Sunday, September 9, 2012

شاهد على العصر 7


                             بسم الله الرحمن الرحيم

                              شاهد على العصر
                             7


             قلت للشيخ فتح الله بوسهيم: "مبروك أنا موافق على الشراكة معكم بالنصف حسب طلبكم" مما تهلل وجهه من الفرحة وشاهدت البسمة العريضة وهو غير مصدق للأمر ( الموافقة السريعة) ، وحاول رفيقي "ع س " التدخل وإثنائي عن الموافقة حيث لا علم له بالأبعاد الخافية التى لا يعرفها ، ولا أريد شرحها له حيث لم يكن معي شريكا بل يعمل بأجر مقطوع أدفعه له كمقابل عن كل تفريغ سفينة على حدة 


رددت عليه بسرعة مما أحرجته وقلت له بأن يترك الموضوع لي فأنا صاحب الشركة والمسؤول والقرار عائد لي بالقبول والموافقة أو بالرفض! ومددت يدي للشيخ وهو مستغرب من النقاش الساخن مع رفيقي ، وصافحته بحرارة وبادلني نفس الشعور وكأننا وقعنا عقدا موثقا عن طريق محرر العقود فقد كنا وقتها نتعامل بطيبة قلوب وبراءة دون خبث ونحافظ على الصدق في الوعد والعهد ولا نتغير ونتلاعب بالكلمات والعبارات مثل مايحدث في أيامنا هذه من خبث وعدم مصداقية 

تم الإتفاق بأن يأتي الشيخ بالغد إلى درنة ويقدم لي نائبه المسؤول عن التفريغ والمناولة ، وأكدت عليه بأنني لا أريد مشاكل من أي نوع من العمالة في المنطقة حتى يستمر الإتفاق إلى ماشاء الله تعالى ونربح في العمل ، ورد وهو يبتسم بسرور ،  "يا إبني أنت صغير السن ومصير الأيام تعلمك الكثير ، لقد حصلت على شريك يوفي  بالعهد نظير جرأتك وذكائك ونطلب من الله عز وجل أن يوفقنا في عمل الخير للجميع ، والعمل في التفريغ والمناولة مسؤوليتنا ، ولا داعي لأن تتعب نفسك ، المهم إجراءات المعاملات الرسمية مع الدولة والشركة مسؤوليتكم ، ولدي شرط بسيط أن تحاسبنا وتدفع نقدا كل تفريغ باخرة على حدة فنحن لا نتعامل بالآجل مع الشركات الأجنبية التي في بعض الأحيان تتأخر عن الدفع" ، ووافقت على الموضوع والطلب وجاهز في أي وقت للدفع والتسديد ، لأي مستحقات مطلوبة .

اليوم الثاني حضر إلى درنة مع مرافق له للتعارف وقدم لي الحاج قسمات الشاعري المقيم في درنة في شارع الحرية ( البحر ) والذي أعرفه معرفة سطحية فقد كان أحد الزبائن الذي كان يتردد على المحل لشراء بعض السلع التموينية ، على أنه المندوب عنه في أي معاملة خاصة بالتفريغ والمناولة في ميناء رأس الهلال ، ووافقت على الأمر وسوف يتم الإتصال به ليستعد بالعمال للعمل عندما تصلني برقية من شركة الشحن بالإعلام عن الوصول ،
وبعدها بأيام وصلتني برقية من البريد أن الباخرة  " تيمو " حمولة ألف طن متوقع وصولها إلى الميناء في يوم كذا ، مما أبلغته حتى يستعد ، وأبلغت الشركة المستلمة ( سالكوست ليبيا ) بأن تسرع في الإجراءات الجمركية والإفراج عن الشحنة حتى لا نتعطل ونتعب 

