بسم الله الرحمن الرحيم
تأملات
جلست وحيداً جلسة خاصة مع النفس مراجعا الأحداث السابقة التي مرت بسرعة وولت إلى غير رجعة محاولا تذكرها بالتفصيل وأخذ عبر منها ،، أراجع بدقة محاسبا أتحسس الطريق الجيدة المثالية للسير عليها والفوز والنجاح ،،، حيث لا أريد أن أخطىء ، وأنا في هذه السن من الخبرات والتجارب لنصف قرن مضى ،، أو عن جهالة أستمر في الأخطاء بدون أن أدري حيث الآن نحن نعيش في عصر الرياء والنفاق ،، كثيرون من المعارف والأصدقاء نظير السن والتجربة يجاملونني ولا يردون لي طلبا ،، وفي كثير من الأحيان أحاول دس بعض المعلومات والحديث الخطأ كإمتحان للكشف عنهم وأجد الكثيرون يؤيدون الأمر إلا من البعض المحتجين الذين يعترضون بصراحة مما أقول للنفس الحمد لله عز وجل مازالت الدنيا بخير ،، حيث مازال البعض لديهم العزم والإحتجاج ،، ليسوا بمنافقين ...
لقد وصلت لقناعة لا أريد أن يأخذني الزهو والفخر والمغالاة وكبر النفس بالفوز والنجاح للثوار أبناء الشعب الليبي نتيجة النصر لثورة 17 فبراير المجيدة ،، وأنسى الماضي وكم قدمت من تضحيات كبيرة في الخفاء ووراء الستار حتى وصلنا إلى هذا الحال المشرف للوطن ،، والذي يحتاج للمزيد من العمل الدؤوب بالحق ضمن الشفافية من جميع الأحرار المناضلون حتى ننهض من التخلف الضارب أطنابه على أبناء الشعب الذي عاش 4 عقود ونيف في الجهل والتطبيل والتزمير لشخص فرد واحد طاغ ،،
المؤسف له أننا نعرف الكثير أو ندعيه ،، ندعي الفهم والعلم ونطبق القليل ،، نعرف أن المجاملة الزائدة عن الحد ،، عبارة عن نفاق ورياء عواقبها وخيمة سيئة في الدرك الأسفل من الإنحطاط والنار ،، واللأسف معظمنا بقصد أو بدون قصد ،،، نافقنا حكم الطاغية طيلة عهده الأسود نظير أسباب واهية من كثرة التفكير فيها وترديدها صدقناها على أنها حق وصواب ،، أولها الخوف الطبيعي للسلامة والأمن ،، الحفاظ على النفس من الإتهام والقبض والتحقيق ،، والمعاناة أو الإذلال في أبشع الصور من حاكم مجنون أهوج ونظام قاسي ،، يغطي ضعفه في الأفراط في القوة الزائدة عن الحد ،، حتى أصاب الرعب والشلل الجميع من قول الحق ،، والتمرد والتصدي للظلم ،، وثانيا الكثيرون يحبون الوصول للجاه والثراء ومراكز الحكم ،، لديهم قناعات خاصة بالرياء والتملق ،، نفوسهم مريضة يعتبرون العمل الشائن في نظرنا ،، صوابا وحقا مباحا للوصول لقلب الحاكم حتى يرضى عنهم و ينظر لهم بنظرة العطف ويهتم بهم وقت توزيع المناصب والمراكز أنهم أناس ثقات يعتمد عليهم ...
في نظري ،، أي حاكم وصل بطرق غير مشروعة محتاج إلى نوعيات منافقة من هذه النماذج ،، حيث يستطيع دوسها وتسخيرها ،، لأغراضه الدنيئة والأعمال الشريرة وهم راضون يلهجون بالشكر والعرفان لقاء فتات تافه ،، ونسوا وتناسوا أن الكرامة والقيم هي الأساس للإنسان الحر العفيف الصادق مع الرب والنفس ،، يحترمه الصديق ويهابه العدو الحاكم ،، حيث لدينا مثل شعبي يقول حاثا على رفع الرأس بإباء بدون خوف من أي حاكم ،، طالما الإنسان على الحق تحت طائلة القانون ،، برىء غير متهم بأي جريمة حتى يحاسب أو يلام ،، ( عز نفسك ،، يعزك الله الخالق ) فالعزة والجلالة للله عز وجل فقط ،، وليست لأي مخلوق بشر حي يرزق ...
