Saturday, January 7, 2012

قصصنا الحاضرة ٢٣ - الجنسية المزدوجة

 بسم الله الرحمن الرحيم 

                                            الجنسية المزدوجة 

                    لقد شاهدت لقاءاً صحفيا مهما  وأنا  أتابع في القنوات المرئية ،الليبية الجديدة والتي تبث من ليبيا الوطن والبعض من الخارج ، وأشاهد في الواحدة وراء الأخرى بإهتمام شديد متابعاً أخبار الوطن وما يحدث من صراع  وحراك سياسي طوال الوقت ،، الذي يطبخ ولم يهدأ بعد  ...  فكل طرف يريد أن يصبح البطل بعد نجاح  الثورة المجيدة والبقاء في السلطة ،،  أو الوصول للقمة بأي ثمن ،، حوارات عديدة متشعبة متشابكة البعض منها جيد  والكثير غث ،، عبارة عن إستهلاك محلي لا يوصل للهدف إلا لهدف واحد شرير في نظري ،،، بث الفرقة والفتن كمن يدس السم في العسل ،،، وأقول لنفسي سبحان الله عز وجل ،،، مغير الأحوال من حال إلى حال ،، بالأمس القريب كنا مهمشين على الرف لا نحلم بأن نشاهد هذه البرامج الخيرة والبعض شريرة في نفس الوقت ،، جميعها السمين والغث نابعة من أعماق القلب والضمير للمجتمع الليبي الصحيح والخطأ ،، الذي كان بالماضي أسيرا بقيود وهمية وخوف مصطنع وإرهاب من قبل زبانية غلاظ القلب ،، ليست لديهم ذرة رحمة ولا عواطف ومشاعر بل مثل الآلات ينفذون في الأوامر من مجنون أهبل بالضبط ،،، والمؤسف كانوا يتمادون في التعذيب ويشعرون باللذة السادية ويفرحون بداخل أنفسهم عندما يسمعون صراخ الضحايا  الوطنيين الأبرياء بدون ذنب وهم يتألمون من العذاب القاسي ،، الضرب الوحشي والكي بالكهرباء ،، وقلع الأظافر والضرب على الأماكن الحساسة لأنهم عوام وغوغاء ،،، بالسابق كانوا مهمشين وعلى الرف ،،، وبين ليلة وضحاها أصبح لهم مكان وشأن ،،، كنا ضحايا ،،، لسنا محسوبين ،،علينا السماع والتنفيذ مثل الخدم ،، ولسنا أبناء الوطن الأصليون لا يؤخذ رأينا بدون أي نوع من أنواع الحريات الشخصية ،، بل الزمام في يد الصنم ،، وجميع القنوات بدون إستحياء ،،، تطبل وتمجد له طوال الوقت بأنه المعلم وملك الملوك ،، ونسوا الخالق الأحد الله عزوجل .
 والآن بعد الثورة المجيدة  والنصر الكبير وسقوط الصنم ،،، تحطم النظام وتلاشى في شهور وكأنه لم يكن يوما قائما يعيث الفساد والإفساد ويرهب العباد ،، لقد ولدنا نحن الليبيون الأحرار من جديد ودبت في عروقنا دماء الحياة بعد أن قاربت على الجفاف بالشرايين وكنا موتى ونحن أحياء نرزق ،،، وتأخرنا وتقهقرنا للوراء والتخلف سنوات عديدة عن الركب والتقدم نتيجة الجهل والكبرياء ومعالجة الأخطاء بأخطاء ، مما زاد الضغط والإرهاب على أبناء الشعب الأبرياء ،، لقد تحررنا وإستننشقنا هواء الحرية العليل العاطر ،، ومعظم القنوات الجديدة الحديثة تحاول قدر إمكانها أن تبث الأحسن من البرامج واللقاءات المثيرة حتى تجذب الإنتباه ليتابعها الكثيرون من المشاهدين المتلهفين لأخبار الوطن ،، ولفت إنتباهي مناقشة الإزدواجية في الجنسية ،، وأن هؤلاء المتجنسون ليس لهم الحق حسب طلب المشرع أن يصبحوا أعضاءا في المؤتمر العام المزمع إنشاؤه لعمل الدستور الذي سوف يكون الفيصل للجميع  وينتج عنه قانون يحكم الوطن .
