Sunday, January 8, 2012

قصصنا الحاضرة ٢٤ -الصناعة و التصنيع



                                           بسم الله الرحمن الرحيم
 
 
                                            الصناعة و التصنيع
 
 
             بالذهن مواضيع عديدة  معقدة ومتشابكة تحتاج إلى فرز وكتابة ،، فهي مميزة حتى لا تنتسى مع مرور الوقت وخضم الحياة الرتيبة القاسية التي تسير بدون توقف ونحن مثل الآلات نصحو ونقوم من النوم مسيرين بعادات ليس لنا هدف وعمل نقوم به غير القيام بأشياء عادية روتينية مثل أي يوم مر من أعمارنا سدى من غير أن يترجم إلى فائدة ،، حتى ننهض ونتقدم ،،، ندعى الفهم والعلم والمعرفة ،، ولدينا الكثير من العطاء والإبداع ولكنها طاقات معطلة لم تصقل بعد حتى تشع ،،، ويظهر بريقها وخيرها وتطبق على الواقع وتنتج كمواد ملموسة نحن في مسيس الحاجة لها لترويجها بالأسواق الجائعة في معظم دول العالم الثالث ،،، والتي تحقق أرباحاً بالملايين الملايين من الدولارات  والتي يزداد عليها الطلب كل يوم ،،  فهي من السلع المطلوبة  حتى يستفيد المجتمع من دخلها القوي ،، ونمتنع عن الإستيراد حتى لا يعرف الأعداء مدى قوتنا ،، ويحسبون الحسابات لنا ويعدون العدة لدمارنا وخرابنا حتى لا ننهض ونتقدم ،،، لوجود قيود عديدة وهمية ،،، أهمها التشكيك في القدرات ،، وعدم الدعم والمساندة المادية حتى يفشل النابغ العالم العربي المبتدىء عن الإبداع ويتراجع ويتحطم ...
لقد أظهرت الثورة المجيدة قدرات هائلة للبعض كانت مطمورة مهمشة لم تعط لها الفرص بالسابق أيام عهد الجهل للتصنيع والإبداع ،، فقد تم تطوير أسلحة فتاكة سابقة في ظروف صعبة ،، أيام النضال والثورة نظير الحاجة للسلاح الفتاك لتدمير الآليات ووقف هجومات الكتائب من الفوز والنجاح ،، وقامت هذه الصناعات المحلية بالواجب وزيادة بأقل التكاليف ،، فقد كانت ملايين الذخائر من القنابل مكدسة بالترسانات في مواقع كثيرة بالوطن ، والراجمات في أماكن أخرى بالصحراء في سراديب غير معروفة ،، وقام الشباب يدفعهم الحماس والغيرة ولم ينتظروا الإمداد الغير معروف متى يصل ... وقاموا بتعديل البعض من راجمات هوائية تطلق من الجو عن طريق الطائرات العمودية إلى تحويرها وتركيبها على سيارات نصف نقل عادية والبعض طاوية ذات دفع رباعى حتى تستطيع السير بسهولة في الصحراء ،، وسموا براءة الإختراع السريع إسم  ( صاروخ درنة )،،، حيث تم التحوير في ورش حدادة لتصنيع الأبواب والشبابيك للبيوت والمستودعات ،، وليست  معدة  ومجهزة للتصنيع الحربي ،،، ( شاهدتها على الطبيعة شخصيا وهى تصنع بأيادي ليبية ،، وليست لهم سوابق خبرة فى تصنيع السلاح ،، ) صنع النوابغ المهرة  من مواسير حديد عادية للبناء راجمات قوية تقذف صواريخها وقنابلها لعدة أميال زيادة عن معدلاتها الرسمية بسهولة ،،،  أثبتت نجاحها في المعارك العديدة  بأنها جديرة ويعتمد عليها ساعة الحرب  ،،، وتحدى الثوار أرتال الصنم من الدبابات والمدرعات والآليات ،، الكتائب المدججة بأرقى أنواع السلاح والخبرات القتالية وفنون الحرب والكر والفر والمرتزقة من دول عديدة وهزموهم شر هزيمة ،، في المعارك العديدة حتى تم النصر .