قامت الشركة بالإجراءات الجمركية بسرعة عن طريق صديقي الذي قدمته لهم بالسابق " ع د " ، ورصفت الباخرة على الرصيف المهدم الوحيد الباقي بالميناء ، وحضر المندوب الحاج قسمات مع العمال ، وبدأ العمل بسلاسة وفتحت العنابر ، وتقدم طابور سيارات النقل الثقيل الواحدة وراء الأخرى للتحميل ، والحاج قسمات يصول ويجول وكأنه فارس بالميدان يعطي  التعليمات والأوامر ، والجميع مطيع بدون أية مشاكل ، ووقت الغداء قدم لكل عامل رغيف خبز كبير وعلبة من السردين المعلب ، وبعض البصل الأخضر ، وأكواب الشاي الأحمر والأخضر الصغيرة مستمرة  طوال الوقت لمن يريد أن يشرب والجميع سعداء ويغنون أهازيج وأغاني وطنية وشعبية وهم يعملون بلا كلل ، مما ذهلت من الأمر فقد كنت أيام التفريغ للبواخر الأولى أنحر الذبائح وأقدم أشهى الوجبات للغداء وكأننا في حفلة عرس وكانوا غير مهتمين ولا راضين عن الأمر 

عرفت السبب أن هؤلاء البشر ذوي عزة وكرم يحترمون كبير السن وبالأخص الشيوخ ، يدينون لهم بالولاء والطاعة ويحبون العمل جماعة ضمن بعضهم البعض ولا يحبون العمل مع غرباء ، وطبقت النظرية الخاصة بهم ولم أتدخل في أي موضوع بخصوص العمالة مهما كان محافظا على التسلسل الوظيفي ، وعملت هيبة لنفسي بحيث لا يتكلم معي أي أحد من العمال إلا عن طريق المسؤول الحاج قسمات مما كان مسرورا أنني لم أتدخل في شؤونه ، وتحكم في إدارة العمل بسهولة ، وتم تفريغ الباخرة بالمساء بعد ثلاثة أيام من العمل بدون كلل ، وأغلقت العنابر وغادرت متجهة إلى إيطاليا للشحن مرة أخرى والرجوع 

اليوم الثاني في الصباح الباكر نهضت من الفراش على طرقات قوية بالعكاز من الشيخ ، وفتحت الباب وأنا مستاء من الطارق المزعج الذي لا يعرف الأصول ووجدت الشيخ ونائبه الحاج قسمات ، وبعد التحية قلت لهم تفضلوا لغرفة الصالون حتى أجهز نفسي لهم ، وطلبت من الزوجة تحضير الفطور والقهوة والشاي ، وخلال دقائق كنت جاهزا للإجتماع ، وبعد بعض الوقت في الحديث أخرج الشيخ ورقة كراسة مدون بها المصاريف التي تم صرفها خلال التفريغ ، وكم إستغربت من الأمر فقد كان المبلغ هزيلاً أقل من النصف مقارنة بالسابق ، وعملنا الحساب على سعر العقد مع الشركة وحاسبتهم على الربح مناصفة حسب العهد وكلمة الشرف مع إضافة المصاريف التي تم صرفها منهم ، ودخلت لغرفة النوم وفتحت الخزانة وأحضرت لهم المال عدا ونقدا ، وتم التوقيع على الإيصال والمخالصة في الشحنة الأولى وهم ممتنون و سعداء من المعاملة الجيدة وعدم التأخير ، وبعد الإفطار وكؤوس الشاي غادروا البيت على أمل اللقاء عن قريب في معاملة أخرى 

رجعت إلى فراشي وأتممت النوم إلى الضحى وأنا سعيد فقد حققت ربحا كبيرا في المناولة والتفريغ بمقاييس ذاك الوقت ، والأهم الراحة وعدم التفكير في العمالة ومشاكلهم من النقل والإعاشة طوال الوقت ، وتحقيق النجاح والسمعة لدى شركة سالكوست ليبيا وشركات الشحن الملاحية بالخارج حيث ضمن وكالتي لا يحصل أي تعطيل كما يحدث مع الغير ، مما الجميع مع المستقبل يحبذون العمل عن طريق وكالتي البحرية مما فتحت لي آفاقا كبيرة بمرور الوقت 

