بسم الله الرحمن الرحيم
شاهد العصر
53
حطت بنا الطائرة مطار العاصمة طرابلس واستلمت الحقيبة وركبت سيارة أجرة الى عنوان ابن الخال وزيادة فى التمويه اخترت الشارع الذى خلفه حيث يقيم احد المسئولين من رجال الأمن وبدا السائق يسال فى أسئلة كثيرة عن الوضع العام فى الشرق وبالاخص فى مدينة درنة وانا ارد عليه باقتضاب لانه لدى العلم وعارف ان معظم سائقى عربات الأجرة مخبرون وشاة للامن حيث لا يستطيع المواطن الحصول على رخصة تتيح له القيادة كسائق عربة أجرة حتى يصبح احد عيونهم فى نقل الاخبار وتواجد الاشخاص وأين عناوين هبوطهم وملاحظة أية تصرفات خاطئة حتى لو كانت بريئة بدون قصد ،،، و يجتاز الامتحان العسير من يوافق عليه الأمن والمخابرات ،،،
و قلت له مراوغا ان الأوضاع سليمة والخير كثير وأننى قريب ،،، ابن عم للمسئول الكبير القاطن بالعنوان الذى طلبت منه توصيلى له ،،، مما خاف السائق وسكت عن الأسئلة اللحوحة الفارغة حتى لا يتورط فى الامر ،،، واسترحت من أسئلته العقيمة التى تدل على الغباء ولا يعرف كيف يتوصل الى المعلومات القيمة من الركاب ،،، لانه غبى غير مدرب التدريب الجيد حسب التوقعات ،،،
وصلت للعنوان المطلوب وتوقف السائق مشيرا الى السكن ودفعت له قيمة الأجرة وتوقفت حتى تأكدت انه غادر الشارع وسرت حتى الركن ومنه استمريت للشارع الاخر حيث ابن الخال يقيم ،، وضربت الجرس وبعد دقائق فتح الباب وكان صابون الحلاقة على وجهه حيث يقيم لوحده بعد ان طلق زوجته ،،، وفرح بى كثيرا حيث حنون جداً ذو عواطف وحس مرهف ،، ودخلت البيت والكمل الحلاقة بسرعة وشربنا القهوة وقلت له اين جواز السفر ،،؟؟
ورد على بهدوء انه مازال لدى إدارة الجوازات وكانت صدمة غير متوقعة ،،، وقلت له اننى اريده بسرعة لاسافر اليوم او الغد للخارج حيث لدى صفقة كبيرة ولا اريد ضياعها مما تعاطف معى وقال سوف نمر على الجوازات واستلم جواز السفر من المدير العام السيد عمر اقويدر ،،، مخابر بالهاتف مكتبه وقال للسكريتيرة انه غير قادر اليوم على الحضور للمكتب حيث لديه مشاغل مع العائلة والأقارب ،،،
لم اتركه يرتاح لحظة وركبت بجانبه الى ميدان الشهداء وقتها حيث وزارة الداخلية والجوازات وتوقف وغادر السيارة وانا بها ادخن بنهم وقلق حتى يتم الامر وياتى الفرج ؟؟؟ وغاب حوالى الساعة ثم وصل ومعه جواز السفر ،،، وطلبت منه الرسالة المرفقة وانه يسمح لى بالسفر من المباحث العامة بالجوازات حيث من غيرها لا استطيع السفر ،،،
وذهب مرة اخرى وغاب بعض الوقت وأتى بالرسالة مغلقة مما فرحت من الامر حيث الامور ميسرة ومازال على عمل الكثير ،،، اهمها الحصول على رسالة من بنك ليبيا المركزى بالسماح بالسفر ،،، لان الاسم موجود من ضمن رجال الاعمال الممنوعين من السفر ومن غيرها سوف اتعب وممكن الرفض ؟؟
