Saturday, December 22, 2012

شاهد على العصر 46

بسم الله الرحمن الرحيم 


شاهد على العصر
46




كل عصر ودولة لها رجالها من جميع الأصناف الخيرين والأشرار ، وقد إبتليت ليبيا وطننا بمجنون عام  1969 م ،  بين يوم وليلة تحول من ملازم بسيط ذو نجمتين جاهل بأمور الدولة والحكم والسلطات  ، تربى في  طفولة صعبة قاسية بالصحراء مما جعلته حقودا حسودا على الأغنياء نظير النقص والحرمان ، عقيدا سيدا مطاعا يصفق له الجميع ويتهافتون لتقبيل أيديه التي مع الوقت أصبحت ملطخة  بدماء الأبرياء نظير التسلط والغرور ، حب السلطة والظلم وتصفية الخصوم … ساندته  قوى الشر والخداع والتملق  ذوي النفاق والمصلحة والأتباع ، أصبحوا مع الوقت أعوانا ثقات وتم تصنيفهم حلقات وراء حلقات زيادة في الخبث والأمن وإشاعة الخوف والرعب بينهم بحيث الجميع يتطلعون لجميع الهفوات ويحاسبون الضحايا بأشد العقاب حتى يلتزم الجميع بأفكاره المريضة ويطبقونها حرفيا بدون تساؤلات كل يوم يزيدون ويكبرون ويصبحون آفات وسرطانات خبيثة أصابت  نسيج المجتمع الأهلي الليبي الطاهر البسيط بالفساد والمرض نظير السلطة الجاه والمال ، وتزيين الأمور وعدم قول الصدق ، ووضع المجنون في برج عاجي معزول عن الشعب بحجة الحماية والأمن  على حياته لأنه ظالم ، مما شعر بأهميته وهو صعلوك من صعاليك الزمن وبذرة شر خبيثة ترعرعت   في غياب الضمير بحيث أصبح أميراً ، بل تحدى العزة الإلاهية وأصبح ملك الملوك أليست بأمر مؤسف ومأساة ؟؟
المجنون كل يوم ياتي ويقبل ويمر يزداد زهوا وغرورا نظير السلطة المطلقة والدخل الخيالي من النفط  بدون مراقبة ولا حساب من أي جهة من الشعب ، أضله الشيطان الرجيم للشر والشرور وإعتقد في نفسه أنه منزل لهؤلاء البشر حتى يرشدهم للطريق الصحيح ونسى وتناسى أن الصعلوك من غير أصل ولا حسب ولا نسب غير معروف ، دائماً صعلوك مهما فعل 

حيث الأفعى الرقطاء الملساء مهما غيرت الجلد بين فترة وأخرى بآخر جديد  دائماً  أفعى لن يتغير إسمها ولا عاداتها ، جاهزة  دائماً للعض واللدغ  للأبرياء فجاة بدون توقع 

عقيدنا الهمام نفس الوصف مجنون مغرور ، حقود حسود ، أثبتت الأيام أنه لا يتورع عن قتل الجميع ببرود أعصاب ودم بارد ،  في سبيل بقائه على رأس السلطة ، بلانا به الله عز وجل لحكمة نحن البشر لا نعرفها ، مهما أوتينا من علم ومعرفة .

  وطننا ليبيا طاهر ومهما مرت عليه من عهود خيرة وعهود فاسدة فاجرة تراجع فيها للوراء سنوات طويلة ولم يتقدم خطوة واحدة للأمام ، دائماً و الحمد لله تعالى يبقى شامخاً إلى ماشاء الله عز وجل، حيث في نظرتي الشخصية ، الحياة الدنيوية  مراحل ومهما وصل الإنسان وبلغ من علو له يوما إلى زوال  وموت وينتهي وكأنه لم يحيى يوما  وليس له وجود ، ولا يبقى إلا العمل الصالح الذي يذكر به ويسجل في تاريخ الوطن بحروف من ذهب ويصبح ذكرى خالدة لكل من يبحث من الباحثين  !