إستمر العمل  وكل فترة تصل إحدى البواخر المحملة ، ونفس القصة لا أتعب بل الشركاء الجدد هم الذين يقومون بالتفريغ والمناولة ، وأنا أدفع ، وبعد عدة شحنات وثق الشيخ وبدأ يتأخر في المجىء والمحاسبة والقبض حيث الثقة توفرت بيننا ، وعرف أنني جاهز في أي وقت لتسديد الفواتير ، وإنتظار السداد من الشركة 

بدأت المشاحنات من السائقين الليبين من مناطق  سوسة وشحات والبيضاء حيث لا توجد جمعيات للنقل مثل الآن منظمة يريدون الإستئثار بالنقل وعدم تحميل عربات الشركة ، والمشكلة الأدهى والأمر أن البعض كانوا لصوصا سارقين  ، يسرقون بعض الصناديق للمواد أثناء الطريق مما جعل الشركة تتساءل عن الأسباب ولا تريد الدخول فى متاهات مع هذه الطبقة الصعبة في التعامل وتركت الأمر لي  قمت بدعوة الجميع إلى إجتماع موسع في الميناء و قلت لهم بأن الأمر تغيرعن السابق حيث كانت مهمتي المناولة والتفريغ ولم أهتم بماذا يدور من أمور تحايل وسرقات ، والآن الأمر تغير ــ وأنا المسؤول عن التسليم لمخازن الشركة بمواقع العمل في مدينة البيضاء ، وإبتداء من اليوم كل سائق يمضي على إيصال بالإستلام من الميناء ويسلم الحمولة كاملة وفي حالة أي نقص سوف أخصم الثمن حسب التكلفة ، مما البعض إستهجنوا الأمر وعرفت أنهم المحتالون ، وطبقت الأوامر بعنف وكل سائق تم النقص في التسليم لأي شىء يتم الخصم قبل تسديد أجره . 

بدأت المعركة مع السائقين وحاولوا القيام بإضراب وقلت لهم لا مانع عربات الشركة جاهزة للتحميل ورفضوا عربات الشركة من العمل ولكسر الطوق والإحتكار ، أحضرت عربات نقل من ميناء درنة حتى لا أتعطل في المناولة والتفريغ 

في أحد الأيام بالضحى وصلت عربات النقل من درنة وحملتها أمام أعينهم وهم غير قادرين على عمل أي شىء وقلت لهم أي سائق يريد الإنضمام للعمل أهلاً وسهلاً العمل مفتوح للجميع وأنا لست بقاطع أرزاق وإنما أريد النظام والتسليم الكامل للمخازن ، وبعد خروج العربات وهي محملة من الميناء هجم علي السائقين المحتجين الغاضبين يريدون ضربي أو قتلي والنيل مني ، وكنت في موقف حرج دقيق وصعب حيث لا أستطيع صدهم لوحدي وهم حوالى العشرين  

بدأت أتراجع للخلف والوراء بالظهر وهم يتقدمون في هياج والبعض بأيديهم هروات حديد لتغيير الإطارات ، محاولا الوصول للسفينة والصعود لها بسرعة حيث لا ملجأ ولا طريق للخروج إلا عبر نفق مظلم طويل أو القفز للبحر ، وجاء الإنقاذ نظير الرعاية ورضاء المولى عز وجل والوالدين وعمل الخير وفجأة قفز رئيس عرفاء الجمرك المدعو البلالي ( رحمه الله ) من السفينة ووقف بجانبي ، وأخرج المسدس المربوط بحبل رفيع أخضر لرقبته ، ورفع يده به للأعلى وقال أقسم بالله العظيم إن لم تتوقفوا سوف أطلق الرصاص على أول شخص يمد يده على الوكيل ، وأطلق ثلاثة رصاصات في الهواء كتنبيه وتحذير أنه يعني مايقول ، وكان للحكومة رهبتها  ، مما أثار إنتباه العمال وتوقف العمل في التفريغ وتجمهروا بجانبي للمناصرة ضد السائقين مما تراجعوا للخلف خوفا ورعبا من الضرب المبرح فقد إنقلبت الآية عليهم  

