Sunday, April 8, 2012

قصصنا المنسية - يوميات معارض ليبي مهاجر خلال سنة 1987-1988 -32


                                             بسم الله الرحمن الرحيم

   لقد سبق وأن كتبت هذه الخواطر سنة 1988م ،، ولم تكن الظروف ملائمة في ذلك الوقت لنشرها ،، والآن بعد أن تنشقنا نسيم الحرية العليل ،، حان الوقت المناسب لإطلاع جمهور القراء عليها ،، ووجدت من المفيد سردها حتى تكون عبرة لشبابنا ،، وتذكيراً لشيوخنا ،، راجياً من المولى عز وجل ،، أن تتحقق الإستفادة للجميع …
                                              الإنتفاضة الفلسطينية

               يعجز اللسان عن الكلام واليد عن الكتابة والقلم عن التسطير ،، عندما أردت الكتابة عن الإنتفاضة بقطاع غزة والضفة الغربية بفلسطين المحتلة ،،  كل يوم خلال الأسابيع الأخيرة من أول سنة 1988م وأنا أشاهد  في القنوات المرئية الأحداث الدامية والصراعات التي تحدث بوطننا العربي والأرض المقدسة ،، ونحن العرب نتباكى على الواقع المحزن غير قادرين على مد يد المساعدة لإخوتنا الفلسطينيين ،، إخوتنا في الدين والعروبة ،، الذين كل يوم يتساقطون ضحايا يقدمون الأرواح  الزكية فداءا للأرض الطاهرة المحتلة ،،
يعجز الوصف عن البطولات والتضحيات ،، لأن الشعب أراد الحياة وقدم القرابين الكثيرة على مذبح الحرية لإسترجاع  الأرض والحق الذي سلب بمساندة القوى الخفية بالقوة من شعب مسالم تحت أنظار العالم الحر ،، الذي يدعي الحرية للشعوب المقهورة ،، من غير أن يفعل أي شىء غير الموافقة على التقسيم وإشعال نار الثورات والحروب ...
كل يوم أشاهد عشرات الرجال الشباب والأولاد يتصدون لرصاص الصهاينة بالحجارة  ،، لديهم عقيدة وقوة إيمان داخل النفوس بحب التضحية والفداء بالروح والدم ،، يناضلون من أجل الأرض التي سلبت والحريات المغلولة بالقيود الصعبة من قبل المستعمرين لأرضهم غير قادرين على النهوض من الكبوة والعثرة التي حلت بهم فقد تآمر العالم عندما رضي بتقسيم فلسطين وإعطاء الجزء الكبير للصهاينة لإنشاء دولة إسرائيل ...
تآمر العالم الغربي والشرقي الذي يدعي الحضارة و السمو والتحضر متبنيا حرية الإنسان وحقوقه في جميع المحافل والإجتماعات واللقاءات والندوات الدولية تحت شعارات قوية ،، تطبق حسب سياسات البعض الأقوياء ولمصالحهم الخاصة ،، فقد دقوا إسفين التمزق والتشرذم في قلب الأمة العربية بإعطاء الأرض ومساندة الدولة العبرية لكي  تنهض ويصبح لها وجود وكيان في العالم ضد الإرادة لأصحاب الحق في الأرض ،، حتى يجد الطغاة الحكام من ملوك ورؤساء العرب الورقة الرابحة للمتاجرة بعقول الشعوب العربية الجاهلة التي تصدق  الأكاذيب المفتعلة حتى تتجه الأنظار للعدو الصهيوني ولا يهتمون بوجود هؤلاء الحكام ،، الذين يقهرون ويسحقون أي حركة وطنية شريفة تطالب بالتغييروالرجوع لدين الحق الشورى والديمقراطية ،،  بحجج الأمن والخيانة للقضية العربية النبيلة الشائكة ،،
