بسم الله الرحمن الرحيم
ترددت كثيرا قبل ان اسطر هذا الموضوع المؤلم في نظري فأنا شخصيا لا احبذ توقع الشر و استباق المصائب قبل حدوثها … ولكن جميع المعطيات والوقائع و الأحداث الدامية التي تدور كل يوم في المدن الرئيسية في ليبيا، طرابلس وبنغازي والزاوية ودرنة وسبها بالجنوب ومناطق الحدود وبالأخص في زوارة والكفرة وامساعد، تنذر قادمون لها، إلى حمامات الدم … اردنا ام لم نريد!
فرحنا بالثورة المجيدة وضحينا بالمستحيل من اجلها، بالروح والدم… وسقط عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى فداءا من اجل الخلاص من الطاغية القذافي حتى تم النصر المبين … وتوقعنا الكثير من رجال الحكومة المؤقتة ، نظير الأحلام الوردية
والتوقعات التي عشناها على الأمل…الذي تغير مع الوقت إلى مؤامرات وخداع…
صدمنا عندما حادت الثورة عن المسيرة الخيرة وبدأت الإغتيالات والتصفيات بين البعض للبعض من الرؤوس الثائرة ضد الوضع المزري انتقاما من اي أحد تورط مع النظام السابق في مراكز قيادية، نظير الأطماع والحصول على مزايا بلا حدود، أموال وجاه مفتعل…
للأسف كلما أحاول تجميع الذكريات والاحداث المريرة التي حدثت وتمت في الثلاث سنوات الاخيرة اجد الكثير منها تتصارع في الفكر تريد الانطلاق والعتق من الأسر والحبس والفضح للأدعياء المعروفين على الساحة لدى الجميع، وأنا أحاول عدم الكتابة والنشر حتى لا أظلم أي أحد أو ألام يوما من الأيام إذا أخطأت…
الأمر فعلا يحز في النفس، يسبب المعاناة والالم، الضيق والهم والغم… كيف يصل وطننا إلى هذه المرحلة الصعبة ونحن ندعي الفهم والعلم ونعرف المرض الخبيث وغير قادرين على الاصلاح وانقاذ السفينة ليبيا من الغرق…
من خلال النظرة العامة للمسيرة يحتار المرء في تحديد الرؤية حيث على السطح الهدوء التام إلا من بعض المصادمات البسيطة بين الحين والآخر بين بعض المدن وتهدأ بسرعة نتيجة المصالحات الوطنية حيث مازال الشعب طيب ذو أخلاق حميدة معظمهم سذج بدون خبث ولا تحايل… مهما عمل المقبور بالسابق من تصرفات خاطئة وقمع زيادة عن الحد، لتطويع أبناء الشعب… غير البعض من ذوي النفوس الضعيفة، وقاموا بجرائم بلا حد، أما الأحرار أبناء الأصل مايزالون باقين على العهد شرفاء…
وتحت السطح الغليان مستمر يطبخ وتخرج الفقاقيع متتالية الواحدة وراء الأخرى معلنة ان الامر مازال تحت الطبخ بنار هادئة تتأجج يوما بعد يوم قاربت على النهاية، وإذا لم نصل إلى حلول لتهدئة الأوضاع الشائنة، سوف تستعر وتقوى تقذف باللهب وعندها لا ينفع اي شئ لإطفائها او احتوائها فقد خرجت عن متناول اليد…
لا نريد أن يضرب الفأس الرأس حتى لا تبدأ الجولة الفعلية من الصدام والصراع والدم…رغبتنا الخلاص من الاحتقان بالحوار والمصالحة الوطنية حتى تهدأ النفوس الغاضبة الثائرة ونصل إلى حلول، لا نريد ان نكون تحت اي ظرف ولا ان يحسب علينا اننا البادئين بالشر، لا نريد ولا نرغب في إهدار الدم، لأننا من خلال التجارب والمحن لا نعرف…في حال النار بدأت وإندلعت إلى اين المسار وكيف تطفأ ؟؟
حيث المنطقة الشرقية بجميع المشاكل آمنة نوعا ما من غير قلاقل بين قبائلها وعشائرها، لدينا مشاكل عديدة من التطرف والمغالاة من بعض فرق الشباب "الملتزم دينيا"، مع الوقت أصبحوا كثيرين في العدد ولديهم وبحوزتهم جميع أنواع السلاح المدمر من ترسانة المقبور القذافي…
لهم اتجاهات عديدة وفرق مسلحة تلقت أعلى التدريب من الواقع في حروب افغانستان والعراق والثورة الليبية وكان لهم الباع الكبير في النصر، والآن الآلاف منهم في سوريا يحاربون الطاغوت بشار الأسد مما أصبح لهم بأس شديد صعب الحرب ضدهم او القضاء عليهم بسهولة…
