بسم الله الرحمن الرحيم
التقاعد عن العمل السياسي
يوم 2011/10/20م كان من أسعد الأيام في تاريخ ليبيا المعاصر في القرن الحالي الواحد والعشرين وفي حياتنا نحن المواطنيين الليبيين الوطنيين الأبرياء الذين إكتوينا بنار الإرهاب والظلم من نظام فوضوي ليس له أساسات ولا قواعد صلبة للحكم بالعدل ضمن القوانين.... أخذ أعمارنا وزهرة شبابنا التي ضاعت وتلاشت ولن ترجع مثل السابق، حيث تم قصف رتل السيارات الذي كان يغادر مدينة سرت من طرف أحد طائرات التحالف ، مما تفرق إلى أجزاء للتمويه والإخفاء وتم القبض على الطاغية القذافي بالصدفة بعد حصار شديد على المدينة من جميع الطرق محاولا الهرب إلى الجنوب إلى الصحراء الواسعة، فارا من ساحة المعركة مع البعض من أعوانه الثقات محاولا النجاة بالنفس.
آسريه الثوار الشباب لم يرحموه في ساعة الهرج والمرج والفرحة بأسره ، وهم يسبونه ويلعنونه بآلاف اللعنات واللطم بالأيادي على وجهه الكريه الحقيقي بعد أن زال الشعر المستعار عن الرأس والأصباغ ومواد التجميل عن الوجه القبيح، وهو يتوسل لهم راجيا الحفاظ على حياته بحجة أنه كبيرا في السن وفي عمر آبائهم، ناسيا متناسيا أعماله وجرائمه الشريرة وفساده في الحرث والنسل في الوطن والعالم الخارجي على مدى حوالي 42 عاما من حكم ليبيا المطلق بدون أي مراجعة عاث فيها الفساد والإفساد.
وتم قتله شر قتلة وأسدلت ستائر المسرحية الهزلية للأبد التي ألفتها وخلقتها القوى الخفية الشريرة الدولية وساندها الغرب من البداية إلى النهاية، لقاء المصالح ، المدة الطويلة والإستنزاف للمجنون لخيرات ليبيا حتى لا تنهض، ونحن أبناء الوطن الليبيين الوطنيين دفعنا الثمن الغالي من القهر والتمثيل والتدجيل والكذب وصرف الأموال في غير طاعة الله تعالى والشعب محتاج يمد أياديه إستجداءا لكثير من الأشياء من الألف وعلى رأسها الحريات والصحة والتعليم إلى الياء.
ومن وجهة نظري مات الممثل الوحيد بدون منازع، ولا من ينافس في وقتنا الحاضر أو حتى بالمستقبل ولا يستطيع إتقان الدور في المسرحية الهزلية الساخرة القاتلة أي ممثل آخر وصعب إيجاد البديل بنفس المواصفات المطلوبة مثله من الجنون والغرور بالعظمة والأحلام الخيالية التي صعب تحقيقها على الواقع بسهولة ويسر.
اشرقت االشمس بالضياء وهطل المطر الغزير في جميع ربوع ليبيا رحمة من الله تعالى وكرما على الشعب الفرح بالنصر على التطهيرمن رجس الشيطان الرجيم من على كاهل الوطن ، وعمت الفرحة والإحتفالات في كل مكان وكأننا في أعراس دائمة وزفاف لشهور غير مصدقين ولا متوقعين ان الحلم أخيرا تحقق والثوار الأشاوس الأسود الوطنيين وليس الأدعياء أشباه الرجال المنافقين الذين ركبوا موجة الثورة أثناء الهرج والمرج والفرح بالنصر... الثوار الوطنيين الحقيقيين الذين نفذوا المهمة على أكمل وجه محققين الهدف المطلوب والخلاص من الطاغية بالتضحيات والدم لآلاف الشهداء والجرحى والمعاقين .