لم أنتقم منهم يومها وأطردهم من العمل بالميناء بحكم القانون لو قدمت شكوى ضدهم ! بل خططت بهدوء للنيل من البعض المشاكسين باللغة التي يفهمونها   اليوم الثاني إستعديت وأحضرت معي السيد عبد الرازق سلطان ( الفتوة ) الذي كان شجاعا لا يهاب أي أحد ، ووصلنا إلى الميناء بالصباح الباكر وكان الجميع في حلقة يتناولون الفطور ويشربون  كؤوس الشاي الصغيرة ،  قبل البدء في العمل ، ووقف في الوسط أمامهم ، وقال متوعدا في الوجه ، الأمس ذهب بخيره وشره والآن يوم جديد وأي مشاكس يدعي الرجولة ويريد التعدي على فلان فليتقدم للأمام ويعاركني أنا! 

كان معظم الجميع يعرفون مدى قوته وشراسته ويخافونه ويرهبونه فقد كان مشهورا في العراك والمشاكسةووسط ذهولي وإستغرابي لم ينبس أي واحد منهم  بكلمة ، مع أنه تطاول وسبهم ونعتهم بأحقر السباب والنعوت ، والبعض من العقلاء ردوا عليه بأن يوحد الله تعالى ولا يغضب حيث لا يريدون المشاكل ، ورد عليهم بلباقة وعنف وقال لست أعنيكم أنتم ، وإنما أعني البعض المشاكسين أصحاب الفتنة ، وسوف أردعهم حتى يرجعون للصواب والعقل ، أو عدم المجىء إلى الميناء والعمل ، فأنا وراؤهم من الآن 

وطلب مني أن أشاور على المتطفلين المشاكسين ولم أرضخ حيث لا أريد عراكا ولا مشاكل فليس طول الوقت معي مرافق وحرس ، ومع الوقت تلاشى المجرمون وأصبح الجميع أصدقاء والبعض تأسف على الوضع المؤسف وطلبوا العفو والسماح ،، مما سامحت من القلب وإعتبرت الأمر وكأنه لم يحدث ، ولكن أخذت درسا وعبرة أن كل ذو نعمة محسود وعرضة للمشاكل مع صغار العقول الجهلة ، ولا تسلم جرة الفخار من السقوط والكسر طوال الوقت وبالأخص العمل في مناطق مهجورة مثل ميناء رأس الهلال ، لا تدب فيه الحركة ويعمر عدة أيام إلا عند وصول سفينة للتفريغ 

لي ذكريات كثيرة في ميناء ومنطقة رأس الهلال فقد حدثت نوادر وقصص نسيت معظمها من طول الزمن فقد كنت ذاك الوقت صغيرا بالسن غير مهتم بأمور كثيرة ولا أسجل الأشياء الصغيرة ولكن مع طول الوقت أصبحت عبرا ممكن للإنسان أن  يكتب عنها عشرات القصص ... وأذكر في أحد ليالي الشتاء الباردة وصلت السفينة " كاربي " التي أعرف قبطانها جيدا ، ونسيت تزويدها بالمواد الغذائية من لحوم وخبز وفواكه ، ولم تكن هناك إمكانية للإتصال حيث لا هواتف وقتها ، مما إضطر القبطان الإتصال بالميناء عن طريق اللآسلكي حتى يتم الإتصال بي لإنقاذهم وإحضار المطلوب ، وقمت بشراء جميع المواد وحملت السيارة على الآخر وركب معي المرافق الحارس " ع س " ، وأثناء العجلة نسيت أن أخبر الوالد بأنني من الممكن أن أتأخر وآتي بالصباح عندما سألني وأنا خارج متى أرجع بإذن الله تعالى 

وصلت إلى الميناء وكان الطقس باردا ومطر غزير ، ولشدة الدهشة السفينة خارج الرصيف بوسط الحوض راسية والأمواج العاتيه العالية تعصف بها وهى تتأرجح وترقص ، ولم يكن الإتصال سهل بل عن طريق ضوء مصابيح  السيارة التي إستعملتهما بكثرة حتى توقفن عن الأضاءة ، وبعد مدة وصل القارب الخشبى الكبير ذو المجاذيف الطويلة العديدة وبه القبطان وأربعة بحارة يحاولون بصعوبة رسوه على الرصيف وتم نقل المواد الغذائية إليهم بصعوبة من الهبوط والعلو للتيار بسرعة نتيجة هيجان البحر ، وطلب القبطان أن نأتي معهم ونتعشى وننام إلى الصباح ، حيث لا أنوار بالسيارة ولا أستطيع القيادة ولا البقاء فيها إلى الصباح بدون أغطية دافئة 

