Friday, October 26, 2012

شاهد على العصر 25



 بسم الله الرحمن الرحيم

                                               شاهد على العصر
                                                      25


             التحدي الأول  الكبير للإنقلاب الأسود والثورة المزعومة التي سادت بسرعة وتحكمت ببساطة وسهولة في مقاليد الوطن وقادتها غير مؤهلين للقيادة والحكم والسلطة بدون دستور وقانون صارم يحفظ حق المواطن والوطن من العبث به  ضباط صغار بالسن شباب غر بين يوم وليلة من الصفر والحضيض مهمشين من قياداتهم  يصبحون قادة نظير مغامرة ومقامرة وضربة حظ وأهمها القدر الله عز وجل الذي ساندهم نظير أمور غيبية لا نعلمها نحن البشر مهما أوتينا من علم 

أصبحوا للأسف سادة لهم شأن كبيرفي أعين الشعب والكثيرين في دول العالم ، والواقع هم عبارة عن أشباه رجال ممثلين في آخر الطابور أبواق وأحجار شطرنج يلعب بهم وإستغلهم  القذافي أسوء الإستغلال كأغطية لذر الرماد في العيون بناءا على الإستشارات من سادته القوى الخفية الذين أوصلوه لمراكز الحكم حتى تحكم وحكم 

معظم شعب وأهالي مدينة درنة أذكياء عرفوا النتائج مسبقة من خلال المحكات والخبرات السياسية  والتجارب الوطنية النضالية خلال فترات طويلة من الإحتلال الإيطالي منذ 1911/10/24م  والإستعمار لعقود والنضال والمقاومة السرية والحرب العالمية الثانية "1939-1945م "  والحكم المؤقت من المنتصرين الحلفاء وخبرات طلب الإستقلال وما مر من مؤامرات والحصول عليه يوم 1951/12/24م بضربة حظ وصوت واحد من دولة هايتي " أميل سان لاو " في الأمم المتحدة ، وحرب فلسطين العربية سنة 1948م  وخروج اليهود الليبيين وحرب العدوان الثلاثي على مصر  سنة 1956م  وحرب نكسة 1967م وفوز إسرائيل على 3 دول عربية بضربات خاطفة …  ومجىء الإنقلاب الأسود " الثورة في 1969/9/1 م "…
بدأت الثورة المضادة تعتمل في الصدور والنفوس في صمت  من مدينة درنة في بدايات السبعينات ولكن للأسف وقتها لم يكن الوقت  ولا المكان المناسب للتحدي السافر للطاغية و مواجهته ،  حيث تم الإستغلال من بعض المنافقين أشباه رجال من مدن أخرى ،، ثورة المدينة التى ترفض الأعمال الصبيانية والقرارات الخاطئة التى تصدر كل يوم وتلغى ببساطة اليوم الثانى بجنون من عقل القذافى المريض  لمآربهم الخاصة والوصول لأعلى المراتب والجاه والثروة المغتصبة من دماء وعرق الكادحين أبناء الشعب البسطاء ، وزجوا بالمدينة في صراعات خفية وخلقوا الفتن نظير الدس وإستغلال العصبيات الفارغة والعنصريات الهدامة من أطراف شريرة غير واعية حتى يتنافسوا في منافسات غير شريفة ويتصارعون وينشغلون ببعضهم البعض ولا يكون لهم الوقت الكثير الطويل  حتى ينتبهوا ويتحدون مع بعض ضد العدو الأصلي معا بقوة " رأس النظام القذافي".
 نظير الدس من القوى الخفية وأساطين أساتذة الشر ، قاموا برسم مخطط رهيب  وفتنة إستشرت بسرعة مثل  اللهب في هشيم الزرع وقت الحصاد نظير دراسات من أخصائيين مهرة في مثل هذه الأمورالمعقدة ، خلقوا هوة كبيرة في النسيج الإجتماعي التعاوني لأهالي المدينة مما زادت الهوة وأصبحت تكبر مع الأيام بدل أن تقل وتنتهي وبالأخص نظير البعض من البسطاء الجهلاء من الطرفين نظير الطمع ، هؤلاء الذين لا يعرفون أبعاد اللعبة الكبيرة والمسرحية التي تدار وأصبحوا مع الوقت ممثلين مهمشين يقومون بالأدوار المطلوبة لقاء فتات بسيط يرمى لهم وهم يلتقطونه  أذلة بدون كرامة ولا قيم 

