Monday, February 10, 2014

الفقر و الإحتياج 60

 بسم الله الرحمن الرحيم

                 "قبح الله تعالى الفقر"- مقولة قيلت منذ مئات أو آلاف السنين على الاحتياج والعسر  للكثيرين الذين يعيشون تحت حافة خط الفقر بهذا العالم،  بإلكاد يعولون انفسهم وعائلاتهم حتى يسدون رمق الحياة ويعيشون إسوة بالآخرين البشر

وآخرون أعطاهم الله عز وجل ويعيشون في بحبوحة العيش من كل ما لذ وطاب، فضلات موائدهم تعتبر مآدبا للبعض الآخرين المحتاجين  إلى لقمة العيش،  هؤلاء الأغنياء في غيهم سائرون غير مهتمين بالفقراء البؤساء ليس عن قصد ولكن نظير عدم الاهتمام والجهل، يعتقدون ان الآخرين غير فقراء ولا محتاجين لأنهم لم يقاسوا الجوع وآلامه عندما تعصف التقلصات بالبطن ويسقط الانسان من طوله غصبا عنه مهما حاول المقاومة والصبر،  يصاب بالهزال والضعف،  والمرض  ينهشه وينهيه مع الوقت ببطء إلى  الموت والنهاية.

سمعت مقولة تتردد في الأوساط الشعبية  بكثرة،   ان سيدنا علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام قال في احد مآثره ومقولاته "لو كان الفقر رجلا لقتلته   بسيفي هذا" مشيرا إلى سيفه البتار الذي يحمله!  لقد شرح معنى الفقر وآلام  الاحتياج الصعب  وماذا يسبب للإنسان من مهانة، يجعله ذليلا غير قادر على الاستمرار رافعا الرأس بين الجميع وبالأخص في أوقات الكرم والضيافة  وإستقبال الضيوف، ومد يد العون والمباهاة… حسب المثل الشعبي الذي يقول "العين بصيرة… واليد قصيرة"
فنحن اليوم نعيش في عالم المادة، تغيرت الأحوال عن قبل… فالماضي مضى بخيره وشره والآن في الوقت الحاضر من الضروري توفر المال للإنسان حتى يعيش مرتاحا، وان لم يكن لديه عمل دائم ودخل مستمر، قل أم كثر  حتى يستطيع ان يقاوم،  يضيق به الحال وكل يوم  إلى  الأسوء ويغرق في بحر الديون والهم والغم ينتابه طوال الوقت بالليل والنهار وبالأخص عندما  تنتهىي السيولة ويتوقف عن الدفع ويفلسعندها لا يستطيع الاستمرار والعيش كريما محافظا على ماء الوجه من الإراقة أثناء اوقات الاحتياج  والعوز التي هي من ضمن دورات الحياة  المرة القاسية حيث معظم الوقت تدور الدائرة  على الكثيرين بحيث  الغني ذو المال نتيجة ظروف معينة  يصاب بالفقر والإحتياج

والفقير يعطيه ويغنيه المولى عز وجل بدون ان يدري…  حيث لا حال يدوم لأي انسان بشر طوال الوقت… يمر الجميع بالدورة من غنى وفقر  سواءا كان كبير الشأن أم صغيره
وبالأخص الكثيرين من الصعاليك الذين لا يساوون شيئا… وليس لديهم أي اسم وذكر بالمجتمع،  بل مهمشين منبوذين نظير ظروف معينة وبضربة حظ يصبحون من الأغنياء فجأة مثل أغنياء الحروب والأزمات…  الكثيرون منهم لا يحسنون التصرف بعقل… بل تذوب الثروة من بين أصابعهم  بسرعة نظير التخبط والصرف العشوائي والتبذير لأنهم جهلة في التدبير والتخطيط
مع انهم مروا بالظروف الصعبة والحرمان فترة او فترات من حياتهم.
لم يأخذوا ويتعلموا منها الدروس الصعبة القاسية، وبالأخص مروا بالتجربة  لا يعرفون الحفاظ على كرامة المحتاج الفقير وقت طلب مد العون والمساعدة او المساهمة،  يتلذذون بإهانة البعض بالقول الجارح والتشفي .

