Friday, April 20, 2012

قصصنا المنسية - يوميات معارض ليبي مهاجر خلال سنة 1987-1988 -39

                                                  بسم الله الرحمن الرحيم 

   لقد سبق وأن كتبت هذه الخواطر سنة 1988م ،، ولم تكن الظروف ملائمة في ذلك الوقت لنشرها ،، والآن بعد أن تنشقنا نسيم الحرية العليل ،، حان الوقت المناسب لإطلاع جمهور القراء عليها ،، ووجدت من المفيد سردها حتى تكون عبرة لشبابنا ،، وتذكيراً لشيوخنا ،، راجياً من المولى عز وجل ،، أن تتحقق الإستفادة للجميع … 

                                                      خلاف الرأي

                 يقولون أن في إختلاف الرأي رحمة كبيرة ،، حيث في بعض الأحيان هو الناقوس الذي يدق بالخطر ،، بدلاً من أن يسلم الجميع  قيادتهم لرأي شخص واحد يعمل كما يشاء مثل القذافي الطاغية ، بدلاً من النقاش بصورة ديمقراطية ومشاورة وأخذ الرأي الأصلح ،، الذي يضمن السير في الطريق الصحيح للجميع ...
يجب على الإنسان أن يراعي دائماً مخافة الله عز وجل ، في كل أمر ،، لا يحيد عن المبادىء والأخلاق ،، وفي حالة عدم الإقتناع أن يناقش ويحاور بالهدوء ،، ويشرح للجميع لماذا عدم الموافقة حتى يثري الموضوع ويدفع به للنقاش السليم حتى يصلون لرأي عام يتفق عليه معظم الجميع ،، وعندها يبدأ التنفيذ ،، بدون معاكسات وتذمر ...
والذي يحز بالنفس أن البعض يخالفون بسبب عوامل كثيرة ،، أهمها النقص بالنفس والشعور بالمهانة والضعف وحباً في الظهور ،، يكرهون ويعاكسون الأحرار الشرفاء الصادقين من التصدر للقضية الوطنية الشريفة ،، بوضع بذور الشك والشر والفتنة حتى لا تتم الأمور بسلاسة ،، وكثيرون أغبياء لا يفهمون الأمور الحقيقية لدهاليز السياسة مما يصدقون هؤلاء الذين يحبون ويرغبون ملء الفراغ  بان يصبحوا باوائل الصفوف يشار لهم بالبنان والفخر نظير الكبرياء الزائفة والغرور ،، ولدينا مثل يقول ( خالف تعرف ) ،، إنها ماساة دول العالم الثالث وبالأخص العرب ،،
 كان الله عز وجل في العون ،، حتى نتعلم كيف نناقش ونحاور بأدب ضمن الأخلاق والقيم حتى نصل إلى الأهداف السامية في أسرع وقت ،، بدلاً من الخصام والدخول في المعارك الجانبية وننسى الأساس الذي من أجله نريد النقاش والوصول إلى إتفاق يشرف ...
خلال المحن والأوقات الصعبة عندما كنت عضواً فعالاً بالمعارضة الليبية ،، أتيحت لي فرص كبيرة ،، وإكتسبت خبرات عديدة وعرفت الكثير ممن يدور وراء الستار والكواليس ،، من مناضلين كنت أعتقد أنهم رجال نستطيع الإعتماد على مصداقياتهم ،، ونتيجة الغرور والكبرياء الزائفة  وعدم الحكمة والدراية بقيادة الرجال ،، أصبحوا أشباه رجال أدعياء ، سقطوا في الهاوية مع المحن وطول الزمن ،، لأن الضمير منعدم بدون نقاء ولا شفافية عبارة عن طلاء  والقلوب هواء بدون إيمان عميق بنبل القضية ،، أدعياء ،،سقطت  الأقنعة الزائفة عن الوجوه ، عندما بدأ الهز للغربال بعنف وتكاثرت المصائب والمحن !  فالضحك على الذقون  والأدعاء والكذب له وقت  مهما طال يتلاشى وينتهي بالحق والصدق وكأنه لم يكون ...
المعارضة الليبية لم تنجح النجاح الكامل في المسيرة الطويلة لعدة عوامل رئيسية:
أولاً: عدم الجدية من الكثيرين الذين تسلقوا القطار الذي يجري على القضبان ، يزاحمونالأخرين في العربات بلا كلل ، يريدون الوصول للمقدمة ،،، نظير الحصول على ماديات كثيرة ومزايا للعيش والبقاء من مرتبات ومصاريف مدفوعة في السفر والتنقل والفنادق لبعض الرموز ،، والحصول على الإقامات وجوازات السفر والحمايات حبا في الظهور ...
