Sunday, August 9, 2015

قصصنا المنسية 37

بسم الله الرحمن الرحيم

 مسيرة حياة 4

                   مدينة درنة نظير التهميش والمخطط الذي وضع لحصارها وحصرها والتضيق عليها بأن لا تتقدم وتنهض مما أنطلت الحيل على أهلها الأذكياء بالفطرة وتراجعت إلى الخلف وهاجر معظم أهلها الاصليين إلى مدن أخرى طلبا للعيش والرزق والعلم وأصبحت في المؤخرة رقم ثمانية بدلا من الثانية ضمن ترتيب المدن في عهد القذافى .

                دائماً سباقة في الغوث والنجدة قدر المستطاع وبالمتاح في الدفاع عن القضايا الوطنية في ليبيا الوطن وفي دول عديدة من الجيران ودول الاسلام من قديم الزمان وإلى الآن وقتنا الحاضر الكثير من الأحداث لم تدون وتكتب وتوثق بمصداقية حتى يستمر الذكر إلى ماشاء الله تعالى وضاعت في طوايا النسيان عبر الزمن، وإحداها عندما شاركت مجموعة من حوالي 500 رجل مناضل طواعية من الدراونة بقيادة المناضل ( الكيلاني) بالإلتحاق ومساندة الثورة المصرية بقيادة أحمد عرابي باشا في التصدى للغزو البريطاني في المعركة المشهورة للبقاء وإحتلال مصر والذين معظمهم أستشهد في ساحات المعركة دفاعا عن ارض مصر ارض الاسلام ولم يرجع الا البعض ، وتم نسيانهم بطرق ملتوية حتى لا يذكرون بالخير ويصبحون مشاهير في التاريخ الذي ولى ولن يرجع ، جنودا مجهولين طمسهم التاريخ نظير أمورا عديدة من المغالين لا يريدون للأبطال الليبيين الظهور في الصورة للمجد والتكريم .

                  تم الطمس للكثير من الشهداء الذين سقطوا في حرب فلسطين عام 1948م نظير المساندة والنصرة لإخوتهم الفلسطينيون ونضالهم من اجل القضية العادلة التي أطلق الرئيس الراحل لتونس الحبيب بورقيبة عليها إسما خالدا دائماً عبر التاريخ سوف يذكر (مظلمة التاريخ المعاصر) حيث الوطن العربي وطنا وجسما واحدا ومهما حاول الأدعياء والقوى الخفية الخراب والفصل والتجزئة لن يستطيعوا التفرقة ، والدليل وجود عائلات كثيرة من أصول ليبية وبالأخص من مدينة درنة في فلسطين المحتلة وعدة مدن أخرى في الضفة الغربية وغزة .

                  الرجال الشباب الأبطال الضحايا الذين سقطوا شهداء في حرب التحرير الجزائرية عن نخوة وقناعة في الفداء ومساندةالإخوة الجزائريون لنيل حرياتهم من فرنسا، وطمست ذكراهم من التاريخ النضالي الجزائري، ونحن من عائلتنا ( آل زعطوط ) سقط العديدون وأتذكر  في الستينات أيام العهد الملكي تقدم المندوب الجزائري في طرابلس ليبيا بتقديم التعازي إلى أبن عمي ( الحاج محمد زعطوط ) النائب لمدينة درنة في مجلس النواب بالبرلمان الليبي أيام المملكة بالتعازي الحارة عن إستشهاد بطلين من آل زعطوط ضحايا قتلى من ضمن المقاومة ثوار الجبل أوراس بالجزائر في حرب التحرير ضد فرنسا لنيل الإستقلال بالقوة .

              الكثيرون من أبناء ليبيا قدموا الأجساد قرابين على مذبح الحريات طواعية ومساندة أخوتهم العرب والمسلمين في أماكن شتى بالعالم العربي والإسلامي، قديما بالماضي والحاضر من أجل المبادئ السامية والإيمان عن قناعة بالتضحية في سبيل الله تعالى .

              الآن الألاف بجبهات القتال في ليبيا الوطن وبالمواقع والخطوط الأمامية، يحاربون ويضحون من أجل الحرية الخلاص من نظام الجهل القذافي وأعوانه ، والإزالة له من على خريطة الوطن مهما كلف الأمر من تضحيات آملين في النصر عن قريب بالتوفيق من الله تعالى .

