Monday, October 8, 2012

شاهد على العصر 15


                                           بسم الله الرحمن الرحيم
 
 
                                             شاهد على العصر
 
                                                    15


            خلال السنوات الأخيرة من العهد الملكي رحلت وسافرت كثيراً في دول الجوار وبالأخص إلى مصر ولبنان وأوروبا لقاء العديد من الأعمال وقتها حيث كنا نعاني صعوبة في الإتصالات حيث لا هواتف نقالة ولا حاسوب ولا أي نوع من أنواع الإتصالات الجيدة وكان الإعتماد كله على السفر المتواصل وعقد الصفقات والشراء والبحث دائما عن الشركات المصنعة أو التي  تبيع السلع الجيدة المطلوبة في الأسواق وحدثت نوادر كثيرة وحكايات وقصص مضت مع الوقت ولكن يجب أخذ عبر عن مدى حب التملك والمحاولات العديدة التي تصل في كثير من الأحيان إلى منحنيات خطيرة خبيثة ، أذكر منها الكثير ومنها أن مدير مكتبي  في درنة السيد " م ب " كان له عمل خاص به حيث لديه محل صغير للخياطة وقتها ولم أمانع حيث ليس له علاقة بأعمالي ،، وكان يعمل لديه خياط عجوز ماهر من الإسكندرية بمصر ، ويريد الذهاب إلى مصر والتقاعد حيث مازال له بنت واحدة عزباء فقد تزوجت أخواتها وعمل بجهد طوال سنين في درنة ليبيا ، ووفر لها الجهاز للزواج حيث العادات المصرية تختلف عن عاداتنا الليبية في الأعراس والزواج حيث المسؤول في ليبيا عن جميع المصاريف هو العريس ، حيث هو الذي يعمل ويوفر كل الجهاز من بيت وفرش وحفلة .

تفتقت قريحة المدير بأن يحاول ويسعى بالخير ، أن تتزوج الفتاة في مدينتنا درنة أحد الموظفين بالمكتب السيد " ع س "  حتى يضمن بقاء العجوز في المحل بدل القفل والتعب في البحث عن آخر ليحل محله ، وبدأ يزين في الأمر للشاب ويمنيه بالزواج ومصاهرة العجوز المصري حيث الزواج في ليبيا وقتها يكلف الكثير وهو فقير الحال بدل من وضع الديون على كاهله لمدى طويل من الوقت حتى يسدد ، مما إستهوت الفكرة الشاب  ووافق مبدئيا ، وسافروا مع بعض في الإجازة الصيفية  حتى يشاهد العروس عن قرب ويتخذ القرار الأخير بالموافقة أو الرفض .

رتب المدير البرنامج بتخطيط مبرمج مسبقا مع والدها حسب العادات والتقاليد وشاهد الشاب الفتاة وشاهدته ووافق الطرفان على الزواج وتمت الخطوة الأولى ، وكان وقتها أواخر العهد الملكي توجد قوانين صارمة للحد من الزواج بالأجنبيات غير الليبيات حتى لا تكثر العوانس ويدب الفساد ، والموافقة لبعض الحالات الطارئة متروك أمرها للمسؤولين والقناصل بدون أي كتابات رسمية بل شفهية حتى لا تؤخذ كسبب ضد الحكومة الليبية وبالأخص وقتها أبواق مصر الإعلامية التي تعمل من الحبة قبة والتشهير ضد وحدة الشعوب العربية ، ولا يمكن الموافقة للشهر العقاري المصري  بالزواج الشرعي من فتاة أو سيدة مصرية بمواطن ليبي إلا بعد الحصول على الموافقة الليبية من أقرب قنصلية ، حتى تضمن الزوجة التأشيرة للدخول إلى ليبيا كزوجة مرافقة للزوج والإقامة .