خلقوا هوة وتحديات بين أخوة الجد " حضر وبادية " وقسمت المدينة إلى قسمين من ذوي نقص العقول ونسوا وتناسوا أواصر الأخوة وصلات الدم والمصاهرة ، وأن أي مصيبة تحل وتقع على الرؤوس جميعا وليست على فئة دون أخرى للأسف الشديد.

ساند القذافي عن قصد وسابق ترصد البادية حتى يتحكم في الرقاب أوباش البادية في الوصول لأعلى المراكز والمراتب وهمش أبناء المدينة الحضر الفاهمين للأمر ، مما زادت التحديات بين المجانين من الطرفين وصمت وسكت العقلأء وهم مغمومين من الأمر الخطيرالذي يمارس كل يوم ظاهرا للعيان غير قادرين على الحسم للأمور نظير النقص للمراكز والسلطة المفرطة والمال الذي هو عصب الحياة ، والذي كان تحت تصرف المجنون القذافي يصرف ويبعثر فيه على الإرهاب وتكديس السلاح والصرف على العاهرات والبغاء والفساد والإفساد للذمم من رؤساء وحكام وزعماء وشيوخ قبائل وشرائح  ، يهب منه لمن يشاء ، وكأنه الرب القادر  ونسى أنه مسير  مخلوق بشر إنسان  مهما إرتفع ووصل للقمة ، يوما سوف يهبط ويسقط إذا لم يعرف طريق الخير ويتصرف بحكمة ، طريق الله عز وجل .

نظير عوامل عديدة وسجن الكثيرين من رجال المدينة وعدم إعطاء الفرص لتبوأ  مراكز قيادية هامة وقتل البعض تحت التعذيب وحادثة الشهيد النقيب عبد الحميد الماجري المشهورة الصديق وإبن العم عندما إستشهد تحت التعذيب المفرط بتهم ليس له أي دور بها ولكن الحظ السىء والإنتقام الشخصي من البعض هو الذي أودى بحياته ، ونسى هؤلاء الذين عذبوه بدون شفقة ولا رحمة العذاب الأكبر يوما من الخالق الله تعالى .
المهم حادثة بسيطة مشاجرة عادية في السوق تحدث عشرات المرات يوميا بالأسواق كبرت وأصبحت قصة كبيرة نظير الجهل لدى العسكريين والمغالات والتكبر والغرور وكأنهم من طينة أخرى ذات سمو ، ونظرتهم السخيفة المتعالية ، أن المدنيين درجة ثانية وليسوا مواطنين يجب إحترامهم وخدمتهم حيث العسكريون مسخرون للدفاع عن الوطن من عدو أجنبي غاصب وليس التدخل في السياسة وحكم الوطن .

بدأت القصة عندما كان جنود من الحامية في السوق يشترون بعض الملابس من  أحد المحلات حيث كانت فتاة شابة  تشتري بعض الثياب وتحرش بها أحد الجنود بغباء وضربت أحداهم بصفعة على وجهه وإعتبر الأمر كبيرا كيف يصفع ويضرب وهو الجندي وقريبه الآمر أحد الصناع وقيادي الثورة ، وتدخل البائع صاحب المحل  في الموضوع وقال له بأن يحترم نفسه ولا يكون سىء الأخلاق فهذه الأمور مسيئة وعيب عليه التصرف  ، هل يرضى بأن يتحرش أحد سخيف مثله على أخته أو قريبته ويسكت ؟؟ عليه أن يتأدب ويترك الفتاة في حالها ،  وبدلا من الإعتذار ،  لطم صاحب المحل العجوز بعنف مما صرخ طالبا النجدة من جيرانه بالسوق  ، وهب الجميع للمساندة وضربوا الجنود ضربا مبرحا على سوء الأدب والأخلاق ، ويتعلمون درسا أن فتيات درنة طاهرات ،،  وتمزقت ثياب الجنود ومضوا للحامية وأثاروا الفتنه نتيجة الكذب والزور والبهتان وأن المدينة في ثورة ضد النظام .