أخيرا تحقق الهدف النبيل والحلم الذي جاهدت من أجله وعارضت النظام طوال 33 عاماً بكل شدة وعنف جميعها مغامرات ومطاردات في أوطان العالم من قبل فرق الموت اللجان الثورية والنجاة من محاولات الاغتيال والتصفية الجسدية، وملاحقة البوليس الدولي (الانتربول) بالقبض وإلإرجاع بالقوة تحت الحراسة إلى ليبيا بناء على الطلب من حكومة القذافي لأمريكا، ولكن أمريكا دولة قانون رفضت التسليم بدون إثباتات دامغة .
وكان عمل الخير ورضاء الله عز و جل والوالدين ، هي التي حمتني طوال الوقت ونجوت من الشر والقبض... ليلة مصرعه كنت في تونس والمفروض أن أكون حاضرا في العاصمة الليبية ولكن تأجلت الرحلة نظير إعطال وإغلاق المطار في طرابلس من إستقبال الطائرات القادمة والمسافرة خوفا من ان تصاب عشوائيا في الهواء من كمية الأعيرة النارية التي تطلق لأعلى من من جميع أبناء الشعب، تعبيرا عن الفرحة والنصر وهلاك الطاغية ... وكانت ليلة سعيدة من أسعد ليالي العمر حيث نمت هانئ البال طويلا في راحة بدون قلق كما كنت بالسابق طوال الليل ساهما ضمن الهم والغم من آي حدث قد يحدث في أي وقت ويتم القبض علي كما حدث في العديد من المرات السابقة !!!!
وتم الاتصال الهاتفي مع فرج إبن أختي في طرابلس لإستقبالنا في الحدود الغربية القريبة من طرابلس العاصمة، واليوم الثاني غادرنا تونس العاصمة إلى جزيرة جربة ، في الجنوب التونسي ،على متن طائرة صغيرة (فوكر) وكان معي إبني الكبير مصطفى للرعاية والحراسة والرفقة وهبطنا في المطار الصغير وكانت أول مرة تطأ فيها أقدامي أرضها، وتم تأجير عربة نقل (تاكسي) ليقلنا إلى الحدود وكان السائق التونسي ودودا مرحا من أهل المنطقة ولم نتعطل في البوابات التونسية العديدة حيث لديه معارف بدون حدود ومررنا بسرعة أمام مئات السيارات الليبية الواقفة في طوابير تنتظر الدور في الرجوع إلى ليبيا، حتى وصلنا إلى رأس إجدير والبوابة الأخيرة التونسية ودعنا السائق وحملنا حقائبنا وبعدها بخطوات قليلة عبرنا إلى البوابة الليبية والجميع فرحى وكان ابن أختي فرج ومعه عديله الضابط بالشرطة في الانتظار.
بعد رحلة جميلة، وصلنا إلى طرابلس ونحن مشتاقين لرؤيتها بعد الخلاص والنصر ، ومررنا على معسكر العزيزية قلعة الطاغية الحصينة بالسابق وكانت أسوارها مهدمة ومبانيها بالداخل معظمها أطلالا من قوة الرماية بالنيران بالقنابل والصواريخ التي أطلقت عليها... وقلت للنفس سبحانك رب العالمين بالأمس القريب كانت الإنوار تشع فيها طوال الليل والنهار والحرس شاكي السلاح في كل مكان يراقبون ويحرسون من الأبراج العديدة والجميع من أبناء الشعب يمرون على الطرق حولها بسرعة يخافون من التوقف في الطريق بجانب الأسوار وخاصة عندما تتعطل أي سيارة لظرف ما ، الحراس من الخوف والرعب من أي عمل فدائي قد يحدث، بناءا على الأوامر الصارمة التي لا ترحم ولا يتم التأكد، كانوا يطلقون عليها الرصاص بدون أي سؤال ... وقد توفي الكثيرون عبر السنوات قتلى من الضحايا الأبرياء نتيجة سوء الحظ وعدم المعرفة.