تقدم العريس بطلب  الموافقة على الزواج إلى القنصلية الليبية في الإسكندرية ، وكان وقتها القنصل السيد "ع ب " تربطني به صداقة وأخوة نظير العلاقة الكبيرة والصداقة التي تربط الوالدين مع بعض ، من أيام الجهاد ضد المستعمرين الطليان ، ورفض القنصل الطلب ، وتدخل المدير للوساطة ، ولكن لأمور لا أعلمها تم الرفض البات ، ورجعوا إلى مدينة درنة بخفي حنين حزينين على الفشل .

وعرفوا بطريقة ما أن القنصل صديقي وبدؤا تزيين الأمور بأن أساعدهم في الموضوع مما وافقت حيث دائما أسعى للخير وبالأخص ربط رأسين في الحلال ، وأحد الأيام سافرت لوحدي بالصباح الباكر عند الفجر متوجها إلى الإسكندرية ، ونظير المعارف والصداقات لم أتعطل في المرور بالحدود الليبية ، وتجاوزت طوابير السيارات لأنني لوحدي وليس معي أي شىء من الممنوعات وعبرت الحدود المصرية وببلدة السلوم دفعت رشوة مغرية للبعض ووجدت نفسي الأول في الخروج ، ووصلت إلى الإسكندرية عند الظهر ، ورأسا إلى القنصلية حيث قابلت القنصل  بسرعة ودعاني للإقامة معه كضيف في شقته الفاخرة حيث هو وقتها عازب لم يتزوج بعد  ورفضت العرض لأنني أريد أن أكون حرا في التنقل لوحدي وتحايل علي حتى سلمت مفاتيح السيارة لأحد السعاة لوضع السيارة بجاراج القنصلية ، وبعد بعض الوقت وأنا أشرب فنجان القهوة رجع الساعي بالمفاتيح وسلمها له ، وحجز السيارة بدعابة وقال الآن أنت حر في الذهاب لوحدك  مما وافقت على الإقامة معه وقضينا أياما جميلة مع بعض جميعها طرائف ودعابات ونوادر مرت وأصبحت منسية مع الوقت .

على مائدة الغداء ذاك اليوم طرحت قصة الطلب للعريس ، وكان رده لقد حلفت بالطلاق أن لا أوقع حيث الواسطة وقح  لم يحسن القول ، ورددت عليه وقلت له لا طلاق لك لأنك عازب غير متزوج ، ورفض وزاد الإصرار وتركته حتى يهدأ ، وإستمريت مدة 3 أيام في الإقامة معه كل يوم في حفلات وسهر وأريد أن أنهي المهمة وأرجع إلى درنة ليبيا حيث لدي أعمال  ، وهو يعرف ولا يريد أن يوافق  وكان الكثيرون من الليبين تقدموا بطلبات الزواج للقنصلية ولم يتحصلوا على الموافقة .

أذكر أحد الرجال الليبين في منتصف العمر أعور العين سليط اللسان ، ثارت ثائرته في البهو بالقنصلية وسب الجميع والقنصل على التعطيل حيث لم يجد أي أسرة في ليبيا تريد مصاهرته والزواج منه حيث فقير الحال وأعور ، وأثناء هيجانه ونعته بالألفاظ النابية للجميع قال أن مصر وطن الخير حيث وجد زوجة وأسرة موافقة.

تصادف بعد أيام وجود صحافيين  لصحيفة الأهرام وأخبار اليوم في مكتبه حيث لديه لقاء صحافي عن العلاقات مع ليبيا ومدى التعاون بين البلدين في جميع المجالات ، وتفتقت الحيلة ودخلت مكتب السكرتيره وطلبت منها طلبات الزواج المعطلة وكانت تفوق 42 طلب حيث سيادة القنصل يريدها ، وقالت أنها سوف تأخذها بنفسها إليه ولكن أصريت ، وخافت لأنها تعرف مدى علاقتي بالقنصل وأنني مقيم معه ، وسلمتني الطلبات ، وطرقت الباب الكبير ودخلت حاملاً الطلبات وقلت بصوت عالي حتى يسمعني الصحافيون ، طلبات الزواج من الأخوات المصريات لموافقة سعادتكم .