وبعد جهد جهيد وواسطة من صديق وابن عم بالقبيلة التواجير السيد " عبدالجليل لياس " رحمه الله تعالى ،،، تحصلت على الرسالة تقول انه لامانع من سفر المذكور لرحلة واحدة ،، وبسرعة الى البنك قبل ان يقفل ابوابه حيث يوم الخميس الى الساعة 12 ظهرا العمل مع الجمهور وكان الباب مقفلا ودخلنا للبنك من الباب الخلفى حيث يعرف ابن خالى المدير ،،، وبوساطة تم أخذ عملة صعبة بقيمة الف دولار المسموح بها وقتها لاى مسافر يريد ان يغادر ليبيا ٤،،
وشربنا فنجان قهوة مع المدير وتعاطف معى اننى اريد السفر غداً ولا استطيع التعطيل وامر بالصرف وتحجج الموظف انه تم قفل حسابات التحويل ورد المدير ادفع المبلغ واجل المعاملة الى يوم السبت مما استلمت المبلغ الزهيد وخرجت من البنك فرحا مسرورا ،،
مازال أمامى عقبتين فقط الحصول على التأشيرة الايطالية وشراء التذكرة ،، ووصلنا الى مبنى السفارة والقنصلية الايطالية ووجدت الأبواب مقفلة مما جننت من الامر ،، اعمل كل هذه الاشياء فى وقت قصير واصطدم بقفل الأبواب للقنصلية ،،
والبركة فى الأصدقاء والمعارف وتم الاتصال الجانبى من احد المعارف الذى له علاقة قوية بالقنصل الايطالى وحدد موعدا بالقدوم الساعة الرابعة الى باب القنصلية ،، وحسب الموعد كنا امام الباب حيث فتح من قبل احد الحراس وطلبنا بالاسم ودخلنا حيث قابلنا القنصل وتم إعطاء الجواز وعبات النماذج والصور وخلال نصف الساعة كان ألتاشيرة جاهزة ،، وتسلمت الجواز وانا اكاد أطير من الفرح ،،، وشكرت القنصل مما ابتسم ؟؟
ذهبت الى مكتب الطيران للخطوط الايطالية للحصول على تذكرة بالغد حيث توجد رحلتان فقط الى روما ايطاليا من طرابلس ،،، الطائرة اليتاليا الايطالية وشركة الخطوط الليبية وجميع المقاعد محجوزة لدى الشركتين لمدة 15 يوما قادمة وحاولت قدر المستحيل وعلى اى درجة وباى سعر ولكن الصد والمنع لا سبيل للسفر مما غضبت وقلت سبحانك رب العالمين من البارحة وانا يقظ بدون نوم اكاد اسقط من الإعياء والإرهاق والتعب وانا اكد وأتعب من مرحلة الى اخرى حتى اسافر واهرب من ليبيا الوطن ،، حتى لا يتم حجزى وسجنى واتم جميع المعاملات المطلوبة للسفر وأتى لآخر شئ ولا حجز لاى مقعد ؟؟؟
وقررت ان أمضى فى الخطة البديلة واذهب الى المطار واسافر الليلة الى بنغازى ومنها بالسيارة الى المنطقة الشرقية الى واحة الجغبوب التى تبعد وقتها من مدينة بنغازى حوالى 700 كم ،،، وعبور الحدود مشيا على الأقدام الى واحة سيوة داخل الاراضى المصرية مع احد الإدلاء الليبيين الذين يعرفون كيف يمرون من حقول الألغام المزروعة بين الدولتين نظير الصراع الاجوف الخاطئ من مجنوننا المريض القذافى ضد الرئيس محمد أنور السادات رئيس جمهورية مصر ،،، مخاطبا بالحياة والموت من لغم ،، بدلا من الأسر والسجن ،،،