ومن وجهة نظري حيث أنا  ،، وعائلتي أحد الضحايا لأننا  نحمل الجنسية الأمريكية منذ أواخر الثمانينات ،، ردي بسيط جداً ولا أريد كثرة الشرح ،، فمثل هذه الأمور سلاح  ،، يدعوا إلى الفرقة والتمزيق لبني الوطن الواحد نظير جهل المشرع الذي مازال يعيش بعقلية القرون الوسطى وليس بعقلية عصر العولمة الجديد المتقدم ،، وسؤالي البسيط له ،، ألم يتساءل ،، ويسأل نفسه بتجرد لماذا هؤلاء الرجال المغامرون الرواد الذين آثروا الغربة للحفاظ على أرواحهم من القتل أو السجن المؤبد والعذاب ،، رضوا بالتجنس والحصول على جنسيات أخرى ،، هل هو كره وخيانة للوطن الغالي ،، أم فرض عليهم من قبل نظام جائر ؟؟.
وأود القول له بصراحة من وجهة نظري عن نفسي وعن إخوتي بالغربة مثل حالتي ،،، لقد حملنا راية الثورة منذ بدايات عهد الصنم وهو ( المشرع ) مازال طفلاً لا يعلم ولا يحس بالغم والهم ،، لقد إضطررنا للهرب من الوطن غصباً عنا ،، لأننا الأوائل الذين عرفنا أن عقيدنا حاكمنا ،، مجنون أهبل ،، حاولنا بالداخل العمل النضالي ولكن الشعب لم يتحمس ويساند ،، كان يعيش في سكرة  ( ثورة الفاتح ) التطبيل والتدجيل والجاه والمال ،، سكارى وماهم بسكارى ؟؟ كان الكثيرون يضحكون علينا ،، لأننا رفضنا الظلم والظالم من أوائل أيام الإنقلاب الأسود،، لقد فرضت علينا الغربة والهجرة لنعيش بكرامة ،، تركنا الوطن ،، تركنا الأحباب من العسف والملاحقة ليل نهار ،، وجاهدنا بالخارج ،، حسب المتاح ،،، وتم فضح النظام في جميع المحافل الدولية ،،، حتى إشتهر بالإرهاب ،،، عشنا أياما رهيبة عصيبة مطاردين من عصابات قتلة مجرمين من لجان ثورية غوغائية نظير التدجيل والتمثيل ،، لم نرتاح طوال سنيين عديدة ،، حرمنا من مشاهدة أقاربنا والعيش بجوارهم ومات الكثيرون وطواهم الموت من غير أن نشاهدهم ويشاهدونا ،، حرمت عائلاتنا وأطفالنا من العيش والحنان بكرامة ومشاهدة جدودهم وأخوالهم والعيش في وطنهم ،، لقد قدمنا ودفعنا ضريبة باهظة غالية لقاء الوطن .
 ففي نظري ،، معظم المتجنسين بجنسيات أخرى هم أبطال ليبيا وأحرارها لأنهم تحدوا النظام الجائر في عز طغيانه وجبروته ،، مضحين بالنفيس والغالي من أجل الوطن وكان بالإمكان طأطأت الرؤوس والوصول لأعلى المراكز ،،، والعيش في الجاه والمال الحرام إلى الذقون مثل الكثيرين الذين رضوا بالذلة والهوان .
نظام الصنم إعترف بحق المواطن الليبي المهاجر الحصول على جنسيات أخرى ولم يمانع ،، والكثيرون من ذوي الجنسيات في عهده  يدخلون للوطن ويخرجون بدون أي تعطيل أو منع ،، وأنت أيها المشرع تريد المنع بدون أي إستناد إلى قانون حتى تقول وتشرع أنه ليس من حقنا الدخول  في معترك الحياة السياسية ،، وتساؤلاتي هل نحن غرباء ،، ألسنا بلبيين أصليين ؟؟ حتى يتم تصنيفنا  كما تريد ؟؟
لقد حرمنا عقودا طويلة من العيش في وطننا ،، وقدمنا العزيز والغالي من أجل الثورة المجيدة ،،، ولا أزايد ولكن بودي القول وبقوة لولا نجاح الثورة التي ساندناها بالروح والدم والدعم ،،، مثلك لا يطمح ولا يطمع أن يكون مشرع ،،؟؟   إن الثورة المجيدة عندما هبت وتحدت وصمدت حتى النصر ،، ثورة إلاهية حماها ورعاها الله عز وجل منذ أول يوم  بدأت ،، ولولا التحدي والصمود من الشباب الأسود  ومساندة جميع أبناء الشعب الأحرار بالداخل والخارج بالروح والدم ،، والشكر للرعيل الأول ،، رجال ليبيا بالغربة  الذين حملوا اللواء من أول يوم بالثمانينات وزرعوا بذرة الثورة حتى أينعت ،، وكبرت وأصبحت جاهزة للحصاد ،، لم يتوقفوا عن الجهاد ،، وإستشهد الكثيرون من المناضلين بالغربة وتوفاهم الله عز وجل ولم يعيشوا ليروا يوم النصر ( الله يرحمهم ويغفر ذنوبهم ) وتم إستغلال العلاقات الشخصية الخارجية بنجاح ،، حتى تعاطف العالم الحر مع قضيتنا النبيلة ،، وساندونا بجميع الوسائل وأوقفوا المجازر بقوة السلاح ،، حتى تم النصر .
