بسم الله الرحمن الرحيم
اتصال هاتفي من مكتب رئيس الوزراء يعلمنا بأن الموعد تأجل إلى الساعة الثالثة ظهرا وطلبت منهم ان تأتي سيارة لتقلنا من الفندق فأنا غير مستعد ان اركب عربة أجرة وأبحث عن عنوان المكان حتى أصل فأنا لا اعرف العنوان اولا، ولست بطالب منحة ومساعدة او مصلحة خاصة شخصية حتى أتطفل وأسعى لهم، مما دعى الشخص الذي خاطبني على الخط إلى الموافقة على طلبي.
حوالي الساعة الثانية والنصف أتت سيارة لتقلنا من الفندق إلى الموعد الذي تحدد وخلال نصف الساعة كنا بالمكان وطلب منا الانتظار بعض الوقت ثم طلب مني الدخول وتركت إبني مصطفى في الصالون في الانتظار ودخلت بمفردي على السيد محمود جبريل وكان جالسا على مكتبه في الانتظار ووقف عندما دخلت عليه مرحباً وتمت المصافحة باليد والسلام وكان بالنسبة لي اول مرة اتعرف فيها على الرجل حيث لم نتقابل من قبل في اي مكان بالوطن ام بالخارج حيث لم تتاح الفرص لذلك !!!
حديث شيق عن الأوضاع العالمية بخصوص قضية ليبيا وعن جيرانها وكأنه يحاضر فى جامعة وشعرت لأول وهلة ومن خلال الحديث ان الرجل متعلم قدير نابغة، ولكن لم تعجبني معاملته ونفسيا لم ارتاح له ولا أعلم السبب؟؟ فطريقة الحديث كانت وكأنني طالب مصلحة، ووصلت إلى قناعة أن الرجل لا يعرف كيف يتعامل مع البشر في سلاسة وبود نظير المركز وهذا في نظري نقص كبير…
تحدثنا عن العلاقات مع الجيران الجزائر وتشاد وعن المنظمة الفلسطينية التي تتلاعب على الحبال في سبيل مصالحها مستغلة وضعنا كثوار مجاهدين طلاب الحرية والانعتاق من الطاغية أسوء الاستغلال في العلن مع الشعب والثورة، وفي الخفاء تعمل جاهدة لبقاء القذافي وأولاده في السلطة، وعن ماذا يدور في الخفاء من صفقات ومعاملات وخيانات وواسطات سفيرها في ليبيا الذي يعمل طوال الجهد في بقاء الطاغية ضمن تحالفات سرية ولقاءات مع الاشقاء والغرباء الذين ليبيا ضحت بالكثير الكثير من اجل قضاياهم، وان الباطن ليس كالظاهر والمعلن وأبناء الشعب البسطاء يصدقون الامور ولا يعرفون الغث من السمين…
شعرت بشعور قوي داخل الروح والنفس بأن الرجل غير واضح بدون تواصل مع الجالية الليبية المقيمين في قطر والامارات لعزلته عنهم وعدم تقربه بالحسنى والاهتمام بمشاكلهم حتى ينال الاحترام والحب والتقدير وعللت الامر انه جديد في المركز الرفيع و مع الوقت سوف يتعلم…
حيث سمعت الكثير من الملاحظات عنه من بعض افراد الجالية الليبية في الدوحة تلاقينا مصادفة ونحن نتناول طعام الافطار بالصباح في المطعم، حيث رئيس وزرائنا يعيش لوحده في برج عاجي، يريد ان يسيطر على الامور وان يأخذ جميع الأنوار والأضواء ومقاليد الامور لنفسه .
المهم عرفت انني كمن يحرث في البحر لا سبيل للتعاون معا، فانا أتعامل مع انسان يعرف كيف يخطط ويحسب خطواته بدقة، وقلت له عن جميع الاتصالات بخصوص الموضوع في التعامل مع دولة تشاد حيث من الآن مسؤولياته وعليه ان يستمر في القنوات الرسمية ويتمم الاتصالات اذا يرغب في الامر فهو رئيس الحكومة الرسمي، لمصلحة ليبيا !!!!
زيادة في التوثيق لأعرف نفسية الرجل ومدى التجاوب مع المواطنيين، طلبت إبني مصطفى ليأتي ويسلم عليه للمستقبل حيث اقوم بإعداده ليحل محلي يوما من الايام وعليه التعود ومعرفة الناس المسؤولين لأنني بعد بعض الوقت أريد التقاعد والراحة وأترك له الأمر للمتابعة وتكميل المشوار، وقلت للسيد محمود جبريل هل بالإمكان ان نأخذ صورة تجمعنا معا للذكرى لأيام ثورتنا المجيدة يوما من الايام نحتاجها، وبكل بساطة رفض الامر !!!
