Tuesday, December 25, 2012

شاهد على العصر 47




بسم الله الرحمن الرحيم


شاهد على العصر  
47



تحدثت طويلا مع السيد  فرانك في جوانب عديدة وعرفت  ان والدته تريد منه ان يدرس اللاهوت ويتخرج ويصبح قسيسا راهبا كاثوليكيا ودرس عدة سنوات ثم لم يعجبه الحال وترك المعهد وواصل دراسته في إدارة الاعمال ونجح  ، وتوظف لسنوات عديدة وإكتسب خبرات والآن يريد أن يتحرر ويعمل عمل حر ويجرب حظه عسى ان ينجح وشعرت بنبرات الصدق والتحدي في صوته وسألته عدة أسئلة  صعبه وأجاب عليها بكل  صراحة  مما اكبرت فيه الصدق  ومنها انه لا يملك اى شئ ، وان اخر دولار بحوزته دفعه في شراء التذكرة حتى وصل إلى جنيف سويسرا  لمقابلتي  وتدابرنا الامر وسألته كم من الرأسمال يحتاج كبداية 

بعد عدة حسابات لأرقام قال مائة الف دولار كبداية يستطيع فتح أبواب شركة تستطيع العمل وطلبت منه ان يكون المكتب في موقع  درجة أولى حيث العيون أول ما تقدر الشئ حيث العنوان والأثاث واللقاء بحبور وبشاشه  وجودة البضاعة والرخص والتسليم السريع هما الأساسات السليمة للعمل التجاري مما وافق على جميع الطلبات وقلت موافق على الأمر سأعطيك المبلغ الذي طلبته حتى تبدا الشركة مناصفة 

اليوم الثاني سافرنا معا إلى اليونان  وعرفته بالسيد ميخائييل القبرصي شريكي بالمكتب  واقمنا في فندق الهيلتون عدة أيام  على حسابي وأعطيته الصك بالمبلغ في المكتب بدون ان أخذ أي إيصال مما إستغرب في الامر !!! وقال لي الست بخائف ان أخذ المبلغ وأهرب ،  وكان ردي بسيط لست بخائف  ، ولست بساذج  ، لانك أولا ،   تعرف طريق  الله عز وجل ودرست اللاهوت لتصبح راهبا قسيسا  ، وثانيا لو حاولت الضحك علي فانا مستعد لدفع ضعف المبلغ حتى تدفع المبلغ الأساسي وجميع المصاريف وإلا سوف تعيش في رعب طوال حياتك  ، أما بالنسبة لي فهذا المبلغ يعتبر بسيطا لا يؤثر في أعمالي وبالتالي أنت الخاسر على  المدى البعيد . مما ضحك وقال لا تخاف أبدا فانت تتعامل مع إنسان  نظيف عفيف صادق 

 بعد أثينا اليونان قررت اصطحابه معي إلى ليبيا التي لم يسبق له زيارتها من قبل وتقديمه الى الاخوان حتى يتدرب على الحضور والقدوم بنفسه إلى الأوطان العربية ويتعلم طرق المعاملات السهلة والصعبة وكيف يستطيع الفوز في تحقيق التوريد بسهولة حيث ذاك الوقت كانت أسواق ليبيا مفتوحة على مصراعيها للتجارة والمقاولات والأجنبي له الحظوة والإمتيازات حيث المسؤولين الليبين لا يريدون المعاملة مع رجال الأعمال الليبين حتى لا يفشون أسرارهم وحرصهم على تقاضى عمولات كبيرة ولا تهمهم مصلحة الوطن 

أخذت له تأشيرة دخول بسهولة من القنصلية الليبية في أثينا وفي اليوم الثاني كنا على الطائرة إلى بنغازي ورحلة قصيرة حوالي الساعة وهبطنا في مطار بنينا بنغازي وخلال دقائق تمت جميع الإجراءات بسهولة  من ختم الجوازات والجمارك  بدون تفتيش حيث انا شخصيا معروف لا اتعامل فى الممنوعات أيا كانت  حفاظا على الأسم والسمعة ، وإستلمنا حقائبنا ، ووضعتها في حقيبة السيارة  الواقفة فى الموقف التى كان الغبار يلفها من كل جانب حيث لي مدة طويلة غائب عنها  ، وقدتها وتوكلنا على الله تعالى الى مدينة درنة وانا فرح مسرور انني عن قريب سوف اصل الى مدينتى واشاهد الأولاد والعائلة ،  واتابع أعمالي المتراكمة في المكتب والتي تحتاج بسرعة إلى مراجعتها قبل ان تزداد باكوام اخرى ويصبح صعب على المراجعة .

