بسم الله الرحمن الرحيم
الجوع
صدق من قال أن الجوع كافر ، حيث يذهب عقل الحيوان الناطق عن الإدراك الصحيح وينتسى الضمير ويغيب ويتلاشى ويضرب بعرض الحائط الأخلاق الحميدة ... و يجعل الحيوان الأليف يستأسد ، يسرق وينهب ويلتهم بشراسة وشراهة أي طعام كان في سبيل البقاء حيا لقاء لقمة عيش هزيلة تشبع البطن ... حيث جوع البطون من عدم وجود ونقص الطعام شئ طبيعي ضد الشبع ، آفة من آفات الزمان لا يمكن القضاء عليه بالمرة في الغابة الكبيرة حيث الكثيرون من الحيوانات الناطقة الأليفة المستأنسة الضعيفة بآخر الطابور مهمشة تعاني شظف العيش والجوع في كثير من الأحيان ... حيث القطط السمان نهمة شرهة لم تترك لها حتى الفضلات ليقتات الجوعى عليها وبالأخص في القارة السمراء ، والأمازون وغابة عبدة البقر ، وغيرها بلا عدد وإحصاء ...
الغابة الكبيرة بها جميع الخيرات من مراعي وسهول ومزارع و بها جميع الأصناف التي تخطر ، ولا تخطر على البال من أصناف الحبوب بلا عدد كطعام للأكل وفواكه من جميع الأشكال والألوان ، والخير كثيرا بلا حدود مما لذ وطاب ، يغطي الجميع ويزيد عن الحاجة أضعافا كثيرة ... مهما كثر الإستهلاك الكبير من الجميع حيث رزق غير محدود من الله عز وجل ... ولكن للأسف الكثير منه في الغابة محصور ومحتكرا للبعض من الأقوياء النافذين و لا يستطيع أي احد المساس به وأخذه وأكله بدون إذن مسبق ودفع الثمن الغالي نظير الإحتكار ورفع الأسعار ، وإلا القبض عليه والعقاب الشديد لمن يتعدى ويتجاوز الحدود المعينة حتى يتعلم الدرس ولا يتعدى مرة أخرى على بساتين السلطان ... مهما كان الجوع في البطن ضاربا ضاريا والألم يعصف به حتى يكاد أن يسقط من الضعف والمرض ... أليست بمأساة ؟؟
الغابة الكبيرة تزخر بالكثيرين من الجوعى في كل مكان بها كما ذكرت ، ولا من مهتم حيث معظم الجميع من مليئ البطون يجرون وراء ملذات الحياة وشهوات الجسد ، والبعض القلائل يعيشون في بذخ كبير ، فضلات موائدهم فقط ممكن تطعم الكثيرين من الفقراء الجوعى بلقم العيش مهما كانت صغيرة و فتات .... المهم تطفئ لهيب البطون الجوعى عن الألم ... هؤلاء القطط السمان من الملوك والحكام الرؤساءً والمحتكرين ضاعوا دنيا و آخرة حيث ملذات الحياة والإحتكار للريادة والكرسي والبقاء فيه حتى الموت ، جعلتهم عديمي الرؤية الساطعة لما يجري من حولهم من أحوال قاسية مؤسفة ومآسي الغير ... يعيشون الوهم ولا يخرجون من قصورهم الفخمة والجنة المزعومة على الطبيعة ليشاهدوا بأنفسهم بأم العين بؤس و عيش و سكن الفقراء المعوزين في المقابر مع الموتى وهم أحياءا يرزقون من الحاجة والإحتياج ، والبحث والتفتيش في أكداس القمامة عن فتات لقمة طعام تائهة ... يعتقدون أن الجميع بخير نظير نصائح المستشارين الكاذبة وتعليقات المنافقين المزورة من أجل الحظوة والعطاء ، والواقع المرير تختلف الصور كل الإختلاف لأنهم لم يمروا بالتجربة المريرة ، الجوع في أشد حالاته ، حتى يعرفوا و يشعروا بالألم .
وا أسفاه على قوم يعيشون حاضرهم في اللذة والفساد والإفساد ولا يفكرون في وجود الرب الخالق الرازق بدون حساب ولا منن .... ولا ماذا قد يحدث لهم في المستقبل القريب الآتي مع الوقت ومرور الأيام ... أو البعيد بالآخرة، ناسين الآخرين الجوعى المهمشين المنسيين من رعاياهم الذين بحاجة إلى عطف ورعاية والأخذ باليد حتى يشبعوا من خيرات الله تعالى .... متناسين ان الخيرات بالغابة الكبيرة مشاركة بين الجميع وليست لفئة من الأقوياء دون الأخرى حتى تحتكر وتمنع ... يدوسونهم بعلم وقصد ، ويفرضون عليهم الطاعة والإستسلام للأوامر السلطانية خوفا من التمرد والثورة ... ولو ساعدوا بالمتاح ، وأشبعوا بطون رعاياهم الجائعة ، حتى لا ينشأ الحقد والحسد في النفوس الجوعى ويستمر ومع مرور الوقت يزداد الضغط قوة مما البركان ينفجر فجأة على رؤوس الجميع بقيام الثورات التي تأكل الاخضر واليابس بسرعة .... وتهرب القطط السمان إلى غابات أخرى حيث لها المقدرة والإستطاعة للعيش فيها مرفهة كما كانت بالسابق ، وتظهر مع الوقت مكانهم وتحل العديد من القطط السمان الأخرى...