المهم إستمرت الأيام وكل يوم أحقق فيه مزيدا من النجاح والتقدم في  الأعمال والعلاقات مع الآخرين من التجار ورجال الأعمال المحليين والعالميين وكنت كل الوقت أركز على العمل ولا أتدخل في المتاهات السياسية التي تدور في الأوساط المحلية من حراك وعراك وتحديات البعض للبعض للفوز بمقاعد السلطة الشعبية المحلية للحكم في المنطقة  ، مما أصبحت صديقا للجميع ، لأنه لدي قناعة راسخة :لا يصح إلا الصحيح! 

هذا النظام الجماهيري للمخبول القذافي ، عفن وفاسد لن يستطيع البقاء ولا البناء السليم لأنه غير مستقيم يتخبط في المتاهات والمؤامرات الإرهابية والقتل للخصوم بدم بارد معتمدا على النجاة  من القصاص الدنيوي على قوة المال  للجم الأصوات ،  ليس له سياسة ولا مخطط مدروس حتى يمشي عليه خطوة خطوة حتى يصل إلى الهدف الذي يرغبه الوطن التقدم والسمو ، بل يعيش يوماً بيوم بدون دراسات ولا السماع للمستشارين الصادقين الوطنيين 

بل يعتمد على غوغاء من أبناء العم الجهلاء  نظير الثقة العمياء في أمنه الشخصي ، وكأن سياسة ليبيا في بورصة للأوراق المالية والسندات العالمية  تتماشى مع الأحداث الإرهابية وسفك الدماء في بقاع كثيرة من العالم وليس في ليبيا فقط ، وضاع السمين مع الغث  وهذا هو قمة الضعف حيث لا مستقبل زاهر قادم للوطن  بل الدمار والخراب واضح ، مما سوف تعود عليه يوما بالوبال والثورة ، وهذا الذي حدث بعدها بعقود عديدة  ،   نتيجة التسلط والزعامة الفردية وقمة الديكتاتورية في الحكم ، نهايتها الدم والزوال .

كان لي صديق قبرصي أعتز بصداقته وأخوته إسمه السيد " ميخائيل بسوماس "  تعرفت عليه في أواخر الستينات عندما كان يأتي إلى المكتب في درنة كمندوب لبعض الشركات لبيع بعض المواد للبناء والتشييد وكنت في كثير من الأحيان أشتري منه بعضها كترضية وجبرا بالخاطر حيث كان إنسانا صادقا في المعاملة نظيف الذمة ،
وأيام أحداث الجزيرة عندما إستنجد الأتراك المقيمون بها نظير مشاحنات عرقية بالدولة الأم تركيا ، مما تقرر الغزو بالقوة كحماية لمواطنيهم السكان  ، وغزى الجيش التركي الجزيرة الضعيفة نكاية في عدوتهم اللدودة اليونان  وقسمها إلى جزئين ، ضاع الكثيرون نظير الأحداث المؤسفة وكان من ضمنهم صديقي العزيز الذي كانت قريته ضمن خط التقسيم في الجزء التركي مما إضطر إلى الهرب عنها وترك كل عزيز وغال بها نظير النجاة ، والذي إنقطعت أخباره عدة شهور ولم أعرف مصيره وهل لا زال حيا يرزق أم ميتا نظير قطع الإتصالات والمراسلات 

