الكبيرة بدون سعادة ولا راحة ولا فرح ، حتى لا تصطادنا الذئاب الشرسة الناطقة فجإة التي تبحث طوال الوقت عن فرائس هائمة لتنهشها وتلتهمها ... نعيش حياة مؤقته بها ، مهما طالت قصيرة وتصبح رقما عبر التاريخ والزمن أنه يوما كانت في الغابة الصغيرة والكبيرة حيوانات ناطقة بعضها خلف الذكرى الطيبة والخالدة والتي تذكرها الأجيال المتعاقبة بالخير والإفتخار ، والشريرة تلعن عنما تذكر في أي مناسبة باللعنات ومع الوقت تطمس وتزول تلقائيا وتصبح في برميل القمامة وزوايا النسيان لا تذكر إلا بالشر .

                  كيف كنا بالماضي نعيش في الجهل المطبق نظير عوامل كثيرة نعتقد أننا نفهم أسرار الحياة للعيش بالقمم واللأسف أثبتت الايام المتعاقبة كم كنا جهلة لا نعرف من الأمور المهمة التي حددت مصائرنا إلا القشور ... نعيش في غابة صغيرة مترامية الأطراف وبها جميع الخيرات ومهما يعد حيواناتها الناطقة ويحصوا لا يستطيعون معرفة كل شئ كان، حيث حيوانات لا تفهم ولا تعلم مدى عظمة الله تعالى في الخلق الذي بلا حدود ...   والتساؤلات التي تطرح بحاجة إلى جواب شافي للغليل ، ما الهدف الذي يراد تحقيقه ؟؟ ولماذا التناحر بين البعض على أمور زائلة مع مرور الأيام؟؟ والرد في غاية  البساطة ... ماذا يتوقع الآخرون في الغابة من حيوانات ناطقة جاهلة لا تعرف الكوع من البوع ، إلا النهش والإلتهام لغيرها عندما تجوع و تعطش لشرب دماء الضحايا الذين شاء سوء الحظ العاثر وكانوا متواجدين فى الوقت والمكان الغير المناسب ....

                 لقد شاء قدرنا وحظنا السعيد أن نعيش في بحبوحة  في غابة صغيرة خاصة ، بها كل مايخطر على البال من خيرات مراعي و مزارع  بلا عدد نمرح ونرقص فيها كما نشاء ونتشدق أنها لنا فقط ...  مما زاد الحقد والحسد علينا من جميع الحيوانات الشرسة الأخرى وبالأخص من الجوار ، كيف يكون لدينا جنة زاهية لا نعرف قيمتها ولا كيف نستثمرها في أوجه الخير ، ولا نحافظ عليها كما يجب ؟؟ وزاد  الطين بلل ، الطمع من بعض أولاة الأمر منا الزائد عن الحد في الغرور والجبروت والتحديات الزائفة حبا في الظهور أمام الملأ و الجماهير ... وجيراننا أخوتنا من الشرق إلى الغرب والجنوب يعانون شظف العيش جوعى بحاجة إلى لقمة غذاء ، وجيراننا بالشمال على أحر الجمر ينتظرون ويتحينون  الفرص للقفز علينا في ليلة مظلمة وينهشوننا ونحن أحياءا نرزق نظير التناحر بيننا على ملذات الحياة والنهب المستمر حتى قاربنا على الإفلاس ، مما ضعفنا وأصابنا الوهن ولم نشاهد ونبصر الوحش المتربص بجوارنا الجاهز للإنقضاض في غفلة في أي لحظة فجأة وسلب حياتنا وخيراتنا كما فعل من قبل منذ قرن من الزمن ...

                كان بالإمكان في الغابة الصغيرة الزاهية العيش فى بحبوحة و في هدوء وسلام ،  لو شاركنا الآخرين في بعض الطعام والخيرات حتى تمتلئ البطون وتغمض العيون إلى أيام ووقت آخر حتى نستعد ونصبح يدا واحدة ونستطيع فيه أن نتعلم ونمضي باعتدال ونمشى بنظام ، ونمد أيادينا بالسلام والمحبة والإحترام مع الجميع بدون رعاية للإرهاب ومساندة الشر ،  حتى يحبنا ويحترمنا الآخرين من الحيوانات الناطقة ،  الأقوياء والضعفاء في آن واحد ، ونحكم ونتحكم في غابتنا الصغيرة بما يرضي الله تعالى والضمير حتى نوفق وننجح ، ولا يتعدى علينا الآخرون حيث الجميع يصبحون أصدقاءا وحلفاءا لا يرضون لنا الشر لأنهم مستفيدين ويفيدون شركاءا في الخير.