وفوجىء بالأمر حيث الصحافيون موجودون يشاهدون الأمر ، وقال بعد قليل ، ولكن قلت له الأمر مستعجل حتى الصحافيين يكتبون في الصحف مدى العلاقات والأخوة بين بلدينا مما أحرج ، وكان طلب الموظف " ع س " لدى أعلى القائمة ، وناولته الرزمة وهو غير مصدق من الجرأة وغير قادر على الرفض أو التعطيل حتى لا تصبح فضيحة وأخرج قلمه الحبر الأحمر وبدأ يوقع الواحد وراء الآخر في صمت ويده ترتعش حيث عادته ، حتى وقعها كلها وقال لي بهمس حيث لم يسمعه الآخرون  لاتنسانا من المآدب والحفلات ، وشكرته أمام الحضوركتقدير وخرجت إلى الصالة حيث الجميع ينتظر ، وقلت بصوت عالي سيادة القنصل يشكركم وها قد وقع جميع الطلبات ، والمطلوب منكم عزومته في كل حفل زواج يقام مما دوت الفرحة والبهجة وإنطلقت الزغاريد من بعض السيدات الأمهات ،  وكانت حفلة .

حضرت مع القنصل دعوة غداء من طرف أهل العروس ، وكان العريس موجودا وحفلة القران والعرس بعد أيام ولم تتاح لي الفرص وأحضر البعض حيث تم دعوة القنصل من الجميع للحضور ولا أعرف هل ذهب أم لا ، لأنني رجعت إلى ليبيا وأنا مسرور سعيد ، أنني أكملت المهمة على خير وتحصل الكثيرون على الموافقات للزواج .

إحدى القصص الحزينة صيف عام 1968م عن مدى الظلم والتعسف ، حيث في أحد الأيام وأنا أمر في أحد الأزقة والشوارع الضيقة  في وسط روما بإيطاليا تقابلت مصادفة وجها لوجه مع السيد بدوسا اليهودي الليبي التاجر المشهور في بنغازي في الستينات الذي هاجر من ليبيا غصبا عنه عندما تم إجلاء اليهود الليبيين بعد نكسة حرب 1967م قسرا بسبب الخوف على حياتهم من الشعب الثائر بضغوط من حكومات إيطاليا وبريطانيا حتى تسمح لهم حكومة ليبيا بالهجرة الجماعية ، وكان برفقته السيد الفونسو الذي كانت أول مرة أتعرف به ، وعزمتهم على فنجان قهوة في أحد المقاهي ، وتلاقينا مرة أخرى على وجبة غداء وأحاديث كثيرة عن ليبيا وعن المأساة التي يمرون بها وكيف تم ترحيلهم إلى مدينة كابوا الإيطالية وإقامتهم الطويلة ، والبعض آثر الهجرة إلى إسرائيل والكثيرون أقاموا في عدة مدن بإيطاليا ، وهو مع رفيقه آثروا مع عائلاتهم البقاء والإقامة في روما .

شعرت بالمحنة والمأساة التي يعيشونها وهم بشر مواطنون ليبيون نظير السياسات القذرة من القوى الخفية ، وكيف إخوتنا الفلسطينيون يعانون نفس الوضع البائس ، هجروا من ديارهم بالقوة وطردوا من وطنهم الأصلي غصبا عنهم ، وكيف هؤلاء الطرفين البؤساء ضاعوا في الخضم والصراع الدموي ، وتعاطفت مع السيد بدوسا لأنه في بداية عملي بالستينات ، كنت بأحد الإجتماعات في بنغازي في مكتب أحد الوكلاء بميدان البلدية تحت الأقواس أريد عقد صفقة لشراء كمية بلاط كبيرة حمولة عدة سفن من شركة إيطالية ، وطلب مدير الشركة الضمان حتى يبعث البضائع والدفع ضد المستندات عندما تصل الباخرة إلى الميناء ، حيث كنت صغير السن قليل الخبرة والتجربة ، وتصادف وجود السيد بدوسا بالمكتب وكنت لا أعرفه ، وتكرم وضمنني عند مدير الشركة في حالة عدم الدفع مما أصبح جميله في عنقي ، ومع الأيام تلاقينا في ظروف أخرى وصعبة بالنسبة له .

