Friday, January 20, 2012

حتى لا ننسى


                                      بسم الله الرحمن الرحيم

                                           حتى لا ننسى 



              منذ كنت صغيراً كنت مولعا بالقراءة  والإطلاع  الكثير ،، حيث في فترة الصغر كانت لا توجد الإذاعات المرئية ولا الحاسوب ولا أي نوع من أنواع البرامج الإلكترونية التي موجودة الآن بكثرة والتي تجعل الشباب مشغولين طوال الوقت ،، كانت أيامنا في فترة المراهقة  أواخر الخمسينات وبدايات الستينات الجميلة التى ذكراها عاطرة لن تننتسى طالما جيلنا حى يرزق ،، فقد كانت البراءة والطهارة والطيبة مع الذكاء الفطري الحاد والسذاجة مجتمعة معا  متجانسة ،،، خليط مع بعض ،، مهما الإنسان  حاول أن يعدد ويتعمق لا يستطيع الفصل ولا الفهم ،، فقد كنا أجيال نقية وقتها ،،، لم يدخل الخبث والرغبة العارمة في الثراء والوصول لأعلى المراتب بدون وجه حق والحقد والحسد في أنفسنا بعد ،، كان تركيزنا في ذاك الوقت  كشباب على الإطلاع والقراءة بنهم ،، للمعرفة والعلم ،، راضون بالقليل للعيش بشرف وضمن قيم وكرامة ،، نتحلى بالأخلاق والتمسك بالدين الأسلامى الحنيف الذي هو أساس الحياة من أعماق الروح والقلب ،، نحلم بالوحدة العربية بأن تتحقق في أسرع وقت ،،، نصدق في التراهات والأكاذيب والتدجيل من سماع الخطابات العديدة الشبه أسبوعية والتي تستمر بالساعات بدون ملل من الزعيم الرئيس عبد الناصر من أذاعة صوت العرب  القاهرة  ومذيعها ( أحمد سعيد ) ذو الصوت الجهوري المؤثر في النفوس العطشى للرقى والسمو والوحدة العربية ،،،،والذي أثبتت الأيام أنه دجال مهرج  ،، ضيع الملايين من العرب بنشر الأكاذيب المغرضة وجعل من الحبة قباب بالتطبيل والتمجيد والدس والفتن على حكام العرب ،، حتى تنافر البعض مع البعض بدلاً من الوحدة والإتحاد .
وعندما دقت الساعة الحرجة وطبول الحرب دوت ،،، وأبتدأت المعركة  خسرنا الحرب سنة 1967م من أول ساعة ،، لأن قادتنا  لم يكونوا ذوى مسئولية وكفاءات قيادية ،، مخدوعين من الطحالب المتسلقين الحواريين من كبار القيادات والضباط ،، يعيشون الوهم والحلم بالعظمة ،،، مهرجين يسيرون فى تيار القوى الخفية بأردية وأقنعة وطنية ،، مازلنا حتى الآن كعرب من المحيط الى الخليج  ندفع فى الثمن ،، أليست بمأساة ؟؟.
وكان الكتاب أو القصة التي تصل إلى المكتبة ،، تتداولها الأيادى من شخص إلى آخر في مدينتنا الصغيرة  درنة ،، بحيث تقرأ من أول صفحة إلى آخرها من العديد من القراء ،، لأنه لم تكن تتوفر أماكن لشراء الكتب والقصص ،، الا من مكتبة واحدة وقتها صاحبها المرحوم الحاج فرج القهواجى الذى كان وطنيا يشجع فينا كطلبة على القراءة والإطلاع ،، ويعتبر فينا كأبنائه ويحفظ لنا  بعض الكتب من أن تباع حتى نأتى ونشتريها بعد النفاذ ،،  وكان المال عزيز جدا ،، ومعظم الطلبة القراء  فقراء لا يستطيعون الشراء ،، إلا من البعض الذين آباؤهم أثرياء يستطيعون إعطاء أبنائهم قروشا زهيدة للشراء ...
كانت تلك الأيام بدايات الإستقلال للوطن ،، وركزت الحكومة الليبية تركيزاً كبيراً على التعليم وقامت بمواردها البسيطة والميزانيات الهزيلة السنوية على أعظم خطوة تعتبر مأثرة وحسنة  للعهد الملكي السابق قدمتها للشعب وهي فتح المدارس في جميع الأماكن الآهلة من مدن وقرى ،، والجامعات  في بنغازي والعاصمة طرابلس ،، وتعاقدت مع دولة مصر ،، وأحضرت أساطين الأساتذة والمدرسين الذين كان لهم الفضل الكبير في تعليمنا ،، وبالأخص في ولاية برقة وقتها بالمنطقة الشرقية فقد كانت من قبل الكتاتيب منتشرة في جميع أنحاء الوطن وضمن ( النجوع ) للبادية تعلم الصغار قراءة وكتابة