              مهما تحدثت لن أستطيع الشرح الكثير عن المدينة التي ولدت وترعرعت وعشت أجمل أيام العمر وأزهاها ، ومورست علينا الضغوط الكبيرة وتم الزحف والتأميم وضاع مجهود العمر من نظام جائر وعشت أياما وشهورا وسنين في أزمات و ضغوط رهيبة مادية ونفسية حادة والبعد عن الوطن الغالي بالغربة في أمريكا التي مهما حاول الإنسان الشكر لها لن يوفيها حقها فقد قدمت لنا جميع التسهيلات للإقامة الشرعية والعيش فيها بكرامة وعزة نفس والحصول على اللجوء السياسي والحماية القانونية من القبض الشخصي والتسليم لحكومة نظام القذافي الجائرة الكاذبة عن طريق البوليس الدولي ( الإنتربول ) عندما تم الطلب رسميا منهم بالتسليم كمجرم فار من العدالة .

                 والحماية من بطش فرق الموت للجان الثورية التي قامت وإغتالت الكثير من الأحرار الشرفاء الليبيين في العديد من دول أوروبا والسلطات تتغاضى عن الملاحقة والقبض للقتلة لقاء مصالح مادية ورشاوي كبيرة للمسؤولين أصحاب القرار حيث يعتبرون الموتى الشهداء ليسوا وطنيين من أبنائهم حتى لا تثور الصحافة والرأي العام يطالب بالمتابعة القوية ، تركوا الغرباء اللاجئين لديهم بلا حماية قوية يقتلون ببساطة وكأنهم حشرات ضارة وليسوا بشر.

              أمريكا وقفت بالمرصاد للقتلة، وتمت محاولة عملية غدر لقتل المناضل فيصل الزقلعي في ولاية كولورادو في الثمانينات أيام الرئيس ريغان من أحد القتلة المرتزقة المأجورين من قبل النظام بحجة زيارة ولقاء صحفي عن ليبيا، ودافع فيصل عن نفسه في إشتباك عنيف مع القاتل ممسكا بالمسدس الموجه له بيأس لأجل الحياة وتمت نجاته من الموت  بأعجوبة ، وأنتهت الأصابة بمرور القذيفة الرصاصة بجانب الوجه وخسارة أحدى عينيه وتم القبض على الجاني وأودع بالسجن، وعندما سمعت بالأمر سافرت بالطائرة من مدينة كوربس كريستي تكساس حيث كنت مقيما وقتها إلى مدينة بولدر بولاية كولورادو للزيارة طالبا له الشفاء العاجل محاولا رؤيته للإطمئنان عليه ولم تتاح الفرصة حيث كان تحت الحراسة المشددة بالمستشفى في حالة إغماء بدون وعي يصارع الموت لقاء الحياة وممنوع الزيارات وقابلت زوجته الفاضلة الدكتورة فريدة العلاقي وحمدت لها على سلامته ونجاته من الغدر والموت .

                ومحاولة إغتيال لي شخصيا في مدينة فرجينيا بيتش عام 1985/1984م  والتى أعلمت بها من قبل جهاز ( أف بي أي ) الشرطة الجنائية وأنا خالي الذهن عن مايحاك من غدر، وتعاونت معهم في جميع الإرشادات المطلوبة في وضع كمين وفخ للجناة حتى تم القبض عليهم متلبسين، وتمت محاكمتهم وإيداعهم بالسجن .

              الهجرة والغربة إخترتها طواعية من النفس حتى لا أرضخ لنظام القذافي، وناضلت قدر الأستطاعة وبجميع ما أوتيت من جهد ومال ووقت وتضحيات كبيرة من سعادة العائلة والأولاد الذين كانوا وقتها صغارا في السن يحتاجون للرعاية والحنان وكنت وقتها مسافرا طوال الوقت متنقلا بين مدن القارات من أجل المعارضة والتحدي للقذافي ونظامه في العلن والميدان .

             أصبحت الأم الحاجة المجاهدة الأب والأم في الرعاية ، وتحديت النظام مخاطرا بالنفس ، ورجعت إلى ليبيا يوم1991/3/31م مؤمنا بالقضاء والقدر وستر الله عز وجل الأمر وحدث الكثير من الإتهامات والتحقيقات خلال 19 عاما متواصلة والضغوط النفسية والسجن عدة مرات والمنع من السفر والمغادرة للخارج وسحب جواز السفر الليبي لمدة 7 سنوات والذي (لا مجال الآن للشرح بإذن الله تعالى في مدونات أخرى) فإيماني القوي أن الحياة جهاد وكفاح من اجل المبادىء السامية والوصول للأهداف النبيلة هي الأساس في التحدي والكفاح فالعمر مهما طال له وقت وينتهي ، وساعة الموت والشهادة عندما تأتي وتحل لن استطيع تأخيرها مهما فعلت وحاولت ومرحبا بالقضاء والقدر والله الموفق .

                 رجب المبروك زعطوط 

 البقية تتبع...

No comments:

Post a Comment