بسم الله الرحمن الرحيم
رحم الله عز وجل الملك ادريس السنوسي ملك المملكة الليبية (1951-1969) الأول والأخير الراحل الذي قال كلمة مأثورة مشهورة (اللهم يارب العالمين ان تجعله لنا نعمة، ولا تجعله علينا نقمة) عام 1961م عندما فتح صمام ومفتاح خط الأنبوب الضخم (البالغ طوله 167كم) لتعبئة خزانات وشحن اول ناقلة للنفط من ليبيا من احد المواني النفطية بالمنطقة الشرقية على ما أعتقد ميناء (السدرة) في منطقة البريقة. وبذلك اصبحت ليبيا واحدة من البلدان المصدرة للنفط…وكانت هذه البداية وتجاوز الانتاج الثلاثة ملايين برميل في اليوم في عام 1969م…
كلمات خالدة بقيت شاهدة الى ماشاء الله تعالى، توفي قائلها الملك الزاهد في العرش رحمه الله تعالى بواسع المغفرة في الغربة بعد ان تنازل على الملك والدولة للوريث ابن أخيه ولي العهد السيد الحسن الرضا الذي لم يتوج ويصبح ملكا فعليا فقد سبقه الانقلاب الاسود للعسكر بعدة أسابيع قليلة يوم 1969/9/1م
ضاع العهد الملكى عندما تنازل ولي العهد طواعية عن كرسي العرش ولم يقاوم لانه مسالم ضعيف غير شرس تحت الضغط بقوة السلاح والارهاب في ذاك الوقت مما جميع أتباع السنوسية ومحبي الملكية توقفوا عن التحدي والتصدي للثوار العسكر، نظير الاستسلام منه، ولو رفض وتحدى لدخل التاريخ الوطني حيث قيادة الثوار لا يمكن ان يضحوا به ويقتلونه حتى لايثور الشعب ضدهم ويفشل الانقلاب الاسود ( الثورة ).
شاهدت بأم العين شخصيا وقتها وكنت شابا فتيا عمري 26 سنة، في القناة المرئية الليبية الجديدة في الارسال والبث خلال الايام الاولى للانقلاب الاسود، والانقلابيون العسكر يعرضونها طوال اليوم بين الفينة وأخرى ضمن الموسيقى العسكرية لإثبات التنازل للشعب رسميا عن العهد، حتى لا يقاوم اي احد من المحبين ذوي الولاء للعهد الملكي …
توفي الملك الراحل منذ حوالي 3 عقود مضت في بدايات الثمانينات ومازالت كلماته باقية على مر الدهور في تاريخ وطننا ليبيا للأبد… لن تنسى ولن تمحى من الذاكرة، من ذاكرة اي ليبي شريف حر عاقل مازال باقيا على قيد الحياة…
يتحسر على تلك الايام الزاهية الباهرة الزاهرة التي من وجهة نظري لن ترجع مرة اخرى فقد مضت إلى غير رجعة، حيث غادرت البركة ارض الوطن، بركة السنوسية المبنية على التقوى والزهد، وحل الشيطان وأعوانه على كاهل الجميع…
اخذ نظام الفاسق القذافي زهرة أعمارنا وشبابنا وجعلنا نعيش الحرمان والقلق والمعاناة طوال سنين عديدة، اربعة عقود ونيف، تحت ظلال حكم أهوج إرهابي دموي لا يعرف لغة الرحمة ولا الشفقة غير الدم والقسوة والآلام والمعاناة والضيق والهم والغم حتى من الله تعالى علينا بقيام الثورة المجيدة يوم 2011/2/17م…
تم الخلاص من الطاغية والقتل له بعد ثمانية أشهر وعدة ايام، يوم 2011/10/20م وقتله شر قتله وهو يستغيث آسريه الشباب الثوار، مواليد عهده الاسود بان يرحموه ويشفقوا عليه من الضرب والصفع والبصاق وكيل ملايين اللعنات، ولكن لا رحمة ولا شفقة نظير حب الانتقام والكره له، فقد تعلموا الجبروت من نفس مدرسته…
ناسيا ماذا كان يفعل لشرفاء وأحرار ليبيا عندما يتم القبض عليهم تباعا من رجال أمنه ويسقطون بين أياديه وبحضوره شخصيا للبعض من خصومه وهم يعذبون شر العذاب أمامه وهو يشاهد فى عذابهم متشفيا بدون رحمة ولا شفقة وكأنهم حشرات ضارة وليسوا بشرا ابناء عائلات كريمة ذوي اصول وجذور ليبية… ليسوا مجهولي النسب والأصل والفصل مثله!
في نظري النفط كان للوطن ليبيا نقمة كبيرة وليس نعمة كما كان يعتقد الجميع… لم تستفيد ليبيا ولا مواطنوها كما يجب طوال هذه السنين العجاف التي مرت وإنتهت، تم صرف الترليونات في الفساد والإفساد والدم والارهاب ولم يتغير اي شئ ويتطور للأحدث والأحسن حتى اليوم، غير السلب والنهب والتأخر!