القرآن العظيم الكريم  ،، فقد  كان خريجوا الجامعات ممن يحملون الشهادات العلمية قليلين العدد وبالأخص أيام الإستقلال  24/12/1951م  لا يتعدون عدة أفراد على مستوى الدولة الليبية الناشئة من العدم ،،، وليس مثل الآن بالآلاف الخريجين ذوي الشهادات الجامعية ،، فقد حاول الأستعمار الأيطالى أبادة الشعب الليبى ومسحه من على خريطة شمال أفريقيا ،، بجميع الطرق الغير أنسانية ،،، الغير أخلاقية،، الغير شرعية ،، من تهجير ووضع مئات الآلاف فى المعسكرات  المطوقة بالأسلاك الشائكة  والحراسات القوية ليل نهار ،،، ( معتقلات العقيلة + مرادة ) شواهد فى الصحراء بدون  طعام ولا دواء ،، الا من القليل الذى يوزع عليهم كالبهائم  ،، والشنق المستمر لكل من يخالف ،، والقتل لكل من يقاوم من الثوار ،، والأعدام  للأسرى الجرحى فى مواقع المعارك  بدون  أية رحمة ،، وعشرات الضغوط القاسية والمآسى وسرقة وأحتلال الأراضى الخصبة ،،،  وأحلال المستعمرون القادمون بكثرة بهجرات منظمة من جزيرة صقلية مكانهم ،، حتى تضيع الهوية العربية الليبية وتذوب مع الوقت .
 هؤلاء المستعمرون لا يريدون ليبيا دولة عربية مسلمة ،،  كان مخططهم الأسود ضم ليبيا لأيطاليا بحيث تصبح الشاطىء الرابع حسب أطماعهم وطموحاتهم الأستعمارية ،،، وقاومهم الأجداد والآباء طوال سنوات الأغتصاب بالمتاح من الأسلحة المتوفرة وأقلقوهم وأثبتوا أن أرض ليبيا الوطن ،،، أرض ذات نار حامية يدافع عنها أبناؤها بالروح والدم ،، ضمن الكلمة المأثورة من شيخ المجاهدين عمر المختار،، أثناء الجهاد ،، عندما قال ( نحن شعب لا نستسلم ،، ننتصر أو نموت )  وهذه الكلمة لم تقال من فراغ وعدم ،، فالشعب الليبى صبور مستكين ولكن عندما يثور ،، لا يتوقف حتى ينتصر مهما كلف الأمر من تضحيات وثمن .
وكان حظنا كبيرا عندما أتحدت إيطاليا مع ألمانيا  ( المحور ) ،، ودخلت الحرب العالمية الثانية ضد الحلفاء وخسرت الحرب  ،، وتحررت ليبيا من جورهم ومخططاتهم ،، والدليل يوم الإستقلال كان الشعب الليبي على أمتداد ليبيا بطولها وعرضها ومساحتها الشاسعة لا يتعدى 750 ألف نسمة ،، وتجد الآن أفرادا  ليبيون طحالب  يدعون الزعامات وهم  عملاء بقصد أو بدون قصد لا يدرون ولا يعلمون  التوجيه المنظم المدبر من القوى الخفية  والمصالح الدولية يطبلون  لإيطاليا  تحت مسميات كثيرة نظير مصالح تافهة وتعويضات زهيدة ،، فتات ،،  ونسوا دماء الشهداء والجرحى والمعاقين والمهجرين ودمار وخراب الوطن من الحروب والمعارك السابقة ،، أليست بمأساة ؟
أنني أود القول ،، ضرورى من قيادتنا وأولاة أمرنا ،، وأبناء شعبنا أن يعرفوا ويتعلمون ويفهمون التاريخ  الليبي الصحيح الذي لوث ودنس وزور من قبل الكثيرين من أزلام الصنم بدون توثيق  صحيح ،، بل أعتمادا على ماقاله المستعمرون  والمحاباة لقبيلة وعائلة الطاغية ،، ففى نظرى المهمة صعبة ولكن الوصول ممكن بالبحث المتأنى بمصداقية لجمع مايمكن من تراث وأحداث حقيقية صادقة مهما طال الوقت ،، ووضع البرامج  السلسة  تدريجيا للطلبة أبتداءا من الصغار ،، ونهاية بالكبار ،، بالمدارس والمعاهد والجامعات  ضمن المناهج الدراسية  بدراسات علمية من أساطين الأساتذة الصادقون الذين يحبون الوطن  فى جميع مراحل التعليم ،، فنحن لنا حضارة وتاريخ يشرف ،، ولكن تم تهميشه فى عهد الصنم ،، بحيث يتخرج الطالب مستقبلا وهو ملم ألماما كاملا بماضى وطنه وماذا حدث بالسابق من محاسن ومآسى بتجرد وعدم محاباة وعنصرية جهوية ،، حتى يتعلم ويفهم ويفخر ،، كيف يستطيع أن يجابه بالحق وبالمنطق الآخرين ،، ويصارع الغير بشرف من أجل البقاء رافعا الرأس ،، لأن لديه حضارة وماضى مشرف وليس لقيط دخيل مثل الصنم الذى شاء القدر وحكمنا طيلة 42 عاما جميعها قهر وأرهاب ،، نظير أستسلامنا ونومنا فى سبات .