                 قيلت مقولة شعبية في وقت ما ( أحسن ما في الزمان ، طوله) حيث تظل الحياة سائرة مستمرة لا تتوقف إلى ان يشاء الخالق ، وتظهر جميع العيوب مع مرور الوقت ... حيث الأيام هي الفيصل والحكم على كل شئ كان، والذكي هو الذي يتسلح بالإيمان وعقيدة الهلال بوجود الله تعالى الواحد الأحد ، وبالعلم والتحصيل حتى يبدع ويصل إلى القمم ،  ويأخذ عبرا ودروسا مما حدث للغير ويعمل جاهدا للوصول بشرف بدون نفاق ولا حيل ولا خداع للآخرين مهما كلف الامر من تضحيات وثمن غالي حيث لا يصح إلا الصحيح الذي يبقى ويثمر بدون حساب ولا عدد...الصحيح هو الأساس السليم للسير بدون أي خوف من الوقوع في الحفر والعواقب في حالة حدوث  مآسي طارئة ،  والتي لا تخلو منها الغابة الكبيرة بعض الوقت !!!

               الآن بالصورة الكثيرين على الساحة في القمة ، إبتداءا من النسر الأصلع والدب الأبيض والتنيين الأصفر والأسد العجوز الهرم الطاعن في السن الذي يحتضر ، وجيرانه البرج ، والرايخ ، وبالوسط ذوي العقالات ، والنجمة الزرقاء ونهاية الغابة بالشرق عابدي البقر والساموراى والبعض الآخرين من جميع الأقوام والملل يحاولون الظهور على العلن ومع مرور الأيام سوف يصلون للمقدمة حسب سنن وشرائع الحياة ... والحياة بالغابة مستمرة سائرة في صخب ،  تغلي حتى يوما تنفجر على البعض ، كل طرف يتربص ويخاف من الآخر ، والتركيز على صنع أو جمع السلاح الفتاك لقتل وإبادة الآخرين بحجج عديدة واهية ، أولا إثبات الوجود بالساحة وللدفاع عن النفس أو عمل الشر ، ونهش وإلتهام الضحايا المساكين ، وجميعها مصالح و فرص  للبعض لتحقيق الإثراء السريع ...  ولو وجهت هذه الطاقات لعمل الخير والسلام بين الجميع ، لتغيرت الغابة الكبيرة إلى أبهى الحلل وأجمل الصور .

             لقد نسى  هؤلاء الأقوياء الظالمين في هذا العصر والزمن ، أن الحياة تتجدد وتدور ويوم لك ويوم عليك ... إنها سنة الحياة من البداية وحتى يوم النهاية حيث لا بقاء ولا خلود، متناسين أن هناك الكثير  من الحضارات التي سادت ثم بادت عبر التاريخ والزمن ... وأنه مها طال الوقت لهم يوم و يسقطون في الحفر ويركعون فيه على الركب والسبب الرئيسي للضياع والتلاشي من الساحة ولعبة الأمم هو أنه  ليس لهم إيمان قوي ولا عقيدة يؤمنون بها غير المادة والمال ... والبقاء للهلال خالدا كالطود الشامخ ، مهما هبت عليه الرياح القوية والأعاصير والعواصف الشديدة ، باقيا صامدا ومهما شنت عليه الحروب العاتية من كل مكان من الآعداء بجميع الطرق للقضاء عليه بالمرة أو الحد من الإنتشار له بسرعة في الأوساط ذوي الفراغ الروحي لا يستطيعون ... حيث الهلال هو الاساس للحياة دنيا وآخرة  ، ويوما آتيا قريبا يشرق على جميع حيوانات الغابة الكبيرة الناطقة ، ويتغلغل في الأرواح الهائمة بدون هدف ، بالضياء بالحق والصدق وينير النفوس الثائرة والمتمردة في حب المادة والمال إلى طريق الله تعالى ، العقيدة والإيمان ... والله الموفق.

رجب المبروك زعطوط

No comments:

Post a Comment