لقد قام الشباب بأعمال بطولية ومعجزات نادرة أثناء القتال الدائر تدفعهم الحمية والإيمان وطلب الشهادة عن إصرار ويقين وترصد مما أذهل الأعداء والأصدقاء ولم يصدقوا الواقع وهم يشاهدون صور المعارك كيف يحارب هؤلاء الشباب  الجوعى في بطونهم من قلة الطعام  وندرة الدواء للجرحى ،،، وبطرق بدائية بدون تدريب ولا أجهزة إتصالات حديثة ،،، بصدور عارية وقلة سلاح وذخائر يتحدون الموت ،، طالبين الشهادة فداءا للوطن عن قناعة وصدق بعدالة  القضية والإصرار على النصر مهما كلف الأمر من تضحيات .
إننى مهما كتبت وسطرت لن أستطيع الإيفاء ولا الشكر لهؤلاء الثوار الشرفاء ،، سواءا المحاربون بالجبهات العديدة ،، وبذل الدم ،، وسقوط عشرات الآلاف شهداء أموات ( الله يرحمهم ويحسن لهم ) ،، أوعشرات الآلاف من الجرحى والمعاقين الذين أتمنى لهم الشفاء العاجل في أقرب وقت ،، ورجال الوطن الكرماء الذين ساندوا القضية وقاموا بالدعم المادي عن طواعية وبصدر رحب  ،،، والذين كان لهم الدور الكبير المشرف مما هيج الجماهير في العالم وليس فقط في ليبيا  ،،، الإعلاميون رجال الصحافة ذوي سلاح الكلمة والقلم ،، والنوابغ من العلماء المتحمسون للقضية العادلة ،،، والمهرة من الحدادين الذين صنعوا الراجمات من بقايا المواسير في أصعب الظروف مجازفين بحياتهم من أبسط خطأ قد يحدث ...
إن قصة الثورة الليبية ،،، ملحمة تاريخية في عصرنا الحاضر عن مدى البطولات والتضحيات والفداء من شباب صغار في السن مازالوا في عمر الورود والزهور وهم ملثمون  كثيفي اللحي ،، يصارعون الطاغوت والكتائب في صحراء مليئة بالأفاعي والعقارب قاحلة جرداء لا هبة بالنهار من قوة حرارة الشمس وباردة بشدة  قارصة في الليل  بحيث البرد يدخل للعظام ،، جوعى في البطون من قلة الطعام الذي يوزع عليهم في ظروف حرب كر وفر حتى يقاومون ،، ولكن بالعزم والإصرار بعدالة القضية حاربوا بدون أي نوع من أنواع التذمر ،، بل طوال الوقت فرحى سعداء بقرب الشهادة والفوز بالجنة ،، يتندرون على الأوضاع وكأنهم يعيشون في راحة في بيوتهم وضمن أهاليهم ،،، هؤلاء الشباب الرجال مهما تحدثت وأطريت لن أستطيع إعطاؤهم حقهم من الشكر فهم السباع الضارية الذين رفعوا رؤوسنا عالية أمام الجميع وجعلتنا نفخر أن شبابنا رجال ذو قلوب قوية ،،، عندما أطلقت صرخة الثورة عالية  لبوا النداء للدفاع والفداء عن الوطن  ساعة الحاجة من ظلم الصنم .
