Friday, September 28, 2012

أخوة الجد


                                            بسم الله الرحمن الرحيم 

                                                     أخوة الجد 
   

                مهما كتبت عن الأبطال المجاهدين من منطقتنا الشرقية  " برقة " وبالأخص من مدينة درنة المجاهدة المناضلة  الذين حاربوا المستعمر الإيطالي عندما إحتلت ليبيا اكتوبر 1911م  لن أوفيهم حقهم … من كثرتهم حيث البعض سيرهم ظاهرة وأسماؤهم على كل لسان نظير التداول لأنهم معروفون للداني والقاصي  حيث أعمالهم النضالية شواهد لهم عبر التاريخ سجلت  بمداد من الذهب ، والكثيرون ماتوا في صمت وطواهم ظلام القبور وإنتهوا للأبد ولم يشار لهم بالبنان ولم يذكروا إلا من القلائل وهؤلاء في نظري هم الجنود المجهولون الذين أجرهم عند الله عز وجل حاصل ،  والصادقون الشهداء  منهم أحياء  يرزقون عند الرب الخالق تعالى الذي خلقهم وأحياهم منذ أول يوم ، ينتظرون قدوم الآخرين ، يدعون لهم ويسبحون  ، فهنيئا لكل شهيد استشهد في سبيل الله عز وجل والوطن 

لقد مرت مدينة درنة ونواحيها بكثير من التهميش على مر العصور لأن أهلها نظير العلم والفهم ، المعرفة والذكاء الحاد ، لا يعجبهم أي حاكم بالسابق مهما عمل ، إبتداءا من العهد الملكي وبعده عهد القذافي المقبور ، والآن عهد الثورة والنصر والحرية في أجمل وأروع معانيها ، ولكن لديهم تحفظات كثيرة على البعض من المسؤولين المتصدرين حالياً لسدة الحكم ، نظير تحالفات بالسر وتنازلات البعض للبعض  تحت الطاولة ومن وراء الستار حتى وصلوا لكراسي الحكم ، لقاء وعود بان يقلدوا حقائب وزارات ومناصب   وهذا شئ طبيعي يحدث في دهاليز السياسة يوميا في جميع أنحاء العالم … وسؤالنا الكبير هل هؤلاء  قادرون  على الحكم بالعدل والمساواة والضمير؟؟  مما نرتاح ونؤيدهم طوال المشوار وننسى الذي فات ، ام  سوف يتغير الحال إلى مشاكل ويهتمون بأنفسهم وحواشيهم للاستثمار وإغتنام الفرص للثراء الفاحش ويتركون الوطن في مهب الرياح 

إن هذا شئ مؤسف حيث أي حاكم يخشى المدينة الصغيرة قليلة العدد من سلاطة اللسان ، وقول الحق والحقائق وترديد الشائعات الغث والسمين عن المسؤولين  ، وأن لم يكن عاقلا ويحكم بالعدل والمساواة ويتحمل ولا يستعمل القوة المفرطة والإرهاب الزائد عن الحد للتخويف ، حتى لا يبدأ الصدام وعندها يتطور إلى العمل في السر وتحت الأرض ويفشل الحاكم مهما وضع من خطط وقام بمداهمات وتحقيق وتعذيب وقتل ،  حيث دم النضال يجري  ساخنا في العروق بدون توقف حتى يتراجع الحاكم لمطالب الشعب ، أو يسقط 

هذه المدينة الصغيرة المشهورة عبر التاريخ في ليبيا عبارة عن ( ترمومتر ) ميزان حقيقي لما يجري من أوضاع سياسية بالوطن ، لديها الرجال الأفاضل الصادقون الأوفياء القابعون في الظل يراقبون الوضع ويأمرون بالحق والعدل والمساواة بين الأطراف المتخاصمة حيث في الوقت الحاضر لا يوجد قانون  ومحاكم وقضاة بل حكم العرف المحلي  هو السائد ، وبها الكثيرون من الأدعياء المنافقين من جميع الأطراف والشرائح  الذين يحاولون التصدر في المحافل والمجتمع  بحيث الغريب يخدع فيهم ويعتقد أنهم الوجهاء والشيوخ ومفاتيح المدينة بأيديهم  والواقع عبارة عن هوامش لا يساوون أي شئ بلى الزمن بهؤلاء التعساء الأدعياء المدينة المجاهدة الفاضلة ، كما بليت جميع المدن الاخرى من الأفاقين ، المنافقين  أصحاب المصالح 

مدينة درنة التي مهما شكرت لن أوفيها حقها من الشكر والتقدير ، حيث مدينة خلدت نفسها بنفسها  بتضحيات شيبها وشبابها من الجنسين من حضر وبادية ( أخوة الجد)  منذ مئات السنين ، عندما لبى "الحضور" الذين هم  من أصول الغرب ، طرابلس ، النداء والاستغاثة ونجدوا إخوتهم العبيدات في حربهم مع أولاد علي ، حتى تم النصر ، وعقدوا عهدا ومعاهدة  بأن  قبائل أولاد علي تسكن في المثلث  الذي ينتهي في  منطقة رأس الحكمة بعد مدينة مرسى مطروح شرقا ،  وغربا حتى حجاج السلوم حيث  هذه الأراضي هي أراض ليبية  ،  تمت إضافتها للقطر المصري في اكتوبر 1911 م  عندما إحتلت إيطاليا ليبيا وكان الإنجليز يحكمون مصر وقتها ولايريدون التوسع الإيطالي مما إحتلوا المنطقة والتي اللآن معظمها تحت مسمى الساحل الشمالي ، وتم ترسيم الحدود من طرف واحد من الإنجليز والطليان المستعمرين ولم يراعوا أصحاب الأرض الأصليين ووضعوا الخط الوهمي أن حدود ليبيا مابين بلدة امساعد وبلدة السلوم

