Thursday, April 19, 2012

قصصنا الحاضرة 28 - الرجاء

 
                                                   بسم الله الرحمن الرحيم
 
 
                                                              الرجاء

 
                       كان الله عز وجل في عون الشعب الليبي ،، حيث  يمر الآن بمرحلة دقيقة من عمره بعد الإنتصار في الثورة المجيدة على الظلم والقهر والإرهاب  الذي دام  أربعة عقود ونيف ،،، مس كل عائلة شريفة أصيلة حرة من الشعب في أمر يخصها سواءا عزيزا  لها عذب وقتل في السجون الكثيرة داخل الوطن بالسابق  ،، أو مفقود لها من الجنود الذين فرض عليهم التجنيد بالقوة وبقوا سنوات طويلة ضمن الخدمة بدون فائدة تذكر ولا تدريب جيد ،، وزج بهم في حروب لا ناقة لنا فيها ولاجمل في أفريقيا (أوغندا وتشاد ) ، أو خلال الحرب الأهلية في لبنان بحجة الدعم لإخوتنا الفلسطينين والتي ضاع فيها الكثيرين نتيجة أخطاء قاتلة من القيادة الفاشلة التي هي حبر على ورق من قبل أعوان الطاغية الضباط الكبار أولاد العم والحاشية الذين وصلوا إلى رتب عالية نظير الثقة العمياء لحماية شخصه ونظامه الهش الذي يدار بعقول شر وشرور ،، وليست المؤهلات الأساس في الإختيار والمنصب ،، أو الضحايا الشهداء بالخارج الذين إغتيلوا وهم أبرياء بدون ذنب إقترفوه ،، أو نتيجة الزحف والتأميم الذي جرد جميع الملاك ورجال الأعمال من شركاتهم وأعمالهم وأصبحوا في فترة وجيزة عاطلين عن العمل والحركة ،،، سدت في وجوههم جميع أبواب الرزق الشريف مما الكثيرين صرفوا مدخراتهم وأصبحوا عالة مرضى نتيجة الهموم والغموم  ،، ذوي حياء وكرامة يفضلون الموت ضمن القيم ولا يمدون أيديهم للعوام الأراذل الذين يوما ما كانوا أجراء عندهم  ،،، فضلوالعيش شرفاء فقراء بعد أن كانوا يوما أثرياء ذوي نعمة ،، أليست بمأساة ؟؟ سبحان مغير الأحوال من حال الى حال !
الآن الوطن يمر في مرحلة صعبة نظير أخطاء قاتلة من ذوي الأمر ،، معظم الوجوه السابقة في الحكم والإدارة مازالت هي في موقع السلطة تصول وتجول ،، في نظري هؤلاء عاشوا فترة طويلة في ظل نظام القهر التسيب والفساد والإفساد بحيث تعودوا على العمل وسط هذا الجو الموبوء بالقذارة والتسلط وفرض الأتاوات المجحفة على أبناء الشعب الضعفاء سنيين عديدة ،، نفوس الكثيرين مريضة بلا وازع ضمير ،، لا ولاء وطني لأنهم جهلة آثروا حب الدنيا على الآخرة ،،، همهم الإثراء على وجه السرعة بدون حق ،، يستغلون وظائفهم لتمرير مصالحهم أولاً ،، وكأن الوظيفة ملك خاص لهم بدون منازع ،، وهم أصحاب القرار والسلطة ،، نسوا أنهم موظفون في الدولة يتقاضون مرتبات لقاء الوظيفة والجهد ،، ليس لهم الحق في فرض عمولة أو إتاوة زائدة عن الحد مهما كان السبب حيث حرمتها جميع الأديان والشرائع والقوانين  ،، ولكن هؤلاء البشر نسوا الله عز وجل فأنساهم أنفسهم تعاملوا بالحرام والربا ،، أكلوا في بطونهم الرجس والحرام وأطعموا عائلاتهم وأولادهم السحت ،، مما معظمهم مع الوقت ومرور الزمن قدموا ودفعوا الثمن الغالي مرضى يعالجون ويتنقلون من مصحة إلى أخرى ،، يعانون الويل من عائلاتهم وأولادهم لأن الأساس حرام ...