وطلبت من ابن الخال ان يوصلنى الى المطار حتى اذهب الى بنغازى لتنفيذ الخطة البديلة بدون ان يعلم حيث كما قلت بالسابق حسه مرهف لا يحب التحديات ولا العنف ولا يخترق ويخالف القانون تحت اى ظرف كان ؟؟؟ ووافق بشرط ان يمر على صهره اخ زوجته على مااعتقد اسمه " الطاهر ألتومى " ليعطيه بعض أشرطة الفيديو التى استلمها منه وحاولت صده ولكن أصر مما وافقت وانا أغلى بداخل النفس واحترق على التعطيل وهو لا يعرف مدى خيبة الأمل لدى حيث لم اتحصل على مقعد بالطائرة لاسافر ؟؟
ودخل الى الحى الشعبى الذى يسكن فيه صهره وكان من ضمن احياءً مدينة طرابلس ولا اعرف اين بالضبط حيث طوال الوقت كنت ساهما افكر وهو يقود فى السيارة وانا فيها معه بالجسد ولكن الفكر والعقل فى اماكن اخرى اخطط كيف أفوز وانجح واهرب ؟؟؟
وأخيرا توقف فى ركن امام عمارة سكنية وأخذ من الشنطة حزمة من شرائط الفيديو وذهب لصهره ليعطيها له وانا ادخن بنهم فى السيجارة وراء الاخرى حتى لا أ تفجر من الغيظ والغضب اننى وصلت فى المرحلة الاخيرة فى انهاء المعاملات واصطدم بالأخيرة التافهة التذاكر ولا اجد مقعدا شاغرا ء،،، أليس بسوء حظ ومأساة ؟؟؟ ان اضطر الى تغيير المخطط واعمل على الخطة البديلة حتى أفوز وانجح ،،،
ولم انتبه من شرود الأفكار حتى سمعت صوت صهر ابن الخال الذى قال تأتى الى امام باب البيت ولا تدخل ؟؟ ام انا لست فى المقام ؟؟ مما طعننى فى الصميم وقلت له حاشا الله تعالى ولكن مهموم مشغول بامور كبيرة واريد السفر ولم اتحصل على تذكرة للرحلة ،، وابتسم وقال لا تؤاخذنى انزل واشرب فنجان قهوة وارتاح ،، وغدا باذن الله تعالى يوم الجمعة وسوف تسافر من المطار حيث لدى اصدقاء لن يرفضون لى اى طلب ؟؟
وشعرت اننى فى بئر عميق وها يمد لى حبل الانقاذ لأصعد الى اعلى وأشم الهواء واسعد وافرح وقلت له بلهفة هل انت متأكد وقال نعم اذا احيانى الله تعالى للغد ،، ونزلت من السيارة ودخلت بيته وشربنا فنجان قهوة واحاديث عامة وطلب منى البقاء والضيافة والعشاء ولكن اعتذرت للرجل حتى لا اثقل عليه الوجود حيث شاهدت ان الظروف لا تسمح ،،،وغير مستعد ،،،
تم الاتفاق ان انتظر الى الغد ولا أسافر الليلة الى بنغازى وعللت الامر انه فى حال لا سفر بالغد ظهرا ممكن تطبيق الخطة البديلة حيث لدى ليلة الجمعة ،،، مما ارتاحت. النفس قليلا وقلت لها الصبر لا مانع من المحاولة ؟؟؟
طلبت من ابن الخال ان امر على شريكى الأمريكى السيد فرانك دروهان فى شركة الريف المقيم وقتها فى فندق الشاطئ ،،، حيث وجدته وأقمت معه وطلبت من ابن الخال ان يمر غداً حسب الوعد والعهد من صهره السيد الطاهر الساعة الثامنة صباحا لأذهب الى المطار ،، وذكرت ابن الخال ان الموضوع مهم ولا ينام صباح الجمعة بعد سهر طويل ولا يهتم بى مما سوف اصبح فى ورطة وتضيع مصالح كبيرة على نظير التأخير ووعد وعدا قاطعا بانه سوف ياتى فى الميعاد ،، وتركنى مع السيد فرانك لأقصى الليلة ،،
حيث الطلب بقصد مبيت بالنفس لانه سهل عليهم ايجادى بسرعة فى طرابلس حيث اول مايبحثون عنى لدى الأقارب والأنساب والأخوة الأصدقاء ولا يخطر على بالهم اننى مقيم فى فندق بدون ان اسجل الاسم لدى صديق امريكى لا يستطيعون إزعاجه او المساس به ،،،
