Thursday, February 13, 2014

المترجم 62

بسم الله الرحمن الرحيم

 لغة الضاد كانت بالماضي شبه مهمشة بدون اهتمام يذكر من الأجانب الآخرين لم يعرفوا قيمتها الا في الآونة الأخيرة من بدايات القرن الواحد والعشرون عندما أحسوا بقيمتها العملية أثناء الحروب ومكافحة الارهاب العالمي، مع انها أساسية للكثيرين من الشعوب المسلمة التي أسلمت بدين التوحيد حيث الكتاب المنزل والوحي مكتوب في المصحف الشريف (القرآن الكريم) باللغة العربية . 

معظم الدول الاسلامية تتكلم بلغات ولهجات مختلفة ويقرؤن القرآن الكريم بإشتياق ورغبة ولهفة عن قناعة وحب وهداية ربانية، والكثيرون لا يعرفون معانيه الحقيقية، والسبب الرئيسي هو غياب الترجمة السليمة مما يفقد الكثير من معانيه الروحانية والعملية حيث ديننا الإسلامي ودستورها الإلاهي القرآن الكريم لم يطبق حتى الآن التطبيق الصحيح بعد عصر الرسول عليه الصلاة والسلام بهذه الدنيا حتى الآن…  كثيرون يدعون العلم ببعض اللغات ويقومون بالترجمة حرفيا مما يفقد الامور طبيعتها وتصبح ترجمتهم وأعمالهم غير مستساغة مع الواقع وضررها للبعض كبير… وكثيرون تم اتهامهم نظير الاخطاء في الترجمة من اللغة العربية القحة… حيث اللهجات واللكنات تختلف من دولة ومنطقة عربية إلى أخرى حيث اللهجات المحلية بالعشرات. ومثلا أنا مواطن عربي مسلم ليبي من وسط شمال أفريقيا، درست اللغة العربية في المدارس أيام الصغر والشباب وأفهمها جيدا ولكن في كثير من الدول العربية التي زرتها تصادفني في بعض الاحيان صعوبة في الفهم لكثير من المعاني لللهجات المحلية مع أننا عرب مسلمون نتكلم نفس اللغة، وبالأخص أثناء الزيارات العديدة للمملكة المغربية . كثير من الأخطاء حدثت نظير الترجمة عندما إجتاحت قوات الحلفاء دولة العراق، عندما كانت الدوريات تقوم بالتمشيط في الأحياء والطرق، وكل دورية معها احد المترجمين العرب، وعندما يقبضون على البعض من الأهالي المواطنين نظير مخالفة الاوامر في التجوال وقت ساعات الطوارئ، ونظير عدم الترجمة الصحيحة تحدث الاخطاء بقصد وبدون قصد من المترجم مما تضيع الأرواح هدرا، والقصص كثيرة والتي سمعتها من احد الأقارب الذي كان مترجما ضمن القوات الامريكية في بغداد وقت الاجتياح، وأقام فترة من الزمن هناك…  إحدى القصص انهم يوما تم القبض على مزارع عراقي يداه ملطختان بالدم، وأثناء الاستجواب عن طريق المترجم المصري الذي لا يعرف اللهجة العراقية والذي ترجم حرفيا بدون فهم المعنى، تم سؤاله من قبل المسؤول الأمريكي لماذا هذا الدم ؟؟؟ وكان الرد غريبا أنه ذبح وقتل عشرة من الطليان… وقام المترجم المصري الذي كان يجهل اللهجة العراقية كليا بترجمة "الطليان" وكأنهم أناس من دولة إيطاليا… مما استغرب المسؤول من الاعتراف الصريح، وأصابه الشك عندما سمع الجنود الاعتراف وخافوا منه ان يكون انتحاريا مدرعا بالديناميت ليقتلهم وتوتر الجو  واستعدوا لقتله، ولولا لطف الله تعالى ونباهة المزارع الذي إستدرك الموقف وقال الطليان وقلد صوت الغنم مما عرفوا انه جزار ذبح عشرة من الخراف (طليان باللهجة العراقية) قبل الاعتقال واصبح الموضوع نكته ضحك لها الجميع على غباء المترجم الذي بخطئه الفادح في الترجمة كاد أن يقتل الرجل .  القصص كثيرة بلا حدود… وأبرياء كثيرون تم اتهامهم والاعتداء عليهم والبعض قتلوا بدم بارد نظير الاخطاء في الترجمة والتي البعض منها كيدية تصفية حسابات، نظير الحساسيات والتطرف العشائري، وكراهية البعض للبعض والتشفي، وهم أخوة أبناء وطن واحد .