نحن الآن نمر بأزمة حقيقية ،، نقف في مفترق الطريق حيارى نريد ونرغب السير في الإتجاه الصحيح ولكن نتخبط فى فوضى عارمة ،، لم نعرف حتى الآن الوجهة الصحيحة ،، لأن الرجال الحقيقيين آثروا الإنزواء في الظل ومراقبة المسرحية التي تدار من هواة بدون خبرات ،، حيث  مشاكل عديدة بالوطن بدأت تظهر على السطح نتيجة المعاملة باللين من أول يوم لبعض الأطراف من أولى الأمر ،، حيث الخراب والدمار يأتي من المجاملة لبعض الأطراف لأمور خاصة ،، ونسى المسئول أنه لا مجاملة لأي طرف في سبيل المصلحة العامة حيث الجميع سواسية لا فرق بين مواطن وآخر إلا بماذا قدم من جهد وعرق ...
إن القلب يدمى ونحن نسمع كثيرا من التراهات والشائعات تتردد بين الجماهير بحيث ضاع السمين وسط الغث ،، والمجلس الإنتقالي يعاني من الضغوط الكثيرة حيث لا خبرات في قيادة الدولة ،، ولي معظمهم بالإختيارالفردي من أشخاص نظير الصداقات والمعرفة  للمجلس في فترة زمنية حرجة وقت الثورة والكر والفر في ميادين القتال بدون إنتخابات حرة ،، يحاولون النهوض والسير للأحسن ولكن بدون نتيجة  تذكر حيث الأمور تتأجل وبالتالي تتفاقم وتنذر بقدوم عاصفة قوية تعصف على الجميع وتقتلع البعض من المسؤولين ...
المجلس في واد يتخبط ، يصدر التعليمات والأوامر التي معظمها لا تنفذ نظير غياب الدستور القانون والأمن ،، والحكومة في واد آخر تحاول الإصلاح ولكن عن ضعف كبير نظير الإختيار للوزراء والقياديين الذين يعيشون الوهم والحلم ،، بأن الإصلاح يأتي عن طريق الشهادات العلمية ،، ليست لديهم الخبرات العملية بمعرفة الواقع المرير الذي يجري على الساحة من أمور كثيرة سهل التحكم فيها بالحكمة والعقل والثقة المتبادلة ،، وصعب لجمها والتحكم فيها حسب ماحدث الآن من تجاوزات وضعف ،، نسوا أنهم يتعاملون مع شعب عانى التجهيل 4 عقود ونيف ،، جميع الهم مركز على الأمن والأمان الشخصي ،، وعدم التهميش وكيف الوصول للإثراء بسرعة ،، حيث النهب الآن جار على قدم وساق أكثر بمراحل من قبل أيام العهد السابق حسب مايشاع ،،، عندما محافظ ليبيا المركزي يقول أن الخزانة فاضية ،، وإذا إستمر السحب بهذا المعدل سوف يؤدي للإفلاس ،، والسؤال البسيط لدى رجل الشارع ،، أين المليارات السابقة ؟؟ أين الدخل من ضخ النفط ؟؟ أين وأين ؟؟  والله أعلم ...
إنني لست بمتشائم ،، ولكن أعتقد حسب الرؤية وما حدث من تسيب وفوضى ويحدث الآن يوميا ،،، أن المباراة طويلة و لم تحسم بعد ،، مازالت بعض الجولات القادمة لم تنتهي بعد ،، فالشعب ذاق طعم النصر والحرية ،، والآن بيده السلاح فعلاً  وليس قولاً كما كان يتشدق المقبور الطاغية من قبل ،، والقوى الخفية الدولية لن تتركنا في حالنا نتقدم مهما عملنا ،، إن لم نحكم العقل ونتعامل مع الجميع ضمن الإحترام للأديان السماوية للبشر بدون تطرف ومغالاة ،، ونمد أيدينا  للسلام والحوار الصادق ،، وأهمها زرع الثقة والمصداقية في التعامل ،، فوطننا مليء بالخيرات وعددنا قليل وبعض شعوب الجوار تتطلع بعيون  جائعة ،، وأطراف محلية كثيرة غاضبة لأنها تعتقد أنها لم تتحصل على مكافآت مجزية بعد النصر للثورة سواءا مناصب أو تقدير وإمتنان ،، ووجدوا آخرين بالصدارة ،، مما زاد الشعور بالمهانة ،، مستعدون للتحالف مع الشيطان في سبيل المصلحة الخاصة ،، وحكومتنا المؤقتة تتخبط لاهية ،، غير قادرة على تسيير الأمور بسلاسة ،، حيث الأرض التي تمشي عليها مليئة بالألغام العشوائية المزروعة ،، تحتاج إلى خطأ بسيط  لتنفجر وتدمر ،، أليست بمأساة ؟؟
