بسم الله الرحمن الرحيم
التاريخ يقول لنا بصراحة وصدق حتى نتعظ أن اي فكر وعقيدة جديدة براقة متشددة تؤمن بالقوة ولا تتماشى مع تعاليم الله سبحانه وتعالى، مع الزمن والتطبيق تسقط مهما وصلت، حيث الشعوب الآن تغيرت في هذا العصر (عصر العولمة) نظير الإعلام المستمر في المواقع الالكترونية و على القنوات على مدار الساعة من مئات المحطات،
أذابت الفروقات وفضحت الأطروحات والمزاعم الكاذبة. تعلمت وفهمت بأن تتعايش مع بعض (الدين لله تعالى والوطن للجميع)، مهما حاولت القوى الخفية الطمس والخداع والتهييج للمشاعر الكامنة بالنفوس حتى تغضب وتتمرد وتثور، لا يستطيعون الفتنة بسهولة مهما حاولوا تغطية عين الشمس الساطعة ضياءا بغربال كما يقولون...
والتساؤلات عن ماحدث بالتاريخ المعاصر الحديث حتى نتعلم ونأخذ دروسا وعبرا، أين الفاشية وزعيمها موسوليني في ايطاليا؟؟ والنازية الهتلرية في المانيا؟؟ والشيوعية ذات الأفكار الهدامة ماركس وستالين الطاغية؟؟ كلها ذهبت إلى مزبلة التاريخ بعد عز وصولجان وهيمنة والتسبب بالكوارث وقتل عشرات الملايين في حروب بشعة مدمرة للحرث والنسل، مثل برامج الإبادة التى إستعملت بطرق جهنمية مثل تجميع الأبرياء العزل في المعسكرات بالقوة والتجويع الشديد والمنع لأي دواء للعلاج حتى يموت السجناء الضحايا من الأمراض، القهر والبرد الشديد كما حدث في ليبيا المنطقة الشرقية في الثلاثينات من القرن الماضي في الصحراء في معتقلات (البريقة ومرادة ) وضاع حوالي المليون شهيد(قتلى ومفقودين) خلال ثلاث عقود من حكم الطليان الفاشي الجائر للوطن... الحرق والإبادة لمئات الآلاف من اليهود والغجر وغيرهم من البشر الأبرياء بدون أي وجه حق بل جنون وغضب المستشار في المانيا النازية (أدولف هتلر) عليهم نتيجة امراض نفسية وحقد دفين...
سجون القولاق المرعبة بسيبيريا الروسية التي ذهب ضحيتها الملايين من الجنسين، ممن قضوا نحبهم فيها نتيجة الوهم بأنهم يتآمرون على الدولة وزعمائها ومعظمهم ضحايا أبرياء شاء سوء الحظ وتم اتهامهم ظلما... ومؤامرات ودسائس في العلن والخفاء، لقاء المجد والوصول على الأشلاء والدم، ضد تعاليم الله عز وجل...
واللأسف التاريخ له دورة تدور والآن يعيد نفسه كما كان وحدث من قبل الظلم والقهر وهذه المآسي تطبق الآن في العديد من الدول بصور أخرى جديدة للعقاب الجماعي مثلما يحصل الآن في قطاع غزة بفلسطين المحتلة، أمام أنظار العالم وبالأخص الذين يدعون أنفسهم بأنهم العالم الحر، والواقع هم الخصم والحكم....
ونحن العرب، أين الفكر الناصري والإخوان المسلمين فى مصر الذين تصارع قياداتهم ضد التيار الجارف من أجل البقاء أحياءا يرزقون؟ والبعث في العراق وسوريا الذي عذب وقتل وشرد الملايين بدون وجه حق ولا وخز ضمير، بتعلة الاصلاح والتجديد... حيث في العراق تم شنق الرئيس صدام بدون رحمة ولا شفقة، سواءا كان خيرا أم شريرا، جميع أعماله مساوئ، أليس له محاسن قليلة تشفع له؟؟
لا يجوز يوم العيد المبارك والناس يحتفلون، أن يتم قتل وشنق رئيس دولة كان في يوم من الايام ذا عز وصولجان... يتم قتله بسهولة وبدون احترام لبهجة العيد ومشاعر المسلمين نظير الحقد الأعمى في العقول والقلوب من الجهلة عديمي الضمير...