في نظر الكثيرين انهم زادوا عن الحد، والعلاج في نظري ليست المحاربة بالقوة والعنف لعدة أسباب وجيهة: أولا غير واضحين في العلن والصورة، بل من ضمننا اهالينا واخوتنا وأبنائنا، وصعب التحدي والمطاردة بيننا، فالدم الأحمر القاني يجمعنا، لا يمكن مهما كانت الظروف ان يصبح ماءا سهلا هدره وضياعه…
هؤلاء الشباب بجميع التسميات والطوائف معظمهم يطالب بالشريعة والحكم بها بدون فهم لمعانيها النبيلة، وردي ببساطة لماذا لا نسمع لهم ونحاورهم بالحق فنحن وهم أخوة وعائلة واحدة مسلمين حتى النخاع… من وجهة نظري الذي يكره الحكم بالشريعة السمحاء إلا الكافر والعاصي، لأن ديننا وقرآننا صالحا لكل زمان ومكان وعلينا ان نؤيدهم في الطلب بقوة بالحق بشرط الحكم بالشريعة حسب العصر الآن، لهذا القرن الواحد والعشرون عصر العولمة… ونبذ التطرف والإرهاب الأسود بتاتا من القواميس الانسانية فالعالم الآن صغيرا نحتاج فيه السلم والسلام، وعدم الرجوع للخلف للقرون الاولى من السلف فقد تغير البشر الآن إلى الأحسن نظير العلم الفهم والمعرفة…
المنطقة الغربية جميع قبائلها وعشائرها يعيشون ويغلون على بعضهم البعض ينتظرون على الأحر من الجمر هبوب العواصف المدمرة جالسين على نيران حامية قاتلة في الخفاء والصمت ينتظرون اللحظة المناسبة للقفز احدهما على الآخر لللانتقام على امور تافهة مع انه جميعهم تربطهم صلات المواطنة والأخوة والنسب وصلات الدم والقربى…
ونفس القصة تتكرر في الجنوب الليبي في سبها والشاطئ واوباري وغيرهما من البلدات والقرى التي مثل الحطب اليابس من شدة الحرارة ينتظرون فيمن يشعل النار بدس شائعات الفتنة حتى تستعر وتقوى فجأة في الكثير من المناطق!
انني في كثير من الاحيان أقف حائرا امام هذه الامور المتشابكة… المؤتمر الوطني في غيبوبة قاتلة لا يهش ولا ينش ولا يقدر على عمل اي شئ بقوة، حيث بعض قيادات كتائب الثوار تقف بالمرصاد وتساند احدهما الأخرى، حتى لا يفقدون المميزات والقبض للأموال بالهبل بصفات مرتبات ومكافآت وعطايا…
والآخرون الكثيرون من ابناء الشعب ذوي الأنفة والكرم (العسارى) لا يمدون ايديهم طمعا في فتات وقروش زهيدة من حكومة أشباه الرجال، يفضلون الموت على الاستجداء مع انه حقهم الشرعي في ثروة الوطن…
والحكومة تتعثر غير قادرة على التحدي والصمود في وجه الاحداث المتلاحقة، حكومة زيدان فاشلة حتى الآن في الحكم والتسيير لمجرى الامور الصائبة، غير قادرة على المضي للإمام وفرض الهيبة والوجود…
والجيش المفروض ان يكون الميزان للفصل في المتاهات والتراهات ويوقف كل من يريد النهب والسلب وتأخير الوطن، في واد آخر غير مترابط ولا في وحدة واحدة، ضمن الأوامر العسكرية التي نعرفها ونسمع بها، من التسلسل في الرتب وسنوات الخدمة والشهادات العلمية العسكرية التي تؤهل الانسان لأن يكون الآمر للجميع… لا تجانس بين الضباط الكبار حيث كل واحد من كبار الرتب في واد خاص مهتم بمصالحه الشخصية، مغرور بنفسه ويحلم أنه الوحيد القادر على الحكم، وعلى الآخرين إتباعه إلى آخر المشوار …
الحالة بالوطن صعبة وكل يوم تتطور إلى الأسوء وتسوء إلى الحضيض نظير التمادي من بعض القياديين المدنيين الثوار الذين برزوا على السطح ايام الثورة المجيدة وأصبح لهم الباع الكبير والسلطة في فترة بسيطة، بدون أي إختيارات من أبناء الشعب بل الفرض بالقوة وإستغلال الامر والوقت في الهيمنة …
يعتقدون أنفسهم انهم المختارون والزعماء وعلى الاخرين إتباعهم، والبعض منهم لا يساوون اي شئ… ولا محل لهم من الإعراب في نسيج الوطن ولكن بلانا الله تعالى بأمثالهم حتى نتعلم ونعرف الدرس القاسي ان الثورة المجيدة بحاجة إلى ثورة تصحيح اخرى وجراحة فورية حتى يخرج الدم الفاسد المحتقن في العروق والشرايين من جسم الوطن وبأسرع وقت ممكن حتى يتم الإنقاذ للبعض قبل ضياع الوطن ليبيا وتفادي الإفلاس والتردي!