طوال الليل وانا اتقلب فى الفراش بدون نوم استعرض فى جميع الحالات وما مر بى من مصائب وأحزان وظلم وقهر ،،، اريد ان اجد مصطلح واحد حتى تهدا النفس ،،، لماذا هذا الحقد علينا كتجار ورجال اعمال ،،، هل لأننا أثرياء ؟؟؟ ماذا فعلنا حتى يكرهنا من صميم القلب هذا الانسان الغير السوى المريض ؟؟؟ اننى لا اعرف ؟؟
كل بعض الوقت أتطلع الى النافذة هل جاء الضياء ام لا ؟؟؟ هل أشرقت الشمس ولكن عقارب الساعة فى نظرى لا تتحرك ،، حيث اريد ان اقف وانتظر قدوم الجماعة لنذهب للمطار واصعد الطائرة واسافر الى اى وجهة ،،، المهم مغادرة عرين الشر والشرور ؟؟؟
أخيرا بعد انتظار طويل أشرقت الشمس وعم الضياء رويدا رويدا ونهضت من الفراش وجهزت النفس وعملت فنجان قهوة وبدأت اليوم الجديد باول سيجارة اشعلتها والأفكار تعصف هل سوف يحالفنى الحظ طوال الوقت كما حالفنى حتى الان ،،،، واهرب امام اعينهم والأمر بالحجز والقبض معمم فى كل مكان ؟؟؟
المهم خرجت للشارع منتظرا ووقفت أتطلع لكل من يدخل ويخرج من الفندق حيث مكان الإقامة مقابل الفندق " استوديوهات " خاصة وتابعة للفندق لمن يرغب فى الإقامة الطويلة ،،، اشاهد فى الكثيرين من الأجانب وهم فرحى وهم مغادرون الفندق ،،، اما للسفر او لقضاء العمل حيث ليبيا وقتها بقرة حلوب بها جميع الخير ،،، وابناء الشعب معظمهم سذج مخدرون بمقولات العقيد التى اثبتت الايام انها متاهات ومهاترات وكذب وزيف ،،
ومرت الدقائق والساعات وانا انتظر بفارغ الصبر وحل الميعاد وفات الوقت وانا أغلى بالداخل كالقنبلة الموقوته جاهزا للانفجار ،، حيث ابن الخال تأخر ،، وليس مثل الان يستطيع الانسان ان يتصل حيث الهواتف النقالة متوفرة فى كل مكان ،،، اما بالماضى فقد كنا نعيش فى ظروف صعبة لها طابع خاص من عدم الحصول على الاتصالات السريعة فكل زمان وعصر له وقته الحسن والسئ ،،،
وجاءت الساعة التاسعة وشاهدت مقدم السيارة عندما دخلت الى الشارع وشعرت بالفرحة العارمة بدون ان أدرى ،،، وودعت شريكى الأمريكى بسرعة واخذت الحقيبة وحييت ابن الخال وصهره وركبت السيارة بدون عراك على الصبح حيث متوكل على الله عز وجل ليفتحها فى الوجه حتى أسافر بدون عقد ولا مشاكل ،،،
أخيرا وصلنا الى المطار وكان الزحام على اشده فالمسافرون أعدادهم تزيد وتزيد كل دقيقة والرحلات طوال اليوم طائرتين فقط الى روما ايطاليا ،،، وفكرت فى النفس قائلا هل سوف يصدق الصهر واتحصل على تذاكر السفر حسبما وعد واسافر ؟؟؟
دخلنا الصالة المزدحمة بالمسافرين وغاب الصهر وسط الزحمة وانا ممسك بالحقيبة وجواز السفر والرسالة المرفقة ،، حيث البارحة فتحت الرسائل بواسطة بخار براد الشاى بطريقة فنية ونسخت منها عدة نسخ على الطابعة حيث سوف احتاجها يوما من الايام ،، والنسخ موجودة حتى الان شواهد على الظلم والتعسف والسذاجة ،،، كيف يسمح بإعطاء رسائل لأناس مطلوبين للعدالة ويقولون ويكتبون لا مانع من السفر لرحلة واحدة وبعدها يتم المنع ؟؟