وكانت صدمة لي ان يرفض هذا الطلب البسيط امام إبني، حاولت تحليل الامر في النفس وقلبت جميع الابعاد من الدواعي الامنية والعلاقات العامة لأعرف لماذا رفض ولم أصل إلى اي حل يجعلني ارتاح واجد له العذر…
الرفض للتصوير للذكرى معا، انزعجت وكتمت الامر ولم أعلق وقلت له شكرا، وودعنا حتى الباب وخرجنا من المكتب وداخل النفس حزين على الرفض، ولكن هيهات فقد اكتشفت الكثير الكثير من خلال مقابلة دامت حوالي الساعة وتأسفت على الثورة وإلى اين وصلت… حيث المجلس اسمه فيه إنتقالى مؤقت غير مخول بأن يشرع وينشأ حكومة والقذافي لم ينتهى بعد… والنصر لم يحل بعد…
المفروض من وجهة نظري التى أؤمن بها عن قناعة، المجلس نفسه الذي أختير على عجل من قبل البعض وليس الجميع وغير منتخب ان يصبح حكومة مصغرة للسير والتسيير وقت الثورة والحرب سجال والشهداء يسقطون كل يوم ضحايا والجرحى والمعاقين والدم يسيل بدون حساب وليس التشريع، وخلق حكومة مصغرة واختيار الرجال من النظام السابق للمناصب العالية… وكأن ليبيا ليس بها الرجال الشرفاء عقرت عن الإنجاب، أليست بمأساة؟
أنا متأكد ان كثيرين سوف يحللون الامر انه مسألة شخصية وبودي الشرح والقول انني لا أكن اي عداء شخصي مهما كان لاي إنسان، بل سطرت الحادثة حتى يأخذ عبرة اذا أراد ان يستمر في القيادة في الوطن وأن نقدي ليس شخصيا له لو كان إنسانا عاديا مثل بقية أبناء الشعب فمن يهتم أو يسأل عنه… وإنما النقد للوظيفة والمنصب الذي يشغله كرئيس وزراء يعيش في دوائر مغلقة …
مشكلتي انني صريح زيادة عن اللزوم عندما أتأكد أننى على الحق ولا يهمنى اللوم من اى أحد من البشر ؟؟ وخوفى من الله تعالى فقط، ولولا انني متأكد من نفسي لن اسطر هذه السطور كما حدثت في الواقع وليس تجنى وإنما شرحت مابالنفس من عوامل وشعور بالحق وبضمير، ولست بحاجة إلى الذين سوف يعملون المستحيل للإيقاع بي في الخفاء يبحثون عن أي خطأ وانا بشر لست معصوما ولدي البعض من الأخطاء، لأنني أعمل بدون توقف وكل من يعمل ضروري ان يخطأ، ولكن وجهة نظر آليت قول الحق والصدق ولو السيف على الرقبة من أجل ليبيا الوطن التي هي أمي وأنا إبنها …
ورأي الشخصي وارجو ان أكون مخطئا، لن تتقدم ليبيا للإمام طالما الاختيارات غلط من صناع القرار حيث امورا كثيرة تحدث في الخفاء تخدم مصالح القوى الخفية الدولية العالمية، يوما سوف تظهر للعيان فليس كل شئ يبقى سرا للأبد الا القليل القليل من الأسرار التي تموت في مهدها…
كان الله عز وجل فى عون ليبيا الحرة وعونه حيث حكمي عليه بالظاهر الملموس من خلال الواقع وليس الباطن لأنني بشر حيث وضع نفسه في المقدمة والقمة وأصبحت له بصمات لن تزول على مر الدهور في المسيرة لدولة ليبيا الجديدة فقد دخل التاريخ الوطني الليبي من ابوابه الواسعة .
ونصيحتي أن يقاوم وان يتحمل الصفعات القوية والنقد اللاذع الذي سوف يأتيه ويحل على رأسه من كل مكان من أبناء الشعب إذا كان صادقا في توجهاته ومع الوقت سوف ينتصر، فالحق نور عال ولا يعلى عليه !!! وكما قلت سابقا ليبيا طاهرة ترابها حامي يلعن كل من يتلاعب، أي قيادي ان لم يكن صادقا شريفا مآله السقوط وسوف يلعن من الجميع الآن والأجيال القادمة .
رجعت إلى الفندق وقضيت بقية اليوم وأنا مهموم من المقابلة وما حدث فيها من اختلاف وجهات النظر والصدمة التي بالنسبة لي غير متوقعة لم أحسب حسابها مع انني مررت بآلاف المشاكل وتعرضت خلال مسيرة الحياة بالمصاعب واجتزتها ولكن ان يبدأ المجلس في قرارات خاطئة من أول يوم مصيبة من المصائب، واصبح لدي سؤال وتساؤلات بالنفس بأن نتمهل في الاختيار لشغر المناصب العالية والا يوما بعد إنتهاء الثورة والنصر سوف نجد رجال النظام السابق من الصف الثاني المتوارين في الخفاء ووراء الستار هم الحاكمين برغباتنا وإختيارات مرشحينا والغائبين القذافي وأولاده عن السلطة والساحة…
بالفندق اتصالات عديدة بالهاتف وكان الفكر مشوش وأبلغت الآخرين الوسيط السيد ياسين والسفير عن ما حدث من امور في اللقاء وأن مهمتي انتهت… فلست بمخول رسميا ولا أريد فرض النفس والتعب والجهد والصرف يضيع هباءا، والجائزة والكعكة يتناولها الغير جميعها من غير ان أتحصل على اي امتنان او كلمة شكر واحدة … أليست بمأساة ؟؟؟
رجب المبروك زعطوط
البقية في الحلقات القادمة …
No comments:
Post a Comment