في أحد الأيام كنت جالسا في مقهى في منطقة "سين دغمه"  ميدان الدستور في أثينا باليونان أتسامر مع بعض الأصدقاء وفجأة شاهدته يمشي بتخاذل مهموما من بعيد من غير أن يلاحظ وجودي فناديته فتطلع حواليه عندما سمع إسمه ولم يشاهدني حتى وقفت وسرت نحوه مما إبتسم وكان لقاءا بالأحضان بين الأخوة، وقمت بدعوته لينضم لنا في الحلقة مما فعل وطلبت له القهوة وبعض المرطبات من شراب الليمون البارد .
عندما حان وقت الغداء دعوته  معنا وتمنع ولكن أمام إصراري  وافق ، وذهبنا إلى مطعم قريب شعبي أكن له  معزة خاصة ،  وكل مرة أزور أثينا ضروري من زيارته وتناول وجبة الغداء من الطعام اللذيذ من المشويات به ، حيث المكان صغير جداً به عدة طاولات لا يستقبل أكثر من حوالي 15 زبونا على أكثر تقدير ، يدار من قبل رجل عجوز وزوجته فترة عدة ساعات من الظهر إلى العصر فقط ، متخصص  في تقديم  صنف واحد مشويات الريش من لحم الضأن الشهي اللذيذ والسلطة اليونانية مع الجبن ، وكنت زبونا مميزا لدى أصحابه وكان لي كامل التقدير والإحترام وتقديم ألذ المشويات والسلطات  نظير الدفع المجزي ، حيث كنت دائماً أصحب بعض الرفاق عندما أتي. 
توقفنا أمام باب المطعم في الإنتظار  حتى خرج بعض الزبائن ورتب لنا العجوز  طاولة خاصة بنا ودخلنا  حيث قدم لنا الخبز والسلطات اللذيذة كبداية لفتح الشهية وبعدها أول دور من مشويات الريش لحم الضأن وتلته أدوارا عديدة حتى شبع الجماعة من كثرة الأكل ، وطلبنا من صاحب المحل التوقف عن المزيد …
خرجنا وكنت أريد الرجوع إلى الفندق لنوم القيلولة حيث الشمس حارة وشبعت من كثرة الأكل وبحاجة ماسة للنوم والراحة ، وتحدثت مع السيد ميخائيل بأن يأتي للفندق هيلتون الساعة السادسة لنتحدث مع بعض في جلسة خاصة مما وافق ، وإفترقنا كل واحد ذهب لحال سبيله حتى اللقاء القريب بعد عدة ساعات بإذن الله تعالى .

الساعة السادسة نهضت من النوم على رنين جرس الهاتف حيث السيد مخائييل ينتظرني  فى الردهة لصالة الإستقبال وقلت له سوف أتي خلال بعض الوقت وقفزت من الفراش وحمام بارد ولبست الثياب وخلال دقائق كنت أنتظر  قدوم المصعد وأنا مازلت أقفل أزرار القميص ، ووصل المصعد وهبطت إلى الصالة وذهبت إلى المقهى حيث كان صديقي ينتظر .إعتذرت له عن التأخير حيث نمت بعمق بعد الطعام الشهي الثقيل ، مما إبتسم وقال لا مانع !

طلبنا على القهوة وأحاديث جمه خلال الجلسة التي طالت إلى العشاء وبعدها السهرة  ، وعرفت منه أشياءا كثيرة وقعت له  يقشعر لها البدن ،  وكيف الآن بأثينا اليونان مهاجرا  معدما بالكاد قادرا على العيش يعاني مع أسرته وبناته الثلاث يعيش في عمارة على السطح مساعدة من أصهاره حيث خسر كل شيء بالجزيرة " قبرص" نتيجة الإجتياح التركي ومطلوب للعدالة في الجزء التركي حيث بيته  لأنه كان من ضمن رجال المقاومة ضد الغزو …
خسر مكتبه وشركته حيث شريكه  بالعاصمة نيقوسيا إستولى على كل شئ من الرأسمال والموجودات  ولم يترك له أي شئ ليعيش مما كره الوضع والمطاردة من الأتراك  وجاء إلى أثينا لبر النجاة كما قال وهو يحكي قصته الحزينة مما تعاطفت معه حيث تربطني به صداقة وأخوة سنوات من العمل والعيش والماء والملح وزرته عدة زيارات في الجزيرة وكان نعم المضيف في الإستقبال حيث الرجل صادقا وكريما إلى أقصى حدود الكرم ، والآن بحاجة لمن يقف معه في أزمته! 