أنني أقول وبصراحة إذا هذا المشرع بهذه العقلية المتأخرة  فأي دستور سوف يضع ؟؟ غير الضرر والتأخر للوطن ،، لأنه يتعامل وينظر للموضوع بالعواطف والقلب وليس العقل الذي هو الأساس ،، وأقول له كفاية خبث ودس ،، لإقصائنا عن المسرح السياسي ،، فنحن ليبيون ذوي أصل وجذور ،، بدلاً من رد الإعتبار لنا نحن المهاجرون ،، والتكريم والتشريف و منحنا الأولوية في أي موضوع نتقدم له ،،، حتى نشعر بالفخر ،،، والإعتراف بأعمالنا المجيدة في الخارج والموثقة بالمستندات والتي يوماً سوف تطرح للشعب حتى يعرف المجهودات القيمة والدعم الكبير الذي لا يقدر بأي ثمن ،، نجابه بمثل هذه الأمور ،، ونهمش ؟ أليست بمأساة ؟؟؟
إن ردي هذا اللاذع  الصريح ،، ليس من أجلي شخصياً لأصل إلى أي نوع من الحكم والسلطة ،، فأنا رجل أعمال ليبي أصيل حر متقاعد ،، ناضلت وتحملت طوال ٣٢ عام ،، وسيرتي النضالية من أجل الوطن من أشرف وأنبل وأنظف السيرات ،،، لقاء جهد وعرق ودم ومطاردات عديدة للإغتيال ،، وتحقيقات وسجن وغربة ،، وبالكاد العيش بشرف ضمن هموم  الديون والإستدانة حتى أعيش وأربى أولادي بكرامة طيلة سنوات الغربة ،،، ولا يستطيع أي أنسان أن يساوم أو يزايد علي وبالأخص ،، الوطنية والولاء لليبيا الوطن ،،ولكن لا أرضى من أي مشرع أن يهمشنا  ويضعنا على الرف وأن يحرم أولادنا من حقوقهم مستقبلاً من ممارسة حياتهم السياسية ،، وتصبح  الجنسية عائقا ،، لإبعادهم  ،، وهي فرضت علينا فرضاً ،، وساعدتنا في التنقل بدون تأشيرات دخول لجميع الدول ،، حتى تحصلنا على الدعم الدولي وتم  النصر ،، ولن ننسى المواقف المشرفة لبعض الدول الأجنبية عندما حمتنا من الظلم والظالم ،، والقبض والإبعاد عندما تم طلبنا عن طريق البوليس الدولي ( الأنتربول )  والجريمة أننا معارضون للنظام ،،، ففضل أمريكا علينا  في الثمانينات لن ينتسى ،، فنحن أبناء أصل وكرامة وقيم ،،، نعترف بالجميل .
 وبعض أبناء الوطن المتطرفون ،، لا يعترفون بنا حتى يخلوا لهم الجو ،، ويرجع الهم والغم نظير الجهل السياسي ومؤامرات الدول ،، ويجدونها فرصة كبيرة الطحالب والطابور الخامس للرجوع للسلطة من جديد بأموال المجتمع السائبة بالخارج وتحت أيديهم ،،،  ويحكمون الوطن بالحديد والنار ،،، وأقول لهم بصراحة وقوة ،، العجوز الثائر التونسي قال كلمة مشهورة  "لقد هرمنا "  وأنا العجوز الثائر الليبي أقول "لقد تعلمنا"  لقد تعلمنا من الغربة الكثير وإستنشقنا هواء الحرية والديمقراطية ،، ولن ترجع عقارب الساعة للوراء ،،،وسوف نناضل بجميع الوسائل حتى يعترف هؤلاء المشرعون  بأن هذه الشريحة الكبيرة العدد من أبناء الشعب ليسوا غرباء ،، بل لهم كامل الحق في المساهمة في الحياة السياسية ،، فهم دم ليبيا الجديد للنهوض بها للقمة والتقدم للأمام  ضمن دين الإسلام الذي هو الأساس للحياة ،، ضمن الأخلاق ،، ضمن العلم وإحترام الرأي والرأي الآخر ،، ولا نكرر المأساة ونعمل أخطاءا قاتلة ونمنع تفاعل الحراك السياسي مثل ماحدث في السابق قبل الإستقلال عندما توحدت أيادي الشر وأقصت زعيم طرابلس الشرعي السيد بشير السعدواي من الساحة السياسية بحجة أنه يحمل جنسية دولة أجنبية أخرى  ،، وتم طرده للخارج ،، ومات من الحسرة والهم والغم وهو يرى الوطن جريحاً يتألم يتعثر ،،، ولا يستطيع المساندة ،، وللأسف لم يكرم حتى الآن من أي عهد .