أخوة الجد منذ مئات السنين "حضور" وعبيدات ومرابطين وآخرين من قبائل أخرى  من رجال وشباب منطقة درنة وضواحيها ، رجال وشباب أبطال  لم يتوقفوا يوما عن التضحية والفداء بالأرواح والدم ضد أي مستعمر وظالم وبالأخص في القرن العشرين حيث مرت بمائة سنة صعبة ، إبتداءا من الإحتلال الإيطالى سنة 1911 حتى 1945م  وويلات الحرب العالمية الثانية وعن تطوع أبنائها في حرب فلسطين  سنة 1948م  وحرب الجزائر في الستينات حيث سقط عشرات الشهداء ،  تحملوا جميع أنواع العذاب والقهر والظلم في سبيل الكرامة والقيم ، وقام  رجالها وشبابها بأروع التضحيات في  الرفض للظلم والقهر ، وتمت المداهمات والتحقيق والتعذيب بشراسة  حتى الموت في السجون في عهد المقبور القذافي ، وأكبر نسبة ضحايا في مجزرة سجن أبوسليم كان من منطقة درنة ، حيث تم قتل  وإبادة اكثر من 1400 سجين شهيد بكل وحشية خلال ساعات قليلة !
  
أما عن الحمية والنجدة والرغبة في الجهاد وإعلاء كلمة الله عالية فنجد أن الكثير من الشرق ضحوا بالعزيز والغالي حتى من الله عز وجل بالنصر وقتل الطاغية شر قتلة وهو يحاول استدرار العطف والرحمة من أسريه الأبطال الأشاوس حتى لا يقتلوه ، ولكن لم يكن في قلوبهم ذرة رحمة واحدة  نظير أعماله الشنيعة وقتله الأبرياء طوال عهد وحكم إنقلاب اسود من جهلة استمر 42 عاما جميعها قهر وظلم وفساد وإفساد حتى يرحموه 

والآن شبابها المقاتلون بالعشرات بل بالمئات في سوريا يجاهدون مع إخوتهم السوريين ضد حكم الظلم والقهر للأسد الذي اثبت انه غير مؤهل بأن يحكم سوريا بالعدل والقانون  حيث معظم أبناء الشعب الأحرار  لايريدونه وهو متشبث بالحكم والسلطة ونسى ماذا حدث لأمثاله في تونس وليبيا ومصر واليمن ، ضحى بوطنه ودمره بالقصف العشوائي  وسقط من شعبه شهداء  موتى وجرحى  عشرات الآلاف وهو لا يريد التراجع والتخلي عن حكم زائل بالي مع الوقت ومرور الأيام  مهما حاول البقاء ، النهاية دائماً  والنصر للشعوب المقهورة والله عز وجل لن يتخلى عن المظلومين ، ينصر كل من يطالب بالحق ضد الطغاة 

إن عوامل النفس جياشة عندما أبدا في التسطير عن الماسي والظلم الحاصل وكأن يدا خفية تحرك وتعمل حتى لا يرتاح الوطن العربي الإسلامى  وينهض ويبدع ، نظير إحياء الفتن والدس  الخبيث وتهييج  الأعراق وتمردها نظير غياب الحكم السليم بما أمر الله عز وجل ، حيث يتبعون  شعارات البعض منها مستمدة أصولها  من  ديننا الإسلامى الحنيف مغطاة بتعابير براقة وهي الديمقراطية ، ونسوا وتناسوا أن الديمقراطية الحقيقية هي إن الإنسان حر منذ البداية من يوم أن ولدته أمه (  استنادا لقول أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه منذ 1400 عاما مضت : "كيف تستعبدون الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ؟؟؟" 

لكن الإنسان المواطن بأي  دولة على الارض ، عليه واجبات مطلوبة منه للمجتمع  أن لا يخل بها ، ولديه حقوق واضحة من حقه الحصول عليها والاستمتاع بها بالحق والضمير حتى يحي بكرامة ويرفع رأسه بشرف ويعمل ويبدع ، وحتى نصل إلى هذا السمو والرقي نحتاج إلى المصالحة الوطنية وصفاء القلوب  والعقول و تحصيل العلوم والفهم والمعرفة ، ونتبع قرأننا الكريم الذي أول سورة نزلت بالأمر الرباني ، بها كلمة خالدة  ( بسم الله الرحمن الرحيم " إقرأ " ) ، لكن نحن الآن للأسف تائهون لا نريد أن نعرف ونفهم  نتخبط نحتاج إلى الوقت حتى نعرف أن صلاحنا وقوتنا هو الوحدة والتضامن مع بعض ضمن أطر ومبادئ وأخلاق  الاسلام حتى نفوز وننجح ونتقدم ، والله الموفق ٠ 

                                                                 رجب المبروك زعطوط 

No comments:

Post a Comment