فى نظرى قمة الخطأ والسذاجة ،، حيث اى انسان يعرف الامر ويستطيع السفر سوف يبقى بالخارج ولا يرجع ؟؟ لانه يعرف عندما يرجع سوف يهان ؟؟ أليس الامر بمستهجن ؟؟ اننى لا اعرف ولكن هذا المريض حكمنا نظير ضعفنا وسذاجتنا وطيب القلوب اكثر من اربعة عقود ونيف أليس الامر بمأساة ؟؟ ونحن ندعى اننا عالمين ونعرف كل شئ ؟؟؟
رجع الصهر وقال ياحاج هل تريد السفر بالدرجة الاولى ام سياحية ،، وخلال جزء من لحظة اعتقدت انه يستهزا بى واريد ان اسلقه بسلاطة اللسان حتى يصبح فى حجمه حيث وضعى وحالتى النفسية لا تسمح باى نوع من الهزار وانا اكافح من اجل الحفاظ على الحرية وعدم القبض والحجز من هؤلاء المجرمين غوغاء اللجان الثورية والشعبية ،،،
ولكن الله تعالى الهمنى الصبر ورباطة الجاش وقلت له درجة اولى وقال هات 40 دينار واعطيته المبلغ وانا غير مصدق الامر وغاب حوالى عشرة دقائق واحضر لى التذكرة وبطاقة الصعود على الخطوط الجوية الايطالية " اليتاليا " وانا غير مصدق الامر ،، كيف يتحصل هاكذا بسرعة ان لم يكن له واسطة قوية ،،، او هو شخصية معروفة من اللجان الثورية اننى لا اعرف ؟؟؟
ولكن فى جميع الحالات له عظيم الشكر والامتنان على وقوفه ومساعدتى وقت الضيق ،، وبينما انا مندهش من الموضوع حيانى فجأة صديق أيطالى السيد " تاتفرنا " الذى كنت أتعامل معه واعرفه جيدا فقد كان يعمل فى مكتب للسيد " نورى بن كاطو " الذى ربطتنى به علاقة أخوية وصداقة وتعامل تجارى ،،
وترجانى ان أساعده فى الحصول على تذكرة للسفر الى ايطاليا حيث له مدة يتردد على المطار ولا يستطيع السفر ؟؟؟ وقلت له سوف اعمل ما بجهدى ،،؟؟ وقلت للصهر بمرح على الطريقة الشعبية الليبية ،، لقد خيطت القفطان وتحصلت لى على تذكرة سفر ولا تنس " الكم " للذراع واحتاج الى تذكرة اخرى مما فهم الموضوع واعطيته أربعون دينارا اخرى وجواز السفر الايطالى وغاب ربع ساعة واحضر التذكرة وبطاقة الصعود الحمراء مما السيد " تافرنا " كاد ان يسقط من الدهشة ،، كيف هذا العامل البسيط يستطيع عمل الكثير ،، وقلت له ممازحا هل نسيت ان من ليبيا ياتى الجديد ،، مما سكت عن التساؤلات ،،
وقلت له ابتعد عن جوارى حيث العيون تراقب وفى حالة منعى من السفر لا اريد اى تعطيل لك ؟؟ وسوف نلتقى فى الطائرة حيث سوف نجلس جنبا الى جنب ،،، مما فهم الموضوع وتركنى ومضى لحاله ،،
ودعت ابن الخال والصهر ولم اعلم وقتها انه سوف يكون الوداع الاخير للصهر ولن التقى به فى هذه الدنيا الفانية فعندما رجعت بعد سنوات عديدة سالت عنه ابن الخال لاشكره على موقفه النبيل المشرف ساعة العسرة والغسرة وقيل لى انه توفى وانتقل الى رحمة الله تعالى ،، ارجو من الله عز وجل ان يغمره بالرحمة والسلوان .