وا أسفاه على الثورة المجيدة، ثورة 17 فبراير، الخالدة التي انتصرت وبهرت العالم بالتضحيات الجسيمة من شباب صغار بالسن يؤمنون بالثورة والتضحية بالروح والدم من اجل الخلاص، والآن شعلتها الزاهية بدأت تخمد رويدا رويدا مع الوقت نظير عدم الاختيار الصادق للممثلين، نواب الشعب الليبي…
أخطاءا جسيمة وفادحة ارتكبناها وعلينا وبأسرع وقت إصلاحها وجبر الضرر قبل ان يعم البلاء وتبدأ الحرب الأهلية بين الأخوة والأشقاء، نظير المؤامرات من بعض القوى المحلية أشباه الرجال المؤيدين من قبل القوى الخفية…
كنا نعتقد ان النواب وممثلي الشعب الذين اختارناهم في قوة وجبروت سيدنا موسى للتصحيح، وللأسف عندما ظهروا على السطح ،إلا من القلائل، بهروا بالنعم والقبض للمرتبات العالية والتحكم في مقدرات الشعب والنفاق من الكثيرين الادعياء، انهم فراعنة ذوي صلف ومكابرة وكبرياء زائفة قاتلة…لا تهمهم ليبيا ولا المواطنين بل جميع الهم لديهم كيف يتحصلون على المال والعمولات وتمرير الصفقات والبقاء في الجاه والسلطة بأي ثمن…
الإستغلال في ابشع معانيه من البعض والآخرين يتشدقون يجعجعون في نظري، ليس وطنية ولا حبا للوطن ولكن لأنهم لم يجدون الوسيلة ولم يعرفون بعد كيف يدخلون الميدان، ميدان السلب والنهب ويتحصلون على نصيبهم من الغنائم التي تستباح كل يوم من الغنيمة والفريسة ليبيا التي تحتضر غير قادرة على الدفاع عن نفسها…
يتكلمون عن الشرعية وعدم المساس بها لنا… وأن هذه الفترة فترة حرجة صعبة وعلينا المساندة والمناصرة لها حيث نمر في عنق الزجاجة وكلام منمق كثير ظاهره حلو مثل العسل والواقع المرير كل يوم يمر وهم يستفيدون من العمولات والأموال ونحن الوطنيون الصادقون نتدهور إلى الخلف…
والسبب الصمت والتأجيل منا نحن الذين ندعي بأننا ندرك ببعض الأمور الخافية، أمثالنا ذوي النيات الطيبة الحسنة الذين نعيش على الأمل الكاذب ونحلم في اليقظة بأن الأمال سوف تتحقق مع الايام والمستقبل…
لا نريد الفوضى ان تعم… ولا نريد الدم ان يجري بالشوارع هدرا… لا نسعى إلى المال والسلطة بل سعينا إلى نهوض وتقدم ليبيا الوطن، حتى نضمن حياتنا وسعادتنا، ونضع خارطة الطريق السوي لأجيالنا القادمة حتى لا نلعن ونحن موتى بالقبور، نريد العدل والمساواة ضمن الدستور والقانون حتى نستطيع المحاسبة لكل دعي يريد ان يعبث بمقدراتنا ونحن نتفرج غير قادرين على الرد، خوفا ورعبا من أراذل وصعاليك الوطن…
للآسف الأمور تسير وتمضي كل يوم إلى الأسوء من خلال العبث والمهاترات والمتاهات العديدة التي تشدنا للوراء من هؤلاء الأدعياء، الذين يوما مهما صبرنا سوف نعلنها ثورة قوية لتصحيح الاوضاع، التي لو حدثت ستأتيهم بالقضاء العاجل والمثول في أقفاص المحاكمات والمحاسبة الصادقة عن كل دينار ودرهم تم تضيعه بدون وجه حق، وليس مثل محاكمات اليوم لأشباه رجال العهد السابق، التأجيل المستمر وعدم البت والقصاص في العلن، حتى يخاف الكثيرون مما جعل الجميع يستهزئً على الدولة الليبية…
في نظري لا نجاح ولا فوز ولا تقدم ولانهضة بدون وضع الأسس المتينة القوية بما يرضى الله عز وچل، والكفاح من اجل هدف واضح صادق طاهر حتى يمن الله تعالى بالنصر… لا حضارة ولا سمو ونحن ندور مثل الآن في حلقات الفراغ والنهب والسلب ونتفرج ونتحدث بدون العمل والتصحيح…
أبناء الوطن قادرون على التصحيح بمد الايادي بالسلم والسلام، بالحوار والمحاورة واذا اضطر الامر لإمتشاق السلاح حيث نحن جاهزون اليوم أو غداً…قادمون…قادمون…والله الموفق لما فيه الخير للجميع…
رجب المبروك زعطوط
No comments:
Post a Comment