كل إنسان حر شريف في ليبيا ناضل ضد الطاغية قام بدور من الأدوار مهما كانت كبيرة قوية أم  صغيرة بسيطة ،،، له جميع الإمتنان والشكر ،، ولكن أن نترك البعض يتباهون زيادة عن اللزوم ،، يحاولون التحكم بدون علم ،، يتبجحون بأنهم ثوار حملوا السلاح ،، قدموا أرواحهم فداءا وشهداء حتى النصر ،، يحتاجون إلى تنبيه وحوار بالعقل والشورى والوصول إلى حلول معقولة يحتاجونها ،، والتنفيذ بسرعة للتعهدات حتى تزداد الثقة ،، وردع قوى للبعض من المتطرفين المغالين حتى تستمر المسيرة للأحسن ،،حتى لا يسرفوا في حق الجميع وبالتالي ندخل في مهاترات ومتاهات ،، فالوطن ليبيا للجميع وليس  محتكراً لفئة دون أخرى حتى يقرروا أمورنا ويتحكمون في رقابنا وهم غير منتخبين من الشعب ،، فنحن نؤمن بعدالة قضيتنا النبيلة ،، ونقف بالحق  ونساند بقوة وعزم الأغلبية الصادقة في أي قرار يتخذ للمصلحة العامة ...
كل ثورة قامت منذ العصور السابقة  ضد طغاتها ،، ونجحت ،، فكر الحكماء والشرفاء في التمرد على الأوضاع والبدأ والإعلان على أول خطوة مجابهة ،، وقام الرجال الشباب الأحرار بالدور المهم وأشعلوا نيرانها الحامية وقدموا الضحايا شهداءا والجرحى فداءا ،، وبعد الفوز والنصر إستولى عليها الجبناء الطحالب المتسلقون ،، لأنهم فرسان كلام أدعياء أشباه رجال ،، أما الرجال الحقيقيون بعد الفوز والنجاح تراجعوا للوراء خطوات ،، تهمشوا في الظلال نظير التعفف والقيم والكرامة !
إن الوقت الحاضر صعب ،، ولست بمتجني ولا متشائم ،، وطالما لا يوجد رجال حكم منتخبون أقوياء الشخصيات بالحكمة والعدل ،، قراراتهم نافذة ،، ودستور وقانون ،، لن ننجح ،، حيث البعض مسلحون ولديهم مليشيات وأجندات ،، والحق الآن لمن لديه القوة وبيده السلاح يستطيع أن يفاوض ويفرض الأمر في حالة الرفض وعدم الموافقة ،، وهنا المعضلة الصعبة التي تصل إلى حد الإقتتال ،، نظير عدم الفهم والإهتمام ...
أخيراً أرجو من الله عز وجل أن تهدأ النفوس إلى الخير ،، وأن يتكاتف الجميع ضمن حوارات ومصالحة عامة مع الجميع ،، لا فرق بين إنسان وآخر ضمن العدل والمساواة ،، وعدم التهميش لأي جهة أو فئة حتى لا تتزايد الأحقاد وتبدأ الأحزان ،، فليبيا كبيرة  المساحة والحجم ،، موفورة الثراء ،، بالعقل والحكمة والعمل الدؤوب الصادق للمصلحة العامة ضمن دراسات ومخططات جيدة ،، وضمير ،، تسع الجميع للعيش سعداء ،،، والله الموفق ،،
 
                                                                      رجب المبروك زعطوط
 
                                                                          2012/4/19 م  

No comments:

Post a Comment