وصلنا إلى درنة وراسا إلى المكتب حيث احتفى بي الموظفين والعاملين بحضوري ورجوعي وقضيت بعض الوقت وشاهد شريكى الجديد مكتبى وكيف وضعى العام ،  وبعدها الى العمارة حيث اسكن فى اعلى دورين بها ، ولدى احد الشقق المفروشة بأفخر الأثاث استعمل فيها كاستراحة لكبار الزوار عندما ياتون لزيارتى فى بعض الاعمال حيث مدينتنا درنة وقتها مهمشة من النظام ولا يوجد بها فنادق جيدة ذات خمس نجوم بل بها فنادق شعبية لا تشرف بسمعة المدينة الخالدة المجاهدة .

قضى شريكى الجديد حوالى الاسبوع فى راحة واستجمام  وفى نفس الوقت كل يوم معى فى المكتب حتى يعرف بعض الاشياء المحلية وكيف تدار الاعمال بالعقلية العربية التى تعتمد على طرق كثيرة اهمها الاستقلالية وعدم العمل الجماعى وبالتالى معظم  جميع الاعمال قزمية  تعتبر فى نظر الغرب عقيمة ،،، وكنت اقدم فيه على انه صاحب شركة أمريكية اسمها الريف تعمل فى مجالات عديدة للتصدير من امريكا  ،،، وكان اختيار الاسم اول حرف من أسمى " ر "  وبالمنتصف " اى  " باللغة الانجليزية يعطى دلالة العالمية وحرف " ف "  اول حرف من اسم شريكي الجديد ، RIF international marketing co .وكان وقتها معظم رجال الأعمال والتجار طيبون ذوي قلوب نظيفة  لا يعرفون الخبث بعد ،  وليس  مثل معظم  تجار ورجال الاعمال اليوم من الاجيال الجديدة  فى  هذا العصر الذى نعيشه الان ،،، الذين يعتمدون على المصلحة وكيف يتوصلون للربح باى طريقة مهما كانت الوسيلة غير شريفة المهم الوصول للغاية وعقد الصفقة .

قدمت شريكى الجديد فرانك الى السيد الصابر مجيد صديقى وآخى من الدهر ،، وقلت له الحقيقة وأنها شركة جديدة ولتشجيعنا طلب على طلبية استيراد مستودعات ضخمة " عنابر " بقيمة كبيرة تعدت وقتها مليون دولار ولم نسجل الشركة بعد فى امريكا ،،، وكانت الطلبية دفعة قوية للشركة الجديدة ،، وسافر فرانك الى امريكا  وقام بإتمام اجراءات الشركة حسب المطلوب وآجر مكتبا فى بناية " سيقرام " فى جادة  بارك أفينيو فى احسن شوارع نيويورك التجارية فى الدور رقم 18 وكان مكتبا جميلا عندما زرته ذهلت من حسنه وكيف يستطيع الانسان المشاهدة من جميع الجوانب الزجاجية الغليظة المغطاة بستائر تتحرك كهربائيا بالضغط على الأزرار ،،، مما كانت وقتها فى منتصف السبعينات تعتبر اشياءا متقدمة  حديثة غريبة لم تدخل الاسواق العربية بعد

قام الشريك بزيارات عديدة إلى ليبيا وقام بعمل صداقات  مع الكثيرين من الليبين رجال الاعمال والمسئولين فى طرابلس وبنغازى وشق طريقه بسرعة فى الأوساط التجارية ،، وجاءنى يوما يريد استشاراتى قبل ان يدخل فى اعمال مريبة ،، حيث طلب منه شراء كميات كبيرة من الاسلحة عن طريق اللواء احمد المقصبى الذى كان يومها عقيدا بالجيش والمسؤول عن التعبئة والتسليح للجيش الليبي 

قضى عدة ايام معى فى درنة للاستشارة فى هذا الموضوع المغرى والذى حسب قوله وقتها انه قادرا عليه ولديه المصادر للتزويد لمثل هذه الاشياء ،،، وكان ردى ان لا يعمل فى هذا المجال تحت اى ظرف لان اعتقادى يومها ان النظام ظالم وفاسد ،،،وان هذا السلاح يوما سوف يوجه الى صدور الاحرار عندما تقوم أية انتفاضة ولا اريد ان أغطس فى أموال الدم حتى لا يتسخ الرزق الحلال بالأوساخ والقذارة 