ليبيا بالسابق حتى يوم الاستقلال كانت فقيرة ليس بها اي نوع من أنواع الدخل طوال فترة طويلة من الزمن حتى أطلق عليها الغرب كناية واستهزاء ( صندوق الرمال الفارغة) لا فائدة فيها ولا مصلحة منها غير التعب والصرف لسداد احتياجاتها البسيطة حتى ينهض شعبها ويتقدم…
كنا بالماضي مهمشين منسيين عددنا قليل حسب احصائيات الامم المتحدة يوم الاستقلال 1951/12/24م الذي أصبحنا فيه دولة رسمية مملكة لنا ملك وعرش ودستور وقانون وشعب يريد ويتطلع للبقاء حرا ويتعلم العيش والبقاء ضمن العالم في سلام وأمن وأمان…
كان عددنا 750 ألف نسمة فقط وفي تناقص مريع نظير الامراض الكثيرة والإبادة من المستعمرين الإيطاليين الذين كانوا يريدون ان يطفؤن نور الاسلام ويزيلون الهوية العربية عن تراب ليبيا للأبد…
قامت الكنيسة في روما والارساليات العديدة في ليبيا بالتبشير للدين المسيحي الكاثوليكي بقوة وترغيب ولين على مدى 3 عقود ونيف من السنين للمواطنين الليبيين المسلمين لتغير عقيدتهم المحمدية وإعتناق الدين المسيحي بأي صورة من الصور وإعطائهم بعض المميزات والمكافآت في الدراسة وتقلد الوظائف المحلية الهامشية لأنهم من أهل الوطن يعرفون معاملة إخوانهم الليبين لمصلحة المستعمر…
وإحلال مواطنيهم الطليان المزارعين من جزيرة صقلية ( سيشيليا ) الجنوب عدة ملايين نسمة للإعمار والسكن في المناطق الجيدة على الساحل حتى تعمر وضمها إلى إيطاليا لتصبح الشاطئ الرابع حسب اعتقادهم ومخططاتهم، مما مع الوقت ومرور الزمن يذوب المواطنين الليبيين ويتلاشون ولا يصبح لهم لا أثر ولا شأن يذكر وتنتهي ليبيا العربية الاسلامية وتصبح مسيحية كاثوليكية !!!
ولكن الرب الخالق موجود فى الوجود لا يرضى ولا يوافق بأن يطفأ نوره المشرق وهو حي موجود في علاه يراقب أفعال مخلوقاته، البشر…
لا احد مهتم بنا وليس لنا وجود لأننا مازلنا حديثي الاستقلال نعيش على المنح والمساعدات من الامم المتحدة وبعض الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية والمهيمنة علينا بريطانيا وأمريكا، ولكن الحمد لله تعالى الرب الرازق حي موجود بيده الملكوت على كل شئ قدير…
غامرت بعض الشركات الامريكية بالإستكشاف وقام روادها المغامرين الأوائل بالبحث على النفط في مجاهل الصحراء اللاهبة الغير مطروقة ولا معروفة للجميع الا من بعض البدو الرحل من قبائل (الزوية والطوارق والتبو) الذين كانوا يجوبون الصحراء الجنوبية في الترحال من مكان لآخر او في البحث عن جمالهم وإبلهم السائبة التي ترحل بنفسها بدون رعاة بحثا عن الكلأ والماء…
كنا فقراء، الجميع يعمل ويكدح في صفاء وراحة بال، سعداء نعيش في بساطة ضمن تعاليم الدين الإسلامي والعبادة لله تعالى بصفاء وطهارة، ضمن اخلاقيات وعادات معينة من الكرم النخوة والنجدة لا نحيد عنها من الأجداد إلى الآباء الأبناء والأحفاد .
الى ان بلانا الله تعالى بثروة النفط وكثرة الدخل والمال، مما جعلت الجميع يتطلعون إلى ليبيا وطننا بنظرات الطمع ومحاولات ضمها في ثالوث الغرب ( امريكا اوروبا وإسرائيل) القوى الخفية الدولية حتى تصبح تابعة لهم، تنفذ ماذا يحاك لها، لا يستطيع اي انسان مواطن حر شريف ان يرفع راسه ويتحدى ويخرج من الحلقة مهما فعل نظير التخلف والجهل…
ظهرت على السطح مراكز قوة قوية بسرعة تتكاثر مثل البكتيريا مع الوقت صعب العلاج لها وبترها، بدأ الفساد والإفساد يدب بإستحياء ووراء الستار في خفاء في أوصال ومفاصل المملكة الفتية نظير العمولات الكبيرة والثراء السريع من النفط الذهب الاسود حتى زادت عن الحد…
تغيرت نفسيات البعض أغنياء الفرص صيادي الصفقات نظير الثروات التي هبطت بدون حساب ولا تعب ولا مجهودات ولا عرق وأصبح البعض من ذوي القرار والحاشية ذوي أموال وأرقام فلكية بالهبل لا يستطيع الانسان ان يعدها ويعرف كم لديهم من الأرقام في ذاك الوقت التي الجنيه الواحد فقط له حساب كبير… والله الموفق…
رجب المبروك زعطوط
البقية في الحلقة القادمة….
No comments:
Post a Comment