وأثناء الحديث طلب مني رفيقه السيد الفونسو أن أبيع له سيارته " فورد تاونس "الموجودة في بنغازي لدى أحد أصدقائه الليبيين من مصراته الذي يعمل عنده كأجير السيد " م س "ونظير ثقة السيد الفونسو باع وتنازل له بسرعة عن الشركة والعقارات التي يملكها بالآجل ، ولم يبقى له فى ليبيا إلا السيارة وهو محتاج لثمنها ومستعد لبيعها لي ووضح الثمن والسعر المطلوب ، وقلت له ليس لدي مانع ، وأعطيته المبلغ بالليرة الإيطالية وأخذت منه رسالة شخصية للتاجر لتسليم السيارة ، وبعدها بأيام رجعت إلى ليبيا ونمت ليلة ببنغازي بسبب السيارة واليوم الثاني عند العصر ذهبت للتاجر " م س " في الشركة ، وأعطيته الرسالة  وعندما قرأها غضب غضبا شديدا وثار في وجهي وأنه ليس له أي علاقة باليهودي وكلام كثير يدل على الحماقة و الرغبة في الإستيلاء على رزق الغير بدون وجه حق ، وقلت له ببساطة وهدوء ، أنا لست شريكا له ، أو لك ، وأخذت منه الرسالة وغادرت وهو يغلي من الغضب .

بعدها بفترة قمت بزيارة لروما لبعض المواضيع التجارية وشراء المواد الصحية المحتاج لها للشركة والبيع لها بدرنة والمنطقة ، من صديق إيطالي صاحب شركة أسمه قسطوني ناردكيا ولا أعرف الآن هل هو مازال حيا يرزق أم لا  وكنت  على الإتصال بالسيد بدوسا ورفيقه الفونسو بخصوص المبلغ المالي ، وتم الإتصال وتلاقينا على وجبة غداء بأحد المطاعم ، وحكيت القصة كما حدثت ، وأطرق السيد الفونسو رأسه بحزن وخيبة أمل وشاهدت الدمع في عينيه من القهر ، حيث لم يكن يتوقع أن التاجر صديقه  سوف يرفض الدفع وهو في ضائقة وقال منه لله تعالى الذي سوف يأخذ الحق .

المهم بعدها بأيام إستلمت المبلغ ومنذ ذاك الوقت لم نتلاقى حتى الآن  ولكن بعد سنوات عديدة أواخر الثمانينات شاهدت التاجر" م س " وهو مريض بسرطان الدم بالقاهرة ودفع الأموال الباهظة في العلاج وهو يتآكل ويضمر ، ولكن المرض لم يرحم ، وقابلته في عدة مناسبات متناسيا الموضوع السابق وحاول الإحتفاء وعزومتي ولكن كنت أرفض بأعذار وهمية لأنني غير قادر أن أجلس وأتناول وأشاطر الطعام والماء والملح لإنسان غادر لقاء حب الدنيا والمال وأكل حق اليهودي السيد الفونسو ، حسب علمي وظني ، الذي وثق به وسلمه جميع ما يملكه 

