Saturday, April 19, 2014

مدينة درنة (17) 79


بسم الله الرحمن الرحيم

         كل شئ ثمين له معايير من قياسات وأوزان، الحب والولاء لله تعالى والوطن  في هذه الدنيا العجيبة الغريبة له ثمن غالي ضروري من التضحية والسهر في طلب العلم والعمل الجاد  وتقديم الثمن  قبل الحصول عليه... ليس برخيص كما يعتقد الكثيرون من أنصاف المتعلمين الذين يعتقدون أنفسهم أنهم بلغوا القمم في التحصيل للدروس والعلم والمعرفة،  ونسوا وتناسوا ان العلم ليس له حدود مهما حاول المجتهد من طلب المزيد ... ليس له حدود مهما حاول وتعلم  ووصل إلى أعلى المراكز والقمم، حسب الآية الكريمة التي تقول: بسم الله الرحمن الرحيم "وما أوتيتم  من  العلم إلا قليلا".

      لقد تعلمت الكثير من خلال  تجربة الحياة والزمن، ومازت أتعلم طالبا المزيد وأنا الآن في  خريف العمر وتجاوزت السبعين عاما بقليل، إعتقدت في كثير من الأحيان إنني  على وشك الوصول لمعرفة بعض الامور المحددة  وأنني أستاذ قدير، وأجد النفس مع مسيرة الحياة اليومية ومرور السنين التي تمضى بسهولة من غير ان نحس أوندري...

      انني مبتدئ ومازلت في أول الطريق حيث العلم والمعرفة ليس لها نهاية ولا حدود ولا يستطيع اي انسان مهما عمل من الوصول الى النهاية،   حيث هى غاية للمجد وإرضاءا للنفس والغرور وهدف غير مرئي لانستطيع القبض عليه باليد حتى نتأكد من الحصول عليه...

الدنيا غريبة عجيبة لها طرق وسبل عديدة  مهما حاول الانسان البحث  لا يستطيع الوصول إلى النهاية  مهما عمل وسهر وبحث فى بطون الكتب، أو جرب على الطبيعة من خلال مسيرة الحياة والتعامل اليومي مع البشر  من مختلف الإتجاهات والعقول  الخيرة والشريرة، لا يستطيع...

     حيث  مهما تحصل الانسان على الشهادات العديدة من المعاهد والجامعات والخبرات من خلال العمل، في نظري لم  يصل بعد  الى قمة المعرفة  والعلم حتى يتحصل على الشهادة  الاخيرة عند مفارقة الحياة، شهادة  الوفاة وخروجه من عالم الدنيا  إلى عالم  الآخرة  والحساب عن ماذا قدم  من خير او شر...

    حيث الخلود بالعمل  الطيب والإبداع في احد المجالات المعينة التي ترفع مقامه دنيا وآخرة، من خلال  الولاء  لله تعالى والجهاد من أجل الوطن والشهادة  مقدما الروح فداءا على مذبح الخلاص والحرية من الطغاة، او الإختراع  لأي شئ يفيد ويريح البشر يذكر  به طوال الوقت ويخلد الاسم في سجل التاريخ  الذهبي بالخلود مثل أسماء الكثيرين الذين ظهروا على السطح على مر الدهور والزمن...

     مدينتنا درنة عانت الكثير الكثير من النسيان والتهميش في الاعمال والمشاريع حتى تنهض وتنمو وتأخذ وضعها الطبيعي وسط بقية المدن،  ومازالت تعاني نظير  أحداث كثيرة ومؤامرات عديدة من قوى خفية محلية وعالمية تحتاج إلى رجال مخلصين حتى يتم جث الفساد والأمراض السرطانية  الخبيثة من الجذور وترجع البسمة والحياة للمدينة كما كانت من قبل  أيام الزهو والسعادة  والفرح، في الخمسينات والستينات من القرن الماضى ...

يقولون عنها تسميات عديدة  خوفا ورعبا وإستهزاءا أنها قلعة  الإسلاميين المتشددين وأن الإنسان المواطن  أو الغريب لا يستطيع المقام فيها والعيش الكريم كما كانت من قبل، نظير حمامات الدم الإرهاب والإغتيال أو التهديد...

يقال عنها الكثير من التسميات  والشرح لحالها المؤسف في الوقت الحاضر... أن الأمور في الصباح عادية جدا، الناس في حركة وعمل، منظمة مرتبه وكأنه لا شئ يحدث ويطبخ  بالشر  والدم... المدارس والمصارف والمحلات مفتوحة، بدون وجود أي قانون، لا رجال لفرض القانون ولا عيون ساهرة  لحفظ الامن في المدينة،  لا رجال شرطة سير، ولا حرس بلدي يتابع اي مخالفات صحية للطعام والمواد الغذائية  من التلاعب والغش لضمان صحة المواطن، مما أذهلت الجميع كيف الحال يسير بالمدينة... لا هرج ولا مرج ولا تعديات...  بل تعمل في هدوء وصمت  مثل اليابان...

وبعد الظهر إلى المساء يتغير الحال  إلى رعب ويسيل الدم،  تبدأ التفجيرات والقتل  والإغتيال وتصبح مثلما كان الحال في   بغداد العراق من ناحية  الارهاب، لا  أحد يضمن نفسه وحياته من أي شئ طارئ ممكن حدوثه في أي وقت ولحظة غفلة وسهوة   لا تكون في الحسبان.

    وعند هبوط الظلام بالليل يتغير الحال إلى سهرات مائعة وضلال،  ضد ارادة الرب الله عز وجل نظير إدمان الشباب للمخدرات وشرب الكحول  وتصبح مثل  كولومبيا في الفساد والإفساد وضياع الأخلاق...

وهي المدينة الطاهرة  الصامدة  التي كان يضرب بها الأمثال في العفة والتصدي والذود عن الاخلاق والشرف، التي من رحمها  أنجبت الرجال الفدائيين على جميع المستويات  في جميع العهود الحلوة والمرة  عبر التاريخ القديم والحاضر ومازالت تنجب في الأخيار الصادقين مهما قيل عنهم من تسميات ونعوت...  لم تعقم بعد من  الصالحين...

     مدينة صغيرة في الحجم وتعداد السكان ولكن كبيرة في القدر والسمو، غطى إسمها كل مكان وبالأخص في العصر الحاضر حيث ألصقت بها تهم عديدة من الكثيرين من المحللين المحليين والأجانب،  نظير الفشل والعجز في الوصول إلى الحق والحقائق... ونسوا وتناسوا   أنها مثل بقية المدن الصغيرة  في العالم الموبوءة بالقيل والقال والأحداث الشريرة  التي لا يتقبلها العقل بسهولة في نظر الكثيرين... تحتاج إلى فهم والأخذ باليد حتى تنموا وتنهض وتشفى من الألم والمرض وتصفى ويتغير الحال إلى حال آخر...

إنها مدينة صغيرة مثل الأخريات... بلانا الله تعالى بالشر والشرور حتى نصحو من الغفلة ونرجع إلى طريق الله المستقيم حتى نفوز وننجح دنيا وآخرة... والله  الموفق...

                                                    رجب المبروك زعطوط  

No comments:

Post a Comment