النظرة الخاطئة والوصول للسلطة بسرعة بدون أية خبرات وسوء التصرف وعدم الحكمة والتريث الصبر والتأكد من الحدث قبل التصرف وحاول الآمر المجنون قمعها بالقوة نظير الجبروت والغرور وأخطأ  وبعث جنوده بلباس الميدان إلى وسط المدينة بأوامر صارمة للتعدي والضرب للأهالي العزل بدون أي جرم منهم  ولت السيارات وهي محملة بأعداد كبيرة من الجنود وحاصروا الميدان والسوق والضرب لكل مواطن مهما كان كبير السن أم صغيرا وعندما تمت المقاومة من البعض الشجعان تم إطلاق الرصاص بالسوق والميدان عن عمد للإرهاب والتخويف للمواطنين الأهالي العزل .

سقط البعض قتلى ضحايا وجرح الكثيرون نظير التسرع والأخطاء ،  وثارت المدينة ،  وتحدت الجيش وآمره المجنون وأهاليها  عزل بدون سلاح ، وإستمرت المناوشات والضرب بالرصاص حوالي الأسبوع  ومنع الشعب بالقوة أي جندي من المرور في المدينة من خلال شبكة الأزقة الضيقة  ، حيث الشوارع الرئيسية تجوبها الدوريات ذات العدد والعدة  ، أما الوسط والأزقة للشعب ، لا يتجرأ أي جندي أو مجموعة مهما كان لديهم من سلاح أن يدخلوا المدينة القديمة وإلا يصابون بالضرب والقتل والجرح وبالأخص من السطوح حيث شاركت المرأة التحدي وبالأخص من ذوي الضحايا القتلى والجرحى 

وعرف النظام أن الحال ميؤس منه وغير قادرين على خمدها بالقوة ، ولجؤوا إلى الحيلة وإعطاب فتيل النار والشرر حتى لا تنفجر القنابل الموقوتة الجاهزة نظير الإستهتار من البعض ، وطلب مجلس قيادة الثورة الهدنة ،  الحوار والسلم والسلام وهم مكرهون على الأمر ، وإجتمع مجلس الأعيان للمدينة من العقلأء والشيوخ لجميع القبائل والشرائح لتدارس الأمر ووصلوا إلى حل وحلول للهدنة هو الرحيل للحامية والعسكر من مدينة درنة بدون شروط  مسبقة ، وأجبروا النظام غصبا عنه لشروط الأعيان في البدايات لفك الإشتباك والتحديات الفارغة بين الأطراف المشتبكة ،  والرحيل التام من مدينة درنة منعا للمشاكل المستقبلية من أي شرارة تحدث 

وافق القذافي ومجلس قيادته الطائع له وكأنه خاتم في إصبعه ينفذ  أوامره وتعليماته بخبث ومكر مكرها وإلا سوف يواجه مضاعفات كبيرة ممكن لو ساندت المدن الثانية مدينة درنة في ثورتها وتحديها لنظام العسكر القذافي وقتها بإرادة شعبية قوية حيث مازال ضعيفا ، لقلعته بسهولة وإنتهى أمره من على وجه خريطة ليبيا.