    بمجرد إقصاء الزعيم  ،،  عاث المفسدون  الفساد ومنعت الطاقات ذات الولاء للوطن من العطاء ،، والنتيجة تم منع قيام الأحزاب والجمعيات وتسيس الشعب حتى يفهم ويتعلم ويعرف الطريق الصحيح ليدلى بصوته للأصلح .
 فالتاريخ يعيد نفسه ،،، ولا يستطيع أي كان أن يهمشنا ويلغينا نظير دس وجهل ،، لأننا لن نتوقف عن المطالبة بالعدل والمساواة والحق ضمن الديمقراطية الصحيحة وليست حبراً على ورق ونترك أمثال هذا المشرع  أن يتمادى حتى نحيد عن الهدف وندخل في مجادلات بيزنطية ،، ويهمشنا عن جهل ،، فلسنا جهلة حتى يمر الأمر مر الكرام ،،، وهذه الأمور إذا رغب أي مواطن ليبي أصيل ،، جذوره من الوطن من يوم الإستقلال ،،  أن يمارس العمل السياسي ،،  عليه أن يقدم نفسه للترشيح وتعطى له جميع الفرص بدون منع ،، من حرية صحافة وإعلام ومخاطبة الجماهير ويشرح برنامجه وأجندته ،، ويترك الخيار للقرار بالنجاح والفوز،، أم بالرفض والهزيمة والخروج من الميدان بشرف لأبناءالشعب بعدد الأصوات في الصناديق يوم الإنتخابات ،، إذا أردنا الديمقراطية أن تنجح في وطننا ،، حتى يسعد الجميع مع الوقت ،، ونبني دولتنا على أعمدة راسخة صحيحة تستطيع العيش في المستقبل .
أخيراً أقول كلمة من القلب كان الله عز وجل في عونك ياليبيا ... الكثيرون ممن يحملون  الشهادات الجامعية المحلية من أزلام الصنم ،، التي معظمها حبر على ورق ،، مازال البعض منهم مندسون ،، طحالب ،، يعيشون  حلم التطرف والعصبية ،، حلم الجهل والعنصرية ،، وكأن ليبيا وطننا لهم وحدهم وليس للجميع ،، ونسوا أننا زرعنا البذرة السليمة وتحدينا الطاغية أيام عز الإرهاب ،، ضحينا وإنتصرنا ،، ولنا كامل الحق بأن نعيش أحرارا في وطننا ،، وأن نتقدم ونتبوأ المراكز  إذا نجحنا عن طريق الإقتراع ،، ونصبح أصحاب القرار ،، حتى نلغي كثيراً من أمور الجهل التي أضرتنا ورجعت بوطننا للوراء ،، فنحن الآن في عصر العولمة ،،، والتكنولوجيا الحديثة ،، سرعة الإتصالات والمواصلات ،، وأصبح العالم صغيراً ،، وإن لم نتعلم من الأخطاء السابقة ،، ولا ننام في سبات ونختلق الأعذار للجهلة حتى يسومونا العذاب مع الوقت ،،، ولا نتركهم يسودون حتى لا تسرق الثورة ،،،، ونعيش سنيين أخرى في عذاب وهم وغم ،، ونضطر إلى التمرد والثورة من جديد للتصحيح ؟؟
ونصيحتي لبني وطني ،، علينا التركيز على التعاون مع جميع البشر،، والوحدة مع بعض تحت أي ظرف ،،  والعيش في سلام وأمن وأمان ،، وأن نتسلح بالعلم والإيمان بقوة ،، والحوار الهادف بسلاسة بدون تشنج وغضب حتى نضمن الفوز والنجاح  لأننا إن لم نعرف ونفهم كيف تدار اللعبة الدولية بحكمة وتعقل ،،، القوى الخفية والمصالح الدولية لن ترحمنا ... سوف نخسر ونصبح أتباعاً  ،، أحجار شطرنج  يلعبون بنا لمصالحهم ،، والله الموفق .

                                           رجب المبروك زعطوط

                                           طرابلس ليبيا ٢٠١٢/١/٧ م

No comments:

Post a Comment