كنت ارغب في الإقامة بأي فندق في وسط المدينة، حيث لا نريد مضايقة أي أحد ولكن قريبي فرج أصر على الإقامة معه في بيته مما فعلنا. أقمنا فترة أسبوع في ضيافته وكنا كل يوم نخرج في جولات نشاهد على الطبيعة الدمار والخراب في بعض الأماكن من القصف الجوي القوي للتحالف لشل حركة قوات وجنود القذافي المرتزقة ، ونسمع العديد من القصص والتي اعتقد انه أضيف على معظمها الكثير من المبالغة... حتى تمكنا من السفر إلى درنة .
بدأت صفحة جديدة في ليبيا من الصراع السياسي الخفي على من يخلف القذافي والإستئثار بالسلطة بأي ثمن كان والحصول على الثروات السائبة والمجنبة التي لا يعرفها ولا يعلم بها إلا القلائل، بدون رعاية وإهتمام من حراس وطنيين شرفاء يحافظون عليها حيث أرزاق المجتمع، والتمكن والتحكم من قبل قوى ومراكز أخرى شيطانية بدأت تظهر على السطح السياسي والتي معظمها ذوي أقنعة مزيفة متخذين من الدين عناوين كبيرة حتى يتحكموا في رقاب الآخرين ، حيث شعبنا الليبي طيبا يعمل أي شئ يخطر على البال من خير وشر وعندما يصل الأمر إلى المساس بالدين يصاب بالرهبة روحيا ويتوقف بأية أعذار حيث ذاك الوقت من سنوات قليلة مازال ساذجا طاهرا لم يتلوث بعد.
الكثيرون من ضعاف النفوس مع الوقت ومرور عقود من التطبيل والتدجيل وتراهات الكتاب الأخضر والطمع في الشهرة والكيد للبعض من الخصوم الأبرياء والحفاظ على النفس ومحاولة الإستغلال للمال والجاه والمناصب ، طواعية تم الانضمام منهم إلى اللجان الثورية والشعبية وعاثوا الفساد والإفساد في الحرث والنسل في ليبيا الوطن، لقاء فتات ، والآن بعد النصر وزوال الطاغية سبحانك رب العالمين مغير الأحوال من حال إلى حال آخر ، خائفين هاربين من ملاقاة المصير الاسود والملاحقة من الثوار ، للحساب والعقاب عن الضرر المشين الذى سببوه للآخرين بدون وجه حق ولا عدل.
لم أتوقف عن النضال والكفاح ضد نظام الطاغية القذافي منذ يوم 1978/9/22م الذي كان تاريخا لن أنساه طالما لدي نفس حياة على هذه الأرض... حيث تم الزحف والتأميم ونهب كل عرق الجبين طوال سنين من السعي والكفاح بشرف، وفي وقت قصير وجرة قلم من الطاغية بالإستيلاء على أرزاقنا الحلال بدون أي وجه حق كان... ووفاة الوالدة من الصدمة خوفا علي من القبض والسجن ، وكان الإستيلاء والتأميم من ضمن الأسباب القوية في الهجرة والهرب من الوطن رغما عني حتى لا أتعرض إلى القبض والسجن والتعذيب والقتل وأنا بريئا بدون ذنب ، والتهمة الموجهة لي من النظام أنني من ذوي المال والشهرة، تاجرا ومقاولا في المنطقة الشرقية ناسين متناسين أن النعمة والمال والثروة حلال هو نتاج عمل وكد سنين طويلة كما انها عطاءا وهبة من الله عز وجل .
تعرضت للمطاردات ومحاولات الإغتيال والتصفية الجسدية سبع مرات في العديد من عواصم العالم، وبالمساعي الحميدة من الشرفاء، تم العفو العام وتحديت النظام ورجعت مخاطرا بالحياة ، وخلال عقدين من الزمن تعرضت فيها إلى الاعتقال والسجن 4 مرات من النظام والتحقيق المضني 28 مرة من معظم الأجهزة الأمنية المختلفة والترجيع من مطار طرابلس الدولي والمنع من السفر عدة مرات والحجز لجواز السفر الليبي حوالي 7 سنوات مما أصبحت سجينا ضمن السجن الكبير ليبيا غير قادر على السفر لرؤية العائلة والأولاد المقيمين في امريكا الذين كانوا وقتها صغارا في العمر في سنين المراهقة وبحاجة ماسة إلى وجودي وسطهم .