كانت غلطة المفروض ان اتركه يعمل حتى اعرف المصادر والكميات وأين التخزين وأمورا كثيرة … حيث إخوتنا الليبيون يخافون مع العمل مع ليبين أصليين تهمهم مصلحة الوطن وتقدمه ورفعته ويتعاملون مع أجانب بصراحة وحرية كثيرة لقاء العمولات الضخمة  لتسمين حساباتهم بالخارج ،،، وينسون انه لا سرية مهما كانت فكل الامور مفضوحة للكثيرين من الجهات الدولية التى تتابع فى مثل هذه الامور بدقة ،،، مما استغل البعض من الليبين الامر مع أجانب لا يفهمون التجارة على أصولها بل  تجار الشنطة حسب التعبير الليبى الشعبى الذين تعلمون من ليبيا الاعمال الكبيرة والصنعة نظير الاموال الطائلة التى تصرف بسخاء و غباء  بالملايين على اعمال الفساد والإفساد والارهاب وشراء الذمم للسلاطين فى افريقيا السوداء  والحكام والرؤساء  فى دول عديدة من العالم ،،، للسكوت عنهم وسترهم عن اعمالهم الإجرامية ضد الانسانية ،،، وقتلهم للابرياء علانية فى وضح النهار ،، ولا من يسال ولا من مجيب ؟؟؟ 
هؤلاء الاجانب الصعاليك لا يمتون للوطن باى صلة ولا تهمهم مصلحته باى صورة  ،،، وحقق شركاؤهم الليبيون ثروات رهيبة من دم ابناء الشعب الليبى معظمها ضاع فى تسمين الحسابات بالخارج والصرف فى غير طاعة الله تعالى على الفجور والعاهرات وتموين الإرهابيين عن طمع واغراء  بمزيد من الاعمال الاخرى فى التوريد باوامر من القذافى شخصيا عن طريق قادة اللجان الثورية لقتل ومطاردة الاحرار الليبين المعارضين لنظام الفساد والافساد ودمغ ليبيا بصفة الارهاب العالمى،،،
لقد مررت بفترات رهيبة وضغوط نفسية نظير المعرفة الخطيرة واصابنى المرض نتيجة الكتمان والسرية حيث صادفنى الحظ  خلال مسيرة نصف قرن بالحياة العملية ،،، واطلعت على اسرار عديدة بالصدفة  ،،، وكنت دائماً بالخفاء ووراء الستار وليس فى الواجهة حسب نصيحة الوالد رحمه الله تعالى عندما قال لى فى الصغر ينصحنى " لا تكن راسا يابنى فالراس دائماً كثير العلل  "  وكنت يومها صغيرا بالسن ولم اعرف قصده ومع الوقت والشرح عرفت السر الكبير وراء النصيحة وماذا يقصد بالضبط حيث لا يريدنى ان اكون ظاهرا فى الصورة والواجهة رئيسا او قائدا بل فى الخفاء والسر ،،، حسب تعبيره " شيخ مشايخ "  الذى يساند الرئيس والصف الناجح للوصول للسلطة وبالتالى جميع اموره تمضى بسلاسة حتى لا أصاب من اوباش وتلوكنى الالسن من العوام  الجاهلين حيث لا يرضى العباد الا الله عز وجل الخالق  الجواد ،،،
فقد تعلمت منذ اليوم الاول للانقلاب الاسود ثورة الفاتح كما يدعون ،،،  انها مسرحية كبيرة ولا اريد ان اكون ممثلا فيها بل ضمن الجمهور مشاهدا لها ،، ولم أتدخل فى اى موضوع غير مستحسن  مستهجن لخدمة النظام مقابل حظوة ومال وجاه ومركز ،،، مع انه عرضت على أمورا كثيرة وكان بالإمكان الاستغلال لها  ولكن حسب مبادئى واخلاقياتى كانت لدى عليها تساؤلات كثيرة  انها خطا ولا اريد يوما من الايام  ان تدمغنى باى شائعة خاطئة تضر بسمعتى وسمعة العائلة التى قضيت سنين عديدة فى البناء والتشييد لها  ،،،  