قررت الوقوف معه حيث الآن ساعة الضيق ويحتاج إلى العون مهما كلف الأمر ، وكانت ظروفي المادية وقتها ميسرة ، وقلت له أنا صديقك وأخوك من الدهر وفي الخدمة ، وماذا ترغب وتريد أن أعمل لك في حدود إمكانيتي وإستطاعتي !  وقال إذا بالإمكان مبلغا من المال كرأسمال البداية وأنشأ شركة تصدير مشاركة بالنصف معك سوف أكون سعيدا ، وأبدا حياتي من جديد وقلت له لا مانع ، وكنت أرغب في الرجوع إلى ليبيا في اليوم الثاني ، ولكن أجلت السفر أسبوعاً حتى أنهي وعدي له … وكانت الأمور ميسرة حيث اليوم الثاني  ذهبنا إلى محامي وسجلنا توثيق شركة جديدة إسمها " الغزال " وبحثنا عن شقة ووجدنا مكتبا كبيرا شاغرا   به 6 حجرات مكاتب في الدور الثاني بإحدى العمارات المواجهة للحديقة قرب ميدان الدستور مما الموقع كان جيد جداً وصعب الحصول عليه وتم الدفع مقدما لمدة  سنة وإستلمنا المفتاح وكما قلت جميع  الأمور ميسره  من أول لحظة حيث الحظ كان الحليف لنا في كل خطوة  ، وإشترينا الأثاث وطلبنا خطوط الهواتف وصندوق البريد وتم التجهيز والترتيب للمطبوعات والأدوات المختلفة  وكل شئ كان جاهزا  في خلال أسبوع 

إستعان بعدة موظفين من معارفه السابقين ذوي الخبرات السابقة في ميدان التصدير ، وعين سيدة في منتصف العمر كمديرة للمكتب يثق فيها بعمق وقادرة على المهمة ، ودفعت الرأسمال المطلوب وحضرت الإفتتاح وغادرت إلى درنة  ليبيا وأنا متمنيا له النجاح فهذا الإنسان يستحق كل الخير !   وقبل سفري أكدت عليه كثيرا بأن لايذكر إسمى ولا يشكرني على الوقوف معه ولا يذكر أمام أي أحد من الليبيين أو غيرهم من الأصدقاء والمعارف أنني شريك معه خوفا من اللجان الثورية والعيون المدسوسة من الوشاة المندسون في كل مكان مما لا يخطر على البال ، حيث دولتنا ليبيا وقتها  دولة مؤسسات مخابراتيه تعتمد على الدس والفتن وليست لها أساس سليم وتشجع رجال الأعمال الليبيين …  بل تكره أي ‘نسان له رأسمال غير موال لهم  خوفا من أن تستغل الأموال ضدهم في العمل السري يوما من الأيام .

رجعت إلى ليبيا وأنا مسرور سعيد حيث أوفيت بالوعد والعهد … وبعض الطلبات للشراء من  الخارج للأصدقاء والمعارف بدون أن يدروا ويعلموا أنني شريك به وجهتها للمكتب وتمت بنجاح ، وسارت الأمور على أحسن مايرام وكل يوم للأحسن وبدا الدم يجري  في العروق والشرايين  لدى الصديق المهاجر والشريك الوفي  حيث بدأ  في وضع أقدامه على سلم  الفوز والنجاح وشق الطريق إلى أعلى المستويات 
وبدأت صغار الأمور والفقاقيع تظهر على السطح حيث لا شعوريا في كثير من الأحيان ينسى نفسه  ويشكر في شخصي وأنني وقفت معه في ساعة الضيق والعسرة نظير العشرة الطيبة …  وأنني شريك معه وزاد الهمس عن الحد حيث الكثيرون من أبناء درنة يترددون على المكتب لبعض الأعمال ويتقصون الأخبار ولا أضمن البعض منهم  حيث ممكن يكونون وشاة ، يدسون أخبارا خاطئة و إفتراءات، وأنا لا أعلم 

خفت في ليبيا من أن يصل الأمر إلى أذان خبيثة لا تتورع عن الإفشاء والكذب والتهويل وبالتالي يتم القبض والتحقيق وتضيع السمعة ويتوقف الحال وكل أعمالي في الوطن تتوقف  نظير شركة اليونان البسيطة الحديثة ، التي مازالت في المهد ! 

