بسم الله الرحمن الرحيم
غابتنا الصغيرة
في حالة لا سمح الله تعالى ووصل الفيل يوما إلى العش الابيض للنسر الاصلع متوقع جدا حدوث العديد من الحروب والمشاكل للكثيرين من ضعفاء الغابة الغير قادرين على الدفاع عن أنفسهم من الغول الكبير الذي يلتهم الأخضر واليابس ولا يترك وراءه غير المآسي والأحزان والدموع على فقد الأعزاء ، حيث بالمشاكل والحروب التي تتبعها يزداد الدخل والثراء لبعض الفئات بمبالغ خيالية من المال نظير الصرف الكبير بلا حساب ، بدل ان يسمح بالحوار والأخذ والعطاء مع الآخرين بالعقل والمنطق حتى يصل إلى تفاهم لأي مشكلة قد تحدث ويعطي الفرص للغير للعيش مرتاحين ...
الفيل الكبير ذو العقل الصغير يحب العنف والدم ولا يهم عدد الضحايا سواءا مئات، أو عشرات الآلاف ، المهم ينتصر والتي مع طول الوقت والزمن معظم شعوب الغابة لا يحبون النسر طالما هؤلاء هم السادة في الحكم ويفضلون عليهم الحمار بأن يكون في السلطة حيث حكيم وعاقل ولا يتأثر بسرعة ويغضب ويتعامل بالعواطف مثل الكثيرين، بل بالهدوء واللين يصل إلى الأهداف بسرعة من أسرع الطرق بدون عوائق ولا دم و آلام .
الغابة شعوبها كثيرة ومقسمة إلى شرائح وفئات عديدة البعض منها حلفاءا للنسر في الحياة والموت وعلى رأسهم الأسد العجوز في الدهاء والنجمة السداسية الزرقاء بالعلوم والخداع ، وذوي العقالات بالنفط والمال بلا حدود في العطاء والصرف وبالأخص على أي حروب بالجوار حتى يتخلصون من أي عدو محتمل ، دائماً يحبون أن يكون النسر يحلق في الأعلى حيا يرزق، قويا قادرا وهم في خير وسلام محافظين على سلامتهم من أي إعتداء كان... والآخرون الأدعياء المنافقين ذوي الوجوه العديدة يلعبون على الحبال بين النسر والدب الأبيض طالما الدعم والحماية متوفرة من النسر ، وفي أي لحظة من الممكن أن يتقاعسوا عن مد يد العون له حيث لا وفاء ، الطمع والمصلحة هي الأهم .
في غابة ما بشمال أفريقيا كانت تعيش في الرعب والهم من رئيسها الحاكم حيث مخبول ويحلم ولديه الخير العميم بلا حدود، والكلاب الشرسة لنهش وإلتهام أي حيوان يتأبى على الطاعة ويرفض .... غابة كبيرة بها جميع الخيرات من مراعي وحيوانات قليلة مما كانت دائماً محط الأنظار وبالأخص من الجيران ، وقامت القيامة وتعاون الجميع على هلاك الطاغية ولكن لكل شئ ثمن غالي ، كانت الغابة بالسابق مهجورة والآن الكثيرون حلوا بها مما ضاعت الإستقلالية وأصبحت غابتنا لكل من هب ودب...
والسؤال له شقين ومعادلة صعبة لمن يفهم ، الشق الأول ضاعت الإستقلالية حيث حل الأسد العجوز في وسطها بمباركة من النسر مما من الصعب خروجه بسهولة إلا بعد عشرات السنين ... والقادمون كثيرون من الغابات المجاورة ، كل يسعى للغنيمة والبقاء فى المراعي الخضر الفاضية ونهش مايصل إلى أيديهم من غزلان شاردة ، ولا من يسأل ولا يتساءل من حيواناتها الناطقة طالما يعيشون من الخير ويسمنون من النهب... لماذا وصلت غابتهم إلى هذا الحال وهم مازالوا أحياءا يرزقون لم يطالهم النهش بعد؟؟ والرد بسيط لأنهم يعيشون في الأوهام الكاذبة مثل النعامة الخائفة التي عندما تعجز عن الهرب من الصيادين تدس رأسها في الرمال مما تصبح هدفا واضحا بسهولة قنصها وإصطيادها... حيث الواقع المرير هم عبارة عن قطيع من الغنم بحاجة إلى ذئب شرس ، راعي قوي ، لا يرحم حتى يعتدلوا و يسيروا في الطريق المستقيم بنظام ، خوفا من النهش والإلتهام في أي لحظة ...
والشق الثاني لعلها رحمة من الله تعالى (بسم الله الرحمن الرحيم: (وَعسَى أن تَكرَهُوا شَيْئًا وَهُو خيرٌ لَكُمْ وعَسى أن تُحبُّوا شَيْئًا وهُو شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعلمُ وأَنتُم لا تَعلَمونَ) [البقرة: 216]) حتى تختلط الحيوانات مع بعضها وتتجانس وتظهر أجيال جديدة ، وينتهي النهش والإلتهام ويرعى الجميع مع بعض في سلام والخير للجميع مما تستفيد حيواناتها الأصلية الكثير ويتعلمون السمو والحضارة والنظام ، ومهما طال الوقت الغرباء الأجانب لهم يوما يرحلون وغابتنا ترجع لنا نحن أصحابها الأصليين بعد أن تعلمنا الدروس القيمة وأصبحت حيواناتنا الشريرة مستأنسة أليفة تعرف الحقوق وكيف تعمل بالحق و العدل وتستطيع العيش مع الجميع.
إنها حكم إلاهية هو الذي وضع الموازين منذ الأزل و إلى النهاية حيث لا شئ له بقاء وخلود ، والغابة الكبيرة سر الحياة فيها الخير والشر في صراع أبدي ، والنهش والإلتهام ضروري حتى يعيش البعض على البعض وتستمر الحياة ، إلى أن يشاء الخالق ... والله الموفق .
رجب المبروك زعطوط
No comments:
Post a Comment