أليست بأمر مؤسف ومأساة ان يستهزئ الانسان بأخيه الانسان الفقير المحتاج، أن يستغل الضعف والفقر والحاجة لديه، بدل الحمد والشكر طوال الوقت للخالق الحي اللذي وهبه وأعطاه الخير… حتى لا يأتي يوما ويهبط ويصاب بالفقر ويضطر إلى الاستجداء

الفقر الحقيقي والإفلاس هو فقر العقول من العلم  الكياسة والتجربة، وفراغ القلوب من الرحمة والشفقة، وعمى العيون عن الرؤية السليمة، وعندما أقول العلم، لا أقصد الحصول على   الشهادات العالية من المعاهد والجامعات كما يعتقد الكثيرون الآن من الأجيال الشابة المعاصرة  بل رجاحة العقل والحكمة التي  هي جوهرة نيرة ونادرة وقيمة.

الفهم والمعرفة والحكمة هبة  وهدية من الخالق الله تعالى  للبعض وليس للجميع كما يعتقد الكثيرون من صغار العقول والمعرفة .
الفقر والحاجة ينتج عنها التهميش وعدم المساواة مما تنتاب الفقراء أحاسيس التمرد والكراهية  لذوي النعمة أو الحاكم وبالأخص لدى دول العالم الثالث، وبالتالي تتعمق النعرات وتزداد الهوة عمقا وكل يوم تتسع وتظهر وتبرز الطبقية والعنجهية  على السطح بين الانسان وأخيه الانسان وكلما يزيد الوقت تزداد الهوة وذلك نتيجة عوامل عديدة، أهمها الجهل وعمى القلوب والعقول عن الرؤية الحقيقة بحيث  يعشعش الارهاب ويجد مكانا وسط الأحقاد والتعب
واللأسف الحكومات وأصحاب القرار في دول العالم الثالث… لأنهم قفزوا على كراسي السلطة والحكم بدون انتخابات نزيهة وديموقراطية حقة،  ينظرون للأمر كنوع من التحدي  ضدهم، يزدادوا في الكراهية والعقاب القاسي للكثيرين الذين نتيجة سوء فهم وعلم حادوا عن الطرق العقلانية وتعدوا القانون… طبل الاعلام المضلل الاتهامات الشنيعة مما خلقوا من الحبة قباب صدقها السذج من أبناء الشعوب  بدون فهم….
خلقوا نتيجة عدم الرؤية والفهم والحوار مع قياداتهم باللين والسلم حتى يتوصلوا إلى حلول وفهم…  وحشا هائلا  (الإرهاب)  الذي في سنوات قليلة وجد أرضية خصبة ونمى وتكاثر في الخفاء بسرعة كالبكتيريا بدون توقف، مستغلا الأطروحات الوطنية والجهل والهزائم المتكررة للعرب المسلمين  كعناوين كبيرة لشحذ الهمم والتحدي والتمرد على أولياء أمورهم وأصحاب القرار مما صغار العقول الشباب المتزمتين  أصبحوا طيعين لتوجيهات سادتهم الكبار ومرشديهم بإسم الدين الذي اتخذوه ستارا لتمرير المخططات الإجرامية والواقع هراء وكذب، لأن الدين الإسلامي دين سلم وسلام يأمر بالعدل والإحسان وليس الارهاب والقتل والاغتيال وترويع الآمنين من البشر .
هؤلاء الشباب المغرر بهم، نسوا وتناسوا انهم بأعمالهم الشنيعة يخربون ويدمرون الوطن، لا يتساءلون عن التعطيل والشلل للأعمال اليومية وهروب الرأسمال من مال وعقول للخارج  وعدم النمو. والبناء وتعطيل وتجميد الاقتصاد وبالتالي البقاء في نفس المكان نراوح بدون التقدم والنهوض للوطن  كما يحدث الآن في دول الربيع العربي ،، أليست بمأساة ؟؟
نحتاج إلى عقول نيرة تطبق شرع الله تعالى بالحق والقانون ذوي  قلوب قوية من أولياء الأمور وأصحاب القرار بالضرب بيد من حديد على كل معتد أثيم حتى ترجع للدولة الهيبة ويستتب الأمن والأمان حيث هو الاساس للسلام والتقدم والنهوض… والله الموفق .
        رجب المبروك زعطوط    

No comments:

Post a Comment