أننا الآن نمر فى عنق الزجاجة فمجلسنا الإنتقالى  وحكومتنا الموقرة ،، تجابه في صعاب شديدة ،، تتخبط نظير التساهل الشديد وعدم الحسم فى أمور كثيرة ،، تريد وترغب فى السلام والمصالحة الوطنية ونست أننا خارجون من حرب ضروس أستشهد وجرح فيها عشرات الألآف ،،، وخرجت على السطح عشرات الكتائب المسلحة من الثوار يحملون السلاح ،، جوعى للحرية ،، جوعى للمال ،، جوعى للنهوض والتقدم على أسس سليمة ،، جوعى للعمل وقبض الأجر بالعرق والكد ،،، وبعض قادتهم لديهم طموحات للوصول للسلطة وفرض أجندتهم بدعم من قوى خارجية وأياد خفية وراء الستار لمصالح شخصية ،،، مما جعلت الكثيرون يحاولون  التسلق والتحدى والمجابهة  فى سبيل الحصول على مكان فى المقدمة ،، ونسوا وتناسوا قوة جماهير الشعب المتنامية المخدرة الآن بفرحة زوال الصنم الطاغية ،، التى مازالت تعيش فى النشوة ،،  لو أفاقت بالمخططات القذرة التى تخطط وترسم من أيادى الشر ،، سوف تثور وتقلب السحر على السحرة وتصحح المسار .
 فنحن نساند المجلس الإنتقالى والحكومة  المؤقته ،،، بغض النظر عن بعض الأعضاء الطحالب أشباه الرجال ،،، الذين سوف يسقطون مع الزمن ،، نحن فى صف الشرفاء الأحرار من ذوى القرار ،،،  بكل القوة طالما هم على طريق الحق والصواب سائرون ،،  ونتجاوز عن بعض الأخطاء ،، لأنه لا يوجد كمال في أي عمل ،، وبالأخص فى تركة وطن به رواسب قذرة على مدى عقود ،،، ونطلب من الأحرار الشرفاء من جماهير الشعب ،،، الصبر وأعطاؤهم الفرص حتى يستجمعون الأنفاس ويعملون الكثير للمصلحة العامة التى سوف تعم بالخير والسعادة على الجميع مع الوقت .
 وتساؤلاتي للنفس ،، لماذا الشكوى ولم يمر على هلاك الطاغية الصنم 3 أشهر بعد ؟ وقد صبرنا عليه 42 عاماً طويلة ،، ولم نتذمر من نظامه كما يفعل الشعب الآن ؟
أن قولي هذا ليس عن إستجداء ولا ضعف ،، بل رجاء نابع من القلب والضمير ،، وبأمكاننا عمل الكثير ،، ولا أهدد ،، ولا أزايد ،، ولا أخاف من قول الحق  مواجهة ،، وعارف عن يقين أننى سوف ألاحق  من قوى كبيرة ،، محلية وأجنبية ،،،وسوف تضع العراقيل أمامى على قولى الصدق والحق ،، ونست أننى لا أخشى لومة لائم ،،، فأنا  مسلم عربى ليبى وطنى حر ،،  ولست بطامع لأى منصب وسلطة الا بالحق وعن طريق الترشيح وصناديق الأقتراع ،، حتى أجامل ،،، فالسياسة قذرة بجميع المعايير ،،، تحتاج الى دهاء وصبر للوصول للسلطة ،، ولكن لها محاذير فى حالة الأخطاء والكبرياء والظلم تؤدى الى السقوط ،،، ولكن همنا مصلحة الوطن وحمايته بالروح والدم من أن لا ينغمس فى أي نوع من أنواع  الفتن الشديدة التى تؤدي مع الوقت ونظير الجهل الى ما يحمد عقباه ،، ويتجزأ وطننا الحبيب الى دويلات ومقاطعات ،، فدول كثيرة جاهزة للقفز والوثوب علينا ،، بحجج واهيه ،، نظير حماية مصالحها ،، ونحن نريد ونرغب أصلاح وطننا بأنفسنا  ومن ذاتنا وبقدراتنا ،، فعندنا الكفاءات العالية ،،، نريد  إحترام الآخرين وأن نتعايش مع الجميع من فئات الشعب ،، ضمن وحدة وطنية ،، نحترم فيها الأنسان كأنسان ،، نحترم البشر ،، نحترم الأديان  السماوية والشعائر الدينية الروحية والهويات ضمن دستور شامل كامل  جيد ،،، يكفل جميع الحريات ضمن عدل ومساواة بين الجميع ،، والله الموفق .
                                                            رجب المبروك زعطوط
                                                                                      
                                                       بنغازى الشرارة ٢٠١٢/١/١٥م 

No comments:

Post a Comment