بعد معاناة وصبر طويل من" الله تعالى على بالكرم والفضل ومساندة البعض من أصحاب القرار في السر المجهولين والعلن عن طريق المعارف والواسطات والدفع المجزي لبعض عديمي الضمير والذمة المرتشين حتى تحصلت على جواز السفر الليبي المحجوز بعد جهد جهيد ، وتم تجديده للخروج من ليبيا ، وسافرت إلى امريكا وقابلت الأولاد والأحفاد الذين ولدوا فترة الغياب الطويل.
قامت الثورة المجيدة يوم 2011/2/17م ويعلم الله تعالى ماذا قدمت من جهد واتصالات دولية في السر والعلن والدعم بالمال والسلاح للثوار قدر الاستطاعة والمتاح ولم أتوانى في أي لحظة كانت خلال شهور الثورة عن العطاء والمخاطرة بالنفس مع بعض أولادي متنقلا في ربوع ليبيا وعدة دول بالخارج للدعم والمساندة حتى يوم النصر .
رجعت بي الذاكرة إلى الوراء سنين عديدة مضت حيث بدأت في المعارضة الحقيقية لنظام الجهل يوم 1978/3/21م الذي كان تاريخا مميزا في مسيرة العمر النضالية حيث كان يوم الخروج والمغادرة السريعة والهرب من مطار طرابلس ليبيا إلى المهجر في امريكا ، وتم بحمد الله تعالى قفل الملف الساخن المثير بالأحداث والمغامرات مبدئيا يوم 2011/10/20م يوم هلاك و مصرع الطاغية ، وإخترت حياة التقاعد والبعد عن المسرح السياسي لعوامل عديدة حيث الرجال الوطنيين الحقيقيين الصادقين مع الله تعالى وأنفسهم معظمهم أصبحوا شهداء موتى في ذمة الله تعالى، والباقين الأحياء منهم الأحرار ذوي الدم الساخن الأطهار في وقت قصير تواروا بالخلف وراء الستار عن المسرح السياسي ، ليس خوفا ولا جبنا لأنهم لا يرضون العيش في المهاترات والمتاهات لقاء مصالح شخصية ومراكز وهمية زائلة مع الأيام مهما طالت.
والآن بعد مرور بضع سنوات بعيدا عن الأضواء، مازلت أتابع في المسارات وما يحدث من مهاترات في ليبيا يوما بيوم في الهجرة الثانية عائشا على الأمل أن يتغير الحال للأفضل ولا يضيع كفاحنا وزهرة أعمارنا وشبابنا هباءا منثورا من غير الوصول للهدف الذي ناضلنا وكافحنا من أجله ، ونفرح بحياة سعيدة بقية أيام الحياة في وطننا الغالي ليبيا إذا أطال الله تعالى لنا العمر وتمتعنا بالصحة والعافية ، ونشاهد نهضة الوطن وتقدمه إلى الأمام بدلا من الصراعات العديدة والدم بين الأخوة المواطنين الذي يراق كل يوم بدون فائدة ولا جدوى كل فريق يريد النصر وفرض الأمر أنه على الصواب والحق.
ومن وجهة نظري الخاصة نظير الخبرات والتجربة ، الكاسب والفائز في الصراع مهما وصل للقمة وإنتصر خاسر ا على طول المدى حيث الوطن غالي للجميع وليس لأحد دون الآخر... حتى يتحكم ويحكم الجميع بدون انتخابات حرة والفوز بالاغلبية من الاصوات من أبناء الشعب ... والله الموفق...
رجب المبروك زعطوط
No comments:
Post a Comment