رحلت النفس في أجواء كثيرة في فترة وجيزة ،، وتطرقت إلى مواضيع عديدة الغث والسمين ،، ووصلت إلى قناعة كبيرة إنني مهما وصلت وحللت الأمور ،، مازلت قاصرا أحتاج إلى الكثير من العلم والمعرفة ،، وتذكرت الآية الكريمة التي يخاطب فيها المولى تعالى البشر للتذكير ( وما أوتيتم من العلم إلا القليل ) وقلت للنفس متسائلا ،، سبحانك رب العالمين ،، لدينا القرآن الكريم وحي منزل من السماء وليس من عقول البشر ،،، به جميع التساؤلات والحلول ،، نور ومشعل يضىء لجات الظلام الدامس للعيون والعقول !
حلقت النفس في قضايا عديدة منها التكالب على السلطة والحكم ووجد القادح والمادح مادة خصبة للحديث والخطابات ،، السمين والغث وتلميع الصور للبعض من الرموز الذين يعتبرون أنفسهم مميزون ،، نظير الغرور وكبر النفس ،، للوصول إلى مراكز الحكم عن طريق قنوات الأذاعات المرئية لإختيارهم يوماً عن طريق الإقتراع والأصوات ،، يتبعون الطرق الحديثة للإعلام والإعلان ،، ونسي هؤلاء أنه غير مرحب بهم لتولي السلطة ،، أو أي منصب قيادي ،،في نظري لا يصلحون عليهم علامات إستفهام كبيرة ؟؟
الشعب الفاهم بالمؤامرات التي تحاك في الخفاء ،، بمساندة قوى خفية عالمية دولية ،، للبعض الذين لهم طموحات لتولي المناصب القيادية بدولة ليبيا الجديدة لايريدون أي إنسان خدم بالسابق مع نظام المقبور مهما كانت الدوافع بقصد أو بدون قصد ،، الفيصل في الأمر أصوات الناخبين ‘‘ هي التي تقرر الفائزين !
كلماتي هذه وتساؤلاتي ليست للمساس بأي شخص مواطن معنى بالأمر ،، وإلا لذكرت الإسم أو الأسماء بتجرد رأسا في المواجهة ،،، ولا أريد خلق أعداء في الخفاء نظير التفسير الخاطىء ،،، فأنا شخصيا مواطن ليبي أعبر عن رأي بصراحة فقد ولى عهد الرياء والنفاق إلى غير رجعة ،، ولى عهد الرعب والخوف ،، ولى عهد الإرهاب والمساءلة عن الأفكار السياسية ،، ولى عهد عيون الأمن والمخابرات والوشايات من حاسدين حاقدين يحبون الضرر لخصومهم نظير أعمال كيدية خاصة ،، ولى عهد زوار الليل والنهار لأي تهم سياسية ،، أو نظير الأفكار النيرة المتحررة التي كان نظام المقبور يخاف منها ويحسب لها ألف حساب ،، والدليل معظم السجناء بالسجون أيام عهد المقبور كانوا بتهم سياسية ،، ومأساة مذبحة سجن أبو سليم التي ضاع ضحيتها أكثر من 1300 رجل سجين سياسي في ساعات بقتل جماعي وإبادة ،،، سوف تظل ذكرى خالدة ،، حية في الأذهان مهما طال الوقت ،، حتى لا تتكرر مستقبلا تحت أي ظرف كان أو مسميات ...
طاف الخيال في أجواء كثيرة بالكون الفسيح وتنقل من مكان لآخر بسرعة البرق والصوت حيث لا حدود تفصل ولا حراس يسألون عن العبور ،، غير الحق والضمير ،، وإستعرضت كثيرا من الأمور التي تجري الآن على الساحة بالوطن ،، وكم سعدت وفرحت بالحريات المطلقة ،، وكم حزنت وتألمت من الفوضى التي أخاف أن تؤدي إلى تقسيم ليبيا إلى إقطاعيات ،، ولكن في جميع الحالات أحسن آلاف المرات من عهد المقبور حيث نحن الآن أحرار ،، نمارس الحرية في أرقى معانيها الإنسانية بدون خوف ولا وجل من عيون الأمن ،،، نأمل ولدينا العزم على العمل والوصول إلى الأحسن مهما طال الوقت ،، فأي ثورة نجحت ضروري من تبعات إيجابية وسلبية ...
نحن كليبيين أحرار داخل الوطن ،، قضينا 4 عقود ونيف في سجن رهيب وجهل ،، عيون الأمن تراقب من قريب وعن بعد ،، عشنا مهازل وخوف رهيب حتى أصبح الأخ يخاف من أخيه مرتابا لا شعوريا من داخل النفس ،، محتارا خوفا من الوشاية وواقع الأمر غير صحيح ،، فالنظام نجح في زرع الخوف والرعب ،، مما صمتنا وسكتنا سنيينا عديدة وهو يعمل في الموبقات والفساد والإفساد ،، شراء الذمم والإرهاب الذي طال الجميع في الوطن ،، وخرج للخارج يغتال في الآخرين من البشر بدون داع غير حب العظمة والجبروت والتكبر ونسى أنه صعلوك أتى به الحظ في غفلة من الزمن ،، إستغل طموحات الجميع بالتشدق بالوطنية ووصل لسدة الحكم يعمل كما يشاء ،، ونحن نحترق داخل أنفسنا غير قادرين على الرد والتمرد وقتها نظير الإفراط من النظام في القوة لتغطية العيوب والهشاشة والضعف ...