إنني عربي مسلم قلبي يدمى على الذي يحدث في الوطن العربي وبالأخص في ليبيا وطني من عقيدنا المعقد المجنون المزروع لتدمير ليبيا والعرب الذي إستغل ورقة القضية الفلسطينية أحسن إستغلال ،، لعب بالقضية ودمرها للحضيض بالشطحات الكاذبة والدعم الخيالي من رزق أبناء الشعب الليبي الذي ضاع في جيوب السماسرة الكثيرين من جميع الأطراف ،،
 في نظري كان من باب أولى بدلا من تكديس السلاح وشحذ الهمم والتركيز على العنف والحرب ،،،  الجلوس على طاولة المفاوضات والوصول إلى حلول سلمية ترضي جميع الأطراف بالعقل والتفاهم وليس بالعنف والدم فالعنف يولد العنف وكل إنسان يريد أن يدافع عن النفس سواءا محقا أم كان على خطأ ،،
الشعب الفلسطيني شعب حي ،، جرب الويلات خلال 4 عقود الماضية من القهر والتضحيات ،، ومهما حاولت القوى الخفية  إخراسه وكتم صوته لن تستطيع ،، لأن الحق واضح وضوح الشمس و من الضروري  الوصول إلى حلول فلا يمكن تحت أي ظرف الإستمرار لمدى العمر في الحرب والثورة والقتال لأي طرف ،، والحق مهما طال يوما سوف يتحقق طالما يوجد من يطالب ،، والقضية ملايين البشر الذين يطالبون وليس فردا واحد ...
القلب يدمى على الضحايا من الطرفين الذين يسقطون نظير أخطاء ،، الزعماء من الطرفين عرب وصهاينة متفاهمون على اللعبة بينهم ضمن شروط غير مكتوبة ،، والشعوب المقهورة من عرب ويهود يقدمون التضحيات ،، إنها مباراة غير عادلة ،، فهل آن للشعوب أن تنهض ضد حكامها وتطالب بالسلام العادل الذي يكفل حرية وأمن وأمان الجميع ضمن المجتمع الدولي الحر الشريف ،، حتى نرتاح من الدم والغل والحسد ،،
نحتاج إلى رجال ذوي شجاعة وقوة عقل وصبر مثل الرئيس المصري السيد أنور السادات ،، حتى يقررون الأصلح لشعوبهم المقهورة ،، فقد ولى عهد القوة الغاشم والإستعمار وإحتلال الأرض بالجنود ،، الآن العالم صغير تربطه مصالح تجارية من أخذ وعطاء ،، جميع الشعوب تحتاج إلى سلام لتعيش بكرامة ضمن قيم وأخلاق ،، ولى عهد الإستغلال البعض للبعض ،، ولى عهد الرق للأبد ،، نحتاج إلى ود وثقة وتفاهم حتى نتكاتف ونؤمن أن العالم للجميع ،، يسعنا جميعا ،، فنحن بشر وليس لفئة دون أخرى ،، حتى نتحدى ونحارب والكاسب في نظري في جميع الحالات خاسر ...
نحتاج إلى عقول نيرة تؤمن بالسلام ،، لا نحتاج إلى أي نوع من التطرف مهما كان ،، بالإمكان الوصول إلى حلول كريمة ،، والعيش بسهولة ضمن قوانين تحفظ حقوق الجميع بدون مغالاة فالعقلاء موجودون لدى الطرفين ،، العرب واليهود ،، فلماذا الكراهية ودس الفتن ،، ونحن أصلا أبناء عم ،، لو وصلنا مع طول الزمن إلى إتفاق مشرف عندها ،، جميع العروش والرؤساء الطغاة في الوطن العربي سوف يسقطون ويتلاشون ولا يبقى إلا الأصلح ،، أرجو من الله عز وجل أن يأتي هذا اليوم وأنا على قيد الحياة ،، والله الموفق .

                                                            رجب المبروك زعطوط

                                                                  1988/3/1 م  

No comments:

Post a Comment