أخيراً أود القول أن هذه الثورة المباركة المجيدة ،، مهما قدمنا فيها من شهداء ،،، ومهما أريقت فيها من دماء جرحى ومعاقين ،، ومهما حدثت فيها كوارث من هتك أعراض وقتل وإنتقام ،،، ومهما حدثت فيها من إبعاد وتشرد وترك البيوت والهرب للنجاة بالحياة ،، ومهما حدث من خراب ودمار للبيوت والإنشاءات والبنية التحتية ،، لقاء الحرية والإنعتاق من العبودية ،، يهون الأمر ،، فلا حرية حقيقية من غير دم وضحايا ... وكل شىء يعوض فهذه الأمور سنة الحياة ودورة تدور ،،، نحمد الله عز وجل بالنصر وإننا نجحنا وفزنا وحطمنا الصنم وأزلناه من على كاهل الوطن ،، وتلاشى الحواريون الطحالب من الساحة بقدرة قادر ولم يبقى لهم وجود في مدة بسيطة من نهاية نظام الجهل والإرهاب ،، فسبحان الله عز وجل مغير الأحوال من حال إلى حال .
المهم  إنتصرنا ،، وبرزت على السطح النضالي بطولات وقدرات خيالية وإبداعات من الكثيرين لا يصدقها أي أحد في الأوقات الماضية العادية ،، وعلينا الإهتمام بها ودراستها وتطويرها للأحسن حتى نستفيد منها ولا تضيع هباء ،، فنحن كشعب ليبي لدينا القدرات على العطاء الكبير في بعض المجالات حيث لدينا المواهب  الخلاقة التي تحتاج إلى مساندة ودعم كبير مادي ومعنوي حتى تنبغ وتبدع وتصنع وتعمل المعجزات ،، فلا فرق بيننا كبشر فنحن جميعاً مواليد تسعة أشهر ونستطيع النهوض والتقدم إذا أخذنا عبر ودروس مستقبلية حتى لا يتحكم صعلوك آخر على رأس هرم السلطة تحت أي مسميات ووعود معسولة  وشراء الذمم من التحكم في رقاب الشعب من جديد كما حدث بالسابق ،،، المفروض إستغلال ثروات الوطن والمواهب من أن لا تهمش مستقبلاً ،، بل تعطى لها الأهمية والفرص والحوافز والتشجيع حتى تنطلق .
علينا أن نهتم بليبيا الوطن ،، وأن نبتعد عن المهاترات والإنزلاقات ،، والأماني الطويلة الصعبة التي تحتاج إلى وقت طويل ولن تتحقق نظير الجهل مهما كلف الأمر من تضحيات ،، نريد بقوة السلام والسلم وأن نعيش كراماً في بحبوحة العيش لجميع المواطنين الليبيين الأصليين ،،، الذين جذورهم نابعة من الوطن منذ عهد الإستقلال ،، وأن نحترم الأديان والأقليات  ،،،  ونتعايش مع جميع البشر ضمن الأخلاق الحميدة ،، ونهتم بديننا الحنيف الذي هو أساس الحياة بطرق حديثة حسب معطيات العصر وبدون تطرف وعنصريات متشددة ،، تبعد وتنفر الآخرين من البشر ولا تقرب وتهدي ،، فديننا نور وهدى خير وطريق صالح لكل زمان ومكان ،، نريد أن نشاهد ليبيا الوطن منارة علم وإبداع في مجالات عديدة ،، وليس منارة إرهاب وقتل وتعذيب كما كان يطلق عليها أيام عهد الصنم  ،، قديما قيل مثل مشهور ( من ليبيا يأتي الجديد ) ونحن نريد الإبداع وعمل أشياء جديدة ،، خيرة نيرة للبشرية حتى نصبح منارة خير وسلام نشع على الآخرين ،، وأول خطوة للنجاح  وضع دستور جيد معتمد من نخب الشعب ،، يحميه قانون قوي ،، عيون ساهرة يحافظ على الوطن ،، يعاقب كل من يأبى ويخالف بالحق والمساواة ضمن قضاء عادل ...  والله الموفق.
 
                                                                    رجب المبروك زعطوط
                                                                  طرابلس ليبيا ٢٠١٢/١/٨ م
 

No comments:

Post a Comment