لانها راسمالى الوحيد الذى مستعد للموت دونها من ان تلطخ من حساد حاقدين اوباش  ،،، لان ليبيا ليس بها اسرار خافية حيث معظم الجميع طويلى اللسان سذج بقصد وبدون قصد وبالتالى سهل استدراجهم للثرثرة من اساتذه مدربين فى الأمن والمخابرات  من غير ان يعلمون وبالتالى يضرون الاخرين عفويا  بدون قصد ،،،
 أليست بامر مؤسف ومأساة ،،، ان يشوه البعض الشرفاء من وشاة جهلاء ؟؟؟ مع علمى اليقين انه لا يصح الا الصحيح ،، ولكن امتثالا لحديث رسول الله تعالى نبينا المصطفى سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام  " اتقاء الشبهات والابتعاد عنها  " حتى لا يلاك الانسان الشريف من حثالات ؟؟؟
استمريت مع السيد فرانك دروهان فى الدعم المالى والمعنوى للشركة  والمشورة الى ان تم الزحف والتأميم وهاجرت الى امريكا وبدلا من ان استمر فى الشركة التى بنيتها بالجهد والمال والدعم  حتى أعيش ،،، حيث لا دخل لى بالخارج ،،،  ولكن أبدى شكوكه وانه ملاحق من الأمن فى ليبيا نظير شراكتى معه حيث كنت مطلوبا من النظام حيا ام ميتا ،،،  مما اضطررت ان أتنازل برضاء نفس لحمايته من غير اى إكراه وتحصلت على راسمالى فقط على دفعات وضاع جميع الجهد والتعب نظير الضغوط من النظام والخوف من المجهول ،،،
وتم الزحف على معدات شركة الريف فى غيابه من الجيش بطرق غير شرعية  بربرية عندما كان ينفذ فى مشروع بناء ثلاجات كبيرة فى احد المشاريع الزراعية فى منطقة السرير بالصحراء وضاع كل شئ لانه لم يستلم اى مستندات حتى يطالب يوما من الايام بالمستحقات خاصتنا ،،، التى ضاعت هباءا منثورا ،،، 
نتيجة التاميم والزحف ضاعت على مسائل وأمورا  كثيرة وشركات جمه وأموال وعلاقات تجارية   بلا عدد منها على سبيل المثال شركة الغزال مع السيد ميخائييل بسوماس  فى اثينا اليونان وشركة الريف مع السيد فرانك دروهان فى نيويورك امريكا والعشرات من غيرها ،،، وتساؤلاتى فى بعض الاحيان ،، لو لم ياتى هذا الشيطان القذافى ابليس اللعين عليه اللعنة الى يوم الدين ويؤمم التجار ورجال الاعمال ،،، ولو سخر الله تعالى واستمريت الى الان بعد مرور عقود طويلة ،، ولم يتم الزحف والتاميم ،،، كيف سوف يكون الحال ؟؟؟ اننى لا اعرف ؟؟؟ 
اليست بامر مؤسف ومأساة فقد كنت دائماً سباقا رائدا  لأشياء وشركات عظيمة ناجحة حيث شركائى السابقين من لا شئ من الصفر بعد عقود ،،، اصبحوا من اصحاب الملايين  ،، وانا " اعوذ بالله تعالى من كلمة انا وحب الذات " بالنهاية لا استفيد منها وانا المؤسس والمحرك الاساسى والرائد ،،، فسبحانك رب العالمين ؟؟؟ انت العارف بالحال وانت المعين ،،،حيث لا اعتراض لحكم الله تعالى والقدر فانا انسان بشر مخلوق مهما حاولت ان اعرف ؟؟؟ لا اعرف الا القليل ؟؟ ،، استنادا لقول الله تعالى فى كتابه الكريم ،، القران العظيم ،، بسم الله الرحمن الرحيم  " عسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم "  وانا راض بما قسم الله العاطى الكريم من ارزاق  ،،، والحمد لله تعالى على الصحة والعافية وانه اطال العمر حتى اشاهد بام العين كيف كانت النهاية السوداء للظالمين ،، الحياة مستمرة والتاريخ لا يرحم وكما يدين الانسان الاخرين بالسوء يدان ،،، والله الموفق 

                         رجب المبروك زعطوط 

البقية فى الحلقات القادمة ،،، 

No comments:

Post a Comment