يحتاج الجوعى إلى وقت طويل وسنوات حتى يعرفوا حجم المأساة وكيف تم الخداع والتغرير بهم ، وإستعمالهم في الفوضى لأغراض خاصة ... مما يندمون ويتحسرون على الإنتقام البشع من الولاة السابقين ، ولكن لا وقت للندم فقد ضرب الفأس الرأس وتبعثر الدم على الأرض وصعب جمعه من جديد .... والقصة تتكرر ولا تتوقف مستمرة إلى ماشاء الله تعالى حيث سنة من سنن وشرائع الحياة الدورة تدور بدون توقف والخير والشر في صراع أبدي إلى النهاية...
مهما حاول البعض المساعدة لم يستطيعوا الإيفاء إلا للقلائل بحاجة إلى عمل جماعي من ذوي النفوس الخيرة التي تؤمن بالسلام والمحبة بدلا من تصنيع وجمع الأسلحة بحجج عديدة للتغطية ، أولها إثبات الوجود والدفاع عن النفس وأهمها المصالح و الثراء الفاحش للبعض على حساب البعض الكثيرين الآخرين ... ولو جمعت هذه الأموال التي تنفق كل سنة بدون حساب عليها ، ووجهت بعضها لمحاربة الجوع في كل مكان بالغابة الكبيرة ، لتم القضاء على الكثير ... وتم منع الحقد والحسد من الظهور بقوة في العلن حيث الجميع ملئى البطون و شبعى ، لا يهتمون بالآخرين القطط السمان أولاة أمرهم ماذا يفعلون ويعيشون مع بعض في سعادة ووئام!!!!!
الجوع له أصناف عديدة وأشكال وألوان يصعب عدها وإحصاؤها وليس جوع البطون فقط من قلة الطعام ونقص الشراب ، ولكن جوع النفوس للإمتلاك والتحكم والبقاء في الحكم والسلطة... كما يوجد ايضا، الجوع من الحقد والانتقام ، لأن كل ذي نعمة محسود ... و الجوع للحرية والانعتاق من التبعية والهيمنة ، أحد الأساسيات الرئيسية للتمرد والثورات الدموية التي تخلف الضحايا والجرحى والمعاقين ... حيث أن حيوانات ناطقة كثيرة بالغابة قوية نست من الغرور والجبروت وكبر النفوس وطغت وتناست البقية المهمشين المنسيين والذين مع الوقت يسببون المشاكل بلا حدود للجميع بالغابة وعلى رأسها الإرهاب الأسود الأعمى... حيث الجوعى البؤساء لا يفكرون في إستمرارية الحياة والعيش في البؤس مدى الحياة ، وليس لديهم مايخسرون من ثمين حتى يخافوا ويعتدلوا ... وبالتالي يسببون الألم العظيم من رعب وخوف وغدر والإعتداء فجأة على الآخرين المسالمين نتيجة الأحقاد والجوع للإنتقام ...
والحل والحلول صعبة ، ولكن ممكن الوصول بالتعاون بين الجميع على حلول وسط ترضى الكثيرين ويتوقف الدم عن الجريان والسريان ، وينكمش الإرهاب ويصغر ومع الوقت و يتلاشى من الساحة ... حيث لا حجج للجوعى للقيام بالأعمال الوحشية حتى تؤخذ بعين الإعتبار وتصبح هدفا يراد تحقيقه والوصول له بالقوة ، وحتى لو وجدت حجج فتكون مزورة مصطنعة مدسوسة وفتن يراد بها التهييج بالوازع الديني والوطني لضعاف القلوب وصغار العقول ... لا وجود لمن يسمع ويصبح وحشا كاسرا يؤذي الآخرين ، تابعا مهما تم من شحن الأفكار والدعم بالمال حيث البطون في تخمة وشبع من الطعام الكثير المتوفر بالغابة ، تتناول منه متى تشاء وترغب، تريد العيش الهانئ ، ولا يريد أي أحدا من المضللين مهما كان القضاء على نفسه بالإنتحار والموت والنهاية إلا بعض المجانين حيث لا وجود للجوع في أي شكل من الأشكال حتى يصبح سببا للتمرد والكره للآخرين محاولا الآيذاء لهم والإنتقام...
حيوانات الغابة الناطقة بجميع أشكالها وألوانها من كاسرة وشرسة إلى أليفة ومستأنسة ، بالحوار والمنطق والسلام والثقة المتبادلة بصدق بين الأطراف المتناحرة يمكنها الوصول إلى حلول مشرفة ، تمنع النهش والإلتهام المفاجئ والغدر والقتل ، إلا للمخطأ المجرم في حق الغير والمجتمع يحاكم ويعاقب ضمن العدل والقانون ، والجميع يعيشون سعداء مع بعض يدا واحدة ضد كل من يحاول الخراب والدمار وتدمير البيئة في الغابة في أي أمر مشين والقضاء عليه بسرعة قبل أن يستفحل ويجرم وينساب الدم الزكي ويحل الألم ... والله الموفق ...
رجب المبروك زعطوط