بسم الله الرحمن الرحيم
لقد سبق وأن كتبت هذه الخواطر سنة 1988م ،، ولم تكن الظروف ملائمة في ذلك الوقت لنشرها ،، والآن بعد أن تنشقنا نسيم الحرية العليل ،، حان الوقت المناسب لإطلاع جمهور القراء عليها ،، ووجدت من المفيد سردها حتى تكون عبرة لشبابنا ،، وتذكيراً لشيوخنا ،، راجياً من المولى عز وجل ،، أن تتحقق الإستفادة للجميع …
الوطن العربي
الوطن العربي
نحن العرب مميزون وهبنا الله عز وجل نعمة دين الإسلام ،، آخر الأديان السماوية التي نزلت وحيا من السماء على البشر لهدايتهم من الكفر و الضلال والإلحاد و عبادة الأصنام ورسولنا سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ،، آخر الأنبياء والرسل عربي يتحدث لغة الضاد لغة القرآن المجيد ،، وعدنا المولي تعالى بأننا من أحسن الأمم ،،، وبرغم كل هذه المميزات نحن مشرذمون إلى شيع وأحزاب ،، وكأن لعنة حلت بنا ،، دولا عربية عديدة وحدود صارمة ،، لا يوجد أمن وأمان في معظم الدول العربية ،، نخرج من فتنة وحرب ضروس لنرتاح بعض الوقت وندخل في متاهات ومنازعات أخرى بدون أن نحس نظير الكبرياء الخاطئة وردود الأفعال وحب التسلط والجبروت من حكام وملوك يتوارثون العروش بدون أي وجه حق ،، بدون رغبات الشعوب ،، بل تسلط وجبروت وبقوة السلاح والعسكر وعيون الأمن الساهرة لعقاب كل من تسول له النفس بالمطالبة بالتغيير للأحسن ولمصلحة الجميع حتى ننهض من الكبوات والعثرات ونتقدم للأمام أسوة ببقية شعوب العالم الحر ،،
إن الخطأ الكبير والذي يتكرر طوال الوقت بدون نهاية ،، أننا حدنا عن طريق الحق والصواب ،، ندعى بأننا مسلمون ونقوم بالشعائر من صلاة وصوم ،، زكاة وحج لبيت الله المعمور ،، بدون صفاء نفوس وقلوب حتى يوفقنا الرب الله عز وجل للطريق الصحيح ونتحضر ونسموا بالنفوس ونتعلم ونطبق الدين الحنيف بعلم وفهم بدون مغالات ولا تطرف ،،
أجدادنا الأوائل بقوة الإيمان والعزائم القوية ضحوا بالغالي الجهد و النفس والدم نشروا دين الإسلام في ربوع عديدة من العالم تعتبر في ذاك الوقت منذ 14 قرنا مضت ،، مجاهل حيث لا طرق معبدة ولا وسائل نقل سريعة من سيارات وقطارات وسفن حديثة ،، ولا طائرات نفاثة يصل فيها الإنسان خلال ساعات إلى أماكن عديدة بالعالم من غير أن يشعر ويحس ،، أما بالماضي فكان السفر على ظهور الإبل والخيل والمشي على الأرجل ،، أو ركوب السفن الشراعية التي تعتمد على سرعة الرياح و خطر الموت غرقا في العواصف والأعاصير وهيجان البحار وقوة الأمواج وإرتفاعها ،،، أكثر من الناجين في الوصول لبر الأمان ،،
لم نأخذ عبر من التاريخ ونجدد أمجاد الأجداد ونحافظ على التراث ونهتم بالعلم الذي هو الأساس للحياة والتقدم ،، الذي أمرنا الله عز وجل في أول سورة نزلت في القرآن المجيد ،، سورة العلق ( إقرأ باسم ربك الذي خلق ) أن نتعلم القراءة والكتابة ونتبحر في العلوم حتى نصل إلى القمم ،، فمن غير علم وفهم لا يستطيع أي شعب أن ينهض ،، بل يستمر إلى ماشاء الله تعالى يدور في حلقات الجهل والتخلف ،،
نحن ندعي العلوم والفهم ولدينا جميع المؤهلات للنجاح من عقول نيرة وثروات عديدة ومواقع جيدة في منتصف العالم ممكن أن تكون منابر للعلم والسياحة والتجارة ،، ولكن لم تستغل اللإستغلال الصحيح نظير التسلط وعدم الحريات الشخصية والتطرف الذي أودى بجميع الدول العربية والإسلامية إلى التخلف والتأخر وعدم النهوض ،، لن ننجح طالما نحن ندور في نفس الدائرة من الشكوك وعدم الفهم بين الحاكم والمحكوم وبالتالي لا يمكن الإستقرار فكل طرف يتربص بالآخر والنتيجة الضياع للجميع ،، لا تقدم !