اصطفيت فى الطابور لاسلم الحقيبة واختم بطاقة الصعود الحمراء التى معى حتى وصلت للدور وتم تسليم الحقيبة والختم بسهولة من غير اى عوائق ،،، ومررت على الجوازات للختم حيث تطلع الموظف للجواز بدقة وقلب جميع اوراقه وهو يراجع ولما تأكد ان كل شئ سليم وليس الجواز مزور او به اى كشط وتلاعب ختم عليه بختم صغير وطلب الرسالة ونفس القصة استلمها موظف اخر بلباس الشرطة وتطلع لها وعندما تأكد ختم على الجواز بختم اخر ،، وطلب منى الدخول الى غرفة اخرى حيث بها حراس خاصون من بوادى بلدة سرت يراقبون ويتابعون وهم الاساس للسماح لاى مسافر ،، اما ان يسافر او يرجع وهو مكبل الايدى محجوز ممنوع من السفر يذهبون به للمعتقل .
وطلبت الله عز وجل ان ينجينى منهم على خير وسلام ودخلت بكل الهدوء ورباطة الجاش الى الغرفة الكبيرة الواسعة حيث ثلاثة من رجال اللجان الثورية باللباس العسكرى المتسخ والقذارة والوسخ علي وجوههم والروائح الكريهة تعبق من أجسامهم من عدم النوم والإرهاق والتعب ،، وأمام احدهم على الطاولة سجل كبير ضخم بع مئات الاسماء الممنوعين من السفر ،،
وألثانى كحرس فى الركن مسترخيا على كرسيه واضعا قدميه على حافة النافذة وبقربه بندقية الكلاشينكوف جاهز لاطلاق الرصاص على اى مسافر يقاوم او يحاول الهرب ،، والثالث للتفتيش سليط اللسان بحيث يجعل المسافر الضعيف يغضب بسرعة من الكلام القذر والنعوت الساخرة حتى يفقد العقل ويتكلم ؟؟ وهذا هو المطلوب ؟؟؟
ووجدت الحقيبة بالداخل على طاولة اخرى ،، وقلت السلام عليكم ؟؟ ولم يرد اى احد منهم على السلام حيث هؤلاء جهال أجلاف لا يعرفون الكياسة ولا الادب ،، وأومأ لى بعجرفة وتكبر وغرور ان اعطيه جواز السفر وتطلع وشاهد الأختام وفتش الحقيبة تفتيشا دقيقا بالداخل والخارج لجميع زواياها على الأمل لوجود اى شئ او عملة يراد تهريبها ،، ولم يجد اى شئ مخالف غير الثياب وادوات الحلاقة وترك الحقيبة وقال اخلع الثياب وكل قطعة أخلعها يأخذها ويفتش فيها باصابع خبيرة مدربة على التفتيش ،،،
واثناء الخلع كان يسخر بعبارات تافهة تدل على قلة ووضاعة الاصل حيث التاجر وقتها له كناية اسم " عمر " والمقاول له كناية اسم " مفتاح " وقال هنيئا لك ياحاج انت " الحاج عمر والحاج مفتاح " معا ،، بحيث القصد منها اننى تاجر رجل اعمال ومقاول .