في يوم كنت باليونان وإتفقت معه أن أتنازل له عن كل شئ برحابة صدر وبرضائي التام حتى لا أضيع في ليبيا ولا أضع شبهة عليه مما سوف يوقفون أية أعمال مستقبلية  معه نظير علاقتي معه ، وأن يدفع رأسمالي الذي دفعته  على دفعات طويلة الأجل عندما تسمح الظروف له  يوما من الأيام 

لم أعرف القدر وما تخبئه لي  الأيام من غدر وأنني عن قريب سوف أصاب بالدمار والخراب نظير التأميم والزحف وأصبح معدماً مثله طريدا مهاجرا بدون وطن ، حيث دورة الزمان مستمرة إلى الأمام  والتاريخ يعيد نفسه كما حدث له ، سوف يحدث لي بالمستقبل القريب وأنا لا أعلم !  ولولاها لن أتنازل عن الشركة تحت أي ظرف كان ،  فسبحان القدر ومغير الأحوال من حال إلى حال ، حيث تلاقينا بعدها في ظروف أخرى بعد مرور أكثر من عقد ونصف من الزمان ، أليست بأمور تحير العقل مهما حوى من علم وإبداع! 

خلال تلك المدة إتصل السيد فرانك دروهان من مدينة نيويورك بالمكتب في درنة يسأل عني حيث أعطوه رقم الهاتف بالفندق إنتركونتنتال جنيف سويسرا حيث اقيم وقتها لعدة أيام ، وكنت دائماً على إتصال بالمكتب يوميا  وأعطيهم أرقامي حتى يتواصلون معي في حال أي موضوع مهم من أعمال أو مرض لأي أحد من العائلة 

مما إتصل بي رأسا وعرفت منه أنه ترك شركة بيدل  والآن عاطل بدون عمل وإذا كنت مازلت في كلمتي لنعمل معا حسب الوعد والعهد الذي قطعته له عندما كنت في نيويورك العام الماضي زائرا للشركة بخصوص عقد تزويد الجيش بالألبسة والمعدات مات ، وكنت نائما القيلولة بالفندق عندما إتصل بالهاتف وقلت له موافق مبدئيا ولكن الشرح حتى نتلاقى حيث غير مستعد للنقاش المهم على الهاتف وأنا لغتي الإنجليزية وقتها ركيكة ولكن مفهومة ، وقال نعم سوف أحجز تذكرة الطائرة وأكون غداً بالصباح في جنيف سويسرا وقلت له أهلاً وسهلاً 

بالمساء حجزت له غرفة بالفندق عندما يأتي بالصباح الباكر متعبا مرهقا  من الرحلة الجوية الطويلة ، وداومت لقاءاتي وأعمالي كالعادة حيث لدي صديق جزائري رجل أعمال إسمه إبراهيم تعرفت به مصادفة في أحد المطاعم في مدينة إستوكهلم السويد مع الرفيق جاب الله مطر  عندما كنا في زيارة إلى شركة " ليندين اليماك " المصنعة  الروافع العالية للبناء والتشييد والذي أعطانا بطاقته أنه مقيم في ضواحي جنيف سويسرا  