      مثلا احد الايام تم توقيف سيارة مواطن على حاجز في احد الطرق المؤدية إلى احد المقرات الامنية المهمة، وبعد تفتيش السيارة جيدا والتأكد انه شخصيا نظيف سليم طلب منه مسؤول الدورية الأمريكي بأن يتراجع للخلف ويغادر ، ولكن الترجمان العراقي لغرض في نفسه أراد هلاكه وقتله نظير الكيد والحقد عليه ترجم الامر على ان يأتي ويتقدم ونفذ المواطن العراقي ببراءة الامر والطلب بدون دراية ولا معرفة بالمكيدة، وبعد عدة خطوات تم إطلاق النار عليه وقتله مظلوما نتيجة الترجمة الكاذبة!

     ان القصص كثيرة بدون حدود ولا عدد نظير الترجمة الكاذبة والتي في كثير من الاحيان بدون قصد… ولكن أدت إلى اتهام الكثيرين بجرائم وأعمال إرهابية من قتل وتفجير في الاسواق والمقرات الحكومية المتعاونة مع قوات الاحتلال، وهم أبرياء منها والكثيرون منهم لا قوا صنوف التعذيب والضرب والإهانة للكرامة باللواط والجنس وبالأخص في سجن (أبو غريب) في بغداد الذي صوره البشعة والتي نشرت في الإعلام يندى لها جبين الانسانية من بشر يدعون انهم حضاريون وهم وحوش قتلة في هيئة جنود…

      ان عمل المترجم مهمة إنسانية بأن يترجم بالحق وبضمير وعدل بدون انحياز لجهة ما، مهما كلف الامر من تضحيات حيث حياة كثير من البشر المتهمين تعتمد اعتمادا كليا على ما يترجمه المترجم ويسجل أثناء التحقيق وبالأخص اوقات الحروب والثورات حيث لا وقت للمحامين ولا الوقت الكافي للدفاع عن النفس والإعتراض ضمن القانون .

      قرآننا المجيد اول آية بسورة العلق نزلت وحيا من الله عز وجل عن طريق الروح الأمين سيدنا جبرائيل، على النبي الكريم بسم الله الرحمن الرحيم (إقرأ) حثا للعلم، ورسولنا الكريم سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام حث على العلم والتعلم وبالأخص ألسنة الآخرين (اللغات) عندما قال (من تعلم لغة قوم أمن شرهم).

      أخيرا بودي القول لأي جهة عامة أجنبية تحتاج إلى مترجمين لترجمة التقارير ومعرفة أغوار الشعوب العربية الاسلامية، ان تتأكد عند التوظيف… فليس كل انسان دعي يفهم البعض من الكلمات العربية يستطيع ان يترجم الترجمة الصحيحة حتى لا تحدث الاخطاء والكثيرون يضيعون في وسط المتاهات ويتهمون بجرائم وأفعال وهم أبرياء…وبالأخص اوقات الثورات والحروب حيث لا وقت للتدقيق والفحص، ودولهم تتحمل المسؤوليات والأخطاء من الآخرين من أبناء الشعوب على عدم الفهم…  والله الموفق .
                                     رجب المبروك زعطوط

No comments:

Post a Comment