بسم الله الرحمن الرحيم
الواقع
مشكلتنا نحن حيوانات الضاد الناطقة نعيش في الخيال وأمجاد الجدود السابقة نفخر بها ولم نستمر في الإبداع ونشر العلوم كما فعل الأجداد السابقين الأوائل ، حتى نصل ونتقدم ، بل توقفنا فترة طويلة في سبات ونوم عميق ، راضين بالفتات الهزيل ومراعينا بها جميع الخيرات مما أصبحنا محط الأنظار ... وطمع البعض فينا نظير عوامل كثيرة يصعب تعدادها من كثرتها حتى تأخرنا على الركب نظير الهرج والمرج والفساد والإفساد للذمم مما ضاعت الأخلاق وأصبحنا في المؤخرة ، والسبب من أنفسنا لأننا لو عشنا الواقع المرير لكنا وفرنا على أنفسنا الكثير من الوقت والضحايا التي قتلت وضاعت قرابين على مر التاريخ وعبر الزمن ...
لدينا الجوهر والأساس الدين الحنيف ولم نتمسك به كما يجب حتى نربح دنيا وآخرة ... إهتمامنا بالشهوات وملذات الحياة والعيش بدون وحدة وإتحاد في وحدة فرادى متناحرين مما أصبحنا ضعفاء ، سهلنا الأمور للحيوانات الكاسرة الأخرى الفرص للنهش والإلتهام لنا بدون رحمة ، لم نتوقف يوما ونتساءل ونحاور أنفسنا بصدق وحق ، لماذا تأخرنا حتى نعرف مواطن الخطأ ولا نترك حيوانات الغابة القوية الشرسة تنهشنا بين الفينة والأخرى وتأكل مراعينا و خيراتنا، ونحن بدون دفاع مستميت عنها غير الجعجعة والعويل الذي لا يوصل إلى اي نتيجة ، غير تضييع الوقت وسخرية الأقوياء على مآلنا ... أليست بمأساة كبيرة شنيعة أن نؤكل ونحن أحياءا وبإمكاننا العيش والحياة لو عشنا الواقع.
وا أسفاه على حيوانات الضاد الناطقة التي كانت يوما بالماضي بالقمة عندما كانوا يدا واحدة متحدين ، يحترمهم ويخاف منهم الجميع في الغابة الكبيرة المترامية الأطراف ، والآن بالحضيض بالكاد قادرة على العيش ... إنها سنة الحياة والدائرة تدور فلماذا لا نعيش الواقع المرير ونعرف كيف نتعايش مع الآخرين نأكل الكتف السمين ولدينا جميع الفرص ... حيث الجميع بحاجة لنا، يخطبون ودنا ... فلماذا لا نمد أيدينا بالسلام والمحبة كما تدعو جميع قوانين وشعائر وشرائع الحياة ، ونبتعد عن إتيان الشر والإرهاب والتعدي في الغفلة على البعض بجميع الصور حتى يرغبنا الجميع ويحبوننا ونصل إلى تفاهم حيث الغابة للجميع وليست لمجموعة معينة دون الأخريات ، الغابة الكبيرة للجميع لمن يريد العيش في مراعيها بنظام بدون الطمع والتعدي على الآخرين .
التجانس والإختلاط بين البعض مع البعض رحمة كبيرة لمن يفهم وينظر للمستقبل البعيد بنظرة الواقع ، حيث لكل ناموس بالحياة قواعد وأساسات وبالأخص في الغابة الكبيرة الخير والشر في صراع أبدي ولن ينتهي ولا غالب ولا مغلوب والدورة تدور إلى ما لا نهاية إلى أن يشاء الخالق العليم بجميع الامور ، و من هو موجود اليوم في العلياء مهما وصل من قوة وجبروت له يوما يتآكل ويسقط مع الزمن مهما أوتي من قوة وعلوم والدليل أين السابقون الأوائل لمن يتعظ ؟؟
أساس الفوز والنجاح هو السلام والمحبة والإختلاط والتجانس مع الشعوب حتى تخرج أجيال جديدة تعيش الواقع وتعرف كيف تعيش في الغابة الكبيرة بدون خوف من نهش الذئاب ، مستعدة ومسلحة بأسلحة قوية لصد أي عدوان كان ... سلاح متطور جداً لا يعلمه ولا يعرفه إلا الأذكياء ، وهو الإحترام والسلام ومد الأيادي بالترحيب من القلوب وعدم العصبيات مهما كانت حتى لا يستفحل العداء ويكثر الهمس والغمز في الأوساط وتشيع الفاحشة والفساد ودس الفتن وتكثر الضحايا والدماء بدون أي داع كان !