والرئيس بشار الأسد في سوريا يصارع أحرار شعبه بكل ما أوتي من قوة ونار، عسكر وحلفاء في السر والجهر بدون رحمة ولا ضمير من أجل البقاء على كرسى السلطة منذ ثلاث أعوام وهو الآن على وشك النهاية بإلكاد قادرا على النجاة يصارع ودرء حبل المشنقة عن رقبته، طامعا في الاستمرار على رأس الهرم ضد جميع الأعراف والقوانين، ناسيا متناسيا أنه لاشئ يدوم ويستمر إلى الأبد غير الله تعالى الحي الذي لا يموت...
أين الفكر الأخضر الجماهيري للطاغية المقبور القذافي وتعاليم كتابه الأخضر الهزيل الذي تم صرف المليارات من الأموال عليه والشعب الليبي معظمه يعاني من الفقر والفاقة بدون صحة جيدة ولا تعليم ولا وضع أساسات صلبة ولا مؤسسات سليمة للدولة حتى تنهض وتتقدم والنتيجة بعد هلاكه سببت مآسي وكوارث، إرهاب أعمى ودم حتى اليوم نعيش في صراع في ليبيا على السلطة، مما سبب الضياع للوطن على جميع المستويات وخلق أجيال غضب جاهلة، همها الطمع والحصول على المال الحرام بأي وسيلة، ليس لهم ولاء لله تعالى والوطن صادقا غير التشدق الكاذب والزهو والنفخ...
أين وأين الكثير من الأحداث المؤلمة المخزية السابقة التي حدثت فلا يصح الا الصحيح، فالفتنة القاتلة التي تم زرعها بين العرب واليهود في بدايات القرن العشرين لخلق دولة إسرائيل، الآن قاربت ووصلت للنهاية وبدأت تتلاشى في صمت وحياء وتطمئن النفوس لدى الأطراف الغاضبة نظير الفهم الصادق...
ان الذي قيل بالسابق من أمور خبيثة ودس دسائس، معظمها خداع وكذب وزور، تلفيق حتى تم تهييج الشعور ودفع الثمن الكثيرون من الضحايا من الطرفين خلال ستة عقود من الزمن منذ قيام دولة اسرائيل،
نتيجة الإعلام والتقارب والسلام بحيث بإذن الله تعالى عن قريب ترجع المياه إلى مجاريها قبل الفتنة، حيث نحن واليهود اولاد عم نرجع في السلالة إلى جد واحد سيدنا ابراهيم، عليه الصلاة والسلام ،ضمن الإحترام والتعايش معا في جميع دول الوطن العربي كما كنا من قبل حيث عشنا بني أوطان واحدة جيران متعاونين مع بعض منذ آلاف السنيين...
مشاكلنا وحروبنا وضياع الأرواح ضحايا من الطرفين هي نتيجة الكراهية للفكر الصهيوني المتشدد العلماني المتطرف الذي لا يؤمن بوجود الرب ومازال محتلا الارض والعرض، لقد لحقته عواصف الربيع العربي ببعض الرشاش والرياح القوية المدمرة في المجتمع الإسرائيلي الذي وصل للقمة بعقدة الخوف من العرب أنهم قتلة وإرهابيون حتى لا يرضون بالسلام ، مما بدأ فى التفسخ والإنحلال...
وكلما زاد الصهاينة عنفا وقتلا ومؤامرات إبادة على المحاصرين فى غزة، قرب الفرج والخلاص إيذانا بالنهاية اليوم او غداً مع المستقبل، فقد وصل الظلم والقهر للشعب الفلسطيني الذروة وبدأ العد التنازلي إيذانا ببدء النهاية عن قريب !!! ونبوءتي لن يفرح بمرور مائة عام على النكبة والإحتلال لفلسطين المحتلة مهما عمل! طالما أحرار الشعب الفلسطينى يقاومون ويقدمون في الدم من أجل الخلاص والتحرير ،، القهر والظلم يوما سوف يتلاشى مع الوقت ومرور الزمن وينضم الفكر الصهيوني للقائمة السوداء الطويلة ويصبح في خبر كان مع الأخريات في مزبلة التاريخ...