واثناء التفتيش وهو مركز ومطرق على البنطلون يفتش ،،، خلعت اخر قطعة السروال الداخلى بحيث اصبحت عاريا كما ولدتنى امى وقال باستغراب " تحشم " وقلت له بنبرة ساخرة غاضبة انت الذى قلت اخلع الملابس ؟؟ مما ضحك زميلاه من الموقف ولبست السروال الداخلى بسرعة وأعطانى الثياب مما رصصتها فى الحقيبة بدون اى تنظيم لها ،، وختم على الحقيبة بخط كبير من طباشير ابيض ،،
وسلم جواز السفر للموظف الجالس على الكرسى الذى أمامه السجل الكبير للمراجعة الاخيرة ،، وكنت واقفا بجانبه أتطلع الى الاسماء من غير ان يدرى ؟؟ ومر على الاسم بدون ان ينتبه وتوقف القلب عن النبض وصرخت فى السر مناجيا قائلا " يا الله " داعيا بان يكرمنى وهذا الجاهل لا يشاهد الاسم المكتوب ،، وقلب الصفحات الكبيرة مرتين أخريين ولم يشاهد الاسم وكانه أصيب بعمى فى النظر ،، وانا اقرأ فى السر سور من القران الكريم ،، مما أعماه الله عز وجل عن الرؤية والنظر واكتشاف الاسم المسجل بحروف واضحة ،،، وأخيرا ختم على الجواز الختم النهائى الكبير باللون الاخضر حيث يسمح لى بالسفر ،، وطلب منى حمل الحقيبة والمغادرة الى الغرفة الاخرى .
خرجت الى الممر وسلمت الحقيبة مرة اخرى مما تم أخذها واعطائى الإيصال ،، ومشيت بخطوات بطيئة فى الممر الطويل وبعدها الدرج الى المقهى فوق للسفر ،، وجلست على طاولة وطلبت فنجان قهوة وكان بعيدا عنى الايطالى السيد " تافرنا " يتطلع الى وانا لم أحاول التطلع له حيث انا متأكد اننى تحت المراقبة من عيون خفية ،،
وأخيرا اعلن عن الصعود الى الطائرة ونهض الركاب والواحد وراء الاخر يمرون على رجال الأمن للتأكد من عمل الإجراءات السليمة ومررت بسهولة من غير تعطيل وعقد وكان المقعد الخاص بى الاول فى المدخل وبجانبى السيد تافرنا وهو غير مصدق انه على متن الطائرة ،، وتعداها فترة طويلة فى الانتظار ،، وكل مرة يدخل احد رجال الأمن يمشى خطوة خطوة يتطلع الى وجوه الركاب وبعض الاحيان يطلب بايماءة من احد الركاب للخروج للمراجعة وكان الذى يقف ويخرج لا يرجع ؟؟ ويصعد بدله ،،
مما بدات اعرق بعرق بارد بدون وعى ولا شعور وشعرت بإحساس قوى انه ينساب فى الجسم من اعلى العنق الى اسفل الظهر ،، انتظر الامر بالخروج فى اى لحظة من المراقبين رجال الأمن واللجان الثورية الذين يمرون يتطلعون فى وجوه المسافرين بدقة بحثا عن بعض المطلوبين ،، ولم ارتاح واطمئن حتى خرج الجميع وتم غلق الباب للطائرة مما تنفست الصعداء وكان حملا ثقيلا أزيح عن كأهلى ورجع النفس الى الصدر وكتبت لى الحياة ؟؟؟
أخيرا بدات الطائرة تتحرك على المدرج ببطء ثم زادت السرعة رويدا رويدا وبعد لحظات كنا نصعد فى الجو ،،، وشاهدت عاصمتها طرابلس تتوالى ببطء ورفعت يدى لها محييا من غير ان اشعر وقلت لها تحياتى باليبيا ياامى الحنون ،،، الوداع الوداع ،، سوف اعمل واجتهد واناضل الشر المريض العقيد المعقد حتى ارجع يوما ظافرا منتصرا ،،، وكان هذا اليوم ،، يوم الجمعة حوالى الساعة الثانية ظهرا 21/3/1978 م يوم الهروب الكبير ،،،
رجب المبروك زعطوط
البقية فى الحلقات القادمة …