إنني لست ضد أي أحد من الدول العربية وكان الله عز وجل في عون الطرفين نظير عدم الفهم الملك الرئيس والحاكم لا يريد فقد العرش أو كرسي الرئاسة تحت أي ظرف و مهما كانت الأسباب ... لا يريد الفهم وأن العصر تغير الآن عن معطيات الماضي ،، وأن النجاح هو الديمقراطية والشفافية وحب الجماهير هو الأساس ،، أن الفيصل في الأمر الدستور الصادق الصحيح هو العنوان والقانون للحاكم والمحكوم ،، العدل والمساواة بين الجميع في الحقوق والواجبات ،، والضرب بيد من حديد على كل من يخالف الدستور إبتداءا من الحاكم إلى أي فرد من أبناء الشعب ضمن العدل والمحاكم النزيهة وتعطى للمتهم جميع الضمانات بدون تعذيب ولا ضرب وإكراه بالإعترافات الكاذبة المزورة لإرضاء أولي الأمر ،، عندها النجاح بلا حدود لأي شعب من الشعوب العربية ،،
زرت الكثير من الدول العربية ،، وكم شعرت بالضيق والهوان ،، وأنا أشاهد قمة البذخ من بعض الطبقات المتسلطة الثرية التي تمتص دماء البشر بطرق شريرة يعجز الشيطان إبليس عن إتيانها وعملها ،،، وقمة الفقر والتخلف في كثير من الأوساط الشعبية ،، كيف يعيش البشر وسط أكوام القمامة ،، وسط المدافن والقبور للموتى ،، البنية التحتية زبالة وحفر ،، الصحة مفقودة والأمراض بكثرة ،، السعادة والفرح غائبة عن المجتمعات ،، كل الهم كيف الخروج من الغم المستعصى الذي ليس له علاج ،، البحث عن لقمة العيش بأي طريق مهما كان ،، مما ضاعت الأخلاق الحميدة نظير الحاجة ،،تدهورت الكرامة والقيم من ظلم البشر للبشر ،، ضاع السمين وسط الغث ،، وبالتالي الضياع للجميع في الهاوية السحيقة ،،
والحل في أيدينا ،، إذا تنازلنا عن الكبرياء الزائفة الكاذبة ،، إذا تعلمنا كيف نتحاور بقلوب مفتوحة وعقول متفتحة ،، وتمسكنا بتعاليم الدستور الإلاهي القرآن المجيد بفهم من غير مغالاة ولا تطرف ،، حيث الكثيرون في نظري من شيوخنا الأدعياء بالعلوم الدينية يتمسكون بالقشور ويتفلسفون وينسون الجوهر والأساس ،، وأن الجميع بشر عبيدا لله عزوجل ،، لا فرق بين إنسان وآخر ،، إلا بالتقوى والعمل الصالح وماذا قدم للإنسانية من خير ،،
تساءلت مع النفس محاولا قدر الإمكان حبس الدموع من أن لا تسقط وأن لا أبكي على المآل والحال المزري الذي تعيشه الأوطان العربية ،، وبالأخص وطننا ليبيا وقلت للنفس لقد جفت الدموع من مآقينا من يوم الإنقلاب الأسود ،، جفت الدماء من الشرايين والعروق ،، عندما إستولى العوام النكرات الأراذل مقاليد السلطة ،، وأصبحوا بين يوم وليلة هم السادة ،،ونحن العبيد علينا الطاعة بدون نقاش ولا سؤال ،، لأننا آثرنا الحياة ،، حياة الذل والخنوع والإستسلام ،، وعشنا عيشة الضعفاء المساكين نتباكى على الضياع ،، جفت الدموع من العيون ووجدنا أنفسنا مساكين مشردين نجري ونهرب من مكان لآخرمطاردين مثل الفرائس من الصيادين ،، خوفا من أذرعة النظام الخبيثة التي تزهق أرواح الأبرياء الضحايا لمجرد شك بسيط ،،
أخيرا أود القول أنه صراع رهيب بين الحضارات ،، صراع دموي قاتل ،، تمسك خيوطه القوى الخفية والمصالح الدولية ،، ونحن كشعوب المنطقة العربية من جميع الأديان في نظري ضحايا عبارة عن أحجار شطرنج يلعبون بنا ،، آن الأوان أن ننهض بلا مغالاة ولا تطرف أسود أعمى وأن نتحاور ونتصالح مع بعض ونجعل الثقة هي الرائد والأساس للمستقبل ،، عندها يعم السلام وسوف ينجح الجميع ،، والله الموفق ،،
رجب المبروك زعطوط
1988/3/1 م
No comments:
Post a Comment