وافق على الرحيل ، وشاهدت شخصيا بأم العين وأنا واقف أمام المكتب طابور السيارات وهي ترحل من المدينة و تمر من الشارع الوحيد وقتها " شارع رافع الأنصاري " الذي يربط الطريق الساحلي الشرق مع الغرب وبها الجنود يبكون أسى وحزن من  " الهزيبة " والهزيمة ، كيف يمكن لشعب بسيط أعزل في مدينة درنة المجاهدة أن يفرض شروطه القاسية عليهم  بالرحيل وهم العسكريون قادة الثورة لهم الحق كما يعتقدون في أنفسهم المريضة أنهم السادة ويجعلهم يرحلون غصبا عنهم إلى أماكن أخرى ، ونسوا وتناسوا أن الدراونة الحضر وقت الأزمات مهما كانت بينهم إختلافات ووجهات نظر مختلفة مع أخوتنا البادية ، ساعة المحنة والأزمة ينسون الخلافات الخاصة يتوحدون معا ويصبحون يدا واحدة ، يربطهم مصير واحد ، حيث إخوة الجد يساندون بعضهم البعض وقت الأزمات ، ولا يستطيع أي أحد أو جهة وسلطة مهما كانت أن تشق الصفوف ،  وإذا نجحت في بعض الحالات نظير ممارسات أغبياء وأشباه رجال ، فإن النجاح مؤقت غير مستمر .

رحل الجيش عن بكرة أبيه وقتها ونفذ الحقود الحسود جنونه وحجب أية ميزانيات عن المدينة للبناء والتشييد ، وساند أخوتنا البادية في الوصول لمراكز السلطة طعنا في "الحضر أهالي المدينة المتعلمين" همش المدينة بطرق شريرة وكيد مفتعل ، وصمدت المدينة ولم ترضخ وتطأطأ الرأس مما زادته نفورا وكرها لمدينة أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام  ، وأعد لها برامج الشر والشرور بحيث مع الوقت وعدم إعطاء الفرص ،  تفكك النسيج الإجتماعي التعاوني لدى العائلات والشرائح والقبائل نظير الحاجة والفقر حيث هاجر الكثيرون إلى أماكن ومدن أخرى والبعض للخارج طلبا للعيش الشريف والعلم ، وعندما يتحصلون على الشهادات العالية ويتخرجون من الجامعات والمعاهد  لا يرجعون لخدمة الوطن تحديا للنظام الفاسد وإثبات الوجود ،  بل يتركون الساحة لأوباش صعاليك لا يعرفون كيف تدار الأمور بالحق والعدل ، ونظير الجهل سامونا العذاب والتردي .

لقد عانت مدينة درنة حضر وبادية أخوة الجد الكيد والويل والثبور المفتعل نظير جنون القذافي وعقدة الخسارة والرحيل لعصاباته "الجيش" الغافل عن ما يحدث في العلن وغير العلن من أمور سيئة بل ينفذ  الأوامر حرفيا سواءا صحيحا صادقا أو خطئا … 

إضطر شيوخ وحكماء المدينة إلى تكوين وفد كبير والذهاب إلى القذافي لطلب السماح والعفو والإعتذار عن المدينة بناءا على نصائح من رجال مدسوسين  البعض منهم حوله في سدة الحكم حتى يرضون غروره وتعاليه ، وتم تكوين الوفد وعلى نفقتهم الخاصة تمت المواعيد واللقاء مع القذافي الذي كالهم السباب والتوبيخ ولم يحترم كبر السن ولا الوجاهة ولا أنهم ضيوف يجب الإحترام لهم وأنهم يطالبون بالحق والعدل فمال المجتمع من دخل النفط الخيالي مال الجميع وعندهم كامل الحق في المطالبة بجزء منه ، ولكن كيف لأهبل مجنون مغرور ماكر غادر أن يفهم أن الحكم أساسه السليم العدل ؟؟؟

بعد فترة من اللقاء لظروف غير معلومة بدأ القذافي في التراجع رويداً رويداً  في الإفراج عن الضغط على المدينة وأعدت مشاريع هزيلة للبناء والتشييد بالقياس بالمدن الأخرى ورصدت لها الميزانيات وبدأ التنفيذ مما بعض الأنفاس رجعت للمدينة وبدأت تصحوا من النوم والغفوة وتتوكأ  للأمام بخطوات رتيبة ، والمهم أحسن من لا شىء فقد دبت دماء الحياة تجري في العروق اليابسة وبدأ المارد ينهض من السبات والنوم ، حتى يأتي يوم الثورة والحساب العسير لهؤلاء الصعاليك 
                                                     رجب المبروك زعطوط
البقية في الحلقات القادمة 

No comments:

Post a Comment