تم الإتصال به وهو قادم لزيارتي ، وإنتظرته بالمقهى بالطابق العلوي للفندق حتى وصل ، وكان لقاءا غير عادي حيث الرجل يعيش في عالم آخر جميعه إتصالات على المستويات العالية وبذخ زاد عن الحد لا أستطيع أن أجاريه فقد كان يعمل في تجارة السلاح ، حسب ما عرفت بعدها ، وهذا العمل ليس من ضمن إهتماماتي فانا لا أؤمن بتجارة الدم والآلام  والموت ، بل أسعى وأريد العمل النظيف وقرش الحلال بحيث أنام الليل مرتاح  قرير العين في هناء بدون هواجس ولا وساوس من أي تأنيب للضمير أو خطر الملاحقات من أي جهة أو عيون …
أثناء الحديث الشيق قال لي أنه داعيا مضيفا لحفلة عشاء الليلة بالفندق والدة السيد عدنان الخاشيجقي  الثري السعودي المعروف عالميا في تجارة السلاح وأخوه الأصغر وأنا مدعو كذلك للعشاء مما وافقت وحضرت العشاء وتعرفت على  أخيه الذي لا أذكر اسمه الآن ولا إسم والدته من طول المدة ،  وكان عشاءا فخما لذيذا  وجلسة حلوة تناولنا فيها الكثير من أحاديث المجاملات حتى تم العشاء واكل الفاكهة والحلويات وشرب  الشاي والقهوة حتى ودعناهم ، وذهبت معه للسهرة في أماكن ونوادي خاصة لا يعرفها ولا يدخلها إلا الأعضاء من السراة ورجال الأعمال الأثرياء وسادة القوم ذوي المناصب العالية مما لها جوا خاصا غير عادي ،  وكان الإنسان يعيش في أحلام مذهلة أيام  الخليفة هارون الرشيد وقصور بغداد وقصص ألف ليلة وليلة ، وأنا لا أدري حيث زرت جنيف سويسرا عشرات المرات  ،  أن بها هذه النوادي وعلب الليل الفخمة 

رجعت الساعة الثانية صباحا وأنا مرهق من السهرة الجميلة حيث شاهدت الكثير وتعرفت على شخصيات ورجال أعمال ممكن تفتح آفاقا كثيرة للأيام القادمة المستقبلية .
حوالي الساعة الثامنة صباحا وأنا في عز النوم أيقظني رنين الهاتف حيث صديقي الأمريكي السيد فرانك دروهان  وصل من نيويورك وقلت له لديك حجز بالفندق ، أرتاح وأنام  من عناء السفر وفرق التوقيت وسوف نتقابل الساعة السادسة مساءا بالمقهى بالروف بأعلى الفندق مما وافق ، حيث يريد الراحة والنوم حتى يركز في الحديث وقت اللقاء.

نهضت من الفراش وجهزت نفسي وإفطار جيد بالغرفة وبعدها ذهبت إلى مواعيدي الكثيرة ولم أرجع للفندق إلا حوالي  الساعة الرابعة حيث بعض الراحة والساعة السادسة بالمقهى أنتظر السيد فرانك الذي وصل في الميعاد ، ولقاء جيد وأحاديث كثيرة من جميع الواجهات والإتجاهات من عامة وسياسية وأعمال قبل أن ندخل في صلب الأعمال والغرض من المجئ واللقاء بيننا  ، ومن خلال الحديث عرفت الكثير وأنه ترك الشركة بمحض رغبته حسب ماقال لي من حديث 

انه يريد أن يعمل عملا تجاريا حراً خاصاً بدل أن يكون موظفا في أحد الشركات حيث لديه عدة عروض للعمل ولكن لا يريد أن يرتبط مع أي واحدة  قبل الحديث معي ، وشرح لي أنه لديه علاقات كثيرة مع شركات عديدة ومهتم بالأعمال خارج أمريكا وبالأخص مع الدول العربية الغنية مثل الكويت والخليج والسعودية أو ليبيا أم الجزائر ،  ومستعد للسفر والتنقل إلى أي مكان من هاته الدول الذي ذكرها ، حيث مازال أعزبا غير متزوج وليست له أي إرتباطات حتى توقفه عن الحركة مثل الكثيرين أرباب العائلات غير قادرين على الحركة والسفر الطويل براحة نظير الإلتزامات العائلية  الملقاة على أكتافهم مما تعيقهم عن العمل في كثير من الأحيان  في دول بعيدة عن أمريكا 

رجب المبروك زعطوط 

البقية فى الحلقات القادمة 

No comments:

Post a Comment