إنني لست بمتشفي ولا أكن له أي عداء ، فقد توفي الآن وإنتقل لرحمة الله تعالى  طالبا له الرحمة من الله عز وجل ، ولكن درسا كنت شاهد عيان شخصيا له ، وحاولت عدم كتابته ونشره حتى يبقى سرا للأبد ، وراجعت النفس عدة مرات قبل البوح به ، وقررت وكتبت حتى يتعلم الآخرون عبر من دروس الحياة ، حيث هؤلاء اليهود بشر يوحدون بالله عز وجل ضمن الكتاب المقدس التوراه ونبيهم الرسول سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام ، والذي نحن كمسلمون نؤمن بالتوراة والرسول موسى وذكرهم الله عز وجل في القرآن الكريم عشرات المرات ، كما نؤمن بالرسول عيسى والإنجيل كوحي من السماء ، وديننا يأمر بالعدل والإحسان والصدق في الوعد والعهد ومعاملة الذميين بوفاء .

خلافاتنا نحن كعرب مسلمون ومسيحيون من اواخر القرن العشرون حتى الآن السبب الرئيسي قضية فلسطين والحروب الدامية والتهجير القسري للطرفين من بلدانهم الأصلية لقاء أطماع دنيوية وتعصب وعنصريات فارغة ، والنهاية سوف يأتي اليوم مع مرور الزمن ، بالعلم والسمو والحضارة والفهم حيث أصبح العالم الآن صغيرا بالتقدم الرهيب وبالأخص في بدايات القرن الواحد والعشرون عصر العولمة ، ويعم السلام والأمن والأمان ، وتزداد الثقة ويصبحون أصدقاء .

مع العلم إنني أعرف الكثيرون من الأخوة المناضلين الفلسطينيين وأعرف منهم المناضلين السادة  " أحمد عبدالغفور " الذي أغتيل في بيروت لبنان في السبعينات والمناضل " صلاح خلف"  وكنيته "أبو أياد " الذي أغتيل في تونس في أواخر الثمانينات أو بداية التسعينات ، واذكر في أحد الأيام بالليل في السبعينات بالشتاء أنهم حضروا للمكتب عندي في درنة لطلب المساعدات وكان معهم في رفقتهم على ما أعتقد  الرئيس الحالي السيد محمود عباس وقد ساعدت قدر الإمكان وبالمتاح نظير القضية الفلسطينية العادلة ، وحارب أخي الكبير " الحاج صالح " الله يرحمه في الحرب في فلسطين  عام 1948م ، والكثيرون من المناضلين بعدها في الثمانينات كانوا يعملون لدي  في الشركة كفنيين وعمال ، ووقت الحاجة للسفر لأهاليهم أو التدريب حسب ما يقولون في أي وقت كنت أسمح لهم بالمغادرة والذهاب والإياب مع أن القوانين للعمالة المعمول بها تحرم السفر المتواصل خلال العام الواحد ، وكان مدير المكتب السيد " ع ب " رحمه الله عز وجل يشتكي من المعاملة الحسنة والتفضيل لهم من دون العمالة الآخرى والتجاوزات الكثيرة وهو مهمش لا يعرف الإتفاقات الخاصة في السر .

نادرة أخرى حدثت حيث كان لدي إبن عم بعيد من  القبيلة مديرا لأحد المصارف " ب م " ذو شخصيات عديدة غريبة ليس من السهل معرفة أغوارها وكان الخير والشر ، الطيبة والخبث والدس والفتن والخداع في أحسن وأبشع الصور تجري في الدم لديه ، حاربني حربا شعواء في السر من الحقد والحسد وكيف نجحت في الأعمال ، ونسى أن الأمر بيد القادر القدير يهب المال والحظ لمن يشاء 

بالظاهر كان من أعز الأصدقاء وخدعت فيه فترة طويلة من الزمن حتى عرفت حركاته وعاملته بفطنة وذكاء ، طالبا له الهداية والصحة وطول العمر حتى يشاهد نتيجة أعماله السيئة ، ويعرف أن الدنيا بخير ، والذي يسعى للخير يوفقه الله عز وجل .