لأن أمريكا المانحة والمدافعة بقوة عن الكيان الصهيونى فى جميع المحافل، يوما ما سوف تصحو من الخداع والكذب والزور وتتوقف عن الدعم المادي والمعنوي نظير مصالحها بأن تستمر مع الآخرين دعاة السلام....
بالصباح الباكر نهضنا وجهزنا أنفسنا ووضعنا الحقائب أمام باب الحجرة قبل الساعة الثامنة حتى يتم نقلها إلى المطار بناءا على طلب مسؤول الرحلة الشيخ عبد الحكيم والسيد محمد فتحي من طرف الشركة دار السلام، وهبطنا إلى المطعم في الدور الأرضي لتناول وجبة الفطور الذي كانت فيه الخدمات جيدة وبه كل مالذ وطاب من أصناف الطعام الشهي والعصائر والشاي والقهوة واللبن...
العسل الطازج الشهي ضمن بوفيه الافطار في فندق كمبنسكي -عمان - الاردن |
بعد وجبة الفطور والتأكد في مكتب الإستقبال بالمدخل من سداد فواتير الفندق الخاصة بخدمات الغرف من كي وغسيل وإتصالات النت بالحاسوب (واي فاي)، جلسنا بصالة الإستقبال فترة طويلة ونحن في الانتظار حتى غالبني النعاس من التعب وعدم الراحة في السفر المستمر طوال الأسبوعين الماضيين ونمت لحظات مما تم تصويري بدون ان ادري، إلى أن تم حضور البقية من الرفاق المسافرين إلى أمريكا حيث بالأمس سافرت مجموعة كندا من ضمن فريقنا الحجاج...
حوالي الساعة العاشرة غادرنا الفندق في الحافلة الى المطار حيث الامور والإجراءات للسفر الميمون مرت بسهولة ويسر وسلمنا الحقائب وتحصلنا على بطاقات الصعود وفترة انتظار بسيطة في صالة الركوب، ثم ركبنا الطائرة الضخمة للخطوط الجوية الأردنية (اير باص A300) ورحلة حوالي احدى عشرة ساعة مريحة تخللتها وجبة طعام وتقديم المياه لمن يرغب طوال الرحلة حتى حطت بنا الطائرة فى مطار نيويورك بسلامة... قمنا بجميع الإجراءات للدخول إلى أمريكا من ختم الجوازات، وكان رجال المهاجرة والجمرك فى قمة الأدب وتسهيل الامور من غير أي تعطيل وبالأخص عندما عرفوا أننا حجاج قادمون من الأراضي المقدسة وسمحوا لنا بدخول صندوق مياه بئر زمزم المقدسة بدون أي تأخير أو فتح ولا أسئلة عديدة للتأكد طالما مقدسة،
وخرجنا مع الحقائب العديدة لنا نحن الاربعة وتم تأجير عربة أجرة كبيرة حتى تحمل الجميع دفعة واحدة ورأسا إلى فندق (هوليدي إن ) المطار الذى سبق وتم الحجز له بالنت من عمان للراحة والنوم بعد الرحلة الطويلة عبر القارات حتى وصلنا سالمين....