ثانياً: النفاق من الكثيرين للرموز وأدعياء القيادة وحب الظهور ،، حتى تناحر الجميع من القياديين الذين إعتبروا أنفسهم مميزين والشرف بالقيادة لهم وحدهم بدون منازع  نظير العنصريات الفارغة وأنهم من القبيلة الفلانية أو الجهة العلانية نظير الضعف والنقص بالنفوس وحب الزعامة ...
ثالثاً : نحن كليبيون عرب مسلمون ،، لم نعرف طريق الهدى والحق ،، ونضع أمام الأعين إتقاء الله عز وجل والعمل بهداه ونتشاور حتى نصل إلى قرارات مهمة ،، نحافظ على الأمور بنزاهة وجدية ،، نعيش العصر بدون تطرف ،، نحافظ على الأخلاق الحميدة والمبادىء السامية ونتسلح بالعلم الذي هو أساس الحياة …  
رابعاً: معظم الرموز أدعياء القيادة يحلمون ،، يعيشون الوهم الكبير ، يريدون الوصول لكرسي الحكم والسلطة ، مثلهم الطاووس الشيطان ، يقلدون الأمر يعتقدون أنهم أحسن بمراحل من القذافي الذي وصل للحكم والسلطة بإنقلاب أسود  وقت الغفلة ، وأصبح من ملازم بسيط ، سيداً دان له الجميع بالسمع والطاعة ، ونسوا وتناسوا أن العصر تغير ، وأن فاقد الشىء لا يعطيه !
هذا الغرور الأعمى الذي تسلط عليهم ،، كان السبب في تخلى الأحرار الشرفاء عنهم ،، ومعظم الجميع الذين بقوا معهم نظير قرابات ودم ،، أم مزايا ومرتبات ،، أم  وأم ،، لا يستطيعون مهما عملوا في الخارج من عمل أي شىء مؤثر إن لم يكن بالداخل  ...
إن بداخل النفس عوامل وخواطر كثيرة مكبوته مخنوقة وأمورا عديدة مطلع عليها ،، أعرفها عن يقين وليست للتسطير والنشر الآن حتى يأتي الأوان لها ويوماً من الأيام سوف تنشر ليعرفها الجميع وبالأخص البسطاء من عامة الشعب الذين لا يحللون الأمر ،، بل يصدقون ما يسمعون من مغالاة ...
أنا أعرف أنه مهما طال الوقت بالغربة يوما ما سوف تقوم ثورة وننتصر بإذن الله تعالى فالبقاء دائما للشعوب التي تريد الحرية والبقاء والتقدم ،، تريد النهوض وإزالة الكابوس والظلام ،، تريد الخروج من حاجز الخوف بأي ثمن ،، عندها ينطلق البركان ويدمر صرح الظلم والمظالم ،، وتبزغ شمس الحرية تسطع على الوطن الحبيب ...
إن لكل عصر محاسن وجنون ،، وأيام الجاهلية بالجزيرة العربية تحدثوا عن مجنون ليلى ،، الذي كان مفعما بالحب والشعور ،، أما مجنوننا في ليبيا ،، مصيبة من المصائب ،، مجنون بالشر والشرور لا يتلذذ إلا بالتعذيب وسفك الدماء ،، فالنقص بالنفس والحقد والحسد لا يرتاح ويهدأ إلا على مصائب الآخرين ،، والفرق واسع شتان بين الحب والعشق والشعور بالخير ،، مع مجنوننا الشرير !
عشت إلى وقتنا الحاضر حوالي 9 سنوات بساحة الغربة ،، بعيدا عن الوطن وتنقلت في أقطار عديدة وحضرت مئات اللقاءات والندوات ،، وساءني عشرات المرات النظرات من الآخرين للشعوب الأخرى أننا غير قادرين على عمل أي شىء بالداخل ،، بل نتباكى على الوضع مثل الثكالى والأرامل على فقدان الأعزاء ،، أليس بعار وهوان ،، ونحن غير قادرون على تغيير الوضع ؟؟
إنني مقتنع بكل كلمة قلتها عن المعارضة والرموز ،، عسى البعض يصحون من الحلم وينهضون نظير المعاناة والضيق ،، طالبا من الله عز وجل أن يوفقنا ويهدينا للخير ،، وأن تطمئن النفوس ،، حتى نتوحد ونبدع ،، والله الموفق ...
                                                                             رجب المبروك زعطوط
                                                                                   1988/3/5 م  

No comments:

Post a Comment