وافقت على الموضوع نظير إصرار رفيقي الذي يرغب في أكلة دافئة وزجاجة نبيذ معتق ،، ورجعت بالسيارة للخلف من الرصيف في مكان آمن بالساحة وقفلت أبوابها ، وركبنا في القارب بصعوبة ، وكانت مغامرة شديدة ، ولولا براعة القبطان والبحارة في التجديف لم نكن نصل إلى السفينة الراسية في الحوض  ، والصعوبة كانت والمخاطرة أننا لم نتمكن من الرسو بجانب السفينة حتى نصعد على سلم الحبال وحاول البحارة عدة مرات ولكن بدون جدوى ، وأخيراً إستعمل الآخرون الرافعة حيث شدوا القارب من عدة أماكن بالحبال والكلابيب الحديدية وتم الرفع للجميع في الهواء إلى السطح ونحن نتأرجح و نمسك حواشي القارب البارد بقوة حتى لا ننزلق ونسقط فى البحر العميق 

أخيرا صعدنا على السطح المهتز وكنا نمشي بصعوبة وأنا متشبت بحافة الممشي خوفا من السقوط حتى وصلت للغرفة الدافئة ، وكم إسترحت فقد كانت السفينة مريحة نظير الحمولة الثقيلة ، وقدم  لنا عشاء فاخر من مكرونة السباقيتي وشرائح لحم البقر وبعدها الفاكهة والقهوة الساخنة مما شعرت بالنعاس ونمت في أحد الأسرة ، إلى الصباح عدة ساعات ، وبالفجر كان البحر نوعا ما هادئا وبعد الإفطار الجيد وصلنا للرصيف ، وأخذت السيارة مسرعا إلى درنة حيث كنت  لا شعوريا عارفا أن الوالد لن يرتاح ويهدأ حتى يشاهدني قد رجعت سالما معافى 

أثناء الطريق المهجور بقرب قرية رأس الهلال شاهدت قدوم سيارة ركوبة أجرة وتوقفت لها وكان الوالد بها ، إستأجرها من درنة إلى ميناء رأس الهلال والرجوع ليعرف الحدث حيث لم ينام طول الليل من الهواجس وإعتقد بأنني قد تعرضت إلى حادث وسقطت في الأودية العميقة وبالأخص في منطقة مشهورة بالحوادث القاتلة حيث الطريق ضيقة على حافة الجبل بدون حواجز وصعبة جدا على السائق الذي لا يعرف الطريق ( عقبة الموت والغشاوات )  قبل الوصول بعدة كيلومترات إلى قرية لثرون ، وتوقفت لأقل الوالد ولكن نظير غضبه لم يتوقف وطلب من السائق الرجوع وهو يخفي الغيظ والقلق بصعوبة من تصرفي الأرعن في نظره على التأخير ، وهو لم يعرف السبب الرئيسي أن ( فيوز ) مصابيح السيارة إحترقت ، ولم أستطع المخاطرة بالقيادة بالليل في الظلام الدامس خوفا من الإنزلاق من الحافة إلى الوادي العميق 

أثناء وجبة الغداء معه ، قال بأنه لم ينم الليل لأنني قلت سوف أرجع ! وأكد لي بأنني لو قلت سوف أتأخر لكان إرتاح  من القلق طوال الليل ، وكانت غلطة وتأسفت على الخطأ وشرحت له السبب حتى إبتسم علامة الإرتياح والرضا ، وفعلا قلب الوالدين دائما حساس مرهف تجاه الأبناء  ، وحدثت لي نوادر كثيرة بعدها بسنين طويلة من الأولاد نتيجة الغياب الغير مبرر ولم أنام الليل مرتاحاً  ، حتى أشاهد وصولهم …

                                                               رجب المبروك زعطوط

No comments:

Post a Comment