تم التأكيد على الحجز في رحلات الغد ضمن شركة ( أمريكان أير لاينز ) المتجهة رأسا إلى مدينة دالاس بدون توقف عبر المطارات كعادة معظم شركات الطيران إلى وسط الجنوب الأمريكي ولاية تكساس، وتم إعلام الشباب هاتفيا أننا قادمون غداً حتى ينتظرونا في المطار بإذن الله تعالى... وفي اليوم الثاني حسب المخطط والتوقيت غادرنا الفندق ووصلنا إلى مطار جون كنيدي القريب في حافلة الفندق لتوصيل الزبائن،
والانتظار بعض الوقت بعد المرور على التفتيش الدقيق ضمن الآلات الحديثة خوفا من أي تسرب لسلاح يؤثر على سلامة الركاب المسافرين سواءا بالمطار أم بالجو، ثم الرحلة المحلية لمدة حوالي اربعة ساعات حتى وصلنا إلى مطار دالاس نهاية الرحلة وكان الشباب أبناؤنا علي وزوجته ومحمود وزوجته وإبنته الصغيرة ذات العشرة شهور في الانتظار ورأسا حوالي الساعة قيادة وصلنا إلى بيت ابنتنا هدى لحضور حفلة الآستقبال من بقية العائلة في ضاحية (فريسكو)،
وبعد الوليمة وحفلة الإستقبال ودعنا ابنتنا هدى وزوجها فقد وصلوا إلى بيتهم سالمين، ورجعنا إلى بيتنا مع إبننا المبروك والحفيد آدم اللذان كانوا فرحين بقدومنا سالمين حيث حسب قولهم أثناء الطريق ان غيابنا عنهم المدة البسيطة أثر فيهم كثيرا، لوجودهم لوحدهم في البيت الكبير الذي أصبح كأنه مهجورا من غيرنا...
بالوصول سالمين بعد الرحلة القصيرة التى استمرت ستة عشرة يوما في الترحال والزيارات الدينية للأماكن المقدسة من مكان إلى مكان طوال الوقت في ثلاث دول المملكة العربية السعودية والمملكة الأردنية الهاشمية وفلسطين المحتلة (دولة اسرائيل)، التي ذكرى الرحلة الميمونة، رحلة العمر الخالدة بالزيارة الدينية والعمرة والصلاة في المساجد الثلاثة بيت الله الحرام بمكة، والصلاة في مقام الرسول خاتم الأنبياء سيدنا محمد عليه السلام وأصحابه الكرام سيدنا أبوبكر الصديق وسيدنا عمر بن الخطاب في المدينة المنورة، وزيارة القدس ومشاهدة الحرم القدسي الذي يضم المسجد الأقصى الذي باركه الله تعالى بما ضم من مساجد وزوايا وقباب بما فيها كنيسة القيامة الأولى من ضمن الكنائس في العالم وزيارة الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل، والزيارات الى مقام أهل الكهف بالقرب من عمان والرؤية على الطبيعة، والبحر الميت مقبرة قرى سدوم وعمورة أقوام سيدنا لوط عليه السلام، والبتراء عاصمة أقوام عاد وثمود وغيرهم التى الإطلال قائمة شاهدة حتى اليوم منذ آلاف السنين، وزيارة أطلال مدينة جرش الرومانية في الأردن.
بالنسبة لي أكملت الحج الأكبر فقد زرت الثلاث مساجد المقدسة التي لاتتاح لكل انسان مسلم عربي نظير المنع والمقاطعة للكيان الصهيوني (إسرائيل) وحسب ماقلت في أحد الفصول السابقة أنني تحديت وخاطرت بالمجئ إلى فلسطين المحتلة (إسرائيل حاليا) عن قناعة لأشاهدها على الطبيعة، أزور وأصلي في المسجد الأقصى وغيره بالمنطقة الذي أثنى عليها الله سبحانه وتعالى في كتابه العظيم الكريم المصحف الشريف وجعله مباركا ،
حتى أتحصل على البركة والرحمة والمغفرة، فلست ضامنا طول الحياة والعيش سنين عديدة أخرى حتى يتم السلام أو التحرير، فالرحلة طويلة وانا حاليا تجاوزت الواحد والسبعين عاما ولا أعلم هل تتاح لي الفرص مرة أخرى للزيارة وأنا بصحة وعافية أم لا ؟؟ إنني لا أعرف ولا أعلم هل سوف أكون على قيد الحياة أم لا... إنها رحلة العمر، جاءت بتسخير الله تعالى في الوقت المناسب حيث شاهدت بأم العين على الطبيعة والواقع أماكن الأحداث لتاريخنا الديني والتراث كما تم الذكر له في القرآن الكريم بالتفصيل، ستظل عالقة بالذهن إلى ماشاء الله تعالى طالما كتبت لي الحياة بالعيش في هذه الدنيا الفانية ... والله الموفق...
رجب المبروك زعطوط