Tuesday, April 17, 2012

قصصنا المنسية - يوميات معارض ليبي مهاجر خلال سنة 1987-1988 -36

                                             بسم الله الرحمن الرحيم


                                                    الحمد والثناء


           الحمد لله عز وجل على جميع العطايا والنعم من صحة وعافية وذرية صالحة ،، لقد وفقت في تربيتهم التربية الصالحة وسط الإغراءات الكثيرة بأمريكا ،، ونجحنا ،، أنا والأم الصالحة التي تحملت الأعباء الكبيرة في قيادة السفينة وسط العواصف والأمواج الهائجة وتربوا على مكارم الأخلاق الحميدة ،، أنهم عرب ليبيون مسلمون حتى يكونوا قدوة نيرة  وسفراء  لدى الغير بأننا شرفاء يجري بعروقنا وشراييننا دم الدين الإسلامي الحنيف الحر ،، لا نرضى بالذل وإهدار الكرامة ،، شاكرين الخالق على كل الخير والهبات التي وهبها لنا  ،،، قولا بالآية الكريمة ( لئن شكرتم لأزيدنكم ) ...
اليوم سمعت بعض الأنباء المفرحة من المحامي  حيث لدى موضوع تجاري مهم  بيع أحد العقارات معطل منذ مدة طويلة ،، وأنا على وشك الغرق في مسيس الحاجة للسيولة حتى ألبي التراكمات للإلتزامات والديون التي بدأت تتكاثر وأنا غير قادر على السداد إلا للبعض الضرورية التي تحت أي ظرف لا يمكن تعطيلها ...
كثيرون يحكمون بالظاهر ،، لا يعرفون الداخل والخفاء ،، والحمد لله عز وجل أنا أحسن من  الغير بكثير ،، ومهما مررت بضيق الحال وعدم السيولة ،، عندي بدائل كثيرة مثل عرين الأسد لا يخلو من العظام لإستعمالها وقت الجوع والحاجة ،،
في بعض الأحيان أتطلع إلى نظرات عيون الصغار ولمعانها والإستغراب عندما يطلبون بعض الطلبات وأنا أرفض وأتحجج بحجج واهية لأنها في نظري غير ضرورية ،، وهم مصرون عليها محاولا قدر الإمكان الشرح بأن الوقت غير مناسب ،، وسوف أشتريها لهم يوما عندما يتيسر الحال …
لقد مررت بأيام سوداء كئيبة نتيجة نقص السيولة بالغربة ،، بدون دخل ولا عمل ،، بدأت أشعر بالذنب أنني أحضرت العائلة والصغار للمهجر والغربة مما أصبحت كالحصان الذي يجر عربة ثقيلة وهو متهالك من الجوع والضعف بالكاد قادر على الوقوف والسير ،، وقضيت أوقاتا صعبة ،، مما لم تكن لدي الرغبة في الذهاب للمكتب ،، وبجميع المحن لم أقنط وأيأس من رحمة الله عز وجل فأنا مؤمن بالقدر وأن ما بعد الضيق إلا الفرج ،، العملية عملية وقت ،، وماعلي إلا الصبر !
أخطر شيء للغريب تحطم النفس وعدم الأمل ،، في هذه الحالات الصعبة الأوهام السوداء تجد لها مرتعاً تنمو وتتكاثر فيه مثل البكتيريا ويستشري المرض ،، لكن الحمد لله تعالى لدي موهبة وميزة كبيرة أنني دائما طوال حياتي أنظر وأشاهد و أتطلع إلى تحت ، الضعفاء و الفقراء و المحتاجين وأقارن بوضعي وحالتي ،، أجدني في أسعد الحال والأحوال أحسن بكثير من العشرات والمئات من هؤلاء البشر ،، مما ترتاح النفس وأسعد ويلهج اللسان بالحمد والشكر والثناء للخالق آلاف المرات على جميع الهبات والعطايا ،،
اليوم كما قلت سعيد وفرح جدا ففي خلال أيام قادمة ،، سوف أقبض الصك ،، وأدفع فواتيري وإلتزاماتي وأتحرر من الكآبة والخوف ،، وأفرح الجميع ،، وأطرد الضيق والمعاناة وأستطيع النوم براحة من غير أي قلق ،، وأهم شيء إستفدته من الضيق والمعاناة ،، أنني رجعت لطريق الإيمان ،، وبدأت تأدية الصلاة بإنتظام وليس مثل السابق بتقطع ،، كانت رحمة كبيرة وفضل كبير ،، مما فتحها القادر القدير في الوجه وبدأت بشائر الخير تلوح في الأفق ،، وتأتي ! 
سبحانك رب العالمين ،، بالأمس كنت مهموما ضيق الصدر سارحا مع النفس ،، حتى أثناء تأدية الصلاة لا  أعرف هل أنا في الركعة الثالثة أم بالرابعة نظير غياب الفكر والذهول وعدم التركيز للذهن ،، واليوم من مكالمة هاتفية واحدة بأن الموضوع تم وسوف أقبض المال الكثير ،، وأسعد وأفرح ،، الحمد والشكر لمفرج الكروب الواحد الأحد ،، وتذكرت قول الشاعر المأثور ،، ( ولا تبيتن إلا خالي البال ،، مابين غمضة عين وإنتباهتها يغير الله الحال إلى حال ) ...
كلما أرجع بالفكر وأتجرع الذكريات السابقة بالوطن بمدينة درنة قبل الزحف والتأميم ،، سنوات عديدة للوراء وكم كنت سعيدا خالي البال ،، أعيش في بحبوحة العيش ولدي الخدم والحشم ،، أزداد حقدا وحبا في الإنتقام ممن كان السبب ! 
ألآن حكمت علي الظروف وأعيش في مدينة هادئة فرجينيا بيتش على الساحل الشرقي لأمريكا في هدوء وسكينة وتعرفت بالكثيرين من أخوتنا العرب المسلمون ،، وللأسف البعض غير مهتمون بشعائر الدين من صلاة وصوم مما صدمت فيهم وحاولت قدر المستحيل الترغيب والشرح ولكن بدون فائدة عسى يوما يأتي الفرج ويهتدون ،، فأنا عملت مابالوسع وقدر الجهد ،، أريد وأرغب أن أشاهدهم مهتدون لأننا المفروض أن نكون قدوة وسفراء للغير من البشر حتى يشاهدوا عظمة الإسلام في تأدية الشعائر والمعاملة الجيدة والبعد عن الحرام ،،
أخيرا الحمد لله عز وجل على جميع النعم ،، فبالأمس كنت محتارا ضائعا في الكوابيس والحالة الصعبة من الضيق والمعاناة ،، واليوم سعيد فرح جذلان ،، فسبحان الخالق القادر الذي غير الحال الصعب إلى حال الفرح والسرور ،، والله الموفق ،،
                                                              رجب المبروك زعطوط

                                                                    1988/3/3 م   

No comments:

Post a Comment