غابتنا الصغيرة الآن في مهب الرياح ، تقاسمتها الوحوش الضارية بينهم في الوقت الحاضر، أردنا أم لا نريد... وعلى رأسهم النسر الأصلع مادا جناحيه مغطيا الأسد العجوز يرتع في وسط الغابة كما يحلو له ويريد ، ووحش البرج على الأطراف بالجنوب ينتظر كل طريدة هائمة ، ويختار السمينة أثناء محاولة الهرب عبر الصحراء إلى غابات الجوار لنشر الهلع والرعب ويلتهمها بسهولة ، وبشمال الغابة عبر البحر وحش "السباقيتي" ينتظر في صبر طويل ان يرجع للغابة الصغيرة التي بالسابق من تسعة عقود مضت كان يلعب فيها كما يشاء ... والآن التاريخ يعيد نفسه ويريد الرجوع مهما كلف الأمر والتضحيات ، وينتظر الإذن والتصريح من النسر بأن يلتهم نصيبه قبل أن يضيع في أفواه الآخرين ولا ينال إلا الفتات ... وشرق الغابة "أبو الهول " ماكثا متربصا الفرص للدخول متى يتاح له الوقت ... ووحوش الغابة مالكيها الأصليين لهم الفتات ....
هكذا الحياة دورة تدور والخطأ الكبير من حيواناتنا المسؤولة التي خرجت عن جميع الخطوط والمعايير، مما ثار العوام ونجحت الثورة والتمرد ولكن لا أساسات للقيادة ولا زعامات حقيقية تأخذ باليد والمسيرة بالقطيع التائه للإمام بل عراك وتناحر وقتل وضحايا قرابين لإشباع الرغبة والأخذ بالثأر والنهب المستمر لجميع الخيرات لفئات معينة مما وصلنا لهذا الحال المؤسف وأصبحنا محط الأنظار ... الجميع ينتظر الحصول على نصيب و لقمة من الضحية الغنيمة التي سقطت وإنتهت وأصبحت بعد عز وقوة في خبر كان... وجاء الفاتحون النسر وحلفاؤه وعملاؤه لوضع النظام حتى نتوقف ونعرف كيف نعيش مع الآخرين ولا نكون محطة للإرهاب ولكل من هب ودب من الخوارج المرتدين .
إنه يؤسفني أن أشاهد غابتنا الصغيرة وقد ضاع إستقلالها الآن ، وأصبحت محتلة بلون جديد وصور أخرى وداستها أحذية جنود الغير ونحن غير عالمين ولا نعرف وحتى وإن عرفنا لا نستطيع عمل أي شئ غير الجعجعة والبكاء والعويل ، حيث بالسابق كانت القواعد في غرب وشرق الغابة تحت نظر الجماهير ، مما أستغلت الإستغلال الجيد ضد العهد السابق بالتحقير وتهييج الشعور الوطني ضده والآن الصورة تغيرت ، القادمون بحجج المساندة ومد يد العون ... تعلموا الدرس بالعمل في الخفاء قدر الإمكان والقواعد بالداخل في عز الصحراء ، ولا من يفكر من المحليين والزوار بالذهاب إلى هناك ويطلعوا على مايحدث في الغابة من أمور شتى .
وفي نفس الوقت فرصة من الفرص أتيحت لنا حتى نتعلم الدروس من خضم الحياة وصعابها وكم كنا بالسابق والآن كيف أصبحنا عسى ان نعي الدروس ونتعلم النظام من الآخرين مع الوقت ويصبح أولاة الأمر منا في مستوى المسؤولية حتى ننهض ونتقدم ، حيث العالم صغير ، والوحوش الشرسة في عالم العولمة بدأت تستأنس وتصبح أليفة حتى تستطيع العيش في الغابة الكبيرة بدون مصائد و لا فخاخ لصيدها... والله الموفق .
رجب المبروك زعطوط
No comments:
Post a Comment