في أحد الأيام بالمكتب حضر السيد " ع ت " الوكيل لصاحب الملك لأخذ الإيجار لأحد الشقق التي كنت مؤجرها كمكتب خاص بعيدا عن الزحمة في المكتب الرئيسي ، عن طريقه من المالك السيد " أ ب " وأثناء الحديث تم الإتفاق لشراء الشقتين الأرضيتين  بسعر معين وإتصل بالهاتف بالمالك أمامي وتحدث معه عن الموضوع وبارك المالك البيع  ، وتم الإتفاق على إبرام العقد بالغد عند محرر العقود السيد خليل باكير بوشيحة الوحيد وقتها بالمدينة ، وكنت أسهر كل ليلة ضمن المجموعة وكان المدير  ضمنهم ، وبخطأ مني وببساطة قلت له بأن يجهز صكا معتمداً بختم المصرف بالقيمة المعينة بأسم فلان حتى لا أتعطل في الصباح في الإنتظار

سألني بخبث بأي إسم ؟؟ وقلت له السر بغباء وأنني إشتريت الشقتين وقال غدا تأتي للمصرف قبل العاشرة وتجد الصك جاهزاً ، وخرج قبل نهاية السهرة ، وإتصل بعديله " ف ط " زوج أخت زوجته ، الشاغر للشقة الأخرى مع شريكه السيد " ع د " وأعلمه بالموضوع ، وقامت القيامة نظير الحقد والحسد وتم الإتصال بالمالك منتصف الليل وإيقاظه من النوم وإغراؤه بدفع مبلغ كبير أكثر من العرض الذي تم الإتفاق عليه ، ووافق المالك على البيع حيث لا ضمير ولا كلمة شرف له بل نظير المصلحة والمنفعة باعني بقروش زهيدة للأسف .

واليوم الثاني ذهبت للمصرف في الميعاد ، وإستلمت الصك من المدير وشاهدت إبتسامة خفيفة إستهزاءا ولم أعرف تفسيرها وقتها ، حيث كما يقولون في الأمثال الشعبية " السيل لعب بي وأنا غافل " نظير الثقة العمياء في إنسان خبيث !  ووصلت لمكتب محرر العقود وإنتظرت طويلاً ولم يأت أحد لمدة ساعتين ، وبعد محاولات إتصالات عديدة مع الوكيل عرفت السر وأن المالك باع للجماعة الشركاء وسافر إلى بنغازي ، وهو يعتذر على عدم الإتصال ورددت عليه بهدوء وقلت كل شىء قسمة و نصيب وأنا أغلي من الغضب كيف ضحك علي هذا الخبيث ، موكلاً أمري  للله عز وجل .

منذ ذاك اليوم إحتطت للخبيث وحجبت معظم الأسرار عنه حيث لا ثقة فيه حيث بعدها بسنوات شهر سبتمبر الأسود عام 1978م ، هو المسؤول الأول عن خراب ودمار جميع المقاولين والتجار بالمنطقة نظير الزحف والتأميم حيث كان مجنداً من ضمن اللجان الثورية بالسر أو يتعاون معهم ، ويعرف جميع الأسرار والحسابات  المالية والعلاقات التجارية بحكم وظيفته لجميع التجار والمقاولين  ، وسلمها على طبق من ذهب للجنة الثورية حيث أفراد اللجنة من طبقة عوام جاهلون بسطاء وقتها لا يعرفون الأمور والحسابات ، والخبيث قدم لهم الحبل ليشنقونا ، الوكيل الله عز وجل . وسوف يأخذ حق المظلومين  دنيا أم بالآخرة ، والآن في المدينة منبوذ من الجميع خائف يرتعد ، ولي معه قصص كثيرة سيتم سردها عندما يتم وقتها ضمن الأحداث القادمة ،،، والله الموفق .
 
                                                      رجب المبروك زعطوط

                                                          

No comments:

Post a Comment