وزاد الضغط والغليان عن الحد ،، وعندما آن الأوان تفجر البركان ( الثورة ) ولم يتوقف حتى تم النصر المبين وإجتث الثوار الأحرار نظام الإرهاب وقطع رأس الحية ،، التي كانت تدعى الكمال والألوهية وأنه ملك ملوك أفريقيا ،،وعشرات الأسماء والألقاب ،، قتل الطاغية شر قتلة وهو يتوسل آسريه بالحفاظ على حياته ،، ولكن لقاء عمله السىء وتعطشه للدم ،، لا شىء شفع له من الإنتقام ...
الآن نحن في منتصف الطريق بعد النجاح الباهر ،، فقد وصل الكثيرون في السابق إلى مرحلة اليأس وأن المقبور لن يغادر الحكم بسهولة إلا بوفاة طبيعية ،، وفي نظري لو حدثت لكانت نكسة وطامة كبرى على كاهل أحرار شعب ليبيا طوال الوقت ،، وحدث الذي حدث ،، وقتل المقبور الطاغية شر قتله ،، وإنتهى النظام الهش بسرعة في شهور قليلة حيث لم يكن له أساس وأعمدة راسخة غير التطبيل والإفراط في الإرهاب والقتل وإراقة الدماء ...
بعد الفوز والنصر بدأت مرحلة جديدة ،، المصالحة الوطنية ،، لملمة الجراح لأبناء الشعب المتضررين المظلومين ،، ترجيع الثقة بالعمل الجاد ،، بالمنطق والحوار الهادف ،، بالتعويض المجزي حتى يرتاح المظلوم ويرضى رضاءا تاما ،، بالتقدير والإحترام للمشاعر ،، فكثيرون من الجنود المجهولون ،، لا يريدون مالا تحت أي ظرف ،، أغنياءا من التعفف والبعض محتاجون ،، سوف يفرحون ويرضون بكلمات شكر وتقدير وإعطائهم نياشين وشهادات للتاريخ عن الأعمال البطولية أمام الجميع في حفلات إعتراف وإمتنان ،، ولهم التقدير والأولوية في أي طلب يطلبونه أو أي عمل يتقدمون له بالحق والضمير ،، وبالأخص لكبار السن في شيخوختهم وهم أحياء يرزقون ،،، حتى الآخرون بالمستقبل يقلدونهم و يضعونهم قدوة حسنة و يحاولون عمل المستحيل للوصول لنفس المراكز والمراتب الشرفية ،، حيث كل إنسان مناضل يقدر ولا يهمش ،، وبالتالي ينهض الوطن ويتقدم ،،وجميع الأمور المعقدة الصعبة بالعقول والوقت والإدارة الجيدة والعزم وعدم التهميش تنتهي على الخير ...
أخيرا أود القول ،،، أننا سوف نحافظ على الحرية التي أخذناها بالقوة بتوفيق الله عز وجل ،، التي قدمنا فيها عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والدم ،، طالبا من الجميع مساندة أولي الأمر بالحق حتى نجتاز المحن بسلام وأمن وأمان ،، فالأعداء والحساد والحاقدون والطامعون من جميع القوى الخفية الخارجية والمحلية الطابور الخامس موجودون يحاول دس الفتن وترويج الشائعات حتى نتمزق إلى شراذم ويصبح سهل القضاء علينا إلتهامنا وإبتلاعنا ...
وردي لهم بسيط سوف لن نتنازل عن شبر واحد من أرضنا ،، لن نتنازل عن ثورتنا ،، عن قيمنا وكرامتنا ،، لن نتنازل عن ديننا الإسلامي الحنيف وعقيدتنا السمحاء ،، لن ولن ولن ،،، نتنازل لأشباه الرجال مرة أخرى ،، فقد جربنا الظلم والإرهاب بالسابق ،، والآن تنشقنا هواء الحرية العليل ،، هرب الظلام والظلم إلى غير رجعة وظهر ضياء السلام والأمن والأمان ،، وبالنية الصافية والعمل الجيد الصادق متكاتفون مع بعض يدا واحدة ضمن الشورى والديمقراطية ،، وعدم التهميش لأي جهة أو مواطن سوف يعم الخير على جميع أبناء الشعب ،، المطلوب الصبر ،، الصبر فكل بناء وتشييد يحتاج إلى وقت حتى يتم ،، والله الموفق ..
رجب المبروك زعطوط
2012/4/29 م
No comments:
Post a Comment